نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-238-2
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٦٥٦

أجيب بأنّ غرض الشافعي شيء واحد ، وهو أنّا إذا جهلنا عدالة راوي الأصل لم يحصل ظنّ صدق الخبر ، فإذا انضمت هذه الأشياء إليه حصل له بعض القوة ، فوجب العمل به دفعا للضرر المظنون ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نحن نحكم بالظاهر».

وقال عيسى بن أبان (١) : تقبل مراسيل الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومن هو من أئمة النقل مطلقا دون من عدا هؤلاء. وأمّا القاضي أبو بكر وجماعة من الفقهاء فقد وافقوا الشافعي. (٢)

والوجه المنع إلّا إذا عرف أنّه لا يرسل إلّا مع عدالة الواسطة ، كمراسيل محمّد بن أبي عمير (٣) من الإمامية.

لنا وجوه :

الأوّل (٤) : عدالة الأصل مجهولة فلا تقبل روايته أمّا الأوّل فلأنّ عينه غير معلومة فصفته أولى بالجهالة ولم توجد إلّا رواية الفرع عنه ، وليست

__________________

(١) هو عيسى بن أبان بن صدقة ، أبو موسى الفقيه القاضي ، له كتاب إثبات القياس وكتاب اجتهاد الرأي وغير ذلك ، توفّي سنة ٢٢١ ه‍. مستدركات علم رجال الحديث : ١٥٠ برقم ١١٣٠٤ ؛ سير اعلام النبلاء : ١٠ / ٤٤٠ برقم ١٤١.

(٢) راجع الإحكام : ٢ / ١٣٦.

(٣) هو محمد بن أبي عمير زياد بن عيسى ، أبو أحمد الأزدي ، بغدادي الأصل ، لقي أبا الحسن موسى عليه‌السلام وسمع منه أحاديث ، وروى عن الرضا عليه‌السلام ، جليل القدر ، عظيم المنزلة فينا وعند المخالفين ، وكان من أوثق الناس عند الخاصة والعامة ، وأنسكهم نسكا ، وأورعهم وأعبدهم ، وله مصنفات كثيرة ، منها كتاب النوادر ، كتاب الإمامة ، البداء ، مسائله عن الرضا عليه‌السلام وغير ذلك. راجع معجم رجال الحديث : ١٥ / ٢٩٠ برقم ١٠٠٤٣.

(٤) وهو قول الرازي في المحصول : ٢ / ٢٢٤.

٤٦١

تعديلا ، فإنّ العدل قد يروي عمّن لو سئل عنه لتوقّف فيه ، أو جرحه. ولو عدله لم يصر عدلا ، لجواز أن يخفى عنه حاله فلا يعرفه بفسق ، ولو عيّنه لعرفنا فسقه الّذي لم يطّلع عليه المعدّل.

وأمّا الثانية ، فلأنّ قبول روايته [يقتضي] وضع شرع عامّ في حقّ كلّ المكلّفين من غير رضاهم ، وذلك ضرر ، والضرر على خلاف الدليل ، ترك العمل به فيما إذا علمت عدالة الراوي ، فيبقى في الباقي على الأصل.

فإن قيل (١) : لا نزاع في جواز أن يروي عن غير العدل لكن روايته عن العدل أرجح ؛ لأنّ الفرع مع عدالته لا يستجيز أن يخبر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا وله الإخبار بذلك ، وليس له ذلك إلّا مع علمه ، أو ظنّه أنّه قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ لو استوى الطرفان حرم الإخبار ، وإنّما يحصل العلم والظن بأنّه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لو علم عدالة الأصل.

ولأنّ الفرع مع عدالته ليس له أن يوجب شيئا على غيره أو يطرحه إلّا إذا علم أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوجب ذلك أو ظنه ، وهذا يقتضي عدالة الأصل ، فوجب قبول روايته.

والجواب : لا شك في أنّ للعدل أن يروي عن العدل وغيره ، ولا منافاة بين عدالته وروايته عن غير العدل ، فتكون روايته عنهما ممكنة ، ولا يترجّح أحد الطرفين إلّا بمرجّح منفصل ، وقول الفرع : قال الرسول يقتضي الجزم بأنّه مسند إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والجزم بالشيء مع تجويز نقيضه كذب ، وهو

__________________

(١) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٢٢٤.

٤٦٢

يقدح في عدالته ، فلا بدّ من صرفه إلى غير ظاهره. وليس المراد أنّي أظن أنّه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولى من أن يكون المراد سمعت أنّه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكنّه لو صرّح بهذا القدر لم يكن فيه تعديل ، إذ له قول ذلك وإن كان قد سمعه من كافر.

ونمنع أن تكون روايته تقتضى إيجاب شيء على الغير إلّا بعد ثبوت عدالة الأصل ، فلو بينتم كونه عدلا بأنّ هذه الرواية توجب على الغير ، لزم الدور ، ثمّ ينتقض ما ذكرتموه بشاهد الفرع إذا لم يذكر شاهد الأصل ؛ فإنّ ما ذكرتموه من أنّه لا يجوز له أن يخبر إلّا وله ذلك وإنّما يتمّ مع عدالة الأصل ، ومن أنّه لا يوجب على غيره شيئا إلّا إذا علمه قائم فيه ، مع أنّه لا يقبل شهادته.

لا يقال : الفرق أنّ الشهادة تتضمّن إثبات حق على الغير والخبر يتضمّن إثبات الحق مطلقا من دون تخصيص ، فتنتفي التهمة هنا لا هناك ، فجاز أن يؤكّد الشهادة بما لا تؤكّد به الرواية كالعدد ؛ ولأنّ شهود الأصل لو رجعوا ضمنوا ، فيجب على الحاكم معرفتهم بأعيانهم.

لأنّا نقول : الشهادة وإن ترجّحت على الخبر لكن الخبر قد ترجح من وجه آخر ، وهو أنّه يقتضي شرعا عاما في حقّ جميع المكلّفين إلى يوم القيامة ، فيجب فيه الاحتياط أكثر من المثبت للحق على مكلّف واحد.

والاعتذار بالرجوع ملغى بما لو مات شاهد الأصل فقيرا فكيف يمكن تضمينه؟!

٤٦٣

الثاني : جهالة عين الراوي آكد من الجهل بصفته ، لأنّ مجهول الذات مجهول الصفة قطعا دون العكس ، ولو كان معلوم العين مجهول الصفة لم يكن خبره مقبولا ، فإذا كان مجهول العين والصفة كان أولى أن لا يقبل خبره.

الثالث : من شرط قبول الرواية معرفة عدالة الراوي ، والمرسل لا يعرف عدالة راويه ، فلا يكون مقبولا لفوات الشرط.

الرابع : لو جاز العمل بالمرسل لم يكن لذكر الرواة والبحث عن عدالتهم معنى.

الخامس : لو جاز العمل بالمرسل لجاز أن يعمل في عصرنا بقول الإنسان : قال رسول الله كذا وإن لم يذكر الرواة ، وهو ممتنع.

وفيه نظر ، لأنّ الظن يقوي نقله الرواة.

السادس : الخبر إمّا متواتر أو آحاد ، ولو قال الراوي : أخبرني من لا أحصيهم عددا ، لم يقبل قوله في التواتر ، ففي الآحاد أولى.

اعترض (١) على الثاني : بأنّه لا يلزم من الجهل بعين الراوي الجهل بصفته. وكذا على الثالث.

وعلى الرابع بأنّ فائدة الذكر أنّه قد يشتبه على الراوي حال المروي عنه ، فتعيّنه لبحث الغير عنه ولا تتأتى هذه الفائدة مع الإرسال ، ولأنّه مع

__________________

(١) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٤٢.

٤٦٤

التعيين يكون ظن المجتهد بالبحث عنه بنفسه أقوى من الظنّ الحاصل بسبب قبول قول الراوي.

وعلى الخامس : نمنع الامتناع فإنّ المرسل للخبر في زماننا إذا كان عدلا ولم يكذبه الحفّاظ قبل.

وعلى السادس : أنّ التواتر لا يحصل بقول الواحد.

وفيه نظر ، فإنّ المراد بالوصف هنا وصف خاص به وهو العدالة المختصّة به ، ولا شكّ في جهالة هذا الوصف عند جهالة العين بخلاف الأوصاف العامّة ، والفائدة في التعيين حاصلة مع الإرسال ، إذ فائدة البحث ظن العدالة ، وهي حاصلة على تقدير الإرسال ، والقوة والضعف لا تأثير لهما في العمل لعدم الضابط فيه.

احتجّ الخصم بوجوه (١) :

الأوّل : عموم قوله تعالى : (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)(٢) وقوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٣) ، فإذا لم يجئ الفاسق وجب القبول ، والفرع ليس بفاسق ، فوجب قبول خبره.

الثاني : الإجماع على قبول المرسل ، قال البراء بن عازب : ليس كلّ ما حدّثناكم به عن رسول الله سمعناه غير أنّا لا نكذب.

وقال أبو هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أصبح جنبا فلا صوم له.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٢٢٥ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ١٣٧.

(٢) التوبة : ١٢٢.

(٣) الحجرات : ٦.

٤٦٥

وقال : أنا ما قلته ورب الكعبة ولكن محمّد قاله. ثمّ ذكر أنّه أخبره به الفضل بن عباس. (١)

وروى ابن عباس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ربا إلّا في النسيئة» ثمّ أسنده إلى أسامة.

وروي أيضا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يزل يلبّي حتى رمى جمرة العقبة ، (٢) ثمّ ذكر أنّه أخبره به الفضل أخوه ، (٣) وقبلوا رواياته مع كثرتها.

وقد روي أنّه لم يرو عن الرّسول أكثر من أربعة أحاديث لصغر سنّه. (٤)

وروى ابن عمر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من صلّى على جنازة فله قيراط من الأجر». وأسنده بعد ذلك إلى أبي هريرة.

وقد اشتهرت مراسيل سعيد بن المسيب (٥) والشعبي وغيرهما.

وروى الحسن البصري حديثا فلمّا رجع فيه قال : أخبرني به سبعون بدريا.

__________________

(١) أحكام القرآن : ١ / ٢٣٧ ؛ السنن الكبرى : ٢ / ١٧٧ برقم ٢٩٢٧ و ١٨٠ برقم ٢٩٣٦ ؛ الإحكام : ٢ / ١٣٧.

(٢) صحيح البخاري : ٢ / ١٧٩ ، باب الوقوف بعرفة ؛ مسند أحمد : ١ / ٢١٠.

(٣) المحصول : ٢ / ٢٢٥ ؛ الإحكام : ٢ / ١٣٧.

(٤) الإحكام : ٢ / ١٣٧.

(٥) هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي المدني ، تابعي ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر ، روى عن أبي وأنس والبرّاء بن عازب ، وروى عنه إدريس بن صبيح الأودي وأسامة بن زيد وإسماعيل بن أمية وغيرهم ، مات سنة ثلاث وتسعين. تهذيب الكمال : ١١ / ٦٦ برقم ٢٣٥٨.

٤٦٦

وهذه الروايات تدلّ على أنّهم كانوا يقبلون المراسيل.

الثالث : لو لم يقبل المرسل لم يقبل ما يجوز كونه مرسلا فكان إذا قال الراوي : عن فلان لم يقبل حتى يسأل هل رواه له أحد عنه أو لا؟ فكانت تسقط الأحاديث المتعينة مع عدم التنصيص.

الرابع : الثقة إذا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا ، وأظهر الجزم به كان الظاهر أنّه لا يستجيز ذلك إلّا وهو عالم أو ظان أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله ، لأنّه لو ظن أو شكّ أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقله لم يحل له النقل الجازم لما فيه من التدليس على السامعين ، وذلك يستلزم تعديل من روى عنه وإلّا لما كان عالما ولا ظانا بصدقه في خبره.

والجواب عن الأوّل. أنّ العمومات خصّت في الشهادة ، فكذا في الرواية ، والجامع الاحتياط.

وعن الثاني. نمنع الإجماع ، وقول البعض ليس حجّة ؛ وعدم الإنكار إنّما كان ، لأنّ المسألة اجتهادية ، ولأنّ الصحابي الّذي رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان الظاهر منه الإسناد ، فوجب على السامع قبوله. ثمّ إذا بيّن الصحابي أنّه كان مرسلا ثمّ بيّن إسناده وجب قبوله أيضا ، وليس قبوله في أحد الحالتين دليلا على العمل بالمرسل.

وعن الثالث. أنّ المقتضي للعمل بالخبر إنّما هو الظن ، فإذا قال الراوي : قال فلان عن فلان مع طول صحبته كان أمارة على أنّه سمعه منه ، ومتى لم يعلم صحبته لم يقبل حديثه.

٤٦٧

وعن الرابع. بالمنع من كونه تعديلا ، لما عرفت من أنّ الشخص قد يروي عمّن لو سئل عنه لقدح فيه أو توقّف ، والراوي ساكت عن الجرح والتعديل ، فلا يكون سكوته عن الجرح تعديلا ، وإلّا لكان السكوت عن التعديل جرحا.

ونمنع عدم الجزم بالرواية عن الرسول مع تجويز كذب الأصل.

سلّمنا ، لكن نمنع الجزم بأنّ الراوي له أن يقول : قال الرسول ، وليس حمل قوله على أعلم أو أظن أنّ الرسول قال أولى من حمله على أنّي سمعت.

سلّمنا أنّه تعديل ، لكن لا بد من ذكر سبب العدالة ، فلو صرّح أنّه سمعه من عدل ثقة ، لم يلزم قبوله.

سلّمنا قبول التعديل المطلق ، لكن في شخص نعرفه بعينه ولا نعرفه بفسق ، أمّا من لا يعرف عينه ، فلا يقبل ، لأنّه ربّما لو ذكره لعرفناه بفسق لم يطّلع عليه العدل.

إذا عرفت هذا فالحقّ عندي : أنّه إذا عرف أنّ الراوي العدل بصريح خبره أو بعادته أنّه لا يروي إلّا عن ثقة قبل مرسله ، وإن لم يعرف ذلك فلا يقبل.

٤٦٨

تذنيبات

الأوّل : إذا أرسل الحديث وأسنده غيره قبل إجماعا ، لأنّ إسناد الثقة يقتضي القبول إذا لم يوجد مانع ، ولا يمنع منه إرسال المرسل ، لأنّه يجوز أن يكون أرسله ، لأنّه سمعه مرسلا ، أو سمعه متّصلا لكنّه نسي شيخ نفسه ، وهو يعلم أنّه ثقة في الجملة. وكذا إذا أرسله مرة وأسنده هو أيضا أخرى.

الثاني : إذا ألحق الحديث بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووافقه غيره على الصحابي فهو متّصل ، لجواز أن يكون الصحابي رواه عن الرسول مرة ، وذكره عن نفسه على سبيل الفتوى ، فرواه كلّ منهما بحسب سماعه ، أو سمعه أحدهما يرويه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنسي ذلك وظن أنّه ذكره عن نفسه.

الثالث : لو أوصله بالنبي مرة وأوقفه على الصحابي أخرى كان متصلا ، لجواز أن يكون قد سمعه من الصحابي يرويه عن النبي مرة وأخرى عن نفسه ، أو سمعه يرويه متصلا بالنبي فنسي ذلك وظن أنّه ذكره عن نفسه ، أمّا لو أرسله أو أوقفه مدة طويلة ثمّ أسنده أو وصله بعد ذلك ، فإنّه يبعد أن ينسى تلك المدة الطويلة إلّا أن يكون له كتاب يرجع إليه فيذكر ما نسيه.

الرابع : من يرسل الأخبار إذا أسند خبرا ، قبل على الأقوى لاختصاص إرساله بالمرسل دون المسند ، فوجب قبول مسنده.

ومنهم من لم يقبله ، لأنّ إرساله يدلّ على أنّه إنّما لم يذكر الراوي لضعفه فستره له والحال هذه خيانة.

٤٦٩

واختلف القائل بقبول المرسل إذا أسنده كيف يقبله.

فقال الشافعي : لا يقبل من حديثه إلّا ما قال فيه : حدّثني أو سمعت فلانا ، ولو أتى بلفظ موهم لم يقبل.

وقال بعض المحدّثين : لا يقبل إلّا إذا قال : سمعت فلانا ، وهؤلاء يفرّقون بين أن يقال : حدّثني وأخبرني فيجعلون الأوّل دالّا على أنّه شافهه بالحديث ، ويجعلون الثاني متردّدا بين المشافهة والإجازة والكتابة.

الخامس : إذا روى الراوي عن رجل يعرف باسم فذكره باسم لا يعرف ، فإن فعل ذلك لأنّ من يروي عنه لا يقبل حديثه كان غشا ، فترد الرواية.

وإن لم يذكر اسمه لصغر سنّه لا للجرح فيه ، قبل عند من يكتفي بظهور الإسلام في العدالة ؛ ومن يشترط الفحص عن العدالة بعد إسلامه لم يقبله ، لأنّه لا يتمكّن من الفحص عن عدالته حيث لم يذكر اسمه فأشبه المرسل. أمّا من يقبل المرسل فإنّه ينبغي له قبوله ، لأنّ عدالة الراوي تقتضي أنّه لو لا ثقته عنده لما ترك [ذكر] اسمه. (١)

البحث الحادي عشر : في نقل الحديث بالمعنى

اختلف الناس في أنّه هل يجوز نقل الحديث المروي عن النبي بالمعنى؟ فجوّزه الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد والحسن البصري وأكثر الفقهاء ، وخالف فيه ابن سيرين وبعض المحدّثين.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٢٢٩ ـ ٢٣١.

٤٧٠

والمجوّزون شرطوا أمورا ثلاثة :

الأوّل : أن لا تكون الترجمة قاصرة عن الأصل في إفادة المعنى.

الثاني : أن لا تكون فيها زيادة ولا نقصان.

الثالث : أن تكون الترجمة مساوية للأصل في الجلاء والخفاء ، لأنّ الخطاب قد يقع بالمحكم والمتشابه لحكمة خفية ، فلا يجوز تغيرها عن وضعها.

والمانعون جوّزوا إبدال اللفظ بمرادفه ومساويه في المعنى ، كما يبدل القعود بالجلوس ، والعلم بالمعرفة ، والاستطاعة بالقدرة ، والحظر بالتحريم. وبالجملة ما لا يتطرّق إليه تفاوت في الاستنباط والفهم ، وإنّما ذلك فيما فهمه قطعا لا في ما فهمه بنوع من الاستدلال الّذي يختلف فيه الناظرون.

واتّفقوا على منع الجاهل بمواقع الخطاب ودقائق الألفاظ ، وإنّما الخلاف في العالم الفارق بين المجمل وغيره والظاهر والأظهر والعام والأعم ، والوجه الجواز.

لنا (١) وجوه :

الأوّل : الصحابة نقلوا قصة واحدة مذكورة في مجلس واحد بألفاظ مختلفة ، ولم ينكر بعضهم على بعض فيه ، وهو يدلّ على قبوله.

وفيه نظر ، لأنّه حكاية حال ، فلعلّهم عرفوا أنّ الراوي قصد نقل المعنى أو نبّه بما يدلّ عليه.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٢٣١ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ١١٥ ـ ١١٦.

٤٧١

الثاني : يجوز شرح الشرع للعجم بلسانهم ، وهو إبدال العربية بالعجمية ، فبالعربية أولى. ومعلوم أنّ التفاوت بين العربية وترجمتها أقل ممّا بينها وبين العجمية.

وفيه نظر ، فإنّ السامع للترجمة يعلم أنّ المسموع ليس كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل معناه.

الثالث : روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : إذا أصبتم المعنى فلا بأس. (١)

وفيه نظر ، إذ المراد نفي البأس في العمل بمقتضى ما دلّ عليه الحديث لا النقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الرابع : كان ابن مسعود إذا حدّث قال : قال رسول الله كذا أو نحوه.

وفيه نظر ، إذ الفرق واقع بينما إذا أطلق أو قال : قال هكذا أو نحوه ، فإنّ فيه تصريحا بنقل المعنى وإنّ اللفظ منه.

الخامس : يعلم قطعا أنّ الصحابة لم يكتبوا ما نقلوه ولا كرّروا عليه ، بل كما سمعوا أهملوا إلى وقت الحاجة إليه بعد مدد متباعدة ، وذلك يوجب القطع بأنّهم لم ينقلوا نفس اللفظ ، بل المعنى.

السادس : اللفظ غير مقصود لذاته وإنّما القصد للمعنى واللفظ أداة في استعلامه (٢) ، فلا فرق بين الإتيان بذلك المعنى بأي لفظ اتّفق.

__________________

(١) نقله في بحار الأنوار : ٢ / ١٦٣ ح ٢٤ عن بعضهم عليهم‌السلام ؛ وفي الحد الفاصل للرامهرمزي : ٥٣٦ ح ٦٩٦ عن محمد بن مصعب القرقساني.

(٢) في «ب» : استعماله.

٤٧٢

احتجّ المخالف بوجوه (١) :

الأوّل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نضّر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فربّ مبلغ أوعى من سامع ، ورب حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه». (٢) وأداؤه كما سمعه هو أداء اللفظ المسموع ، ونقل الفقه إلى من هو أفقه منه معناه : أنّ الأفقه قد يتفطّن بفضل معرفته من فوائد اللفظ بما لا يتفطّن إليه غير الفقيه الّذي رواه.

الثاني : التجربة دلّت على أنّ المتأخّر يستخرج من فوائد ألفاظ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الصلوات وأجمل التحيات ما لم يسبقه المتقدّم إليه ، فعرفنا أنّ السامع لا يجب أن يتنبّه لفوائد اللفظ في الحال وإن كان فقيها ذكيا ، فجاز أن يتوهّم في اللفظ المبدل أنّه مساو للآخر وبينهما تفاوت لم يتفطّن له.

الثالث : لو جاز للراوي تبديل لفظ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلفظ من عنده ، لجاز للراوي عن الراوي تبديل لفظ الأصل ، بل هو أولى ، فإنّ تبديل لفظ الراوي أولى من تبديل لفظ الشارع ، ولو جاز ذلك لجاز للثالث الراوي عن الثاني والرابع الراوي عن الثالث وهكذا ، وذلك يستلزم سقوط الكلام الأوّل بالكلية ، فإنّ المعبر (٣) إذا ترجم وبالغ في المطابقة تعذّر عليه إلّا الإتيان بلفظ بينه وبين الأوّل تفاوت وإن قلّ ، فإذا تضاعف ذلك التفاوت اختلّ

__________________

(١) ذكرها مع الأجوبة عنها الرازي في المحصول : ٢ / ٢٣٢ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ١١٦.

(٢) مسند أحمد : ٤ / ٨٠ و ٨٢ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٧٥ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٨٦.

(٣) في «أ» : المعنى ، وفي «ب» : المغير.

٤٧٣

المعنى الأوّل بالكلية ، وانتفت المناسبة بين كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين كلام الراوي.

والجواب : من أدّى المعنى بتمامه وصف بأنّه أدّى كما سمع ، وإن اختلفت الألفاظ ، ولهذا يوصف الشاهد والمترجم بأداء ما سمعا وإن عبّرا بلفظ مرادف ؛ على أنّ هذا الحديث حجّة لنا ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر العلّة وهو اختلاف الناس في الفقه ، فما لا يختلف فيه الناس من الألفاظ المترادفة لا يمنع منه ؛ على أنّ هذا الحديث بعينه قد نقل بألفاظ مختلفة والمعنى واحد ، فروي : رحم الله امرءا ، ونضّر الله امرءا ، وربّ حامل فقه لا فقه له ، وروي : غير فقيه ، وهذه الألفاظ وإن أمكن أن يكون جميعها قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوقات مختلفة لكن الأغلب أنّه حديث واحد.

٤٧٤

البحث الثاني عشر :

في كيفية ألفاظ الراوي

وفيه مطلبان :

المطلب الأوّل : في كيفية نقل الصحابي

وفيه مسائل :

المسألة الأولى : في مسمّى الصحابي

قال جماعة من الأشاعرة وأحمد بن حنبل : إنّ الصحابي عبارة عمّن رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحبه ولو ساعة واحدة ، وإن لم يختصّ به اختصاص المصحوب ولا روى عنه ولا طالت مدة صحبته.

وقال آخرون : الصحابي إنّما يطلق على من رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختصّ به اختصاص المصحوب ، وطالت مدّة صحبته وإن لم يرو عنه.

وقال عمر بن يحيى : الصحابي من طالت صحبته للنبي وأخذ عنه العلم. (١) والنزاع لفظيّ ، والأوّل أقرب لوجوه :

__________________

(١) نقل الآمدي هذه الأقوال في الإحكام : ٢ / ١٠٣ ، المسألة ٨.

٤٧٥

الأوّل : الصاحب مأخوذ من الصحبة المشتركة بين القليل والكثير ، ولهذا يقبل التقسيم إليهما ، ومورد القسمة مشترك بين الأقسام.

الثاني : لو حلف أن لا يصحب غلاما حنث باللحظة.

الثالث : يصحّ أن يقال : هل صحبت فلانا ساعة؟ وهل أخذت عنه العلم؟ ورويت عنه أم لا؟ ولو لا شمول الصحبة الجميع لما حسن ذلك.

احتجّوا (١) بأنّ الصاحب عرفا إنّما هو الملازم ، كما يقال : أصحاب القرية ، أصحاب الكهف ، أصحاب الجنة ، أصحاب الحديث للملازمين دراسته ، ولصحّة : فلان لم يصحب فلانا لكنّه وفد عليه أو رآه ، والأصل الحقيقة.

احتجّ الآخرون بأنّه يصح أن يقال : المزني صاحب الشافعي ، وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبا حنيفة لما أخذا عنه العلم والرواية ، ولا يصلح أن يقال لمن عاشره طويلا ولم يأخذ عنه أنّه صاحبه.

والجواب : نمنع اشتراط الملازمة في اسم الصاحب لما تقدّم من صدقه على من صحبه ساعة واحدة ، والأصل الحقيقة في القدر المشترك ، وهو مطلق المصاحبة دفعا للاشتراك والمجاز وصحّة النفي للعرف فإنّه في الاستعمال الطارئ إنّما يطلق على من طالت صحبته ، فإن أريد نفي الصحبة العرفية فحق وإلّا فلا ، وكذا في اشتراط أخذ العلم والرواية.

إذا ثبت هذا فلو قال العدل : أنا صحابي ، قبل منه بناء على ظهور صدقه

__________________

(١) ذكره مع الجواب عنه الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٠٥.

٤٧٦

المستند إلى عدالته مع إمكان ما أخبر به.

وقيل : لا يقبل ، لأنّها رتبة يدّعيها لنفسه ويثبتها له فيكون متّهما ، كما لو قال : أنا عدل ، أو شهد لنفسه بحق.

المسألة الثانية

أعلى مراتب الرواية أن يقول الصحابي : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول كذا ، أو حدّثني أو أخبرني أو شافهني.

فإن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو أدون من المرتبة الأولى. وظاهره النقل عن الرسول وليس نصا صريحا ، فإنّ الواحد منّا يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعتمادا على ما نقل إليه وإن لم يسمعه منه ، والأكثر على أنّه يحمل على سماعه من الرسول فيكون حجّة.

وقال القاضي أبو بكر (١) : لا يحكم بذلك ، بل هو متردّد بين سماعه منه ومن غيره.

وبتقدير سماعه من غيره فمن قال بعدالة جميع الصحابة ، فحكمه حكم ما لو سمعه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومن قال : لا فرق بين الصحابي وغيره فحكمه حكم المرسل ، ولا خلاف في أنّ ذلك لو قاله غير الصحابي كان مرسلا.

__________________

(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٠٧.

٤٧٧

المسألة الثالثة :

لو قال الصحابي : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكذا أو نهى عن كذا ، كان أقلّ مرتبة من السابقة لتطرّق الاحتمال الأوّل مع مريد (١) آخر ، وهو أنّ الناس قد اختلفوا في صيغ الأوامر والنواهي ، فقد يظن ما ليس بأمر أمرا ، واختلف في أنّه حجّة أم لا.

وكذا اختلفوا لو قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمر بكذا أو ينهى عن كذا.

فإنّ الاحتمال الأوّل وإن انتفى عنه لكن الثاني متطرّق إليه ، والأكثر على أنّه حجّة ، لأنّ الظاهر من حاله أنّه لا يطلق هذه اللفظة إلّا إذا تيقّن مراد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ الظاهر من حال الصحابي مع معرفته وعدالته واطّلاعه على أوضاع اللغة أن يكون عارفا بمواقع الخلاف والوفاق ، فحينئذ لا ينقل إلّا ما تحقّق أنّه أمر أو نهي من غير خلاف ، دفعا للتدليس بنقل ما يوجب على سامعه اعتقاد الأمر والنهي فيما لا يعتقده أمرا ونهيا ، وهو يقدح في عدالته.

وقيل : إنّه ليس حجّة ، ولا يلزم في الإطلاق اشتراط العلم بمراد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بل يكفي الظن. وقولكم : لو أطلق الراوي مع تجويز خلافه كان قد أوجب على السامع ما ليس بواجب ، وهو يقدح في عدالته ، يستلزم

__________________

(١) في «ب» : مزيد.

٤٧٨

الدور ، لأنّه لا يمكنكم العلم بأنّ الراوي ما أطلق هذه اللفظة إلّا بعد علمه بمراد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا إذا علمتم أنّه حجّة وأنتم إنّما أثبتم كونه حجّة بذلك ، فلزم الدور. وأيضا فقول الراوي : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكذا لا يدلّ على أنّه أمر للكلّ أو البعض ، وهل هو أمر دائم أو غير دائم؟ فلا يجوز التمسّك به إلّا بانضمام قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حكمي على الواحد حكمي على الجماعة. (١)

المسألة الرابعة

لو قال الصحابي : أمرنا بكذا أو نهانا عن كذا ، وأوجب كذا وأبيح كذا وحرّم كذا.

اختلفوا ، فقال الشافعي وجماعة أخرى : إنّه يفيد أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الآمر ، وخالف فيه الكرخي وجماعة أيضا. والظاهر الأوّل. (٢)

لنا وجهان :

الأوّل : تبادر الذهن إليه عند قول متبع الرئيس : أمرنا بكذا أو نهينا ، إذ كلّ أحد يحمل كلامه على أمر رئيسه ، ولو قال من يعتاد خدمة السلطان : أمرنا بكذا في دار السلطان فهم نسبة الأمر إلى السلطان.

الثاني : دلالة الألفاظ تابعة للأغراض والمقاصد ، فإذا عرف أنّ غرض المتكلّم من لفظه شيء يحتمله حمل عليه ، ومن المعلوم أنّ غرض الصحابي أن يعرّفنا الشرع ، فيحمل لفظه على من يصدر الشرع عنه دون

__________________

(١) راجع الإحكام : ٢ / ١٠٨.

(٢) وهو مذهب الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٠٩.

٤٧٩

الولاة والحكّام ؛ ولا يحمل على أمر الله تعالى ، لظهوره بالنسبة إلى الصحابي وغيره ، فلا يستفاد من قول الصحابي ، ولا على أمر جماعة الأمّة ، لأنّ ذلك الصحابي منهم وهو لا يأمر نفسه.

وفيه نظر ، لإمكان حمله على أمر الله تعالى ، ويمنع تساوي نسبته في الظهور إلى الجميع ، لافتقار استخراجه من الأدلّة القرآنية إلى فكر وتأمّل.

سلّمنا ، لكن لا يجب في الصحابي أن يكون مجتهدا ، فجاز أن يقول ذلك ويسنده إلى قول المفتي الّذي يجب عليه اتّباع قوله ويحرم عليه مخالفته ، أو على قول الأمّة ؛ ولا يكون قوله شرطا في الإجماع ، لأنّه عامّي ، أو يكون مجتهدا ويصحّ نسبة أمرنا إلى قوله مع قول الباقين ؛ ولا يكون قد أمر نفسه ، لأنّ قبول قوله بانفراده ليس بواجب ، فإذا انضم إلى قول باقي الأمّة صار واجبا ، ويكون الأمر هنا مستندا إلى الجميع لا إلى الآحاد.

احتجّ الكرخي (١) بأنّ قوله متردّد بين نسبة قوله إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى غيره من قياس وشبهه ، وصحّ نسبة ذلك إلى القياس في (٢) غيره من الأدلّة حيث أمرنا باتّباعه.

والجواب : أنّ قوله : «أمرنا» خطاب مع الجماعة ، والقياس وإن أمرنا باتّباعه لكنّه غير موجب للأمر باتّباع من لم يظهر له ذلك القياس ؛ ولأنّ قوله : «أمرنا ونهينا» حقيقة في مطلق الأمر والنهي لا الأمر باتّباع حكم القياس.

__________________

(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٢ / ١٠٩.

(٢) في «أ» : وإلى.

٤٨٠