نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-238-2
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٦٥٦

يخبر به كلّ واحد إمّا مطابقة أو تضمنا أو التزاما. أمّا إخبار كلّ واحد عن شهوته ونفرته فهو إخبار عن شيء مختصّ به لا يشاركه في الإخبار به غيره فلا يفيد قوله العلم في حق نفسه ولم يخبر عن غيره ، فلم يعتضد خبر كلّ واحد بقول الآخر ، ولم يحتف به من القرائن ما يفيد العلم.

٦. بقاء النقل مع توفّر الدواعي على إبطاله يدلّ على الصحّة ، كخبر الغدير والمنزلة ، فإنّ نقلهما سلم في زمن بني أميّة مع توفّر الدواعي على إبطاله.

واعترض (١) باحتمال أنّه كان من أخبار الآحاد ثمّ اشتهر بحيث عجز العدوّ عن إخفائه ، لأنّ الصارف من بني أمية وإن حصل ، لكن الدّاعي من جهة الشيعة حصل ، ولأنّ منع الناس عن إفشاء فضيلة تحرّضهم على شدة إظهارها.

وليس بجيد ، فإنّ العادة تقضي بصيرورة المتواتر مع الخوف آحادا دون العكس. والشّيعة كانوا خائفين في الغاية ، فكيف يحصل بسببهم داع؟!

البحث الخامس : فيما ظن أنّه من هذا الباب

الأوّل : قال بعض الناس : إذا أخبر واحد بحضرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن شيء ولم ينكر عليه دلّ على صدقه.

والحقّ التفصيل : وهو إن كان عن ديني اشترط في الدلالة على الصدق

__________________

(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ١٤٥.

٣٤١

أمران : أن لا يتقدّم بيان ذلك الحكم ، وأن يجوز تغيير الحكم عمّا بيّنه أوّلا ؛ لأنّ بيان الحكم لو تقدّم وأمنّا عدم تغيّره ، كان فيما سبق من البيان ما يغني عن استئناف البيان ، ولهذا لا يجب عليه تجديد الإنكار على الكفّار في تردّدهم إلى كنائسهم (١).

وإن كان عن دنيوي فسكوته إنّما يدلّ على الصّدق بشرطين : أن يستشهد بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويدّعي عليه علمه بالمخبر عنه ، وان يعلم الحاضرون علم النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتلك القضية ؛ ففي هذين يجب صدق المخبر ، لأنّ سكوته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوهم التصديق ، فلو كان المخبر كاذبا لزم صدور التلبيس عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو محال.

الثاني : إذا أخبر واحد بحضور جماعة كثيرة عن شيء بحيث لو كان كذبا لما سكتوا عن التكذيب كان دليلا على صدقه ، لبطلان سكوتهم مع علمهم بكذبه لقيام الداعي إلى التكذيب وانتفاء الصارف ، فيجب الفعل ، فلمّا لم يوجد دلّ على عدم علمهم.

أمّا الداعي فلأنّ من استشهد على الكذب لا يصبر عن التكذيب ويجد مشقة عظيمة لو صبر ، فدلّ على وجود الدّاعي.

وأمّا انتفاء الصارف ، فلأنّه إمّا رغبة أو رهبة ، والجمع العظيم لا يعمّهم رغبة ورهبة تحملهم على كتمان ما يعلمونه ، ولهذا لم يجتمعوا على كتمان الرخص والغلاء.

__________________

(١) في «ب» : كتبهم.

٣٤٢

وبطلان سكوتهم لا مع علمهم بالكذب لبعد عدم اطّلاع واحد من الجمع العظيم عليه.

وهذا يفيد الظنّ ، إذ لا يمكن القطع بامتناع اشتراك الجماعة الحاضرين في رغبة أو رهبة مانعة من السكوت.

سلّمناه ، لكن يمكن غفلة الحاضرين عن معرفة كونه كذبا لعدم غرض يتعلّق بالبحث عنه.

الثالث : زعم أبو هاشم والكرخي وتلميذها أبو عبد الله البصري : أنّ الإجماع إذا وقع على العمل بموجب الخبر دلّ على صحّته ، وهو باطل.

لأنّ عملهم بمقتضى الخبر يجوز أن يكون لدليل آخر ، فإنّ قيام الدلائل الكثيرة على مدلول واحد جائز.

ولأنّ عمل كلّ الأمّة بمقتضاه لا يتوقّف على القطع بصحّة ذلك الخبر ، لأنّ العمل بخبر الواحد واجب في حقّ الكلّ فلا يكون عملهم متوقفا على القطع به ، وإذا لم يتوقّف على القطع به لم يلزم من ثبوته ثبوته.

احتجّوا بأنّ عادة السلف فيما لم يقطعوا بصحّته أن يردّ مدلوله بعضهم ، ويقبله آخرون.

والجواب : منع العادة لاتّفاقهم على حكم المجوس بخبر عبد الرحمن.

الرابع : اعتمد كثير من الفقهاء والمتكلّمين في تصحيح خبر الإجماع

٣٤٣

وأمثاله بأنّ الأمّة فيه على قولين : منهم من احتجّ به ، ومنهم من اشتغل بتأويله ، وهو يدلّ على اتّفاقهم على قبوله.

واعترض (١) باحتمال أنّهم قبلوه ، كما يقبل خبر الواحد.

والجواب : خبر الواحد انّما يقبل في الظنّيات لا العلميّات ، وهذه المسألة علمية ، فلمّا قبلوا الخبر فيها دلّ على اعتقاد صحّته.

واعترض (٢) بمنع قبول كلّ الأمّة ، بل كلّ من لم يحتجّ به في الإجماع طعن فيه ، بأنّه خبر واحد فلا يجوز التمسّك به في مسألة علمية.

نعم ربّما لم يطعنوا فيه على التفصيل لكن لا يلزم من عدم الطعن من جهة واحدة عدم الطعن مطلقا.

__________________

(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ١٤٦.

(٢) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ١٤٦.

٣٤٤

الفصل الرابع

في الخبر المقطوع بكذبه

وفيه مباحث :

المبحث الأوّل : في الخبر المخالف للمعلوم

الخبر الّذي ينافي مخبره وجود ما علم إمّا بالضرورة المستند إلى الحس أو الوجدان أو البداهة أو بالدليل القطعي (كذب قطعا) (١) لعدم المطابقة ومنه قول من لم يكذب قط : «أنا كاذب» فإنّه كذب قطعا ؛ لأنّ المخبر عنه فيه إمّا الأخبار الماضية ، وهو يدلّ على كذبه لانتفاء الكذب فيها فرضا ؛ أو نفسه ، وهو باطل ، لأنّ الخبر متأخّر في الرتبة عن المخبر عنه ، فلو جعلنا الخبر خبرا (٢) عنه لزم تأخّر الشيء عن نفسه بالرتبة ، وهو محال.

أمّا ما يخالف الدليل القاطع إن احتمل التأويل أمكن صدقه ، لجواز أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكلّم به لإرادة ذلك المعنى ، كما في إنزال المتشابهات.

__________________

(١) في «أ» : كذبا قطعيا.

(٢) في «أ» : جزءا. وفي المحصول : ٢ / ١٤٧ ؛ فإن جعلنا الخبر عين المخبر عنه.

٣٤٥

ولو لم يقبل التأويل أو كان التأويل بعيدا حكم بكذبه ، أو بأنّه قد حذف منه أو زيد فيه ما يصحّ (١) الكلام معه.

ويلحق بذلك الخبر الذي يروى في وقت قد استقرت (٢) فيه الأخبار ، فإذا فتش عنه في بطون الكتب وصدور (٣) الرواة لم يوجد له أثر ، فإنّه يعلم أنّه لا أصل له ، بخلاف عصر الصحابة فإنّ الأخبار لم تستقر حينئذ ، فيجوز أن يروي أحدهم ما لم يوجد عند غيره.

البحث الثاني : فيما يتوفر الدواعي على نقله

الأمر الذي تتوفّر الدواعي على نقله لو وجد إمّا لتعلّق الدين به ، كأصول الشرع ، أو لغرابته كسقوط مؤذن من المنارة ، أو هما معا كالمعجزات ؛ فإذا لم يوجد ذلك مع انتفاء التقية والخوف دلّ على الكذب ؛ وإلّا لجوّزنا وجود بلدة بين البصرة وبغداد أعظم منهما مع أنّ الناس لم يخبروا عنها ، ولجوّزنا أن يكون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوجب عشر صلوات ولم تنقل الأمة سوى الخمسة ، ولمّا كان ذلك باطلا ، فكذا ما أدّى إليه.

أمّا مع وجود التقية كما يقوله الشيعة فإنّه لا يدلّ على كذبه ، لوجود الصارف عن النقل.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : يقبح.

(٢) في «أ» : استقربت.

(٣) في «أ» و «ب» : صدق.

٣٤٦

فإن قيل (١) : العلم بعدم هذه الأمور إن توقّف على العلم بأنّه لو كان لوجب نقله ، وجب أن يكون الشاك في الأصل شاكّا في هذه الفروع ، لكن الناس كما يعلمون ضرورة وجود بغداد والبصرة يعلمون ضرورة عدم بلدة بينهما أكبر منهما ، والضروري لا يتوقّف على النظري ، وإن لم يتوقّف ، فالعلم بعدم البلدة غير متوقّف على العلم بأنّها لو كانت لنقلت ، ولا يلزم من عدم هذا عدم ذلك.

سلّمنا توقّف العلم بعدم هذه الأمور على العلم بأنّها لو كانت لنقلت ، لكن ما ذكرتموه مثال واحد ، فلا يلزم حصوله في كلّ الصور ، فإن قستم باقي الصور على المثال لم يفد اليقين ، لجواز أن يكون الفارق بين الأصل والفرع شرطا في الأصل ، أو مانعا في الفرع ، فلم يبيّن عدم العمومية في كلّ الصور عدم تواتر الإقامة ، فبعض نقلها أفرادا وبعضهم مثنّاة ، مع أنّها من أجلّ الأشياء وأعظمها تكرارا.

وكذا هيئة الصلاة : من رفع اليدين والجهر بالتسمية ، وغير ذلك مع ظهورها غاية الظهور ، ولم تنقل متواترا.

وكذا انشقاق القمر ، وتسبيح الحصى ، وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ، ونبوع الماء من بين أصابعه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأمور العظام والأشياء العجيبة ولم يتواتر نقلها.

__________________

(١) نقله الرازي في محصوله : ٢ / ١٤٨.

٣٤٧

وكون القرآن معجزا لا يعرف إلّا بدقيق النظر ، وإعجاز هذه الأشياء ظاهر فلا يقوم نقله مقام نقلها ، وكذا أقاصيص الأنبياء المتقدّمين.

والجواب : لم لا يتوقّف العلم بعدم الواقعة العظيمة على أنّها لو كانت لنقلت.

قوله : العلم بانتفاء (١) بلدة بين بغداد والبصرة ضروري ، وهذه القاعدة نظرية فلا يتوقّف عليه.

قلنا : نمنع كونه ضروريا ، ولهذا لو سئل كلّ من يدّعي عدمها ، عن سبب علمه ، لأجاب بأنّها لو كانت موجودة لاشتهر خبرها كاشتهار بغداد والبصرة ، فعلم أنّ ذلك العدم مستفاد من هذا الأصل ، والمثال ذكر للتنبيه على القاعدة الكلية ، والنقض بالإقامة.

أجاب القاضي أبو بكر (٢) بأنّ ذلك من المؤذّن ، فلعلّه كان يفرد تارة ويثنّي أخرى والراوي لم ينقل ذلك ، لأنّه نقل البعض وأهمل الباقي ، وهو استناد ذلك إلى المؤذن اعتقادا منه بسهولة هذا التساهل.

أو لأنّهم عرفوا أنّ المسألة من الفروع التي لا يوجب الخطأ فيها كفرا ولا بدعة ، فتساهلوا فيها خصوصا مع اشتغالهم بالحروب.

والجهر بالبسملة ، لعلّه من اختلاف فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث كان يجهر تارة ويخافت أخرى ؛ أو لأنّه يخفي صوته في ابتداء القراءة ثمّ يعلوا به بعد ذلك

__________________

(١) في «أ» : بوجود.

(٢) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ١٥٠.

٣٤٨

على التدريج ، فيسمع القريب منه جهر التسمية لا البعيد.

وأمّا المعجزات فجاز أن يكون ناقل كلّ معجزة قليلا لا يبلغ حد التواتر ، ولم تتواتر أقاصيص الأنبياء لعدم تعلّق غرض ديني بروايتها.

واعلم أنّ النص الجليّ على إمامة علي عليه‌السلام وإن نقل عن الإمامية متواترا خلفا عن سلف ، إلّا أنّه لم يتواتر عند غيرهم للتقية والخوف ولقصور الدواعي عن نقله ، كدلالة قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(١) ، ودلالة خبر الغدير ، وخبر المنزلة ، والطائر ، وغير ذلك وإن كانت خفية إلّا أنّها صارت سببا لفتور الدواعي عن نقل النصّ الجليّ.

البحث الثالث : في وجود الكذب في الأخبار

[الأخبار] المروية عن رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد وجد فيها ما هو كذب قطعا ، لوجوه :

الأوّل : روي أنّه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سيكذب عليّ». (٢) هذا الخبر إن كان صدقا ثبت في الأخبار المروية كذب بعضها ، وإن كان كذبا فالمطلوب.

الثاني : في الأخبار ما لا يجوز نسبته إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يقبل التأويل ، فوجب القطع بكذبه.

__________________

(١) المائدة : ٥٥.

(٢) قرب الإسناد : ٩٢ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ٢٢٧ ح ٥ ؛ فيض القدير : ٦ / ٢٨٠.

٣٤٩

الثالث : روي عن شعبة (١) : «أنّ نصف الحديث كذب» (٢).

والداعي إلى الكذب إمّا من جهة السلف ، وهم منزّهون عن تعمّد الكذب. وإنّما يقع لوجوه (٣) :

أ. أن يكون الراوي يروي نقل الخبر بالمعنى ، فيبدل لفظا بآخر يتوهّم أنّه لمنزلته ، وهو لا يطابقه.

ب. ربّما نسي لفظا ، لأنّهم لم يكن من عادتهم الكتابة لما يسمعونه فيبدله بغيره ، وربّما نسي زيادة يصحّ بها الخبر.

ج. ربّما روى عن الواسطة ونسي ذلك فأسنده إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توهما أنّه سمعه منه لكثرة صحبته له ، ولهذا كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستأنف الحديث إذا دخل عليه شخص ليكمل له الرواية ؛ كما روي أنّه قال : «الشؤم في ثلاثة : المرأة والدار والفرس» (٤) ، فقالت عائشة : إنّما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك حكاية عن غيره. (٥)

__________________

(١) هو شعبة بن الحجّاج بن الورد ، أبو بسطام الأزدي العتكي مولاهم ، نزيل البصرة (٨٢ أو ٨٣ ـ ١٦٠ ه‍) روى عن الحسن وسمع من معاوية بن قرة وعمرو بن مرة والحكم وسلمة بن كهيل وخلق كثير. وعنه : أيوب السختياني وابن إسحاق وسفيان الثوري وغيرهم. تذكرة الحفاظ : ١ / ١٩٣ برقم ١٨٧.

(٢) فيض القدير : ٦ / ٢٨٠ ؛ عدة الأصول : ١ / ٩٠ ، تحقيق محمد رضا الأنصاري.

(٣) ذكرها الرازي أيضا في المحصول : ٢ / ١٥٢.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٥٥٦ ح ٤٩١٢ ؛ تهذيب الأحكام : ٧ / ٣٩٩ ح ١٥٩٣ ؛ صحيح البخاري : ٣ / ٢١٧ ؛ صحيح مسلم : ٧ / ٣٤.

(٥) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢٦ ؛ المحصول : ٢ / ١٥٢.

٣٥٠

د. ربّما خرج الحديث على سبب ، وهو مقصور عليه ويصحّ معناه به ، فيجب روايته مع السبب ، فإن حذف سببه أوهم الخطاء ؛ كما روي أنّه قال : «التاجر فاجر» (١) ، فقالت عائشة : إنّما قاله في تاجر دلّس. (٢)

ه. روي أنّ أبا هريرة كان يروي أخبار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكعب كان يروي أخبار اليهود ، ويشتبه على السامعين ، فيروي بعضهم ما سمعه من كعب عن أبي هريرة. (٣)

وإمّا من جهة الخلف فوجوه : (٤)

أ. الملاحدة وضعوا أباطيل نسبوها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتنفير الناس عنه ، كما روي ذلك عن عبد الكريم بن أبي العوجاء. (٥)

ب. ربّما يكون الراوي يجوّز الكذب المؤدّي إلى إصلاح الأمّة ، فإنّ مذهب الكرّامية وضع الأخبار في المذهب إذا صحّ عندهم ، لأنّه سبب لترويج الحق.

__________________

(١) روي الصدوق في «من لا يحضره الفقيه» : ٣ / ١٩٤ ح ٣٧٢٩ : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «التاجر فاجر ، والفاجر في النار ، إلّا من أخذ الحق وأعطى الحق».

(٢) فيض القدير : ٦ / ٢٨٠ ؛ المحصول : ٢ / ١٥٢.

(٣) المحصول : ٢ / ١٥٢.

(٤) ذكرها الرازي أيضا في المحصول : ٢ / ١٥٣.

(٥) هو أحد زنادقة عصر الإمام الصادق عليه‌السلام كان من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد ، قتله أبو جعفر محمد بن سليمان عامل المنصور في الكوفة ، وكان خال معن بن زائدة الشيباني أحد قواد بني مروان وكبير من كبار الولاة لأبي جعفر ، وقد جرى بينه وبين الإمام الصادق عليه‌السلام احتجاجات كثيرة. الكنى والألقاب : ١ / ٢٠١.

٣٥١

ج. الرغبة ، كما وضع في ابتداء دولة بني العباس أخبار في النصّ على إمامة العباس وولده.

قال فخر الدين الرازي : ومن ذلك انّ الإمامية يسندون إلى الرسول كلّ ما صحّ عندهم عن بعض أئمتهم ، قالوا : لأنّ الصادق عليه‌السلام قال : حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدي حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا حرج عليكم إذا سمعتم منّا حديثا أن تقولوا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (١)

وليس بجيد أمّا أوّلا : فلأنّه معصوم لا يخبر إلّا بالحق ، فكما يجوز لنا اسناد ما يخبرنا به رسول الله إلى الله تعالى بيقين كذا هنا.

وأمّا ثانيا : فلأنّ الراوي إذا قال : إذا حدّثت حديثا فإنّما أرويه عن فلان ، ثمّ حدث ؛ جاز أن يروي عمّن اسند إليه ، فكيف إذا قال الإمام المعصوم حديثي حديث أبي؟!

البحث الرابع : في أحكام الصحابة

المشهور أنّ الصحابة كغيرهم من المسلمين ، بل هم أفضل وأكمل ، وأنّ الأصل فيهم العدالة ، إلّا عند ظهور المعارض. لدلالة الكتاب ، وهو قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ)(٢) ، (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(٣).

__________________

(١) المحصول : ٢ / ١٥٣.

(٢) آل عمران : ١١٠.

(٣) البقرة : ١٤٣.

٣٥٢

وفيه نظر ، لما بيّنّا في باب الإجماع من عدم اختصاص الآيتين بالصحابة.

ودلالة السنّة كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير الناس قرني».

وبالغ إبراهيم النظّام في الطعن فيهم فقال : رأينا بعضهم قادحا في البعض ، وذلك يوجب القدح إمّا في القادح أو المقدوح فيه. وبيّن القدح من وجوه (١) :

الأوّل : قال عمران بن الحصين : والله لو أردت لتحدّثت يومين متتابعين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّي سمعت كما سمعوا ، وشاهدت كما شاهدوا ، ولكنّهم يحدّثون أحاديث ما هي كما يقولون ، وأخاف أن يشبّه لي كما شبّه لهم.

الثاني : كان حذيفة يحلف لعثمان بن عفان بالله على أشياء أنّه ما قالها ، وقد سمعناه قالها ، فقلنا له فيه فقال : إنّي أشتري ديني بعضه ببعض مخافة أن يذهب كلّه.

الثالث : ابن عباس بلغه أنّ ابن عمر يروي أنّ الميت ليعذب ببكاء أهله فقال عبد الرحمن : إنّما مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيهودي يبكى عليه ، فقال : إنّه ليبكي عليه وإنّه ليعذّب.

الرابع : ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في الضب لا آكله ولا أحلّه ولا أحرّمه ، فقال زيد بن الأصم : قلت لابن عباس : إنّ ناسا يقولون : إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال

__________________

(١) نقلها عنه الرازي في المحصول : ٢ / ١٥٤ ـ ١٦٢ ، فراجع.

٣٥٣

في الضب لا آكله ولا أحلّه ولا أحرّمه ، قال : بئس ما قلتم ، ما بعث الله النبي محلّلا ولا محرّما.

الخامس : ابن عمر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقف على قتلى في قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ ثمّ قال : إنّهم الآن يسمعون ما أقول. فذكروه لعائشة فقالت : لا ، بل قال : إنّهم ليعلمون أنّ الّذي كنت أقول لهم هو الحق.

قال النظّام : وهذا عين التكذيب.

السادس : روت فاطمة بنت قيس (١) أنّ زوجي طلّقني ثلاثا ولم يجعل لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سكنى ولا نفقة. فقال عمر : لا يقبل قول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت.

وقالت عائشة : يا فاطمة قد فتنت الناس. ومعلوم أنّها كانت من المهاجرات مع أنّها عند عمر وعائشة كاذبة.

السابع : أراد عمر ضرب أبي موسى في خبر الاستئذان حتى شهد له أبو سعيد.

قال النظّام : وأنتم تقولون لا يجوز تهمتهم.

__________________

(١) هي فاطمة بنت قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن وائل بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر الفهرية ، أخت الضحاك بن قيس وكانت أكبر منه بعشر سنين ، لها صحبة ، روت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وروى عنها : سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وعامر الشعبي ، وغيرهم كثير. الثقات : ٣ / ٣٣٦ ؛ تهذيب الكمال : ٣٥ / ٢٦٤.

٣٥٤

الثامن : كان علي عليه‌السلام يستحلف الرواة ، ولو كانوا غير متّهمين لما حلّفهم ، فإنّ عليّا عليه‌السلام أعلم بهم منّا.

التاسع : روى أبو سعيد الخدري وجابر وأنس أنّه قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وذكر سنة مائة ـ «لا يبقى على ظهرها نفس منفوسة».

ثم يروي أنّ عليا عليه‌السلام قال لابن مسعود : إنّك تفتي الناس؟ قال أجل وأخبرهم أنّ الأخير شر ، قال : فأخبرني ما سمعت منه ، قال : سمعته يقول : لا يأتي على الناس طرفة وعلى الأرض غير مطرفة (١) ، فقال علي عليه‌السلام : أخطأت ، وأخطأت في أوّل فتواك ، إنّما قال ذلك لمن حضره يومئذ ، وهل الرجاء إلّا بعد مائة.

العاشر : روى أبو هريرة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الشمس والقمر بدران مكوّران في النار يوم القيامة».

قال الحسن : ما ذنبهما؟! قال أبو هريرة : أحدثك عن رسول الله. وهذا من الحسن ردّ على أبي هريرة.

الحادي عشر : قال علي عليه‌السلام لعمر في قصة الجنين : «إن كان هذا جهد رأيهم فقد قصروا ، وإن كانوا قاربوك فقد غشّوك». وهذا من علي عليه‌السلام حكم عليهم بجواز الغش.

الثاني عشر : قال ابن الاشعث : كنّا في غزاة وعلينا معاوية فأصبنا ذهبا وفضة ، فأمر معاوية رجلا ببيعها للناس في عطياتهم ، فتسارع الناس فيها ،

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر : «... مائة سنة وعلى الأرض عين تطرف».

٣٥٥

فقام عبادة بن الصامت (١) فنهاهم ، فردّوها ، فأتى الرجل معاوية فشكا إليه ، فقام معاوية خطيبا فقال : ما بال أقوام يحدّثون عن رسول الله أحاديث يكذبون فيها.

فقام عبادة فقال : والله لنحدّثنّ عن رسول الله وإن كره معاوية. وهو يدل إمّا على كذب معاوية أو كذب عبادة.

الثالث عشر : قام أبو موسى على منبر الكوفة لمّا بلغه أنّ عليا عليه‌السلام أقبل يريد البصرة ، فحمد الله ثمّ قال : يا أهل الكوفة والله ما أعلم واليا أحرص على إصلاح الرعية منّي ، والله لقد منعتكم حقّا كان لكم بيمين كاذبة فأستغفر الله منها.

وهذا إقرار منه على نفسه باليمين الكاذبة.

الرابع عشر : روى أبو بكر وعمر يوم السقيفة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الأئمة من قريش. ثمّ رويتم أشياء أخر تناقضه.

كقول عمر في آخر موته : لو كان سالم حيا لما تخالجني فيه شك ،

__________________

(١) هو عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن قيس بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج الأنصاري ، الخزرجي ، أبو الوليد المدني ، صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو أخو أوس بن الصامت ، وأمهما قرة العين بنت عبادة بن فضلة ، يقال له : الحبلى لعظم بطنه ، شهد العقبة الأولى والثانية ، وهو أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة ، وشهد بدرا وأحدا وبيعة الرضوان والمشاهد كلّها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث وروى عنه كثيرون. وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومن الذين مضوا على منهاج نبيّهم ولم يغيروا ولم يبدّلوا. تهذيب الكمال : ١٤ / ١٨٣ برقم ٣١٠٧ ؛ معجم رجال الحديث : ١٠ / ٢٤١ برقم ٦١٦٧.

٣٥٦

وسالم مولى امرأة من الأنصار ، وهي أخذت ميراثه.

وكقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اسمع وأطع ولو كان عبدا حبشيا.

ورويتم عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو كنت مستخلفا من هذه الأمّة أحدا من غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد.

الخامس عشر : روى أبو هريرة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّ المرأة والكلب والحمار يقطعون الصلاة. فمشيت عائشة في خف واحدة ، وقالت : لأخشينّ أبا هريرة ، فإنّي ربّما رأيت الرسول وسط السرير وأنا على السرير بينه وبين القبلة.

السادس عشر : روى أبو هريرة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنّ الميت على من غسله الغسل ، وعلى من حمله الوضوء» ، فبلغ ذلك عائشة فقالت : أنجاس موتاكم. وهذا تكذيب.

السابع عشر : عن إبراهيم أنّ عليا عليه‌السلام بلغه أنّ أبا هريرة يبتدئ بميامينه في الوضوء ، وفي اللباس فدعا بماء فتوضّأ وبدأ بمياسيره ، وقال : لأخالفنّ أبا هريرة.

الثامن عشر : انّ أصحاب عبد الله لمّا بلغهم خبر أبي هريرة : «من قام من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا» قالوا : إنّ أبا هريرة مكثار ، فكيف نصنع بالمهراس.

التاسع عشر : لمّا قال أبو هريرة : حدثني خليلي ، قال له علي عليه‌السلام : متى كان خليلك؟

العشرون : لما روى أبو هريرة : من أصبح جنبا فلا صوم له ، أرسل مروان

٣٥٧

في ذلك إلى عائشة وحفصة فقالتا : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصبح جنبا ثم يصوم. فقال للرسول : اذهب إلى أبي هريرة وأخبره بذلك ، فقال أبو هريرة : أخبرني بذلك الفضل بن عباس.

قال النظّام : والاستدلال به من ثلاثة أوجه.

أ. استشهد ميّتا.

ب. لو لم يكن متّهما فيهم لما سألوا غيره.

ج. عائشة وحفصة كذّبتاه.

الواحد والعشرون : لمّا روى أبو سعيد الخدري خبر الربا ، قال ابن عباس : نحن أعلم بهذا وفينا نزلت آية الربا ، فقال الخدري : أحدّثك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقول لي ما تقول؟ والله لا أظلّني وإيّاك سقف بيت. وهذا تكاذب بين ابن عباس وأبي سعيد.

الثاني والعشرون : لمّا قدم ابن عباس البصرة سمع الناس يتحدّثون عن أبي موسى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فكتب إليه) (١) فقال أبو موسى : لا أعرف منها إلّا حديثا. (٢)

الثالث والعشرون : كان عمر إذا ولّى أصحاب رسول الله الأعمال وشيّعهم قال لهم عند الوداع : أقلّوا الحديث عن رسول الله.

__________________

(١) من المحصول للرازي : ٢ / ١٥٩.

(٢) في المحصول : لا أعرف منها حديثا.

٣٥٨

قال النظّام : فلو لا التهمة وإلّا لما جاز المنع من العلم.

الرابع والعشرون : رووا عن سهل بن أبي حثمة (١) في القسامة ثمّ إنّ عبد الرحمن بن عبيد قال : والله ما كان الحديث كما حدّث سهل ، ولقد وهم ، وإنّما كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتب إلى أهل خيبر : انّ قتيلا وجد في أفنيتكم فدوه ، فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ، ففداه الرسول من عنده.

قال محمد بن إسحاق : سمعت عمر بن شعيب في المسجد الحرام يحلف بالله الّذي لا إله إلّا هو أنّ حديث سهل ليس كما حدّث.

الخامس والعشرون : قال أصحاب الشعبي (٢) له : إنّ إبراهيم النخعي (٣) يحكي عنك انّك لا ترى طلاق المكره. قال : أنتم تكذبون عليّ وأنا حيّ ، فكيف لا تكذّبون على إبراهيم وقد مات.

السادس والعشرون : قال ابن أبي مليكة (٤) : ألا تعجب حدّثني عروة عن

__________________

(١) في جميع النسخ «خيثمة» وما أثبتناه من كتب الرجال هو الصحيح. وهو سهل بن عبد الله بن أبي حثمة عامر بن ساعدة بن عامر الأنصاري ، أبو عبد الرحمن ، صحابي صغير ، ولد سنة ثلاثة للهجرة ومات في زمان معاوية ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة ، وعنه ابنه محمد وبشير بن يسار وصالح بن خوات وغيرهم. راجع أسد الغابة : ٢ / ٣٦٣ ؛ الإصابة : ٣ / ١٦٣ برقم ٣٥٣٦ ؛ تهذيب التهذيب : ٤ / ٢٤٨ ؛ تقريب التهذيب : ١ / ٣٩٨.

(٢) هو أبو عمرو عامر بن شرحبيل الفقيه العامّي المعروف بالشعبي ، وهو من المعلنين بعدائه لأمير المؤمنين عليه‌السلام. معجم رجال الحديث : ١٠ / ٢١٠ برقم ٦٠٩٥.

(٣) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي ، أبو عمران الكوفي الفقيه ، كان مفتي أهل الكوفة ، مات سنة ٩٦ ه‍. تهذيب التهذيب : ١ / ١٥٥ برقم ٣٢٥.

(٤) هو عبد الله بن أبي مليكة زهير ، تابعي روى عن ابن عباس وابن عمر ، وروى عنه عمرو بن دينار. الجرح والتعديل : ٥ / ٦٠ برقم ٢٧٨.

٣٥٩

عائشة أنّها قالت : أهللت بعمرة. وقال القاسم إنّها قالت : أهللت بحجّة.

السابع والعشرون : قال صدقة بن يسار (١) سمعت أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في الّذي يسافر وحده وفي الاثنين : «شيطان وشيطانان».

قال : فلقيت القاسم بن محمّد فسألته عنه فقال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبعث البريد وحده ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصاحبه (وحدهما) (٢).

وهذا من القاسم تكذيب بهذا الخبر.

الثامن والعشرون : كان ابن سيرين يعيب الحسن في التفسير وكان الحسن يعيبه في التعبير ويقول : كأنّه من ولد يعقوب.

التاسع والعشرون : قال ابن عباس : الحجر الأسود من الجنة ، وكان أشدّ بياضا من الثلج حتى سوّدته خطايا أهل الشرك. فسئل ابن الحنفية عن الحجر وقيل : إنّ ابن عباس يقول : هو من الجنة ، فقال : هو من بعض هذه الأودية.

قال النظّام : ولو كان كفر أهل الجاهلية سوّد الحجر لكان إسلام المؤمنين يبيضّه ، لأنّ الحجارة قد تكون سوداء وبيضاء ، ولو كان ذلك السواد من الكفر لوجب أن يكون سوادها بخلاف سائر الأحجار ، ليحصل

__________________

(١) هو صدقة بن يسار الجزري ، سكن مكة ، روى عن : زياد النميري ، وسعيد بن جبير ، وطاوس بن كيسان ، وعبد الله بن عمر ، وغيرهم ، روى عنه : جرير بن عبد الحميد ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وغيرهم ، توفّي في أوّل خلافة بني العباس. تهذيب الكمال : ١٣ / ١٥٥ برقم ٢٨٧١.

(٢) من المحصول : ٢ / ١٦٠.

٣٦٠