تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤٩

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

واعتنقا طويلا ، وسارا حتّى نزلا في المخيّم. فلمّا أصبحا خرجا منه جميعا. وشفع في بهسنا ، فامتنع السّلطان فقال : «إنّي قد رهنت لساني معه ، وأحسن إليّ بما لا أقدر على مكافأته». فقبل شفاعته ، وأجاب طلبته (١).

وكان هولاكو قد أخذ سنقر الأشقر من حبس الملك النّاصر يوسف لمّا افتتح حلب. وعمل (...) (٢) حاكم الموصل بالنّصرانيّ الفلّاح مسعود ، ومعه أشموط شحنة.

__________________

(١) عيون التواريخ ٢٠ / ٣٦١ ، ٣٦٢.

(٢) في الأصل بياض.

٤١

سنة سبع وستين وستمائة

[تحليف الأمراء للملك السعيد]

في صفر حلّف السّلطان الأمراء ، للملك السّعيد ، وقرئ تقليده (١).

[توجّه السلطان إلى الشام]

وفي جمادى الآخرة توجّه السّلطان والأمراء إلى الشّام جرائد ، وناب ابنه عنه ، وعلّم على التّواقيع ، وكاتبه نوّاب البلاد (٢).

[وصول رسل صاحب سيس]

وفيها وصلت رسل أبغا ومعهم جماعة من جهة صاحب سيس ، وأحضرهم السّلطان فأدّوا الرّسالة ، مضمونها طلب الصّلح بقوّة نفس ، وإنّا خرجنا فملكنا جميع العالم ، وأنت لو صعدت إلى السّماء ما تخلّصت منّا ، وأنت مملوك أبعت في سيواس ، فكيف تشاقّ ملك الأرض؟

__________________

(١) انظر خبر تحليف الأمراء في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٦ ، والروض الزاهر ٣٣٨ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٥٧ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٢ ب ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٧ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٣ ، وعقد الجمان (٢) ٣٩ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٤٤ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣٧ ، ٤٣٨ ، وتاريخ الدولة التركية ، ورقة ١٠ ب.

(٢) انظر خبر سفر السلطان في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٧ ، والدرّة الزكية ١٣٩ ، ١٤٠ ، والتحفة الملوكية ٦٥ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٣ أ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٧ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٤ ، وعقد الجمان (٢) ٤٣ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٤٤ ، ١٤٥ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٦٠ ، والعبر ٥ / ٢٨٥ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧١ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩.

٤٢

فأجاب : إنّي في طلب جميع ما استوليتم عليه من العراق والجزيرة والرّوم. ثمّ جهّزهم (١).

[الخلعة على صاحب صهيون]

وفيها وصل إليه صاحب صهيون الأمير سيف الدّين محمد بن مظفّر الدّين عثمان بن منكورس ، وقدّم مفاتح صهيون فخلع عليه ، وأبقاها بيده (٢).

[كشف السلطان على حال ولده سرّا]

وفي أواخر رجب خرج السّلطان فنزل على الخربة ، ثمّ ركب منها على البريد سرّا إلى القاهرة ، بعد أن عرّف الفارقانيّ أنّه يغيب ، وقرّر مع الفارقانيّ أن يحضر الأطبّاء كلّ يوم ، ويستوصف منهم للسّلطان ، يوهم أنّه مريض ، فيعمل ما يصفونه ، ويدخل به إلى الدّهليز.

ودخل السّلطان مصر في اليوم الرّابع ، وأقام بها أربعة أيّام ثمّ ردّ على البريد إلى المخيم الشّريف ، فكانت الغيبة أحد عشر يوما. وكان غرضه كشف حال ولده ، وكيف دسته (٣).

[تسلّم السلطان قلعتي بلاطنس وبكسراييل]

وفي رمضان تسلّم نوّاب السلطان قلعة بلاطنس وقلعة بكسراييل (٤) من

__________________

(١) انظر خبر الرسل في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٧ ، والدرّة الزكية ١٣٩ ، ١٤٠ ، والتحفة الملوكية ٦٥ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٣ أ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٤ ، وعقد الجمان (٢) ٤٣ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٤٤ ، ١٤٥ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٦١.

(٢) انظر خبر صهيون في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٣ ب.

(٣) انظر خبر كشف السلطان على ولده في : الروض الزاهر ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، والتحفة الملوكية ٦٥ ، ٦٦ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٣ ب ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٥ ، والعبر ٥ / ٢٨٥ ، ٢٨٦ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٦ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٨ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٤ ـ ٥٧٨ ، وعقد الجمان (٢) ٤٤ ـ ٤٧.

(٤) يرد في المصادر : بكسرائيل وبنكسرائيل ، وهو حصن الخوابي من بلاد الإسماعيلية. (انظر :

٤٣

عزّ الدّين أحمد بن مظفّر الدّين عثمان بن منكورس الصّهيونيّ ، وعوّض عنهما قرية من عمل شيزر (١).

[الغارة على أعمال صور]

وتوجّه السّلطان إلى صفد ، فأقام بها يومين ، وأغار على أعمال صور (٢) ، وعيّد بالجابية ، ثمّ انتقل إلى الفوّار ، ثمّ سار إلى الكرك ، ومنها إلى الحجّ (٣) فحجّ معه الأمير بدر الدّين بيليك الخزندار ، والقاضي صدر الدين سليمان ، وفخر الدّين بن لقمان ، وتاج الدّين ابن الأثير ونحو ثلاثمائة مملوك ، وجماعة من أعيان الحلقة. فقدم المدينة في أواخر ذي القعدة.

وكان جمّاز قد طرد ابن أخيه مالكا عن المدينة ، واستقلّ بإمرتها ، فهرب من السّلطان ، فقال السّلطان : لو كان جمّاز يستحقّ القتل ما قتلته لأنّه في حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ثمّ تصدّق بصدقات ، وحجّ ، فتلقّاه أبو نميّ وعمّه إدريس فخلع عليهما ، ووقف بعرفة يوم الجمعة (٤) ، ثمّ أفاض. وغسّل الكعبة بماء

__________________

= تاريخ الأنطاكي ـ بتحقيقنا ـ ص ٤٢٠).

(١) انظر خبر بلاطنس في : الروض الزاهر ٣٤٨ ، والتحفة الملوكية ٦٦ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٤ ب ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٨ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٩ ، وعقد الجمان (٢) ٤٩.

(٢) خبر الغارة على صور في : التحفة الملوكية ٦٦ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٤ ب ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٨ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٩ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٧٩ ، والروض الزاهر ٣٤٧.

(٣) انظر عن (حجّ السلطان) في : الروض الزاهر ٣٥٤ ـ ٣٥٨ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٩ ، والتحفة الملوكية ٦٦ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٤ ب ، والدرّة الزكية ١٤٢ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٦٦ ، ١٦٧ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٥ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٠ ، ٥٨١ ، وعقد الجمان (٢) ٤٦ ، ٤٧ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٤٦ ، ١٤٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٨٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٨ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩ ، وشفاء الغرام للفاسي (بتحقيقنا) ٢ / ٣٨٢ ، ٣٨٣.

(٤) نزهة المالك والمملوك ، ورقة ٦٣ أ ، تاريخ الدولة التركية ، ورقة ١٠ ب و ١١ أ ، ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٠٩ ، عيون التواريخ ٢٠ / ٣٧٩.

٤٤

الورد (١) ، وطيّبها بيده ، وأقام إلى ثالث عشر ذي الحجّة ، وزار المدينة ، ووصل الكرك يوم التّاسع والعشرين من الشهر ، فصلّى بها يوم الجمعة ، ثمّ ساق منه على البريد ، فوصل دمشق بكرة الأحد يوم ثاني المحرّم ، من سنة ثمان (٢) ، فخرج النّجيبيّ فصادفه في سوق الخيل ، فنزل وقبّل الأرض.

[مسير السلطان إلى حلب وحماه ودمشق]

ثمّ ساق إلى حلب فدخلها في سادس المحرّم ، فأقام بها أربعة أيّام ، ثم ردّ إلى حماة ، ثمّ إلى دمشق (٣).

[دخول السلطان القاهرة]

ثمّ إنّه دخل القاهرة يوم ثالث صفر. وصادف وصول الرّكب المصريّ (٤).

[الحوطة على بلاد حلب]

وفيها تقدّم السّلطان بالحوطة على بلاد حلب وأملاكها ، وأن لا يفرج عن شيء منها إلّا بكتاب عتق (٥).

__________________

(١) تاريخ الدولة التركية ، لمؤرّخ مجهول ورقة ١٠ ب.

(٢) التحفة الملوكية ٦٦ ، ٦٧ ، والخبر كما هنا في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٤ ب ، ١٥ أ ، المختصر في أخبار البشر ٤ / ٥ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٠ ـ ٥٨٢ و ٥٨٨ ، وعقد الجمان (٢) ٤٧ ، ٤٨.

(٣) التحفة الملوكية ٦٧ ، وقيل في كثرة تنقّله بين البلاد :

بينا تراه في الحجاز إذا به

في الشام للحجّ الشريف يقدّس

وتراه في حلب يدبّر أمرها

وتراه في مصر يذبّ ويحرس

وتراه في حجّ عليه عباءة

وتراه في غزو عليه الأطلس

وانظر الخبر في : المقتفي ١ / ورقة ١٥ ب. (في حوادث سنة ٦٦٧ ه‍) ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٥ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٥ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٨٠ ، وعقد الجمان (٢) ٤٨.

(٤) خبر دخول السلطان في : تاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٨٠.

(٥) خبر الحوطة في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤١٠ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٨٠.

٤٥

[هبوب ريح عظيمة بمصر]

وفي ذي الحجة هبّت ريح عظيمة بمصر غرّقت في النّيل نحو مائتي مركب ، وهلك كثير من الناس (١).

[المطر بقليوب]

وأمطرت قليوب مطرا غزيرا (٢).

[عصيان تاكودر على الملك أبغا]

وفيها عصى تاكودر (٣) على الملك أبغا وحاربه ، فانتصر أبغا ، ثمّ إنّ برق ابن عمّ تاكودر (٢) انتصر له ، وقصد يشير أخا أبغا فكسره (٤).

[حريق سوق الصالحية]

وفي رجب احترق سوق جبل الصّالحيّة ، وراح أكثر ما فيه من قماش ومتاع ، وكان حريقا كبيرا.

قال بعض الفضلاء : ما رأيت في عمري حريقا أكبر منه. احترق السّوق من أوّله إلى آخره من الجهتين ، واحترق فيه دكّانان للعطر لم يكن في دمشق أحسن منهما ولا أكبر من الصّيني والمطعّم بالفضّة وغير ذلك. وهلك لتاجر شيء بخمسة عشر ألف درهم.

__________________

(١) خبر الريح بمصر في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٥ ب ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٥ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٨٢ ، وعقد الجمان (٢) ٥١.

(٢) خبر المطر في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٥ ب ، وزاد : «وكان بالشام من هذه الريح صقعة أحرقت الأشجار» ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٥ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٨٢.

(٣) هكذا في الأصل بالتاء المثنّاة ، وضمّ الدال المهملة. وفي الدرّة الزكية : «ناكورا» بالنون وفتح الدال المهملة ، وفي عقد الجمان (٢) ٣٤ «تكدار بن موجي بن جغطاي». و (٢) ٥٠.

(٤) الدرّة الزكية ١٤٠.

٤٦

[رفع القباب للسلطان]

وفي رجب أزيلت القباب الّتي عملت ، وكانت قد اعتنوا بها لأجل مجيء السّلطان. وكانت محكمة ، ضخمة الأخشاب ، كلّ واحدة طبقات. وكان عملها بالدّبادب والمغاني واللهو ، وبقيت دون شهر مجرّدة. فلمّا همّوا بزينتها جاء الأمر بإبطالها ، فأصبح النّاس وقد أزيلت ليلا كأن لم تكن ، فهرجوا ومرجوا ، ثمّ عملت له القباب عند مجيئه من فتح أنطاكية.

[إشتاء أباق ببغداد]

وفيها شتا أباق ببغداد.

٤٧

سنة ثمان وستين وستمائة

[خروج السلطان للصيد]

دخل السّلطان القاهرة في صفر ، ثمّ بعد أيّام توجّه إلى الإسكندريّة ، ومعه ولده الملك السّعيد ، فتصيّد وعاد إلى مصر ، وخلع على الأمراء ، وفرّق فيهم الخيل والمال (١).

[أسر أحد قادة الفرنج عند عكا]

وتوجّه إلى الشّام في الحادي والعشرين في ربيع الأوّل في طائفة يسيرة من الأمراء ، وقاسوا مشقّة من البرد. بلغه أنّ ابن أخت زيتون الملك خرج من عكّا في عسكر ، بقصد عسكر صفد ، فسار السّلطان واجتمع بعسكر صفد بمكان عيّنه ، ثمّ سار إلى عكّا فصادف ابن أخت زيتون (٢) قد خرج فكسره ، وأسره في جماعة من أصحابه ، وقتل من عسكره مقتلة (٣).

__________________

(١) انظر خبر الصيد في : الروض الزاهر ٣٦٠ ، ٣٦١ ، والتحفة الملوكية ٦٨ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٦ أ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٠ ، والدرّة الزكية ١٤٢ ، البداية والنهاية ١٣ / ٢٥٦ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٩٢ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٤.

(٢) في التحفة الملوكية ٦٨ «ابن أخت الفرنسيس» وأنه قتل. والمثبت يتّفق مع ما في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٦ أمن أنه أسر ، وكذلك مع الدرّة الزكية ١٤٣ ، والروض الزاهر ٣٦٣ ، وعقد الجمان (٢) ٥٨ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٨.

(٣) خبر عكا في : الروض الزاهر ٣٦٣ ، والتحفة الملوكية ٦٨ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٦ أ ، والدرّة الزكية ١٤٢ ، ١٤٣ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٦ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٤ ، وعقد الجمان (٢) ٥٨.

٤٨

[غارة السلطان على المرقب]

ثمّ أغار على المرقب فصادف أمطارا وثلوجا ، فرجع إلى حمص ، وأقام بها نحوا من عشرين يوما (١).

[دخول السلطان مصر]

ثمّ سار إلى تحت حصن الأكراد (٢) ، وأقام يسير كلّ يوم نحوها ، ويعود من غير قتال ، فبلغه أنّ مراكب الفرنج وصلت إلى ميناء الإسكندريّة ، وأخذت مركبين للمسلمين ، فرحل لوقته وساق فدخل القاهرة في ثاني عشر شعبان (٣).

[نيابة حصون الإسماعيلية]

وفيها قدم صارم الدّين مبارك بن الرّضى مقدّم الإسماعيليّة بهديّة إلى السلطان ، وشفع فيه صاحب حماة ، فكتب له السّلطان بالنّيابة على حصون الإسماعيليّة ، على أن تكون مصياف وبلدها خاصّا للملك الظّاهر. وبعث السّلطان معه نائبا من جهته على مصياف ، وهو عزّ الدّين العديميّ. فلمّا وصلوا امتنع أهل مصياف ، وقالوا لا نسلّمها للصّارم فإنّه كاتب الفرنج ، ونحن نسلّمها للعديميّ ، وقالوا له : تعال إلينا من الباب الشّرقيّ. فلمّا فتحوا له هجم معه الصّارم ، وبذل السّيف ، وقتل منهم خلقا ، وتسلّم هو والعديميّ القلعة (٤).

__________________

(١) انظر عن المرقب في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٦ ب ، والدرّة الزكية ١٤٣ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٦ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٨.

(٢) التحفة الملوكية ٦٨ ، الدرّة الزكية ١٤٣ ، السلوك ج ١ ق ٢ / ٢٨٦ ، الروض الزاهر ٣٦٤.

(٣) الخبر في المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٦ ب ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٦ ، والروض الزاهر ٣٦٤.

(٤) انظر عن (نيابة الإسماعيلية) في : الروض الزاهر ٣٦٢ ـ ٣٧٠ ، وتاريخ الملك الظاهر ٣٣ ، والتحفة الملوكية ٦٨ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ١٧ ب (باختصار) ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٣١ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٦ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧١ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧١ ، والعبر ٥ / ٢٨٧ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٧ ، والدرّة

٤٩

ثمّ غلب الصّارم على البلد ، وأزال عنه يد العديميّ.

[ولاية ابن الشعراني على قلاع الإسماعيلية]

واتّفق مجيء نجم الدّين حسن بن الشعرانيّ (١) إلى السّلطان ، ومعه تقدمة سنيّة ، فقدّمها عند حصن الأكراد ، فكتب له السّلطان بالقلاع وهي : الكهف ، والخوابي ، والعليقة ، والرّصافة ، والقدموس ، والمينقة ، ونصف جبل السّمّاق ، وقرّر عليه أن يحمل في كلّ سنة مائة وعشرين ألف درهم (٢).

[عصيان الصارم وحبسه]

ثمّ أخرج الصّارم من مصياف نائب السّلطان وعصى ، فسار إليه صاحب حماة فنزل الصّارم وذلّ ، ثمّ عاد إليها العديميّ ، وحمل الصّارم إلى مصر فحبس بها (٣).

[إبطال الخمور بدمشق]

وفيها أبطلت الخمور (٤) وأريقت بدمشق ، وشدّد في ذلك الشّيخ خضر الكرديّ شيخ السّلطان ، وسعى في إعدامها بالكلّيّة ، وكبس دور النّصارى

__________________

= الزكية ١٤٣ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٩٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٦ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٢ ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٢١ (سنة ٦٦٧ ه‍) ، وعقد الجمان (٢) ٥٨ ، ٥٩ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٢٨ ، وصبح الأعشى ٤ / ١٤٦ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٨٧.

(١) يرد في المصادر : «الشعراني» ، و «المشعراني». انظر : تاريخ الملك الظاهر لا بن شدّاد ٣٧ ، والإعلام والتبيين ٦٣ ، ٦٤ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٧٣ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٢٢ (سنة ٦٧٠ ه‍).

(٢) خبر قلاع الإسماعيلية في : الدرّة الزكية ١٤٤ ، والإعلام والتبيين ٦٣ ، ٦٤ ، والعبر ٥ / ٢٨٧ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٨٦ ، ٥٨٧ ، وعقد الجمان (٢) ٥٩ ، والروض الزاهر ٣٦٥ ـ ٣٧٠.

(٣) خبر عصيان الصارم في : الدرّة الزكية ١٤٤.

(٤) خبر إبطال الخمور باختصار شديد في : نزهة المالك والمملوك ، ورقة ٦٣ أ(سنة ٦٦٧ ه‍) ، وتاريخ الدولة التركية ، ورقة ١١ أ ، والعبر ٥ / ٢٨٨ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧١ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٧.

٥٠

واليهود ، وكتبوا على أنفسهم بعد القسامة أنّه لم يبق عندهم منها شيء.

[انتشار الجراد]

وفيها جاء جراد عظيم إلى الغاية بالشّام وإلى الدّيار المصريّة وإلى الحجاز.

[وزارة الصحبة]

وفيها وليّ الصّاحب تاج الدّين بن فخر الدين ابن خير وزارة الصّحبة على ما كان عليه والده.

[عمل جسرين على النيل]

وفي ذي الحجّة أمر السّلطان بعمل جسرين بسلاسل ومراكب على النّيل إلى الجيزة لمّا بلغه حركة الفرنج ليجوز الجيش عليهما إلى الإسكندريّة إن دهمها عدوّ (١).

[نزول الفرنج على تونس]

ثمّ تواترت الأخبار بنزول الفرنج على تونس (٢).

[كسرة عسكر برق]

وفيها سار أبغا لينصر أخاه على برق بعد أن جمع الجيوش ، وسار بهم نحو شهرين ، والتقوا على النّهر الأسود ، فكسر عسكر برق كسرة عظيمة ، وساقوا خلفهم ولزّوهم إلى الجسر فازدحموا ، وتساقطوا في البحر ، وردّ أبغا إلى أرضه.

ووقع في عسكره الوباء فمات منهم خلق (٣).

__________________

(١) البداية والنهاية ١٣ / ٢٥٧.

(٢) خبر تونس في : البداية والنهاية ١٣ / ٢٥٨ (سنة ٦٦٩ ه‍).

(٣) خبر كسرة برق في : زبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٧ أ(في حوادث سنة ٦٧٠ ه‍) ، والدرّة الزكية ١٤٨ ـ ١٥٠.

٥١

سنة تسع وستين وستمائة

[هدم سور عسقلان]

في صفر توجّه السّلطان من مصر في بعض العسكر إلى عسقلان ، فهدم بقيّة سورها المهمل من الأيّام الصّلاحيّة (١).

[كسر عسكر أبغا]

وورد عليه الخبر بأنّ عسكر ابن أخي بركة كسر عسكر أبغا.

[غدر أهل عكا بأسرى المسلمين]

ثمّ بلغه أنّ أهل عكّا ضربوا رقاب جماعة من الأسارى ، فأخذ أعيان من عنده من الأسرى فغرّقهم في النيل ، وكانوا مائة (٢).

[القبض على صاحب الكرك]

وفيها قبض السّلطان على الملك العزيز صاحب الكرك الملقّب بالمغيث.

__________________

(١) انظر خبر سور عسقلان في : السلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٠ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣١ ، والتحفة الملوكية ٦٨ (في حوادث سنة ٦٦٨ ه‍) ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٠ أ ، وفيه أنه وجد فيما هدم كوزان فيهما نحو ألفي دينار ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٣ ، والدرّة الزكية ١٥١ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٨ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٣ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٩ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٠.

(٢) خبر الأسرى في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٠ ب ، والدرّة الزكية ١٥١ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٨ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٣ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٩ ، وعقد الجمان (٢) ٨٠.

٥٢

وكان من كبار الأمراء بالقاهرة ، فقبض عليه وعلى جماعة عزموا على سلطنته (١).

[الحرب بين أمير مكة وعمّه]

وفي جمادى الأولى ورد الخبر أنّ أبا نميّ محمد بن سعد بن عليّ بن قتادة أمير مكّة تواقع هو وعمّه إدريس ، فاستظهر إدريس عليه وتفرّد بإمرة مكّة.

وذهب أبو نميّ إلى ينبع ، فاستنجد بصاحبها ، وجمع وقصد مكّة ، فالتقيا ، فحمل أبو نميّ على عمّه فطعنه رماه ، ونزل فذبحه ، واستبدّ بإمرة مكّة (٢).

[فتح حصن الأكراد]

وفي جمادى الآخرة خرج السّلطان بالجيش لقصد حصن الأكراد ، فبدأ بالإغارة على اللاذقيّة ، والمرقب ، ومرقية ، وتلك النّواحي ، وافتتح في ذلك صافيتا ، والمجدل ، ثمّ نزل على حصن الأكراد في تاسع عشر رجب ، ونصبت المجانيق والسّتائر. وللحصن ثلاثة أسوار فأخذت الباشورة بعد يومين ، وأخذت الباشورة الثّانية في سابع شعبان. وفتحت الثّالثة الملاصقة للقلعة في نصف شعبان ، وكان المحاصر لها الملك السّعيد ، وبيليك الخزندار ، وبيسري الصّالحيّ ، ودخلوا البلد بالسّيف ، فأسروا من فيه من الجبليّة والفلّاحين ، ثمّ أطلقهم السّلطان ، وتسلّم القلعة في الخامس والعشرين من شعبان بالأمان ، وترحّل أهلها إلى طرابلس. ثمّ رتّب الأفرم لعمارة الحصن ، وصيّرت الكنيسة جامعا (٣).

__________________

(١) خبر صاحب الكرك في : نهاية الأرب ٣٠ / ١٧٣ ، ١٧٤ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٥ ، والدرّة الزكية ١٥١ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٦٠ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٣ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٩.

(٢) خبر الحرب في مكة في : التحفة الملوكية ٦٩ (في حوادث سنة ٦٦٨ ه‍) ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢١ أ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٩٩ ، ٤٠٠ ، وعقد الجمان (٢) ١٦٤ سنة ٦٦٨ ه‍).

(٣) انظر عن (فتح حصن الأكراد) في : الروض الزاهر ٣٧٥ ـ ٣٧٦ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٤ ، والتحفة الملوكية ٧٠ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٢ أوالمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢١ ب و ٢٢ أب ، والدرّة الزكية ١٥١ ـ ١٥٤ و ١٦١ ، ١٦٢ ونزهة المالك والمملوك ، ورقة

٥٣

[مهادنة صاحب أنطرسوس]

وطلب صاحب أنطرسوس (١) المهادنة ، وبعث بمفاتيحها إلى السّلطان ، فصالحه على نصف ما يتحصّل منها ، وجعل عندهم نائبا (٢).

[مصالحة صاحب المرقب]

وجاءت رسل صاحب المرقب ، فصالحهم على النّصف أيضا.

وقرّرت الهدنة عشر سنين ، وعشرة أشهر ، وعشرة أيّام (٣).

[فتح حصن عكار]

ثمّ نزل السّلطان على حصن ابن عكّار ، ونصبت المجانيق ، ثمّ تسلّمها بالأمان. وهي قلعة في واد بين جبال (٤).

__________________

= ٦٣ أ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ٧٦ أ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٢ ، والعبر ٥ / ٢٩٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢٢٠ ، والبداية والنهاية ١٢ / ٢٥٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٠ ، ومرآة الجنان ٤ / ٧٠ أ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٩٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٠ ، ٥٩١ و ٥٩٣ ، وعقد الجمان (٢) ٥٩ و ٧٠ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٥٠ و ١٥٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣٠ ، والإعلام والتبيين ٦٤.

(١) ترد : أنطرسوس وأنطرطوس ، وهي مدينة طرطوس المعروفة على ساحل الشام شماليّ طرابلس.

(٢) خبر أنطرسوس في : الروض الزاهر ٣٧٨ ، ٣٧٩ ، والتحفة الملوكية ٧٠ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٢ ب ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٢ ب ، والدرّة الزكية ١٥٤ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩١ ، ٥٩٢.

(٣) خبر المرقب في : التحفة الملوكية ٧٠ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٣ أ ، والدرّة الزكية ١٥٤ ، ١٥٥ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩١ ، ٥٩٢.

(٤) انظر عن (فتح حصن عكار) في : الروض الزاهر ٣٧٩ ـ ٣٨٢ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٨ ، ونزهة المالك والمملوك ، ورقة ٦٣ أ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٣ أ ، والتحفة الملوكية ٧١ ، ٧٢ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٢ ب ، ٧٣ أ ، والدرّة الزكية ١٥٥ ـ ٥٨ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٦ وفيه «حصن عكا» ، والعبر ٥ / ٢٩٠ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٧٠ وفيه «حصن عكا» ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ وفيه «حصن عكا» ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠١ ، وتاريخ ابن

٥٤

[مهادنة صاحب طرابلس]

ثمّ خيّم في رابع شوّال على طرابلس ، فسيّر إليه صاحبها يسأل عن سبب قصده فقال : لأرعى زرعكم وأخرّب بلادكم ، ثمّ أعود لحصاركم. فبعث إليه يستعطفه ، ثمّ هادنه عشر سنين (١).

[السيل بدمشق]

وفي شوّال جاء دمشق سيل عظيم مهول هدم البيوت. وأخذ النّزال من الحجّاج الرّوميين بين النهرين وجمالهم ، وغرق جماعة. وذهب للنّاس شيء كثير. وكان ذلك بالنّهار والشّمس طالعة ، والشمس قد شرع ، فغلّقت أبواب المدينة ، وطغى الماء وارتفع حتّى بلغ أحد عشر ذراعا ، وارتفع عند باب الفرج ثمانية أذرع ، وكادت دمشق أن تغرق. وسدّت الزّيادة الأنهار بطين أصفر ، ودخل الماء إلى البلد ، وخرّب خان ابن المقدّم ، وطلع الماء فوق أسطحة كثيرة عند جسر باب توما (٢) ، حتّى بلغني أنّه وجد فوق سطح سمكة ميّتة ، واصطادوا السّمك

__________________

= خلدون ٥ / ٣٩٠ وفيه «حصن عكا» ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٢١ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٢ ، وعقد الجمان ٢ / ٧٦ ، ٧٧ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٥١ ، ١٥٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣١ ، وتاريخ الأزمنة ٢٥٢ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣٢٨ وفيه «حصن عكا» ، وتاريخ طرابلس ١ / ٥٦٢ ـ ٥٦٤ ، والإعلام والتبيين ٦٤ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٢ ، وفيه «حصن عكا» ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢٢٠.

وذكر ابن شدّاد أنه «كان به قوم من الفرنج سفهاء لا يفترون عن قول القبيح». (الأعلاق الخطيرة ج ٢ ق ٢ / ١١٨).

(١) انظر خبر المهادنة في : الروض الزاهر ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٨ والتحفة الملوكية ٧٢ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٣ أ ، والدرّة الزكية ١٥٨ ، ١٥٩ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٣ ب ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٢ ، والعبر ٥ / ٢٩٠ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٧٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٢٠٩ ، ٤٠٢ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٩٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٣ ، وعقد الجمان (٢) ٧٧ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٥٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣١ ، وتاريخ الأزمنة ٢٥٢ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣٢٨ ، وتاريخ طرابلس ١ / ٥٦٤ ـ ٥٦٦ ، وتاريخ الدولة التركية ، ورقة ١١ أ ، والإعلام والتبيين ٦٤.

(٢) انظر خبر السيل في : الروض الزاهر ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، وتالي وفيات الأعيان ٧٠ ، والدرّة الزكية ١٦٠ ، والتحفة الملوكية ٧٢ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٣ أ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة

٥٥

من وراء العادليّة عند دار ابن يغمور. وتحدّثت العوامّ أنّ الّذين هلكوا بالزّيادة والرّدم فوق الألفين ووجد في بساتين مرتفعة سمك في النّقع إذا رأى الشّخص ارتفاع تلك الأماكن زاد تعجّبه.

وحدّثني رجل أنّ أهل الوادي الشّرقي وجدوا جملا ميتا فوق أصل سفرجل ، وضجّ الخلق بالبكاء والاستغاثة بالله. وكان يوما مشهودا وأشرف النّاس على التّلف. ثمّ لطف الله ورحم النّاس ، وتناقص الماء ، ولو ثبت ساعة أخرى أو ارتفع ذراعا آخر لغرقت نصف دمشق (١).

ولبعضهم :

لقد أظهر الجبّار بعض اقتداره

فأرسل بحرا طاميا من بحاره

وأرعدها حتّى توافق مياهها

مطنّبة محفوفة بازدجاره

وأهلك فيه خلقه وعبيده

فأضحوا وهم غرقى بأقصى قراره

فكم من شباب مع نساء وصبية

وكم من دوابّ قد صلين بناره

فسبحان من أبدى عجائب صنعه

وأزعج كلّ الخلق عند ابتداره

وعاد بلطف منه عفوا ومنّة

فنسأله الزّلفى غدا في جواره (٢)

[إخراج اليهود من كنيسة لهم بدمشق]

وفي شوّال قبل يوم الزّيادة الموصوفة جاء الشّيخ خضر شيخ السّلطان إلى

__________________

= ٢٣ ب ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٥١ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٦ ، ١٧٧ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٢ ، والعبر ٥ / ٢٩٠ ، ٢٩١ ، وعقد الجمان (٢) ٨٠ ، ٨١ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣٢ ، وتاريخ الأزمنة ٢٥٢ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣٢٨ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٧٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٦ ،

(١) وحكي أن فقيرا يعرف بالخبر حضر إلى دار نائب السلطنة بدمشق قبل هذه الحادثة وقال : عرّفوا الأمير أنّي أريد أن أعدو إلى بعلبكّ. فقال له الأمير : «رح ، اجر» ، وضحكوا منه ، فتوجّه ، وعاد وهو ينذر الناس بالسيل ، فضحكوا منه ولم يعبأوا بكلامه ، فما أحسّوا إلّا والسيل قد هجم (نهاية الأرب ٣٠ / ١٧٧).

(٢) وفي ذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٥١ ، ٤٥٢ ، شعر آخر بمناسبة السيل. وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٢ ، ٤٠٣.

٥٦

كنيسة اليهود ، ومعه أمراء وأعيان والوالي ، وأخرجوا اليهود منها يوم سبتهم وآذوهم ، وقرأ القرآن بها غير واحد ، ثمّ غنّى المغنّون ، ورقص النّاس بحضرة الشّيخ خضر ، وكان يوما عجيبا. ونهب كلّ ما فيها ، وعمل الشّيخ ثاني يوم بسيسة عظيمة بالسّمن والعسل ، وازدحم الخلق حتّى ديست بالرّجلين ، وفضلت ورميت في نهر قلوط. واتّخذ الشّيخ خضر الكنيسة زاوية له. وكان صاحب كشف وأحوال شيطانيّة. وجرى ما لا ينبغي وسيأتي ذكر خضر في سنة ستّ وسبعين (١).

[دخول السلطان دمشق]

وجاء السّلطان بالجيش في نصف شوّال بعد الزّيادة بيومين إلى دمشق ، ولطف الله بهم إذ تأخّروا عن الزّيادة ، وإلّا كانت غرّقت نصف الجيش وأكثر ، فعزل السّلطان ابن خلّكان من القضاء بابن الصّائغ (٢).

[فتح القرين وهدمها]

ثمّ سار بعد عشرة أيّام ، فنزل على القرين ، ونصب عليها المجانيق. وصدق أهلها في القتال ، ودام الحصار جمعتين ، ثمّ أخذت بالأمان وهدمت.

وكانت من أمنع الحصون (٣).

__________________

(١) انظر خبر اليهود في : نهاية الأرب ٣٠ / ١٧٦ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٦٠ ، وعقد الجمان (٢) ٧٨.

(٢) انظر عن (قاضي دمشق) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٣ ب ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٨ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، ٢٦٠ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٥٢ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٣ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٦ ، وعقد الجمان (٢) ٧٨.

(٣) انظر عن (فتح القرين) في : الروض الزاهر ٣٨٥ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٤٤ ، ونزهة المالك والمملوك ، ورقة ٦٣ أ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٤ أ ، والتحفة الملوكية ٧٢ ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٣ ب ، والدرّة الزكية ١٥١ ـ ١٥٤ و ١٦١ ، ١٦٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٢ ، والعبر ٥ / ٢٩٠ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢٢٠ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٧٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٠ ، وتاريخ ابن خلدون ٥ / ٣٩٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٠ ، ٥٩١ ، وعقد الجمان ٢١ / ٧٩ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٥٠ و ١٥٣ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣٠.

٥٧

[القبض على جماعة أمراء بمصر]

ثمّ سار السّلطان بالجيش حتّى أشرف على عكّا ، ورجع ودخل مصر في ثالث عشر ذي الحجّة. ونابه في هذه السّفرة فوق ثمانمائة ألف دينار (١). فلمّا دخل قبض على هؤلاء الأمراء الكبار : الحلبيّ ، والمحمّديّ ، وأيدغديّ الحاجبيّ ، والمساح ، وبيدغان ، وطوطج ، لأنّه بلغه عنهم أنّهم همّوا بالفتك به (٢).

[السّيل بمكة المكرّمة]

ومن عجيب الاتّفاق أنّ مكّة جاء بها زيادة وسيل عرمرم ، بحيث أنّ الماء بلغ إلى فوق الحجر الأسود (٣).

[نقصان المياه وإبطال الطواحين]

ومن العجائب أنّ مياه دمشق والعاصي والفرات قلّت ونقصت نقصا مجحفا ، حتّى هلك شيء كثير من الأشجار ، وبطلت الطّواحين ، وعملت طواحين بمدارات. وكانت الفواكه في هذه السّنة قليلة.

[تعيينات في مدارس دمشق]

وممّا جرى في هذه السّنة وقبلها وبعدها تولّي القاضي نجم الدّين ابن سنيّ الدّولة تدريس الأمينيّة ، والقاضي عزّ الدّين ابن الصّائغ تدريس العادليّة ، وأخوه

__________________

= و «القرين» : حصن من حصون الأرمن ، وكان لطائفة يقال لهم الاسبتار ، وهو من أمنع الحصون على صفد. (نهاية الأرب ٢٨ / ١٠٣) وقال البرزالي : «وكان بناؤه من الحجر الصلد ، وبين كل حجرين عمود حديد ملزوم بالرصاص ، فأقاموا في هدمه اثني عشر يوما» (المقتفي ١ / ورقة ٢٤ أ).

(١) المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٤ ب ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٣.

(٢) خبر القبض على الأمراء في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٤ ب. وفيه أنهم كانوا اتفقوا على قبضه بالشقيف ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٨٠ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٥ ، والدرّة الزكية ١٦٣ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢٢٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٦٠ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٤.

(٣) لم يذكر الفاسي قاضي مكة هذا الخبر في كتابه (شفاء الغرام).

٥٨

عماد الدّين تدريس العذراويّة ، ورشيد الدّين الفارقيّ : النّاصريّة ، والبرهان المراغيّ : الرّكنيّة ، والعزّ بن عبد الحقّ : الأسديّة ، وتاج الدّين عبد الرحمن : المجاهديّة ، وأخوه سيف الدّين : الصّارميّة ، والبهاء بن النّحّاس : القليجيّة ، وابن عمّه مجير الدين : الرّيحانيّة ، والوجيه ابن منجا : المسماريّة ، والتّقيّ التّركمانيّ : المعظّميّة ، والشّمس ابن الكمال : الضّيائيّة ، والعزّ عمر الإربليّ : الجاروخيّة ، وشرف الدّين ابن المقدسيّ : العادليّة الصّغيرة.

[غرق سفن المسلمين عند قبرس]

وجهّز السّلطان وهو منازل حصن الأكراد سبعة عشر شينيّا في البحر ، عليها الرّيّس ناصر الدّين ريّس مصر ، والهواريّ ريّس الإسكندريّة ، وعلويّ ريّس دمياط ، والجمال بن حسّون مقدّم على الجميع ، لكونه بلغه أنّ صاحب قبرس قدم عكّا ، فاغتنم السّلطان الفرصة وبعث هؤلاء إلى قبرس ، فوصلوها ليلا ، فهاجت عليهم ريح طردتهم عن المرسي ، وألقت بعض الشّواني على بعض ، فتحطّمت وتكسّر منها أحد عشر شينيّا ، وأسر من فيها من المقاتلة والبحّارة ، وكانوا نحوا من ألف وثمانمائة. وسلم ناصر الدّين وابن حسّون في الشّواني السّالمة (١).

[أمر السلطان بإراقة الخمور]

قال الشّيخ قطب الدّين (٢) : وفي ذي الحجّة أمر السّلطان بإراقة الخمور في

__________________

(١) انظر خبر غرق السفن في : الروض الزاهر ٣٨٦ ، ٣٨٩ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٤٥٣ ، والدرّة الزكية ١٦٢ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٦ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٢ ب ، وزبدة الفكرة ج ٩ / ورقة ٧٣ ب ـ ٧٤ ب ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٧٨ ، ١٧٩ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢٢٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٤٠٤ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٣ ، ٥٩٤ ، وعقد الجمان (٢) ٧٢ ـ ٧٦ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ١٥٤ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤٣٠ ، وتاريخ الأزمنة ٢٥٢.

(٢) في ذيل مرآة الزمان.

٥٩

بلاده ، والوعيد على من يعصرها بالقتل. فأريق ما لا يحصر. وكان ضمان ذلك في ديار مصر خاصّة ألف دينار في كلّ يوم (١).

[منازلة الفرنج تونس]

قال : وفيها نزلت الفرنج على تونس انتصارا لأهل جنوة بسبب ما أخذ من أموالهم ، فنازلها الفرنسيس في أربعمائة ألف منها ستّة وعشرون ألف فارس ، وفيهم جماعة ملوك. ومجموع عدّة مراكبهم أربعمائة مركب. وقاتلتهم البربر والعربان والعوامّ فقتل ولد الفرنسيس.

وقيل إنّ الفرنسيس مات ولم يبق عندهم ملك يحكمهم. وطلبت الفرنج الصّلح ، فوقع الصّلح على ردّ مال أهل جنوة (٢).

__________________

(١) انظر خبر الخمور في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٥ أ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٨٠ ، ١٨١ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٩٥ و ٥٩٧ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٦٠.

(٢) خبر تونس في : التحفة الملوكية ٦٩ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٢٠ ب ، باختصار.

٦٠