تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام - ج ٤٩

شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي

ملك التّتار ومقدّمهم.

ذكره الشّيخ قطب الدين فقال : كان من أعظم ملوك التّتر. وكان شجاعا حازما مدبّرا ، ذا همّة عالية ، وسطوة ومهابة ونهضة تامّة ، وخبرة بالحروب ، ومحبّة في العلوم العقليّة من غير أن يتعقّل منها شيئا.

اجتمع له جماعة من فضلاء العالم ، وجمع حكماء مملكته ، وأمرهم أن يرصدوا الكواكب. وكان يطلق الكثير من الأموال والبلاد. وهو على قاعدة المغل من عدم التقيّد بدين ، لكنّ زوجته تنصّرت.

وكان سعيدا في حروبه وحصاراته. طوى البلاد واستولى على الممالك في أيسر مدّة ، ففتح بلاد خراسان ، وفارس ، وأذربيجان ، وعراق العجم ، وعراق العرب ، والشّام ، والجزيرة ، والرّوم ، وديار بكر.

كذا قال الشّيخ قطب الدّين (١) ، والّذي افتتح خراسان وعراق العجم غيره ، وهو جنكزخان وأولاده ، وهذا الطّاغية فافتتح العراق ، والجزيرة ، والشّام ، وهزم الجيوش وأباد الملوك ، وقتل الخليفة وأمراء العراق وصاحب الشّام ، وصاحب ميّافارقين.

__________________

= مختصر الدول ٢٨٤ ، وتاريخ الزمان ٣٢٤ ، والروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة ، لابن عبد الظاهر ٧ ، ٨ ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٢ ، ٣ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ٣٩٣ ـ ٣٩٥ ، وجامع التواريخ ، مجلّد ٢ ، الجزء ١ / ٢٢٣ ، ودول الإسلام ٢ / ١٦٩ ، والعبر ٥ / ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦١ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٨ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٤٨ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٢٠ و ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٣ ، والدرّة الزكية ١١٥ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٤١ ، وعقد الجمان (١) ٤١٣ ـ ٤١٦ ، ونظام التواريخ للبيضاوي (ناصر الدين عبد الله بن عمر) (توفي ٦٨٥ ه‍. ١٢٨٧ م) تصحيح بهمن ميرزا كريمي ـ شركة مطبعة فرهومند وإقبال علمي ١٣١٣ ه‍. ص ٩٤ ، وفيه وفاته في سنة ٦٦٠ ه‍ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤١١ وفيه وفاته سنة ٦٦٣ ه‍ ، والتاريخ الغياثي ٤٢ ، ٤٣ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٣١٩ ، وتاريخ الأزمنة ٢٤٩ ، وأخبار الدول ٢ / ١٩٦ ، ١٩٧ ، ٢٦٩ ، ٤٧٢ ، ٤٩٤ ، ٤٩٧ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، ودرّة الأسلاك ١ / ورقة ٣٦ ، والتحفة الملوكية لبيبرس المنصوري ٥٥ (سنة ٦٦٣ ه‍) ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٢٧.

(١) في ذيل المرآة ٢ / ٣٥٧.

١٨١

قال لي الظّهير الكازرونيّ : حكى لي النّجم أحمد بن البوّاب النّقّاش نزيل مراغة قال : عزم هولاكو على زواج بنت ملك الكرج ، قالت : حتّى تسلم. فقال : عرّفوني ما أقول. فعرضوا عليه الشّهادتين فأقرّ بهما وشهد عليه بذلك الخواجا نصير الطّوسيّ ، وفخر الدّين المنجّم. فلمّا بلغها ذلك أجابت. فحضر القاضي فخر الدّين الخلاطيّ ، فتوكّل لها النّصير ، وللسّلطان الفخر المنجّم ، وعقدوا العقد باسم تامار خاتون بنت الملك داود بن إيواني على ثلاثين ألف دينار.

قال ابن البوّاب : وأنا كتبت الكتاب في ثوب أطلس أبيض ، وعجبت من إسلامه. قلت : إن صحّ هذا فلعلّه قالها بفمه لعدم تقيّده بدين ، ولم يدخل الإسلام إلى قلبه ، والله أعلم.

قال قطب الدّين : كان هلاكه بعلّة الصّرع ، فإنّه حصل له الصّرع منذ قتل الملك الكامل صاحب ميّافارقين ، فكان يعتريه في اليوم المرّة والمرّتين. ولمّا عاد من كسرة بركة له أقام يجمع العساكر ، وعزم على العود لقتال بركة ، فزاد به الصّرع ، ومرض نحوا من شهرين وهلك ، فأخفوا موته وصبّروه وجعلوه في تابوت ، ثمّ أظهروا موته. وكان ابنه أبغا غائبا فطلبوه ثمّ ملّكوه.

وهلك هولاوو وله ستّون سنة أو نحوها. وقد أباد أمما لا يحصيهم إلّا الله.

ومات في هذه السّنة. وقيل في سابع ربيع الآخر سنة ثلاث وستّين ببلد مراغة. ونقل إلى قلعة تلا ، وبنوا عليه قبّة. وخلّف من الأولاد سبعة عشر ابنا سوى البنات ، وهم : أبغا ، وأشموط ، وتمشين ، وبكشي ، وكان بكشي فاتكا جبّارا ، وأجاي ، ويستز ، ومنكوتمر الّذي التقى هو والملك المنصور على حمص وانهزم جريحا ، وباكودر ، وأرغون ، ونغابي دمر ، والملك أحمد.

قلت : وكان القاآن الكبير قد جعل أخاه هولاوو نائبا على خراسان

١٨٢

وأذربيجان فأخذ العراق والشّام وغير ذلك ، واستقلّ بالأمر مع الانقياد للقاءان والطّاعة له ، والبرد واصلة إليه منه في الأوقات. وتفاصيل الأمور لم تبلغنا كما ينبغي.

وقد جمع صاحب الدّيوان كتابا في أخبارهم في مجلّدتين.

ووالد هولاوو هو تولى خان الّذي عمل معه السّلطان جلال الدّين مصافا في سنة ثماني عشرة ، فنصر جلال الدين وقتل في الوقعة تولى إلى لعنة الله.

وكان القاآن الأعظم في أيّام هولاوو أخاه مونكوقا بن تولى بن جنكزخان ، فلمّا هلك جلس على التّخت بعده أخوهما قبلاي ، فامتدّت دولته وطالت أيّامه ، ومات سنة خمس وتسعين بخان بالق أمّ بلاد الخطا وكرسيّ مملكة التّتار.

وكانت دولة قبلاي نحوا من أربعين سنة. في آخر أيّامه أسلم قازان على يد شيخنا بدر الدّين ابن حمويه الجوينيّ.

وقال الظّهير الكازرونيّ : عاش هولاكو نحو خمسين سنة. وكان عارفا بغوامض الأمور وتدبير الملك ، فاق على من تقدّمه. وكان يحبّ العلماء ويعظّمهم ، ويشفق على رعيّته ، ويأمر بالإحسان إليهم.

قلت : وهل يسع مؤرّخا في وسط بلاد سلطان عادل أو ظالم أو كافر إلّا أن يثني عليه ويكذب ، فالله المستعان ، فلو أثنى على هولاكو بكلّ لسان لاعترف المثنى بأنّه مات على ملّة آبائه ، وبأنّه سفك دم ألف ألف أو يزيدون ، فإن كان الله تعالى مع هذا وفّقه للإسلام فيا سعادته ، لكن حتّى يصحّ ذلك.

والله أعلم.

ـ حرف الياء ـ

١٤٨ ـ يحيى بن شجاع بن ضرغام.

أبو زكريّا القرشيّ ، المصريّ.

سمع الكثير من : الحافظ ابن المفضّل.

١٨٣

وحدّث ، ومات في ذي القعدة.

١٤٩ ـ يوسف بن صالح (١) بن صارم بن مخلوف.

نور الدّين الأنصاريّ ، القوصيّ. شيخ صالح زاهد خيّر منقطع بالقرافة.

حدّث عن : الحافظ ابن المفضّل.

ومات في وسط ربيع الأوّل (٢).

الكنى

١٥٠ ـ أبو بكر بن إبراهيم (٣) بن مسعود بن أحمد.

الشّيخ المعمّر ، الصّالح ، أبو بكر الشّيبانيّ ، العراقيّ ، الصّوفيّ.

قال الشّريف عزّ الدّين : ذكر أنّه ولد سنة إحدى وخمسين وخمسمائة وكان شيخا صالحا ، وصوفيّا حسنا من أكابرهم المعروفين.

توفّي في ذي القعدة ، رحمه‌الله.

* * *

وفيها ولد :

قاضي القضاة علم الدّين محمد بن أبي بكر بن الإخنائيّ الشّافعيّ ،

والشّيخ عبد الرحمن ابن أمين الدّولة عبد القادر الصّعبيّ

ومحمد النّاسخ ولد الشّرف محمد بن إبراهيم الميدوميّ ، سمعا منالنّجيب وطبقته ،

وعزّ الدّين عبد العزيز بن عبد اللّطيف بن عبد العزيز ابن الشّيخ مجد الدّين ابن تيميّة ،

وصلاح الدّين محمد بن عبد الله ابن الشّيخ شمس الدين ،

__________________

(١) انظر عن (يوسف بن صالح) في : في : الطالع السعيد ٧٢١ رقم ٥٧٢ ، وعقد الجمان (١) ٤٣١.

(٢) مولده سنة ٥٩٩ ه‍.

(٣) انظر عن (أبي بكر بن إبراهيم) في : عقد الجمان (١) ٤٣٠.

١٨٤

والشّمس عمر بن شرف الدين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن هلال ،

ونور الدين عبد الله بن ضياء الدين عبد الرحمن بن عبد الكافي بن عبد الملك الرّبعيّ ،

وعليّ بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن صفوان الكنديّ القوّاس ،

والقاضي تقيّ الدّين عبد الكريم بن القاضي محيي الدّين يحيى بن الزّكيّ ،

وعبد الرحيم بن تقيّ الدّين إسماعيل بن أبي اليسر ،

وشمس الدّين أحمد بن أمين الدّين محمد بن هلال ،

ومحمد بن يوسف بن أبي العزّ الحرّانيّ ،

والشّيخ قطب الدّين عبد الكريم بن عبد النّور بحلب في رجب.

١٨٥

سنة خمس وستين وستمائة

ـ حرف الألف ـ

١٥١ ـ أحمد بن جميل (١) بن حمد بن أحمد بن أبي عطّاف زين الدّين.

أبو العبّاس المقدسيّ الصّحراويّ ، المطعم ، الحنبلي.

روى عن : حنبل ، وعمر بن طبرزد.

سمع منه : المعين عليّ بن وردان بمصر ، والسّيف بن المجد وأثنى عليه ووثّقه.

وروى عنه : الدّمياطيّ ، وابن الخبّاز ، والقاضي تقيّ الدّين سليمان ، وأبو عبد الله بن الزّرّاد ، وآخرون.

ومات في ثاني عشر جمادى الأولى ، رحمه‌الله.

١٥٢ ـ أحمد بن نعمة (٢) بن أحمد بن جعفر بن الحسين بن حمّاد.

الإمام كمال الدين (٣) ، أبو العبّاس المقدسيّ ، النّابلسيّ ، الشّافعيّ ، خطيب بيت المقدس.

__________________

(١) انظر عن (أحمد بن جميل) في : المقتفي للبرزالي / ج ١ / ورقة ٣ ب.

(٢) انظر عن (أحمد بن نعمة) في : ذيل المرآة ٢ / ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٧ أ ، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي ١٠ رقم ١٣ في ترجمة ابنه «أحمد» ، والعبر ٥ / ٢٧٩ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٦١ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٣ ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ ١ / ورقة ١٢٩ ب ، والوافي بالوفيات ٨ / ٢١٧ رقم ٣٦٥٣ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٧ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣١٧ ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة ١ / ١٦٥ ـ ١٨٧ رقم ١١.

(٣) سمّاه أبو شامة في الذيل على الروضتين ٢٤٠ «الجمال محمد بن نعمة» وهو غلط.

١٨٦

ولد سنة تسع (١) وسبعين وخمسمائة ، وقدم دمشق شابّا فاشتغل بها.

وسمع من : بهاء الدّين القاسم بن عساكر ، وحنبل ، وعمر بن طبرزد ، وغيرهم.

وروى عنه : ولداه العلّامة شرف الدّين والفقيه محيي الدّين إمام المشهد ، وأبو محمد الدّمياطيّ ، وابن الخبّاز ، والدّواداريّ ، وجماعة.

وحدّث بدمشق والقاهرة.

وكان فقيها فاضلا ، ديّنا ، صالحا ، كثير التّعبّد ، حسن القناعة ، منقبض النّفس عن أبناء الدّنيا وعن التّردّد إليهم.

توفّي بدمشق في الثّالث والعشرين من ذي القعدة ، ودفن بمقبرة باب كيسان (٢) عن ستّ وثمانين سنة ، رحمه‌الله (٣).

١٥٣ ـ إبراهيم بن نجيب (٤) بن بشارة بن محرز.

أبو إسحاق السّعديّ ، المصريّ ، الفاضليّ.

شيخ مسنّ معمّر ، من أولاد الشّيوخ. ولد في ربيع الأوّل سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالقاهرة.

وسمع من أبي محمد القاسم بن عساكر لمّا قدم مصر.

وكان أبو يروي عن الشّريف الخطيب ويؤدّب أولاد القاضي الفاضل ، رحمه‌الله.

روى عن إبراهيم : شيخنا الدّمياطيّ ، وعلم الدّين الدّواداريّ في «معجميهما».

__________________

(١) في مشيخة قاضي القضاة ١ / ١٦٥ «سنة سبع».

(٢) باب كيسان : هو الباب القبلي الشرقي لدمشق ، ينسب إلى كيسان مولى معاوية. وحكى هشام بن محمد الكلبي أنه منسوب إلى كيسان مولى بشر بن عبادة بن حسّان ... وهو الآن مسدود. (ابن عساكر ، تاريخ دمشق ٢ / ١٨٥ ، تهذيبه ١ / ٢٦٣).

(٣) وقال قاضي القضاة ابن جماعة : شيخ صالح كثير التلاوة للقرآن العظيم .. اشتغل بالفقه ... وخطب مدّة طويلة بالبيت المقدّس ، وحكم به ، ودرّس ، وكان بدمشق ينوب في الخطابة والإمامة بجامعها المعمور. (١ / ١٦٥).

(٤) انظر عن (إبراهيم بن نجيب) في : المقتفى للبرزالي ١ / ورقة ٣ أ ، والوافي بالوفيات ٦ / ١٥٢ ، ١٥٣ رقم ٢٦٠٠ وقد بيّض في الأصل من الوافي لاسم أبيه «نجيب».

١٨٧

ومات في نصف جمادى الأولى.

١٥٤ ـ إسحاق بن خليل (١) بن فارس بن سعادة.

القاضي كمال الدين أبو محمد الشّيبانيّ ، الدّمشقيّ ، الشّافعيّ ، قاضي زرع (٢) ، ويعرف بالسّقطيّ.

ولد بدمشق سنة ثمان وثمانين.

وسمع من أبي عبد الله بن البنّاء الصّوفيّ. وحدّث.

وهو والد محيي الدّين يحيى قاضي زرع ، وأختيه عائشة وخديجة اللّتين روتا لنا بالإجازة عن مكرّم والنّاصح بن الحنبليّ.

توفي بدمشق في العشرين من رجب ، ودفن بجبل قاسيون.

ثنا عنه ولده.

١٥٥ ـ إسماعيل بن محمد (٣) بن أبي بكر بن خسرو.

أبو محمد الكورانيّ (٤) الزّاهد ، القدوة.

كان أحد المشايخ المشهورين بالزّهد والورع والإخلاص. وكان كثير التّحرّي والتفتيش عن أمر دينه. صاحب معاملة وخشية ، يقصد بالزّيارة ويطلب من جهته الدّعاء ، وقلّ أن يوجد في زمانه مثله ، رضي‌الله‌عنه.

أدركه الأجل بغزّة وهو قافل من مصر إلى بيت المقدس في الثّاني والعشرين من رجب.

__________________

(١) انظر عن (إسحاق بن خليل) في : الذيل على الروضتين ٢٤٠ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٤ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٤ ب ، ٥ أ.

(٢) وقع في ذيل الروضتين : قاضي رزا.

(٣) انظر عن (إسماعيل بن محمد) في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٤ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٥ أ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٦١ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٣ ، والوافي بالوفيات ٩ / ٢١٢ رقم ٤١١٧ ، والدليل الشاقي ١ / ١٢٩ رقم ٤٥٢ ، والمنهل الصافي ٢ / ٤٢٧ رقم ٤٥٣ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣١٧.

(٤) الكوراني : نسبة إلى كوران قرية بأسفرايين.

١٨٨

١٥٦ ـ أقوش القفجاقيّ (١).

الصّالحيّ النّجميّ.

أخرج من خزانة البنود فسمّروه هو وجماعة في ذي الحجّة. وكان قد ادّعى النّبوّة في رمضان من السّنة. فلمّا رجع السّلطان من الشّام استحضره السّلطان وسمع كلامه ، ورسم بتسميره. ومن الّذين سمّروا النّاصح ضياء من بلاد راحات.

١٥٧ ـ أيّوب بن بدر (٢) بن منصور بن بدران.

أبو الكرم الأنصاريّ ، القاهريّ ، ثمّ الدّمشقيّ ، المعروف بالجرائديّ ، أخو تقيّ الدّين يعقوب المقرئ.

قرأ أيّوب القراءات على السّخاويّ ، وغيره.

وسمع من : داود بن ملاعب ، والشّيخ أبي الفتوح البكريّ ، وعبد الله بن عمر قاضي اليمن ، وجماعة.

وكتب الأجزاء. وأكثر عن : الضّياء المقدسيّ ، والسّخاويّ ، وهؤلاء وأجزاؤه موقوفة بدار الحديث الأشرفيّة ، وكتابته معروفة.

وقد حدّث وأقرأ ، ومات بدمشق في شعبان ، وأضرّ بأخرة. وكان صوفيّا وإمام مسجد. غري بكتب ابن العربيّ ، وكتب كثيرا منها ، نسأل الله السّلامة.

ـ حرف الباء ـ

١٥٨ ـ بركة (٣) بن توشي (١) بن جنكزخان.

__________________

(١) انظر عن (آقوش القفجاقي) في : الوافي بالوفيات ٩ / ٣٢٢ رقم ٤٢٥٥.

(٢) انظر عن (أيوب بن بدر) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٥ ب ، والوافي بالوفيات ١٠ / ٣٨ ، والدليل الشافي ١ / ١٧٨ ، والمنهل الصافي ٣ / ٢٢٥ ، ٢٢٦ رقم ٦٣١.

(٣) انظر عن (بركة) في : التحفة الملوكية ٦١ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٤ ، ٣٦٥ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٧ ب ، والمختصر في أخبار البشر ٤ / ٤ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٠ ، والعبر ٥ / ٢٨٠ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦٢ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٢١٩ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٤٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٠ ، ومآثر الإنافة ٢ / ١٢٩ ، والوافي بالوفيات

١٨٩

المغليّ ، ملك القفجاق وصحراء سوداق ، وهي مملكة متّسعة مسيرة أربعة أشهر ، وأكثرها براري ومروج ، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد في الدّربند المعروف. هو باب عظيم مغلوق بين المملكتين مسلّم إلى أمير كبير.

وبركة هو ابن عمّ هولاكو. توفّي في هذه السّنة.

وكان قد أسلم وكاتب الملك الظاهر وبعث رسوله في البحر فسار إلى أن وصل إلى الإسكندريّة وطلع منها.

تملّك بعده منكوتمر بن طغان بن شرطق بن توش بن جنكزخان فجمع عساكر وبعثها مع مقدّم لقصد أبغا ، فجمع أبغا جيشه أيضا ، وسار إلى أن نزل على نهر كور ، وأحضر المراكب والسّلاسل ، وعمل جسرين على النّهر ثم عدّى إلى جهة منكوتمر ، وسار حتّى نزل على النّهر الأبيض. فعدّى منكوتمر وساق إلى النّهر الأبيض ، ونزل من جانبه الشّرقيّ ، ونزل أبغا في الجانب الغربيّ.

ثمّ لبسوا السّلاح وتراسلوا ، ثمّ بعد ثلاث ساعات حرّك أبغا كوساته وقطع النّهر ، وحمل على منكوتمر فكسره ، وساق وراءه والسّيف يعمل في عسكر منكوتمر. ثمّ تناخى عسكر منكوتمر ورجعوا عليهم فثبت أبغا في عسكره ، ودام الحرب إلى العشاء الآخرة ، ثمّ انهزم منكوتمر ، واستظهر أبغا وغنم جيشه شيئا كثيرا ، وعدّى على الجسورة المنصوبة ، ونزل على نهر كور. ثمّ جمع كبراء دولته وشاورهم في عمل سور من خشب على هذا النّهر ، فأشاروا بذلك ، فقام وقاس النّهر من حدّ تفليس ، فكان جزء كلّ مقدّم مائة وعشرين ذراعا. فشرعوا في عمله ، ففرغ السّور في سبعة أيّام. ثمّ ارتحل فنزل المقدّم دغان وشتّى هناك.

__________________

= ١٠ / ١١٧ ، ١١٨ رقم ٤٥٧٤ ، ونهاية الأرب ٢٧ / ٣٦١ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٦١ ، وشذرات الذهب ٥ / ٢١٧ ، وعقد الجمان (٢) ١٦ ، ١٧ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٢٢ ، وتاريخ الخميس ٢ / ٤٢٤ ، والمنهل الصافي ٣ / ٣٤٩ ، ٣٥٠ رقم ٦٦٠ ، والدليل الشافي ١ / ١٨٩.

(١) هكذا في الأصل ، والوافي بالوفيات ، وفي المصادر : «تولى» باللام.

١٩٠

قال قطب الدّين (١) : كان بركة يميل إلى المسلمين ، وله عساكر عظيمة ومملكة تفوق مملكة هولاكو من بعض الوجوه. وكان يعظّم العلماء ، ويعتقد في الصّالحين ، ولهم حرمة عنده. من أعظم الأسباب لوقوع الحرب بينه وبين هولاكو كونه قتل الخليفة. وكان يميل إلى صاحب مصر ويعظّم رسله ويحترمهم وتوجّه إليه طائفة ، من أهل الحجاز فوصلهم وبالغ في احترامهم ، وأسلم هو وكثير من جيشه. وكانت المساجد الّتي من الخيم تحمل معه ، ولها أئمّة ومؤذّنون ، وتقام فيها الصّلوات الخمس.

قال : وكان شجاعا ، جوادا ، حازما ، عادلا ، حسن السّيرة ، يكره الإكثار من سفك الدّماء والإفراط في خراب البلاد. وعنده حلم ورأفة وصفح.

توفّي بأرضه في عشر السّتين من عمره.

قلت : توفّي في ربيع الآخر. وقد سافر من سقسين سنة نيّف وأربعين إلى بخارى لزيارة الشّيخ سيف الدّين الباخرزيّ ، فقام على باب الزّاوية إلى الصّباح ، ثمّ دخل وقبّل رجل الشّيخ. وأسلم معه جماعة من أمرائه.

وهذا في ترجمة الباخرزيّ ، نقله ابن الفوطيّ.

ـ حرف الجيم ـ

١٥٩ ـ الجنيد بن عيسى (٢) بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلّكان.

العدل ، أبو القاسم الزّرزاريّ ، الإربليّ ، الشّافعيّ.

سمع بإربل من : عمر بن طبرزد ، وحنبل المكبّر.

وحدّث بالقاهرة. وكان مولده بإربل سنة ثلاث وتسعين (٣) وخمسمائة.

وتوفّي بدمشق في الرّابع والعشرين من شوّال.

__________________

(١) في ذيل المرآة ٢ / ٣٦٤.

(٢) انظر عن (الجنيد بن عيسى) في : ذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٥ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٦ ب ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٠.

(٣) في عيون التواريخ : ثلاث وسبعين.

١٩١

كتب عنه : الدّمياطيّ ، وابن الخبّاز ، وجماعة (١).

ـ حرف الحاء ـ

١٦٠ ـ حسين بن عزيز (٢) بن أبي الفوارس.

الأمير الكبير ، ناصر الدّين ، أبو المعالي القيمريّ ، صاحب المدرسة القيمريّة الكبرى الّتي بسوق الخريميّين.

كان من أعظم الأمراء وأجلّهم قدرا وأكبرهم محلّا. له الوجاهة التّامّة ، والكلمة النّافذة ، والإقطاعات الجليلة.

وكان بطلا شجاعا ، كريما ، عادلا ، حازما ، رئيسا ، كثير البرّ. وهو الّذي ملّك الملك النّاصر دمشق.

وكان أبوه شمس الدين من أجلّاء الأمراء.

توفّي ناصر الدين في ربيع الأوّل بالسّاحل مرابطا قبالة الفرنج.

ـ حرف الصاد ـ

١٦١ ـ صالح بن إبراهيم (٣) بن أحمد بن نصر بن قريش.

__________________

(١) وقال ابن شاكر الكتبي : تولّى عدّة جهات ، وكان مشكور السيرة ، عدلا ، أمينا ، طيّب الأخلاق.

(٢) انظر عن (حسين بن عزيز) في : الروض الزاهر ٢٦٧ ، والذيل على الروضتين ٢٣٩ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٣ أ ، وتالي كتاب وفيات الأعيان ٦٤ ، ٦٥ رقم ٩٦ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٤٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٠ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦٢ ، والعبر ٥ / ٢٨٠ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٠ ، والوافي بالوفيات ١٢ / ٤٢٢ ، ٤٢٣ رقم ٣٨٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٦٢ ، وعقد الجمان (٩) ١٥ ، ١٦ ، وشذرات الذهب ٥ / ٢١٧ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٠ ، ٣٥١ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٢٢ ، والدليل الشافي ١ / ٢٧٤ ، والدارس ١ / ٣٣١ ، والأعلاق الخطيرة ٢ / ٢٤٥ ، والمنهل الشافي ٥ / ١٥٩ ، ١٦٠ رقم ٩٤٧.

(٣) انظر عن (صالح بن إبراهيم) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٣ ب ، والذيل على الروضتين ٢٤٠ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٢٤٦ رقم ٢٦٨ ، وغاية النهاية ١ / ٣٣٢ ، وبغية الوعاة ٢ / ٢٦٨ ، والدليل الشافي ١ / ٣٤٩ رقم ١٢٠٠ ، والمنهل الصافي ٦ / ٣٢٣ رقم ١٢٠٣.

١٩٢

الإمام النّحويّ الكبير ، ضياء الدّين أبو العبّاس الإسعرديّ ، ثمّ الفارقيّ ، المقرئ.

ولد سنة خمس عشرة وستّمائة بميّافارقين.

وقرأ القراءات ، وأتقن العربيّة ، وسمع من : ابن الصّلاح ، وجماعة.

وتصدّر للإقراء وتعليم النّحو ، وانتفع به جماعة.

وكان ساكنا ، خيّرا ، فاضلا.

توفّي بالقاهرة في العشرين من ربيع الآخر.

وكتب عنه آحاد المحدّثين.

ـ حرف الطاء ـ

١٦٢ ـ طاهر بن أبي الفضل (١) محمد بن أبي الفرج طاهر بن أبي عبد الله بن الخضر.

الحكيم ، العالم ، أبو الفرج ، الكحّال ، الأنصاريّ ، الصّوريّ الأصل ، الدّمشقيّ.

ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

وسمع من : عمر بن طبرزد ، ومحمود بن عبد الله الجلاليّ ، وأبي اليمن الكنديّ ، وجماعة كثيرة.

روى عنه : الدّمياطيّ ، وأبو محمد الفارقيّ ، وأبو عليّ بن الخلّال ، والصّدر الأرمويّ ، والعماد بن البالسيّ ، والشّرف صالح بن عربشاه ، والبهاء بن المقدسيّ ، وآخرون.

وكان حانوته باللّبّادين.

توفّي في الثّاني والعشرين من ذي القعدة.

__________________

(١) انظر عن (طاهر بن أبي الفضل) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٦ ب ، ٧ أ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٤١٠ رقم ٤٤٧ ، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي ـ المستدرك على القسم الثاني ـ ص ١٧١ رقم ١٠٧ ، والدليل الشافي ١ / ٣٥٩ رقم ١٢٣٠ ، والمنهل الصافي ٦ / ٣٦٩ رقم ١٢٣٢.

١٩٣

ـ حرف العين ـ

١٦٣ ـ عبد الله بن محمد بن يوسف.

الحلبيّ ، أبو محمد بن الأبيض.

سمع من : ثابت بن مشرّف.

روى عنه : الدّمياطيّ ، وغيره.

١٦٤ ـ عبد الرحمن بن إسماعيل (١) بن إبراهيم بن عثمان.

__________________

(١) انظر عن (عبد الرحمن بن إسماعيل) في : صلة التكملة للحسيني ٢ / ورقة ٨٨ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٧ ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٦ أ ، وتكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني ٢١١ ـ ٢١٣ رقم ١٨٤ ، وتالي كتاب وفيات الأعيان للصقاعي ٩٩ رقم ١٤٧ ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠٤ رقم ٣٠ ، ومعجم شيوخ الدمياطيّ ٢ / ورقة ١٥ أ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٠ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٦٠ ، ١٤٦١ رقم ١١٥٧ ، ومعرفة القراء الكبار ٢ / ٦٧٣ ، ٦٧٤ رقم ٦٤١ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢١٢ رقم ٢٢١٨ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦١ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٧٨ ، والعبر ٥ / ٢٨١ ، ٢٨١ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٢ ـ ٣٥٥ ، وفوات الوفيات ٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ رقم ٢٦١ ، وطبقات الشافعية الكبير ٨ / ١٦٥ ـ ١٦٨ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ١١٨ ، ١١٩ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٥٠ ، ودرّة الأسلاك ١ / ورقة ٣٧ ، والوافي بالوفيات ١٨ / ١١٣ ـ ١١٦ رقم ١٢٨ ، وذيل التقييد ٢ / ٨٠ ، ٨١ رقم ١١٨٩ ، وغاية النهاية ١ / ٣٦٥ رقم ١٥٥٨ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢ / ٤٦٤ ـ ٤٦٦ رقم ٤٣٤ ، ونهاية الغاية ، ورقة ٨٧ ، ٨٨ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٦٢ ، وعقد الجمان (٢) ١٣ ـ ١٥ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٢٤ ، والدليل الشافي ١ / ٣٩٨ ، وبغية الوعاة ٢ / ٧٧ ، ٧٨ رقم ١٤٨٠ ، وتاريخ الخلفاء ٤٨ ، وطبقات الحفاظ ٥٠٧ ، والدارس ١ / ٢٣ ، وطبقات المفسرين للداوديّ ١ / ٢٦٣ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣١٨ ، وروضات الجنات ٤٢٩ ، والأعلام ٤ / ٧٠ ، وديوان الإسلام ٣ / ١٥٠ ، ١٥١ ، رقم ١٢٥١ ، وكشف الظنون ٧٢ وغيرها ، وإيضاح المكنون ١ / ٩٣ ، وهدية العارفين ١ / ٥٢٤ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ١٢٥ ، وطبقات الشافعية لابن كثير ، ورقة ١٧٨ ب ، ١٧٩ أ ، وعلم التّاريخ عند المسلمين ٥٢٤ ، ٥٥١ ، ٦١٠ ، ٦٣١ ، ٦٧٣ ، ٦٩٠ ، ٧١٩ ، ٧٢٣ ، والتاريخ العربيّ والمؤرخون ـ شاكر مصطفى ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٨ ، ومقدمة كتاب الروضتين ١ / ٣ ـ ١٢ ، وعقود الجمان للزركشي ، ورقة ١٠١ ، والإعلان بالتوبيخ ٥٢٤ ، ٥٥١ ، ٦١٠ ، ٦٣١ ، ٦٧٣ ، ٦٩٠ ، ٧١٩ ، ٧٢٣ ، والرسالة المستطرفة ١٣٢ ، ومعجم طبقات الحفّاظ والمفسّرين ١٠٨ رقم ١١٢٣ ، وتاريخ الأزمنة ٢٥٠ ، والمنهل الصافي ٧ / ١٦٤ ـ ١٦٦ رقم ١٣٧٦.

١٩٤

الإمام ، العلّامة ، ذو الفنون ، شهاب الدّين ، أبو القاسم ، المقدسيّ الأصل ، الدّمشقيّ ، الشّافعيّ ، الفقيه ، المقرئ ، النّحويّ ، أبو شامة.

ولد في أحد الرّبيعين سنة تسع وتسعين وخمسمائة بدمشق ، وقرأ القرآن وله دون العشر. وقرأ القراءات ، وأكملها سنة ستّ عشرة على الشّيخ علم الدّين.

وسمع «الصّحيح» من داود بن ملاعب ، وأحمد بن عبد الله العطّار.

وسمع «مسند الشّافعيّ» و «الدّعاء» للمحامليّ ، من الإمام الموفّق بن قدامة.

وسمع بالإسكندريّة : من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى ، وغيره.

وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث ، وسمّع أولاده ، وقرأ بنفسه وكتب الكثير من العلوم ، وأتقن الفقه ، ودرّس وأفتى ، وبرع في فنّ العربيّة.

وصنّف في القراءات شرحا نفيسا للشّاطبيّة ، واختصر «تاريخ دمشق» مرّتين ، الأولى في خمسة عشر مجلّدا كبارا (١) ، والثّانية في خمسة مجلّدات ، وشرح «القصائد النّبويّة» للسّخاويّ في مجلّد.

وله كتاب «الرّوضتين في أخبار الدّولتين النّوريّة والصّلاحيّة» (٢) ، وكتاب «الذّيل» عليهما ، وكتاب «شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى» ، وكتاب «ضوء السّاري إلى معرفة رؤية الباري» ، وكتاب «المحقّق من علم الأصول فيما يتعلّق بأفعال الرّسول» ، وكتاب «البسملة» الأكبر في مجلّد ، وكتاب «الباعث على إنكار البدع والحوادث» ، وكتاب «السّواك» ، وكتاب «كشف مال بني عبيد» ، وكتاب «الأصول من الأصول» ، و «مفردات القرّاء» ، و «مقدّمة نحو».

__________________

(١) قال ابن جماعة : أما الأكبر منها فلم يخلّ من الأصل فيه بمقصود. (١ / ٣٠١).

(٢) نشر بتحقيق الدكتور محمد حلمي محمد أحمد ، طبعة مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ، القاهرة ١٩٥٦.

١٩٥

ونظم «المفصّل» للزّمخشريّ ، و «شيوخ البيهقيّ».

وله تصانيف كثيرة سوى ما ذكرت ، وأكثرها لم يفرغها (١).

وذكر أنّه حصل له الشّيب وهو ابن خمس وعشرين سنة ، وولي مشيخة القراءة بالتّربة الأشرفيّة ، ومشيخة الحديث بالدّار الأشرفيّة.

وكان مع كثرة فضائله متواضعا مطّرحا للتّكلّف ، ربّما ركب الحمار بين الدّوائر.

أخذ عنه القراءات : الشّيخ شهاب الدّين حسين الكفريّ ، والشّيخ أحمد اللّبّان ، وزين الدّين أبو بكر بن يوسف المزّيّ ، وجماعة.

وقرأ عليه «شرح الشّاطبيّة» : الشّيخ برهان الدّين الإسكندرانيّ ، والخطيب شرف الدّين الفزاريّ.

وفي جمادى الآخرة من هذه السّنة جاءه اثنان جبليّة إلى بيته الّذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان ، فدخلوا عليه في صورة صاحب فتيا فضرباه ضربا مبرحا كاد أن يتلف منه ، وراحا ولم يدر بهما أحد ، ولا أغاثه أحد.

قال رحمه‌الله : في سابع جمادى الآخرة جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان ، فألهم الله تعالى الصّبر ولطف.

وقيل لي : اجتمع بولاة الأمر. فقلت : أنا قد فوّضت أمري إلى الله وهو يكفينا.

وقلت في ذلك :

قلت لمن قال : (٢) تشتكي

مما قد جرى فهو عظيم جليل

 __________________

(١) وقال بن شاكر الكتبي : ووقف كتبه بخزانة العادلية الكبيرة ، وشرط فيها شروطا ضيّق فيها فاحترقت بجملتها عند ما احترقت المدرسة العادلية في سنة تسع وتسعين وستمائة ، ولم يبق فيها شيء إلّا ما تخطّفه الناس في تلك السنة. كان شرطه فيها ألّا تخرج من خزائنها ، بل من أراد النفع بها ينتفع بها في حريم الخزانة ، فذهبت جملة كافية. (عيون التواريخ).

(٢) في ذيل المرآة ٢ / ٣٦٨ «ألا» ، ومثله في : عيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٤ ، والمثبت يتفق مع شذرات

١٩٦

يقيّض الله تعالى لنا من يأخذ

الحقّ ويشفي الغليل

إذا توكّلنا على الله كفى (١)

وحسبنا الله ونعم الوكيل

توفّي أبو شامة ، رحمه‌الله ، تاسع عشر رمضان ، ودفن بباب الفراديس.

وكان فوق حاجبه الأيسر شامة كبيرة (٢).

١٦٥ ـ عبد العزيز بن إبراهيم (٣) بن عليّ بن عليّ بن أبي حرب بن مهاجر.

الأجلّ ، تاج الدّين الموصليّ ، المعروف بابن الوالي. وأصلهم أجناد.

ووزر والده شرف الدّين لصاحب إربل مظفّر الدّين. ناب هذا عنه.

وكان ذا مكارم وعفّة ، وحسن سيرة. وآخر ما ولي وزارة الشّام بعد الصّاحب عزّ الدّين ابن وداعة. وقدم وباشر المنصب قليلا ، ومات وقد نيّف على السّتّين (٤).

١٦٦ ـ عبد الغفّار بن عبد الكريم (٥) بن عبد الغفّار.

العلّامة الأوحد ، نجم الدّين القزوينيّ ، الشّافعيّ ، صاحب «الحاوي الصّغير».

__________________

= الذهب.

(١) في ذيل المرآة ٢ / ٣٦٨ «إذا توكلنا عليه كفى» ، ومثله في عيون التواريخ ، والوافي بالوفيات.

(٢) ونقل ابن إياس في «بدائع الزهور ج ١ ق ١ / ٣٣٣» أعجوبة نسبها إلى أبي شامة ، وأنها جرت في سنة سبعين وستمائة! فكيف يصحّ ذلك وقد مات أبو شامة سنة ٦٦٥ ه‍.

(٣) انظر عن (عبد العزيز بن إبراهيم) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٧ ب ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٥ ، وعقود الجمان في شعراء أهل هذا الزمان ، لابن الشعار الموصلي.

(٤) ومولده سنة ٥٩٢ ه‍. ومن شعره :

إذا أمّت الآمال كعبة رفدكم

فلا عجب أن تنتحى بالرغائب

ومن عذبت منه الموارد أجمعت

عليه رجال الوفد من كل جانب

(٥) انظر عن (عبد الغفار بن عبد الكريم) في : طبقات الشافعية الكبرى ٥ / ١١٨ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٧ ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢ / ٤٦٨ رقم ٤٣٧ ، والأعلام ٤ / ١٥٧ ، وكشف الظنون ٦٢٥ ، ١٥٤٣ ، وهدية العارفين ١ / ٥٨٧ ، ومعجم المؤلفين ٥ / ٢٦٧ ، ٢٧٨.

١٩٧

كان أحد الأئمّة الأعلام. ألّف «الحاوي» لولده جلال الدّين محمد.

وأجازت له عفيفة الفارقانيّة من أصبهان.

روى لنا الإمام صدر الدّين ابن حمّويه بإجازته له.

وحدّثني الفقيه شهاب الدّين الواسطيّ بوفاته في ثامن المحرّم.

١٦٧ ـ عبد القادر بن عبد الوهّاب (١).

الخطيب أبو محمد البدريّ ، الصّوفيّ ، الشّافعيّ.

ولد سنة سبع وستّمائة.

وروى عن : جعفر الهمدانيّ.

وولي الخطابة والإمامة بالجامع العتيق بمصر.

ومات ، رحمه‌الله ، في رمضان.

١٦٨ ـ عبد المحسّن بن عليّ (٢) بن أبي الفتوح نصر بن جبريل.

الشّيخ الصّالح ، المسند ، أبو محمد الأنصاريّ ، الخزرجيّ ، المصريّ ، الشّافعيّ ، المعروف بابن الزّهر.

ولد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة تخمينا بمصر.

وسمع من : أبي الفضل الغزنويّ ، وأبي عبد الله الأرتاحيّ ، وأبي الحسن ابن نجا الأنصاريّ ، وفاطمة بنت سعد الخير.

روى عنه : الدّمياطيّ والمصريّون.

ومات في العشرين من رجب.

١٦٩ ـ عبد المحسّن بن يونس (٣).

أبو محمد القضاعيّ ، الخولانيّ ، المصريّ ، المؤدّي ، المعروف بابن سمعون.

شيخ صالح ، معمّر ، عاش تسعين سنة.

__________________

(١) انظر عن (عبد القادر بن عبد الوهاب) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٥ ب.

(٢) انظر عن (عبد المحسن بن علي) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٥ أ.

(٣) انظر عن (عبد المحسن بن يونس) في : المقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٣ ب.

١٩٨

وحدّث عن : أبي محمد عبد الله بن عبد الجبّار العثماني.

وتوفّي في جمادى الآخرة.

١٧٠ ـ عبد الوهّاب بن خلف (١) بن بدر.

العلاميّ ، قاضي القضاة ، تاج الدّين أبو محمد ابن بنت الأعزّ ، الشّافعيّ.

ولد سنة أربع عشرة وستمائة ، وقيل : سنة أربع وستّمائة (٢).

وروى عن : جعفر الهمدانيّ ، وغيره.

قال قطب الدّين (٣) : كان إماما فاضلا ، متبحّرا ، ولي المناصب الجليلة كنظر الدّواوين والوزارة والقضاء. ودرّس بالصّالحيّة ، ودرّس بمدرسة الشّافعيّ بالقرافة. وتقدّم في الدّولة. وكانت له الحرمة الوافرة عند الملك الظّاهر.

وكان ذا ذهن ثاقب وحدس صائب وجدّ وسعد وحزم وعزم ، مع النّزاهة المفرطة ، وحسن الطّويّة والصّلابة في الدّين ، والتّثبّت في الأحكام ، وتولية الأكفاء. لا يراعي أحدا ولا يداهنه. ولا يقبل شهادة مريب.

وكان قويّ النّفس بحيث يترفّع على الصّاحب بهاء الدّين ولا يحفل بأمره. فكان ذلك يعظم على الصّاحب ويقصد نكايته فلا يقدر ، فكان يوهم السّلطان

__________________

(١) انظر عن (عبد الوهاب بن خلف) في : ذيل الروضتين ٢٤٠ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٦٩ ـ ٣٧١ ، وفيه : «عبد الوهاب بن خلف بن محمود» ، والمقتفى للبرزالي ١ / ورقة ٥ أ ، وتالي كتاب وفيات الأعيان ١٢٤ ، ١٢٥ رقم ١٩٤ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٦١ ، ونهاية الأرب ٣٠ / ١٤٠ ـ ١٤٥ ، ودول الإسلام ٢ / ١٧٠ ، والعبر ٥ / ٢٨١ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦١ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٧٨ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٤ ، والبداية والنهاية ١٣ / ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، وعيون التواريخ ٢٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٥٦١ ، وعقد الجمان (١) ١٢ ، ١٣ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٢٢ ، وتاريخ ابن سباط ١ / ٤١٦ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣١٩ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ٢ / ٣٢٥ ، وطبقات الشافعية الكبرى ٥ / ١٣٤ (٨ / ٣١٨ ـ ٣٢٣) ، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ٢ / ٤٦٩ ، ٤٧٠ رقم ٤٣٩ ، وتاريخ الخلفاء ٤٥٣ ، والوافي بالوفيات ١٩ / ٣٠٠ ـ ٣٠٢ رقم ٢٨١ ، وطبقات الشافعية للإسنويّ ٢ / ١٤٧ ـ ١٥٠ ، والدليل الشافي ١ / ٤٣٢ رقم ١٤٩٢ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤١٥.

(٢) وقع في ذيل الروضتين : مولده في سنة أربع وستمائة.

(٣) في ذيل المرآة.

١٩٩

أنّ للقاضي متاجر وأموالا ، وأنّ بعض التّجّار ورد وقام بما عليه ثمّ وجد معه ألف دينار ، فأنكر عليه فقال : هي وديعة للقاضي. فسأل السّلطان القاضي فأنكر لئلّا يحصل غرض الوزير منه ، ولم يصرّح بالإنكار بل قال : النّاس يقصدون التّجوّه بالنّاس وإن كانت فقد خرجت عنها لبيت المال. فأخذت ، وهان ذلك على القاضي مع كثرة شحّه لئلّا يبلغ الوزير مقصوده منه.

وكان الوزير بهاء الدّين يختار أنّ القاضي تاج الدّين [يأتي] إلى داره فتغيّر مزاجه وعاده النّاس فعاده القاضي ، فلمّا دخل على الوزير وثب من الفراش ونزل له من الإيوان ، فلمّا رآه كذلك قال : بلغني أنّك في مرض شديد وأنت قائم. سلام عليكم. ثمّ ردّ ولم يزد على ذلك.

توفّي في السّابع والعشرين من رجب ، وكانت جنازته مشهودة.

* * *

وهو والد القاضي الكبير صدر الدّين عمر قاضي الدّيار المصريّة ، ووالد قاضي القضاة تقيّ الدّين عبد الرحمن الّذي وزر أيضا ، ووالد القاضي العلّامة ، علاء الدّين أحمد الّذي دخل اليمن والشّام.

١٧١ ـ عليّ بن الزّاهد أبي العبّاس (١) أحمد بن عليّ بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون.

الإمام المفتي ، تاج الدّين ابن القسطلّاني ، القيسيّ ، المصريّ ، المالكيّ ، المعدّل (٢).

__________________

(١) انظر عن (علي بن الزاهد أبي العباس) في : معجم شيوخ الدمياطيّ ١ / ورقة ٩١ أ ، وذيل مرآة الزمان ٢ / ٣٧١ ، ٣٧٢ وفيه : «علي بن أحمد بن محمد بن الحسن» ، والمقتفي للبرزالي ١ / ورقة ٦ ب ، ومشيخة قاضي القضاة ابن جماعة ١ / ٤١٧ ـ ٤٣٣ رقم ٤٦ ، والعبر ٥ / ٢٨١ ، وتذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٦١ ، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦١ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٧٨ ، ومرآة الجنان ٤ / ١٦٤ ، وعيون التواريخ ٢٠ / ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، وذيل التقييد ٢ / ١٧٩ رقم ١٣٨٧ ، والعقد الثمين ٦ / ١٣٦ ، والدليل الشافي ١ / ٤٤٧ ، والنجوم الزاهرة ٧ / ٢٢٣ ، وحسن المحاضرة ١ / ٤٥٥ ، وشذرات الذهب ٥ / ٣٢٠ ، وشجرة النور الزكية ١٦٩.

(٢) وقال اليافعي : هذا الملقّب بتاج الدين كما ترى وليس هو قطب الدين بن القسطلاني ، وقد

٢٠٠