الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-200-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٣٨
واقتضاؤه لوجوب تأخير البيان نقوله به. (١)
وفيه نظر ، فإنّا ما منعنا من كونها للتراخي ، بل قلنا إنّها قد ترد بمعنى الواو لما بين الجمع المطلق ، وموصوفا بالتراخي من التلازم ، فجاز أن يكون الجمع هو المراد ، والدليل إنّما يتمّ لو سلم عن جميع الاحتمالات.
ولا يجوز أن يكون المراد في قوله : (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ)(٢)(ثُمَّ آتَيْنا)(٣) التراخي في الحكم ، لأنّه بيّنه تعالى ، فلا يتأخّر عمّا تقدّم خصوصا عندهم ، حيث قالوا بقدم الكلام.
وكما أنّ حمل البيان على الإظهار بالتنزيل ، يستلزم الأمر بالاتّباع قبل نزوله (٤) وهو محال ، كذا حمله على بيان المجمل وغيره يستلزم الأمر بالاتّباع قبل معرفته ، وهو محال ، فلا بدّ من التأويل عندنا وعندكم.
ويمنع صدق اسم القرآن على البعض حقيقة عرفيّة ، ولهذا يقال : كلّ القرآن وبعضه.
والحنث بمسّ البعض ، لأنّه المتعارف في المسّ ، حيث يقال : مسّ الثوب ، وإن لم يمسّ جملته.
وكون إطلاقه على البعض أولى من إطلاق البيان على الإظهار بالتنزيل ، للاستلزام في الأوّل دون الثاني.
__________________
(١) الكلام للرازي في محصوله : ١ / ٤٨١.
(٢) يونس : ٤٦.
(٣) الأنعام : ١٥٤.
(٤) في «ج» : قبل معرفته.
وعن الثاني بوجوه :
الأوّل : لا يجوز التمسّك بهذه الآية ، لأنّ الوقت الّذي أمروا فيه بذبح بقرة كانوا محتاجين إلى ذبحها ، فلو أخّر البيان ، لزم تأخيره عن وقت الحاجة ، وهو باطل إجماعا.
الثاني : المأمور به ليس ذبح بقرة معيّنة ، بل ذبح أيّ بقرة كانت ، لدلالة ظاهر الأمر على التنكير ، وهو يقتضي الخروج عن العهدة بذبح أيّ بقرة اتّفقت ، فلا يكون من صور النزاع.
لا يقال : انّهم سألوا عن تعيينها ، ولو كانت منكّرة لما سألوا عن تعيينها.
لأنّا نقول : ظاهر الأمر يدلّ على التنكير ، لقوله : «بقرة» والتعيين مخالف له ، وليس الحمل على التعيين ضرورة تصحيح سؤالهم ، ومخالفة ظاهر النصّ أولى من العكس ، بل موافقة ظاهر النصّ أولى.
وإذا كان المأمور به ذبح بقرة مطلقة بطل الاستدلال ، والتعيين باعتبار السؤال ، فإنّهم لمّا سألوا تغيّرت المصلحة ، ووجبت عليهم بقرة موصوفة باعتبار سؤالهم ، ولا يحصل الاكتفاء بالصفات الأخيرة ، لإمكان وجوب الصفات الأولى عقيب السؤال الأوّل ، والثانية عقيب الثاني ، وهكذا.
ولا نسلّم عود الكنايات إلى البقرة المذكورة ، لجواز أن تكون كنايات عن القصّة والشأن.
الثالث : سلّمنا أنّ هذه الكنايات تقتضي كون البقرة المأمور بها ، موصوفة ، ولكن هنا ما يدلّ على التنكير ، وهو : أنّ الأمر إنّما هو بذبح بقرة مطلقة ، وهو
يقتضي أن يكون اعتبار الصّفة بعد ذلك تكليفا جديدا.
ولأنّه لو كان المأمور به ذبح بقرة معيّنة لما استحقّوا الذّمّ والتعنيف على السؤال وطلب البيان ، بل كانوا يستحقّون المدح عليه ، فلمّا عنّفهم [الله] بقوله (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(١) علمنا تقصيرهم في الإتيان بما أمروا به أوّلا ، وذلك إنّما يكون لو كان المأمور به ذبح بقرة منكّرة.
ولما روي عن ابن عباس أنّه قال : «لو ذبحوا أيّة بقرة أرادوا لأجزأت ، عنهم لكنّهم شدّدوا على أنفسهم ، فشدّد الله عليهم». (٢)
الرابع : يجوز أن يكون المأمور به ذبح بقرة موصوفة تبيّنت لهم بيانا تامّا ، لكنّهم لم يتبيّنوا لبلادتهم ، فاستكشفوا طلبا لزيادة ، فحكى الله تعالى ذلك.
الخامس : سلّمنا أنّ البيان التامّ لم يتقدّم ، فجاز أن يقال : إنّ موسى عليهالسلام كان قد أشعرهم أنّ البقرة ليست مطلقة بل معيّنة ، فطلبوا البيان التفصيليّ ، فالبيان الإجماليّ كان مقارنا ، والتفصيليّ كان متأخّرا ، وليس تقييد سؤالهم بطلب البيان مع إطلاقه ، بالإجماليّ ، أولى من التفصيليّ.
اعترض (٣) : بأنّ تأخير البيان يلزم لو كان الأمر للفور ، ونحن لا نقول به.
ولا يجوز عود الكنايات إلى ضمير الشأن ، وإلّا لم يبق ما بعده مفيدا ، لعدم الفائدة في قوله : (بَقَرَةٌ صَفْراءُ)(٤) بل لا بدّ من إضمار شيء ، وهو خلاف
__________________
(١) البقرة : ٧١.
(٢) الدر المنثور : ١ / ١٩٠ ؛ وتفسير ابن كثير : ١ / ١٩٢.
(٣) المعترض هو الرازي في محصوله : ١ / ٤٨٣.
(٤) البقرة : ٦٩.
الأصل ، وإذا جعلت الكنايات عائدة إلى المأمور به أوّلا ، لم يلزم هذا المحذور.
ولأنّ عود الضمير إلى الشأن خلاف الأصل ، لأنّ الكنايات يجب عودها إلى شيء جرى ذكره ، والشّأن لم يجر ذكره ، خولف في بعض المواضع للضرورة ، فيبقى ما عداه على الأصل.
ولأنّ من المعلوم أنّ قوله : (ما لَوْنُها)(١) [و](ما هِيَ)(٢) عائد إلى البقرة المأمور بها ، فوجب في قوله : (إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ)(٣) عوده إليها ، وإلّا لما يطابق الجواب والسؤال.
وظاهر الأمر وإن اقتضى الإطلاق ، لكنّ المراد غير ظاهره.
مع أنّه تعالى ما بيّنه.
والتّعنيف لا لأنّهم فرّطوا في أوّل القصّة ، بل لأنّهم كادوا يفرّطون بعد البيان التامّ ، واللّفظ محتمل لكلّ منهما ، فيحمل على الأخير ، وهو أنّهم لمّا وقفوا على تمام البيان توقّفوا عند ذلك.
وقول ابن عباس خبر واحد لا يعارض نصّ الكتاب.
وحصول البيان ، يستلزم أنّهم تنبّهوا ، لأنّهم كانوا يلتمسون البيان ، ولو كان البيان حاصلا لما التمسوا ، بل كانوا يطلبون التفهيم.
ولأنّ فقد التبيّن عند حضور هذا البيان متعذّر هاهنا ، لأنّ ذلك البيان ليس
__________________
(١) البقرة : ٦٩.
(٢) البقرة : ٧٠.
(٣) البقرة : ٦٩.
إلّا وصف تلك البقرة ، والعارف باللّغة إذا سمع تلك الأوصاف استحال أن لا يعرفها.
ولو كانوا يطلبون البيان التفصيلي ، لذكره الله تعالى إزالة للتهمة. (١)
وفيه نظر ، فإنّ الفور وإن لم يكن الأمر موضوعا له ، لكنّه كما يصدق مع التراخي يصدق معه ، ويجوز للمكلّف الإتيان به على الفور ، بل هو أولى ، وهذا هو وقت الحاجة إلى البيان ، كما في التراخي.
ومخالفة الأصل يجوز مراعاة لحفظ أصل آخر ، وهو الإطلاق في النكرة ، وأنّ المأمور به مبيّن لا مجمل.
وقول ابن عباس تفسير لما دلّ اللّفظ عليه ، لا (٢) أنّه معارض له.
ويمنع أنّهم طلبوا البيان بل التّفهم ، ولا شكّ في أنّهم طلبوا البيان التفصيليّ ، لأنّ الإجماليّ حصل بالجواب عن السؤال الأوّل.
وعن الثالث : بأنّ لفظة «ما» لمن لا يعقل ، فلا يدخل المسيح ولا الملائكة.
ولأنّ قوله (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ)(٣) خطاب مع العرب ، وهم ما كانوا يعبدون المسيح والملائكة بل الأوثان.
ولأنّ العقل هنا مخصّص للعموم ، فإنّه دلّ على خروج الملائكة
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٨٤ ـ ٤٨٥.
(٢) في «أ» : إلّا.
(٣) الأنبياء : ٩٨.
والمسيح ، إذ لا يجوز تعذيبهم بذنب الغير ، وهذا الدليل كان حاضرا في عقولهم ، فلا يكون من هذا الباب.
ولأنّ المسألة علميّة ، وهذا خبر واحد ، فلا يجوز إثباته به.
ولأنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما سكت انتظارا للوحي ليتأكّد البيان العقليّ بالنقليّ.
لا يقال : لفظة «ما» يتناول أولي العلم ، لقوله تعالى : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)(١).
(وَالسَّماءِ وَما بَناها)(٢).
(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ)(٣).
ولأنّ «ما» بمعنى الّذي ، ويصحّ إطلاقها على من يعقل إجماعا ، لقولنا (٤) : الّذي جاء زيد ، فكذا ما هو بمعناه.
ولصحّة قوله : «ما في داري من العبيد أحرار».
ولأنّ ابن الزّبعرى (٥) كان من الفصحاء ، وقد فهم تناول «ما» لمن يعقل ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينكر عليه.
ولأنّها لو اختصّت بغير من يعلم ، لما احتيج إلى قوله (مِنْ دُونِ
__________________
(١) الليل : ٣.
(٢) الشمس : ٥.
(٣) الكافرون : ٣.
(٤) في بعض النسخ : كقولنا.
(٥) تقدّمت ترجمته ص ١٥٣.
اللهِ) وحيث كانت بعمومها متناولة لله تعالى احتاج إلى التقييد بقوله : (مِنْ دُونِ اللهِ).
لأنّا نقول : الإطلاقات تعطي جواز إطلاق «ما» على من يعقل ، ولا يلزم من ذلك أن تكون ظاهرة فيه ، بل هي ظاهرة فيمن لا يعقل ، ويدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لابن الزّبعرى ردّا عليه : «ما أجهلك بلغة قومك ، أما علمت أنّ «ما» لما لا يعقل ، و «من» لمن يعقل» (١) والجمع بين الأمرين والتوفيق بين الأدلّة أولى من تعطيل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والعمل بما ذكروه.
وإذ كانت «ما» ظاهرة فيمن لا يعقل دون من يعقل ، وجب تنزيلها على ما هي ظاهرة فيه.
وقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أولى بالاتّباع مما توهّمه ابن الزبعرى.
وفائدة قوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) التأكيد ، وحمل الكلام على التأسيس وإن كان أولى ، لأنّه الأصل ، غير أنّه يلزم من حمله على فائدة التأسيس مخالفة ظاهر قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والجمع أولى.
ونزول (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى)(٢) للتأكيد بضمّ [الدليل] الشرعيّ إلى العقليّ.
واعترض (٣) : بأنّه قد كان في العرب من يعبد الملائكة والمسيح.
__________________
(١) لم نعثر عليه في تفسير الآية في كتب التفاسير ، وانّما نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٦.
(٢) الأنبياء : ١٠١.
(٣) المعترض هو الرّازي في محصوله : ١ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.
ولأنّه لو كان خطابا مع عبدة الأوثان لا غير ، لما جاز توقّفه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تخطئة السائل.
وتعذيب كلّ أحد بجرم الغير وإن كان قبيحا ، لكن يصحّ دخول الشبهة في أنّ أولئك المعبودين هل كانوا راضين بذلك أم لا؟ فصحّ السؤال.
ولا نسلّم أنّ هذه الرّواية من باب الآحاد ، فإنّ المفسّرين اتّفقوا على ذكرها في سبب نزولها ، فكان إجماعا.
ولأنّ التمسّك بالأدلّة اللّفظيّة لا يفيد إلّا الظنّ.
وفيه نظر ، فإنّا بعد التسليم بوجود من يعبد الملائكة والمسيح نمنع تناول الآية لهم للدّليل العقلي المخرج لهم عن الدخول ، ونمنع توقّفه عن التخطئة ، وقد تقدّم ، ولا يدخل الشبهة في رضا المعبودين من الملائكة والمسيح ، خصوصا في السائل ، ونمنع الإجماع ، والدّليل اللّفظيّ قد يفيد اليقين.
وعن الرابع : نمنع أنّ المراد من التفصيل بيان المراد من المجمل والظاهر المستعمل في غير ما هو ظاهر فيه ، بل المراد : أحكمت في اللوح المحفوظ ، وفصّلت في الإنزال.
وعن الخامس : أنّ ظاهره المنع من تعجيل نفس القرآن ، لا بيان ما هو المراد منه ، لما فيه من الإضمار المخالف للأصل ، وإنّما منعه من تعجيل القرآن ، أي من تعجيل أدائه عقيب سماعه ، حتّى لا يختلط عليه السّماع بالأداء ، فإنّه لو أراد به البيان ، لما منعه بالنّهي ، للاتّفاق على أنّ تعجيل البيان بعد الأداء غير منهيّ عنه. (١)
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٤.
أقول : ويحتمل أن يكون المراد : «ولا تعجيل بطلب القرآن في تعريف الأحكام من قبل أن يقضى إليك وحيه» لدلالة قوله : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)(١) عليه.
وعن السادس : بالمنع من تأخير البيان في هذه الآية ، بل هو مقرن بها ، لأنّ الملائكة علّلوا الهلاك بأنّ أهلها كانوا ظالمين ، وذلك لا يدخل فيه إلّا من كان ظالما ، ولم يتخلّل بين قول الملائكة غير سؤال إبراهيم ، وهو قوله : (إِنَّ فِيها لُوطاً)(٢) وذلك لا يعدّ تأخيرا للبيان بجريان مثل ذلك بسبب انقطاع نفس أو سعال.
ومبادرة إبراهيم عليهالسلام إلى السؤال ، ومنعهم من اقتران البيان بالمبيّن نازل منزلة انقطاع النفس والسّعال ، حتّى أنّه لو لم يبادر بالسّؤال ، لبادروا بالبيان.
وعن السابع : أنّه لا يلزم من عدم علم معاذ وعدم سماعه ومعرفته بالوقص ، عدم اقتران البيان بالمبيّن خصوصا ، والأصل عدم وجوب الزكاة في الأوقاص ، وغيرها ، فإذا أوجب الشارع الزكاة في غيرها ، بقيت هي على حكم الأصل ، وهذا صالح للبيان والتخصيص.
وعن الثامن : وهو دليل القاضي أبي بكر (٣) ، أنّه معارض بمثله ، وهو أنّه لو كان جائزا ، فإمّا أن يعرف بالضرورة أو النّظر ، وكلّ منهما منتف ، فلا جواز ، وليس أحدهما أولى من الآخر. (٤)
__________________
(١) طه : ١١٤.
(٢) العنكبوت : ٣٢.
(٣) نقله الغزّالي في المستصفى : ٢ / ٤١.
(٤) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٧.
وفيه نظر ، لقضاء العقل بالجواز ، لأنّه الأصل ، بخلاف الامتناع ، فكان الحكم بالجواز أولى.
واعترضه الغزّالي : بأنّه لا يورث العلم ببطلان الإحالة ، ولا بثبوت الجواز ، إذ يمكن أن يكون وراء ما ذكره وفصّله دليل على الإحالة لم يخطر لهؤلاء (١) ، ويمكن أن لا يكون دليل لا على الإحالة ، ولا على الجواز ، فعدم العلم بدليل الجواز لا يثبت الإحالة ، فكذا عدم العلم بدليل الإحالة لا يثبت الجواز ، بل عدم العلم بدليل الإحالة لا يكون علما بعدم الإحالة ، فلعلّ عليه دليلا لم يعلمه أحد. (٢)
وعن التاسع : بالفرق بين فقد التّبيّن مع وجود البيان ، وتأخير البيان ، في أنّ الثاني قبيح دون الأوّل ، لأنّ القبح في تأخير البيان منسوب إلى المخاطب ، وفي فقد التبيين منسوب إلى تقصير المكلّف ، وسقوط التكليف عن الميّت إنّما هو لعدم تمكّنه المشروط في التكليف ، وذلك لا يفترق بأن يكون قد مات بفعله أو بفعل غيره.
على أنّ ذلك ينتقض بدنوّ حال الفعل ، لأنّه لا يجوز أن لا يبيّن له ، وإن كان لو بيّن له ، فلم يتبيّن ، لم يوجب ذلك قبح التكليف ولا قبح البيان.
وعن العاشر : بأنّ المتأخّر هو البيان التفصيليّ لا الإجماليّ ، فيمكن أن يكون الاجماليّ متقدّما بل والتفصيليّ أيضا.
__________________
(١) في المصدر : «لم يخطر له».
(٢) المستصفى : ٢ / ٤١.
اعترض (١) : بأنّه لو كان لنقل ، مع أنّ الأصل عدمه.
وفيه نظر ، للاستغناء بنقل التفصيليّ عنه.
وعن الحادي عشر : بأنّه خبر واحد ، فلا يصحّ التعليق به هنا.
ولأنّ الأمر مطلق فإن اقتضى الفور لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وإن كان للتراخي ، فلا شكّ في إفادته جواز الفعل في الزمن الثاني من [وقت] الأمر ، فتأخير البيان عنه تأخير عن وقت الحاجة أيضا ، وهو ممتنع بالإجماع ، فإنّه لا فرق في وجوب البيان بين ما وجب فعله على الفور أو التراخي ، فلا بدّ لنا ولهم من ترك الظاهر. (٢)
اعترض (٣) : بأنّ الأمر ليس للفور ، وجواز الفعل في الزّمان الثاني من وقت الأمر ، إنّما يكون إذا كان المأمور به مبيّنا ، أمّا إذا لم يكن فلا ، ونمنع كون الحاجة داعية إلى معرفته مع قطع النّظر عن وجوبه وعدم المؤاخذة بتركه ، بدليل ما قبل الأمر.
وفيه نظر ، لأنّ جواز الفعل في الزمن الثاني معلوم من الأمر ، وإلّا لم يكن الزّمن الثاني وقتا له ، وهو خلاف الإجماع ، فإنّ القائل بالفور أوجب فعله في الزّمن الثاني ، ومن جعله للتراخي جوّزه ، فلو أخّر البيان لزم تأخيره عن وقت الحاجة ، والحاجة ظاهرة ، لأنّ المسارعة مستحبّة ، وفرق بين ما بعد الأمر وما قبله.
__________________
(١) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٨.
(٢) الاستدلال لأبي الحسين البصري في المعتمد : ١ / ٣٢٧.
(٣) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٩.
وعن الثاني عشر : بجواز تقدّم الإجماليّ على التفصيليّ ، وظاهر وجوب مقارنة الإجماليّ للخطاب لأنّه إمّا للفور أو التراخي ، وتمام البحث ما تقدّم.
على أنّا نقول : لو لم يعرّفنا صلىاللهعليهوآلهوسلم عند النقل للصلاة عن المعنى اللّغوي إلى غيره ، لكان السامع يحمله على المعنى اللّغويّ ، لكنّه قد نقل أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل عن الصلاة لمّا أمر بها. (١)
أو نقول : إنّه قد كان بيّنها بالقول ، وأخّر البيان بالفعل إلى وقتها ، ليتأكّد البيان.
والحجّ بيّنه بالقول قبل الفعل ، ولهذا فإنّ النّاس حجّوا قبل حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعن الثالث عشر : بأنّا نوجب اقتران البيان الإجماليّ بالمنسوخ والمخصوص معا.
وعلى رأي الفارقين [نجيب ب] ما ذكره القاضي عبد الجبار ، وهو أنّ التردّد في الإيجاب بعد الزمن الثاني في المنسوخ ، لا يقتضي عدم التكليف في الأوّل ، فيستفاد منه الوجوب في الزّمن الأوّل ، بخلاف المخصوص ، فافترقا.
وعن الرابع عشر : بالمنع من حصر وجوب البيان في تمكّن المكلّف من الفعل ، نعم كما أنّه علّة فيه ، كذا خروج الخطاب من كونه عبثا أو إغراء بالجهل
__________________
(١) وسؤال السائل مشعر بالنقل.
علّة أيضا ، (١) ولهذا فإنّه لو لم يفتقر إلى البيان إلّا للتمكّن من الأداء ، لجاز أن يخاطبنا الله تعالى بما لا نفهم به شيئا البتّة ، كخطاب الزّنج ، والخصم يمنع منه ، ويقول : لا بدّ من أن يعرف السامع بالخطاب شيئا ما.
لا يقال : لا يلزم من تأخير البيان كون الخطاب عبثا وإن لم يفهم به المراد في الحال ، فإنّه يفيد العزم والاعتقاد.
لأنّا نقول : إنّما يجب العزم والاعتقاد لو علم أنّ الخطاب أمر ، ومن جوّز تأخير بيان العموم وكلّ ما له ظاهر ، لا يأمن أن تكون صيغة الأمر لم تستعمل في الأمر ، وأنّه يبيّن له ذلك فيما بعد.
وعن الخامس عشر : بجواز عدم تأخير البيان لكن عمر لم يتبيّن ، ويدلّ عليه كلامه ، ولا بدّ للمستدلّ من أن يقول به : لأنّ الحاجة قد حضرت.
وعن السادس عشر : أنّ بيان القرآن منه ما لا يجوز نقله إلّا متواترا ، وهو ما تعبّدنا فيه بالعلم دون الظنّ ، وليس يمتنع أن يتواتر ذلك في حال تواتر نقل القرآن ، وإن كان نقل القرآن أشدّ استفاضة.
ومنه ما يجوز نقل بيانه بالآحاد وهو المظنون من الأحكام ، ولا يجب أن يستفيض ذلك ، فيقال : إنّه إنّما يستفيض في مدّة فيتأخّر عنها البيان.
وعن السابع عشر : انّ بعض مانعي تأخير البيان جوّز أن لا يسمع المكلّف الخبر الخاصّ ، ويقول : يلزمه البحث والطلب إذا خوّفه الخاطر ، فيجوز أن يكون
__________________
(١) توضيحه : أنّ لوجوب البيان عند الخطاب علّتين : إحداهما تمكّن المكلّف من الفعل والأداء ، وثانيهما : خروج الخطاب عن كونه عبثا ، فلا يجوز أن يقتصر بالأولى.
في الأدلّة ما يخصّص العموم ، فلا يرد السؤال عليه.
وعن الثامن عشر : أنّ قول الملك لوزيره والسيّد لعبده : «غدا آمرك بشيء» ليس فيه أمر في الحال ، بل إعلام بورود أمر مجمل ، وتأخيره جائز عندنا.
واحتجّ المانعون من تأخير بيان المجمل بعدم الفرق بين الخطاب بالمجمل الّذي لا يعرف مدلوله من غير بيان ، وبين الخطاب بلغة يضعها المخاطب مع نفسه من غير بيان ، وكما يصحّ الثاني ، فكذا الأوّل.
ولأنّ المقصود من الخطاب إنّما هو التفاهم ، والمجمل الّذي لا يعرف مدلوله من غير بيان له في الحال لا يحصل منه التفاهم ، فلا يكون مفيدا ، فلا تحسن المخاطبة به ، لكونه لغوا ، وهو قبيح من الشارع ، كما لو خاطب بكلمات مهملة لم توضع في لغة من اللّغات لمعنى على ان يبيّن المراد منها بعد ذلك.
والجواب : المجمل يعرف منه التكليف بأحد مدلولاته ، فيحصل بالخطاب به فائدة الثواب والعقاب بالعزم على الفعل والترك ، بخلاف الخطاب بما لا يفهم منه شيء البتة.
والخطاب بالمجمل خطاب بما لا يحتاج إلى بيان من وجه ، وهو إرادة أحدهما لا بعينه ، فإن أراد المتكلّم بالقرء شيئا سوى الطّهر والحيض ، فقد أراد به غير ظاهره ، فحينئذ يجب بيانه إمّا مجملا أو مفصّلا على ما تقدّم. (١)
وفيه نظر ، فإنّ النزاع فيما لو كانت صيغة الأمر مشتركة ، كما في صيغة المأمور.
__________________
(١) لاحظ الإحكام للآمدي : ٣ / ٣٢ ؛ والمعتمد : ١ / ٣٢٠.
احتجّوا أيضا ، بأنّه تعالى إن أراد التخيير في الأمر بالاعتداد بالقرءين أيّهما شاءت أو واحدا بعينه ، فقد أراد ما لا سبيل للمجتهد إلى فهمه ، فإنّ اللّفظ لا ينبئ عن التخيير عندكم ، ولا عن واحد بعينه ، فوجبت مقارنة البيان.
ولأنّه لو حسن الخطاب بالمجمل ، تحسن مخاطبة الزّنجيّ بالعربيّة ، والجامع جهل السّامع بمراد المتكلّم.
والجواب عن الأوّل : أنّه أراد واحدا بعينه ، ولم يرد من المجتهد فهمه في الحال ، لعدم نصب دليل عليه ، بل دلّهم على الجملة ، وأراد منهم فهمها ، كما لو قال : «اعتدّي بواحد من أحد شيئين بعينه ، وسأبيّنه لك» و «اضرب رجلا معيّنا سأبيّنه لك» وبالجملة كما يتعلّق الغرض بالبيان التفصيليّ كذا يتعلّق بالإجماليّ.
وعن الثاني : بالفرق ، فإنّ السامع للمشترك يفهم أنّ المراد أحد معنييه لا بعينه ، وهو التردّد الّذي اقتضاه اللفظ والحصر في معانيه ، بخلاف مخاطبة الزنجيّ بالعربيّة ، لأنّه لا يفهم شيئا إجمالا ولا تفصيلا ، فقبح خطابه من غير بيان ، بخلاف المشترك.
لا يقال : لو كان في كلام الزّنج ما هو مشترك بين الأمر والنهي وجميع أقسام الكلام ، يحسن أن يخاطب العربيّ ، لأنّه يعتقد أنّه أراد واحدا من ذلك.
لأنّا نقول : كما يجوز أن يكون في كلام الزّنج ما هو مشترك بين ذلك ، فإنّه يجوز خلافه ، فلا يعتقد السامع في ذلك الكلام ما يفيده من التردّد بين هذه الأقسام ، ولو اعتقد ذلك لاعتقده بغير الكلام ، إمّا لاعتقاده حكمة المتكلّم ، أو لظنّه حكمته ، وأنّ الحكيم لا بدّ أن يريد بخطابه شيئا ما.
المبحث السابع : في جواز تأخير التبليغ
اختلف المانعون من جواز تأخير بيان المراد من الخطاب عن وقت الخطاب ، فقال أكثرهم : يجوز تأخير تبليغ ما يوحى إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الأحكام والعبادات إلى وقت الحاجة ومنع منه آخرون.
لنا : أنّ التبليغ تابع للمصلحة ، وجاز أن يكون في تقديمه مفسدة ، فيجب تأخيره إلى وقت الحاجة.
ولأنّه لو امتنع تأخيره فإمّا لذاته ، وهو محال ، إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال وإمّا لغيره ، والأصل عدمه.
ولأنّه في الشاهد قد يقبح تقديم الإعلام على حضور وقت العمل ، وقد يقبح ترك التقديم ، وقد يكون بحيث يجوز الأمران ، وإذا كان كذلك ، لم يمتنع أن يعلم الله تعالى اختلاف مصلحة المكلّفين في تقديم الإعلام وفي تركه ، فلا يكون التقديم واجبا على الإطلاق.
ولأنّه لو وجب التقديم لكان إمّا عقليّا أو نقليّا والقسمان باطلان.
أمّا الأوّل : فلأنّه لو كان كذلك ، لكان له وجه وجوب يرجع إلى التّكليف ، إمّا لأنّه تمكين ، أو لأنّه لطف ، فإن كان تمكينا ، فإمّا من الفعل ، أو من فهم المراد من الخطاب ، ومعلوم أنّه لم يتقدّم خطاب مجمل يكون هذا بيانه ، ولا يقف إمكان فعل العبادة على تقديم أدائها على الوقت الّذي إذا بلغت العبادة فيه ، أمكن المكلّف أن يستدلّ بالخطاب على وجوبها ، فيفعلها في وقتها.
فأمّا اللّطف ، فليس في العقل طريق إليه ، كما أنّه ليس في العقل طريق إلى كون تقديم تعريف الله تعالى بالعبادة الّتي يريد أن يعبّدنا بها بعد سنة لطفا ، ولهذا لم يعرّف الله سبحانه على لسان نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع ما يريد أن يتعبّدنا به في حالة واحدة.
وأمّا الثاني : فلعدم دليل سمعيّ يدلّ عليه.
احتجّ الآخرون بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)(١) والأمر للفور.
والجواب : المنع من كونه للفور.
سلّمنا ، لكن ليس المراد تبليغ الأحكام الّتي وقع النزاع فيها ، وإنّما المراد القرآن ، لأنّه المفهوم من المنزل. قاله قاضي القضاة ، وأجاب قاضي القضاة أيضا : بأنّ هذا الأمر إنّما يفيد وجوب تبليغه على الحدّ الّذي أمر أن يبلّغ عليه ، من تقديم أو تأخير.
اعترضه أبو الحسين : بأنّ الوجه الّذي أمر أن يبلّغ عليه ، هو التعجيل ، بدلالة هذا الأمر (٢).
وفيه نظر ، لأنّ الوجه إنّما يكون هو التعجيل لو كان هذا الأمر للفور.
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٥.
المبحث الثامن : في ذكر من يجب له البيان
اعلم أنّه لا يجب في أحكام الله تعالى عمومها ، بل فيها ما هو عامّ ، وفيها ما هو خاصّ ، والخطاب المحتاج إلى البيان إذا لم يتناول حكما عامّا بل اختصّ ببعض المكلّفين لم يجب على غيرهم فهمه ، وقد يجب بكلّ من أراد الله تعالى إفهامه ، وجب أن يبيّن له ، ومن لا ، فلا.
أمّا الأوّل : فلقبح تكليف ما لا يطاق.
وأمّا الثاني : فلأنّه لا تعلّق له بالخطاب ، فلا وجه لوجوب بيانه.
والّذين أراد الله فهم خطابه منهم ضربان : منهم من أراد منه فعل ما تضمّنه الخطاب ، إن كان ما تضمّنه الخطاب فعلا.
ومنهم من لم يرد.
والأوّل : هم العلماء ، وقد أراد الله تعالى منهم فهم مراده من آية الصلاة وأن يفعلوها.
والثاني : هم العلماء في أحكام الحيض ، فإنّه قد أريد منهم فهم الخطاب ، ولم يرد منهم فعل ما تضمّنه الخطاب.
والّذين لم يرد الله تعالى منهم فهم مراده ولم يوجب ذلك عليهم ضربان : منهم من لم يرد منهم فعل ما تضمّنه الخطاب ، وهم أمّتنا مع الكتب السالفة ، فإنّه تعالى لم يرد منا فهمها ولا فعل ما تضمّنه الخطاب فيها.
ومنهم من أراد منهم الفعل ، وهم النّساء في أحكام الحيض ، لأنّه تعالى
أراد منهنّ التزام أحكام الحيض بشرط الاستفتاء ، ولم يوجب عليهنّ فهم مراده بالخطاب ، فإنّه لم يوجب عليهنّ سماع أخبار الحيض ، ولا البحث عن رواتها ، ولا عن بيان مجملها ، وتخصيص عامّها ، والترجيح بين متعارضاتها.
المبحث التاسع : في جواز تأخير إسماع المخصّص
اعلم أنّ العامّ قد يخصّص بدليل سمعيّ ، كما قد يخصّص بدليل عقليّ على ما سلف بيانه.
والعقليّ قد يكون ضروريّا ، وقد يكون نظريّا فيحتاج في حصوله إلى طلب واستدلال ، إذا ثبت هذا فنقول : اختلف النّاس في أنّه هل يجوز من الحكيم أن يسمع المكلّف العامّ من غير أن يسمعه المخصّص السمعيّ أم لا؟ فمنع منه أبو الهذيل العلّاف (١) وأبو علي الجبائيّ ، وأجازا أن يسمعه العامّ المخصوص بأدلّة العقل ، وإن لم يعلم السّامع أنّ في العقل ما يدلّ على تخصيصه.
وجوّزه النّظّام (٢) وأبو هاشم ، وأبو الحسين البصري (٣) وهو الحقّ.
لنا وجوه :
الأوّل : الوقوع ، فإنّ كثيرا من الصحابة سمعوا قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا
__________________
(١) هو محمّد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العبدي ، مولى عبد القيس ، المعروف بالعلّاف ، من شيوخ المعتزلة ، كفّ بصره في آخر عمره توفّي سنة ٢٣٥ ه. لاحظ الاعلام للزركلي : ٧ / ١٣١.
(٢) تقدمت ترجمته ص ٩٧.
(٣) المعتمد : ١ / ٣٣١.
الْمُشْرِكِينَ)(١) ولم يسمعوا [قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم :] «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» (٢) إلّا بعد حين.
الثاني : يجوز الخطاب بالعامّ المخصوص بالعقل ، من غير أن يخطر بباله ذلك المخصوص إجماعا ، فجاز الخطاب بالعامّ المخصوص بالسمع من غير أن يسمعه ذلك المخصّص بجامع يمكّنه في الصّورتين من معرفة المراد.
الثالث : إنّا نجد من أنفسنا سماع كثير من العمومات المخصوصة قبل سماع مخصّصاتها ، وانكاره مكابرة.
الرابع : قد بيّنّا جواز تأخير المخصّص عن الخطاب إذا كان سمعيّا ، مع أنّ عدم سماعه لعدمه في نفسه ، أتمّ من عدم سماعه مع وجوده في نفسه ، فإذا جاز تأخير المخصّص ، فجواز تأخير إسماعه مع وجوده أولى.
الخامس : العامّ المخصوص يمكّن المكلّف من اعتقاد تخصيصه إذا سمع بالدليل المخصّص ، كما يمكّنه ذلك ، (٣) إذا لم يسمع به ، فجاز إسماعه العامّ ، وإن تكلّف اعتقاد تخصيصه في الحالين ، لأنّه فيهما متمكّن ممّا كلّف به.
لا يقال : نمنع تمكّنه من اعتقاد المخصّص إذا لم يسمع المخصّص.
لأنّا نقول : التمكّن ظاهر ، فإنّه تعالى قادر على أن يخطر بباله جواز كون المخصّص في الشرع ، ويشعره بذلك ، فيجوّزه ، وإذا جوّزه ، وجب عليه طلبه كما
__________________
(١) التوبة : ٥.
(٢) تقدم تخريج الحديث في الجزء الأوّل : ٤١٧.
(٣) أي كما يمكّن المكلّف ذلك العامّ المخصوص.