الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-200-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٦٣٨
المبحث التاسع : في باقي أمور ظنّ أنّها مجملة
وهي ستة :
الأوّل : إذا ورد لفظ من الشارع يمكن حمله على ما يفيد معنيي ، وحمله على ما يفيد معنى واحدا ، قال الغزّالي وجماعة إنّه مجمل ، لوروده بين هذين الاحتمالين من غير ترجيح. (١)
وقال الأكثر : إنّه ليس مجملا بل هو ظاهر فيما يفيد معنيين ، لأنّ الكلام إنّما وضع للإفادة ، خصوصا كلام الشّارع وظاهر أنّ ما يفيد معنيي أكثر في الفائدة ، فيجب اعتقاد ظهور اللّفظ فيه ، كما لو دار بين ما يفيد وما لا يفيد ، فإنّه يتعيّن حمله على المفيد ، لأنّ المعنى الثاني ممّا يقصر اللّفظ عن إفادته إذا حمل على الوجه الآخر ، فحمله على الوجه المفيد بالإضافة إليه أولى.
لا يقال : هذا الترجيح معارض بترجيح آخر ، وهو أنّ الغالب من الألفاظ الواردة إنّما هي الألفاظ المفيدة لمعنى واحد ، بخلاف المفيدة لمعنيين ، وعند ذلك فاعتقاد إدراج ما نحن فيه تحت الأعمّ الأغلب أولى.
لأنّا نقول : يجب اعتقاد الترجيح فيما ذكرناه ، لأنّ القول بالتّساوي يستلزم تعطيل دلالة اللفظ وامتناع العمل به مطلقا ، إلى أن يقوم دليل خارجيّ ، وهو على خلاف الأصل ، فلا بدّ من الترجيح ، فإمّا أن يكون الرّاجح ما يفيد معنى واحدا ، وهو باطل لعدم القائل به ، أو الآخر وهو المراد.
__________________
(١) المستصفى : ٢ / ٣٣.
واعترض (١) : بأنّ فيه إثبات اللغة بالترجيح.
وليس بجيّد ، بل هو إثبات أولويّة الحمل على أحد معنيين المشترك.
وفرّق الغزّالي بين المهمل وبين ما يفيد معنى واحدا ، بقبح الأوّل للعبث بخلاف الثّاني ، وحمل كلامه على ما يفيد معنى واحدا أكثر. (٢)
الثاني : إذا أمكن حمل اللّفظ على حكم شرعيّ مجدّد وحمله على الموضوع اللّغوي ، أو التقرير على الحكم الأصليّ أو العقليّ.
قال الغزّالي : إنّه مجمل لتردّده بين الجميع ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الاثنان فما فوقهما جماعة» (٣) فإنّه يحتمل أن يكون المراد به أنّه يسمّى جماعة حقيقة ، وأن يكون المراد به انعقاد الجماعة ، أو حصول فضيلتها.
وكقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الطواف بالبيت صلاة» (٤) يحتمل أن يكون المراد به الافتقار إلى الطهارة أي هي كالصلاة حكما ويحتمل أنّ فيه دعاء كما في الصلاة ، ويحتمل أن يسمّى صلاة شرعا ، وإن كان لا يسمّى في اللّغة صلاة ، لتطرّق الاحتمال بالنسبة إلى كلّ محمل من هذه المحامل.
ولم يثبت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينطق بالحكم العقلي ولا الأصلي ولا الاسم اللّغوي ، بل قد تكلّم بالجميع.
__________________
(١) المعترض هو ابن الحاجب ، لاحظ رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب : ٣ / ٤٠٢ ، قسم المتن.
(٢) المستصفى : ٢ / ٣٣.
(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٨٠ ، الباب ٤ من أبواب صلاة الجماعة ، الحديث ٦ ؛ كنز العمال : ٧ / ٥٥٥ برقم ٢٠٢٢٤.
(٤) سنن الدارمي : ٢ / ٤٤ ؛ كنز العمال : ٥ / ٤٩ برقم ١٢٠٠٢.
وذهب الأكثر إلى أنّه ظاهر في الحكم الشرعي ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما بعث ليعرّف الأحكام الّتي لا تعرف إلّا من جهته ، فوجب حمل لفظه عليه ، لما فيه من مواقعة مقصود البعثة.
وهذا هو الحقّ ، لأنّ الواضع إنّما قصد بوضعه حمل اللّفظ إذا سمع منه أو ممّن يتحدّث ، على لغته على ما وضعه له ، والتقدير أنّ اللّفظ هنا له عرف شرعيّ ، فيجب حمل كلامه عليه ، تحصيلا لغرضه من الوضع ، كما يحمل اللّفظ العرفي على المتعارف ، لا على الوضع اللّغويّ.
لا يقال : حمل اللّفظ على الحكم الشرعيّ مخالف للنفي الأصليّ ، بخلاف الحمل على الموضوع الأصليّ.
لأنّا نقول : حمله على اللّغوي يفيد التأكيد بتعريف ما هو معروف لنا ، وحمله على الحكم الشرعيّ يفيد التأسيس ، ويفيد ما ليس معروفا لنا ، ولا شكّ أنّ التأسيس أولى.
الثالث : إذا ورد لفظ وضعه أهل اللّغة في معنى ، والشارع في آخر ، قال القاضي أبو بكر (١) تفريعا على القول بالأسماء الشرعيّة ، لأنّه ينكرها : إنّه مجمل.
وقال الغزّالي (٢) : إن ورد في الإثبات حمل على الشرعيّ ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعائشة : «أعندك شيء؟ فقالت : لا ، فقال : إنّي إذن أصوم» (٣) إن حمل على
__________________
(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٣ / ١٦ ؛ والغزّالي في المستصفى : ٢ / ٣٤.
(٢) المستصفى : ٢ / ٣٥.
(٣) سنن البيهقي : ٤ / ٢٠٣ و ٢٧٥.
[الصّوم] الشرعيّ دلّ على صحّة الصّوم بنيّة من النهار ، بخلاف حمله على الصوم اللّغويّ.
لكنّ الأوّل أظهر ، لأنّ المتكلّم إنّما يحمل كلامه على مصطلحه.
وإن ورد في طرف النّهي (١). كنهيه عن صوم يوم النحر فهو مجمل. (٢)
وقال قوم : إنّه في النّهي محمول على اللّغوي ، وفي الإثبات مجمل.
وقال الباقون : إنّه محمول على الشرعي مطلقا.
وهو الحقّ ، لنا : ما تقدّم من أنّ الأصل استعمال الواضع لفظه فيما وضع له عند إطلاقه.
احتجّ القاضي : بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحاور العرب بلغتهم تارة ، وبلغته أخرى ، فثبت الإجمال (٣).
وهو ممنوع ، لغلبة استعماله فيما وضعه له ، هو فيحمل المطلق على الغالب ، لظهوره.
احتجّ الغزّالي بما قلناه في طرف الإثبات ، وأمّا النّفي كنهيه عن بيع الخمر ، والحرّ ، وحبل الحبلة ، والملاقيح والمضامين ، (٤) فإنّه يحمل على اللّغوي ، لاستحالة وقوع الشرعي فيه ، وإلّا لزم أن يكون متصوّرا ، لاستحالة النهي عما لا
__________________
(١) في «ب» و «ج» : النّفي.
(٢) في «أ» و «ب» : عن صوم يوم النحر حمل على مفهومه الشرعي.
(٣) نقله الغزّالي في المستصفى : ٢ / ٣٤.
(٤) مرّ تفسير هذه الكلمات في ص ١٠١.
تصوّر له ، وهو خلاف الإجماع ، وأن يكون الشارع قد نهى عن التصرّف الشرعيّ ، وهو محال ، لما فيه من إهمال المصلحة المعتبرة شرعا ، أو أن يقال مع ظهوره في المسمّى الشرعي بتناوله ويصرف إلى المسمّى اللّغوي ، وهو خلاف الأصل (وقد استعمل أيضا في الشرعي في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعي الصلاة أيّام أقرائك» (١) فيتحقق الإجمال). (٢)
والجواب : ليس معنى الشرعي الصّحيح ، وإلّا لزم في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعي الصلاة أيّام أقرائك» كون المنهيّ عنه الصّلاة الصحيحة ، وهي مستحيلة التصوّر ، فلا يمكن حمل النّهي على الصلاة اللغويّة لتسويغ الدعاء منها.
الرابع : قال بعض الشافعية : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ)(٣) وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ)(٤) مجمل ، لخروج الكلام مخرج المدح والذمّ.
والحقّ خلافه ، لعدم التنافي بين العموم وقصد المدح أو الذمّ ، كما أنّ قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ)(٥) حملوه على العموم ، وإن كانت صيغته أضعف في الدلالة.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢ / ٥٣٨ و ٥٤٦ ، الباب ٣ من أبواب الحيض ، الحديث ٤ ، والباب ٧ من أبواب الحيض ، الحديث ٢ ؛ ومسند أحمد : ٦ / ٤٢.
(٢) لاحظ المستصفى : ٢ / ٣٤ ـ ٣٥ ، نقله المصنّف بتلخيص. وما بين القوسين يوجد في «ج».
(٣) المؤمنون : ٥ ـ ٦.
(٤) التوبة : ٣٤.
(٥) المائدة : ٣٨.
مع أنّ القصد به الزجر والتخويف ، لعدم التنافي بينه وبين عموم الحكم ، وقد تقدّم بطلانه.
الخامس : قال بعض الناس : لا يجوز التمسّك بلفظ الجمع الخالي عن الألف واللام ، كقوله : أعطه دراهم ، لجواز أن يكون المراد به أكثر من ثلاثة ، وجعلوه مجملا ، فإن قصد عدم قصر هذه اللفظة على ثلاثة ، فهو كما قال ، لتناوله كلّ جمع ، وإن قصد منع حمله على الثلاثة مطلقا من غير إشعار بالزّيادة وعدمها ، فلا يكون مجملا.
السادس : قال بعض النّاس : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «في الرّقة (١) ربع العشر» (٢) مجمل ، لأنّه إنّما يدل على وجوب ربع العشر في هذا الجنس ، ويحتاج إلى بيان القدر الّذي يوجد منه ذلك ، وجعلوا خبر الأواقيّ مبيّنا ، لا مخصّصا ، واختاره المرتضى (٣).
وقال آخرون : إنّ قوله : «في الرّقة ربع العشر» يقتضي الاستغراق ، حتّى لو خلّينا ومجرّده لأوجبنا ربع العشر في قليله وكثيره ، فخبر الأواقيّ مخصّص لا مبيّن.
ونحن لمّا بيّنا أنّ اسم الجنس المحلّى باللّام لا يفيد الاستغراق ، لم يكن للعموم ، بل يدلّ على إيجاب ربع العشر في هذا الجنس.
__________________
(١) الرّقة : الدراهم المضروبة. المعجم الوسيط مادّة (ورق).
(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ١٣٤ ؛ وعوالي اللآلي : ١ / ٢٠٩.
(٣) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨.
الفصل الثاني
في البيان والمبيّن
وفيه مباحث :
[المبحث] الأوّل : في ماهيّته
اعلم أنّ البيان في أصل اللّغة مشتقّ من البيّن ، يقال بيّن وتبيينا وبيانا ، كقولهم : كلّم تكليما وكلاما ، وأذّن تأذينا وأذانا ، فالبيّن يفرق بين الشيء وما شاكله ، فلهذا قيل : البيان هو الدلالة.
إذا عرفت هذا فنقول : البيان لمّا كان متعلّقا بالتعريف والإعلام بما ليس بمعلوم وكان ذلك ممّا يتوقّف على الدليل ، والدليل مرشد إلى المطلوب الّذي هو علم أو ظنّ حاصل عن الدليل ، لا جرم أمكن تفسير البيان بهذه المتعلّقات ، الّتي هي التعريف والدليل والمطلوب الحاصل منه.
وقد اختلف الناس في ذلك ، فقال أبو بكر الصيرفي (١) وجماعة : إنّ البيان هو التعريف وفسّره بأنّه إخراج الشيء عن حيّز الإشكال إلى حيّز الوضوح والتجلّي. (٢)
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٤٠.
(٢) نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ١٧.
وليس بجامع ، لخروج ما يدلّ على الحكم ابتداء من غير سابقة إجمال عنه ، وهو بيان. (١)
وفيه نظر ، للمنع من كونه بيانا ، نعم يقال له مبيّن ، أمّا أنّه بيان فلا.
ويبطل أيضا باستعمال المجاز فيه بذكر الحيّز ، الّذي هو حقيقة في الجوهر.
ولأنّ فيه زيادة التجلّي ، لدلالة الوضوح عليه ، والحدّ يجب أن يصان عن التجوّز والزيادة.
واعترضه أبو الحسين أيضا : بأنّ إخراج الشيء عن حيّز الإشكال إلى حيّز التّجلّي حد للتبيين لا للبيان. (٢)
وقال أبو عبد الله الحسن بن علي البصري : إنّ البيان هو العلم الحاصل من الدليل الّذي يتبيّن به الشيء (٣).
وأبطله المرتضى بصحّة قول القائل بيّنت لك هذا الشيء ، فما بيّنته ، فلو كان البيان هو العلم ، لتناقض ، ويثبت هذا الوصف مع عدم العلم ، فكيف يقال : إنّه حدوث العلم ، ويلزم أن يكون من لم يعلم الشيء لم يبيّنه الله تعالى له ، ولا نصب له بيانا عليه ولا شبهة في بطلانه (٤).
__________________
(١) أورده الآمدي على أبي بكر الصيرفي ، وتنظّر فيه المصنّف.
(٢) المعتمد : ١ / ٢٩٤.
(٣) نقله الآمدي في الإحكام : ٣ / ١٧ ؛ والسيد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٢٩ ـ ٣٣٠.
(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٣٠.
واعترضه (١) أيضا : بأنّ الحاصل عن الدليل كما يكون علما ، فقد يكون ظنا فتخصيص اسم البيان بالعلم ، دون الظنّ ، لا معنى له ، مع أنّ اسم البيان يعمّ الحالتين.
وقال السيد المرتضى (٢) والشيخان أبو علي وأبو هاشم البيان هو الدلالة.
وقال أبو الحسين البصري : البيان منه عامّ وهو الدلالة ، يقال : بيّن لي فلان كذا بيانا حسنا ، فتوصف دلالته وكشفه بأنّه بيان ، ويقال : دللت فلانا على الطريق وبيّنته له ، فلمّا اطّرد ذلك ، كان حقيقة.
ومنه خاصّ ، وهو المتعارف عند الفقهاء ، وهو كلام أو فعل دالّ على المراد بخطاب لا يستقلّ بنفسه في الدلالة على المراد ، ويدخل فيه بيان العموم. (٣)
وفيه نظر ، لخروج بيان الفعل عنه.
وقال الغزّالي وأكثر المعتزلة كأبي الحسين : إنّ البيان هو الدّليل ، لأنّ من ذكر دليلا لغيره ، فأوضحه غاية الإيضاح ، يصحّ أن يقال : إنّه بيان حسن ، وقد تمّ بيانه ، ويشار به إلى الدليل المذكور.
وقيل (٤) : البيان هو الذي دلّ على المراد بخطاب لا يستقلّ بنفسه في الدّلالة على المراد.
__________________
(١) المعترض الآمدي في الإحكام : ٣ / ١٨.
(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٢٩.
(٣) المعتمد : ١ / ٢٩٣.
(٤) القائل سراج الدين الأرموي في التحصيل من المحصول : ١ / ٤١١.
وفيه نظر ، لأنّه يخرج منه بيان الأفعال.
وقال الشافعي : البيان اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول ، متشعبة الفروع ، وأقلّ ما فيه انّه بيان لمن نزل القرآن بلسانه. (١)
قال أبو الحسين : هذا ليس بحدّ ، وإنّما هو وصف للبيان بأنّه يجمعه أمر جامع ، وهو أنّه يتبيّنه أهل اللغة ، وأنّه يتشعّب إلى أقسام كثيرة ، فإن حده بأنّه «بيان لمن نزل القرآن بلغته» كان قد حدّ الشيء بنفسه ، وإن كان قد حدّ البيان العام ، فإنّه يخرج منه الأدلّة العقليّة ، وإن حدّ البيان الخاصّ ، دخل فيه الكلام المبتدأ إذا عرف به المراد ، كالعموم والخصوص ، وهذا ليس هو البيان الخاصّ. (٢)
وقال قوم : البيان هو الكلام والخطّ والإشارة. (٣)
وليس بجيّد وإنّما هو تعديد وليس مستوفيا لجميع أعداده ، لأنّه يخرج منه الأدلّة العقليّة.
وأمّا المبيّن ، فقد يراد ما هو محتاج إلى بيان ، وقد ورد بيانه عليه ، كالمجمل بعد بيان المراد منه ، والعامّ بعد التّخصيص ، والمطلق بعد التقيد ، والفعل المقترن بما يدلّ على وجهه ، إلى غير ذلك.
وقد يراد به الخطاب المبتدأ المستغني عن البيان بنفسه.
والمفسّر كذلك قد يقال لما هو مستغن بنفسه عن التفسير ، ولما ورد عليه تفسيره.
__________________
(١) نقله أبو الحسين المعتزلي في المعتمد : ١ / ٢٩٤.
(٢) المعتمد : ١ / ٢٩٤.
(٣) نقله أبو الحسين المعتزلي في المعتمد : ١ / ٢٩٤.
المبحث الثاني : في أقسام البيانات
بيان الأحكام الشرعيّة بكلّ ما يقع به المبيّن ، وهو إمّا بالقول ، أو بالفعل ، أو بالترك.
أمّا القول ، فظاهر.
وأمّا الفعل ، فإمّا أن يكون الدالّ على البيان شيئا يحصل بالمواضعة ، أو شيئا تتبعه المواضعة ، أو شيئا تابعا للمواضعة.
والأوّل ، كالكتابة وعقد الأصابع ، وقد وقع البيان بالكتابة في اللوح المحفوظ ، وفيما كتبه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عمّاله ، وبعقد الأصابع ، كما بين صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «الشهر هكذا وهكذا. وهكذا» وأشار بيده ، وهذا مستحيل في حقّه تعالى. (١)
والثاني : هو الاشارة ، لافتقار المواضعة إليها ، دون العكس ، وإلّا افتقرت المواضعة إلى إشارة أخرى ، وتسلسل.
وقد بيّن بها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحرير حيث وضعه في يده وقال : «هذا حرام على ذكور أمّتي».
والثالث : كما لو قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هذا الفعل بيان لهذه الآية» أو يقول : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي».
والفعل يبيّن الصفة ولا يدلّ على الوجه.
__________________
(١) لاستحالة الجوارح على الله تعالى.
وأمّا الترك (١) ، فإنّه يدلّ على نفي وجوب الفعل ، وهو أقسام :
الأوّل : أن يقوم من الركعة الثانية إلى الثالثة ، ويمضي في صلاته ، فيعلم أنّ التّشهد ليس بواجب ، لاستحالة أن يترك الواجب.
الثاني : أن يسكت عن حكم الحادثة ، فيعلم أنّه ليس فيها حكم شرعيّ.
الثالث : أن يكون ظاهر الخطاب يتناوله وأمّته على السّواء ، فإذا تركه دلّ على أنّه مخصوص الخطاب.
الرابع : أن يترك بعد فعله إيّاه ، فيعلم أنّه قد نسخ عنه ، ثمّ ينظر فإن كان حكم الأمّة حكمه ، فقد نسخ عنهم أيضا ، وإلّا كان (٢) حكمهم بخلافه.
المبحث الثالث : في أنّ الفعل يكون بيانا
اختلف الناس في ذلك ، فالأكثر عليه ، ومنعه شاذّ.
لنا : الوقوع ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عرّف الصلاة والحجّ بفعله ، حيث قال : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» و «خذوا عنّي مناسككم».
ولانعقاد الإجماع على كون القول بيانا والفعل أولى ، فيكون أولى.
قال أبو الحسين : المانع إمّا أن يريد أنّه لا يصحّ وقوع البيان بالأفعال ، أو لا يحسن من حيث الحكمة.
__________________
(١) أي ترك الفعل.
(٢) في «ج» : لكان.
والأوّل إمّا أن يعنى أنّ الفعل لا يؤثّر في وقوع (١) الشّيء أصلا ، أو لا يؤثّر إلّا مع غيره ، بأن يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هذا الفعل بيان لهذا الكلام».
والأوّل باطل ، لما مرّ ، من أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن الحجّ والصلاة بفعله ، وبيّن الصحابة الوضوء بفعله. (٢)
والثاني ، وهو افتقار الفعل في كونه بيانا إلى الغير ، فإجماع إلّا أنّ المبيّن هو الفعل خاصّة ، لانّه هو المتضمّن لصفة الفعل ، دون القول المعلّق للفعل الواقع بيانا على المجمل ، وتحقيقه : أنّ الفعل بيان للمجمل ، والقول بيان لكون الفعل بيانا.
والثالث : وهو عدم حسنه في الحكمة ، باطل ، لجواز أن يعلم الله تعالى من المكلّف أنّ بيان المجمل بهذا الطريق أصلح له. (٣)
احتجّوا : بأنّ الفعل قد يطول ، فيتأخّر البيان عن وقت الحاجة ، وهو غير جائز ، ومنعوا من بيان الصلاة والحج بالفعل ، بل لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «صلّوا» و «خذوا».
والجواب : القول قد يكون أطول ، فإنّ وصف أفعال الصلاة وتروكها على الاستقصاء أطول من الإتيان بركعة واحدة في كونها بيانا ، مع أنّه أبعد في كونه بيانا.
وربما احتيج إلى تكرير في أزمنة كثيرة أو إيقاع فعل مبيّن (٤).
__________________
(١) هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح : «بيان الشيء».
(٢) في المصدر : «بفعلهم» والأصحّ ما في المتن.
(٣) المعتمد : ١ / ٣١١ ـ ٣١٢ ، نقله المصنّف ملخّصا.
(٤) في «أ» : فعل يتّفق.
سلّمنا أنّ البيان بالفعل قد يكون أطول ، لكن جاز في الحكمة تأخير البيان ذلك القدر ، وهي ظاهرة هنا ، لإيجاد أقوى البيانين ، وقد بيّنّا أنّ «صلّوا» و «خذوا» ليسا مبيّنين للعبادة.
تذنيب
يعلم كون الفعل بيانا للمجمل بأمور ثلاثة :
الأوّل : أن يعلم ذلك بالضرورة من قصده.
الثاني : أن يعلم بالدليل اللّفظيّ ، بأن يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذا الفعل بيان لهذا المجمل ، أو يقول : أقوالا يلزم من مجموعها ذلك.
الثالث : أن يدلّ العقل عليه ، بأن يذكر المجمل وقت الحاجة إلى العمل به ، ثمّ يفعل فعلا صالحا لأن يكون بيانا ، ولا يفعل شيئا آخر فيعلم أنّه بيان ، لئلّا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
المبحث الرابع : في أنّ القول هل يقدّم في البيان على الفعل أم لا؟
قال أبو الحسين : هذا البحث يشتمل على مسألتين :
إحداهما : أن يقال : إذا كان القول بيانا والفعل بيانا فأيّهما أكشف؟
فالجواب : أنّ الفعل أكشف ، لأنّه يوضح صفة المبيّن مشاهدة ، والقول إخبار عن صفته.
الثانية : أن يرد بعد المجمل فعل وقول يحتمل أن يكون كلّ منهما بيانا ،
فيقال : أيّهما قصد به البيان؟ فنقول : إن لم يتنافيا فالمتقدّم هو البيان ، والمتأخّر مؤكّد لحصول التعريف بالأوّل ، فلا حاجة إلى البيان ، إلّا أن يكون الثاني دون الأوّل في الدّلالة ، لاستحالة تأكيد الشّيء بما هو دونه في الدلالة.
وإن لم يعلم المتقدّم ، حكم على الجملة أنّ أحدهما بيان والآخر مؤكّد.
وإن لم يعلم مفصّلا ، إن تساويا في الدلالة وإن كان أحدهما أرجح على حسب اختلاف الوقائع والأقوال ، فالأشبه أنّ المرجوح هو المتقدّم ، ليقع التأكيد بالراجح ، وإلّا لكان الثاني غير مفيد البتة : إمّا للبيان ، فلوقوعه بالأوّل ، وإمّا للتأكيد فلامتناعه بالأدون.
وإن تنافيا ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من قرن الحجّ إلى العمرة فليطف لهما طوافا واحدا» (١) مع ما روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قرن ، وطاف طوافين ، وسعى سعيين ، (٢) فإن تقدّم أحدهما كان هو البيان ، لأنّ الخطاب المجمل إذا تعقّبه ما يجوز أن يكون بيانا له كان بيانا ، فإن كان هو القول ، كان الطواف الثاني غير واجب ، وإن كان هو الفعل كان واجبا. (٣)
وقيل (٤) : إن كان القول متقدّما ، فالثاني غير واجب ، وفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحمل على الندب ، وإلّا لكان ناسخا لما دلّ عليه القول ، والجمع أولى من التعطيل.
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل : ٢ / ٦٧.
(٢) سنن الدارقطني : ٢ / ٢٦٣ برقم ١٣٠.
(٣) المعتمد : ١ / ٣١٢ ـ ٣١٣.
(٤) القائل هو الآمدي في الإحكام : ٣ / ٢٠.
وإن كان الفعل متقدّما ، فهو ، وإن دلّ على وجوب الثاني ، إلّا أنّ القول بعده يدلّ على عدم وجوبه ، ولا يجوز إهمال دلالة القول ، فيكون ناسخا لوجوب [الطواف] الثاني الّذي دلّ عليه الفعل ، أو يحمل على بيان وجوب الأوّل في حقّ أمّته دونه ، وهو أولى ، لما فيه من الجمع بين البيانين من غير نسخ ولا تعطيل.
وقيل : يكون القول بيانا مطلقا ، من غير تفصيل إلى تقدّمه وتأخّره ، لأنّه بيان بنفسه ، والفعل لا يدلّ حتّى يعرف ذلك إمّا بالضّرورة أو بالاستدلال بدليل قوليّ أو عقليّ ، فإذا لم ينقل ذلك لم يثبت كون الفعل بيانا. (١)
وليس بجيّد ، لأنّ الغرض كون كلّ منهما صالحا للبيان ، فإذا فرضنا تقدّم الفعل ، فهو بيان لوقوعه بعد إجمال ورود التعبّد به ، فيكون بيانا له على ما تقدّم.
وإن جهل التاريخ ، قال أبو الحسين (٢) : يكون البيان هو القول ، لأنّا لو جعلنا الفعل هو البيان ، لأوجبنا إثبات ما تعلّقه بالمبيّن من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ هذا بيان لهذا» وإن لم يعلم ذلك باضطرار من قصده ، ولا يجوز إثبات ذلك إلّا عن ضرورة ، ولا ضرورة إلى ذلك مع إثبات قول يمكن أن يكون بيانا.
لا يقال : فليجز أن يكون الفعل هو لبيان وان لم يقطعوا عليه.
لأنّا نقول : لا يجوز ذلك إلّا لضرورة ، ولا ضرورة.
__________________
(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٧٦.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٣.
وإذا كان الفعل إنّما يتمّ كونه بيانا لو اقترن به ما يعلم أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قصد به البيان ، وكان القول مستغنيا عن ضميمة تقترن به ، لاستقلاله بنفسه في الدلالة ، كان جعل القول بيانا أولى.
ولأنّا لو قدّرنا تقدّم القول ، أمكن حمل الفعل بعده على ندبيّة الطواف الثاني ، كما تقدّم تعريفه ولو قدّرنا تقدّم الفعل يلزم منه [إمّا] إهمال دلالة القول ، أو كونه ناسخا لحكم الفعل ، أو أن يكون الفعل بيانا لوجوب الطواف في حقّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أمّته ، والقول دليل على عدم وجوبه في حقّ أمّته دونه.
والإهمال والنسخ على خلاف الأصل ، والفرق بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأمّة في وجوب الطواف الثاني مرجوح بالنظر إلى ما ذكرناه من التشريك الغالب دون الافتراق.
المبحث الخامس : في أنّ البيان كالمبيّن
قال أبو الحسين : هذا الباب يشتمل على مسألتين :
إحداهما أنّ البيان هل هو كالمبيّن في القوة؟
والأخرى هل هو كالمبيّن في الحكم؟
أمّا الأولى ، فقال الكرخي (١) : إنّ بيان المعلوم معلوم ، ولا يجوز أن يكون المبيّن معلوما ، وبيانه مظنون ، ولهذا لم يقبل خبر الأوساق مع قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فيما سقت السماء العشر» (٢).
__________________
(١) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.
(٢) المعتمد : ١ / ٣١٣ ، والحديث تقدّم مع مصدره ص ٢٩٠.
وفيه نظر ، لأنّه تخصيص ، والمحقّقون على خلاف ذلك ، وأنّه يجوز أن يكون كلّ من البيان والمبيّن معلومين ومظنونين ، وأن يكون المبيّن معلوما ، والبيان مظنونا ، وبالعكس ، كما جاز تخصيص القرآن بخبر الواحد ، لإمكان تعلّق المصلحة بذلك ، هذا فيما يرجع إلى الطريق.
وأمّا ما يرجع إلى الدلالة ، فنقول : إن كان المبيّن مجملا كفى في بيانه تعيين أحد احتماليه بأدنى ما يفيد الترجيح ، وإن كان عامّا أو مطلقا ، فلا بدّ وأن يكون المخصّص والمقيّد في دلالته أقوى من دلالة العامّ على صورة التخصيص ، ودلالة المطلق على صورة التقييد ، إذ لو تساويا لزم الوقف ، ولو كان مرجوحا لزم إلغاء (١) الراجح بالمرجوح ، وهو ممتنع.
وقال بعض الناس : المجمل فيما يعمّ به البلوى كأوقات الصلاة ، وكيفيّتها ، وعدد ركعاتها ، ومقادير الركعات ، وجنسها ، لا يجوز أن يبيّن إلّا بطريق قاطع.
وأمّا ما لا يعمّ به البلوى ، كقطع يد السّارق ، وما يجب على الأمّة في الحدود ، وأحكام المكاتب ، والمدبّر ، فيجوز أن يبيّن بخبر الواحد ، وسيأتي بيان التساوي.
وأمّا الثانية ، فقال قوم : إنّ بيان الواجب واجب ، وهؤلاء إن أرادوا أنّ المبيّن إذا كان واجبا ، كان بيانه صفة شيء واجب ، فهو صحيح ، وإن أرادوا أنّ الفعل إذا كان واجبا ، ويتضمّن البيان صفاته وتفصيل أحواله ، فهذه التفاصيل واجبة ، لأنّها صفات الواجب ، وكذلك المندوب يكون بيان أحواله وأوصافه كذلك ، فهو صحيح أيضا.
__________________
(١) في «ب» : إلقاء.
وإن أرادوا أنّه يدلّ على الوجوب كما يدلّ المبيّن ، فغير صحيح ، لأنّ البيان يتضمّن صفة المبيّن ، وليس يتضمّن لفظا يفيد الوجوب ، فإنّ صورة الصلاة الواجبة والمندوبة واحدة.
وإن أرادوا به أنّه إذا كان المبيّن واجبا ، كان بيانه على الرّسول واجبا ، وإن لم يكن المبيّن واجبا ، لم يجب على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بيانه ، فهو باطل ، فإنّ بيان المجمل واجب سواء تضمّن فعلا واجبا ، أو ندبا ، أو مباحا ، أو غيرها من الأحكام ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.
وأيضا ، لو تساويا في الحكم ، وكان ما دلّ عليه البيان من الحكم هو ما دلّ عليه المبيّن ، لم يكن أحدهما بيانا للآخر ، وإنّما يكون أحد الأمرين بيانا للآخر إذا كان دالّا على صفة مدلول الآخر ، لا على مدلوله ، ومع ذلك ، فلا اتّحاد في الحكم (١).
وفيه نظر ، لأنّه لا يلزم من تساويهما في الحكم التساوي من كلّ وجه.
لا يقال : المراد من الاتّحاد في الحكم أنّه إن كان حكم المبيّن واجبا ، كان بيانه واجبا ، وإن لم يكن واجبا ، لم يكن البيان واجبا.
لأنّا نقول : إن لم تكن الحاجة داعية إلى البيان في الحال ، لم يجب البيان عند قوم ، ولا فرق بين أن يكون [حكم] المبيّن واجبا أو لا.
وإن دعت لم يجب البيان أيضا عند من يجوّز التكليف بالمحال ، وإلّا كان واجبا إن كان المبيّن واجبا ، لاستحالة التكليف بالمحال.
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢١.
وإن لم يكن المبيّن واجبا ، لم يلزم من عدم إيجاب البيان التكليف بما لا يطاق ، إذ لا تكليف فيما ليس بواجب ، لأنّ ما لا يكون واجب الفعل ، ولا واجب الترك ، إمّا مندوب ، أو مباح ، أو مكروه ، وكلّ واحد من هذه الأقسام الثلاثة ، فلا تكليف فيه على ما تقدّم.
ولا يلزم من القول بالوجوب حذرا من تكليف ما لا يطاق الوجوب مع عدم التكليف أصلا ، اللهمّ إلّا أن ينظر إلى التكليف بوجوب اعتقاده ، على ما هو عليه من إباحة أو ندب أو كراهة ، فيكون من القسم الأوّل. (١)
وفيه نظر ، فإنّ المندوب والمكروه وإن لم يكونا من التكليف إلّا أنّ أحدهما مطلوب الفعل والآخر مطلوب الترك ، فيجب فيهما البيان ، لأنّ طلب الفعل والترك يستدعي الفهم.
ولأنّ الخطاب بهما أو بالمباح ، لا بدّ فيه من البيان ، تحصيلا للغرض من الخطاب ، وهو الإفهام.
المبحث السّادس : في وقت البيان
اتّفق العقلاء إلّا من جوّز التكليف المحال على امتناع تأخير بيان الخطاب عن وقت الحاجة ، لأنّ التّكليف مع عدم الطريق إلى العلم به ، تكليف بالمحال.
وأمّا تأخيره عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ، فقد اختلف فيه ، وتقرير البحث في ذلك أن نقول :
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ٢١.