نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٢

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-200-5
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٦٣٨

وقد يكون في مركّب ، كقوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)(١) فإنّ جميع هذه الألفاظ متردّدة بين الزّوج والوليّ.

وقد يكون بسبب التردّد في عود الضمير إلى ما تقدّم كقولنا : كلّ ما علمه الفقيه فهو كما علمه» فإنّ الضمير متردّد بين العود إلى الفقيه وإلى معلومه ، ويختلف المعنى باعتبار ذلك.

وقد يكون بسبب تردّد اللّفظ بين جمع الأجزاء وجمع الصفات ، كقولنا : «الخمسة زوج وفرد» فيصدق على تقدير جمع الأجزاء ويكذب على تقدير جمع الصفات. (٢)

وقد يكون بسبب الوقف والابتداء ، كقوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(٣) فالواو متردّدة بين العطف والابتداء ، وهو داخل تحت المشترك.

وقد يكون بسبب تركيب المفصل كطبيب ماهر في الخياطة ، فإذا قيل : طبيب ماهر ، احتمل فيه وفي غيره. (٤)

وليس بجيّد ، فإنّه لا إجمال هنا ، لظهور رجوعه إلى المذكور.

__________________

(١) البقرة : ٢٣٧.

(٢) يريد أنّ لعدد الخمسة أجزاء ، حيث إنّها تتشكّل من «اثنين» و «ثلاثة» (٥ ـ ٣+ ٢) فيصحّ أن يقال : إنّها باعتبار الأجزاء زوج وفرد ، وأمّا الصّفات فليس لها إلّا وصف واحد ، وهو كونها فردا لا غير.

(٣) آل عمران : ٧.

(٤) لاحظ الإحكام للآمدي : ٣ / ٨.

٤٠١

المبحث الثالث : في إمكان ورود المجمل في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

اتّفق المحقّقون عليه ، لأنّه قد وقع كما في الآيات المتقدّمة والأحاديث المشهورة ، والوقوع دليل الجواز.

احتجّ المانعون : بأنّ الكلام إن لم يقصد به الإفهام كان عبثا ، وهو غير لائق من الحكيم ، وإن قصد به الإفهام ، فإن قرن بالمجمل ما يبيّنه ، كان تطويلا من غير فائدة ، لأنّ التنصيص عليه أسهل وأدخل في الفصاحة من ذكر المجمل ، ثمّ يعقّبه ببيان.

ولاشتماله على المفسدة ، إذ يجوز أن يسمع المكلّف المجمل ولا يسمع بيانه ، فيختلّ المقصود به.

وإن لم يقترن به ما يدلّ عليه ، كان تكليفا بما لا يطاق ، لأنّ إرادة الإفهام مع عدم لفظ يدلّ عليه ولا قرينة تكليف بالمحال.

والجواب : إن أردت بعدم الإفهام من كلّ وجه ، فهو مسلّم ، وإن أردت من بعض الوجوه منعنا كونه عبثا ، فإنّه يجوز أن يخاطب بالمجمل ، ليعلم المكلّف أنّه قد كلّف بشيء فيشتغل للامتثال أو المنع ، فيحصل له ثواب أو عقاب.

ويمنع عدم الفائدة لو قرن به ما يبيّنه ، لجواز اشتمال ذكر المجمل ثمّ إردافه بالبيان على مصلحة لا يطّلع عليها البشر ، ومع هذا التجويز ينتفي القطع.

٤٠٢

المبحث الرابع : في أنّ إضافة الأحكام إلى الأعيان ليس مجملا

ذهب المحقّقون من الأشاعرة والمعتزلة إلى أنّ إضافة الحكم إلى العين كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(١) و (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(٢) لا إجمال فيه.

وقال أبو عبد الله البصري (٣) وأبو الحسن الكرخي (٤) وقوم من القدريّة : إنّه مجمل.

لنا : أنّه يسبق إلى الفهم بحسب العرف إضافة الحكم إلى الفعل المتعلّق بتلك العين المناسب له ، فيفهم من قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) تحريم الاستمتاع ، ومن قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) تحريم الأكل ، كما يقال : «حرّمت عليك طعامي».

ويفهم من قوله : «هذا طعام حرام» تحريم أكله ، ومن تحريم الثوب تحريم لبسه ، دون النظر واللمس ، والمبادرة دليل الحقيقة وإن كان مجازا من حيث الوضع اللّغوي إلّا أنّه حقيقة من حيث العرف ، كما يفهم الخيل عند إطلاق اسم الدابّة من حيث العرف ، ولا إجمال هنا.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) المائدة : ٣.

(٣) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.

(٤) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.

٤٠٣

وأيضا ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشحوم فجمّلوها فباعوها» (١) فدلّ على أنّ تحريم الشّحوم أفاد تحريم كلّ أنواع التصرّف وإلّا لم يتوجّه الذّم عليهم بالبيع.

وأيضا ، يفهم من قولنا : «فلان يملك الدّار» قدرته على التّصرّف فيها بالسّكنى والبيع ، ومن قولنا : «[فلان] يملك الجارية» قدرته عليها بالتّصرّف بالبيع ، والوطء ، والاستخدام ، وإذا جاز أن تختلف فائدة الملك على هذا النحو ، جاز مثله في التحليل والتحريم.

احتجّوا : بأنّ الأعيان غير مقدورة لنا لو كانت معدومة ، فكيف لو كانت موجودة؟ فيستحيل تعلّق التحليل والتحريم بها ، وإضافتهما إليها ، فلا يمكن إجراء اللّفظ على ظاهره ، بل المراد : تحريم فعل من الأفعال المتعلّقة بتلك الأعيان ، وذلك الفعل غير مذكور ، فيجب إضمار ما يكون متعلّقا بذلك الحكم من الأفعال ، حذرا من إهمال الخطاب بالكليّة.

ولا يجوز إضمار الجميع ، لأنّ الإضمار على خلاف الأصل ، فيجب أن يتقدّر ما تندفع به الضرورة تقليلا للإضمار المخالف للأصل.

وليس إضمار البعض أولى من البعض الآخر ، لعدم دلالة دليل على تعيينه ، فيتحقّق الإجمال.

وأيضا فالآية لو دلّت على تحريم فعل معيّن ، لوجب أن يتعيّن ذلك الفعل

__________________

(١) صحيح البخاري كتاب البيوع ، باب بيع الميتة والأصنام برقم ٢٢٣٦ ؛ سنن أبي داود : ٣ / ٢٧٩ برقم ٣٤٨٦ ؛ صحيح الترمذي : ٣ / ٥٩١ برقم ١٢٩٧ ؛ سنن النسائي : ٧ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ ؛ وسنن ابن ماجة : ٢ / ٧٣٢ برقم ٢١٦٧ ؛ ومسند أحمد بن حنبل : ٣ / ٣٢٤ و ٣٢٦.

٤٠٤

في كلّ تلك المواضع ، وليس كذلك ، لأنّ المراد من [قوله تعالى :](حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(١) حرمة الاستمتاع ومن [قوله :](حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(٢) حرمة الأكل.

والجواب : المنع من عدم أولويّة إضمار البعض ، فإنّ العرف يقتضي إضافة ذلك التحريم إلى الفعل المطلوب من تلك العين ونمنع الحاجة إلى الإضمار ، لأنّه إنّما يجب إذا لم يكن اللفظ ظاهرا بعرف الاستعمال في الفعل المقصود من تلك العين ، أمّا إذا كان ظاهرا فلا.

وبيان الظهور : أنّ كلّ من مارس ألفاظ العرب واطّلع على عرف أهل اللّغة ، يتبادر إلى فهمه عند قوله : «حرّمت الطعام والشراب» تحريم الأكل والشرب ، وعند قوله : «حرمت عليك النّساء» تحريم الوطء.

سلّمنا (٣) ، لكن لم لا يجوز إضمار جميع التصرّفات المتعلقة بالعين ، المضاف إليها التحليل والتحريم؟

قوله : «زيادة الإضمار على خلاف الأصل» قلنا : إضمار البعض إمّا أن يفضي إلى الإجمال أو لا.

والثاني يبطل مذهبكم.

والأوّل يوجب إضمار الجميع ، حذرا من تعطيل دلالة اللّفظ.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) المائدة : ٣.

(٣) أي سلّمنا أنّه لا بدّ من الإضمار.

٤٠٥

لا يقال : إضمار البعض وإن أفضى إلى الإجمال ، فليس في ذلك ما يفضي إلى تعطيل دلالة اللّفظ مطلقا ، لإمكان معرفة تعيين المراد بدليل آخر.

وأمّا محذور إضمار جميع التصرّفات فلازم مطلقا ، ومعلوم أنّ التزام المحذور الدّائم أعظم من التزام المحذور الّذي لا يدوم.

لأنّا نقول : بل إضمار الجميع أولى ، لكثرة استعمال الإضمار في اللّغة ، وقلّة المجمل بالنّسبة إليه ، ولو لا أنّ المحذور في الإضمار أولى ، لما كان استعماله أكثر.

ولانعقاد الإجماع على وجود الإضمار في اللّغة والقرآن ، واختلف في الإجمال ، وهو يدلّ على قلّة محذور الإضمار.

وقال قوم : إنّ إضافة الحكم إلى العين من قبيل المحذوف ، كقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)(١) أي أهل القرية ، [و] كذا قوله : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ)(٢) أي أكل بهيمة الأنعام.

وهذا إن أراد به إلحاقه بالمجمل ، فهو خطأ ، وإن أراد حصول الفهم مع كونه محذوفا ، فهو صحيح ، وإن أراد به إلحاقه بالمجاز ، فهو مسلم ، كما أنّ الأسماء العرفيّة مجازات لغويّة حقائق عرفيّة.

__________________

(١) يوسف : ٨٢.

(٢) المائدة : ١.

٤٠٦

المبحث الخامس : في أنّ قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ)(١) ليس بمجمل

ذهب المحققون إلى نفي الإجمال هنا.

وقال بعض الحنفية : إنّه مجمل ، لأنّه يحتمل مسح جميع الرّأس ، ومسح بعضه ، وليس أحدهما أولى من الآخر ، فكان مجملا.

وما روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح بناصيته ، بيان لمجمل الآية.

والحقّ نفيه ، لأنّ ظاهر «الباء» في اللّغة للإلصاق.

قال قاضي القضاة قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) يفيد من حيث اللّغة ، مسح جميع الرأس ، لأنّ «الباء» المفيدة للإلصاق دخلت على المسح ، وقرنته بالرأس ، وهو اسم للجملة لا لبعض العضو ، فإنّه لا توصف الناصية بأنّها رأس.

ثمّ قال : لكنّ العرف يقتضي إلصاق المسح بالرأس فقط ، سواء عمّ المسح الجميع أو البعض ، فإنّ من قال : «مسحت يدي بالمنديل» عقل منه أنّه ألصق المسح بالمنديل وجوّز السّامع أنّه مسحه بجميعه وبعضه ، ولو أمره بالمسح بالمنديل خرج عن العهدة بالجميع وبالبعض أيضا.

__________________

(١) المائدة : ٦.

٤٠٧

وإذا أفادت هذه اللفظة في العرف الأمر الكليّ الشامل للجميع والبعض ، حمل عليه المسح في الآية ، فلا إجمال. (١)

وقال ابن جني (٢) : لا فرق في اللّغة بين أن يقال : «مسحت بالرّأس» وبين «مسحت الرّأس» ، والرأس اسم للعضو بتمامه فوجب مسحه أجمع. (٣)

وقال بعض الشافعيّة : «الباء» للتبعيض ، وهو يفيد مسح بعض الرأس.

والتحقيق أن نقول : «الباء» إمّا أن يفيد التبعيض أولا ، وعلى كلا التّقديرين لا إجمال.

أمّا إذا أفادت ، فلأنّ الأمر تناول البعض وهو اختيار الإماميّة والشافعي ، لكنّ المرتضى قال : إنّه مجمل حينئذ لانتفاء الدالة على التعيين والتخيير (٤).

واعترضه بأنّه لو كان معيّنا لبيّنه.

وأجاب بأنّه لو أراد التخيير. (٥)

وليس بجيّد ، لأنّ الإطلاق يقتضي التخيير.

وأمّا إن لم تفد ، فلأنّ الأمر من حيث اللّغة تناول الجميع ، وهو قول مالك ،

__________________

(١) نقله في المعتمد : ١ / ٣٠٨ ـ ٣٠٩.

(٢) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ١٦٩.

(٣) نقله الرازي في محصوله : ١ / ٤٦٨.

(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٤٩.

(٥) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

٤٠٨

والقاضي عبد الجبار ، والحسن البصري ، وأبي علي الجبائيّ.

ثمّ إن قلنا : إنّ العرف أخرجه عن ذلك إلى الأمر المشترك بين الكلّ والبعض ، حمل عليه ، لصرف اللّفظ إلى الحقيقة العرفيّة ، وكفى في العمل به مسح أقلّ جزء من الرّأس ، لكنّ المرتضى قال هنا : إنّه مجمل لعدم العلم بإرادة الجميع أو بعض معيّن أو غير معيّن. (١)

وليس بجيّد ، لأنّ إرادة الجميع منفيّة بالأصل وإن احتملت ، فلو أراده لبيّنه.

وعلى كلّ تقدير فلا إجمال ، بل إنّما يتحقّق الإجمال لو قلنا : إنّ «الباء» لا تفيد التبعيض ، وأنّ اللّفظ لا يحمل على الحقيقة اللغويّة أو العرفيّة إلّا بقرينة ، فيبقى مشتركا مجملا ، لكنّ الحقّ خلافه. (٢)

وفيه نظر ، فإنّ العرف إنّما اقتضى الأمر الكلّي في الأمر بالمسح بالمنديل لحصول الغرض بالبعض ، وهو إزالة الرّطوبة من اليد ، بخلاف الأمر بالمسح في الرأس ، لأنّ التعبّد هنا وقع بالمسح ، لا لما تقدّم من غرض مسح اليد بالمنديل ، إلّا أنّه لا إجمال أيضا ، لأنّ «الباء» إن لم تفد التبعيض ، وجب مسح الجميع إلّا لدليل خارجيّ ، وإن أفادته كفى البعض ، فلا إجمال.

__________________

(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٢٤٩.

(٢) لاحظ الإحكام للآمدي : ٣ / ١١.

٤٠٩

المبحث السّادس : في أنّ الأفعال المنفيّة ليست مجملة

اختلف النّاس في الأفعال المنفيّة ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، (١) ولا عمل إلّا بنيّة ، (٢) ولا صيام لمن لم يبيّت الصّيام من الليل ، (٣) ونحوه.

فذهب الكلّ إلى نفي الإجمال فيه.

وقال القاضي أبو بكر (٤) ، وأبو عبد الله البصري (٥) : إنّه مجمل.

وقسّم أبو الحسين الفعل الّذي دخل عليه حرف النفي إذا لم يكن على صفة من الصفات إلى قسمين :

أحدهما : أن يكون انتفاء الفعل متى لم تحصل تلك الصّفة ممكنا ، بأن يكون النّفي داخلا على اسم شرعيّ ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» لأنّ كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحمل على معانيه الشرعيّة ، فظاهره يقتضي نفي الصّلاة الشرعيّة ، وهو يقتضي كون القراءة شرطا ، ويقتضي أن يكون قولنا : «صلاة

__________________

(١) مستدرك الوسائل : ٤ / ١٥٨ ، الباب ١ من أبواب القراءة ، الحديث ٥ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٢١٦ برقم ٨٢٠ و ٨٢٢.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ٣٣ ـ ٣٥ ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ٢ ، ٩ ، ١٠.

(٣) سنن النسائي : ٤ / ١٩٦ ؛ السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ؛ عوالي اللآلي : ٣ / ١٣٢.

(٤) لاحظ التقريب والإرشاد : ٣ / ٨٨ ـ ٩٠.

(٥) تقدّمت ترجمته في الجزء الأوّل : ٢١٩.

٤١٠

فاسدة» مجازا ، أعني وصفنا لها بأنّها صلاة ، ويكون المراد أنّها على صورة الصّلاة.

وكذا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا صيام لمن لم يبيّت الصّيام من اللّيل».

الثاني : أن لا يمكن انتفاء ذلك الفعل ، بأن يكون النفي داخلا على مسمّى حقيقيّ ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الأعمال بالنيّات» (١) فإنّ أعظم متأوّله أن يجري مجرى قوله : «لا عمل إلّا بنيّة» ومعلوم أنّه ليس يخرج العمل من كونه عملا إذا فقدت النّية ، فعلمنا أنّ المراد به أحكام الفعل (٢) في الإجراء أو الكمال ، وليس بأن يحمل على أحدهما ، أولى من الآخر ، فيبقى مجملا. (٣)

واحتجّ أبو عبد الله البصري على الإجمال : بأنّ الصّلاة والعمل موجودان ، فلا يمكن صرف النفي إليهما ، فوجب صرفه إلى حكم آخر ، وليس البعض أولى من البعض.

فإمّا أن يحمل على الكلّ ، وهو إضمار من غير ضرورة.

ولأنّه قد يفضي إلى التناقض ، لأنّا لو حملناه على نفي الصحّة ونفي الكمال معا ، وفي نفي الكمال ثبوت الصحّة ، فيلزم التناقض. (٤)

وفيه نظر ، فإنّ نفي الكمال إنّما يقتضي ثبوت الصحّة لو لم تكن منفيّة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١ / ٣٥ ، الباب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث ١٠ ؛ صحيح البخاري : ١ / ٢ كتاب بدء الوحي برقم ١.

(٢) في المصدر : أحكام العمل.

(٣) المعتمد : ١ / ٣٠٩.

(٤) نقله الرازي في محصوله : ١ / ٤٦٨.

٤١١

أيضا ، أمّا مع نفيها فلا ، كما في تعميم نفي الصفات.

أو لا يحمل على شيء ، بل يتوقّف ، وهو معنى الإجمال.

والحقّ أنّه لا إجمال هنا ، أمّا فيما له مسمّى شرعيّ فلإمكان نفيه ، والشرع أخبر عن انتفاء ذلك المسمّى عند انتفاء الوصف المخصوص.

لا يقال : إنّه قد يقال : هذه صلاة فاسدة ، فدلّ على أنّ بقاء المسمّى مع الفساد ، والفاسد ليس صلاة شرعيّة.

لأنّا نقول : التوفيق بين الدليلين : أن نصرف ذلك إلى المسمّى الشرعيّ ، وهذا إلى المسمّى اللّغوي (١).

وليس بجيّد ، إذ ليس المراد بقولنا : صلاة فاسدة ، أي دعاء فاسد ، ولا غيره من المحامل اللغويّة ، بل الوجه قول أبي الحسين : إنّه مجاز. (٢)

وأمّا ما لا اسم شرعيّ له ، كقوله : «لا عمل إلّا بنية» فلا إجمال فيه أيضا ، خلافا لأبي الحسين ، لأنّ الإجمال إنّما يتحقّق لو لم يكن اللفظ ظاهرا بعرف استعمال أهل اللّغة قبل ورود الشرع في شيء ، وهذا اللّفظ يدلّ ظاهرا على نفي الفائدة ، فإنّ المتبادر إلى الأفهام من نفي كلّ فعل كان متحقّق الوجود ، إنّما هو نفي فائدته مثل : «لا علم إلّا ما نفع» و «لا كلام إلّا ما أفاد» و «لا حكم إلّا لله» و «لا ملك إلّا للسلطان» وغير ذلك ، وكما يقال : هذا الشيء لفلان ، على معنى أنّه يعود نفعه إليه.

__________________

(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٦٩.

(٢) لاحظ المعتمد : ١ / ٣٠٩.

٤١٢

فقولنا : «لا عمل لمن لا نيّة له» معناه : أن لا يعود نفعه إليه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون للفعل حكم واحد كقوله : «لا شهادة لمحدود في قذف» فإنّه لا يمكن صرف النفي إلى ذات الشهادة ، لأنّها قد وجدت ، فلا بدّ من صرفه إلى حكمها ، وليس لها إلّا حكم واحد ، هو الجواز ، لأنّ الشّهادة إذا كانت فيما ندبنا إلى ستره ، لم يكن لإقامتها مدخل في الفضيلة ، وكقوله : «لا إقرار لمن أقرّ بالزّنا مرة واحدة» لأنّ الأولى له أن يستر ذلك عن نفسه ، فلا حكم له إلّا الجواز ، فإذا لم يكن له إلّا هذا الحكم وقد انتفى ، فلا إجمال.

وبين أن يكون له أكثر من واحد ، كالفضيلة والجواز.

سلّمنا أنّه لا عرف للشّرع ولا لأهل اللّغة ، وأنّه لا بدّ من إضمار ، لكنّ الاتّفاق وقع على أنّه لا خروج للمضمر هنا عن الصحّة ، والكمال ، فيجب ظهوره فيهما.

أمّا أوّلا ، فلأنّه أقرب إلى موافقة دلالة اللفظ على النّفي ، لأنّ قوله : «لا صلاة» دلّ على نفي أصل الفعل بالمطابقة ، وعلى صفاته بالالتزام ، فإذا تعذّر العمل بدلالة المطابقة ، تعيّن العمل بالالتزام ، تقليلا لمخالفة الدّليل.

وأمّا ثانيا ، فلأنّ اللّفظ دلّ على عدم الفعل ، فيجب عند تعذّر حمل اللّفظ على حقيقته ، حمله على أقرب المجازات الشبيهة به ، ولا يخفى أنّ مشابهة الفعل الّذي ليس بصحيح ولا كامل للفعل المعدوم أكثر من مشابهة الفعل الّذي نفي عنه أحد الأمرين خاصّة ، وكان الحمل عليه أولى.

لا يقال : يلزم [منه] زيادة الإضمار والتجوّز المخالف للأصل.

ولأنّ حمله على نفي الكمال خاصّة ، متيقّن ، إذ يلزم من نفي الصحّة نفي

٤١٣

الكمال ، دون العكس ، وإذا تقابلت الاحتمالات لزم الإجمال.

لأنّا نقول : ما ذكرناه أرجح ، لأنّه على وفق النفي الأصليّ ، وما ذكرتموه على خلافه.

ولأنّ ما ذكرناه لا يلزم منه تعطيل دلالة اللفظ ، بخلاف ما ذكرتموه.

سلّمنا وجوب إضمار أحدهما خاصّة ، لكن صرفه إلى الجواز أولى من صرفه إلى الفضيلة ، لأنّ المدلول [عليه] باللّفظ نفي الذات ، والدالّ على نفي الذات يدلّ على نفي جميع الصّفات ، لاستحالة بقاء الصّفة مع عدم الذات ، فقوله : «لا عمل» يدلّ على نفي الذات ونفي الصحّة ونفي الكمال ، ترك العمل به في الذات ، فيبقى معمولا به في الباقي.

لا يقال : دلالة الالتزام تابعة ، فإذا انتفت دلالة المطابقة ، انتفى تابعها.

ولأنّ هذا اللفظ قد جاء لنفي الفضيلة ، والأصل [في الكلام] الحقيقة.

لأنّا نقول : دلالة اللّفظ على نفي الصحّة وإن كانت تابعة لدلالته على نفي الذات ، لكن بعد استقرار تلك الدلالة صار اللّفظ كالعامّ بالنّسبة إليها بأسرها ، فإذا خصّ في بعض الصّور وهو الذات ، وجب أن يبقى معمولا به في الباقي. (١)

وفيه نظر ، فإنّ العموم إنّما حصل بسبب اعتبار الدلالتين معا ، فإذا عدمت المطابقة الّتي هي الأصل ، وجب عدم الأخرى.

بل الحقّ : أنّ الدّلالة الأصليّة باقية ، وإن كان الحكم منتفيا ، ووروده في نفي الفضيلة لدليل خارج ، ولا امتناع في صرف اللّفظ عن حقيقته العرفيّة

__________________

(١) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٧٠.

٤١٤

أو اللغويّة إلى مجازه ، وعن عمومه إلى خصوصه لدليل.

ولأنّ المشابهة بين المعدوم وبين ما لا يصحّ ، ولا يفضل أتمّ من المشابهة بين المعدوم وبين ما يوجد ويصحّ ولا يفضل ، والمشابهة إحدى أسباب المجاز ، فكان حمله على نفي الصحّة أولى.

ولأنّ الخلل الحاصل في الذات عند عدم الصحّة أشدّ من الخلل الحاصل فيها عند بقاء الصحّة ، وعدم الفضيلة.

لا يقال : [هذا] إثبات اللّغة بالترجيح.

لأنّا نقول : بل هو إثبات المجاز بالعرف في مثله.

واعلم أنّ القاضي إنّما خالف أبا الحسين في الفرق بين الأسماء الشرعيّة وغيرها ، من حيث إنّه نفى الأسماء الشرعيّة ، وأنكر أن يكون للشرع فيها عرف يخالف الوضع ، فيلزمه إضمار شيء في قوله : «لا صيام» كما ألزم هو وأبو الحسين الإضمار في قوله : «لا عمل إلّا بنيّة».

احتجّ القائلون بالإجمال : بأنّ العرف الشرعيّ مختلف في الكمال والصحّة ، ومتردّد بينهما على سواء ، وورودهما معا ، فيتحقّق الإجمال.

والجواب : عرف الشرع واحد ، وهو نفي الحقيقة الشرعيّة ، والتردّد إنّما هو لاختلاف الفقهاء في تقديره.

سلّمنا التردّد ، لكن لا نسلّم الاستواء بين نفي الكمال ونفي الصحّة ، بل الترجيح لنفي الصحّة ، لقربه من المعدوم.

٤١٥

المبحث السابع : في أنّ آية السّرقة ليست مجملة

ذهب السيّد المرتضى ومن تبعه ، إلى أنّ آية السّرقة مجملة في اليد. (١)

وربما توهّم آخرون أنّها مجملة في القطع أيضا.

والباقون على خلاف القولين ، عملا بالأصل ، وهو أنّ اللّفظ له حقيقة واحدة ، وعدم إرادة المجاز فينتفي الإجمال.

احتجّ السيد المرتضى : بأنّ لفظ «اليد» يطلق على العضو من المنكب ، وعليه من المرفق ، ومن الكوع ومن أصول الأنامل ، والأصل في الإطلاق الحقيقة ، فثبت الاشتراك.

وأمّا القطع ، فإنّه يطلق على الإبانة ، كما يقال : قطعت الغصن. وعلى الشقّ كما يقال : «قطع يده عند بري القلم» ويراد الجرح.

والجواب : نمنع الاشتراك بل اليد حقيقة في العضو من المنكب ، لأنّه لا يقال : قطعت يد فلان كلّها وجميعها ، إذا قطع الكفّ ، فلو كان اسم اليد يتناول هذا المقدار حقيقة صحّ أن يقال ذلك ، لأنّ الكفّ كلّ وجميع.

والاستعمال لا يدلّ على الحقيقة دائما ، والمجاز أولى من الاشتراك.

سلّمنا دلالته على الحقيقة ، لكن يجوز أن يكون متواطئا ، كما يجوز أن يكون مشتركا ، واعتقاد التواطؤ أولى من الاشتراك.

__________________

(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٥٠.

٤١٦

سلّمنا تساوي الاحتمالات ، لكنّ الاشتراك أحد أمور ثلاثة ، والباقيان اثنان منها ، ووقوع اثنين من ثلاثة أرجح من وقوع واحد منها.

قيل : إنّه إثبات اللّغة بالترجيح (١) ، وأنّه لا يكون مجمل أبدا.

لا يقال : الإجماع على عدم القطع من المنكب والمرفق ، وعند جماعة من الكوع ، وعند آخرين من أصول الأصابع ، يدلّ على أنّ اليد حقيقة فيهما ، وإلّا لما وجب الاقتصار على ذلك ، لئلّا يلزم مخالفة الظاهر.

لأنّا نقول : نمنع الدلالة ، فإنّ المجاز قد يستعمل ، ومخالفة الظاهر أولى من الإجمال ، لأنّ الإجمال يفضي إلى تعطيل اللّفظ في الحال إلى قيام دليل المرجّح ، ولا كذلك في الحمل على المجاز ، فإنّه وإن لم يظهر دليل التجوّز عمل بالحقيقة ، فلا يتعطّل اللّفظ ، فكان أولى.

وأمّا القطع ، فهو الإبانة في اللّغة ، فإذا أضيف إلى أيّ شيء أفاد إبانة ذلك الشيء ، والشقّ إذا حصل في جلد اليد حصلت الإبانة في تلك الأجزاء ، لكن إطلاق اسم اليد عليه مجاز من باب اسم الكلّ على جزء ، فيكون المجاز في اليد لا القطع. (٢)

وفيه نظر ، فإنّ أحدا لم يتجوّز باليد في الجلد ، فجعله في القطع أولى.

__________________

(١) لاحظ رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب : ٣ / ٣٩٤ ، قسم المتن.

(٢) الاستدلال للرازي في محصوله : ١ / ٤٧١ ـ ٤٧٢.

٤١٧

المبحث الثامن : في أنّ رفع الخطأ ليس مجملا

اختلف الناس في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان» (١) هل هو مجمل أم لا؟

فقال أبو الحسين البصري (٢) : إنّه مجمل ، لأنّ الخطأ واقع غير مرفوع ، وكذا النسيان ، وكلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صادق ، فلا بدّ من نفي الحكم ، فإمّا أن يضمر نفي جميع الأحكام ، وهو باطل ، لأنّ الإضمار على خلاف الأصل ، وإنّما يصار إليه لدفع الضرورة اللّازمة من تعطيل العمل باللفظ ، فيجب الاقتصار على ما تندفع به الضرورة ، وهو بعض الأحكام.

ولأنّ من جملة الأحكام لزوم الضمان وقضاء العبادة ، وغيرها ، وليس منفيّا بالإجماع.

وإما أن يضمر البعض ، فإمّا أن يكون معيّنا ، وهو باطل ، لعدم دلالة اللفظ عليه فيبقى أن يكون غير معيّن ، وهو نفس الإجمال.

والجواب : إنّما يلزم الإضمار لو لم يكن اللّفظ ظاهرا بعرف استعمال أهل اللّغة قبل ورود الشرع في نفي المؤاخذة ، لكنّ اللّفظ ظاهر فيه ، فإنّ كلّ عاقل ، يحكم عند سماع قول السيّد لعبده : «رفعت عنك الخطأ» بأنّه رفع عنه المؤاخذة والعقاب عليه ، والتبادر دليل الحقيقة.

__________________

(١) تقدّم تخريج الحديث ص ١٨٥.

(٢) المعتمد : ١ / ٣٠١.

٤١٨

أمّا اللغويّة أو العرفيّة فلا إجمال ، فكذا إذا قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمّته : «رفعت عنكم الخطأ» فهم ما يتوقّع من مؤاخذته لأمّته به ، وهو الأحكام الشرعية ، فكأنّه قال : رفعت عنكم الأحكام الشرعية في الخطأ.

لا يقال : لو كان عرف الاستعمال ما ذكرتم ، لاندفع عنه الضمان ، لأنّه من جملة المؤاخذات والعقوبات.

لأنّا نقول : نمنع كون الضّمان عقوبة ، ولهذا يجب في مال الصّبي والمجنون ، وليسا أهلا للعقوبة ، ويجب على المضطرّ في المخمصة إذا أكل مال غيره الضمان مع وجوب الأكل ، حفظا لنفسه ، والواجب لا عقوبة عليه.

وكذا يضمن الرّامي إلى صفّ الكفّار إذا أصاب مسلما ، مع أنّه مأمور بالرّمي ، مثاب عليه.

والعاقلة يضمن من غير جناية ، بل بسبب الغير ، فالضّمان في هذه الأشياء إنّما وجب امتحانا ليثاب عليه ، لا للانتقام.

سلّمنا أنّه عقاب ، لكن غايته لزوم تخصيص عموم اللفظ الدالّ على نفي كلّ عقاب، وهو أسهل من الإجمال.

على أنّا نمنع العموم في المضمر وهو الحكم ، لأنّه ليس من صيغ العموم حتّى يجعل عامّا في كلّ حكم ، كما لم يجعل قوله (أُمَّهاتُكُمْ)(١) عامّا في كلّ فعل ، مع وجوب إضمار الفعل كالحكم ، هذا الّذي يجب إضماره ، لإضافة الرفع إليه إضافة التحريم الى الفعل.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

٤١٩

قال أبو الحسين : لو كان المراد هنا نفي المؤاخذة لم يبق لأمّته مزية. (١)

وليس بجيّد ، أمّا أوّلا فللمنع من قصد المزيّة لاحتمال بيانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع حكم الخطاء عن أمّته ، كما ارتفع عن غيرهم.

وأمّا ثانيا فلاحتمال أن يكون من تقدّمه من الأمم مؤاخذين على الخطأ.

امّا لو ورد في موضع لا عرف فيه يدرك به خصوص معناه ، فإنّه مجمل يحتمل نفي الأثر مطلقا ، ونفي آحاد الآثار ، ويصلح لإرادة الجميع ، ولا يترجّح أحد الاحتمالات.

ومن جعل للعموم صيغة لم يحكم بالعموم هنا ، فإنّه لا صيغة للمضمرات ، وهذا قد أضمر فيه أثر.

لا يقال : إنّه يقتضي نفي المؤثّر والأثر معا ، فإذا تعذّر نفي المؤثّر بقرينة الحسّ نفي الأثر متعيّنا.

لأنّا نقول : قوله : «رفع الخطأ» ليس عامّا في نفي المؤثّر والأثر ، حتى إذا تعذّر في المؤثّر بقي (٢) في الأثر بل هو لنفي المؤثر فقط والأثر ينتفي بالتبعيّة ، ضرورة انتفاء مؤثّره ، لا باعتبار شمول اللفظ له وعمومه ، فإذا تعذّر حمله على المؤثّر صار مجازا ، إمّا عن جميع آثاره أو عن البعض ، ولا تترجّح الجملة على البعض (٣).

وفيه نظر ، لأنّ نفي جميع الصفات والآثار مجاز أقرب.

__________________

(١) المعتمد : ١ / ٣١٠.

(٢) في «أ» : نفي.

(٣) الاستدلال للغزاليّ في المستصفى : ٢ / ٣٠ ـ ٣١.

٤٢٠