نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ١

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ج ١

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-152-1
ISBN الدورة:
978-964-357-238-0

الصفحات: ٦٢٩

سلّمنا ، لكن التكاليف إن كانت بأسرها تكليف ما لا يطاق ، بطلت فائدة تخصيصهم بذكر ما لا يطاق ، بل كان الواجب أن يقولوا : «ربّنا لا تكلّفنا» وإن كان البعض ، لزم خلاف مذهبكم.

سلّمنا ، لكنّه معارض بقوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (١) ، (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢).

وعن الثاني : ما تقدّم ، من أنّ العلم تابع.

ثمّ تعارض (٣) أدلّة المجبرة زيادة على ما تقدّم ، بالمعقول والمنقول.

أمّا المعقول فوجوه :

الأوّل : قدرة العبد ثابتة [على فعله] بالإجماع بيننا وبينهم ، فلو لم تكن هي المؤثّرة ، لا يبقى الفرق بين المقدور وغيره.

الثاني : يكون المؤثّر في الفعل [عندئذ] غير العبد ، فيلزم وجود مقدور بين قادرين.

الثالث : يجوز أن تكون القدرة متعلّقة بالجواهر والألوان.

الرابع : يكون العبد مضطرّا بما خلق الله فيه من الفعل ، لا قادرا.

الخامس : يجوز أن يصدر عن العبد أفعال محكمة في غاية الإبداع والإتقان ، وهو لا يشعر بها.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٦.

(٢) الحجّ : ٧٨.

(٣) أي تردّ.

٥٦١

السادس : لا يبقى الفعل منقسما إلى طاعة ومعصية ، لأنّه ليس من فعله.

السابع : يكون الربّ تعالى أضرّ على العبد من إبليس ، حيث إنّه خلق فيه الكفر وعاقبه عليه ، وإبليس داع لا غير.

الثامن : لا يحسن شكر العبد ولا ذمّه على أفعاله ، ولا أمره ولا نهيه ، ولا عقابه ولا ثوابه.

التاسع : يكون الربّ تعالى امرا للعبد بفعل نفسه ، وهو قبيح عند العقلاء.

العاشر : يكون الكفر والإيمان من قضاء الله تعالى وقدره ، وهو إمّا أن يكون حقّا أو باطلا ، فإن كان حقّا ، فالكفر حقّ ، وإن كان باطلا ، فالإيمان باطل.

الحادي عشر : يكون الربّ تعالى إمّا راضيا ، فيلزم منه الرضا بالكفر ، أو غير راض ، فلا يكون راضيا بالإيمان. (١)

وأمّا المنقول فمن وجوه :

الأوّل : ما في القرآن من إضافة الفعل إلى العبد ، كقوله :

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ) (٢).

(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) (٣).

(حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (٤).

__________________

(١) إشارة إلى قوله سبحانه : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) إبراهيم : ٢٢.

(٢) البقرة : ٧٩.

(٣) الأنعام : ١١٦.

(٤) الأنفال : ٥٣ ؛ والرعد : ١١.

٥٦٢

(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ) (١).

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ) (٢).

(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (٣).

(كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٤).

(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) (٥).

(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) (٦).

الثاني : ما في القرآن من المدح على الإيمان ، والذمّ على الكفر ، والوعد على الطاعة ، والتوعّد على المعصية [كقوله :]

(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) (٧).

(الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٨).

(وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى. أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٩).

(كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) (١٠).

(هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١١).

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١٢).

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) (١٣).

__________________

(١) يوسف : ١٨ و ٨٣.

(٢) المائدة : ٣٠.

(٣) النساء : ١٢٣.

(٤) الطور : ٢١.

(٥) المدّثّر : ٣٨.

(٦) إبراهيم : ٢٢.

(٧) غافر : ١٧.

(٨) الجاثية : ٢٨.

(٩) النجم : ٣٧ ـ ٣٨.

(١٠) طه : ١٥.

(١١) النمل : ٩٠.

(١٢) الأنعام : ١٦٠.

(١٣) طه : ١٢٤.

٥٦٣

(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا) (١).

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) (٢).

الثالث : الآيات الدالّة على تنزيه أفعاله تعالى عن مماثلة أفعال المخلوقين ، من التفاوت والاختلاف والظلم [كقوله :]

(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) (٣).

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)(٤).

والكفر والظلم ليس بحسن (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ)(٥).

والكفر ليس بحقّ (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) (٦).

الرابع : الآيات الدّالّة على ذمّ العباد على الكفر والمعاصي [كقوله :]

(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) (٧) ، والإنكار مع العجز محال.

(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) (٨).

(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا) (٩).

(ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) (١٠).

(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١١).

__________________

(١) البقرة : ٨٦.

(٢) آل عمران : ٩٠.

(٣) الملك : ٣.

(٤) السجدة : ٧.

(٥) الحجر : ٨٥.

(٦) النساء : ٤٠.

(٧) البقرة : ٢٨.

(٨) الإسراء : ٩٤.

(٩) النساء : ٣٩.

(١٠) الأعراف : ١٢.

(١١) الانشقاق : ٢٠.

٥٦٤

(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (١).

(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) (٢).

(لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ) (٣).

(لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) (٤).

(لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٥).

الخامس : الآيات الدالّة على التهديد [كقوله :]

(فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (٦).

(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (٧).

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) (٨).

(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (٩).

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) (١٠).

(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) (١١).

السادس : الآيات الدالّة على أمر العباد بالفعل والمسارعة إلى الطّاعة [كقوله :]

(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ) (١٢).

__________________

(١) المدّثّر : ٤٩.

(٢) التوبة : ٤٣.

(٣) التحريم : ١.

(٤) آل عمران : ٧١.

(٥) آل عمران : ٩٩.

(٦) الكهف : ٢٩.

(٧) فصّلت : ٤٠.

(٨) المدثّر : ٥٥ ؛ وعبس : ١٢.

(٩) المدّثّر : ٣٧.

(١٠) الأنعام : ١٤٨.

(١١) الزخرف : ٢٠.

(١٢) آل عمران : ١٣٣.

٥٦٥

و (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ) (١).

(اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) (٢).

(ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا) (٣).

(فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ) (٤).

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) (٥).

(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ)(٦).

ولا يصحّ (٧) الأمر بالطاعة والمسارعة إليها ، والمأمور ممنوع عاجز عن الإتيان.

السابع : الآيات الدّالّة على الاستعانة به [كقوله :]

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(٨).

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٩).

(اسْتَعِينُوا بِاللهِ)(١٠).

وإذا كان الله هو الخالق للكفر والمعاصي ، كيف يستعان به؟

الثامن : الآيات الدّالّة على اللّطف [كقوله :]

__________________

(١) الأحقاف : ٣١.

(٢) الأنفال : ٢٤.

(٣) الحجّ : ٧٧.

(٤) النساء : ١٧٠.

(٥) الزمر : ٥٥.

(٦) الزمر : ٥٤.

(٧) في «ب» : ولا يقع.

(٨) الفاتحة : ٥.

(٩) النّحل : ٩٨.

(١٠) الأعراف : ١٢٨.

٥٦٦

(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ)(١).

(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً)(٢).

(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ)(٣).

(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(٤).

(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(٥).

فإذا كان خالق الفعل هو الله تعالى ، فأيّ نفع في اللّطف ، وما الّذي يحصل له به؟

التاسع : اعتراف الأنبياء بإضافة الفعل إليهم [كقوله :]

(رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا)(٦).

(سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(٧).

(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)(٨).

(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ)(٩).

(مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)(١٠).

(رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ)(١١).

__________________

(١) التوبة : ١٢٦.

(٢) الزخرف : ٣٣.

(٣) الشورى : ٢٧.

(٤) آل عمران : ١٥٩.

(٥) العنكبوت : ٤٥.

(٦) الأعراف : ٢٣.

(٧) الأنبياء : ٨٧.

(٨) النمل : ٤٤.

(٩) يوسف : ١٨.

(١٠) يوسف : ١٠٠.

(١١) هود : ٤٧.

٥٦٧

العاشر : الآيات الدّالّة على اعتراف الكفّار والعصاة بإضافة ذلك إليهم [كقوله:] (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) ـ إلى قوله : ـ (أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ)(١).

(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)(٢).

(فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ)(٣).

(فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)(٤).

الحادي عشر : الآيات الدّالّة على التحسّر وطلب الرّجعة [كقوله :]

(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها)(٥).

(رَبِّ ارْجِعُونِ)(٦).

(فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً)(٧).

(لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٨).

وبالجملة فالآيات الدّالّة على ذلك ، أكثر من أن تحصى.

__________________

(١) سبأ : ٣١ ـ ٣٢.

(٢) المدّثّر : ٤٣.

(٣) الملك : ٩.

(٤) الأعراف : ٣٩.

(٥) المؤمنون : ١٠٧.

(٦) المؤمنون : ٩٩.

(٧) السجدة : ١٢.

(٨) الزّمر : ٥٨.

٥٦٨

تذنيب

لا فرق بين الأمر والنهي في ذلك ، فإنّه كما استحال الأمر بالجمع بين الضدّين ، كذا يستحيل النّهي بينهما إذا لم يكن بينهما متوسّط ، وكما لا يقال : «تحرّك واسكن» كذا لا يقال : «لا تتحرّك ولا تسكن» والخلاف هنا مع الأشاعرة ظاهر.

وأبو هاشم جوّز ذلك ، (١) فإنّ من توسّط أرضا مغصوبة تحرم عليه الحركة والسّكون فيها ، فكما يحرم عليه اللّبث فيها ، كذلك يحرم عليه الخروج عنها ، إذ كلّ منهما تصرّف في ملك الغير بغير إذنه حراما.

والحقّ : أنّه مكلّف بالخروج وإن تضمّن التصرّف والإضرار بالغير ، إذا كان الخروج يتضمّن إفساد الزّرع ، وكذا اللّبث ، لما في الخروج من تقليل الضّرر وفي اللبث من تكثيره.

كما يكلّف المولج في فرج الحرام بالنّزع ، وإن كان به مماسّا للفرج المحرّم ، لأنّ ارتكاب أقلّ الضّررين قد يجب نظرا إلى دفع أكثرهما ، كما يجب (٢) شرب الخمر دفعا للغصّ وتناول الميتة للمضطرّ.

ووجوب الضّمان عليه بما يفسده عند الخروج لا يعطي الحرمة ، كما يجب الضمان على المضطرّ في المخمصة بما يتلفه بالأكل ، وإن كان الأكل واجبا.

__________________

(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ١ / ٩٦.

(٢) في النسخ الّتي بأيدينا «يوجب».

٥٦٩

ولو قدّر انتفاء الترجيح بين الطرفين ، احتمل الحكم بالتخيير [أ] والخلوّ عن حكم شرعيّ ، كما لو سقط إنسان من شاهق على صبيّ محفوف بصبيان ، وهو يعلم أنّه تقتل من تحته إن استمرّ ، وإن انتقل قتل من يليه.

ويحتمل أن يقال : يستمرّ ، فإن الانتقال فعل مستأنف ، لا يصحّ إلّا من حيّ قادر ، أمّا ترك الحركة ، فلا يحتاج إلى استعمال قدرة.

قيل : الحجّ الفاسد ، إن كان إتمامه حراما من حيث يجب القضاء ، فلم يجب؟ وإن كان واجبا وطاعة ، فلم وجب القضاء ، وعصى به؟

وأجيب : أنّه عصى (١) بالوطء المفسد ، وهو مطيع بإتمام الفاسد ، والقضاء يجب بأمر جديد ، وقد يجب بما هو طاعة إذا تطرّق إليه خلل (٢).

ومن ألقى نفسه [من سطح] فكسر رجله ، لا يعصي بالصلاة قاعدا ، بل بكسر الرّجل ، لا بترك الصلاة قائما.

المبحث الثاني : في أنّه لا يشترط في التكليف حصول الشرط الشرعي

اختلف النّاس هنا : فقالت المعتزلة والأشاعرة بذلك.

وخالف فيه أبو حنيفة وأبو حامد الإسفرايني (٣) وزعما أنّ الكفّار غير مخاطبين بالفروع.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : يعصى.

(٢) الإشكال والجواب مذكوران في المستصفى : ١ / ١٦٨.

(٣) تقدّمت ترجمته ص ١٥١.

٥٧٠

ومنهم من قال : إنّهم مكلّفون بالنواهي دون الأوامر ، فإنّه يصحّ انتهاؤهم عن المنهيّات ، ولا يصحّ إقدامهم على المأمورات.

ولا أثر للاختلاف في أحكام الدنيا ، فإنّ الكافر ما دام كافرا ، يمتنع منه الإقدام على الصّلاة ، وإذا أسلم ، سقط القضاء. (١)

وإنّما أثره في أحكام الآخرة ، بمعنى : أنّ الكافر كما يعذّب على كفره ، ويذمّ عليه ، كذا يعذّب على عصيانه وترك الصّلاة ، ويذمّ عليه ، فهذا هو معنى قولنا : إنّهم مأمورون بالفروع.

لنا وجوه :

الأوّل : المقتضي للوجوب قائم ، وهو الأمر العامّ الشّامل لهم ، مثل :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)(٢).

(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٣) ، وغيرهما.

والمانع ، لا يصلح للمانعيّة ، إذ ليس إلّا الكفر ، وهو غير صالح ، لتمكّن الكافر من الإتيان بالصّلاة ، بأن يقدّم إيمانه الّذي هو شرط ، كما يقدّم المحدث طهارته الّتي هي شرط في الصّلاة ، وكذا الدّهري مكلّف بتصديق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وإذا ثبت المقتضي وانتفى المانع ، وجب الحكم بالوجوب.

__________________

(١) لما روي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله» مضافا إلى ما روي عن الأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام من أنّ الكافر إذا أسلم لا يقضي شيئا من فرائضه إلّا الزّكاة. لاحظ وسائل الشيعة : ٦ / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، الباب ٣ من أبواب المستحقين للزكاة ، الحديث ١ و ٢ و ٣.

(٢) البقرة : ٢١.

(٣) آل عمران : ٩٧.

٥٧١

الثاني : قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) ـ إلى قوله : ـ (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ)(١).

علّلوا التعذيب بالكفر وترك الصّلاة وغيرها من الفروع.

لا يقال : قول الكفّار ليس حجّة ، ولا يجب تكذيبهم ، كما في قوله تعالى :

(أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٢).

(ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)(٣).

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ)(٤).

سلّمنا ، لكنّ التكذيب سبب مستقلّ في التعذيب ، فلا يحال على غيره.

سلّمنا ، لكن يحتمل «لم نك من المؤمنين». (٥)

كما روي «نهيت عن قتل المصلّين» (٦) ويقال : أهل الصلاة ، والمراد : المسلمون.

ويؤيّده أنّ أهل الكتاب داخلون في هذه الجملة ، مع أنّهم كانوا يصلّون ، ويتصدّقون ، ويؤمنون بالغيب ، فلو أرادوا : لم نأت بالصّلاة والزّكاة ، كانوا كاذبين ، فعلم أنّ المراد ما كانوا من أهل الصّلاة.

__________________

(١) المدّثّر : ٤٢ ـ ٤٦.

(٢) الأنعام : ٢٣.

(٣) النّحل : ٢٨.

(٤) المجادلة : ١٨.

(٥) والمراد أنّه يحتمل أنّ قوله تعالى : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) معناه : «لم نك من المؤمنين».

(٦) تقدّم مصدر الحديث في صفحة ٢٥١.

٥٧٢

سلّمنا أنّ التعذيب على ترك الصلاة ، لكن جاز أن يكون إخبارا عن قوم ارتدّوا بعد إيمانهم ، مع أنّهم ما صلّوا حال إسلامهم ، لأنّه واقعة حال ، فيكفي في صدقه صورة واحدة.

سلّمنا العموم ، لكنّ الوعيد على فعل الجميع ، لا على فعل كلّ واحد.

لأنّا نقول : لو لا الصّدق لما كان في رواية قولهم فائدة ، مع وجوب حمل كلامه تعالى على ما هو أكثر فائدة ، وتلك الآيات كذّبهم الله تعالى فيها أجمع.

والعجب أنّ فخر الدين سلّم هذا الاعتراض ، واعتذر بأنّ عدم التكذيب للظّهور عند العقل ، بخلاف صورة النزاع ، فإنّ العقل لما خفي عنه التكذيب ، وجب أن يكذّبهم فيها لو كانوا كاذبين. (١)

وليس بجيّد ، فإنّه تعالى عقّب الأولى بقوله :

(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ)(٢).

والثانية بقوله : (بَلى)(٣).

والثالثة بقوله : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ)(٤).

ولو لا دخول القيود في التعليل ، لم يكن الإدخال جائزا.

__________________

(١) المحصول في علم الأصول : ١ / ٣١٩.

(٢) الأنعام : ٢٤.

(٣) النّحل : ٢٨.

(٤) المجادلة : ١٨.

٥٧٣

مع أنّه تعالى رتّب الحكم على الجميع ، والتكذيب وإن استقلّ في مطلق التعذيب ، لكنّ المحصول في موضع معيّن من الجحيم ـ وهو سقر ـ معلّل بالجميع ، لا بمجرّد التكذيب الّذي هو سبب لدخول مطلق الجحيم.

وتأويل (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) بأنّا لم نك من أهل الصّلاة ، لا يتأتّى في قوله (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)(١).

وأهل الكتاب وإن صلّوا ، لكنّ المراد [من الصلاة] في عرف شراعنا هو (٢) الأفعال المخصوصة عندنا ، لا الّتي في شرع غيرنا.

والحمل على المرتدّين تخصيص ، لأنّ قوله : (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) جواب المجرمين في قوله : (يَتَساءَلُونَ. عَنِ الْمُجْرِمِينَ)(٣) وهو عامّ في حقّ الكلّ ، ولو لا أن يكون كلّ واحد له مدخل في استحقاق العقاب ، وإلّا لم يحسن انضمامه وجعله جزءاً من المؤثّر.

الثالث : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ) ـ إلى قوله : ـ (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)(٤) جعله جزءاً لما تقدّم ، ومن جملته : قتل النفس ، والزّنا ، وقوله : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى. وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى)(٥) ذمّه على الجميع ، وقوله : (وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ)(٦).

__________________

(١) المدثر : ٤٤.

(٢) في «أ» و «ب» و «ج» : وهو.

(٣) المدّثّر : ٤٠ ـ ٤١.

(٤) الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩.

(٥) القيامة : ٣١ ـ ٣٢.

(٦) فصّلت : ٦ ـ ٧.

٥٧٤

الرابع : الكافر يتناوله النّهي ، فيتناوله الأمر.

أمّا الأوّل ، فلأنّه يحدّ على الزّنا.

وأمّا الثاني ، فلأنّ علّة تناول النّهي تمكّنه من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الاحتراز من المنهيّ عنه للمناسبة والاقتران ، فوجب أن يكون متمكّنا من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الإقدام على المأمور به.

لا يقال : نمنع تناول النهي ، والحدّ وجب لالتزامه بأحكامنا.

سلّمنا ، لكنّ الفرق : تمكّنه من الانتهاء مع كفره ، وعدم تمكّنه من الإتيان بالمأمور به.

لأنّا نقول : من أحكام شراعنا عدم الحدّ على المباح.

وتمكّنه من المنهيّات إن عني به الترك من غير اعتبار النيّة ، فكذا يتمكّن من فعل المأمور من غير اعتبارها.

وإن عني به التمكّن من الانتهاء لغرض امتثال قول الشّارع ، فلا يمكن حال عدم الإيمان كالأمر.

قال السيّد المرتضى : الكافر يحدّ على الزّنا على وجه العقوبة ، فلو لا أنّه مخاطب بالفروع لما حدّ.

لا يقال : إنّما عوقب على أنّه لم يخلّص نفسه من الكفر ، فيعرف قبح الزّنا.

لأنّا نقول : إنّ هذا تصريح بأنّه يعاقب على كفره لا على الزنا ، وهذا يوجب أن يعاقبه وإن لم يزن.

٥٧٥

قال : وقد كان شيخ من متقدّمي الشافعيّة ، وقد استدللت بهذه الطريقة ، فقال [لي] : إنّا نقول : إنّ الكفّار مخاطبون بالتروك دون الأفعال ، لافتقارها إلى كونها قربة ، دون التروك.

فقلت : هذا خلاف الإجماع ، إذ النّاس بين قائلين :

أحدهما قال : بأنّهم مخاطبون بالجميع.

والثاني : إنّهم غير مخاطبين بشيء أصلا.

سلّمنا ، لكن القربة معتبرة في تروك هذه القبائح ، كما اعتبرت في الأفعال ، لأنّا أمرنا بترك الزّنا قربة إلى الله تعالى ، فمن لم يتركه لذلك ، لا يستحقّ مدحا ، ولا ثوابا ، ولا يكون مطيعا لله تعالى ، ولا ممتثلا لأمره.

وإذا لم تصحّ القربة من الكافر [وهو كافر] لم يجز أن تقع منه على الوجه المشروع ، لا فعلا ولا تركا. (١)

الخامس : لو لم يتعبّد الكافر بالشّرع ، لكان معذورا في تكذيب النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والامتناع من تصديقه ، والتالي باطل بالإجماع ، فكذا المقدّم.

بيان الشرطيّة : أنّ الغرض في تصديقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المعرفة بشرائعه ، كما أنّ الغرض في بعثته هو أداؤه الشرائع ، فمن لم يكلّف ما هو الغرض في إيجاب التصديق ، لا يجوز أن يكون مكلّفا بالتّصديق.

السادس : التكليف جائز عقلا ، وقد وقع.

أمّا المقدّمة الأولى ، فلأنّه لو خاطب الشارع الكافر المتمكّن من فهم

__________________

(١) الذّريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٧٧ ـ ٧٨ باختلاف يسير.

٥٧٦

الخطاب ، وقال له : «أوجبت عليك العبادات الخمس المشروط صحّتها بالإيمان ، وأوجبت عليك الإتيان بالإيمان مقدّما عليها» لم يلزم منه لذاته محال قطعا.

وأمّا الوقوع ، فلما تقدّم من الآيات فكقوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ـ إلى قوله : ـ (وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ)(١).

السابع : لو كان حصول الشّرط في الفعل شرطا في التّكليف ، لم يجب صلاة على محدث ، ولا جنب ، ولا قبل النيّة ، ولا «الله أكبر» قبل النيّة ، ولا اللّام قبل الهمزة ، وكلّ ذلك باطل قطعا.

احتجّ المخالف بوجوه :

الأوّل : لو وجبت الصّلاة على الكافر ، فإمّا حال كفره وهو محال ، والمحال لا يكون مأمورا به ، أو بعده ، وهو باطل ، للإجماع على سقوطها حينئذ.

الثاني : ولو وجبت عليه لوجب القضاء ، كالمسلم ، والجامع تدارك المصلحة المتعلّقة بتلك العبادة.

الثالث : لو وجبت لأمكن الامتثال ، وهو منفيّ حال الكفر.

والجواب عن الأوّل : إنّما يلزم تكليف ما لا يطاق لو قلنا : إنّه حال كفره مكلّف بأن يأتي بالعبادة حالة الكفر ، ونحن لا نقول بذلك ، بل هو حالة الكفر مكلّف بالعبادة في ثاني الحال : بأن يقدّم الإيمان ، ثمّ يأتي بالعبادة.

__________________

(١) البيّنة : ١ ـ ٥.

٥٧٧

وأيضا ، فالفائدة إنّما تظهر في الآخرة ، كما قدّمناه في أوّل المسألة ، لا في أحكام الدّنيا.

وعن الثاني : بالمنع من وجوب القضاء لكلّ أمر كالجمعة.

والفرق بينه وبين المسلم ظاهر ، فإنّ إيجاب القضاء بعد إسلامه يوجب نفرته عن الإسلام ، لطول زمان كفره ، بخلاف المسلم.

وعن الثالث : أنّ الامتثال ممكن ، كما بيّناه : بأن يسلم ويفعل كالمحدث.

المبحث الثالث : في أنّ الأمر يقتضي الإجزاء

قد عرفت أنّ المراد من كون الفعل مجزئا هو : أنّ الإتيان به كاف في سقوط التعبّد.

وإنّما يتحقّق ذلك ، إذا كان الفعل مستجمعا لجميع الأمور المعتبرة فيه ، من حيث وقع الأمر به.

وقد فسّره قاضي القضاة بأنّه ما أسقط القضاء (١) وتقدّم إبطاله.

وقد دخل تحت ما اخترناه ، العبادات الواجبة وغير الواجبة.

وليس معنى قولنا : إنّ العبادة تجزئ ، أنّها حسنة ، لأنّ المباح حسن ، ولا يوصف بالإجزاء.

إذا عرفت هذا فنقول : اختلف النّاس هنا : فالمحقّقون ذهبوا إلى أنّ

__________________

(١) نقله عنه أبو الحسين المعتزلي في المعتمد : ١ / ٩١ ؛ والآمدي في الإحكام : ٢ / ٣١٣.

٥٧٨

الإتيان بمقتضى الأمر ، يقتضي الإجزاء بالمعنيين.

وقال أبو هاشم وأتباعه والقاضي عبد الجبّار : إنّه لا يقتضي الإجزاء بمعنى سقوط القضاء (١).

وقال السيّد المرتضى : إنّه يدلّ من حيث الشرع ، لا من جهة اللغة (٢).

لنا وجوه :

الأوّل : أنّه فعل المأمور به ، فيخرج عن عهدة التكليف.

أمّا المقدّمة الأولى ، فبالفرض.

وأمّا الثانية ، فلأنّه لو بقي مكلّفا ، فإمّا بالفعل الّذي فعله أوّلا ، فيلزم تحصيل الحاصل ، أو بغيره ، فيلزم أن يكون الأمر قد كان متناولا لغير المأتيّ به ، فلا يكون المأتيّ به تمام متعلّق الأمر ، وقد فرضناه كذلك ، هذا خلف.

الثاني : لو بقي في عهدة التكليف بذلك الفعل ، فإمّا أن يكون في أعداد مخصوصة ، أو دائما ، وكلاهما باطل.

__________________

(١) في الكاشف عن المحصول : ٤ / ٧٠ : قال القاضي عبد الجبار في كتابه المسمّى «العمد» : اعلم أنّ الصحيح أنّ الأمر لا يقتضي كون المأمور به مجزئا ، وإنّما يعلم ذلك بدلالة ، والفقهاء بأسرهم على خلافه ، ثمّ قال : لا يمتنع أن يقول الحكيم : «أمرتك بكذا ، وإذا فعلت ، أثبت عليه ، وأدّيت الواجب ، ويلزمك مع ذلك القضاء» ؛ وهذا غير بعيد ، وهو معنى قولنا : إنّه غير مجزئ ، ولا نعني به : أنّه لا يحلّ ؛ إنّما نعني به : أنّه يجب القضاء فيه ، ولا يقع موقع الصحيح الّذي لا يقضى.

(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ١٢٢.

٥٧٩

أمّا الأوّل فللتّرجيح من غير مرجّح.

وأمّا الثاني ، فللحرج ، ولزوم القبيح (١) لو كلّف بغيرها من العبادات.

الثالث : إمّا أن يجب عليه فعله ثانيا وثالثا ، أو ينقضي عن عهدته بما ينطلق عليه الاسم ، والأوّل يستلزم كون الأمر للتكرار ، وهو باطل ، والثاني هو المطلوب ، فإنّه بمعنى الإجزاء.

الرابع : لو لم يقتض الإجزاء لجاز أن يقول السيّد لعبده : «افعل ، وإذا فعلت لا يجزئ عنك» ولو كان كذلك ، لكان متناقضا.

الخامس : لو لم يدلّ على الإجزاء لم يعلم الامتثال ، والتّالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله.

السادس : القضاء استدراك ما فات من الأجزاء ، فيكون تحصيلا للحاصل.

احتجوا بوجوه :

الأوّل : النّهي لا يدلّ على الفساد بمجرّده ، فالأمر لا يدلّ على الإجزاء بمجرّده.

الثاني : لو وجب الإجزاء لاكتفى بإتمام الحجّ الفاسد ، والصّوم الّذي جامع فيه ، عن القضاء.

الثالث : الأمر بالشّيء لا يفيد إلّا كونه مأمورا به ، فأمّا دلالته على سقوط التكليف فلا.

__________________

(١) في «ب» و «ج» : ولزوم النّسخ.

٥٨٠