النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

[ه] وفى حديث ابن عباس «أعوذ بالله من شرّ عرق نَعَّارٍ» نَعَرَ العرق بالدم ، إذا ارتفع وعلا. وجرح نَعَّارٌ ونَعُورٌ ، إذا صوّت دمه عند خروجه.

(ه) ومنه حديث الحسن «كلّما نَعَرَ بهم نَاعِرٌ اتّبعوه» أى ناهض يدعوهم إلى الفتنة ، ويصيح بهم إليها.

(نعس) ـ قد تكرر فيه ذكر «النُّعَاسِ» اسما وفعلا. يقال : نَعَسَ يَنْعَسُ نُعَاساً ونَعْسَةً فهو نَاعِسٌ. ولا يقال : نَعْسَان. والنُّعَاسُ : الوسن وأوّل النّوم.

(س) وفيه «إنّ كلماته بلغت نَاعُوسَ البحر» قال أبو موسى : هكذا وقع فى صحيح مسلم (١) وفى سائر الروايات «قاموس البحر» وهو وسطه ولجّته ، ولعله لم يجوّد كتبته فصحّفه بعضهم. وليست هذه اللّفظة أصلا فى مسند إسحاق (٢) الذى روى عنه مسلم هذا الحديث ، غير أنه قرنه بأبى موسى وروايته ، فلعلّها فيها.

قال : وإنما أورد نحو هذه الألفاظ ، لأنّ الإنسان إذا طلبه لم يجده فى شيء من الكتب فيتحيّر ، فإذا نظر فى كتابنا عرف أصله ومعناه.

(نعش) (ه) فيه «وإذا تعس فلا انْتَعَشَ» أى لا ارتفع ، وهو دعاء عليه. يقال : نَعَشَهُ الله يَنْعَشُهُ نَعْشاً إذا رفعه. وانْتَعَشَ العاثر ، إذا نهض من عثرته ، وبه سمّى سرير الميت نعشا لارتفاعه. وإذا لم يكن عليه ميّت محمول فهو سرير.

ومنه حديث عمر «انْتَعِشْ نعشك الله» أى ارتفع.

[ه] وحديث عائشة (٣) «فانتاش الدّين بِنَعْشِهِ» أى استدركه بإقامته من مصرعه.

__________________

(١) أخرجه مسلم فى باب تخفيف الصلاة والخطبة ، من كتاب الجمعة. وقال الإمام النووى فى شرحه ٦ / ١٥٧ : «قال القاضى عياض : أكثر نسخ صحيح مسلم وقع فيها «قاعوس» بالقاف والعين. قال : ووقع عند أبى محمد بن سعيد : «تاعوس» بالتاء المثناة فوق. قال : ورواه بعضهم : «ناعوس» بالنون والعين. قال : وذكره أبو مسعود الدمشقى فى أطراف الصحيحين ، والحميدى فى الجمع بين رجال الصحيحين «قاموس» بالقاف والميم».

(٢) ابن راهويه ، كما صرّح النووى.

(٣) تصف أباها رضى الله عنهما.

٨١

ويروى «انتاش الدين فَنَعَشَهُ» بالفاء ، على أنه فِعل.

وحديث جابر «فانطلقنا به نَنْعَشُهُ» أى ننهضه ونقوّى جأشه.

(نعظ) [ه] فى حديث أبى مسلم الخولانى «النَّعْظُ أمر عارم (١)» يقال : نَعَظَ الذّكر ، إذا انتشر ، وأَنْعَظَهُ صاحبه. وأَنْعَظَ الرجلُ ، إذا اشتهى الجماع. والْإِنْعَاظُ : الشّبق. يعنى أنه أمر شديد.

(نعف) [ه] فى حديث عطاء «رأيت الأسود بن يزيد قد تلفّف فى قطيفة ، ثم عقد هدبة القطيفة بِنَعَفَةِ الرّحل» النَّعَفَةُ بالتحريك : جلدة أو سير يشدّ فى آخرة الرّحل ، يعلّق فيه الشيء يكون مع الراكب.

وقيل : هى فضلة من غشاء الرّحل ، تشقّق سيورا وتكون على آخرته.

(نعق) ـ فيه «قال لنساء عثمان بن مظعون لمّا مات : ابكين وإياكنّ ونَعِيقَ الشيطان» يعنى الصّياح والنّوح. وأضافه إلى الشيطان ؛ لأنه الحامل عليه.

ومنه حديث المدينة «آخر من يحشر راعيان من مزينة ، يريدان المدينة ، يَنْعِقَانِ بغنمهما» أى يصيحان. يقال : نَعَقَ الراعى بالغنم يَنْعَقُ (٢) نعيقا فهو نَاعِقٌ ، إذا دعاها لتعود إليه. وقد تكرر فى الحديث.

(نعل) (ه) فيه «إذا ابتلّت النِّعَالُ فالصلاة فى الرّحال» النِّعَالُ : جمع نَعْل ، وهو ما غلظ من الأرض فى صلابة. وإنما خصّها بالذكر ، لأن أدنى بلل يندّيها ، بخلاف الرّخوة فإنها تنشّف الماء.

(ه) وفيه «كان نَعْلُ سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من فضّة» نَعْلُ السيف : الحديدة (٣) التى تكون فى أسفل القراب.

(س) وفيه «أن رجلا شكا إليه رجلا من الأنصار فقال :

__________________

(١) فى الأصل «غارم» بالمعجمة. والتصويب بالمهملة ، من ا ، واللسان ، والهروى ، والمصباح.

(٢) من باب منع ، وضرب ، كما فى القاموس ، وزاد فى المصدر : «نعقا ، ونعاقا».

(٣) هذا شرح شمر ، كما ذكر الهروى.

٨٢

* يا خير من يمشى بنعل فرد *

النَّعْلُ : مؤنثة ، وهى التى تلبس فى المشى ، تسمّى الآن : تاسومة ، ووصفها بالفرد وهو مذكر ؛ لأن تأنيثها غير حقيقىّ.

والفرد : هى التى لم تخصف ولم تطارق ، وإنما هى طاق واحد. والعرب تمدح برقّة النعال ، وتجعلها من لباس الملوك. يقال : نَعَلْتُ ، وانْتَعَلْتُ ، إذا لبست النّعل ، وأَنْعَلْتُ الخيل ، بالهمزة.

ومنه الحديث «إنّ غسّان تُنْعِلُ خيلها».

وقد تكرر ذكر «الْإِنْعَالِ والِانْتِعَالِ» فى الحديث.

(نعم) (ه) فيه «كيف أَنْعَمُ وصاحب القرن قد التقمه؟» أى كيف أَتَنَعَّمُ ، من النَّعْمَةِ ، بالفتح ، وهى المسرّة والفرح والتّرفّه.

(ه) ومنه الحديث «إنها لطير نَاعِمَةٌ» أى سمان مترفة.

وفى حديث صلاة الظهر «فأبرد بالظهر وأنعم» أى أطال الإبراد وأخّر الصلاة.

ومنه قولهم «أَنْعَمَ النّظر فى الشيء» إذا أطال التّفكّر فيه.

[ه] ومنه الحديث «وإنّ أبا بكر وعمر منهم (١) وأَنْعَمَا» أى زادا وفضلا. يقال : أحسنت إلىّ وأَنْعَمْتَ : أى زدت على الإنعام.

وقيل : معناه صارا إلى النعيم ودخلا فيه ، كما يقال : أشمل ، إذا دخل فى الشّمال.

ومعنى قولهم : أَنْعَمْتُ على فلان : أى أصرت إليه نِعْمَة.

(س) وفيه «من توضّأ للجمعة فبها ونِعْمَتْ» أى ونعمت الفعلة والخصلة هى ، فحذف المخصوص بالمدح.

والباء فى قوله «فيها» متعلقة بفعل مضمر : أى فبهذه الخصلة أو الفعلة ، يعنى الوضوء ينال الفضل.

وقيل : هو راجع إلى السّنّة : أى فبالسّنة أخذ ، فأضمر ذلك.

(س) ومنه الحديث «نِعِمَّا بالمال» أصله : نعم ما ، فأدغم وشدّد. وما : غير موصوفة

__________________

(١) أى من أهل علّيّين ، كما صرّح الهروى.

٨٣

ولا موصولة ، كأنه قال : نِعْمَ شيئا المالُ ، والباء زائدة ، مثل زيادتها فى (كَفى بِاللهِ حَسِيباً).

ومنه الحديث «نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح» وفى نعم لغات ، أشهرها كسر النون وسكون العين ، ثم فتح النون وكسر العين ، ثم كسرهما.

(س) وفى حديث قتادة «عن رجل من خثعم ، قال : دفعت إلى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بمنى ، فقلت له : أنت الذى تزعم أنك نبىّ؟ فقال : نَعِم» وكسر العين. هى لغة فى نَعَم ، بالفتح ، التى للجواب. وقد قرئ بهما.

وقال أبو عثمان النّهدى : «أمرنا أمير المؤمنين عمر بأمر فقلنا : نعم ، فقال : لا تقولوا : نَعَم ، وقولوا نَعِم» وكسر العين.

(س) وقال بعض ولد الزبير «ما كنت أسمع أشياخ قريش يقولون إلّا نَعِمْ» بكسر العين.

(س) وفى حديث أبى سفيان «حين أراد الخروج إلى أحد كتب على سهم : نَعَم ، وعلى آخر : لا ، وأجالهما عند هبل ، فخرج سهم نعم ، فخرج إلى أحد ، فلما قال لعمر : أعل هبل ، وقال عمر : الله أعلى وأجلّ ، قال أبو سفيان : أَنْعَمَت ، فعال عنها» أى أترك ذكرها فقد صدقت فى فتواها. وأَنْعَمَتْ : أى أجابت بِنَعَمْ.

(ه) وفى حديث الحسن «إذا سمعت قولا حسنا فرويدا بصاحبه ، فإن وافق قول عملا فَنَعْمَ ونُعْمَةَ عين ، آخه وأودده» أى إذا سمعت رجلا يتكلم فى العلم بما تستحسنه ، فهو كالداعى لك إلى مودّته وإخائه ، فلا تعجل حتى تختبر فعله ، فإن رأيته حسن العمل فأجبه إلى إخائه ومودّته. وقل له : نعم.

ونُعْمَةُ عين : أى قرّة عين. يعنى أقرّ عينك بطاعتك واتّباع أمرك. يقال : نعمة عين ، بالضم ، ونُعْمَ عين ، ونُعْمَى عين.

(س) وفى حديث أبى مريم «دخلت على معاوية فقال : ما أَنْعَمَنَا بك؟» أى ما الذى أعملك إلينا ، وأقدمك علينا ، وإنما يقال ذلك لمن يفرح بلقائه ، كأنه قال : ما الذى أسرّنا وأفرحنا ، وأقرّ أعيننا بلقائك ورؤيتك.

٨٤

وفى حديث مطرّف «لا تقل : نَعِمَ الله بك عينا ، فإن الله لا يَنْعَمُ بأحد عينا ، ولكن قل : أَنْعَمَ الله بك عينا» قال الزمخشرى : الذى منع منه مطرّف صحيح فصيح فى كلامهم ، وعينا نصب على التمييز من الكاف ، والباء للتّعدية. والمعنى : نَعَّمَكَ الله عينا : أى نَعَّمَ عينك وأقرّها. وقد يحذفون الجارّ ويوصلون الفعل فيقولون : نَعِمَكَ الله عينا. وأمّا أنعم الله بك عينا ، فالباء فيه زائدة ، لأنّ الهمزة كافية فى التّعدية ، تقول : نَعِمَ زيد عينا ، وأَنْعَمَهُ الله عينا (١) ويجوز أن يكون من أنعم ، إذا دخل فى النَّعِيمِ ، فيعدّى بالباء. قال : ولعلّ مطرّفا خيّل إليه أن انتصاب المميّز (٢) فى هذا الكلام عن الفاعل ، فاستعظمه ، تعالى الله (٣) أن يوصف بالحواسّ علوّا كبيرا ، كما يقولون : نَعِمْتُ بهذا الأمر عينا ، والباء للتّعدية ، فحسب أنّ الأمر فى نعم الله بك عينا ، كذلك.

(س) وفى حديث ابن ذى يزن :

أتى هرقلا وقد شالت نعامتهم

النَّعَامَةُ : الجماعة : أى تفرّقوا.

(نعمن) (س) فى حديث ابن جبير «خلق الله آدم من دحناء ، ومسح ظهره بِنَعْمَانِ السحاب» نَعْمَان : جبل بقرب عرفة ، وأضافه إلى السّحاب ، لأنه يركد فوقه ؛ لعلوّه.

(نعا) (س) فى حديث عمر «إن الله نَعَى على قوم شهواتهم» أى عاب عليهم. يقال : نَعَيْتُ على الرجل أمرا ؛ إذا عبته به ووبّخته عليه. ونَعَى عليه ذنبه : أى شهّره به.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «يَنْعَى علىّ امرأ أكرمه الله على يدى» أى يعيبنى بقتلى رجلا أكرمه الله بالشّهادة على يدى. يعنى أنه كان قتل رجلا من المسلمين قبل أن يسلم.

(ه) وفى حديث شدّاد بن أوس «يا نَعَايَا العرب ، إنّ أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشّهوة الخفيّة» وفى رواية «يا نُعْيَانَ العرب» يقال : نَعَى الميّتَ يَنْعَاهُ نَعْياً ونَعِيّاً ، إذا أذاع موته ، وأخبر به ، وإذا ندبه.

__________________

(١) زاد فى الفائق ٣ / ١١١ : «ونظيرها الباء فى : أقرّ الله بعينه».

(٢) فى ا : «التمييز».

(٣) فى الفائق : «عن أن».

٨٥

قال الزمخشرى : (١) فى نَعَايَا ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون جمع نَعِىّ ، وهو المصدر ، كصفىّ وصفايا ، والثانى : أن يكون اسم جمع ، كما جاء فى أخيّة : أخايا ، والثالث : أن يكون جمع نَعَاءِ ، التى هى اسم الفعل ، والمعنى يا نعايا العرب جئن فهذا وقتكنّ وزمانكنّ ، يريد أنّ العرب قد هلكت. والنُّعْيَان مصدر بمعنى النَّعْى. وقيل : إنه جمع نَاعٍ ، كراع ورعيان. والمشهور فى العربية أن العرب كانوا إذا مات منهم شريف أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل يَنْعَاهُ إليهم ، يقول : نَعَاءِ فلانا ، أو يا نَعَاء العرب : أى هلك فلان ، أو هلكت العرب بموت فلان. فَنَعَاءِ من نعيت : مثل نظار ودراك. فقوله «نَعَاءِ فلانا» معناه انْع فلانا ، كما تقول : دراك فلانا : أى أدركه. فأمّا قوله يا نَعَاءِ العرب ، مع حرف النداء فالمنادى محذوف ، تقديره : يا هذا انع العرب ، أو يا هؤلاء انْعَوا العرب ، بموت فلان ، كقوله تعالى : ألا يا اسجدوا أى يا هؤلاء اسجدوا ، فيمن قرأ بتخفيف ألا.

(باب النون مع الغين)

(نغر) (ه) فيه «أنه قال لأبى عمير أخى أنس : يا أبا عمير ، ما فعل النُّغَيْرُ؟» هو تصغير النُّغَرِ ، وهو طائر يشبه العصفور ، أحمر المنقار ، ويجمع على : نِغْرَان.

(ه) وفي حديث عليّ «جاءته امرأة فقالت : إنّ زوجها يأتى جاريتها : فقال : إن كنت صادقة رجمناه ، وإن كنت كاذبة جلدناك ، فقالت : ردّونى إلى أهلى غيرى نَغِرَةً» أى مغتاظة يغلى جوفى غليان القدر. يقال : نَغِرَتْ (٢) القدرُ تَنْغَرُ ، إذا غلت.

(نغش) (ه) فيه «أنه مرّ برجل نُغَاشٍ ، فخرّ ساجدا ، ثم قال : أسأل الله العافية» وفى رواية «مرّ برجل نُغَاشِىّ» النُّغَاشُ والنُّغَاشِىُ : القصير ، أقصر ما يكون ، الضعيف الحركة ، الناقص الخلق.

(ه) وفيه «أنه قال : من يأتينى بخبر سعد بن الربيع؟ قال محمد بن مسلمة : فرأيته وسط القتلى صريعا ، فناديته فلم يجب ، فقلت : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلنى إليك ،

__________________

(١) انظر الفائق ٣ / ١٠٩.

(٢) من باب فرح ، وضرب ، ومنع ، كما فى القاموس.

٨٦

فَتَنَغَّشَ كما يَتَنَغَّشُ الطير» أى تحرّك حركة ضعيفة.

(نغض) (ه) فى حديث سلمان فى خاتم النبوّة «وإذا الخاتم فى نَاغِضِ كتفه الأيسر» ويروى «فى نُغْضِ كتفه» النُّغْضُ والنَّغْضُ والنَّاغِضُ : أعلى الكتف. وقيل : هو العظم الرقيق (١) الذى على طرفه.

[ه] ومنه حديث عبد الله بن سرجس «نظرت إلى ناغض كتف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

(ه) ومنه حديث أبى ذر «بشّر الكنّازين برضف (٢) فى الناغض» وفى رواية «يوضع على نُغْضِ كتف أحدهم» وأصل النَّغْض : الحركة. يقال : نَغَضَ رأسه ، إذا تحرّك ، وأَنْغَضَهُ ، إذا حرّكه.

ومنه الحديث «وأخذ يُنْغِضُ رأسه كأنه يستفهم ما يقال له» أى يحرّكه ، ويميل إليه.

[ه] ومنه حديث عثمان «سلس بولى ونَغَضَتْ أسنانى» أى قلقت وتحرّكت.

(س [ه]) وفى حديث ابن الزبير «إن الكعبة لمّا احترقت نَغَضَتْ» أى تحرّكت ووهت.

(ه) وفى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث عليّ «كان نَغَّاضَ البطن» فقال له عمر : ما نغّاض البطن؟ فقال : معكّن البطن ، وكان عكنه (٣) أحسن من سبائك الذهب والفضة» والنَّغْض والنّهض أخوان. ولما كان فى العكن نهوض ونتوّ عن مستوى البطن ، قيل للمعكّن : نغّاض البطن.

(نغف) (ه) فى حديث يأجوج ومأجوج «فيرسل الله عليهم النَّغَف فيصبحون فرسى» النَّغَفُ بالتحريك : دود يكون (٤) فى أنوف الإبل والغنم ، واحدتها : نَغَفَة.

ومنه حديث الحديبية «دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النَّغَف».

__________________

(١) فى الهروى : «الدقيق».

(٢) فى الهروى ، واللسان : «برضفة».

(٣) قال فى المصباح : «العكنة : الطّىّ فى البطن من السّمن. والجمع عكن ، مثل غرفة ، وغرف. وربما قيل : أعكان».

(٤) فى الأصل : «تكون» والمثبت من سائر المراجع.

٨٧

(نغل) (س) فيه «ربما نظر الرجل نظرة فَنَغِلَ قلبه كما يَنْغَلُ الأديم فى الدّباغ فيتفتّت» النَّغَلْ ـ بالتحريك : الفساد ، ورجل نَغِلٌ ، وقد نَغِلَ الأديم ، إذا عفن وتهرّى فى الدّباغ ، فينفسد ويهلك.

(نغا) (س) فيه «أنه كان يُنَاغِى القمر فى صباه» الْمُنَاغَاةُ : المحادثة ، وقد نَاغَتِ الأمّ صبيّها : لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة.

(باب النون مع الفاء)

(نفث) (ه) فيه «إنّ روح القدس نَفَثَ فى روعى» يعنى جبريل عليه‌السلام : أى أوحى وألقى ، من النَّفْثِ بالفم ، وهو شبيه بالنّفخ ، وهو أقلّ من التّفل ؛ لأن التّفل لا يكون إلّا ومعه شيء من الرّيق.

(ه) ومنه الحديث «أعوذ بالله من نَفْثِهِ ونفخه» جاء تفسيره فى الحديث أنه الشّعر لأنه يُنْفَثُ من الفم.

ومنه الحديث «أنه قرأ المعوّذتين على نفسه ونَفَثَ».

ومنه الحديث «أنّ زينب بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنفر بها المشركون بعيرها حتى سقطت ، فَنَفَثَتِ الدّماء مكانها ، وألقت ما فى بطنها» أى سال دمها.

(س) وفى حديث المغيرة «مئناث كأنها نُفَاثٌ» أى تَنْفِثُ البنات نَفْثاً.

قال الخطّابى : لا أعلم النُّفَاثَ فى شيء غير النَّفْثِ ، ولا موضع له هاهنا.

قلت : يحتمل أن يكون شبّه كثرة مجيئها بالبنات بكثرة النَّفْثِ ، وتواتره وسرعته.

(ه) وفى حديث النّجاشى «والله ما يزيد عيسى على ما يقول محمد مثل هذه النُّفَاثَةِ من سواكى هذا» يعنى ما يتشظّى من السّواك فيبقى فى الفم فَيَنْفِثُهُ صاحبه.

(نفج) (ه) فى حديث قيلة «فَانْتَفَجَتْ منه الأرنب» أى وثبت.

ومنه الحديث «فَأَنْفَجْنَا أَرنبا» أى أثرناها.

(ه) وفى حديث آخر «أنه ذكر فتنتين فقال : ما الأولى عند الآخرة إلا كَنَفْجَةِ أرنب» أى كوثبته من مجثمه ، يريد تقليل مدّتها.

٨٨

(ه) وفى حديث المستضعفين بمكة «فَنَفَجَتْ (١) بهم الطريق» أى رمت بهم فجأة ، ونَفَجَتِ الرّيح ، إذا جاءت بغتة.

(س) وفى حديث أشراط الساعة «انْتِفَاج (٢) الأهلّة» روى بالجيم ، من انْتَفَجَ جَنْبَا البعير ، إذا ارتفعا وعظما خلقة. ونَفَجْتُ الشيء فانتفج : أى رفعته وعظّمته.

ومنه حديث عليّ «نَافِجاً (٣) حِضْنَيْهِ» كنى به عن التّعاظم والتّكبّر والخيلاء.

وفى حديث عثمان «إنّ هذا البجباج النَّفَّاجَ لا يدرى ما الله» النَّفَّاجُ : الذى يتمدّح بما ليس فيه ، من الِانْتِفَاجُ : الارتفاع.

(ه) وفى صفة الزّبير «كان نُفُجَ الحقيبة» أى عظيم العجز ، وهو بضم النّون والفاء.

[ه] وفى حديث أبى بكر «أنه كان يحلب لأهله فيقول : أُنْفِجُ أم أُلْبِدُ؟»

الْإِنْفَاجُ : إبانة الإناء عن الضّرع عند الحلب حتى تعلوه الرّغوة ، والإلباد : إلصاقه بالضّرع حتى لا تكون له رغوة.

(نفح) (س) فيه «المكثرون هم المقلّون إلّا من نَفَحَ فيه يمينه وشماله» أى ضرب يديه فيه بالعطاء. النَّفْحُ : الضّرب والرّمى.

ومنه حديث أسماء «قالت : قال لى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنفقى ، أو انضحى ، أو انْفَحِي ، ولا تحصى فيحصى الله عليك».

(ه) ومنه حديث شريح «أنه أبطل النَّفْحَ» أراد نَفْحَ الدّابة برجلها ، وهو رفسها ، كان لا يلزم صاحبها شيئا.

(س) ومنه الحديث «إنّ جبريل مع حسّان ما نَافَحَ عنّى» أى دافع. والْمُنَافَحَةُ والمكافحة : المدافعة والمضاربة. ونَفَحْتُ الرجل بالسيف : تناولته به ، يريد بمنافحته هجاء المشركين ، ومجاوبتهم على أشعارهم.

(س) ومنه حديث عليّ فى صفّين «نَافِحُوا بِالظُّبَا» أى قاتلوا بالسّيوف. وأصله أن يقرب

__________________

(١) يروى بالخاء المعجمة ، وسيجىء.

٨٩

أحد المتقاتلين من الآخر بحيث يصل نَفْحُ كلّ واحد منهما إلى صاحبه ، وهى ريحه ونفسه. ونَفْحُ الرّيح : هبوبها. ونَفَحَ الطّيب ، إذا فاح.

ومنه الحديث «إن لربّكم فى أيّام دهركم نَفَحَاتٍ ، أَلَا فتعرّضوا لها».

(س) وفى حديث آخر «تعرّضوا لِنَفَحَاتِ رحمة الله تعالى».

(ه) وفيه «أوّل نَفْحَةٍ من دم الشهيد» أى أوّل فورة تفور منه.

(نفخ) ـ فيه «أنه نهى عن النَّفْخِ فى الشّراب» إنما نهى عنه من أجل ما يخاف أن يبدر من ريقه فيقع فيه ، فربّما شرب بعده غيره فيتأذّى به.

وفيه «أعوذ بالله من نَفْخِهِ ونفثه» نَفْخُهُ : كبره ؛ لأنّ المتكبّر يتعاظم ويجمع نفسه ونفسه ، فيحتاج أن يَنْفُخَ.

وفيه «رأيت كأنه وضع في يدىّ سواران من ذهب ، فأوحى إلىّ أن انْفُخْهُمَا» أى ارمهما وألقهما ، كما تَنْفُخُ الشّىء إذا دفعته عنك.

وإن كانت بالحاء المهملة فهو من نفحت الشيء ، إذا رميته. ونفحت الدّابة ، إذا رمحت برجلها.

ويروى حديث المستضعفين بمكة «فَنَفَخَتْ بهم الطريق» بالخاء المعجمة : أى رمت بهم بغتة ، من نَفَخَتِ الريح ، إذا جاءت بغتة. وكذلك :

(س) يروى حديث عليّ «نَافِخٌ حضنيه» أى مُنْتَفِخٌ مستعدّ لأن يعمل عمله من الشّر.

(س) وحديث أشراط الساعة «انْتِفَاخُ الأهلّة» أى عِظَمُهَا. ورجل مُنْتَفِخٌ ومَنْفُوخٌ : أى سمين.

(س) وفي حديث عليّ «ودّ معاوية أنه ما بقى من بنى هاشم نَافِخُ ضَرَمَةٍ» أى أحد ؛ لأن النار ينفخها الصّغير والكبير ، والذّكر والأنثى.

(س) وفى حديث عائشة «السّعوط مكان النّفخ» كانوا إذا اشتكى أحدهم حلقه نفخوا فيه ، فجعل السّعوط مكانه.

٩٠

(نفذ) (ه) فيه «أيّما رجل أشاد على مسلم بما هو برىء منه كان حقّا على الله أن يعذّبه ، أو يأتى بنفذ ما قال» أى بالمخرج منه. والنَّفَذُ ، بالتحريك : المخرج والمخلص. ويقال لمنفذ الجراحة : نَفَذٌ. أخرجه الزمخشرى عن أبى الدرداء.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «إنكم مجموعون فى صعيد واحد ، يَنْفُذُكُمُ البصر» يقال : (١) نَفَذَنِى بصره ، إذا بلغنى (٢) وجاوزنى. وأَنْفَذْتُ (٣) القوم ، إذا خرقتهم ، ومشيت فى وسطهم ، فإن جزتهم حتى تخلّفهم قلت : نَفَذْتُهُمْ ، بلا ألف. وقيل : يقال فيها بالألف.

قيل : المراد به يَنْفُذُهُمْ بصر الرّحمن حتى يأتى عليهم كلّهم.

وقيل : أراد يَنْفُذُهُمْ بصر الناظر ؛ لاستواء الصّعيد.

قال أبو حاتم : أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة ، وإنما هو بالمهملة : أى يبلغ أوّلهم وآخرهم. حتى يراهم كلّهم ويستوعبهم ، من نفد (٤) الشّىء وأنفدته (٥). وحمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن ؛ لأنّ الله جلّ وعز يجمع الناس يوم القيامة فى أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده ، ويرون ما يصير إليه.

(س) ومنه حديث أنس «جمعوا فى صردح ينفذهم البصر ، ويسمعهم الصّوت».

وفى حديث برّ الوالدين «الاستغفار لهما وإِنْفَاذُ عهدهما» أى إمضاء وصيّتهما ، وما عهدا به قبل موتهما.

ومنه حديث المحرم «إذا أصاب أهله يَنْفُذَانِ لوجههما» أى يمضيان على حالهما ، ولا يبطلان حجّهما. يقال : رجل نَافِذٌ فى أمره : أى ماض.

[ه] ومنه حديث عمر «أنه طاف بالبيت مع فلان ، فلما انتهى إلى الرّكن الغربىّ الذى يلى الأسود قال له : ألا تستلم؟ فقال له : انْفُذْ عنك ، فإنّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يستلمه» أى دعه وتجاوزه. يقال : سر عنك ، وانفذ عنك : أى امض عن مكانك وجزه (٦).

__________________

(١) هذا شرح الكسائى ، كما ذكر الهروى.

(٢) فى الهروى : «تابعنى».

(٣) هذا من قول ابن عون ، كما جاء فى الهروى.

(٤) فى الأصل ، وا ، والدر النثير : «نفذ ... وأنفذته» بالذال المعجمة. وأثبتّه بالمهملة من اللسان.

(٥) زاد الهروى : «ولا معنى لعنك».

٩١

ومنه الحديث «حتى يَنْفُذَ النّساء» أى يمضين ويتخلّصن من مزاحمة الرّجال.

والحديث الآخر «انْفُذْ على رِسْلِكَ ، وانْفُذْ بسلام» أى انفصل وامض سالما.

(س) وفى حديث أبى الدّرداء «إِنْ نَافَذْتَهُمْ نَافَذُوكَ» نَافَذْتُ الرجل ، إذا حاكمته : أى إن قلت لهم قالوا لك. ويروى بالقاف والدال المهملة.

ومنه حديث عبد الرحمن بن الأزرق «ألا رجل يَنْفُذُ بيننا» أى يحكم ويمضى أمره فينا. يقال : أمره نَافِذٌ : أى ماض مطاع.

(نفر) (س) فيه «بشّروا ولا تُنَفِّرُوا» أى لا تلقوهم بما يحملهم على النُّفُورِ. يقال : نَفَرَ يَنْفِرُ نُفُوراً ونِفَاراً ، إذا فرّ وذهب.

ومنه الحديث «إنّ منكم مُنَفِّرِينَ» أى من يلقى الناس بالغلظة والشّدة ، فَيَنْفِرُونَ من الإسلام والدّين.

(ه) ومنه حديث عمر «لا تُنَفِّرِ الناسَ».

(س) والحديث الآخر «أنه اشترط لمن أقطعه أرضا ألّا يُنَفِّرَ ماله» أى لا يزجر ما يرعى فيها من ماله ، ولا يدفع عن الرّعى.

ومنه حديث الحج «يوم النَّفْرِ الأوّل» هو اليوم الثانى من أيام التّشريق. والنّفر الآخر اليوم الثالث.

وفيه «وإذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» الِاسْتِنْفَارُ : الاستنجاد والاستنصار : أى إذا طلب منكم النّصرة فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة. ونَفِيرُ القوم : جماعتهم الذين يَنْفِرُونَ فى الأمر.

(س) ومنه الحديث «أنه بعث جماعة إلى أهل مكة ، فَنَفَرَتْ لهم هذيل ، فلما أحسّوا بهم لجأوا إلى قردد» أى خرجوا لقتالهم.

(س) ومنه الحديث «غلبت نُفُورَتُنَا نفورتهم» يقال لأصحاب الرّجل والذين ينفرون معه إذا حزبه أمر : نَفْرَتُهُ ونَفْرُهُ (١) ، ونَافِرَتُهُ ونُفُورَتُهُ.

(س) وفى حديث حمزة الأسلمى «أُنْفِرَ بنا فى سفر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم»

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «ونفرته» والمثبت من الصحاح ، والأساس ، واللسان.

٩٢

يقال : أَنْفَرْنَا : أى تفرّقت إبلنا ، وأُنْفِرَ بنا : أى جعلنا مُنْفِرِينَ ذوى إبل نَافِرَة.

ومنه حديث زينب بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «فَأَنْفَرَ بها المشركون بعيرها حتى سقطت».

ومنه حديث عمر «ما يزيد على أن يقول : لا تُنْفِرُوا» أى لا تنفروا إبلنا.

(س) وفى حديث أبى ذر «لو كان هاهنا أحد من أَنْفَارِنَا» أى من قومنا ، جمع نفر ، وهم رهط الإنسان وعشيرته ، وهو اسم جمع ، يقع على جماعة من الرّجال خاصّة ما بين الثلاثة (١) إلى العشرة ، ولا واحد له من لفظه.

(س) ومنه الحديث «ونَفَرُنَا خلوف» أى رجالنا. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث عمر «أن رجلا تخلّل بالقصب ، فَنَفَرَ فوه ، فنهى عن التّخلّل بالقصب» أى ورم. وأصله من النِّفَارِ ؛ لأنّ الجلد يَنْفِرُ عن اللّحم ، للدّاء الحادث بينهما.

(ه) ومنه حديث غزوان «أنه لطم عينه فَنَفَرَتْ» أى ورمت.

(س) وفى حديث أبى ذر «نَافَرَ أخى أنيس فلانا الشّاعر» تَنَافَرَ الرجلان ، إذا تفاخرا ثم حكّما بينهما واحدا ، أراد أنّهما تفاخرا أيّهما أجود شعرا.

والْمُنَافَرَةُ : المفاخرة والمحاكمة ، يقال : نَافَرَهُ فَنَفَرَهُ يَنْفُرُهُ ، بالضم ، إذا غلبه. ونَفَّرَهُ وأَنْفَرَهُ ، إذا حكم له بالغلبة.

وفيه «إنّ الله يبغض العفرية النِّفْرِيَة» أى المنكر الخبيث. وقيل : النِّفْرِيَةُ والنِّفْرِيتُ : إتباع للعفرية والعفريت.

(نفس) [ه] فيه «إنى لأجد نَفَسَ الرحمن من قبل اليمن» وفى رواية «أجد نفس ربّكم» قيل : عنى به الأنصار ؛ لأنّ الله نَفَّسَ بهم الكرب عن المؤمنين ، وهم يمانون ؛ لأنّهم من الأزد. وهو مستعار من نَفَسِ الهواء الذى يردّه التّنفّس إلى الجوف فيبرد من حرارته ويعدّلها ، أو من نَفَسِ الرّيح الذى يتنسّمه فيستروح إليه ، أو من نَفَسِ الرّوضة ، وهو طيب روائحها ، فيتفرّج به عنه. يقال : أنت فى نَفَسٍ من أمرك ، واعمل وأنت فى نَفَسٍ من عمرك : أى فى سعة وفسحة ، قبل المرض والهرم ونحوهما.

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، والدر : «الثلاث» والتصحيح من اللسان.

٩٣

(ه) ومنه الحديث «لا تسبّوا الرّيح ، فإنها من نَفَسِ الرحمن» يريد بها أنّها تفرّج الكرب ، وتنشىء السّحاب ، وتنشر الغيث ، وتذهب الجدب.

قال الأزهرى : النَّفَسُ فى هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقى ، من نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيساً ونَفَساً ، كما يقال : فرّج يفرّج تفريجا وفرجا ، كأنه قال : أجد تنفيس ربّكم من قبل اليمن ، وإنّ الرّيح من تنفيس الرحمن بها عن المكروبين.

قال العتبى : هجمت على واد خصيب وأهله مصفرّة ألوانهم ، فسألتهم عن ذلك ، فقال شيخ منهم : ليس لنا ريح.

(ه) ومنه الحديث «من نَفَّسَ عن مؤمن كربة» أى فرّج.

(س) ومنه الحديث «ثم يمشى أَنْفَسَ منه» أى أفسح وأبعد قليلا.

والحديث الآخر «من نَفَّسَ عن غريمه» أى أخّر مطالبته.

ومنه حديث عمّار «لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تَنَفَّسْتَ» أى أطلت. وأصله أن المتكلم إذا تَنَفَّسَ استأنف القول ، وسهلت عليه الإطالة.

(س) وفيه «بعثت فى نَفَسِ الساعة» أى بعثت وقد حان قيامها وقرب ، إلا أنّ الله أخّرها قليلا ، فبعثنى فى ذلك النّفس ، فأطلق النّفس على القرب.

وقيل : معناه أنه جعل للساعة نفسا كنفس الإنسان ، أراد إنّى بعثت فى وقت قريب منها أحسّ فيه بنفسها ، كما يحسّ بنفس الإنسان إذا قرب منه. يعنى بعثت فى وقت بانت أشراطها فيه وظهرت علاماتها.

ويروى «فى نسم الساعة» وقد تقدم.

(ه) وفيه «أنه نهى عن التّنفّس فى الإناء».

(ه) وفى حديث آخر «أنه كان يَتَنَفَّسُ فى الإناء ثلاثا» يعنى فى الشّرب. الحديثان صحيحان ، وهما باختلاف تقديرين : أحدهما أن يشرب وهو يتنفّس فى الإناء من غير أن يبينه عن فيه ، وهو مكروه. والآخر أن يشرب من الإناء بثلاثة أَنْفَاسٍ يفصل فيها فاه عن الإناء. يقال : أكرع فى الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْنِ ، أى جرعة أو جرعتين.

٩٤

(س) وفى حديث عمر «كنّا عنده فَتَنَفَّسَ رجل» أى خرج من تحته ريح. شبّه خروج الرّيح من الدّبر بخروج النّفس من الفم.

(ه) وفيه «ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إلّا قد كتب رزقها وأجلها» أى مولودة. يقال : نُفِسَتِ المرأةُ ونَفِسَتْ ، فهى منفوسة ونُفَسَاءُ ، إذا ولدت. فأما الحيض فلا يقال فيه إلّا نَفِسَتْ ، بالفتح.

ومنه الحديث «أنّ أسماء بنت عميس نَفِسَتْ بمحمد بن أبى بكر» والنِّفَاسُ : وِلَادُ المرأة إذا وضعت.

ومنه الحديث «فلمّا تعلّت من نفاسها تجمّلت للخطّاب» أى خرجت من أيّام ولادتها. وقد تكرر فى الحديث.

(س) ومن الأوّل حديث عمر «أنه أجبر بنى عمّ على منفوس» أى ألزمهم إرضاعه وتربيته.

(س) وحديث أبى هريرة «أنه [صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١)] صلّى على مَنْفُوسٍ» أى طفل حين ولد. والمراد أنه صلى عليه ولم يعمل ذنبا.

(ه) وحديث ابن المسيّب «لا يرث المنفوس حتى يستهلّ صارخا» أى حتى يسمع له صوت.

(ه) وفى حديث أم سلمة «قالت : حضت فانسللت ، فقال : مَا لَكِ ، أَنَفِسْتِ؟» أى أحضتِ. وقد نفست المرأة تَنْفَسُ ، بالفتح ، إذا حاضت. وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض.

وفيه «أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فَتَنَافَسُوهَا كما تنافسوها» التَّنَافُسُ من الْمُنَافَسَةِ ، وهى الرّغبة فى الشيء والانفراد به ، وهو من الشّيء النَّفِيسِ الجيّد فى نوعه. ونَافَسْتُ فى الشيء مُنَافَسَةً ونِفَاساً ، إذا رغبت فيه. ونَفُسَ بالضم نَفَاسَةً : أى صار مرغوبا فيه. ونَفِسْتُ به ، بالكسر : أى بخلت به. ونَفِسْتُ عليه الشيء نَفَاسَةً ، إذا لم تره له أهلا.

__________________

(١) ساقط من ا ، واللسان.

٩٥

ومنه حديث عليّ «لقد نلت صهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فما نَفِسْنَاهُ عليك».

(س) وحديث السّقيفة «لم نَنْفَسْ عليك» أى لم نبخل.

(س) وحديث المغيرة «سقيم النِّفَاسِ» أى أسقمته المنافسة والمغالبة على الشيء.

(ه) وفى حديث إسماعيل عليه‌السلام «أنه تعلّم العربيّة وأَنْفَسَهُمْ» أى أعجبهم. وصار عندهم نَفِيساً. يقال : أَنْفَسَنِي فى كذا : أى رغّبنى فيه.

(ه) وفيه «أنه نهى عن الرّقية إلّا فى النّملة والحمة والنَّفْسِ» النَّفْسُ : الْعَيْنُ. يقال : أصابت فلانا نَفْسٌ : أى عين. جعله القتيبىّ من حديث ابن سيرين (١) وهو حديث مرفوع إلى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن أنس.

(ه) ومنه الحديث «أنه مسح بطن رافع ، فألقى شحمة خضراء ، فقال : إنه كان فيها أنفس سبعة» يريد عيونهم. ويقال للعائن : نَافِسٌ.

(ه) ومنه حديث ابن عباس «الكلاب من الجنّ ، فإن غشيتكم عند طعامكم فألقوا لهنّ ؛ فإنّ لهنّ أنفسا وأعينا».

(ه) وفى حديث النّخعى «كلّ شيء ليست له نَفْسٌ سائلة ، فإنه لا ينجّس الماء إذا سقط فيه» أى دم سائل.

(نفش) (س) فيه «أنه نهى عن كسب الأمة ، إلّا ما عملت بيديها ، نحو الخبز والغزل والنَّفْشِ» هو ندف القطن والصّوف. وإنما نهى عن كسب الإماء ؛ لأنه كانت عليهنّ ضرائب ، فلم يأمن أن يكون منهنّ الفجور ، ولذلك جاء فى رواية «حتى يعلم من أين هو».

(س) ومنه حديث عمر «أنه أتى على غلام يبيع الرّطبة ، فقال : انْفُشْهَا ، فإنه أحسن لها» أى فرّق ما اجتمع منها ، لتحسن فى عين المشترى. والنَّفِيشُ (٢) : المتاع المتفرّق.

[ه] وفى حديث ابن عباس «وإن أتاك مُنْتَفِشَ (٣) المنخرين» أى واسع منخرى الأنف ، وهو من التّفريق.

__________________

(١) وكذلك صنع الهروى.

(٢) فى اللسان «والنّفش» وما عندنا يوافقه ما القاموس ، وانظر شرحه.

(٣) فى الهروى : «منفّش».

٩٦

(ه) وفى حديث عبد الله بن عمرو «الحبّة فى الجنة مثل كرش البعير يبيت نَافِشاً» أى راعيا. يقال : نَفَشَتِ السّائمةُ تَنْفِشُ نُفُوشاً ، إذا رعت ليلا بلا راع ، وهملت ، إذا رعت نهارا.

(نفص) (س) فيه «موت كَنُفَاصِ الغنم» النُّفَاصُ : داء يأخذ الغنم فَتُنْفِصُ بأبوالها حتى تموت : أى تخرجه دفعة بعد دفعة. وقد أَنْفَصَتْ فهى مُنْفِصَةٌ. هكذا جاء فى رواية. والمشهور «كقعاص الغنم» وقد تقدّم.

وفى حديث السّنن العشر «وانْتِفَاصِ الماء» المشهور فى الرواية بالقاف. وسيجىء. وقيل : الصواب بالفاء ، والمراد نضحه على الذّكر ، من قولهم لنضح الدم القليل : نُفْصَة ، وجمعها : نُفَصٌ.

(نفض) (ه) فى حديث قيلة «مُلَاءَتَانِ كانتا مصبوغتين وقد نَفَضَتَا» أى نصل لون صبغهما ، ولم يبق إلّا الأثر. والأصل فى النَّفْضِ : الحركة (١).

(س) وفى حديث أبى بكر رضى الله عنه والغار «أنا أَنْفُضُ لك ما حولك» أى أحرسك وأطوف هل أرى طلبا. يقال : نَفَضْتُ المكان واسْتَنْفَضْتُهُ وتَنَفَّضْتُهُ ، إذا نظرت جميع ما فيه. والنَّفْضَةُ بفتح الفاء وسكونها ، والنَّفِيضَةُ : قوم يبعثون متجسّسين ، هل يرون عدوّا أو خوفا.

وفيه «ابغنى أحجارا أَسْتَنْفِضُ بها» أى أستنجى بها ، وهو من نَفْضِ الثوب ؛ لأنّ المستنجى يَنْفُضُ عن نفسه الأذى بالحجر : أى يزيله ويدفعه.

ومنه حديث ابن عمر «أنه كان يمرّ بالشّعب من مزدلفة فَيَنْتَفِضُ ويتوضّأ».

ومنه الحديث «أتى بمنديل فلم ينتفض به» أى لم يتمسّح. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث الإفك «فأخذتها حمّى بِنَافِضٍ» أى برعدة شديدة ، كأنها نفضتها : أى حرّكتها.

__________________

(١) فى الهروى : «التحويل».

٩٧

ومنه الحديث «إنّى لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الأديم» أى أجهدها وأعركها ، كما يفعل بالأديم عند دباغه.

(س) وفى حديث «كنّا فى سفر فَأَنْفَضْنَا» أى فنى زادنا ، كأنهم نَفَضُوا مزاودهم لخلوّها ، وهو مثل أرمل وأقفر.

(نفع) ـ فى أسماء الله تعالى «النَّافِعُ» هو الذى يوصّل النّفع إلى من يشاء من خلقه حيث هو خالق النّفع والضّر ، والخير والشّر.

وفى حديث ابن عمر «أنه كان يشرب من الإداوة ولا يخنثها ويسمّيها نَفْعَةَ» سمّاها بالمرّة الواحدة من النَّفْعِ ، ومنعها من الصّرف للعلميّة والتأنيث.

هكذا جاء فى الفائق (١) فإن صحّ النّقل ، وإلّا فما أشبه الكلمة أن تكون بالقاف ، من النّقع ، وهو الرّىّ. والله أعلم.

(نفق) ـ قد تكرر فى الحديث ذكر «النِّفَاقِ» وما تصرّف منه اسما وفعلا ، وهو اسم إسلامى ، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به ، وهو الذى يستر كفره ويظهر إيمانه ، وإن كان أصله فى اللّغة معروفا. يقال : نَافَقَ يُنَافِقُ مُنَافَقَةً ونِفَاقاً ، وهو مأخوذ من النَّافِقَاءِ : أحد جحرة اليربوع ، إذا طلب من واحد هرب إلى الآخر ، وخرج منه. وقيل : هو من النَّفَقِ : وهو السّرب الذى يستتر فيه ، لستره كفره.

وفى حديث حنظلة «نَافَقَ حنظلة» أراد أنه إذا كان عند النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخلص وزهد فى الدنيا ، وإذا خرج عنه ترك ما كان عليه ورغب فيها ، فكأنه نوع من الظاهر والباطن ، ما كان يرضى أن يسامح به نفسه.

(س) وفيه «أكثر منافقى هذه الأمّة قرّاؤها» أراد بِالنِّفَاقِ هاهنا الرّياء لأن كليهما إظهار غير ما فى الباطن.

(س) وفيه «الْمُنَفِّقُ سلعته بالحلف كاذب» الْمُنَفِّقُ بالتشديد : من النفاق ، وهو ضدّ الكساد. ويقال : نَفَقَتِ السّلعة فهى نَافِقَةٌ ، وأَنْفَقْتُهَا ونَفَّقْتُهَا ، إذا جعلتها نَافِقَةً.

__________________

(١) انظر الفائق ١ / ٣٧٣.

٩٨

(ه) ومنه الحديث «اليمين الكاذبة مَنْفَقَةٌ للسّلعة ممحقة للبركة» أى هى مظنّة لنفاقها وموضع له.

[ه] ومنه حديث ابن عباس «لا يُنَفِّقُ بعضكم لبعض» أى لا يقصد أن ينفّق سلعته على جهة النّجش ، فإنه بزيادته فيها يرغّب السامع ، فيكون قوله سببا لابتياعها ، ومنفّقا لها.

ومنه حديث عمر «من حظّ المرء نفاق أيّمه» أى من حظّه وسعادته أن تخطب إليه نساؤه ، من بناته وأخواته ، ولا يكسدن كساد السّلع التى لا تنفق.

(س) وفى حديث ابن عباس «والجزور نَافِقَةٌ» أى ميّتة. يقال : نَفَقَتِ الدابّة ، إذا ماتت.

(نفل) (س) فى حديث الجهاد «أنه نَفَّلَ فى البدأة الرّبع ، وفى القفلة الثّلث» النَّفَلُ بالتحريك : الغنيمة ، وجمعه : أَنْفَالْ. والنَّفْلُ بالسكون وقد يحرّك : الزّيادة. وقد تقدم معنى هذا الحديث فى حرف الباء وغيره.

(س) ومنه الحديث «أنه بعث بعثا قبل نجد ، فبلغت سهمانهم اثنى عشر بعيرا ، ونَفَّلَهُمْ بعيرا بعيرا» أى زادهم على سهامهم. ويكون من خمس الخمس.

ومنه حديث ابن عباس «لا نَفَلَ فى غنيمة حتى تقسم جفّة كلّها» أى لا ينفّل منها الأمير أحدا من المقاتلة بعد إحرازها حتى تقسم كلّها ، ثم ينفّله إن شاء من الخمس ، فأما قبل القسمة فلا.

وقد تكرر ذكر «النَّفَلِ والْأَنْفَالِ» فى الحديث ، وبه سمّيت النّوافل فى العبادات ، لأنّها زائدة على الفرائض.

ومنه الحديث «لا يزال العبد يتقرّب إلىّ بالنّوافل» الحديث.

وفى حديث قيام رمضان «لو نَفَّلْتَنَا بقيّة ليلتنا هذه» أى زدتنا من صلاة النّافلة.

والحديث الآخر «إنّ المغانم كانت محرّمة على الأمم قبلنا ، فَنَفَّلَهَا الله تعالى هذه الأمّة» أى زادها.

وفى حديث القسامة «قال لأولياء المقتول : أترضون بنفل خمسين من اليهود ما قتلوه؟» يقال : نَفَّلْتُهُ فَنَفَلَ : أى حلّفته فحلف. ونَفَلَ وانْتَفَلَ ، إذا حلف. وأصل النَّفْلُ : النّفى. يقال :

٩٩

نَفَلْتُ الرجل عن نسبه ، وانْفُلْ عن نفسك إن كنت صادقا : أى انف عنك ما قيل فيك ، وسمّيت اليمين فى القسامة نفلا ، لأن القصاص ينفى بها.

(ه) ومنه حديث عليّ «لوددت أنّ بنى أميّة رضوا ونَفَّلْنَاهُمْ خمسين رجلا من بنى هاشم ، يحلفون ما قتلنا عثمان ، ولا نعلم له قاتلا» يريد نَفَّلْنَا لهم.

(س [ه]) ومنه حديث ابن عمر «أنّ فلانا انتفل من ولده» أى تبرّأ منه.

(س) وفى حديث أبى الدّرداء «إياكم والخيل الْمُنَفِّلَة التى إن لقيت فرّت ، وإن غنمت غلّت» كأنه من النّفل : الغنيمة : أى الذين قصدهم من الغزو الغنيمة والمال ، دون غيره ، أو من النّفل ، وهم المطّوّعة المتبرّعون بالغزو ، والذين لا اسم لهم فى الدّيوان ، فلا يقاتلون قتال من له سهم.

هكذا جاء فى كتاب أبى موسى من حديث أبى الدرداء. والذى جاء فى «مسند أحمد» من رواية أبى هريرة «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : إياكم والخيل الْمُنَفِّلَةَ ، فإنها إن تلق تفرّ ، وإن تغنم تغلل» ولعلّهما حديثان.

(نفه) [ه] فيه «هجمت له العين ونَفِهَتْ له النّفس (١)» أى أعيت وكلّت.

(نفا) [ه] فيه «قال زيد بن أسلم : أرسلنى أبى إلى ابن عمر ، وكان لنا غنم ، فأردنا نَفِيتَيْنِ (٢) نجفّف عليهما الأقط ، فأمر قيّمه لنا بذلك» قال أبو موسى : هكذا روى «نفيتين» بوزن بعيرين ، وإنما هو «نَفِيَّتَيْنِ» بوزن شقيّتين ، واحدتهما : نَفِيَّةٌ ، كطويّة. وهى شيء يعمل من الخوص ، شبه طبق عريض.

وقال الزمخشرى (٣) : قال النّضر : النُّفْيَةُ ، بوزن الظّلمة ، وعوض الياء تاء ، فوقها نقطتان. وقال غيره : هى بالياء ، وجمعها : نُفًى ، كنهية ونهى. والكلّ شيء يعمل من الخوص مدوّرا واسعا كالسّفرة.

__________________

(١) رواية الهروى واللسان : «هجمت عيناك ونفهت نفسك» قال فى اللسان : رواه أبو عبيد «نفهت» والكلام : «نفهت» ويجوز أن يكونا لغتين. وانظر صحيح مسلم باب النهى عن صوم الدهر ، من كتاب الصيام صفحتى ٨١٥ ، ٨١٦.

(٢) فى الهروى : «نفيتين».

(٣) انظر الفائق ٣ / ١١٨.

١٠٠