النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا رضاه ، إلا أنه كان معه فنسب إليه ، ولأن زيدا لم يكن معه من العصمة ما كان مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والثانى : أن يكون ذبحها لزاده فى خروجه ، فاتّفق ذلك عند صنم ، كانوا يذبحون عنده ، لا أنه ذبحها للصّنم ، هذا إذا جعل النُّصُبُ الصّنم. فأمّا إذا جعل الحجر الذى يذبح عنده فلا كلام فيه ، فظنّ زيد بن عمرو أن ذلك اللحم ممّا كانت قريش تذبحه لأنصابها فامتنع لذلك. وكان زيد يخالف قريشا فى كثير من أمورها. ولم يكن الأمر كما ظنّ زيد.

(ه) ومنه حديث إسلام أبى ذر «فخررت مغشيّا علىّ ثم ارتفعت كأنى نصب أحمر» يريد أنهم ضربوه حتى أدموه ، فصار كالنّصب المحمرّ بدم الذّبائح.

ومنه شعر الأعشى (١) ، يمدح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

وذا النّصب المنصوب لا تعبدنّه

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

يريد الصّنم. وقد تكرر فى الحديث.

وذات النُّصْبِ (٢) : موضع على أربعة برد من المدينة.

(س) وفى حديث الصلاة «لا يَنْصِبُ رأسه ولا يقنعه» أى لا يرفعه. كذا فى سنن أبى داود (٣). والمشهور «لا يصبّى ويصوّب». وقد تقدّما.

(س) ومنه حديث ابن عمر «من أقذر الذنوب رجل ظلم امرأة صداقها ، قيل للّيث : أَنَصَبَ (٤) ابن عمر الحديث إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : وما علمه لو لا أنه سمعه منه؟» أى أسنده إليه ورفعه. والنَّصْبُ : إقامة الشيء ورفعه.

__________________

(١) ديوانه ص ١٣٧ : والرواية فيه :

وذالنصب المنصوب ل تنسكنه

ولا تعبد الاوثان والله فاعبدا

(٢) ضبط فى الأصل ، وا : «النّصب» بضمتين. وضبطته بالسكون من ياقوت ٨ / ٢٩٠.

(٣) أخرجه أبو داود فى باب افتتاح الصلاة ، من كتاب الصلاة ١ / ٧٣ ولفظه : «فلا يصبّ رأسه ولا يقنع». ومن طريق آخر : «غير مقنع رأسه».

(٤) فى الأصل : «أنصب» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان.

٦١

(س) وفيه «فاطمة بضعة منّى يُنْصِبُنِى ما أَنْصَبَهَا» أى يتعبنى ما أتعبها. والنَّصَبُ : التّعب. وقد نَصِبَ يَنْصَبُ ، ونَصَبَهُ غيره وأَنْصَبَهُ.

ومنه حديث الدّجال «ما يُنْصِبُكَ منه» وروى «ما يضنيك منه» من الضّنا : الهزال والضّعف وأثر المرض. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث السائب بن يزيد «كان رباح بن المعترف (١) يحسن غناء النّصب» النّصب بالسكون : ضرب من أغانى العرب شبه الحداء.

وقيل : هو الذى أحكم من النّشيد ، وأقيم لحنه ووزنه.

(ه) ومنه حديث نائل مولى عثمان «فقلنا لرباح بن المعترف (٢) : لو نصبت لنا نصب العرب» قال الأصمعى :

وفى الحديث «كلّهم كان ينصب» أى يغنّى النّصب.

(نصت) (ه) فى حديث الجمعة «وأنصت ولم يلغ» قد تكرر ذكر «الإنصات» فى الحديث. يقال : أنصت ينصت إنصاتا ، إذا سكت سكوت مستمع. وقد نصت أيضا ، وأنصتّه ، إذا أسكتّه ، فهو لازم ومتعدّ.

(ه) ومنه حديث طلحة «قال له رجل بالبصرة : أنشدك الله ، لا تكن أوّل من غدر ، فقال طلحة : أنصتونى أنصتونى» قال الهروى : يقال : أنصتّه وأنصتّ له ، مثل نصحته ونصحت له.

قال الزمخشرى «أنصتونى من الإنصات (٣) وتعدّيه بإلى فحذفه (٤)» : أى استمعوا إلىّ.

(نصح) ـ فيه «إنّ الدّين النَّصِيحَةُ لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامّتهم»

__________________

(١) فى الأصل ، واللسان : «المغترف» بالغين المعجمة. وأثبتّه بالعين المهملة من : ا ، والاستيعاب ص ٤٨٦. وأسد الغابة ٢ / ١٦٢ ، والإصابة ٢ / ١٩٣. وفى هوامش الاستيعاب : «والمغترف ، بالغين المعجمة. ذكره ابن دريد. وقال : وقد روى قوم : المعترف ، بالعين غير المعجمة» ا ه ، وانظر الاشتقاق ص ١٠٣.

(٢) فى الأصل ، واللسان : «المغترف» بالغين المعجمة. وأثبتّه بالعين المهملة من : ا ، والاستيعاب ص ٤٨٦. وأسد الغابة ٢ / ١٦٢ ، والإصابة ٢ / ١٩٣. وفى هوامش الاستيعاب : «والمغترف ، بالغين المعجمة. ذكره ابن دريد. وقال : وقد روى قوم : المعترف ، بالعين غير المعجمة» ا ه ، وانظر الاشتقاق ص ١٠٣.

(٣) بعده فى الفائق ٣ / ٩١ : «وهو السكوت للاستماع».

(٤) فى الفائق : «وحذفه».

٦٢

النَّصِيحَةُ : كلمة يعبّر بها عن جملة ، هى إرادة الخير لِلْمَنْصُوحِ له ، وليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها.

وأصل النُّصْحِ فى اللغة : الخلوص. يقال : نَصَحْتُهُ ، ونَصَحْتُ له. ومعنى نَصِيحَةُ الله : صحّة الاعتقاد فى وحدانيّته ، وإخلاص النيّة فى عبادته.

والنَّصِيحَةُ لكتاب الله : هو التصديق به والعمل بما فيه.

ونَصِيحَةُ رسوله : التصديق بنبوّته ورسالته ، والانقياد لما أمر به ونهى عنه.

ونَصِيحَةُ الأئمة : أن يطيعهم فى الحق ، ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا.

ونَصِيحَةُ عامّة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم.

وفي حديث أبيّ «سألت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن التّوبة النَّصُوحِ ، قال : هى الخالصة التى لا يعاود بعدها الذّنب» وفعول من أبنية المبالغة ، يقع على الذّكر والأنثى ، فكأنّ الإنسان بالغ فى نصح نفسه بها.

وقد تكرر فى الحديث ذكر «النّصح والنصيحة» (١).

(نصر) ـ فيه «كلّ مسلم على مسلم محرّم (٢) : أخوان نَصِيرَانِ» أى هما أخوان يَتَنَاصَرَانِ ويتعاضدان.

__________________

(١) زاد الهروى من أحاديث المادة ، قال : «وفى حديث عبد الرحمن بن عوف فى الشّورى. قال : «وإن جرعة شروب أنصح لكم من عذب موب» ثم حكى عن الأصمعى قال : «إذا شرب دون الرّىّ ، قال : نضحت الرّىّ ، بالضاد معجمة. فإن شرب حتى يروى قال : نصحت الرّىّ ، بالصاد غير معجمة ، نصحا ، ونصعت ، ونقعت. وقد أنصعنى ، وأنقعنى» اه وانظر وبأ فيما يأتى.

(٢) فى الأصل ، وا : «كلّ مسلم عن مسلم محرم» وكذلك فى الفائق ١ / ٣٦٤. وفى اللسان : «كلّ المسلم عن مسلم محرّم». وما أثبت من مسند أحمد ٥ / ٤ ، ٥ من حديث بهز بن حكيم. وسنن النّسائى باب من سأل بوجه الله عزوجل ، من كتاب الزكاة ١ / ٣٥٨.

٦٣

والنَّصِيرُ : فعيل بمعنى فاعل أو مفعول ، لأن كلّ واحد من الْمُتَنَاصِرَيْنِ نَاصِرٌ ومَنْصُورٌ. وقد نَصَرَهُ يَنْصُرُهُ نَصْراً ، إذا أعانه على عدوّه وشدّ منه.

ومنه حديث الضّيف المحروم «فإنّ نصره حقّ على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته» قيل : يشبه أن يكون هذا فى المضطرّ الذى لا يجد ما يأكل ، ويخاف على نفسه التّلف ، فله أن يأكل من مال أخيه المسلم بقدر حاجته الضروريّة ، وعليه الضّمان.

(ه) وفيه «إن هذه السحابة تنصر أرض بنى كعب» أى تمطرهم. يقال : نَصَرْتُ الأرض فهى مَنْصُورَةٌ : أى ممطورة. ونَصَرَ الغيث البلد ، إذا أعانه على الخصب والنّبات.

وقيل : هذا الخبر إنما جاء فى قصّة خزاعة ، وهم بنو كعب حين قتلتهم قريش فى الحرم بعد الصلح ، فورد على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وارد منهم مُسْتَنْصِراً ، فقال : «إن هذه السحابة تنصر أرض بنى كعب» يعنى بما فيها من الملائكة ، فهو من النّصر والمعونة.

(ه) وفيه «لا يؤمّنّكم أَنْصَرُ» أى أقلف. هكذا فسّر فى الحديث.

(نصص) (ه) فيه «أنه لمّا دفع من عرفة سار العنق ، فإذا وجد فجوة نَصَ» النَّصُ (١) : التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة. وأصل النَّصِ : أقصى الشيء وغايته. ثم سمّى به ضرب من السير سريع.

(ه) ومنه حديث أم سلمة لعائشة «ما كنت قائلة لو أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عارضك ببعض الفلوات ناصّة قلوصا من منهل إلى منهل» أى رافعة لها فى السّير.

(ه) ومنه حديث عليّ «إذا بلغ النّساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى» أى إذا بلغت غاية البلوغ من سنّها الذى يصلح أن تحاقق وتخاصم عن نفسها ، فعصبتها أولى بها من أمّها.

(ه) وفى حديث كعب «يقول الجبّار : احذرونى ، فإنى لا أُنَاصُ عبدا إلا عذّبته» أى لا أستقصى عليه فى السؤال والحساب. وهى مفاعلة منه.

وروى الخطّابى عن [عون بن](٢) عبد الله مثله.

__________________

(١) هذا شرح أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.

(٢) ساقط من ا ، والنسخة ٥١٧.

٦٤

(ه) ومنه حديث عمرو بن دينار «ما رأيت رجلا أَنَصَ للحديث من الزّهرى» أى أرفع له وأسند.

(س) وفى حديث عبد الله بن زمعة «أنه تزوّج بنت السائب ، فلما نُصَّتْ لتهدى إليه طلّقها» أى أقعدت على الْمِنَصَّةِ ، وهى بالكسر : سرير العروس.

وقيل : هى بفتح الميم : الحجلة عليها ، من قولهم : نَصَصْتُ المتاع ، إذا جعلت بعضه على بعض.

وكلّ شيء أظهرته فقد نَصَصْتَهُ.

ومنه حديث هرقل «يَنُصُّهُمْ» أى يستخرج رأيهم ويظهره.

ومنه قول الفقهاء «نَصُ القرآن ، ونَصُ السّنّة» أى ما دلّ ظاهر لفظهما عليه من الأحكام.

(نصع) (س) فيه «المدينة كالكير ، تنفى خبثها وتَنْصَعُ طيبها» أى تخلصه. وشيء نَاصِعٌ : خالص. وأَنْصَعَ : أظهر ما فى نفسه. ونَصَعَ الشيء يَنْصَعُ ، إذا وضح وبان.

ويروى «ينصع طيبها» أى يظهر.

ويروى بالباء والضاد المعجمة. وقد تقدّم.

(ه) وفى حديث الإفك «وكان متبرّز النساء بالمدينة قبل أن تبنى الكنف فى الدّور الْمَنَاصِعُ» هى المواضع التى يتخلّى فيها لقضاء الحاجة ، واحدها : مَنْصَعَ ؛ لأنه يبرز إليها ويظهر.

قال الأزهرى : أراها مواضع مخصوصة خارج المدينة.

(ه) ومنه الحديث «إنّ الْمَنَاصِعَ صعيد أفيح خارج المدينة».

(نصف) ـ فيه «الصّبر نِصْفُ الإيمان» أراد بالصبر الورع ، لأن العبادة قسمان : نسك وورع ، فالنّسك : ما أمرت به الشريعة. والورع : ما نهت عنه. وإنما ينتهى عنه بالصبر ، فكان الصبر نصف الإيمان.

(ه) وفيه «لو أنّ أحدكم أنفق ما فى الأرض ما بلغ مدّ أحدهم ولا نَصِيفَهُ» هو النّصف ، كالعشير فى العشر.

٦٥

ومنه حديث ابن الأكوع :

* لم يغذها مدّ ولا نصيف *

(ه) وفى صفة الحور «ولَنَصِيفُ إحداهنّ خير من الدنيا وما فيها» هو الخمار.

وقيل : المعجر.

وفى حديث عمر مع زنباع بن روح :

متى ألق زنباع بن روح ببلدة

لى النّصف منها يقرع السّنّ من ندم

النِّصْفُ ، بالكسر : الِانْتِصَافُ. وقد أَنْصَفَهُ من خصمه ، يُنْصِفُهُ إِنْصَافاً.

ومنه حديث عليّ «ولا جعلوا بينى وبينهم نِصْفاً» أى إنصافا.

وفى حديث ابن الصّبغاء :

* بين القِرانِ السَّوْءِ والنَّوَاصِفُ *

جمع نَاصِفَة وهى الصّخرة. ويروى «... التّراصف». وقد تقدّم.

وفى قصيد كعب :

* شدّ النهار ذراعا (١) عيطل نصف *

النَّصَفُ بالتحريك : التى بين الشابّة والكهلة.

(س) ومنه الحديث «حتى إذا كان بِالْمَنْصَفِ» أى الموضع الوسط بين الموضعين.

ومنه حديث التائب «حتى إذا أَنْصَفَ الطريقَ أتاه الموت» أى بلغ نِصْفَهُ. ويقال فيه : نَصَفَهُ ، أيضا.

(ه) وفى حديث داود عليه‌السلام «دخل المحراب وأقعد مِنْصَفاً على الباب» الْمِنْصَفُ بكسر الميم : الخادم. وقد تفتح. يقال : نَصَفْتُ الرّجل ، نِصَافَةً ، إذا خدمته.

ومنه حديث ابن سلام «فجاءنى مِنْصَفٌ مَنْصَفٌ فرفع ثيابى من خلفى».

(نصل) [ه] فيه «مرّت سحابة فقال : تَنَصَّلَتْ هذه تنصر بنى كعب» أى أقبلت ، من قولهم : نَصَلَ علينا ، إذا خرج من طريق ، أو ظهر من حجاب.

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان : «ذراعى» وهو خطأ. انظر ص ٢٥٨ من الجزء الثالث.

٦٦

ويروى «تَنْصَلِتُ (١)» أى تقصد للمطر ، وقد تقدّم.

وفيه «أنهم كانوا يسمّون رجبا مُنْصِلَ الأسنّة» أى مخرج الأسنّة من أماكنها. كانوا إذا دخل رجب نزعوا أسنّة الرماح ونِصَالَ السهام ، إبطالا للقتال فيه ، وقطعا لأسباب الفتن لحرمته ، فلمّا كان سببا لذلك سمّى به.

يقال : نَصَّلْتُ السّهم تَنْصِيلاً ، إذا جعلت له نَصْلاً ، وإذا نزعت نصله ، فهو من الأضداد. وأَنْصَلْتُهُ فَانْتَصَلَ ، إذا نزعت سهمه.

(ه) ومنه حديث أبى موسى «وإن كان لرمحك سنان فَأَنْصِلْهُ» أى انزعه.

ومنه حديث عليّ «ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق نَاصِلٍ» أى بسهم منكسر الفوق لا نصل فيه.

يقال : نَصَلَ السهمُ ، إذا خرج منه النّصل. ونَصَلَ أيضا ، إذا ثبت نصله فى الشيء ولم يخرج ، فهو من الأضداد.

(ه) وحديث أبى سفيان «فامّرط قذذ السّهم وانْتَصَلَ».

(س) وفيه «من تَنَصَّلَ إليه أخوه فلم يقبل» أى انتفى من ذنبه واعتذر إليه.

[ه] وفي حديث الخدرىّ «فقام النّحّام العدوىّ يومئذ ، وقد أقام على صلبه نصيلا» النَّصِيلُ : حجر طويل مدملك ، قدر شبر أو ذراع. وجمعه : نُصُلٌ (٢).

(ه) ومنه حديث خوّات «فأصاب ساقه نَصِيلُ حَجَرٍ».

(نصنص) (ه) فى حديث أبى بكر «دخل عليه وهو يُنَصْنِصُ لسانه ويقول : إن هذا أوردنى الموارد» أى يحرّكه. يقال بالصاد والضاد معا.

ومنه قولهم «حيّة نَصْنَاصٌ ونضناض» يكثر تحريك لسانه. وقيل : إذا كانت سريعة التّلوّى لا تثبت.

__________________

(١) فى الأصل : «تقصلت» بالقاف خطأ ، وانظر صلت.

(٢) فى الأصل : «نُصل» بالسكون. وضبطته بالضم من : ا ، واللسان.

٦٧

وفى حديث آخر «ما يُنَصْنِصُ بها لسانه» أى ما يحرّكه.

(نصا) (ه س) فى حديث عائشة «سئلت عن الميّت يسرّح رأسه ، فقالت : علام تَنْصُونَ ميّتكم؟» يقال : نَصَوْتُ الرجل أَنْصُوهُ نَصْواً ، إذا مددت نَاصِيَتَهُ. ونَصَتْ الماشطةُ المرأةَ ، ونَصَّتْهَا فَتَنَصَّتْ.

(ه) ومنه الحديث «أن زينب تسلّبت على حمزة ثلاثة أيام ، فأمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تَنَصَّى وتكتحل» أى تسرّح شعرها. أراد تَتَنَصَّى ، فحذف التاء تخفيفا.

(ه) وفى حديث ابن عباس «قال للحسين لمّا أراد العراق : لولا أنى أكره لَنَصَوْتُكَ» أى أخذت بناصيتك ، ولم أدعك تخرج.

(ه) ومنه حديث عائشة «لم تكن واحدة من نساء النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تُنَاصِينِى غير زينب» أى تنازعنى وتبارينى. وهو أن يأخذ كلّ واحد من المتنازعين بِنَاصِيَةِ الآخر.

(س) ومنه حديث مقتل عمر «فثار إليه فَتَنَاصَيَا» أى تواخذا بِالنَّوَاصِى.

(ه) وفى حديث ذى المشعار «نَصِيَّةٌ من همدان ، من كل حاضر وباد» النَّصِيَّةُ : مَن يُنْتَصَى من القوم ، أى يختار من نواصيهم ، وهم الرؤوس والأشراف. ويقال للرّؤساء : نَوَاصٍ ، كما يقال للأتباع : أذناب. وقد انْتَصَيْتُ من القوم رجلا : أى اخترته.

(س) وفى حديث «رأيت قبور الشهداء جثا قد نبت عليها النَّصِىُ» هو نبت سبط أبيض ناعم ، من أفضل المرعى.

(باب النون مع الضاد)

(نضب) ـ فيه «ما نَضَبَ عنه البحر وهو حىّ فمات فكلوه» يعنى حيوان البحر : أى نزح ماؤه ونشف. ونَضَبَ الماء ، إذا غار ونفد.

ومنه حديث الأزرق بن قيس «كنا على شاطىء النّهر بالأهواز وقد نَضَبَ عنه الماء» وقد يستعار للمعانى.

٦٨

(ه) ومنه حديث أبى بكر «نَضَبَ عمره وضحا ظلّه» أى نفد عمره وانقضى.

(نضج) (س) فى حديث عمر «فترك صبية صغارا ما يُنْضِجُونَ كراعا» أى ما يطبخون كراعا ، لعجزهم وصغرهم. يعنى لا يكفون أنفسهم خدمة ما يأكلونه ، فكيف غيره؟

وفى رواية «ما تَسْتَنْضِجُ كراعا» والكراع : يد الشاة.

(ه) ومنه حديث لقمان «قريب من نَضِيجٍ ، بعيد من نىء» النَّضِيجُ : المطبوخ ، فعيل بمعنى مفعول. أراد (١) أنه يأخذ ما طبخ لإلفه المنزل ، وطول مكثه فى الحىّ ، وأنه لا يأكل النّىء كما يأكل من أعجله الأمر عن إِنْضَاجِ ما اتّخذ ، وكما يأكل من غزا واصطاد.

(نضح) (ه) فيه «ما يسقى من الزّرع نَضْحاً ففيه نصف العشر» أى ما سقى بالدّوالى والاستقاء. والنَّوَاضِحُ : الإبل التى يستقى عليها ، واحدها : نَاضِحٌ (٢).

ومنه الحديث «أتاه رجل فقال : إنّ نَاضِحَ بنى فلان قد أبد عليهم» ويجمع أيضا على نَضَّاحٍ.

ومنه الحديث «اعلفه نُضَّاحَكَ» هكذا جاء فى رواية. وفسّره بعضهم بالرّقيق ، الذين يكونون فى الإبل ، فالغلمان نُضَّاحٌ ، والإبل نَوَاضِحُ.

(ه) ومنه حديث معاوية «قال للأنصار ، وقد قعدوا عن تلقّيه لمّا حجّ : ما فعلت نواضحكم؟» كأنه يقرّعهم بذلك ، لأنهم كانوا أهل حرث وزرع وسقى.

وقد تكرّر ذكره فى الحديث ، مفردا ومجموعا.

(ه) وفيه «من السّنن العشر الِانْتِضَاحُ بالماء» هو أن يأخذ قليلا من الماء فيرشّ به مذاكيره بعد الوضوء ، لينفى عنه الوسواس ، وقد نَضَحَ عليه الماء ، ونَضَحَهُ به ، إذا رشّه عليه.

(ه) ومنه حديث عطاء «وسئل عن نَضَحِ الوضوء» هو بالتحريك : ما يترشّش منه عند التوضّؤ ، كالنّشر.

__________________

(١) هذا شرح القتيبى ، كما ذكر الهروى.

(٢) هكذا فى الأصل ، وا ، واللسان. وفى الهروى : «ناضحة» وجاء فى اللسان : «والناضح : البعير أو الثور أو الحمار الذى يستقى عليه الماء. والأنثى بالهاء ، ناضحة وسانية».

٦٩

(ه) ومنه حديث قتادة «النَّضَحُ من النَّضْحِ» يريد من أصابه نَضْحٌ من البول ـ وهو الشيء اليسير منه ـ فعليه أن يَنْضَحَهُ بالماء ، وليس عليه غسله.

قال الزمخشرى : هو أن يصيبه من البول رشاش كرؤوس الإبر.

(س) وفيه «أنه قال للرّماة يوم أحد : انْضَحُوا عنا الخيل لا نؤتى من خلفنا» أى ارموهم بالنّشّاب. يقال : نَضَحُوهُمْ بِالنَّبْلِ ، إذا رموهم.

وفى حديث هجاء المشركين «كما ترمون نَضْحَ النّبل».

وفى حديث الإحرام «ثم أصبح محرما يَنْضَحُ طِيباً» أى يفوح. والنَّضُوحُ بالفتح : ضرب من الطيب تفوح رائحته. وأصل النَّضْحِ : الرّشح ، فشبّه كثرة ما يفوح من طيبه بالرّشح. وروى بالخاء المعجمة.

وقيل : هو كاللّطخ يبقى له أثر. قالوا : وهو أكثر من النّضح ، بالحاء المهملة.

وقيل : هو بالخاء المعجمة فيما نحن كالطّيب ، وبالمهملة فيما رقّ كالماء. وقيل : هما سواء. وقيل بالعكس.

ومنه حديث عليّ «وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بِنَضُوحٍ» أى طيّبته وهى فى الحج. وقد تكرر ذكره فى الحديث.

وقد يرد «النَّضْحُ» بمعنى الغسل والإزالة.

ومنه الحديث «ونضح الدّم عن جبينه».

وحديث الحيض «ثم لْتَنْضَحْهُ» أى تغسله.

وفى حديث ماء الوضوء «فمن نائل ونَاضِحٍ» أى راشّ ممّا بيده على أخيه.

(نضخ) (ه) فيه «يَنْضَخُ البحر ساحله» النَّضْخُ : قريب من النّضخ. وقد اختلف فيهما أيّهما أكثر ، والأكثر أنه بالمعجمة أقلّ من المهملة.

وقيل : هو بالمعجمة : الأثر يبقى فى الثّوب والجسد ، وبالمهملة : الفعل نفسه.

وقيل : هو بالمعجمة ما فعل تعمّدا ، وبالمهملة من غير تعمّد.

(ه) ومنه حديث النّخعىّ «لم يكن يرى بنضخ البول بأسا» يعنى نشره وما ترشّش منه. ذكره الهروى بالخاء المعجمة.

٧٠

وفى قصيد كعب :

* من كلّ نَضَّاخَةٍ الذّفرى إذا عرقت *

يقال : عين نَضَّاخَةٌ : أى كثيرة الماء فوّارة. أراد أنّ ذفرى الناقة كثيرة النّضخ بالعرق.

(نضد) (ه) فيه «أنّ جبريل عليه‌السلام احتبس عنه لكلب كان تحت نَضَدٍ له» هو بالتحريك : السرير الذى تُنْضَدُ عليه الثياب : أى يجعل بعضها فوق بعض ، وهو أيضا متاع البيت الْمَنْضُود.

(ه) وفى حديث أبى بكر «لتتّخذنّ نَضَائِدَ الدّيباج» أى الوسائد ، واحدتها : نَضِيدَة.

(ه) وحديث مسروق «شجر الجنة نَضِيدٌ من أصلها إلى فرعها» أى ليس لها سوق بارزة ، ولكنها منضودة بالورق والثمار ، من أسفلها إلى أعلاها. وهو فعيل بمعنى مفعول.

(نضر) (ه) فيه «نَضَرَ الله امرأ سمع مقالتى فوعاها» نَضَرَهُ ونَضَّرَهُ وأَنْضَرَهُ : أى نعّمه.

ويروى بالتخفيف والتشديد من النّضارة ، وهى فى الأصل : حسن الوجه ، والبريق ، وإنما أراد حسّن خلقه وقدره.

ومنه الحديث «قال : يا معشر محارب ، نَضَّرَكُمُ الله ، لا تسقونى حلب امرأة» كان حلب النّساء عندهم عيبا ، يتعايرون به.

وفى حديث عاصم الأحول «رأيت قدح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند أنس ، وهو قدح عريض من نُضَارٍ» أى من خشب نضار ، وهو خشب معروف. وقيل : هو الأثل الورسىّ اللون. وقيل : النّبع. وقيل : الخلاف (١).

والنُّضَار : الخالص من كل شيء. والنُّضَار : الذهب أيضا.

وقيل : أقداح النُّضَارِ : حمر من خشب أحمر.

(ه) ومنه حديث النّخعىّ «لا بأس أن يشرب فى قدح النُّضَارِ».

__________________

(١) الخلاف ، وزان كتاب : شجر الصّفصاف. الواحدة : خلافة. قاله فى المصباح.

٧١

(نضض) (ه) فى حديث عمر «كان يأخذ الزكاة من نَاضِ المال» هو ما كان ذهبا أو فضة ، عينا وورقا. وقد نَضَ المالُ يَنِضُ ، إذا تحوّل نقدا بعد أن كان متاعا.

(ه) ومنه الحديث «خذ صدقة ما قد نَضَ من أموالهم» أى ما حصل وظهر من أثمان أمتعتهم وغيرها.

(ه) ومنه حديث عكرمة فى الشريكين إذا أرادا أن يتفرّقا «يقسمان ما نضّ بينهما من العين ، ولا يقسمان الدّين» كره أن يقسم الدّين ، لأنه ربما استوفاه أحدهما ، ولم يستوفه الآخر ، فيكون ربا ، ولكن يقتسمانه بعد القبض.

(س) وفى حديث عمران والمرأة صاحبة المزادة «قال : والمزادة تكاد تَنِضُ من الملء (١)» أى تنشقّ ويخرج منها الماء. يقال : نَضَ الماءُ من العين ، إذا نبع.

(نضل) (س) فيه «أنه مرّ بقوم يَنْتَضِلُونَ» أى يرتمون بالسهام. يقال : انْتَضَلَ القومُ وتَنَاضَلُوا : أى رموا للسّبق. ونَاضَلَهُ ، إذا راماه. وفلان يُنَاضِلُ عن فلان ، إذا رامى عنه وحاجج ، وتكلّم بعذره ، ودفع عنه.

ومنه الحديث «بعدا لكنّ وسحقا ، فعنكنّ كنت أُنَاضِلُ» أى أجادل وأخاصم وأدافع.

(س) ومنه شعر أبى طالب يمدح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولمّا نطاعن دونه ونناضل (٢)

(نضنض) (ه) فى حديث أبى بكر «دخل عليه وهو يُنَضْنِضُ لسانه» أى يحرّكه. ويروى بالصاد ، وقد تقدّم.

(نضا) (س) فيه «إن المؤمن لَيُنْضِى شيطانه كما ينضى أحدكم بعيره» أى يهزله ، ويجعله نِضْواً. والنِّضْوُ : الدابة التى أهزلتها الأسفار ، وأذهبت لحمها.

__________________

(١) هكذا فى الأصل ، وا. وفى اللسان : «من الماء» وهو فى بعض نسخ النهاية ، كما جاء بحواشى الأصل.

(٢) فى الأصل : «ونناضل» هنا وفى مادة بزى وهو خطأ ، صوابه بالكسر من ا ، والديوان ، نسخة الشنقيطى بدار الكتب المصرية.

٧٢

ومنه حديث عليّ «كلمات لو رحلتم فيهنّ المطىّ لَأَنْضَيْتُمُوهُنَ».

وحديث ابن عبد العزيز «أنضيتم الظّهر» أى أهزلتموه.

(س) ومنه الحديث «إن كان أحدنا ليأخذ نِضْوَ أخيه».

(س) وفى حديث جابر «جعلت ناقتى تَنْضُو الرقاق (١)» أى تخرج من بينها. يقال : نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً ونُضِيّاً.

وفى حديث عليّ ، وذكر عمر فقال : «تنكّب قوسه وانْتَضَى فى يده أسهما» أى أخذ واستخرجها من كنانته. يقال : نَضَا السيف من غمده وانْتَضَاهُ ، إذا أخرجه.

(س) وفى حديث الخوارج «فينظر فى نَضِيِّهِ» النَّضِىُ : نصل السّهم. وقيل : هو السهم قبل أن ينحت إذا كان قدحا ، وهو أولى ، لأنه قد جاء فى الحديث ذكر النّصل بعد النّضىّ.

وقيل : هو من السهم ما بين الريش والنّصل. قالوا : سمّى نَضِيّاً ؛ لكثرة البرى والنّحت ، فكأنه جعل نِضْواً : أى هزيلا.

(باب النون مع الطاء)

(نطح) (ه) فيه «فارس نَطْحَةٍ أو نَطْحَتَيْنِ (٢) ثم لا فارس بعدها أبدا» معناه أنّ (٣) فارس تقاتل المسلمين مرّتين ، ثم يبطل ملكها ويزول ، فحذف الفعل لبيان معناه.

__________________

(١) هكذا فى الأصل ، وا. وفى اللسان : «الرفاق» بالفاء والقاف ، وهو فى بعض نسخ النهاية ، كما جاء بحواشى الأصل.

(٢) هكذا بالنصب فى الأصل ، وا ، والدر النثير ، والهروى. والذى فى القاموس ، واللسان ، وبعض نسخ النهاية ، كما جاء بحواشى الأصل : «نطحة أو نطحتان».

(٣) الذى فى الهروى : «قال أبو بكر : معناه : فارس تنطح مرّة أو مرّتين ، فيبطل ملكها ، ويزول أمرها. فحذف «تنطح» لبيان معناه. قال الشاعر :

رأتني بحبليها فصدّت مخافة

وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق

أى رأتنى أقبلت بحبليها ، فحذف الفعل».

٧٣

ومنه الحديث «لا يَنْتَطِحُ فيها عنزان» أى لا يلتقى فيها اثنان ضعيفان ، لأن النِّطَاحَ من شأن التّيوس ، والكباش لا العنوز. وهو إشارة إلى قضية مخصوصة لا يجرى فيها خلف ونزاع.

(نطس) (ه) فى حديث عمر «لو لا التَّنَطُّسُ ما باليت ألّا أغسل يدى» التَّنَطُّسُ (١) : التّقذّر. وقيل (٢) : هو المبالغة فى الطّهور ، والتّأنّق فيه. وكلّ من تأنّق فى الأمور ودقّق النّظر فيها فهو نَطِسٌ ومُتَنَطِّسٌ.

(نطع) (ه) فيه «هلك الْمُتَنَطِّعُونَ» هم المتعمقّون المغالون فى الكلام ، المتكلّمون بأقصى حلوقهم. مأخوذ من النِّطَعِ ، وهو الغار الأعلى من الفم ، ثم استعمل فى كل تعمّق ، قولا وفعلا.

(س) ومنه حديث عمر «لن تزالوا بخير ما عجّلتم الفطر ولم تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أهل العراق» أى تتكلّفوا القول والعمل.

وقيل : أراد به هاهنا الإكثار من الأكل والشرب والتّوسّع فيه حتى يصل إلى الغار الأعلى.

ويستحبّ للصائم أن يعجّل الفطر بتناول القليل من الفطور.

ومنه حديث ابن مسعود «إياكم والتَّنَطُّعَ والاختلاف ، فإنما هو كقول أحدكم : هلمّ وتعال» أراد النّهى عن الملاحاة فى القراءات المختلفة ، وأنّ مرجعها كلّها إلى وجه واحد من الصواب ، كما أنّ هلمّ بمعنى تعال.

(نطف) (ه) فيه «لا يزال الإسلام يزيد وأهله ، وينقص الشرك وأهله ، حتى يسير الراكب بين النُّطْفَتَيْنِ لا يخشى جورا» أراد بالنطفتين بحر المشرق وبحر المغرب. يقال للماء الكثير والقليل : نُطْفَةٌ ، وهو بالقليل أخصّ.

وقيل : أراد ماء الفرات وماء البحر الذى بلى جدّة. هكذا جاء فى كتاب الهروى ، والزمخشرى : لا يخشى (٣) جورا : أى لا يخشى فى طريقه أحدا يجور عليه ويظلمه.

__________________

(١) هذا شرح ابن عيينة ، كما ذكر الهروى.

(٢) القائل هو الأصمعى ، كما ذكر الهروى أيضا.

(٣) الذى فى الفائق ٣ / ١٠٣ : «لا يخشى إلّا جورا».

٧٤

والذى جاء فى كتاب الأزهرى «لا يخشى إلا جورا» أى لا يخاف فى طريقه غير الضّلال ، والجور عن الطريق.

(ه) ومنه الحديث «إنّا نقطع إليكم هذه النُّطْفَةِ» يعنى ماء البحر.

ومنه حديث عليّ «وليمهلها عند النِّطَافِ والأعشاب» يعنى الإبل والماشية. النِّطَافُ : جمع نطفة ، يريد أنها إذا وردت على المياه والعشب يدعها لترد وترعى.

ومنه الحديث «قال لأصحابه : هل من وضوء؟ فجاء رجل بِنُطْفَةٍ فى إداوة» أراد بها ها هنا الماء القليل. وبه سمّى المنىّ نُطْفَةً لقلّته ، وجمعها : نُطَفٍ.

ومنه الحديث «تخيّروا لنطفكم» وفى رواية «لا تجعلوا نطفكم إلّا فى طهارة» هو حثّ على استخارة أمّ الولد ، وأن تكون صالحة ، وعن نكاح صحيح أو ملك يمين. وقد نَطَفَ الماء يَنْطُفُ ويَنْطِفُ ، إذا قطر قليلا قليلا.

(ه) ومنه الحديث «أنّ رجلا أتاه فقال : يا رسول الله رأيت ظلّة تنطف سمنا وعسلا» أى تقطر.

ومنه صفة المسيح عليه‌السلام «ينطف رأسه ماء».

ومنه حديث ابن عمر «دخلت على حفصة ونوساتها تنطف».

(نطق) (ه) فى حديث العباس يمدح النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

حتى احتوى بيتك المهيمن من

خندف عليا تحتها النّطق

النُّطُقُ : جمع نِطَاقٍ ، وهى أعراض من جبال ، بعضها فوق بعض : أى نواح وأوساط منها ، شبّهت بالنّطق التى يشدّ بها أوساط الناس ، ضربه مثلا له ؛ فى ارتفاعه وتوسّطه فى عشيرته ، وجعلهم تحته بمنزلة أوساط الجبال. وأراد ببيته شرفه ، والمهيمن نعته : أى حتى احتوى شرفك الشاهد على فضلك أعلى مكان من نسب خندف.

وفى حديث أم إسماعيل «أوّل ما اتّخذ النساء الْمِنْطَقْ من قبل أمّ إسماعيل اتّخذت منطقا» الْمِنْطَق : النطاق ، وجمعه : مَنَاطِقْ ، وهو أن تلبس المرأة ثوبها ، ثم تشدّ وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها ، وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال ؛ لئلا تعثر فى ذيلها. وبه سمّيت أسماء بنت أبى بكر ذات النِّطَاقَيْنِ ؛ لأنها كانت تطارق نِطَاقاً فوق نطاق.

٧٥

وقيل : كان لها نطاقان تلبس أحدهما ، وتحمل فى الآخر الزاد إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبى بكر ، وهما فى الغار.

وقيل : شقّت نطاقها نصفين فاستعملت أحدهما ، وجعلت الآخر شدادا لزادهما.

(ه) وفى حديث عائشة «فعمدن إلى حجز مناطقهنّ فشققنها واختمرن بها».

(نطل) (ه) فى حديث ظبيان «وسقوهم بصبير النّيطل» النَّيْطَلُ : الموت والهلاك ، والياء زائدة. والصّبير : السحاب.

(س) وفى حديث ابن المسيّب «كره أن يجعل نَطْلُ النبيذ فى النّبيذ ليشتدّ بالنّطل» هو أن يؤخذ سلاف النبيذ وما صفا منه ، فإذا لم يبق إلّا العكر والدّردىّ صبّ عليه ماء ، وخلط بالنّبيذ الطرىّ ليشتدّ. يقال : ما فى الدّنّ نَطْلَةُ نَاطِلٍ : أى جرعة ، وبه سمّى القدح الصغير الذى يعرض فيه الخمّار أنموذجه نَاطِلاً.

(نطنط) (ه) فيه «كان يسأل عمّن تخلّف من غفار ، فقال : ما فعل الحمر الطّوال النَّطَانِط» هى جمع نَطْنَاطْ ، وهو الطويل المديد القامة.

ويروى «الثّطاط» بالثاء المثلثة. وقد تقدم.

(نطا) (ه) فى حديث طهفة «فى أرض غائلة النّطاء» النِّطَاءُ : البعد. وبلد نَطِىٌ : أى بعيد.

ويروى «الْمَنْطَى» ، وهو مفعل منه.

(ه) وفى حديث الدعاء «لا مانع لما أَنْطَيْتَ ، ولا مُنْطِىَ لما منعت» هو لغة أهل اليمن فى أعطى.

ومنه الحديث «اليد الْمُنْطِيَةُ خير من اليد السفلى».

ومنه كتابه لوائل بن حجر «وأنطوا الثّبجة».

وقوله لرجل آخر «أَنْطِهِ كذا»

(ه) وفى حديث زيد بن ثابت «كنت مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يملى كتابا ، فدخل رجل ، فقال له : انْطُ» أى اسكت ، بلغة حمير. وهو أيضا زجر للبعير إذا نفر. يقال له : انط ، فيسكن.

٧٦

وفى حديث خيبر «غدا إلى النَّطَاةِ» هى علم لخيبر أو حصن بها ، وهى من النَّطْوِ : البعد. وقد تكرّرت فى الحديث. وإدخال اللام عليها كإدخالها على حارث وعباس. كأنّ النّطاة وصف لها غلب عليها.

(باب النون مع الظاء)

(نظر) (س) فيه «إن الله لا يَنْظُرُ إلى صوركم وأموالكم ، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم» معنى النَّظَرِ هاهنا الاختيار والرحمة والعطف ؛ لأنّ النظر فى الشاهد دليل المحبّة ، وترك النظر دليل البغض والكراهة ، وميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقة ، والله يتقدّس عن شبه المخلوقين ، فجعل نظره إلى ما هو السّرّ واللّبّ ، وهو القلب والعمل. والنّظر يقع على الأجسام والمعانى ، فما كان بالأبصار فهو للأجسام ، وما كان بالبصائر كان للمعانى.

ومنه الحديث «من ابتاع مصرّاة فهو بخير النّظرين» أى خير الأمرين له ، إمّا إمساك المبيع أو ردّه ، أيّهما كان خيرا له واختاره فعله.

وكذلك حديث القصاص «من قتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ» يعنى القصاص والدية ، أيّهما اختار كان له. وكلّ هذه معان لا صور.

(ه) وفى حديث عمران بن حصين رضى الله عنه «قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : النظر إلى وجه عليّ عبادة» قيل (١) : معناه أنّ عليا رضى الله عنه كان إذا برز قال الناس : لا إله إلا الله ، ما أشرف هذا الفتى! لا إله إلا الله ، ما أعلم هذا الفتى! لا إله إلا الله ، ما أكرم هذا الفتى! أى ما أتقى ، لا إله إلا الله ، ما أشجع هذا الفتى! فكانت رؤيته تحملهم على كلمة التوحيد.

[ه] وفيه «إن عبد الله أبا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ بامرأة تنظر وتعتاف ، فرأت فى وجهه نورا ، فدعته إلى أن يستبضع منها وتعطيه مائة من الإبل ، فأبى» تنظر : أى تتكهّن ، وهو نظر تعلّم وفراسة.

__________________

(١) القائل هو ابن الأعرابى ، كما فى الهروى.

٧٧

والمرأة كاظمة بنت مرّ. وكانت متهوّدة قد قرأت الكتب.

وقيل : هى أخت ورقة بن نوفل.

(ه) وفيه «أنه رأى جارية بها سفعة ، فقال : إن بها نَظْرَةً فاسترقوا لها» أى بها عين أصابتها من نظر الجنّ. وصبىّ مَنْظُورٌ : أصابته العين.

وفى حديث ابن مسعود «لقد عرفت النَّظَائِرَ التى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقوم بها : عشرين سورة من المفصّل» النَّظَائِرُ : جمع نظيرة ، وهى المثل والشّبه فى الأشكال ، والأخلاق ، والأفعال ، والأقوال ، أراد اشتباه بعضها ببعض فى الطول.

والنَّظِيرُ : المثل فى كل شيء. وقد تكرّر فى الحديث.

(ه) وفى حديث الزّهرى «لا تناظر بكتاب الله ولا بسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى لا تجعل لهما شبها ونظيرا ، فتدعهما وتأخذ به ، أو لا تجعلهما مثلا ، كقول القائل إذا جاء فى الوقت الذى يريد : (ثُمَ] (١) جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى» وما أشبه ذلك مما يتمثّل به ، والأوّل أشبه. يقال : نَاظَرْتُ فلانا : أى صرت له نظيرا فى المخاطبة. ونَاظَرْتُ فلانا بفلان : أى جعلته نظيرا له.

وفيه «كنت أبايع الناس فكنت أُنْظِرُ الْمُعْسِرَ» الْإِنْظَارُ : التأخير والإمهال. يقال : أَنْظَرْتُهُ أُنْظِرُهُ ، واسْتَنْظَرْتُهُ ، إذا طلبت منه أن يُنْظِرَكَ.

وفى حديث أنس «نَظَرْنَا النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات ليلة حتى كان شطر الليل» يقال : نَظَرْتُهُ وانْتَظَرْتُهُ ، إذا ارتقبت حضوره.

ومنه حديث الحج «فإنّى أَنْظُرُكُمَا».

وحديث الأشعريّين «أن تَنْظُرُوهُمْ» وقد تكرّر ذكر «النّظر ، والانتظار ، والإنظار» فى الحديث.

(نظف) (س) فيه «إن الله تبارك وتعالى نَظِيفٌ يحبّ النَّظَافَةَ» نَظَافَةُ الله : كناية عن تنزّهه من سمات الحدث ، وتعاليه فى ذاته عن كل نقص. وحبّه النّظافة من غيره كناية عن

__________________

(١) من ا ، وانظر الآية ٤٠ من سورة طه.

٧٨

خلوص العقيدة ونفى الشّرك ومجانبة الأهواء ، ثم نظافة القلب عن الغلّ والحقد والحسد وأمثالها ، ثم نظافة المطعم والملبس عن الحرام والشّبه ، ثم نظافة الظاهر لملابسة العبادات.

ومنه الحديث «نَظِّفُوا أفواهكم فإنها طرق القرآن» أى صونوها عن اللّغو ، والفحش ، والغيبة ، والنّميمة ، والكذب ، وأمثالها ، وعن أكل الحرام والقاذورات ، والحثّ (١) على تطهيرها من النجاسات والسّواك.

(س) وفيه «تكون فتنة تَسْتَنْظِفُ العرب» أى تستوعبهم هلاكا. يقال : اسْتَنْظَفْتُ الشيء ، إذا أخذته كلّه. ومنه قولهم : استنظفت الخراج ، ولا يقال : نظّفته.

ومنه حديث الزّهرى «فقدّرت أنّى استنظفت ما عنده ، واستغنيت عنه».

(نظم) ـ فى أشراط الساعة «وآيات تتابع كَنِظَام بَالٍ قطع سلكه» النِّظَامُ : العقد من الجوهر والخرز ونحوهما. وسِلْكُهُ : خَيْطُهُ.

(باب النون مع العين)

(نعب) (س) فى دعاء داود عليه‌السلام «يا رازق النَّعَّابِ فى عشّه» النَّعَّابُ : الغراب. والنَّعِيبُ : صوته. وقد نَعَبَ يَنْعِبُ ويَنْعَبُ نَعْباً. قيل : إنّ فرخ الغراب إذا خرج من بيضته يكون أبيض كالشّحمة ، فإذا رآه الغراب أنكره وتركه ولم يزقّه ، فيسوق الله إليه البقّ فيقع عليه ، لزهومة ريحه ، فيلقطها ويعيش بها إلى أن يطلع ريشه ويسودّ ، فيعاوده أبوه وأمّه.

(نعت) (س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «يقول نَاعِتُهُ : لم أر قبله ولا بعده مثله» النَّعْتُ : وصف الشيء بما فيه من حسن. ولا يقال فى القبيح ، إلا أن يتكلّف متكلّف ، فيقول : نَعْتَ سوء ، والوصف يقال فى الحسن والقبيح.

(نعثل) (ه) فى مقتل عثمان «لا يمنعنّك مكان ابن سلام أن تسبّ نَعْثَلاً» كان

__________________

(١) هكذا فى الأصل ، وا ، واللسان. والذى فى الدر النثير مكان هذا : «وطهّروها بالماء والسّواك».

٧٩

أعداء عثمان يسمّونه نعثلا ، تشبيها برجل من مصر (١) ، كان طويل اللحية اسمه نَعْثَل.

وقيل : النَّعْثَلُ : الشيخ الأحمق ، وذكر الضباع.

ومنه حديث عائشة «اقتلوا نعثلا ، قتل الله نَعْثَلاً» تعنى عثمان. وهذا كان منها لمّا غاضبته وذهبت إلى مكة.

(نعج) ـ فى شعر خفاف بن ندبة :

* والنَّاعِجَاتُ المسرعات بالنّجا (٢) *

يعنى الخفاف من الإبل. وقيل : الحسان الألوان.

(نعر) (ه) فى حديث عمر «لا أقلع عنه حتى أطيّر نُعَرَتَهُ» وروى «حتى أنزع النُّعَرَةَ (٣) التى فى أنفه» النَّعَرَةُ ، بالتحريك : ذباب [كبير](٤) أزرق ، له إبرة يلسع بها ، ويتولّع بالبعير ، ويدخل فى أنفه فيركب رأسه ، سميت بذلك لِنَعِيرِهَا وهو صوتها ، ثم استعيرت للنّخوة والأنفة والكبر : أى حتى أزيل نخوته ، وأخرج جهله من رأسه.

أخرجه الهروى من حديث عمر ، وجعله الزمخشرى حديثا مرفوعا (٥).

[ه] ومنه حديث أبى الدّرداء «إذا رأيت نُعَرَةَ الناس ، ولا تستطيع أن تغيّرها ، فدعها حتى يكون الله يغيّرها» أى كبرهم وجهلهم.

__________________

(١) فى الهروى : «مضر».

(٢) هكذا فى الأصل. وفى ا : «النّجا» وفى اللسان : «للنّجا» والذى فى الفائق ١ / ١٧٥ : «النّجاء» وقد نص الزمخشرى على أن القافية ممدودة مقيدة. وانظر الكامل ، للمبرد ص ٢١١.

(٣) فى الأصل : «نعرته ، والنّعرة» والضبط المثبت من كل المراجع. وقد نص الجوهرى على أنه كهمزة. لكن قول المصنف بعد ذلك إنه بالتحريك يقتضى أنه بفتح النون فقط. والذى يستفاد من عبارة القاموس أنه كهمزة ، وبالتحريك أيضا.

(٤) زيادة من الهروى. مكانها فى الصحاح ، وإصلاح المنطق ص ٢٠٥ : «ضخم».

(٥) إنما أخرجه الزمخشرى من حديث عمر ، أيضا. انظر الفائق ٣ / ١٠٨.

٨٠