النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

(ه) ومنه حديث عمر «البخيل فى غير وكف» وقال الزمخشرى : «الْوَكَفُ : الوقوع فى المأثم والعيب. وقد وَكِفَ يَوْكَفُ وَكَفاً ، وهو من وَكَفَ المطر ، إذا وقع» وتَوَكَّفَ (١) الخبر إذا انتظر وكفه : أى وقوعه.

(ه) ومنه حديث ابن عمير «أهل القبور يَتَوَكَّفُونَ الأخبار» أى يتوقّعونها ، فإذا مات الميّت سألوه : ما فعل فلان ، وما فعل فلان؟

(وكل) ـ فى أسماء الله تعالى «الْوَكِيلُ» هو القيّم الكفيل بأرزاق العباد ، وحقيقته أنه يستقلّ بأمر الْمَوْكُولِ إليه.

وقد تكرر ذكر «التَّوَكُّلِ» فى الحديث. يقال : تَوَكَّلَ بالأمر ، إذا ضمن القيام به. ووَكَلْتُ أمرى إلى فلان : أى ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه. ووَكَّلَ فلان فلانا ، إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته ، أو عجزا عن القيام بأمر نفسه.

(س) ومنه حديث الدعاء «لا تَكِلْنِي إلى نفسى طرفة عين فأهلك».

ومنه الحديث «ووَكَلَهَا إلى الله» أى صرف أمرها إليه.

والحديث الآخر «من تَوَكَّلَ بما بين لحييه ورجليه توكّلت له بالجنة» وقيل : هو بمعنى تكفّل.

(ه) وحديث الفضل بن العباس وابن (٢) ربيعة «أتياه يسألانه السّعاية (٣) فَتَوَاكَلَا الكلام» أى اتَّكَلَ كلّ واحد منهما على الآخر فيه. يقال : استعنت القوم فَتَوَاكَلُوا : أى وَكَلَنِى بعضهم إلى بعض.

ومنه حديث ابن يعمر «فظننت أنه سَيَكِلُ الكلام إلىّ».

(س) ومنه حديث لقمان «وإذا كان الشأن اتّكل» أى إذا وقع الأمر لا ينهض فيه ،

__________________

(١) الذى فى الفائق ٢ / ٤٢٧ : «ومنه توكّف الخبر ، وهو توقّعه».

(٢) هو عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، كما فى الفائق ٣ / ١٧٩.

(٣) فى ا ، واللسان : «السّقاية» وما أثبتّ من الأصل ، والفائق. وانظر الحديث فى صحيح مسلم (باب ترك استعمال آل النبى على الصدقة ، من كتاب الزكاة).

٢٢١

ويكله إلى غيره. وأصله : اوتكل ، فقلبت الواو ياء ، ثم تاء وأدغمت.

(س) وفيه «أنه نهى عن المواكلة» قيل : هو من الاتّكال فى الأمور ، وأن يتّكل كلّ واحد منهما على الآخر. يقال : رجل وُكَلَةٌ ، إذا كثر منه الِاتِّكَالُ على غيره ، فنهى عنه ؛ لما فيه من التّنافر والتّقاطع ، وأن يكل صاحبه إلى نفسه ولا يعينه فيما ينوبه.

وقيل : إنما هو مفاعلة من الأكل ، والواو مبدلة من الهمزة. وقد تقدم فى حرفها.

وفيه «كان إذا مشى عرف فى مشيه أنه غير غرض ولا وكل» الْوَكَلُ والْوَكِلُ : البليد والجبان. وقيل : العاجز الذى يكل أمره إلى غيره.

ومنه مقتل الحسين «قال سنان (١) قاتله للحجّاج : ولّيت (٢) رأسه امرأ غير وكل» وفى رواية «وكلته (٣) إلى غير وكل» يعنى نفسه.

(وكن) (س) فيه «أقرّوا الطّير على وُكْنَاتِهَا» الْوُكْنَاتُ ، بضم الكاف وفتحها وسكونها : جمع وُكْنَة ، بالسكون ، وهى عشّ الطائر ووكره.

وقيل : الْوَكْنُ : ما كان فى عشّ ، والوكر : ما كان فى غير عشّ.

وقيل : الْوُكْنَاتُ : مواقع الطّير حيثما وقعت.

(وكا) (س) فى حديث اللّقطة «اعرف وِكَاءَهَا وعفاصها» الْوِكَاءُ : الخيط الذى تشدّ به الصّرّة والكيس ، وغيرهما.

(س) ومنه الحديث «العين وِكَاءُ السَّهِ» جعل اليقظة للاست كالوكاء للقِرْبة ، كما أنّ الوكاء يمنع ما فى القربة أن يخرج ، كذلك اليقظة تمنع الاست أن تحدث إلا باختيار. والسَّهُ : حلقة الدّبر. وكنى بالعين عن اليقظة ، لأن النائم لا عين له تبصر.

(س) وفيه «أَوْكُوا الأسقية» أى شدّوا رؤوسها بالوكاء ، لئلّا يدخلها حيوان ، أو

__________________

(١) فى الهروى : «سنان بن أنس».

(٢) ضبطته بضم التاء من ا والهروى وقد أهمل فى الأصل ضبط التاء فى «ولّيت» وضبطت بالفتح فى «وكلته» وجاء بحواشى اللسان : «قوله : وليت رأسه ، ضبط فى الأصل والنهاية بفتح التاء ، والظاهر أنه بضمها».

٢٢٢

يسقط فيها شيء. يقال : أَوْكَيْتُ السّقاء أُوكِيهِ إِيكَاءً فهو مُوكًى.

(س) ومنه الحديث «نهى عن الدّبّاء والمزفّت ، وعليكم بِالْمُوكَى» أى السّقاء المشدود الرأس ؛ لأن السّقاء الموكى قلّما يغفل عنه صاحبه لئلّا يشتدّ فيه الشّراب فينشقّ ، فهو يتعهّده كثيرا.

(س) ومنه حديث أسماء «قال لها : أعطى ولا تُوكِي فَيُوكَى عليك» أى لا تدّخرى وتشدّى ما عندك وتمنعى ما فى يديك فتنقطع مادّة الرّزق عنك.

(ه) وفى حديث الزّبير «أنه كان يُوكِي بين الصّفا والمروة سعيا» أى لا يتكلّم ، كأنه أوكى فاه فلم ينطق.

قال الأزهرى (١) : الايكاء فى كلام العرب يكون بمعنى السّعى الشّديد. واستدلّ عليه بحديث الزّبير. ثم قال : وإنما قيل للذى يشتدّ عدوه : مُوكٍ ؛ لأنه (٢) قد ملأ ما بين خوى رجليه ، وأَوْكَى عليه.

(باب الواو مع اللام)

(ولت) (س) فى حديث الشّورى «وتُولِتُوا أعمالكم» أى تنقصوها. يقال : لات يليت ، وأَلَتَ يَأْلِتُ. وهو فى الحديث من أَوْلَتَ يُولِتُ ، أو من آلَتَ يُولِتُ ، إن كان مهموزا.

قال القتيبى : ولم أسمع هذه اللغة إلّا من هذا الحديث.

(ولث) (ه) فى حديث عمر «أنه قال لِلْجَاثَلِيقِ : لولا وَلْثُ عقد لك لأمرت بضرب عنقك» الْوَلْثُ : العهد غير المحكم والمؤكّد. ومنه وَلْثُ السّحاب ، وهو النّدى اليسير ، هكذا فسّره الأصمعى.

وقال غيره : الْوَلْثُ : العهد المحكم.

وقيل : الْوَلْثُ : الشّيء اليسير من العهد.

__________________

(١) الذى فى الهروى : «قال الأزهرى : وفيه وجه آخر هو أصح ، وذلك أن الإيكاء ...» الخ

(٢) فى الهروى : «كأنه ملأ ما بين ...».

٢٢٣

(ه) ومنه حديث ابن سيرين «أنه كان يكره شراء سبى زابل (١) قال : إن عثمان وَلَثَ لهم وَلْثاً» أى أعطاهم شيئا من العهد.

(ولج) (س) فى حديث أم زرع «لا يُولِجُ الكفّ ليعلم البثّ» أى لا يدخل يده فى ثوبها ليعلم منها ما يسوءها إذا اطّلع عليه ، تصفه بالكرم وحسن الصّحبة.

وقيل : إنها تذمّه بأنه لا يتفقّد أحوال البيت وأهله.

والْوُلُوجُ : الدّخول. وقد وَلَجَ يَلِجُ ، وأَوْلَجَ غيره.

ومنه الحديث «عرض علىّ كلّ شيء تُولَجُونَهُ» بفتح اللام : أى تدخلونه (٢) وتصيرون إليه من جنّة أو نار.

(ه) ومنه حديث ابن مسعود «إيّاك والمُناخ على ظهر الطّريق ، فإنه منزل لِلْوَالِجَةِ» يعنى السّباع والحيّات. سمّيت وَالِجَةً لاستتارها بالنهار فى الْأَوْلَاجِ ، وهو ما وَلَجَتْ فيه من شعب أو كهف ، وغيرهما.

(س) ومنه حديث ابن عمر «أنّ أنسا (٣) كان يَتَوَلَّجُ على النساء وهنّ مكشّفات الرّؤوس» أى يدخل عليهن وهو صغير فلا يحتجبن منه.

وفي حديث عليّ «أقرّ بالبيعة وادّعى الوليجة» وَلِيجَةُ الرّجل : بطانته ودخلاؤه وخاصّته.

(ولد) (س) فيه «واقية كواقية الْوَلِيدِ» يعنى الطّفل ، فعيل بمعنى مفعول. أى كلاءة وحفظا ، كما يكلأ الطّفل.

وقيل : أراد بالوليد موسى عليه‌السلام ؛ لقوله تعالى (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) أى كما وقيت موسى شرّ فرعون وهو فى حجره فقنى شرّ قومى وأنا بين أظهرهم.

__________________

(١) زابل : كورة واسعة قائمة برأسها جنوبى بلخ وطخارستان. ياقوت. وأثبتها بالضم ، كما نص عليه ياقوت. وقد ضبطت فى الأصل ، وا ، واللسان بالفتح. وقد نص صاحب القاموس على أنها كهاجر.

(٢) ضبط فى الأصل : «تدخلونه» وأثبتّ ضبط ا ، واللسان.

(٣) فى الأصل «انسانا» والتصحيح من ا ، واللسان.

٢٢٤

(س) ومنه الحديث «الْوَلِيدُ فى الجنة» أى الذى مات وهو طفل أو سقط.

ومنه الحديث «لا تقتلوا وَلِيداً» يعنى فى الغزو ، والجمع : وِلْدَانٌ ، والأنثى وَلِيدَةٌ. والجمع : الْوَلَائِدُ. وقد تطلق الْوَلِيدَةُ على الجارية والأمة ، وإن كانت كبيرة.

(س) ومنه الحديث «تصدّقت على أمّى بِوَلِيدَةٍ» يعنى جارية.

(س) وفى حديث الاستعاذة «ومن شرّ (والِدٍ وَما وَلَدَ)» يعنى إبليس والشياطين. هكذا فسّر.

وفيه «فأعطى شاة وَالِداً» أى عرف منها كثرة النّتاج.

وحكى الجوهرى عن ابن السّكّيت : شاة وَالِدٌ : أى حامل.

(س) وفى حديث لقيط «ما ولّدت يا راعى؟» يقال : وَلَّدْتُ الشاة تَوْلِيداً ، إذا حضرت ولادتها فعالجتها حتى يبين الولد منها. والْمُوَلِّدَةُ : القابلة. وأصحاب الحديث يقولون : «ما وَلَدَتْ» يعنون الشاة. والمحفوظ بتشديد اللام ، على الخطاب للرّاعى.

ومنه حديث الأقرع والأبرص «فأنتج هذان وولّد هذا».

(ه) ومنه حديث مسافع «حدّثتنى امرأة من بنى سليم قالت : أنا وَلَّدْتُ عامّة أهل دارنا» أى كنت لهم قابلة.

وفى الإنجيل «قال لعيسى : أنا وَلَّدْتُكَ» أى ربّيتك ، فخفّفه النصارى وجعلوه له ولدا ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوّا كبيرا.

(ه) وفى حديث شريح «أنّ رجلا اشترى جارية وشرطوا (١) أنها مولّدة ، فوجدها تليدة» الْمُوَلَّدَةُ : التى ولدت بين العرب ونشأت مع أولادهم ، وتأدّبت بآدابهم.

وقال الجوهرى : «رجل مولّد : إذا كان عربيّا غير محض».

والتَّلِيدَةُ : التى (٢) ولدت ببلاد العجم ، وحملت فنشأت ببلاد العرب.

(ولع) (س) فيه «أعوذ بك من الشّرّ وَلُوعاً» يقال : وَلِعْتُ بالشيء أَوْلَعُ وَلَعاً.

__________________

(١) فى الهروى : «وشرط».

(٢) هذا شرح القتيبى ، كما ذكر الهروى.

٢٢٥

ووَلُوعاً ، بفتح الواو ، المصدر والاسم جميعا. وأَوْلَعْتُهُ بالشيء ، وأُولِعَ به فهو مُولَعٌ ، بفتح اللام : أى مغرى به.

ومنه الحديث «أنه كان مولعا بالسّواك».

(س) والحديث الآخر «أَوْلَعْتُ قريشا بعمّار» أى صيّرتهم يولعون به.

(ولغ) (س) فيه «إذا وَلَغَ الكلب فى إناء أحدكم» أى شرب منه بلسانه. يقال : وَلَغَ وَلِغَ يَلَغُ ويَلِغُ وَلْغاً (١) ووُلُوغاً. وأكثر ما يكون الولوغ فى السباع.

[ه] ومنه حديث عليّ «أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثه ليدى قوما قتلهم خالد بن الوليد ، فأعطاهم مِيلَغَةَ الكلب» هى الإناء الذى يلغ فيه الكلب ، يعنى أعطاهم قيمة كلّ ما ذهب لهم ، حتى قيمة الميلغة.

(ولق) (ه) في حديث عليّ «قال لرجل : كذبت والله ووَلَقْتَ» الْوَلْقُ والْأَلْقُ : الاستمرار فى الكذب. يقال : وَلَقَ يَلِقُ وأَلِقَ يَأْلَقُ ، إذا أسرع فى مرّه.

وقيل : الْوَلْقُ : الكذب ، وأعاده تأكيدا لاختلاف اللفظ.

(ولم) ـ قد تكرر فيه ذكر «الْوَلِيمَةِ» وهى الطّعام الذى يصنع عند العرس. وقد أَوْلَمْتُ أُولِمُ.

ومنه الحديث «ما أَوْلَمَ على أحد من نسائه ما أَوْلَمَ على زينب».

(ه) والحديث الآخر «أَوْلِمْ ولو بشاة».

(ولول) ـ فى حديث فاطمة رضى الله عنها «فسمع تَوَلْوُلَهَا تنادى : يا حسنان ، يا حسينان» الْوَلْوَلَةُ : صوت متتابع بالويل والاستغاثة. وقيل : هى حكاية صوت النائحة.

(س) ومنه حديث أسماء «جاءت أمّ جميل ، فى يدها فهر ولها وَلْوَلَةٌ».

وحديث أبى ذر «فانطلقتا تُوَلْوِلَانِ».

(ه س) وفى حديث وقعة الجمل :

__________________

(١) من باب نفع ، كما فى المصباح. وزاد : «وولغ يلغ ، من بابى وعد ، وورث لغة ، ويولغ ، مثل وجل يوجل ، لغة أيضا».

٢٢٦

أنا ابن عتّاب وسيفى ولول (١)

والموت دون الجمل المجلّل

هو اسم سيف كان لأبيه ، سمّى به ؛ لأنه كان يقتل به الرّجال ، فَتُوَلْوِلُ نساؤهم عليهم.

(وله) (ه) فيه «لا تُوَلَّهُ والدة عن ولدها» أى (٢) لا يفرّق بينهما فى البيع. وكلّ أنثى فارقت ولدها فهى وَالِهٌ. وقد وَلِهَتْ (٣) تَوْلَهُ ، ووَلَهَتْ تَلِهُ ، وَلَهاً ووَلَهَاناً ، فهى وَالِهَةٌ ووَالِهٌ. والْوَلَهُ : ذهاب العقل ، والتّحيّر من شدّة الوجد.

ومنه حديث نقادة الأسدى «غير ألّا تُوَلِّهِ ذات (٤) ولد عن ولدها».

وحديث الفرعة «تكفىء إناءك وتُولِهُ ناقتك» أى تجعلها والهة بذبحك ولدها. وقد أَوْلَهْتُهَا ووَلَّهْتُهَا تَوْلِيهاً.

ومنه الحديث «أنّه نهى عن التَّوْلِيهِ والتّبريح».

(ولا) ـ فى أسماء الله تعالى «الْوَلِيُ» هو النّاصر. وقيل : الْمُتَوَلِّي لأمور العالم والخلائق القائم بها.

ومن أسمائه عزوجل «الْوَالِي» وهو مالك الأشياء جميعها ، المتصرّف فيها. وكأنّ الْوِلَايَةُ تشعر بالتّدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الْوَالِي.

(ه) وفيه «أنه نهى عن بيع الْوِلَاءِ وهبته» يعنى ولاء العتق ، وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه ، أو ورثة معتقه ، كانت العرب تبيعه وتهبه فنهى عنه ، لأنّ الْوِلَاءَ كالنّسب ، فلا يزول بالإزالة.

ومنه الحديث «الْوِلَاءُ للكبر» أى الأعلى فالأعلى من ورثة المعتق.

(س) ومنه الحديث «من تَوَلَّى قوما بغير إذن مَوَالِيهِ» أى اتّخذهم أَوْلِيَاءَ له» ظاهره

__________________

(١) فى الهروى :

* أنا ابن عتّاب وسيفي الولول *

برفع الولول. وانظر حواشى اللسان. والرجز لعبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد. كما فى اللسان.

(٢) هذا شرح أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.

(٣) قال فى المصباح : «من باب تعب. وفى لغة قليلة : وله يله ، من باب وعد».

(٤) فى الفائق ٢ / ٢٢٨ : «غير ألّا تولّه ذات ...»

٢٢٧

يوهم أنه شرط ، وليس شرطا ، لأنّه لا يجوز له إذا أذنوا أن يوالى غيرهم ، وإنّما هو بمعنى التّوكيد لتحريمه ، والتّنبيه على بطلانه ، والإرشاد إلى السّبب فيه ، لأنه إذا استأذن أولياءه فى موالاة غيرهم منعوه فيمتنع. والمعنى : إن سوّلت له نفسه ذلك فليستأذنهم ، فإنّهم يمنعونه. وقد تكرر فى الحديث.

ومنه حديث الزكاة «مَوْلَى القوم منهم» الظّاهر من المذاهب والمشهور أن موالى بنى هاشم والمطّلب لا يحرم عليهم أخذ الزّكاة ؛ لانتفاء النّسب الذى به حرم على بنى هاشم والمطّلب.

وفى مذهب الشافعى على وجه أنه يحرم على الموالى أخذها ، لهذا الحديث.

ووجه الجمع بين الحديث ونفى التّحريم أنه إنّما قال هذا القول تنزيها لهم ، وبعثا على التّشبّه بسادتهم والاستنان بسنّتهم فى اجتناب مال الصّدقة الّتى هى أوساخ النّاس.

وقد تكرر ذكر «المولى» فى الحديث ، وهو اسم يقع على جماعة كثيرة ، فهو الرّبّ ، والمالك ، والسّيّد ، والمنعم ، والمعتق ، والنّاصر ، والمحبّ ، والتّابع ، والجار ، وابن العمّ ، والحليف ، والعقيد ، والصّهر ، والعبد ، والمعتق ، والمنعم عليه. وأكثرها قد جاءت فى الحديث ، فيضاف كلّ واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه. وكلّ من ولى أمرا أو قام به فهو مولاه ووليّه. وقد تختلف مصادر هذه الأسماء. فَالْوَلَايَةُ بالفتح ، فى النّسب والنّصرة والمعتق. والْوِلَايَةُ بالكسر ، فى الإمارة. والولاء ، المعتق والموالاة من وَالَى القوم.

(ه س) ومنه الحديث «من كنت مولاه فعليّ مولاه» يحمل (١) على أكثر الأسماء المذكورة.

قال الشّافعى رضى الله عنه : يعنى بذلك وَلَاءَ الإسلام ، كقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ).

وقول عمر لعلىٍ «أصبحت مَوْلَى كلّ مؤمن» أى وَلِيَ كلّ مؤمن.

وقيل : سبب ذلك أنّ أسامة قال لعلىّ : لست مولاى ، إنّما مولاى رسول الله صلى الله عليه

__________________

(١) فى الهروى : «قال أبو العباس : أى من أحبّنى وتَوَلَّانِي فَلْيَتَوَلَّهُ. وقال ابن الأعرابى : الْوَلِيُّ : التابع المحبّ».

٢٢٨

وسلم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كنت مولاه فعليّ مولاه».

(ه) ومنه الحديث «أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل» وفى رواية «وليّها» أى متولّى أمرها.

ومنه الحديث «مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالى الله ورسوله» (١).

والحديث الآخر «أسألك غناى وغنى مولاى».

والحديث الآخر «من أسلم على يده رجل فهو مولاه» أى يرثه كما يرث من أعتقه.

ومنه الحديث «أنه سئل عن رجل مشرك يسلم على يد رجل من المسلمين فقال : هو أَوْلَى الناس بمحياه ومماته» أى أحقّ به من غيره. ذهب قوم إلى العمل بهذا الحديث ، واشترط آخرون أن يضيف إلى الإسلام على يده المعاقدة والموالاة.

وذهب أكثر الفقهاء إلى خلاف ذلك ، وجعلوا هذا الحديث بمعنى البرّ والصّلة ورعى الذّمام. ومنهم من ضعّف الحديث.

(ه) ومنه الحديث «ألحقوا المال بالفرائض ، فما أبقت السّهام فَلِأَوْلَى رجل ذكر» أى أدنى وأقرب فى النّسب إلى الموروث.

ومنه حديث أنس «قام عبد الله بن حذافة فقال : من أبى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أبوك حذافة ، وسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال : أَوْلَى لكم والذى نفسى بيده» أى قرب منكم ما تكرهون ، وهى كلمة تلهّف ، يقولها الرجل إذا أفلت من عظيمة.

وقيل : هى كلمة تهدّد ووعيد. قال الأصمعى : معناه : قاربه ما يهلكه.

(س) ومنه حديث ابن الحنفيّة «كان إذا مات بعض ولده قال : أولى لى ، كدت أن أكون السّواد المخترم» شبّه كاد بعسى ، فأدخل فى خبرها أن.

وفى حديث عمر «لا يعطى من المغانم شيء حتى تقسم ، إلّا لراع أو دليل غير مُولِيهِ ، قلت : ما موليه؟ قال : محابيه» أى غير معطيه شيئا لا يستحقّه ، وكلّ من أعطيته ابتداء من غير مكافأة فقد أوليته.

__________________

(١) فى الهروى : «قال يونس : أى أولياء الله».

٢٢٩

وفى حديث عمّار «قال له عمر فى شأن التّيمّم : كلّا ، والله لَنُوَلِّيَنَّكَ ما تولّيت» أى نكل إليك ما قلت ، ونردّ إليك ما ولّيته نفسك ، ورضيت لها به.

(ه) وفيه «أنه سئل عن الإبل ، فقال : أعنان الشياطين ، لا تقبل إلا مُوَلِّيَةً ، ولا تدبر إلّا مولّية ، ولا يأتى نفعها إلا من جانبها الأشأم» أى إن من شأنها إذا أقبلت على صاحبها أن يتعقّب إقبالها الإدبار ، وإذا أدبرت أن يكون إدبارها ذهابا وفناء مستأصلا. وقد ولّى الشيء وتولّى ، إذا ذهب هاربا ومدبرا ، وتولّى عنه ، إذا أعرض.

(ه) وفيه «أنه نهى أن يجلس الرجل على الْوِلَايَا» هى البراذع. سمّيت بذلك لأنها تلى ظهر الدّابّة. قيل : نهى عنها ، لأنها إذا بسطت وافترشت تعلّق بها الشّوك والتّراب وغير ذلك مما يضرّ الدوابّ ، ولأن الجالس عليها ربّما أصابه من وسخها ونتنها ودم عقرها.

(ه) ومنه حديث ابن الزبير «أنه بات بقفر ، فلما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران ، عظيم اللّحية على الوليّة ، فنفضها فوقع».

(س) وفى حديث مطرّف الباهلىّ «تسقيه الْأَوْلِيَةُ» هى جمع وَلِىٍ ، وهو المطر الذى يجىء بعد الوسمىّ ، سمّى به ، لأنه يَلِيهِ : أى يقرب منه ويجىء بعده.

(باب الواو مع الميم)

(ومد) (س) فى حديث عتبة بن غزوان «أنه لقى المشركين فى يوم وَمَدَةٍ وعكاك» الْوَمَدَةُ : نَدًى من البحر يقع على الناس فى شدّة الحرّ وسكون الرّيح. ويوم وَمِدٌ وليلة وَمِدَةٌ.

(ومض) (ه) فيه «هلّا أَوْمَضْتَ إليّ يا رسول الله» أى هلّا أشرت إلىّ إشارة خفيّة. يقال : أَوْمَضَ البرق ، ووَمَضَ إِيمَاضاً ووَمْضاً ووَمِيضاً ، إذا لمع لمعا خفيّا ولم يعترض.

(س) ومنه الحديث «أنه سأل عن البرق فقال : أخفوا أم وَمِيضاً؟».

(ومق) (س) فيه «أنه اطّلع من وافد قوم على كذبة ، فقال : لولا سخاء فيك وَمِقَكَ الله عليه لشرّدت بك» أى أحبّك الله عليه. يقال. وَمِقَ يَمِقُ ، بالكسر فيهما مِقَةً ، فهو وَامِقٌ ومَوْمُوقٌ.

٢٣٠

(باب الواو مع النون)

(ونا) ـ فى حديث عائشة تصف أباها «سبق إذ وَنَيْتُمْ» أى قصّرتم وفترتم. يقال : وَنَى يَنِي وَنْياً ، ووَنِيَ يَوْنَى وُنِيّاً ، إذا فتر وقصّر.

ومنه «النّسيم الْوَانِي» وهو الضّعيف الهبوب.

ومنه حديث عليّ «لا تنقطع أسباب الشّفقة منهم فَيَنُوا فى جدّهم» أى يفتروا (١) فى عزمهم واجتهادهم.

وحذف نون الجمع ، لجواب النّفى بالفاء.

(باب الواو مع الهاء)

(وهب) ـ فى أسماء الله تعالى : العطيّة الخالية عن الأعواض والأغراض ، فإذا كثرت سمّى صاحبها وَهَّاباً ، وهو من أبنية المبالغة.

(ه) وفيه «لقد هممت ألّا أتّهب إلّا من قرشىّ ، أو أنصارىّ ، أو ثقفىّ» أى لا أقبل هديّة إلّا من هؤلاء ؛ لأنهم أصحاب مدن وقرى ، وهم أعرف بمكارم الأخلاق ، ولأن فى أخلاق البادية جفاء وذهابا عن المروءة ، وطلبا للزيادة.

وأصله : اوتهب ، فقلبت الواو تاء وأدغمت فى تاء الافتعال ، مثل اتّزن واتّعد. من الوزن والوعد. يقال : وَهَبْتُ له شيئا وَهْباً ، ووَهَباً ، وهِبَةً ، والاسم : الْمَوْهِبُ والْمَوْهِبَةُ ، بالكسر. والِاسْتِيهَابُ : سؤال الهبة. وتَوَاهَبَ القوم ، إذا وَهَبَ بعضهم بعضا.

ومنه حديث الأحنف :

ولا التَّوَاهُبُ فيما بينهم ضعة

يعنى أنهم لا يَهَبُونَ مكرهين.

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان : «يفترون» بإثبات النون. قال صاحب مغنى اللبيب ١ / ٧١ : وما بعد أى التفسيرية عطف بيان على ما قبلها أو بدل.

٢٣١

(وهز) (ه) فى حديث مجمّع «شهدنا الحديبية مع النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يَهِزُونَ الأباعر» أى يحثّونها ويدفعونها. والْوَهْزُ : شدّة الدّفع والوطء.

(س) ومنه حديث عمر «أن سلمة بن قيس الأشجعىّ بعث إلى عمر من فتح فارس بسفطين مملوءين جوهرا. قال : فانطلقنا بالسّفطين نَهِزُهُمَا حتى قدمنا المدينة» أى ندفعهما ونسرع بهما. وفى رواية «نَهِزُ بهما» : أى ندفع بهما البعير تحتهما. ويروى بتشديد الزاى ، من الهزّ.

(ه) وفى حديث أمّ سلمة «حماديات النساء غضّ الأطراف وقصر الْوِهَازَةِ» أى قصر الخطا. والْوِهَازَةُ : الخطو. وقد تَوَهَّزَ يَتَوَهَّزُ ، إذا وطئ وطئا ثقيلا.

وقيل : الْوِهَازَةُ : مشية الخفرات.

(وهص) (ه) فيه «إن آدم حيث أهبط من الجنة وَهَصَهُ الله إلى الأرض» أى رماه رميا شديدا ، كأنه غمزه إلى الأرض. والْوَهْصُ أيضا : شدّة الوطء ، وكسر الشّىء الرّخو.

(ه) ومنه حديث عمر «إنّ العبد إذا تكبّر وعدا طوره وَهَصَهُ الله إلى الأرض».

(وهط) (ه) فى حديث ذى المشعار «على أنّ لهم وهاطها وعزازها (١)» الْوِهَاطُ : المواضع المطمئنّة ، واحدها : وَهْطٌ. وبه سمّى الوهط ، وهو مال كان لعمرو بن العاص بالطائف.

وقيل : الْوَهْطُ : قرية بالطّائف كان الكرم المذكور بها.

(وهف) (ه) فى كتاب أهل نجران «لا يمنع وَاهِفٌ عن وَهْفِيَّتِهِ» ويروى «وِهَافَتِهِ» الْوَاهِفُ فى الأصل : قيّم البيعة. ويروى «الوافه والواقه» وقد تقدّما.

(ه) وفى حديث عائشة (٢) «قلّده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وَهْفَ الدّين» أى القيام به ، كأنّها أرادت أمره بالصّلاة بالنّاس فى مرضه.

__________________

(١) فى الأصل : «عزازها» بالكسر ، وصححته بالفتح من ا ، والهروى. وانظر (عزز) فيما سبق

(٢) تصف أباها رضى الله عنهما ، كما ذكر الهروى.

٢٣٢

وفى رواية «قلّده وَهْفَ الأمانة» قيل : وَهْفُ الأمانة : ثقلها.

[ه] وفى حديث قتادة «كلّما وَهَفَ لهم (١) شيء من الدّنيا أخذوه» أى كلّما عرض لهم وارتفع.

(وهق) ـ في حديث عليّ «وأعلقت المرء أَوْهَاقُ المنيّة» الْأَوْهَاقُ : جمع وَهَق ـ بالتّحريك ـ وقد يسكّن ، وهو حبل كالطّول تشدّ به الإبل والخيل ، لئلّا تندّ.

(ه) وفى حديث جابر «فانطلق الجمل يُوَاهِقُ ناقته مُوَاهَقَةً» أى يباريها فى السّير ويماشيها. ومُوَاهَقَةُ الإبل : مدّ أعناقها فى السّير.

(وهل) ـ فيه «رأيت فى المنام أنّى أهاجر من مكّة ، فذهب وَهْلِي إلى أنّها اليمامة أو هجر» وَهَلَ إلى الشّيء ، بالفتح ، يَهِلُ ، بالكسر ، وَهْلاً ، بالسكون ، إذا ذهب وهمه إليه.

ومنه حديث عائشة «وَهَلَ (٢) ابن عمر» أى ذهب وهمه إلى ذلك. ويجوز أن يكون بمعنى سها وغلط. يقال منه : وَهِلَ فى الشّىء ، وعن الشّىء ، بالكسر ، يَوْهَلُ وَهَلاً ، بالتّحريك.

ومنه قول ابن عمر «وَهِلَ أنس» أى غلط.

[ه] ومنه الحديث «كيف أنت إذا أتاك ملكان فَتَوَهَّلَاكَ فى قبرك؟» يقال : تَوَهَّلْتُ فلانا. إذا عرّضته لأن يَهِلَ : أى يغلط. يعنى فى جواب الملكين.

(ه) وفى حديث قضاء الصّلاة والنّوم عنها «فقمنا وَهِلِينَ» أى فزعين. الْوَهَلُ بالتّحريك : الفزع ، وقد وَهِلَ يَوْهَلُ فهو وَهِلٌ.

(ه) وفيه «فلقيته أوّل وَهْلَةٍ» أى أوّل شيء. والْوَهْلَةُ : المرّة من الفزع : أى لقيته أوّل فزعة فزعتها بلقاء (٣) إنسان.

(وهم) (ه) فيه «أنه صلّى فَأَوْهَمَ فى صلاته» أى أسقط منها شيئا. يقال : أَوْهَمْتُ الشّيء ، إذا تركته ، وأَوْهَمْتُ فى الكلام والكتاب ، إذا أسقطت منه شيئا. ووَهَمَ إلى الشّيء ،

__________________

(١) رواية الهروى : «له ... أخذه»

(٢) من باب وعد ، كما ذكر صاحب المصباح.

(٣) هكذا فى الأصل ، واللسان. وفى ا : «تلقاء» وفى الهروى : «للقاء».

٢٣٣

بالفتح ، يَهِمُ وَهْماً ، إذا ذهب وهمه إليه. ووَهِمَ يَوْهَمُ وَهَماً ، بالتّحريك ، إذا غلط.

(ه) ومن الأوّل حديث ابن عباس «أنّه وَهَمَ فى تزويج ميمونة» أى ذهب وهمه إليه.

(ه) ومن الثانى الحديث «أنّه سجد لِلْوَهَمِ وهو جالس» أى للغلط.

(ه) وفيه «قيل له : كأنّك وَهِمْتَ؟ قال : وكيف لا إِيهَمُ؟» هذا على لغة بعضهم ، الأصل : أَوْهَمَ (١) ، بالفتح والواو ، فكسر الهمزة ، لأن قوما من العرب يكسرون مستقبل فعل ، فيقولون : اعلم ، ونعلم ، وتعلم. فلمّا كسر همزة «أوهم» انقلبت الواو ياء.

(وهن) ـ فى حديث الطّواف «قد وَهَنَتْهُمْ حمّى يثرب» أى أضعفتهم. وقد وَهَنَ الإنسانُ يَهِنُ ، ووَهَنَهُ غيره وَهْناً ، وأَوْهَنَهُ ، ووَهَّنَهُ.

وفي حديث عليّ «ولا وَاهِناً فى عزم» أى ضعيفا فى رأى. ويروى بالياء.

(ه) وفى حديث عمران بن حصين «أنّ فلانا دخل عليه وفى عضده حلقة من صفر» وفى رواية «وفى يده خاتم من صفر ، فقال : ما هذا؟ قال : هذا من الواهنة. قال : أما إنّها لا تزيدك إلّا وهنا» الْوَاهِنَةُ : عرق يأخذ فى المنكب وفى اليد كلّها فيرقى منها.

وقيل : هو مرض يأخذ فى العضد ، وربّما علّق عليها جنس من الخرز ، يقال لها (٢) : خرز الواهنة. وهى تأخذ الرّجال دون النّساء.

وإنّما نهاه عنها لأنه إنما اتّخذها على أنها تعصمه من الألم ، فكان عنده فى معنى التّمائم المنهىّ عنها.

(وها) (ه) فيه «المؤمن وَاهٍ راقع» أى مذنب تائب. شبّهه بمن يَهِي ثوبه فيرقعه. وقد وَهَى الثّوبُ يَهِي وَهْياً ، إذا بَلِىَ وتخرّق. والمراد بِالْوَاهِي ذو الْوَهْىِ.

ويروى «المؤمن مُوهٍ راقع» كأنه يُوهِي دينه بمعصيته ، ويرقعه بتوبته.

ومنه الحديث «أنه مرّ بعبد الله بن عمرو وهو يصلح خصّا له قد وَهَى» أى خرب أو كاد.

__________________

(١) وبهذا يصحح الخطأ الواقع فى مادة (رفغ).

(٢) فى الهروى : «له».

٢٣٤

ومنه حديث عليّ «ولا وَاهِياً (١) فى عزم» ويروى «ولا وَهْي فى عزم» أى ضعيف ، أو ضعف.

(باب الواو مع الياء)

(ويب) ـ فى إسلام كعب بن زهير :

ألا أبلغا عنّى بجيرا رسالة

على أىّ شيء وَيْبَ غيرك دلّكا (٢)

وَيْبَ : بمعنى ويل. يقال : وَيْبَكَ ، وويب زيد. كما تقول : ويلك ، وهو منصوب على المصدر. فإن جئت باللام رفعت فقلت : ويبٌ لزيد ، ونصبت منوّنا فقلت : وَيْباً لزيد.

(ويح) (ه) فيه «قال لعمّار : وَيْحَ ابنِ سميّة ، تقتله الفئة الباغية» وَيْحَ : كلمة ترحّم وتوجّع ، تقال لمن وقع فى هلكة لا يستحقّها. وقد يقال بمعنى المدح والتّعجّب ، وهى منصوبة على المصدر. وقد ترفع ، وتضاف ولا تضاف. يقال. ويحَ زيد ، ووَيْحاً له ، وويحٌ له.

(س) ومنه حديث عليّ «ويح ابن أم (٣) عبّاس» كأنه أعجب بقوله. وقد تكرّرت فى الحديث.

(ويس) ـ فيه «قال لعمّار : ويس ابن سميّة». وفى رواية «يا ويس ابن سميّة» وَيْسَ : كلمة تقال لمن يُرْحَمُ ويرفق به ، مثل ويح ، وحكمها حكمها.

__________________

(١) سبق بالنون.

(٢) الذى فى شرح ديوان كعب ٣ ، ٤ :

ألا ابلغا عني بحيرا رسالةً

فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا

مخالفت أسباب الهدى وتبعته

على أيِّ شيء ويب غيرك دلكا

(٣) هكذا فى الأصل ، وا ، ونسخة من النهاية برقم ٥٢٠. وفى نسخة أخرى برقم ٥١٧ : «ابن أم سلمة».

٢٣٥

ومنه حديث عائشة «أنها تبعته وقد خرج من حجرتها ليلا ، فوجد لها نفسا عاليا ، فقال : ويسها ما لقيت الليلة؟»

(ويل) (س) فى حديث أبى هريرة «إذا قرأ ابن آدم السّجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى. يقول : يا ويله» الْوَيْلُ : الحزن والهلاك والمشقّة من العذاب. وكلّ من وقع فى هلكة دعا بالويل. ومعنى النّداء فيه : يا حزنى ويا هلاكى ويا عذابى احضر فهذا وقتك وأوانك ، فكأنه نادى الويل أن يحضره ، لما عرض له من الأمر الفظيع ، وهو النّدم على ترك السّجود لآدم عليه‌السلام. وأضاف الويل إلى ضمير الغائب ، حملا على المعنى وعدل عن حكاية قول إبليس «يا ويلي» كراهة أن يضيف الويل إلى نفسه.

وقد يرد الْوَيْلُ بمعنى التّعجّب.

ومنه الحديث فى قوله لأبى بصير : «وَيْلُمِّهِ مسعر حرب» تعجّبا من شجاعته وجرأته وإقدامه.

(س) ومنه حديث عليّ «ويلمّه كيلا بغير ثمن لو أن له وعاء» أى يكيل العلوم الجمّة بلا عوض ، إلا أنه لا يصادف واعيا.

وقيل : وى : كلمة مفردة ، ولأمّه مفردة ، وهى كلمة تفجّع وتعجّب. وحذفت الهمزة من أمّه تخفيفا ، وألقيت حركتها على اللام. وينصب ما بعدها على التمييز.

٢٣٦

حرف الهاء

(باب الهاء مع الهمزة)

(ها) (ه) فى حديث الرّبا «لا تبيعوا الذّهب بالذّهب إلّا هَاءَ وهاء» هو أن يقول كلّ واحد من البيّعين : هاء (١) فيعطيه ما فى يده ، كحديثه الآخر «إلا يدا بيد» يعنى مقابضة فى المجلس.

وقيل : معناه : هَاكَ وهَاتِ : أى خذ وأعط.

قال الخطّابى : أصحاب الحديث يروونه «ها وها» ساكنة الألف. والصواب مدّها وفتحها ، لأنّ أصلها هاك : أى خذ ، فحذفت الكاف وعوّضت منها المدّة والهمزة. يقال للواحد : هَاء ، وللاثنين : هَاؤُمَا ، وللجميع : هَاؤُم.

وغير الخطّابى يجيز فيها السّكون على حذف العوض ، وتتنزّل منزلة «ها» التى للتّنبيه. وفيها لغات أخرى.

ومنه حديث عمر ، لأبى موسى «ها ، وإلا جعلتك عظة» أى هات من يشهد لك على قولك.

ومنه حديث عليّ «ها ، إنّ هاهنا علما ، وأومأ بيده إلى صدره ، لو أصبت له حملة» ها مقصورة : كلمة تنبيه للمخاطب ، ينبّه بها على ما يساق إليه من الكلام. وقد يقسم بها. فيقال : لا هَا الله ما فعلت : أى لا والله ، أبدلت الهاء من الواو.

ومنه حديث أبى قتادة يوم حنين «قال أبو بكر : لا ها الله إذا ، لا يعمد إلى أسد من أسد الله ، يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه» هكذا جاء الحديث «لاها الله إذا» والصواب «لا ها الله ذا» بحذف الهمزة ، ومعناه : لا والله لا يكون ذا ، أو لا والله الأمر ذا ، فحذف

__________________

(١) فى الأصل : «ها» وما أثبت من ا ، واللسان.

٢٣٧

تخفيفا. ولك فى ألف «ها» مذهبان : أحدهما تثبت ألفها ؛ لأن الذى بعدها مدغم ، مثل دابّة ، والثانى أن تحذفها لالتقاء السّاكنين.

(باب الهاء مع الباء)

(هبب) (ه) فيه «أنه قال لامرأة رفاعة : لا ، حتى تذوقى عسيلته ، قالت : فإنه قد جاءنى هَبَّةً» أى مرّة واحدة ، من هِبَابِ الفحل ، وهو سفاده.

وقيل : أرادت بِالْهَبَّةِ الوقعة ، من قولهم : احذر هَبَّةَ السّيف : أى وقعته.

(س) وفى بعض الحديث «هَبَ التّيس» أى هاج للسّفاد. يقال : هَبَ يَهِبُ يَهُبُ (١) هَبِيباً وهِبَاباً.

وفى حديث ابن عمر «فإذا هَبَّتِ الرّكابُ» أى قامت الإبل للسّير. يقال : هَبَ النّائم هَبّاً وهُبُوباً [أى (٢)] استيقظ.

(ه) وفيه «لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يهبّون إليها كما يهبّون إلى المكتوبة» يعنى ركعتى المغرب (٣) : أى ينهضون إليها. والْهِبَابُ : النّشاط.

(هبت) (ه) فى حديث قتل أميّة بن خلف وابنه «فَهَبَتُوهُمَا حتى فرغوا منهما» أى ضربوهما بالسّيف.

(ه) وفى حديث عمر «لمّا مات عثمان بن مظعون على فراشه قال : هَبَتَهُ الموت عندى منزلة حيث لم يمت شهيدا» أى حطّ من قدره فى قلبى. وهبط وهبت أخوان.

(س) وفى حديث معاوية «نومه سبات ، وليله هُبَاتٌ» هو من الْهَبْتِ : اللّين والاسترخاء. يقال : فى فلان هَبْتَةٌ (٤) : أى ضعف.

(هبج) (ه) فى حديث أبى موسى «دلّونى على موضع بئر يقطع (٥) به هذه الفلاة ،

__________________

(١) بالكسر والضم ، كما فى القاموس.

(٢) ساقط من ا ، والنسخة ٥١٧.

(٣) فى الهروى : «الفجر».

(٤) ضبط فى ا : «هبتة» بالضم.

(٥) فى الهروى : «تقطع».

٢٣٨

فقال : هَوْبَجَةٌ تُنْبِتُ الْأَرْطَى» الْهَوْبَجَةُ : بطن من الأرض مطمئنّ.

(هبد) (س) فى حديث عمر وأمّه «فزوّدتنا من الْهَبِيدِ» الْهَبِيدُ : الحنظل يكسر ويستخرج حبّه وينقع ؛ لتذهب مرارته ، ويتّخذ منه طبيخ يؤكل عند الضّرورة.

(هبر) ـ في حديث عليّ «انظروا شزرا واضربوا هَبْراً» الْهَبْرُ : الضّرب والقطع. وقد هَبَرْتُ له من اللّحم هَبْرَةً : أى قطعت له قطعة.

ومنه حديث عمر «أنه هَبَرَ المنافق حتى بَرَدَ».

(ه) وحديث الشّراة «فَهَبَرْنَاهُمْ بالسّيوف».

(ه) وفى حديث ابن عباس «فى قوله تعالى : (كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) قال : هو الْهَبُّورُ قيل : هو دقاق الزّرع ، بالنّبطيّة.

ويحتمل أن يكون من الْهَبْرِ : القطع.

(هبط) (ه) فيه «اللهم غبطا لا هَبْطاً» أى نسألك الغبطة ونعوذ بك من الذّلّ والانحطاط والنّزول. يقال : هَبَطَ هُبُوطاً ، وأَهْبَطَ غيره (١).

(ه) ومنه شعر العباس :

ثم هبطت البلاد لا بشر

أنت ولا مضغة ولا علق

أى لمّا أهبط الله آدم إلى الدّنيا كنت فى صلبه ، غير بالغ هذه الأشياء.

(س) وفى حديث ابن عباس فى العصف المأكول. قال : «هو الهبوط» هكذا جاء فى رواية بالطاء. قال سفيان : هو الذّرّ الصّغير.

وقال الخطّابى : أراه وهما ، وإنما هو بالراء. وقد تقدم.

وفى حديث الطّفيل بن عمرو «وأنا أَتَهَبَّطُ إليهم من الثّنيّة» أى أتحدّر. هكذا جاء فى الرواية. وهو بمعنى أنهبط وأهبط.

(هبل) ـ فيه «من اهْتَبَلَ جوعة مؤمن كان له كيت وكيت» أى تحيّنها واغتنمها ، من الْهُبَالَةِ (٢) : الغنيمة.

__________________

(١) فى ا : «وهبط غيره». قال فى القاموس : «وهبطه ، كنصره : أنزله. كأهبطه».

(٢) هكذا ضبط بالضم فى الأصل ، واللسان. وضبط فى ا : «الهبالة» بالفتح.

٢٣٩

(ه) ومنه حديث عليّ «واهْتَبَلُوا هَبَلَهَا».

(ه) وحديث أبى ذر «فَاهْتَبَلْتُ غفلته».

(ه) وفى حديث الإفك «والنّساء يومئذ لم يُهَبِّلْهُنَ اللّحم» أى لم يكثر عليهن. يقال : هَبَّلَهُ اللّحم ، إذا كثر عليه وركب بعضه بعضا. ويقال للمهيّج المربّل : مُهَبَّلٌ ، كأن به ورما من سمنه.

(س) وفى حديث عمر ، حين فضّل الوادعىّ سهمان الخيل على المقاريف ، فأعجبه فقال : «هَبِلَتِ الوادعىّ أمّه ، لقد أذكرت به» يقال : هَبِلَتْهُ أمّه تَهْبَلُهُ هَبَلاً ، بالتحريك : أى ثكلته. هذا هو الأصل. ثم يستعمل فى معنى المدح والإعجاب. يعنى ما أعلمه وما أصوب رأيه! كقوله عليه الصلاة والسلام «ويلمّه مسعر حرب» وقول الشاعر (١) :

هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا

وماذا يرى فى اللّيل حين يؤوب

وقوله : «أذكرت به» : أى ولدته ذكرا من الرّجال شهما.

ومنه حديثه الآخر «لأمّك هَبَلٌ» أى ثكل (٢).

(س) وحديث الشّعبىّ «فقيل لى : لأمّك الْهَبَلُ».

ومنه حديث أم حارثة بن سراقة «ويحك ، أوهَبِلْتِ؟» هو بفتح الهاء وكسر الباء. وقد استعاره هاهنا لفقد الميز والعقل مما أصابها من الثّكل (٣) بولدها ، كأنه قال : أفقدت عقلك بفقد ابنك ، حتى جعلت الجنان جنّة واحدة؟

ومنه حديث عليّ «هَبِلَتْهُمُ الْهَبُولُ» أى ثكلتهم الثّكول ، وهى ـ بفتح الهاء ـ من النساء التى لا يبقى لها ولد.

وفى حديث أبى سفيان «قال يوم أحد : أعل هبل» هُبَلْ بضم الهاء : اسم صنم لهم معروف كانوا يعبدونه.

__________________

(١) هو كعب بن سعد الغنوى يرثى أخاه. الصحاح واللسان (هوى) وفيهما : «وماذا يؤدّى اللّيل».

(٢) فى الأصل ، واللسان : «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن قفل ، كما فى المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال : ويحرّك.

(٣) فى الأصل ، واللسان : «ثكل ... الثّكل» وضبطته بالضم ن ا. وهو بوزن قفل ، كما فى المصباح. وذكر صاحب القاموس أنه بالضم. قال : ويحرّك.

٢٤٠