النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

وسلم ينظر إلىّ فلا يزعنى» أى لا يزجرنى ولا ينهانى.

وفيه «أنه حلق شعره فى الحجّ ووَزَّعَهُ بين الناس» أى فرّقه وقسّمه بينهم. وقد وزّعته أُوَزِّعُهُ تَوْزِيعاً.

وفى حديث الضّحايا «إلى غنيمة فَتَوَزَّعُوهَا» أى اقتسموها بينهم.

(ه) ومنه حديث عمر «أنه خرج ليلة فى شهر رمضان والنّاس أَوْزَاعٌ» أى متفرّقون. أراد أنّهم كانوا يتنفّلون فيه بعد صلاة العشاء متفرّقين.

ومنه شعر حسّان (١) :

* بضرب كإيزاع المخاض مشاشه *

جعل الْإِيزَاعَ موضع التَّوْزِيعِ ، وهو التّفريق. وأراد بالمشاش هاهنا البول.

وقيل : هو بالغين المعجمة ، وهو بمعناه.

[ه] وفيه «أنه كان مُوزَعاً بالسّواك» أى مولعا به. وقد أُوزِعَ بالشيء يُوزَعُ ، إذا اعتاده ، وأكثر منه ، وألهم.

ومنه قولهم فى الدعاء «اللهمّ أَوْزِعْنِي شكر نعمتك» أى ألهمنى وأولعنى به.

(وزغ) (س) فيه «أنّه أمر بقتل الْوَزَغِ» جمع وَزَغَةٍ ، بالتّحريك ، وهى التى يقال لها : سامّ أبرص (٢). وجمعها : أَوْزَاغٌ ووُزْغَان.

ومنه حديث عائشة «لمّا أحرق بيت المقدس كانت الْأَوْزَاغُ تنفخه».

وحديث أمّ شريك «أنّها استأمرت النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى قتل الْوُزْغَانِ ، فأمرها بذلك».

(ه) وفيه «أنّ الحكم بن أبى العاص أبا مروان حاكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من خلفه ، فعلم بذلك فقال : كذا فلتكن ، فأصابه مكانه وَزْغٌ لم يفارقه» أى رعشة ، وهى ساكنة الزّاى.

__________________

(١) انظر الحاشية (٣) فى صفحة ٣٣٣ من الجزء الرابع. وقد ضبط فى الأصل : «مشاشه» بالفتح.

(٢) ضبط فى الأصل : «أبرص» بالضم. وصححته بالفتح من ا ، واللسان ، والقاموس.

١٨١

وفى رواية «أنّه قال لمّا رآه : اللهمّ اجعل به وزغا» فرجف مكانه وارتعش.

(وزن) (ه) فيه «نهى عن بيع الثّمار قبل أن تُوزَنَ» وفى رواية «حتى توزن» أى تحزر (١) وتخرص. سماه وزنا ؛ لأن الخارص يحزرها ويقدّرها ، فيكون كَالْوَزْنِ لها.

ووجه النّهى أمران : أحدهما : تحصين الأموال ، وذلك أنها فى الغالب لا تأمن العاهة إلّا بعد الإدراك ، وذلك أوان الخرص.

والثانى : أنه إذا باعها قبل ظهور الصّلاح بشرط القطع ، وقبل الخرص سقط حقوق الفقراء منها ، لأن الله أوجب إخراجها وقت الحصاد.

ومنه حديث ابن عباس «نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن بيع النّخل حتى يؤكل منه ، وحتى يوزن» قال أبو البخترىّ : «قلت : ما يوزن؟ فقال رجل عنده : حتى يخرص».

(وزا) ـ فى حديث صلاة الخوف «فَوَازَيْنَا العدوّ وصاففناهم» الْمُوَازَاةُ : المقابلة والمواجهة. والأصل فيه الهمزة. يقال : آزَيْتُهُ ، إذا حاذيته.

قال الجوهرى : «ولا تقل : وَازَيْتُهُ» وغيره أجازه على تخفيف الهمزة وقلبها. وهذا إنما يصحّ إذا انفتحت وانضم ما قبلها نحو : جؤن وسؤال ، فيصح فى الْمُوَازَاةِ ، ولا يصح فى وَازَيْنَا ، إلا أن يكون قبلها ضمّة من كلمة أخرى ، كقراءة أبى عمرو «السّفهاء ولا إنهم».

(باب الواو مع السين)

(وسد) (س) فيه «قال لعدىّ بن حاتم : إن وِسَادَكَ إذن (٢) لعريض» الْوِسَادُ والْوِسَادَةُ : المخدّة. والجمع : وَسَائِدُ ، وقد وَسَّدْتُهُ الشيء فَتَوَسَّدَهُ ، إذا جعلته تحت رأسه ، فكنى بالوساد عن النّوم ، لأنه مظنّته.

أراد إنّ نومك إذن (٣) كثير. وكنى بذلك عن عرض قفاه وعظم رأسه. وذلك دليل الغباوة. وتشهد له الرواية الأخرى «إنك لعريض القفا».

__________________

(١) فى الأصل : «تحرز» بتقديم الراء. وصححته من ا.

(٢) فى ا : «إذا».

١٨٢

وقيل : أراد أنّ من توسّد الخيطين المكنىّ بهما عن الليل والنهار لعريض الوساد (١).

(ه) ومنه الحديث «أنه ذكر عنده شريح الحضرمىّ ، فقال : ذلك رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآن» (٢) يحتمل أن يكون مدحا وذمّا ، فالمدح معناه أنه لا ينام اللّيل عن القرآن ولم يتهجّد به ، فيكون القرآن مُتَوَسِّداً معه ، بل هو يداوم قراءته ويحافظ عليها. والذّمّ معناه : لا يحفظ من القرآن شيئا ولا يديم قراءته ، فإذا نام لم يتوسّد معه القرآن. وأراد بِالتَّوَسُّدِ النّوم.

ومن الأول الحديث «لا تَوَسَّدُوا القرآن واتلوه حقّ تلاوته».

(ه) والحديث الآخر «من قرأ ثلاث آيات فى ليلة لم يكن متوسّدا للقرآن».

ومن الثانى حديث أبى الدّرداء «قال له رجل : إنّى أريد أن أطلب العلم وأخشى أن أضيّعه ، فقال : لأن تَتَوَسَّدَ العلم خير لك من أن تتوسّد الجهل».

(س) وفيه «إذا وُسِّدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» أى أسند وجعل فى غير أهله. يعنى إذا سوّد وشرّف غير المستحقّ للسّيادة والشّرف.

وقيل : هو من الوسادة (٣) : أى إذا وضعت وسادة الملك والأمر والنّهى لغير مستحقّها ، وتكون إلى بمعنى اللام.

(وسط) (س) فيه «الجالس وسط (٤) الحلقة ملعون» الْوَسْطُ بالسكون. يقال فيما كان متفرّق الأجزاء غير متّصل ، كالناس والدوابّ وغير ذلك ، فإذا كان متّصل الأجزاء كالدّار والرّأس فهو بالفتح.

وقيل : كلّ ما يصلح فيه بين فهو بالسكون ، وما لا يصلح فيه بين فهو بالفتح.

وقيل : كلّ منهما يقع موقع الآخر ، وكأنّه الأشبه.

وإنما لعن الجالس وسط الحلقة ؛ لأنه لابدّ وأن يستدبر بعض المحيطين به ، فيؤذيهم فيلعنونه ويذمّونه.

__________________

(١) فى ا : «الوسادة».

(٢) هذا قول ابن الأعرابى ، كما فى الهروى.

(٣) فى اللسان : «السيادة».

(٤) فى ا : «فى وسط».

١٨٣

وفيه «خير الأمور أَوْسَاطُهَا» كلّ خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان ، فإنّ السّخاء وَسَطٌ بين البخل والتّبذير ، والشّجاعة وسط بين الجبن والتّهوّر ، والإنسان مأمور أن يتجنّب كلّ وصف مذموم ، وتجنّبه بالتّعرّى منه والبعد عنه ، فكلّما ازداد منه بعدا ازداد منه تعرّيا. وأبعد الجهات والمقادير والمعانى من كلّ طرفين وسطهما ، وهو غاية البعد عنهما ، فإذا كان فى الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان.

(س) وفيه «الولدُ أَوْسَطُ أبواب الجنّة» أى خيرها. يقال : هو من أوسط قومه : أى خيارهم.

ومنه الحديث «أنه كان من أوسط قومه» أى من أشرفهم وأحسبهم : وقد وَسُطَ وَسَاطَةً فهو وَسِيطٌ.

(س) ومنه حديث رقيقة «انظروا رجلا وَسِيطاً» أى حسيبا فى قومه. ومنه سمّيت الصلاة الْوُسْطَى ؛ لأنها أفضل الصّلاة وأعظمها أجرا ، ولذلك خصّت بالمحافظة عليها.

وقيل : لأنّها وسط بين صلاتى اللّيل وصلاتى النّهار ، ولذلك وقع الخلاف فيها ، فقيل : العصر ، وقيل : الصّبح ، وقيل غير ذلك.

(وسع) ـ فى أسماء الله تعالى «الْوَاسِعُ» هو الذى وَسِعَ غناه كلّ فقير ، ورحمته كلّ شيء. يقال : وَسِعَهُ الشّيء يَسَعُهُ سَعَةً سِعَةً (١) فهو وَاسِعٌ. ووَسُعَ بالضّم وَسَاعَةً فهو وَسِيعٌ. والْوُسْعُ الْوِسْعُ (٢) والسَّعَةُ : الجدة والطّافة.

(س) ومنه الحديث «إنّكم لن تَسَعُوا النّاس بأموالكم فَسَعُوهُمْ بأخلاقكم» أى لا تَتَّسِعُ أموالكم لعطائهم فَوَسِّعُوا أخلاقكم لصحبتهم.

(ه) ومنه حديث جابر «فضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عجز جملى وكان فيه قطاف ، فانطلق أَوْسَعَ جمل ركبته قطّ» أى أعجل جمل سَيْراً. يقال : جمل وَسَاعٌ ، بالفتح : أى واسع الخطو ، سريع السّير.

__________________

(١) كدعة ، وزنة. قاله فى القاموس.

(٢) مثلثة الواو ، كما فى القاموس.

١٨٤

(س) ومنه حديث هشام يصف ناقة «إنها لَمِيسَاعٌ» أى واسعة الخطو ، وهو مفعال ، بالكسر منه.

(وسق) (ه) فيه «ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صدقة» الْوَسْقُ ، بالفتح : ستّون صاعا ، وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز ، وأربعمائة وثمانون رطلا عند أهل العراق ، على اختلافهم فى مقدار الصّاع والمدّ.

والأصل فى الْوَسْقِ : الحمل. وكلّ شيء وَسَقْتَهُ فقد حملته. والْوَسْقُ أيضا : ضمّ الشّيء إلى الشّيء.

(ه) ومنه حديث أحد «اسْتَوْسِقُوا كما يَسْتَوْسِقُ جرب الغنم» أى استجمعوا وانضمّوا.

(ه) والحديث الآخر «أنّ رجلا كان يجوز المسلمين ويقول : استوسقوا».

وحديث النّجاشىّ «واسْتَوْسَقَ عليه أمر الحبشة» أى اجتمعوا على طاعته ، واستقرّ الملك فيه.

(وسل) ـ فى حديث الأذان «اللهمّ آت محمدا الْوَسِيلَةَ» هى فى الأصل : ما يتوصّل به إلى الشّىء ويتقرّب به ، وجمعها : وَسَائِل. يقال : وَسَلَ إليه وَسِيلَةً ، وتَوَسَّلَ. والمراد به فى الحديث القرب من الله تعالى.

وقيل : هى الشّفاعة يوم القيامة.

وقيل : هى منزلة من منازل الجنّة كما (١) جاء فى الحديث.

(وسم) (س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «وَسِيمٌ قسيم» الْوَسَامَةُ : الحسن الوضىء الثّابت. وقد وَسُمَ يَوْسُمُ وَسَامَةً فهو وَسِيمٌ.

(س) ومنه حديث عمر «قال لحفصة : لا يغرّك أن كانت جارتك أَوْسَمَ منك» أى أحسن ، يعنى عائشة. والضّرّة تسمّى جارة.

(س) وفى حديث الحسن والحسين «أنّهما كانا يخضبان بِالْوَسْمَةِ» هى بكسر السين ، وقد تسكّن : نبت. وقيل : شجر باليمن يخضب بورقه الشّعر ، أسود.

__________________

(١) فى الأصل : «كذا» وأثبتّ ما فى ا ، واللسان.

١٨٥

(س) وفيه «أنه لبث عشر سنين يتبع الحاجّ بِالْمَوَاسِمِ» هى جمع مَوْسِم ، وهو الوقت الذى يجتمع فيه الحاجّ كلّ سنة ، كأنه وُسِمَ بذلك الوسم ، وهو مفعل منه ، اسم للزمان ، لأنه معلم لهم. يقال : وَسَمَهُ يَسِمُهُ سِمَةً ووَسْماً ، إذا أثّر فيه بكىّ.

ومنه الحديث «أنه كان يَسِمُ إبل الصّدقة» أى يعلّم عليها بالكىّ.

ومنه الحديث «وفى يده الْمِيسَمُ» ، هى الحديدة التى يكوى بها. وأصله : موسم ، فقلبت الواو ياء ، لكسرة الميم.

(س) وفيه «على كل ميسم من الإنسان صدقة» هكذا جاء فى رواية ، فإن كان محفوظا فالمراد به أنّ على كلّ عضو مَوْسُومٌ بصنع الله صدقة. هكذا فسّر.

(ه) وفيه «بئس لعمر الله عمل الشّيخ الْمُتَوَسِّمِ ، والشّابّ المتلوّم» الْمُتَوَسِّمُ : المتحلّى بسمة الشّباب (١).

(وسن) ـ فيه «وتوقظ الْوَسْنَانَ» أى النائم الذى ليس بمستغرق فى نومه. والْوَسَنُ : أوّل النّوم. وقد وَسِنَ يَوْسَنُ سِنَةً ، فهو وَسِنٌ ، ووَسْنَانُ. والهاء فى السّنة عوض من الواو المحذوفة.

(س) ومنه حديث أبى هريرة «لا يأتى عليكم قليل حتى يقضى الثّعلب وَسْنَتَهُ بين ساريتين من سوارى المسجد» أى يقضى نومته. يريد خلوّ المسجد من الناس بحيث ينام فيه الوحش.

(س) ومنه حديث عمر «أنّ رجلا تَوَسَّنَ جارية فجلده وهمّ بجلدها ، فشهدوا أنها مكرهة» أى تغشّاها وهى وَسْنَى قهرا : أى نائمة.

(وسوس) ـ فيه «الحمد لله الذى ردّ كيده إلى الْوَسْوَسَةِ» هى حديث النّفس والأفكار. ورجل مُوَسْوِسٌ ، إذا غلبت عليه الوسوسة. وقد وَسْوَسَتْ إليه نفسه وَسْوَسَةً ووَسْوَاساً ،

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان ، والفائق ٣ / ١٦١ : «الشيوخ» وما أثبتّ من الهروى. وفيه : «بئس لعمر الله الشيخ المتوسّم». وزاد الزمخشرى فى الفائق قال : «ويجوز أن يكون المتوسم : المتفرّس. يقال : توسمت فيه الخير ، إذا تفرّسته فيه ، ورأيت فيه وسمه ، أى أثره وعلامته».

١٨٦

بالكسر ، وهو بالفتح : الاسم ، والْوَسْوَاسُ أيضا : اسم للشيطان ، ووَسْوَسَ ، إذا تكلّم بكلام لم يبيّنه.

ومنه حديث عثمان «لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وُسْوِسَ ناس ، وكنت فيمن وسوس» يريد أنه اختلط كلامه ودُهِشَ بموته.

(باب الواو مع الشين)

(وشب) (ه) فى حديث الحديبية «قال له عروة بن مسعود الثّقفى : وإنّى لأرى أَوْشَاباً من الناس لخليق أن يفرّوا ويدعوك» الْأَشْوَابُ ، والأوباش ، والْأَوْشَابُ : الأخلاط من الناس والرّعاع (١).

(وشج) (ه) فى حديث خزيمة «وأفنت أصول الْوَشِيجِ» هو ما التفّ من الشّجر. أراد أنّ السّنة أفنت أصولها إذ لم يبق فى الأرض ثرى.

ومنه حديث عليّ «وتمكّنت من سويداء قلوبهم وَشِيجَةُ خيفته (٢)» الْوَشِيجَةُ : عرق الشجرة ، وليف يفتل ثم يشدّ به ما يحمل. والْوَشِيجُ : جمع وَشِيجَة. ووَشَجَتِ العروق والأغصان ، إذا اشتبكت.

ومنه حديث عليّ «ووَشَّجَ بينها وبين أزواجها» أى خلط وألف. يقال : وَشَّجَ الله بينهم تَوْشِيجاً.

(وشح) (س) فيه «أنه كان يَتَوَشَّحُ بثوبه» أى يتغشّى به. والأصل فيه من الْوِشَاحِ وهو شيء ينسج عريضا من أديم ، وربّما رصّع بالجوهر والخرز ، وتشدّه المرأة بين عاتقيها وكشحيها. ويقال فيه : وِشَاحٌ وإِشَاحٌ.

(ه) ومنه حديث عائشة «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَتَوَشَّحُنِي وينال من رأسى» أى يعانقنى ويقبّلنى.

__________________

(١) فى الأصل : «الرّعاع» بالكسر. وهو خطأ شائع.

(٢) فى الأصل ، واللسان : «خيفيّة» وأثبتّ ما فى ا ، والنسخة ٥١٧. وشرح نهج البلاغة ٦ / ٤٢٤.

١٨٧

(س) وفى حديث آخر «لا عدمت (١) رجلا وَشَّحَكَ هذا الْوِشَاح» أى ضربك هذه الضّربة فى موضع الوشاح.

(س) ومنه حديث المرأة السّوداء :

ويوم الوشاح من تعاجيب ربّنا

على أنه من دارة الكفر نجّانى (٢)

كان لقوم وشاح فقدّوه ، فاتّهموها به ، وكانت الحدأة أخذته فألقته إليهم.

وفيه «كانت للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم درع تسمّى ذات الوشاح».

(وشر) (ه) فيه «أنه لعن الْوَاشِرَةَ والْمُوتَشِرَةَ» الْوَاشِرَةُ : المرأة (٣) التى تحدّد أسنانها وترقّق أطرافها ، تفعله المرأة الكبيرة تتشبّه بالشّوابّ والْمُوتَشِرَةُ : التى تأمر من يفعل بها ذلك ، وكأنه من وَشَرْتُ الخشبة بِالْمِيشَارِ ، غير مهموز ، لغة فى أشرت.

(وشظ) (ه) فى حديث الشّعبىّ «كانت الأوائل تقول : إيّاكم والْوَشَائِظَ» السّفلة ، واحدهم : وَشِيظٌ.

قال الجوهرى : «الْوَشِيظُ : لفيف من الناس ، ليس أصلهم واحدا» وبنو (٤) فلان وَشِيظَةٌ فى قومهم : أى حشو فيهم.

(وشع) (ه) فيه «والمسجد يومئذ وَشِيعٌ بسعف وخشب» الْوَشِيعُ : شريجة من السّعف تلقى على خشب السّقف. والجمع : وَشَائِعُ.

وقيل : هو عريش يبنى لرئيس العسكر يشرف منه على عسكره.

(ه) ومنه الحديث «كان أبو بكر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الْوَشِيعِ؟؟؟ بدر» أى فى العريش.

(وشق) (ه) فيه «أتى بِوَشِيقَةٍ يابسة من لحم صيد ، فقال : إنى حرام» الْوَشِيقَةُ : أن يؤخذ اللحم فيغلى قليلا ولا ينضج ، ويحمل فى الأسفار. وقيل : هى القديد. وقد وَشَقْتُ اللحم واتَّشَقْتُهُ.

__________________

(١) ضبط فى الأصل : «عدمت» بالضم. وضبطته بالفتح من اللسان.

(٢) فى الأصل : «ويوم» بالفتح. وضبطته بالضم من اللسان. وفيه : ألا انه من بلدة.

(٣) هذا شرح أبى عبيد ، كما فى الهروى.

(٤) هذا قول الكسائى ، كما فى الصحاح.

١٨٨

ومنه حديث عائشة «أهديت لى وَشِيقَةُ قديد ظبى فردّها» وتجمع على وَشِيقٍ ، ووَشَائِقَ.

ومنه حديث أبى سعيد «كنا نتزوّد من وَشِيقِ الحج».

وحديث جيش الخبط «وتزوّدنا من لحمه وَشَائِقَ».

(ه) وفى حديث حذيفة «أن المسلمين أخطأوا بأبيه ، فجعلوا يضربونه بسيوفهم وهو يقول : أبى أبى ، فلم يفهموه حتى انتهى إليهم ، وقد تَوَاشَقُوهُ بأسيافهم» أى قطّعوه وشائق ، كما يقطّع اللحم إذا قدّد.

(وشك) ـ قد تكرر فى الحديث «يُوشِكُ أن يكون كذا وكذا» أى يقرب ويدنو ويسرع. يقال : أَوْشَكَ يُوشِكُ إِيشَاكاً ، فهو مُوشِكٌ. وقد وَشُكَ وَشْكاً ووَشَاكَةً.

(س) ومنه حديث عائشة «تُوشِكُ منه الفيئة (١)» أى تسرع الرجوع منه. والْوَشِيكُ : السّريع والقريب.

(وشل) ـ في حديث عليّ «رمال دمثة ، وعيون وَشِلَة» الْوَشَلُ : الماء القليل. وقد وَشَلَ يَشِلُ وَشَلَاناً.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «قال لحفّار حفر له بئرا : أخسفت أم أَوْشَلْتَ؟» أى أنبطت ماءا كثيرا أم قليلا (٢)؟

(وشم) (ه) فيه «لعن الله الْوَاشِمَةَ والْمُسْتَوْشِمَةَ» ويروى «الْمُوتَشِمَةَ» الْوَشْمُ : أن يغرز الجلد بإبرة ، ثم يحشى بكحل أو نيل ، فيزرقّ أثره أو يخضرّ. وقد وَشَمَتْ تَشِمُ وَشْماً فهى وَاشِمَةٌ. والْمُسْتَوْشِمَةُ والْمُوتَشِمَةُ : التى يفعل بها ذلك.

(س) وفى حديث أبى بكر «لما استخلف عمر أشرف من كنيف ، وأسماء بنت عميس مَوْشُومَةُ اليد ممسكته» أى منقوشة اليد بالحنّاء.

وفي حديث عليّ «والله ما كتمت وَشْمَةً» أى كلمة. حكاها الجوهرى عن ابن السّكّيت «ما عصيته وَشْمَةً» أى كلمة.

__________________

(١) فى الأصل : «الفئة» وفى اللسان : «يوشك منه الفيئة» والتصحيح من ا ، ومما سبق فى مادة (فيأ).

(٢) فى الأصل : «قليلا أم كثيرا». والتصحيح من ا ، واللسان.

١٨٩

(وشوش) ـ فى حديث سجود السّهو «فلمّا انفتل تَوَشْوَشَ القوم» الْوَشْوَشَةُ : كلام مختلط خفىّ لا يكاد يفهم. ورواه بعضهم بالسّين المهملة. ويريد به الكلام الخفىّ. والوسوسة : الحركة الخفيّة ، وكلام فى اختلاط. وقد تقدّم.

(وشا) (س) فى حديث عفيف «خرجنا نَشِي بسعد إلى عمر» يقال : وَشَى به يَشِي وِشَايَةً ، إذا نمّ عليه وسعى به ، فهو وَاشٍ ، وجمعه : وُشَاةٌ ، وأصله : استخراج الحديث باللّطف والسّؤال.

ومنه حديث الإفك «كان يَسْتَوْشِيهِ ويجمعه» أى يستخرج الحديث بالبحث عنه.

(ه) ومنه حديث الزّهرى «أنه كان يَسْتَوْشِي الحديث. (١)».

(س) وحديث عمر والمرأة العجوز «أجاءتنى النّآئد (٢) إلى اسْتِيشَاءِ الأباعد» أى ألجأتنى الدّواهى إلى مسألة الأباعد ، واستخراج ما فى أيديهم.

(ه) وفيه «فدقّ عنقه إلى عجب ذنبه فَائْتَشَى (٣) محدودبا» يقال : ائْتَشَى (٤) العظم ، إذا برأ من كسر كان به. يعنى أنّه برأ مع احديداب حصل فيه.

(باب الواو مع الصاد)

(وصب) ـ فى حديث عائشة «أنا وَصَّبْتُ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى مرّضته فى وَصَبِهِ. والْوَصَبُ : دوام الوجع ولزومه ، كمرّضته من المرض : أى دبّرته فى مرضه. وقد يطلق الْوَصَبُ على التّعب ، والفتور فى البدن.

(ه) ومنه حديث فارعة ، أخت أميّة «قالت له : هل تجد شيئا؟ قال : لا ، إلّا تَوْصِيباً (٥)» أى فتورا.

__________________

(١) فى الهروى : «أى يستخرجه بالبحث والمسألة ، كما يستوشى الرجل جرى الفرس ، وهو ضرب جنبيه بعقبيه وتحريكه ليجرى. يقال : أوشى فرسه ، واستوشاه».

(٢) فى الأصل : «أجأتنى النائد» والصواب من ا. وقد حرّرته فى مادة (نأد).

(٣) فى الأصل ، وا : «فايتشى ... ايتشى» بالياء. وأثبته بالهمز من الهروى ، واللسان ، والقاموس.

(٤) فى الأصل ، وا : «فايتشى ... ايتشى» بالياء. وأثبته بالهمز من الهروى ، واللسان ، والقاموس.

(٥) يروى «توصيما» بالميم ، وسيجىء. قال الهروى : «والتوصيب والتوصيم واحد ، كما يقال : دائب ، ودائم ، ولازب ولازم».

١٩٠

(وصد) ـ فى حديث أصحاب الغار «فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده» أى سدّه. يقال : أَوْصَدْتُ البابَ وآصَدْتُهُ ، إذا أغلقته. ويروى بالطاء.

(وصر) (ه) فى حديث شريح «إن هذا اشترى منّى أرضا وقبض وِصْرَهَا ، فلا هو يردّ إلىّ الْوِصْرَ ، ولا هو يعطينى الثّمن» الْوِصْرُ ، (١) بالكسر : كتاب الشّراء. والأصل فيه : الإصر ، وهو العهد ، فقلبت الهمزة واوا ، وسمّى كتاب الشّراء به ؛ لما فيه من العهود. وقد روى بالهمزة على الأصل.

(وصع) (ه) فيه «إنّ العرش على منكب إسرافيل ، وإنه ليتواضع لله تعالى حتى يصير مثل الْوَصْعِ» يروى بفتح الصاد وسكونها ، وهو طائر أصغر من العصفور ، والجمع : وِصْعَان (٢).

(وصف) (ه) فيه «نهى عن بيع الْمُوَاصَفَةِ» هو (٣) أن يبيع ما ليس عنده ثمّ يبتاعه ، فيدفعه إلى المشترى. قيل له ذلك ؛ لأنّه باع بالصّفة من غير نظر ولا حيازة ملك.

[ه] وفى حديث عمر «إن لا يشفّ فإنّه يَصِفُ» يريد الثّوب الرّقيق ، إن لم يَبِنْ منه الجسد ، فإنه لرقّته يصف البدن ، فيظهر منه حجم الأعضاء ، فشبّه ذلك بالصّفة.

(ه) وفيه «وموت يصيب الناس حتّى يكون البيت بالوصيف» الْوَصِيفُ : العبد. والأمة : وَصِيفَةٌ ، وجمعهما : وُصَفَاءُ ووَصَائِفُ. يريد (٤) يكثر الموت حتى يصير موضع قبر يشترى بعبد ، من كثرة الموتى. وقبر الميّت : بيته.

ومنه حديث أم أيمن «أنّها كانت وصيفة لعبد المطّلب» أى أمة.

(وصل) ـ فيه «من أراد أن يطول عمره فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» قد تكرر فى الحديث ذكر صِلَةِ الرّحم. وهى كناية عن الإحسان إلى الأقربين ، من ذوى النّسب والأصهار ، والتّعطّف عليهم ، والرّفق بهم ، والرّعاية لأحوالهم. وكذلك إن بعدوا أو أساءوا. وقطع الرّحم

__________________

(١) هذا شرح القتيبى ، كما ذكر الهروى.

(٢) ضبط فى الأصل «وصعان» بالضم ، وصوابه بالكسر ، كغزلان ، كما ذكر صاحب القاموس.

(٣) هذا شرح القتيبى ، كما ذكر الهروى.

(٤) هذا قول شمر ، كما ذكر الهروى.

١٩١

ضدّ ذلك كلّه. يقال : وَصَلَ رَحِمَهُ يَصِلُهَا وَصْلاً وصِلَةً ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة ، فكأنه بالإحسان إليهم قد وَصَلَ ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصّهر.

وفيه ذكر «الْوَصِيلَةِ» هى الشاة إذا ولدت ستّة أبطن ، أنثيين أنثيين ، وولدت فى السابعة ذكرا وأنثى ، قالوا : وَصَلْتَ أخاها ، فأحلّوا لبنها للرّجال ، وحرّموه على النّساء.

وقيل : إن كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال والنساء. وإن كانت أنثى تركت فى الغنم ، وإن كان ذكرا وأنثى قالوا : وَصَلْتَ أخاها ، ولم تذبح ، وكان لبنها حراما على النساء.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «إذا كنت فى الْوَصِيلَةِ فأعط راحلتك حظّها» هى العمارة والخصب.

وقيل : الأرض ذات الكلأ ، تتّصل بأخرى مثلها.

(ه) وفى حديث عمرو «قال لمعاوية : ما زلت أرمّ أمرك بوذائله ، وأَصِلُهُ بِوَصَائِلِهِ» هى ثياب حمر مخطّطة يمانية (١).

وقيل : أراد بالوصائل ما يوصل به الشيء ، يقول : ما زلت أدبّر أمرك بما يجب أن يوصل به من الأمور التى لا غنى (٢) به عنها ، أو أراد أنه زيّن أمره وحسّنه ، كأنه ألبسه الوصائل.

(ه) ومنه الحديث «إنّ أوّل من كسا الكعبة كسوة كاملة تبّع ، كساها الأنطاع (٣) ، ثم كساها الْوَصَائِلَ» أى حبر اليمن.

(ه س) وفيه «أنه لعن الْوَاصِلَةَ والْمُسْتَوْصِلَةَ» الْوَاصِلَةُ : التى تصل شعرها بشعر آخر زور ، والْمُسْتَوْصِلَةُ : التى تأمر من يفعل بها ذلك.

وروى عن عائشة أنها قالت : ليست الواصلة بالتى تعنون ، ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشّعر ، فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود ، وإنما الْوَاصِلَةُ : التى تكون بغيّا فى شبيبتها ، فإذا أسنّت وصلتها بالقيادة.

وقال أحمد بن حنبل لمّا ذكر له ذلك : ما سمعت بأعجب من ذلك.

__________________

(١) ضبط فى الأصل وا : «يمانيّة» بالتشديد. وصححته بالتخفيف من الهروى.

(٢) فى الأصل : «غنّى» بالتنوين. وأثبته بالتخفيف من ا ، واللسان.

(٣) فى ا : «الأنماط».

١٩٢

(ه) وفيه «أنه نهى عن الوصال فى الصّوم» هو ألّا يفطر يومين أو أيّاما.

(س) وفيه «أنه نهى عن الْمُوَاصَلَةِ فى الصلاة ، وقال : إنّ امرأ واصل فى الصلاة خرج منها صفرا» قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ما كنّا ندرى ما المواصلة فى الصلاة ، حتى قدم علينا الشافعى ، فمضى إليه أبى فسأله عن أشياء ، وكان فيما سأله عن الْمُوَاصَلَةِ فى الصلاة ، فقال الشافعى : هى فى مواضع ، منها : أن يقول الإمام «وَلَا الضَّالِّينَ» فيقول من خلفه «آمين» معا : أى يقولها بعد أن يسكت الإمام.

ومنها : أن يصل القراءة بالتّكبير.

ومنها : السلام عليكم ورحمة الله ، فيصلها بالتّسليمة الثانية ، الأولى فرض والثانية سنّة ، فلا يجمع بينهما.

ومنها : إذا كبّر الإمام فلا يكبّر معه حتى يسبقه ولو بواو.

(ه) وفى حديث جابر «أنه اشترى منّى بعيرا وأعطانى وَصْلاً من ذهب» أى صلة وهبة ، كأنه ما يتّصل به أو يتوصّل فى معاشه. ووَصَلَهُ إذا أعطاه مالا. والصِّلَةُ : الجائزة والعطيّة.

(ه) وفى حديث عتبة والمقدام «أنهما كانا أسلما فتوصّلا بالمشركين حتى خرجا إلى عبيدة بن الحارث» أى أرياهم أنهما معهم ، حتى خرجا إلى المسلمين ، وتَوَصَّلَا : بمعنى توسّلا وتقرّبا.

(ه) وفى حديث النّعمان بن مقرّن «أنه لما حمل على العدوّ ما وَصَلْنَا كتفيه حتى ضرب فى القوم» أى لم نتّصل به ولم نقرب منه حتى حمل عليهم ، من السّرعة.

(ه) وفى الحديث «رأيت سببا وَاصِلاً من السماء إلى الأرض» أى موصولا ، فاعل بمعنى مفعول ، كماء دافق. كذا شرح. ولو جعل على بابه لم يبعد.

(ه) وفي حديث عليّ «صِلُوا السّيوف بالخُطا ، والرّماح بالنّبل» أى إذا قصرت السّيوف عن الضّربية فتقدّموا تلحقوا. وإذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالنّبل.

١٩٣

ومن أحسن وأبلغ ما قيل فى هذا المعنى قول زهير (١) :

يطعنهم ما ارتموا حتّى إذا طعنوا

ضاربهم فإذا ما ضاربوا اعتنقا

(ه) وفى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان فعم الْأَوْصَالِ» أى ممتلئ الأعضاء ، الواحد : وصل (٢).

وفيه «كان اسم نبله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الْمُوتَصِلَةَ» سمّيت بها تفاؤلا بوصولها إلى العدوّ. والموتصلة ، لغة قريش ، فإنها لا تدغم هذه الواو وأشباهها فى التّاء ، فتقول : موتصل ، وموتفق ، وموتعد ، ونحو ذلك. وغيرهم يدغم فيقول : مُتَّصِلٌ ، ومتّفق ، ومتّعد.

(ه) وفيه «من اتّصل فأعضّوه» أى من ادّعى دعوى الجاهليّة ، وهى قولهم : يا لفلان. فأعضّوه : أى قولوا له : اعضض أير أبيك. يقال : وَصَلَ إليه واتَّصَلَ ، إذا انتمى.

(ه) ومنه حديث أبىّ «أنه أعضّ إنسانا اتّصل».

(وصم) (ه) فيه «وإن نام حتّى يصبح أصبح ثقيلا مُوَصَّماً» الْوَصَمُ : الفترة والكسل والتّوانى.

(ه) ومنه كتاب وائل بن حجر «لا تَوْصِيمَ فى الدّين» أى لا تفتروا فى إقامة الحدود ، ولا تحابوا فيها.

ومنه حديث فارعة ، أخت أميّة «قالت له : هل تجد شيئا؟ قال : لا ، إلا تَوْصِيماً فى جسدى» ويروى بالباء. وقد تقدّم.

__________________

(١) ديوانه ص ٥٤ ، والرواية فيه :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

(٢) فى الأصل : «وصل» بفتحة. وفى ا : «وصل» بفتحتين. وكل ذلك خطأ. إنما هو بالكسر والضم ، كما فى القاموس ، بالعبارة ، واللسان ، بالقلم.

١٩٤

(باب الواو مع الضاد)

(وضأ) ـ قد تكرر فى الحديث ذكر «الْوَضُوءَ والْوُضُوءَ» فَالْوَضُوءُ ، بالفتح : الماء الذى يتوضّأ به ، كالفطور والسّحور ، لما يفطر عليه ويتسحّر به. والْوُضُوءُ ، بالضّم : التَّوَضُّؤُ ، والفعل نفسه. يقال : تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً ، وقد أثبت سيبويه الْوَضُوءُ والطّهور والوقود ، بالفتح فى المصادر ، فهى تقع على الاسم والمصدر.

وأصل الكلمة من الْوَضَاءَةِ ، وهى الحسن. ووُضُوءُ الصلاة معروف. وقد يراد به غسل بعض الأعضاء.

(ه) ومنه الحديث «توضّأوا ممّا غيّرت النار» أراد به غسل الأيدى والأفواه من الزّهومة.

وقيل : أراد به وضوء الصلاة. وذهب إليه قوم من الفقهاء.

(ه) ومنه حديث الحسن «الوضوء قبل الطعام ينفى الفقر ، وبعده ينفى اللّمم» (١).

(ه) ومنه حديث قتادة «من غسل يده فقد توضّأ».

وفى حديث عائشة «لقلّما كانت امرأة وَضِيئَةٌ عند رجل يحبّها» الْوَضَاءَةُ : الحسن والبهجة. يقال : وَضُأَتْ فهى وَضِيئَةٌ.

ومنه حديث عمر لحفصة «لا يغرّك أن كانت جارتك هى أَوْضَأَ منك» أى أحسن.

(وضح) ـ فيه «أنه كان يرفع يديه فى السّجود حتّى يبين وَضَحُ إبطيه» أى البياض الذى تحتهما. وذلك للمبالغة فى رفعهما وتجافيهما عن الجنبين. والْوَضَحُ : البياض من كلّ شيء.

(ه) ومنه حديث عمر «صوموا من الْوَضَحِ إلى الوضح» أى من الضّوء إلى الضّوء.

وقيل : من الهلال إلى الهلال ، وهو الوجه ؛ لأنّ سياق الحديث يدلّ عليه. وتمامه «فإن خفى عليكم فأتمّوا العدّة ثلاثين يوما».

__________________

(١) بعده فى الهروى : «وأراد التوضؤ الذى هو غسل اليد».

١٩٥

(ه س) ومنه الحديث «أمر بصيام الْأَوَاضِحِ» يريد أيّام اللّيالى الأواضح : أى البيض. جمع وَاضِحَة ، وهى ثالث عشر ، ورابع عشر ، وخامس عشر. والأصل : وواضح ، فقلبت الواو الأولى همزة.

(ه س) ومنه الحديث «غيّروا الْوَضَحَ» أى الشّيب ، يعنى اخضبوه.

(س) ومنه الحديث «جاء رجل بكفّه وَضَحٌ» أى برص.

(ه) وفى حديث الشّجاج ذكر «الْمُوضِحَةِ» فى أحاديث كثيرة. وهى التى تبدى وَضَحَ العظم : أى بياضه. والجمع : الْمَوَاضِحُ. والتى فرض فيها خمس من الإبل هى ما كان منها فى الرأس والوجه. فأما الْمُوضِحَةُ فى غيرهما ففيها الحكومة.

(ه) وفيه «أنّ يهوديّا قتل جارية على أَوْضَاحٍ لها» هى (١) نوع من الحلىّ يعمل من الفضّة ، سمّيت بها ؛ لبياضها ، واحدها : وَضَحٌ.

(ه) وفيه «أنه كان يلعب مع الصّبيان بعظم وَضَّاحٍ» هى لعبة لصبيان الأعراب. وقد تقدم فى حرف العين. ووَضَّاحٌ : فعّال ، من الْوُضُوحِ : الظّهور.

(س) وفيه «حتى ما أَوْضَحُوا بضاحكة» أى ما طلعوا بضاحكة ولا أبدوها ، وهى إحدى ضواحك الأسنان (٢) التى تبدو عند الضّحك. يقال : من أين أَوْضَحْتَ؟ أى طلعت.

(وضر) (ه) فيه «أنه رأى بعبد الرحمن بن عوف وَضَراً من صفرة ، فقال : مهيم» أى لطخا من خلوق ، أو طيب له لون ، وذلك من فعل العروس إذا دخل على زوجته. والْوَضَرُ : الأثر من غير الطّيب.

(ه) ومنه الحديث «فجعل يأكل ويتتبّع باللّقمة وَضَرَ الصّحفة» أى دسمها وأثر الطّعام فيها.

ومنه حديث أمّ هانىء «فسكبت له فى صحفة إنّى لأرى فيها وضر العجين».

(وضع) (ه) فى حديث الحج «وأَوْضَع فى وادى محسّر» يقال : وَضَعَ البعير يَضَعُ وَضْعاً ، وأَوْضَعَهُ راكبه إِيضَاعاً ، إذا حمله على سرعة السّير.

__________________

(١) هذا شرح أبى عبيد ، كما فى الهروى.

(٢) هكذا فى الأصل ، وا. وفى النسخة ٥١٧ ، واللسان : «الإنسان».

١٩٦

ومنه حديث عمر «إنك والله سقعت الحاجب ، وأَوْضَعْتَ بالراكب» أى حملته على أن يوضع مركوبه.

ومنه حديث حذيفة بن أسيد «شرّ الناس فى الفتنة الراكب الْمُوضِعُ» أى المسرع فيها. وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفيه «من رفع السلاح ثم وَضَعَهُ فدمه هدر» وفى رواية «من شهر سيفه ثم وضعه» أى من قاتل به ، يعنى فى الفتنة. يقال : وَضَعَ الشّيء من يده يَضَعُهُ وَضْعاً ، إذا ألقاه ، فكأنه ألقاه فى الضَّرِيبَةِ.

ومنه قول سديف للسّفّاح :

فضع السّيف وارفع السّوط حتّى

لا ترى فوق ظهرها أمويّا

أى ضَعِ السّيف فى المضروب به ، وارفع السّوط لتضرب به.

ومنه حديث فاطمة بنت قيس «لا يضع عصاه عن عاتقه» أى أنه ضرّاب للنساء.

وقيل : هو كناية عن كثرة أسفاره ؛ لأن المسافر يحمل عصاه فى سفره.

وفيه «إنّ الملائكة تَضَعُ أجنحتها لطالب العلم» أى تفرشها لتكون تحت أقدامه إذا مشى. وقد تقدّم معناه مستوفى فى حرف الجيم.

(س) وفيه «إن الله وَاضِعٌ يده لمسىء الليل ليتوب بالنهار ، ولمسىء النهار ليتوب بالليل» أراد بالوضع هاهنا البسط. وقد صرّح به فى الرواية الأخرى «إنّ الله باسط يده لمسىء الليل» وهو مجاز فى البسط واليد ، كوضع أجنحة الملائكة.

وقيل : أراد بِالْوَضْعِ الإمهال ، وترك المعاجلة بالعقوبة. يقال : وَضَعَ يده عن فلان ، إذا كفّ عنه. وتكون اللام بمعنى عن : أى يضعها عنه ، أو لام أجل : أى يكفّها لأجله. والمعنى فى الحديث أنه يتقاضى المذنبين بالتّوبة ليقبلها منهم.

(س) ومنه حديث عمر «أنه وَضَعَ يده فى كشية ضبّ ، وقال : إن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يحرّمه» وَضْعُ اليد : كناية عن الأخذ فى أكله.

(س) وفيه «ينزل عيسى بن مريم عليه‌السلام فَيَضَعُ الجزية» أى يحمل الناس على دين الإسلام ، فلا يبقى ذمّىّ تجرى عليه الجزية.

١٩٧

وقيل : أراد أنه لا يبقى فقير محتاج ؛ لاستغناء الناس بكثرة الأموال ، فتوضع الجزية وتسقط ، لأنها إنما شرعت لتزيد فى مصالح المسلمين وتقوية لهم ، فإذا لم يبق محتاج لم تؤخذ (١).

ومنه الحديث «ويَضَعُ العلم» أى يهدمه ويلصقه بالأرض.

والحديث الآخر «إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم» أى أسقطتها.

(ه) وفيه «من أَنْظَرَ معسرا أو وضع له» أى حطّ عنه من أصل الدّين شيئا (٢).

ومنه الحديث «وإذا أحدهما يَسْتَوْضِعُ الآخر ويسترفقه» أى يستحطّه من دينه.

وفى حديث سعد «إن كان أحدنا ليضع كما تضع الشاة» أراد أنّ نجوهم كان يخرج بعرا ؛ ليبسه من أكلهم ورق السّمر ، وعدم الغذاء المألوف.

[ه] وفى حديث طهفة «لكم يا بنى نهد ودائع الشّرك ، ووَضَائِعُ الملك» الْوَضَائِعُ : جمع وَضِيعَةٍ وهى الوظيفة التى تكون على الملك ، وهى ما يلزم الناس فى أموالهم ؛ من الصّدقة والزكاة : أى لكم الوظائف التى تلزم المسلمين ، لا نتجاوزها معكم ، ولا نزيد عليكم فيها شيئا.

وقيل : معناه ما كان ملوك الجاهليّة يوظّفون على رعيّتهم ، ويستأثرون به فى الحروب وغيرها من المغنم : أى لا نأخذ منكم ما كان ملوككم وظّفوه عليكم ، بل هو لكم.

(ه) وفيه «إنه نبىّ ، وإنّ اسمه وصورته فى الوضائع» هى كتب تكتب فيها الحكمة. قاله الأصمعىّ.

وفى حديث شريح «الْوَضِيعَةُ على المال ، والرّبح على ما اصطلحا عليه» الْوَضِيعَةُ : الخسارة. وقد وُضِعَ فى البيع يُوضَعُ وَضِيعَةً. يعنى أن الخسارة من رأس المال.

(س) وفيه «أن رجلا من خزاعة يقال له : هيت كان فيه تَوْضِيعٌ» أى تخنيث.

(وضم) (ه) فى حديث عمر «إنما النساء لحم على وَضَمٍ ، إلّا ما ذبّ عنه»

__________________

(١) قال صاحب اللسان : «هذا فيه نظر ، فإن الفرائض لا تعلّل ، ويطّرد على ما قاله الزكاة أيضا ، وفى هذا جرأة على وضع الفرائض والتعبّدات».

(٢) الذى فى الهروى : «أى حطّ له من رأس المال شيئا».

١٩٨

الْوَضَمُ (١) الخشبة أو البارية التى يوضع عليها اللحم ، تقية من الأرض.

وقال الزمخشرى : «الوضم : [كلّ](٢) ما وقيت به اللحم من الأرض». أراد أنّهنّ فى الضّعف (٣) مثل ذلك اللحم الذى لا يمتنع على أحد إلّا أن يذبّ عنه ويدفع.

قال الأزهرى : إنما خصّ اللّحم على الوضم وشبّه به النساء ؛ لأنّ من عادة العرب إذا نحر بعير لجماعة يقتسمون لحمه أن يقلعوا شجرا (٤) ويُوضَمُ بعضه على بعض ، ويعضّى اللحم ويوضع عليه ، ثم يلقى لحمه عن عراقه ، ويقطّع على الوضم ، هبرا للقسم ، وتؤجّج النار ، فإذا سقط جمرها اشتوى من حضر شيئا بعد شيء (٥) ، على ذلك الجمر ، لا يمنع منه أحد ، فإذا وقعت المقاسم حوّل كلّ واحد قسمه عن الوضم إلى بيته ، ولم يعرض له أحد. فشبّه عمر النساء وقلّة امتناعهنّ على طلّابهنّ من الرجال باللحم مادام على الوضم.

(وضن) ـ في حديث عليّ «إنك لقلق الوضين» الْوَضِينُ : بطان منسوج بعضه على بعض ، يشدّ به الرّحل على البعير كالحزام للسّرج. أراد أنه سريع الحركة. يصفه بالخفّة وقلّة الثّبات ، كالحزام إذا كان رخوا.

(ه) ومنه حديث ابن عمر :

* إليك تعدو قلقا وضينها *

أراد أنها قد هزلت ودقّت للسّير عليها.

هكذا أخرجه الهروى والزّمخشرى عن ابن عمر. وأخرجه الطّبرانىّ فى «المعجم» عن سالم عن أبيه : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفاض من عرفات وهو يقول :

* إليك تعدو قلقا وضينها *

__________________

(١) هذا شرح الأصمعى ، كما ذكر الهروى.

(٢) ليس فى الفائق ٢ / ٤١١

(٣) هكذا بالضم فى الأصل ، وفى ا بالفتح. قال صاحب المصباح : «الضّعف ، بفتح الضاد فى لغة تميم. وبضمها فى لغة قريش».

(٤) فى الهروى : «شجرا كثيرا».

(٥) فى الهروى : «شواية بعد شواية».

١٩٩

(باب الواو مع الطاء)

(وطأ) (ه) فيه «زعمت المرأة الصّالحة خولة بنت حكيم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج وهو محتضن أحد ابنى ابنته وهو يقول : إنّكم لتبخّلون وتجبّنون وتجهّلون ، وإنكم لمن ريحان الله ، وإنّ آخر وَطْأَةٍ وَطِئَهَا (١) الله بوجّ» أى تحملون على البخل والجبن والجهل. يعنى الأولاد ، فإنّ الأب يبخل بإنفاق ماله ليخلّفه لهم ، ويجبن عن القتال ليعيش لهم فيربّيهم ، ويجهل لأجلهم فيلاعبهم.

وريحان الله : رزقه وعطاؤه.

ووجّ : من الطائف.

والْوَطْءُ فى الأصل : الدّوس بالقدم ، فسمّى به الغزو والقتل ؛ لأنّ من يَطَأُ على الشّىء برجله فقد استقصى فى هلاكه وإهانته. والمعنى أنّ آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفّار كانت بوجّ ، وكانت غزوة الطّائف آخر غزوات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإنّه لم يغز بعدها إلّا غزوة تبوك ، ولم يكن فيها قتال.

ووجه تعلّق هذا القول بما قبله من ذكر الأولاد أنّه إشارة إلى تقليل ما بقى من عمره ، فكنى عنه بذلك.

(ه) ومنه حديثه الآخر «اللهمّ اشدد وَطْأَتَكَ على مضر» أى خذهم أخذا شديدا.

ومنه قول الشاعر :

ووطئتنا وطأ على حنق

وطء المقيّد نابت الهرم

وكان حمّاد بن سلمة يرويه «اللهمّ اشدد وطدتك على مضر» والوطد : الإثبات والغمز فى الأرض.

[ه] وفيه «أنه قال للخرّاص : احتاطوا لأهل الأموال فى النّائبة والواطئة» الْوَاطِئَةُ : المارّة والسّابلة ، سمّوا بذلك لوطئهم الطريق. يقول : استظهروا لهم

__________________

(١) رواية الهروى : «آخر وطأة لله بوج».

٢٠٠