النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

(ه) ومنه حديث عليّ «أنه لقى الخوارج فوحّشوا برماحهم واستلّوا السّيوف».

ومنه الحديث «كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاتم من ذهب ، فَوَحَّشَ بين ظهرانى أصحابه ، فَوَحَّشَ النّاسُ بخواتيمهم».

والحديث الآخر «أنه أتاه سائل فأعطاه تمرة فَوَحَّشَ بها».

(ه) وفيه «لقد بتنا وَحْشَيْنِ (١) ما لنا طعام» يقال : رجل وَحْشٌ ، بالسكون ، من قوم أَوْحَاشٌ ، إذا كان جائعا لا طعام له ، وقد أَوْحَشَ ، إذا جاع ، وتَوَحَّشَ للدّواء ، إذا احتمى (٢) له.

وجاء فى رواية التّرمذىّ «لقد بتنا ليلتنا هذه وَحْشَى» كأنه أراد جماعة وحشى (٣).

(ه) وفيه «لا تحقرنّ شيئا من المعروف ؛ ولو أن تؤنس الْوَحْشَانَ» الْوَحْشَانُ : المغتمّ وقوم وَحَاشَى ، وهو فعلان ، من الْوَحْشَةِ : ضدّ الأنس. والْوَحْشَةُ : الخلوة والهمّ. وأَوْحَشَ المكان ، إذا صار وَحْشاً. وكذلك تَوَحَّشَ. وقد أَوْحَشْتُ الرّجل فَاسْتَوْحَشَ.

(س) وفى حديث عبد الله «أنه كان يمشى مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الأرض وَحْشاً» أى وحده ليس معه غيره.

ومنه حديث فاطمة بنت قيس «أنّها كانت فى مكان وَحْشٍ ، فخيف على ناحيتها» أى خلاء لا ساكن به.

ومنه حديث المدينة «فيجدانها (٤) وحشا» كذا جاء فى رواية مسلم.

(س) ومنه حديث ابن المسيّب «وسئل عن المرأة وهى فى وحش من الأرض».

__________________

(١) فى اللسان : «وحشين».

(٢) فى اللسان : «وتوحّش فلان للدواء ، إذا أخلى معدته»

(٣) فى اللسان : «جماعة وحشىّ».

(٤) فى الأصل ، وا ، واللسان : «فيجدانه» والتصويب من صحيح البخارى (باب من رغب عن المدينة ، من كتاب الحج) وصحيح مسلم (باب فى المدينة حين يتركها أهلها ، من كتاب الحج) قال النووى ٩ / ١٦١ : «قيل : معناه يجدانها خلاء ، أى خالية ليس بها أحد. قال إبراهيم الحربى : الوحش من الأرض : هو الخلاء. والصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش ، كما فى رواية البخارى» وانظر زيادة شرح فى النووى.

١٦١

(س) وفى حديث النّجاشىّ «فنفخ فى إحليل عمارة فاستوحش» أى سحر حتى جنّ ، فصار يعدو مع الوحش فى البرّيّة حتى مات.

وفى رواية «فطار مع الوحش».

(وحف) (س) فى حديث ابن أنيس «تناهى وَحْفُهَا» يقال : شعر وَحْفٌ ووَحَفٌ : أى كثير حسن. وقد وَحُفَ شعره ، بالضم.

(وحل) (س) فى حديث سراقة «فَوَحِلَ بى فرسى وإنى لفى جلد من الأرض» أى أوقعنى فى الوحل ، يريد كأنه يسير بى فى طين ، وأنا فى صُلْبٍ من الأرض.

ومنه حديث أسر عقبة بن أبى معيط «فوحل به فرسه فى جدد من الأرض» قال الجوهرى : «الْوَحَلُ بالتحريك : الطين الرقيق. والْمَوْحَلُ ، بالفتح : المصدر ، وبالكسر : المكان. والْوَحْلُ بالتسكين لغة رديئة. ووَحِلَ ، بالكسر : وقع فى الوحل. وأَوْحَلَهُ غيره» ، إذا أوقعه فيه. والجدد : ما استوى من الأرض.

(وحم) (ه) فى حديث المولد «فجعلت آمنة أمّ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم تَوْحَمُ» أى تشتهى اشتهاء الحامل. يقال : وَحِمَتْ تَوْحَمُ (١) وَحَماً فهى وَحْمَى بيّنة الْوِحَامِ.

(وحوح) ـ فى شعر أبى طالب يمدح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

حتى يجالدكم عنه وَحَاوِحَةٌ

شيب صناديد لا تذعرهم الأسل

هى جمع وَحْوَح ، أو وَحْوَاح ، وهو السّيّد ، والهاء فيه لتأنيث الجمع.

(س) ومنه حديث الذى يعبر الصّراط حبوا «وهم أصحاب وَحْوَح» أى أصحاب من كان فى الدنيا سيّدا. وهو كالحديث الآخر «هلك أصحاب العقدة» يعنى الأمراء. ويجوز أن يكون من الْوَحْوَحَةِ ، وهو صوت فيه بحوحة ، كأنه يعنى أصحاب الجدال والخصام والشّغب فى الأسواق وغيرها.

ومنه حديث عليّ «لقد شفى وَحَاوِحَ صدرى حسّكم إيّاهم بالنّصال».

__________________

(١) فى الأصل ، وا «وحمت توحم» وأثبتّ ضبط اللسان. قال فى القاموس : «وقد وحمت كورثت ووجلت».

١٦٢

(وحا) (ه) فى حديث أبى بكر «الوحا الْوَحَا» أى السّرعة السّرعة ، ويمدّ ويقصر. يقال : تَوَحَّيْتُ تَوَحِّياً ، إذا أسرعت ، وهو منصوب على الإغراء بفعل مضمر.

ومنه الحديث «إذا أردت أمرا فتدبّر عاقبته ، فإن كانت شرّا فانته ، وإن كانت خيرا فَتَوَحَّهْ» أى أسرع إليه. والهاء للسّكت.

(س) وفى حديث الحارث الأعور «قال علقمة : قرأت القرآن فى سنتين ، فقال الحارث : القرآن هيّن ، الْوَحْيُ أشدّ منه» أراد بالقرآن القراءة ، وبالوحى الكتابة والخطّ. يقال : وَحَيْتُ الكتاب وَحْياً فأنا وَاحٍ.

قال أبو موسى : كذا ذكره عبد الغافر. وإنما المفهوم من كلام الحارث عند الأصحاب شيء تقوله الشّيعة أنه أوحى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيء فخصّ به أهل البيت. والله أعلم.

وقد تكرر ذكر «الْوَحْيِ فى الحديث. ويقع على الكتابة ، والإشارة ، والرّسالة ، والإلهام ، والكلام الخفىّ. يقال : وَحَيْتُ إليه الكلام وأَوْحَيْتُ.

(باب الواو مع الخاء)

(وخد) (س) فى حديث وفاة أبى ذر «رأى قوما تَخِدُ بهم رواحلهم» الْوَخْدُ : ضرب من سير الإبل سريع. يقال : وَخَدَ يَخِدُ وَخْداً.

وفى حديث خيبر ذكر «وَخْدَةَ» هو بفتح الواو وسكون الخاء : قرية من قرى خيبر الحصينة ، بها نخل.

(وخز) (ه) فيه «فإنه وَخْزُ إخوانكم من الجنّ» الْوَخْزُ : طعن ليس بنافذ.

ومنه حديث عمرو بن العاص ، وذكر الطاعون ، فقال «إنما هو وَخْزٌ من الشيطان» وفى رواية «رجز».

(ه) وفى حديث سليمان بن المغيرة «قلت للحسن : أرأيت التّمر والبسر أيجمع بينهما؟ قال : لا. قلت : البسر الذى يكون فيه الْوَخْزُ» أى القليل من الإرطاب. شبّهه فى قلّته بالوخز فى جنب الطّعن.

١٦٣

(وخش) (ه) فى حديث ابن عباس «وإنّ قرن الكبش معلّق فى الكعبة قد وَخُشَ» وفى رواية «إن رأسه معلّق بقرنيه فى الكعبة وَخُشَ» أى يبس وتضاءل. يقال : وَخُشَ الشيء ، بالضّم وُخُوشَةً : أى صار رديئا. والْوَخْشُ من الناس : الرّذل ، يستوى فيه المذكّر والمؤنّث ، والواحد والجمع.

(وخط) ـ فى حديث معاذ «كان فى جنازة فلما دفن الميّت قال : ما أنتم ببارحين (١) حتى يسمع وَخْطَ نعالكم» أى خفقها وصوتها على الأرض.

(ه) ومنه حديث أبى أمامة «فلما سمع وخط نعالنا».

(وخف) (ه) فى حديث سلمان «لما احتضر دعا بمسك ثم قال لامرأته : أَوْخِفِيهِ فى تور وانضحيه حول فراشى» أى اضربيه بالماء. ومنه قيل للخطمىّ المضروب بالماء : وَخِيفٌ.

ومنه حديث النّخعىّ «يُوخَفُ للميّت سدر فيغسل به» ويقال للإناء الذى يوخف فيه : مِيخَفٌ.

(ه) ومنه حديث أبى هريرة «أنه قال للحسن بن على : اكشف لى عن الموضع الذى كان يقبّله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منك ، فكشف له عن سرّته كأنها مِيخَفُ لجين» أى مدهن فضّة. وأصله : موخف. فقلبت الواو ياء لكسرة الميم.

(وخم) ـ فى حديث أمّ زرع «لا مخافة ولا وَخَامَةَ» أى لا ثقل فيها. يقال : وَخُمَ الطّعامُ ، إذا ثقل فلم يستمرأ ، فهو وَخِيمٌ. وقد تكون الوخامة فى المعانى. يقال : هذا الأمر وَخِيمُ العاقبة : أى ثقيل ردىء ومنه حديث العرنيّين «واسْتَوْخَمُوا المدينة» أى استثقلوها ، ولم يوافق هواؤها أبدانهم.

(س) والحديث الآخر «فاستوخمنا هذه الأرض».

(وخا) (ه) فيه «قال لهما : اذهبا فَتَوَخَّيَا واستهما» أى اقصدا الحقّ فيما تصنعانه من

__________________

(١) فى ا : «بنازحين».

١٦٤

القسمة ، وليأخذ كلّ واحد منكما ما تخرجه القرعة من القسمة. يقال : تَوَخَّيْتُ الشيء أَتَوَخَّاهُ تَوَخِّياً ، إذا قصدت إليه وتعمّدت فعله ، وتحرّيت فيه. وقد تكرر ذكره فى الحديث.

(باب الواو مع الدال)

(ودج) (س) فى حديث الشّهداء «أَوْدَاجُهُمْ تشخب دما» هى ما أحاط بالعنق من العروق التى يقطعها الذّابح ، واحدها : وَدَجٌ ، بالتحريك : وقيل الْوَدَجَان : عرقان غليظان عن جانبى ثغرة النّحر.

(س) ومنه الحديث «كلّ ما أفرى الْأَوْدَاجَ».

والحديث الآخر «فانتفخت أوداجه».

(ودد) ـ فى أسماء الله تعالى «الْوَدُودُ» هو فعول بمعنى مفعول ، من الْوُدُّ : المحبّة. يقال : وَدِدْتُ الرّجل أَوَدُّهُ وُدّاً ، إذا أحببته. فالله تعالى مَوْدُودٌ : أى محبوب فى قلوب أوليائه ، أو هو فعول بمعنى فاعل : أى أنه يحبّ عباده الصالحين ، بمعنى أنه يرضى عنهم.

وفى حديث ابن عمر «إنّ أبا هذا كان وُدّاً لعمر» أى صديقا ، هو على حذف المضاف ، تقديره : كان ذا ودّ لعمر : أى صديقا ، وإن كانت الواو مكسورة فلا يحتاج إلى حذف ، فإنّ الْوِدَّ ، بالكسر : الصّديق.

وفى حديث الحسن «فإن وافق قول عملا فآخه وأَوْدِدْهُ» أى أحببه وصادقه ، فأظهر الإدغام للأمر ، على لغة أهل الحجاز.

وفيه «عليكم بتعلّم العربيّة فإنها تدلّ على المروءة وتزيد فى الْمَوَدَّةِ» يريد مودّة المشاكلة.

(ودس) [ه] فى حديث خزيمة ، وذكر السّنة ، فقال «وأيبست الْوَدِيسَ» هو ما أخرجت الأرض من النّبات. يقال : ما أحسن وَدْسَهَا.

قال الجوهرى : الْوَدْسُ : أوّل نبات الأرض.

(ودع) (ه) فيه «لينتهينّ أقوام عن وَدْعِهِم الجمعات ، أو ليختمنّ على قلوبهم»

١٦٥

أى عن تركهم إيّاها والتّخلّف عنها. يقال : وَدَعَ الشيء يَدَعُهُ وَدْعاً ، إذا تركه. والنّحاة يقولون : إنّ العرب أماتوا ماضى يَدَعُ ، ومصدره ، واستغنوا عنه بترك. والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أفصح. وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله ، فهو شاذ فى الاستعمال ، صحيح فى القياس. وقد جاء فى غير حديث ، حتى قرىء به قوله تعالى مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بالتخفيف.

(س [ه]) ومنه الحديث «إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تَوَدَّعَ منهم» أى أسلموا إلى ما استحقّوه من النّكير عليهم ، وتركوا (١) وما استحبّوه من المعاصى ، حتى يكثروا (٢) منها فيستوجبوا العقوبة (٣).

وهو من المجاز ، لأنّ المعتنى بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه واستراح من معاناة النّصب معه.

ويجوز أن يكون من قولهم : تَوَدَّعْتُ الشيء ، إذا صنته فى ميدع ، يعنى قد صاروا بحيث يتحفّظ منهم ويتصوّن ، كما يتوقّى شرار الناس.

ومنه حديث عليّ «إذا مشت هذه الأمّة السّمّيهاء فقد تُوُدِّعَ منها».

(س) ومنه الحديث «اركبوا هذه الدّوابّ سالمة ، وايتَدِعُوهَا (٤) سالمة» أى اتركوها ورفّهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها ، وهو افتعل ، من وَدُعَ بالضم وَدَاعَةً ودَعَةً : أى سكن وترفّه ، وايتَدَعَ فهو مُتَّدِعٌ : أى صاحب دَعَةٍ ، أو من وَدَعَ ، إذا ترك. يقال : اتَّدَعَ وايتَدَعَ ، على القلب والإدغام والإظهار.

(ه) ومنه الحديث «صلّى (٥) معه عبد الله بن أنيس وعليه ثوب متمزّق (٦) فلما انصرف دعا له بثوب ، فقال : تَوَدَّعْهُ بِخَلَقِكَ هذا» أى صنه به ، يريد البس هذا الذى دفعت

__________________

(١) فى الهروى : «كأنهم تركوا وما استحقّوه».

(٢) فى الهروى : «حتى يصيروا فيها».

(٣) بعد هذا فى الهروى زيادة : «فيعاقبوا».

(٤) فى الأصل : «وابتدعوها» بالباء الموحدة. والتصحيح من ا ، واللسان.

(٥) فى الهروى : «سعى».

(٦) فى الهروى : «فتمزّق».

١٦٦

إليك فى أوقات الاحتفال والتّزيّن. والتَّوْدِيعُ : أن تجعل ثوبا وقاية ثوب آخر ، وأن تجعله أيضا فى صوان (١) يصونه.

(س) وفى حديث الخرص «إذا خرصتم فخذوا ودَعُوا الثّلث ، فإن لم تَدَعُوا الثّلث فدعوا الرّبع».

قال الخطّابى : ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يترك لهم من عرض المال ، توسعة عليهم ؛ لأنه إن أخذ الحقّ منهم مستوفى أضرّ بهم ، فإنه يكون منه السّاقطة والهالكة وما يأكله الطّير والناس. وكان عمر يأمر الخرّاص (٢) بذلك. وقال بعض العلماء : لا يترك لهم شيء شائع فى جملة النّخل ، بل يفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص.

وقيل : معناه أنهم إذا لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثّلث أو الرّبع ، ليتصرّفوا فيه ويضمنوا حقّه ، ويتركوا الباقى إلى أن يجفّ ويؤخذ حقّه ، لا أنه يترك لهم بلا عوض ولا إخراج.

(ه) ومنه الحديث «دع دَاعِىَ اللّبن» أى اترك منه فى الضّرع شيئا يستنزل اللّبن ، ولا تستقص حلبه.

(ه) وفى حديث طهفة «لكم يا بنى نهد وَدَائِعُ الشّرك» أى العهود والمواثيق. يقال : تَوَادَعَ الفريقان ، إذا أعطى كلّ واحد منهما الآخر عهدا ألّا يغزوه. واسم ذلك العهد : الْوَدِيعُ (٣). يقال : أعطيته وَدِيعاً : أى عهدا.

وقيل : يحتمل أن يريد بها ما كانوا استودعوه من أموال الكفار الذين لم يدخلوا فى الإسلام : أراد إحلالها لهم ؛ لأنها مال كافر قدر عليه من غير عهد ولا شرط. ويدل عليه قوله فى الحديث : «ما لم يكن عهد ولا مَوْعِدٌ».

(س) ومنه الحديث «أنه وَادَعَ بنى فلان» أى صالحهم وسالمهم على ترك الحرب والأذى. وحقيقة الْمُوَادَعَةِ : المتاركة ، أى يدع كلّ واحد منها ما هو فيه.

ومنه الحديث «وكان كعب القرظىّ مُوَادِعاً لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

__________________

(١) الصوان ، مثلّث الصاد ، كما فى القاموس.

(٢) ضبط فى ا بفتح الخاء المعجمة.

(٣) بعد ذلك فى الهروى : «قال ذلك أبو محمد القتيبى».

١٦٧

وفى حديث الطعام «غير مكفور ولا مُوَدَّعٍ ولا مستغنى عنه ربّنا» أى غير متروك الطّاعة. وقيل : هو من الْوَدَاعِ ، وإليه يرجع.

(ه) وفى شعر العباس يمدح النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

من قبلها طبت فى الظّلال وفى

مستودع حيث يخصف الورق

الْمُسْتَوْدَعُ : المكان الذى تجعل فيه الوديعة. يقال : اسْتَوْدَعَتْهُ وَدِيعَةً ، إذا استحفظته إيّاها ، وأراد به الموضع الذى كان به آدم وحوّاء من الجنة. وقيل : أراد به الرّحم.

(ه) وفيه «من تعلّق وَدَعَةً لا وَدَعَ الله له» الْوَدَعُ ، بالفتح والسّكون : جمع وَدَعَة ، وهو شيء أبيض يجلب من البحر يعلّق فى حلوق الصّبيان وغيرهم. وإنّما نهى عنها لأنهم كانوا يعلّقونها مخافة العين.

وقوله : «لا وَدَعَ الله له» : أى لا جعله فى دعة وسكون.

وقيل : هو لفظ مبنىّ من الودعة : أى لا خفّف الله عنه ما يخافه.

(ودف) (س) فيه «فى الْوُدَافِ الغُسل» الْوُدَافُ : الذى يقطر من الذّكر فوق المذى ، وقد وَدَفَ الشّحم وغيره ، إذا سال وقطر.

(ه) ومنه الحديث «فى الْأَدَافِ الدّية» يعنى الذّكر. سمّاه بما يقطر منه مجازا ، وقلب الواو همزة. وقد تقدّم.

(ودق) (ه) فى حديث ابن عباس «فتمثّل له جبريل على فرس وَدِيقٍ» هى التى تشتهى الفحل. وقد وَدَقَتْ وأَوْدَقَتْ واسْتَوْدَقَتْ ، فهى وَدُوقٌ ووَدِيقٌ.

(س) وفي حديث عليّ :

فإن هلكت فرهن ذمّتى لهم

بذات ودقين لا يعفو لها أثر

أى حرب شديدة. وهو من الْوَدْقِ والْوِدَاقُ. الحرص على طلب الفحل ؛ لأنّ الحرب توصف باللّقاح.

وقيل : هو من الْوَدْقِ : المطر ، يقال للحرب الشّديدة : ذات وَدْقَيْنِ ، تشبيها بسحاب ذات مطرتين شديدتين.

١٦٨

(س) وفى حديث زياد «فى يوم ذى وَدِيقَة» أى حرّ شديد ، أشدّ ما يكون من الحرّ بالظّهائر.

(ودك) ـ فى حديث الأضاحى «ويحملون منها الْوَدَكَ» هو دسم اللّحم ودهنه الذى يستخرج منه. وقد تكرر فى الحديث.

(ودن) (ه) فى حديث مصعب بن عمير «وعليه قطعة نمرة قد وصلها بإهاب قد وَدَنَهُ» أى بَلَّه بماء ليخضع ويلين. يقال : وَدَنْتُ الْقِدَّ والجلد أَدِنُهُ ، إذا بللته ، وَدْناً ووِدَاناً ، فهو مَوْدُونٌ.

(ه) ومنه حديث ظبيان «إنّ وجّا كانت لبنى إسرائيل (١) ، غرسوا وِدَانَهُ» أراد بِالْوِدَانِ مواضع النّدى والماء التى تصلح للغراس.

(ه) وفى حديث ذى الثّديّة «أنه كان مَوْدُونَ اليد» وفى رواية «مُودَنَ اليد» أى ناقص اليد صغيرها. يقال : وَدَنْتُ الشيء وأَوْدَنْتُهُ ، إذا نقصته وصغّرته.

وفيه ذكر «وَدَّان» فى غير موضع ، وهو بفتح الواو وتشديد الدّال : قرية جامعة قريبا من الجحفة.

(ودا) (س) فى حديث القسامة «فَوَدَاهُ من إبل الصّدقة» أى أعطى ديته. يقال : وَدَيْتُ القتيل أَدِيهِ دِيَةً ، إذا أعطيت ديته ، واتَّدَيْتَهُ : أى أخذت ديته ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة. وجمعها : دِيَاتٌ.

(س) ومنه الحديث «إن أحبّوا قادوا ، وإن أحبّوا وَادُوا» أى إن شاءوا اقتصّوا ، وإن شاءوا أخذوا الدِّيَةَ. وهى مفاعلة من الدّية. وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث ما ينقض الوضوء ذكر «الْوَدْىِ» هو بسكون الدال ، وبكسرها وتشديد الياء : البلل اللّزج الذى يخرج من الذّكر بعد البول. يقال : وَدَى ولا يقال : أودى (٢). وقيل : التّشديد أصحّ وأفصح من السّكون.

__________________

(١) فى الهروى : «لبنى فلان».

(٢) فى الأصل : «... وَدِىٌّ. ولا يقال : وَدْىٌ» والمثبت من ا ، واللسان.

١٦٩

(س) وفى حديث طهفة «مات الْوَدِىُّ» أى يبس من شدّة الجدب والقحط. الْوَدِىُ بتشديد الياء : صغار النّخل ، الواحدة : وَدِيَّة.

(س [ه]) ومنه حديث أبى هريرة «لم يشغلنى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم غرس الودىّ» وقد تكرر فى الحديث.

وفى حديث ابن عوف :

وأودى سمعه إلّا ندايا

أَوْدَى : أى هلك. ويريد به صممه وذهاب سمعه.

(باب الواو مع الذال)

(وذأ) (ه) فيه «أنّ رجلا قام فنال من عثمان فَوَذَأَهُ عبد الله بن سلام فَاتَّذَأَ» أى زجره فازدجر (١). وهو فى الأصل : العيب والحقارة.

(وذح) ـ في حديث عليّ رضى الله عنه «أما والله ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال ، إيه أبا وَذَحَةَ» الْوَذَحَةُ بالتحريك : الخنفساء ، من الْوَذَحِ : وهو ما يتعلّق بألية الشّاة من البعر فيجفّ ، الواحدة : وَذَحَةٌ. يقال : وَذِحَتِ (٢) الشّاة تَوْذَحُ وتَيْذَحُ وَذَحاً. وبعضهم يقوله بالخاء.

(س) ومنه حديث الحجاج «أنه رأى خنفساءة فقال : قاتل الله أقواما يزعمون أن هذه من خلق الله تعالى ، فقيل : ممّ هى؟ قال : من وَذَحِ إبليس».

(وذر) (ه) فيه «فأتينا بثريدة كثيرة الْوَذْرِ» أى كثيرة قطع اللحم. والْوَذْرَةُ بالسّكون : القطعة من اللحم. والْوَذْرُ بالسكون أيضا : جمعها.

(ه) ومنه حديث عثمان «رفع إليه رجل قال لآخر : يا ابن شامّة الْوَذْرِ» هذا القول من سباب العرب وذمّهم. ويريدون به يا ابن شامّة المذاكير ، يعنون الزنا ، كأنها كانت تشمّ كمرا مختلفة. والذَّكَرُ : قطعة من بدن صاحبه.

__________________

(١) فى الهروى ، واللسان : «فانزجر».

(٢) ضبط فى الأصل بفتح الذال المعجمة.

والتصحيح من ا ، واللسان. وهو من باب فرح ، كما فى القاموس.

١٧٠

وقيل : أراد بها القلف ، جمع قلفة الذّكر ، لأنها تقطع.

وفيه «شرّ النساء الْوَذِرَةُ المذرة» هى التى لا تستحيى عند الجماع.

وفى حديث أم زرع «إنى أخاف ألّا أَذَرَه» أى (١) أخاف ألّا أترك صفته ، ولا أقطعها من طولها.

وقيل (٢) : معناه أخاف ألّا أقدر على تركه وفراقه ؛ لأنّ أولادى منه ، وللأسباب التى بينى وبينه.

وحكم «يَذَرُ» فى التّصريف حكم «يدع» وأصله : وَذِرَهُ يَذَرُهُ ، كوسعه يسعه. وقد أميت ماضيه ومصدره ، فلا يقال : وذره ، ولا وذرا ، ولا واذرا. ولكن تركه تركا ، وهو تارك.

(وذف) (ه) فيه «أنه نزل بأمّ معبد وَذْفَانَ (٣) مخرجه إلى المدينة» أى عند مخرجه ، وهو كما تقول : حدثان مخرجه ، وسرعانه. والتَّوَذُّفُ : مقاربة الخطو والتّبختر فى المشى. وقيل : الإسراع.

(ه) ومنه حديث الحجّاج «خرج يَتَوَذَّفُ حتى دخل على أسماء».

(وذل) (ه) فى حديث عمرو «قال لمعاوية : ما زلت أرمّ أمرك بِوَذَائِلِهِ» هى جمع وَذِيلَةِ ، وهى السّبيكة من الفضّة. يريد أنه زيّنه وحسّنه.

قال الزمخشرى : «أراد بِالْوَذَائِلِ جمع وَذِيلَةَ ، وهى المرآة ، بلغة هذيل ، مثّل بها آراءه التى (٤) كان يراها لمعاوية ، وأنها أشباه المرايا ، يرى فيها وجوه صلاح أمره ، واستقامة ملكه : أى مازلت أرمّ أمرك بالآراء الصّائبة ، والتّدابير التى يستصلح الملك بمثلها».

(وذم) (ه) فيه «أريت الشيطان ، فوضعت يدى على وَذَمَتِهِ» الْوَذَمَةُ بالتّحريك : سير يقدّر طولا ، وجمعه : وِذَامٌ ، ويعمل منه قلادة توضع فى أعناق الكلاب لتربط بها ، فشبّه الشّيطان بالكلب ، وأراد تمكّنه منه ، كما يتمكّن القابض على قلادة الكلب

__________________

(١) هذا شرح ابن السّكّيت ، كما ذكر الهروى.

(٢) القائل هو أحمد بن عبيد. كما جاء فى الهروى.

(٣) فى ا : «وذفان» بفتح الذال المعجمة.

(٤) فى الفائق ٢ / ١٥٩ : «التى كانت لمعاوية أشباه المرائى».

١٧١

(ه) ومنه حديث أبي هريرة «وسئل عن كلب الصّيد فقال : إذا وَذَّمْتَهُ وأرسلته وذكرت اسم الله فكل» أى إذا شددت فى عنقه سَيْرا يعرف به أنّه معلّم مؤدّب.

ومنه حديث عمر «فربط كمّيه بِوَذَمَةٍ» أى سير.

وحديث عائشة ، تصف أباها «وأوذم السِّقَاءَ» أى شدّه بالوذمة.

وفي رواية أخرى : «وأَوْذَمَ العطلة» (١) تريد الدّلو الّتى كانت معطّلة عن الاستقاء ، لعدم عراها وانقطاع سيورها.

(ه) وفي حديث عليّ «لئن وليت بنى أميّة لأنفضنّهم نفض القصّاب الْوِذَام التربة» وفى رواية «التّراب الْوَذِمَة» (٢) أراد بِالْوِذَامِ الحزز من الكرش ، أو الكبد السّاقطة في التّراب. فالقصّاب يبالغ فى نفضها. وقد تقدم فى حرف التاء مبسوطا.

(باب الواو مع الراء)

(ورب) [ه] فيه «وإن بايعتهم وَارَبُوكَ» أى خادعوك ، من الْوَرَبِ ، وهو الفساد. وقد وَرِبَ يَوْرَبُ. ويجوز أن يكون من الْإِرْبِ ، وهو الدّهاء ، وقلب الهمزة واوا.

(ورث) ـ فى أسماء الله تعالى «الْوَارِثُ» هو الذى يَرِثُ الخلائق ، ويبقى بعد فنائهم.

(ه س) ومنه الحديث «اللهمّ متّعنى بسمعى وبصرى ، واجعلهما الوارث منّى» أى أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت (٣).

وقيل : أراد بقاءهما وقوّتهما عند الكبر وانحلال القوى النّفسانيّة ، فيكون السّمع والبصر وارثى سائر القوى ، والباقيين بعدها.

وقيل : أراد بالسّمع وعى ما يسمع والعمل به ، وبالبصر الاعتبار بما يرى.

وفى رواية «واجعله الوارث منّى» فردّ الهاء إلى الإمتاع ، فلذلك وحّده

__________________

(١) ضبط فى الأصل بفتح الطاء المهملة. وهو كفرحة ، كما فى القاموس. وسبق فى (عطل).

(٢) وهى رواية الهروى.

(٣) هذا قول ابن شميل ، كما فى الهروى.

١٧٢

وفيه «أنه أمر أن يُوَرِّثَ (١) دور المهاجرين النّساء» تخصيص النساء بتوريث الدّور يشبه أن يكون على معنى القسمة بين الورثة ، وخصّهنّ بها ؛ لأنّهنّ بالمدينة غرائب لا عشيرة لهنّ ، فاختار لهنّ المنازل للسّكنى.

ويجوز أن تكون الدّور في أيديهنّ على سبيل الرّفق بهنّ لا للتّمليك ، كما كانت حجر النّبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى أيدى نسائه بعده.

(ورد) (ه) فيه «اتّقوا البراز فى الْمَوَارِدِ» أى المجارى والطّرق إلى الماء ، واحدها : مَوْرِدٌ ، وهو مفعل من الْوُرُودِ. يقال : وَرَدْتُ الماء أَرِدُهُ وُرُوداً ، إذا حضرته لتشرب. والْوِرْدُ : الماء الذى ترد عليه.

(ه) ومنه حديث أبى بكر «أنه أخذ بلسانه وقال : هذا الّذى أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ» أراد الموارد المهلكة ، واحدتها : مَوْرِدَة. قاله الهروى.

وفيه «كان الحسن وابن سيرين يقرآن القرآن من أوّله إلى آخره ويكرهان الأوراد» الْأَوْرَادُ : جمع وِرْد ، وهو بالكسر : الجزء. يقال : قرأت وردى. وكانوا قد جعلوا القرآن أجزاء ، كلّ جزء منها فيه سور مختلفة على غير التّأليف حتى يعدّلوا بين الأجزاء ويسوّوها. وكانوا يسمّونها الأوراد.

وفى حديث المغيرة «منتفخة الْوَرِيدِ» هو العرق الذى فى صفحة العنق ينتفخ عند الغضب ، وهما وَرِيدَانِ ، يصفها بسوء الخلق وكثرة الغضب.

(ورس) (س) فيه «وعليه ملحفة وَرْسِيَّة» الْوَرْسُ : نبت أصفر يصبغ به. وقد أَوْرَسَ المكان فهو وَارِسٌ. والقياس : مُورِسٌ. وقد تكرر ذكره في الحديث. والْوَرْسِيَّةُ : المصبوغة به.

(س) وفى حديث الحسين «أنّه استسقى فأخرج إليه قدح وَرْسِىٌ مفضّض» هو المعمول من الخشب النّضار الأصفر ، فشبّه به ؛ لصفرته.

__________________

(١) فى اللسان : «تورّث».

١٧٣

(ورض) [ه] فيه «لا صيام لمن لم يُوَرِّضْ من اللّيل» أى لم ينو. يقال : وَرَّضْتُ الصّوم وأَرَّضْتُهُ ، إذا عزمت عليه. والأصل الهمز ، وقد تقدّم.

(ورط) (ه) فى حديث الزكاة «لا خلاط ولا وِرَاطَ» الْوِرَاطُ (١) : أن تجعل الغنم فى وهدة (٢) من الأرض لتخفى على المصدّق. مأخوذ من الْوَرْطَةِ ، وهى الهوّة العميقة فى الأرض ، ثم استعير للنّاس إذا وقعوا فى بليّة يعسر المخرج منها.

وقيل : (٣) الْوِرَاطُ : أن يغيّب إبله أو غنمه فى إبل غيره وغنمه.

وقيل (٤) : هو أن يقول أحدهم للمصدّق : عند فلان صدقة ، وليست عنده. فهو الْوِرَاطُ والْإِيرَاطُ. يقال : وَرَطَ وأَوْرَطَ.

وفى حديث ابن عمر «إنّ من وَرَطَاتِ الأمور الّتى لا مخرج منها سفك الدّم الحرام بغير حلّه».

(ورع) (س) فيه «ملاك الدّين الْوَرَعُ» الْوَرَعُ فى الأصل : الكفّ عن المحارم والتّحرّج منه. يقال : وَرِعَ الرّجل يَرِعُ ، بالكسر فيهما ، وَرَعاً ورِعَةً ، فهو وَرِعٌ ، وتَوَرَّعَ من كذا ، ثم استعير للكفّ عن المباح والحلا. وينقسم إلى ... (٥).

(ه) ومنه حديث عمر «وَرِّعِ الّلصّ ولا تُرَاعِهِ» أى إذا رأيته فى منزلك فاكففه وادفعه بما استطعت. ولا تُرَاعِهِ : أى لا تنتظر فيه شيئا ولا تنظر ما يكون منه. وكلّ شيء كففته فقد ورّعته.

(ه) ومنه حديثه الآخر «أنه قال للسّائب : وَرِّعْ عنّى فى الدّرهم والدّرهمين» أى كفّ عنّى الخصوم ، بأن تقضى بينهم وتنوب عنّى فى ذلك.

__________________

(١) هذا قول أبى بكر الأنبارى ، كما ذكر الهروى.

(٢) فى الهروى : «هوّة».

(٣) القائل هو شمر ، كما ذكر الهروى.

(٤) القائل هو أبو سعيد الضرير ، كما ذكر الهروى أيضا.

(٥) بياض بالأصل وا. وجاء بهامش الأصل : «هكذا بياض فى جميع النسخ» والحديث وإن كان فى كتاب أبى موسى ، كما رمز إليه المصنف ، إلا أنى لم أجد هذا الشرح فى كتاب أبى موسى المسمى «المغيث فى غريب القرآن والحديث» المحفوظ بجامعة الدول العربية برقم (٥٠٠ حديث).

١٧٤

وحديثه الآخر «وإذا أشفى ورع» أى إذا أشرف على معصية كفّ.

(س) وفى حديث الحسن «ازدحموا عليه ، فرأى منهم رعة سيّئة ، فقال : اللهمّ إليك»

يريد بالرّعة هاهنا الاحتشام والكفّ عن سوء الأدب ، أى لم يحسنوا ذلك. يقال : وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً ، مثل وثق يثق ثقة.

(س) ومنه حديث الدعاء «وأعذنى من سوء الرِّعَةِ» أى سوء الكفّ عمّا لا ينبغى.

(س) ومنه حديث ابن عوف «وبنهيه يَرِعُونَ» أى يكفّون.

(ه) وحديث قيس بن عاصم «فلا يُوَرَّعُ رجل عن جمل يختطمه» أى يكفّ ويمنع.

(ه) وفيه «كان أبو بكر وعمر يُوَارِعَانِهِ» يعنى عليّا : أى يستشيرانه. والْمُوَارَعَةُ : المناطقة والمكالمة.

(ورق) (ه) فى حديث الملاعنة «إن جاءت به أَوْرَقَ جعدا» الْأَوْرَقُ : الأسمر. والْوُرْقَةُ : السّمرة. يقال : جمل أَوْرَقُ ، وناقة وَرْقَاءُ.

ومنه حديث ابن الأكوع «خرجت أنا ورجل من قومى وهو على ناقة وَرْقَاء».

وحديث قسّ «على جمل أَوْرَقَ».

(ه) وفيه «أنه قال لعمّار : أنت طيّب الْوَرَقِ» أراد بِالْوَرَقِ نسله ، تشبيها بورق الشّجر ، لخروجها منها. ووَرَقُ القوم : أحداثهم (١).

(س) وفى حديث عرفجة «لمّا قطع أنفه [يوم الكلاب](٢) اتّخذ أنفا من وَرِقٍ فأنتن ، فاتّخذ أنفا من ذهب» الْوَرِقُ بكسر الرّاء : الفضّة. وقد تسكّن. وحكى القتيبى عن الأصمعى أنّه إنّما اتّخذ أنفا من وَرَقٍ ، بفتح الرّاء ، أراد الرّقّ (٣) الذى يكتب فيه ، لأنّ الفضّة لا تنتن. قال : وكنت أحسب أن قول الأصمعى أنّ الفضّة لا تنتن صحيحا ، حتى أخبرنى بعض أهل الخبرة أنّ الذّهب لا يبليه الثّرى ، ولا يصدئه النّدى ، ولا تنقصه الأرض ، ولا تأكله النّار. فأمّا الفضّة فإنّها تبلى ، وتصدأ ، ويعلوها السّواد ، وتنتن.

__________________

(١) هذا قول ابن السّكّيت ، كما فى الهروى

(٢) ساقط من من ا ، واللسان. وفى اللسان : «فأنتن عليه».

(٣) بالفتح ، ويكسر ، كما فى القاموس.

١٧٥

(ه) وفيه «ضرس (١) الكافر فى النّار مثل وَرِقَانٍ» هو بوزن قطران : جبل أسود بين العرج والرّويثة ، على يمين المارّ من المدينة إلى مكّة.

(س) ومنه الحديث «رجلان من مزينة ينزلان جبلا من جبال العرب يقال له ورقان ، فيحشر النّاس ولا يعلمان».

(ورك) (ه) فيه «كره أن يسجد الرجل مُتَوَرِّكاً» هو أن يرفع وَرِكَيْهِ إذا سجد حتى يفحش فى ذلك.

وقيل : هو أن يلصق أليتيه بعقبيه فى السجود.

وقال الأزهرى : التَّوَرُّكُ فى الصّلاة ضربان : سنّة ومكروه ، أمّا السّنّة فأن ينخّى رجليه فى التّشهّد الأخير ، ويلصق مقعده (٢) بالأرض ، وهو من وضع الْوَرِكِ عليها. والْوَرِكُ : ما فوق الفخذ ، وهى مؤنّثة.

وأمّا المكروه فأن يضع يديه على وركيه فى الصلاة وهو قائم. وقد نهى عنه.

(ه) ومنه حديث مجاهد «كان لا يرى بأسا أن يَتَوَرَّكَ الرجل على رجله اليمنى فى الأرض المستحيلة ، فى الصلاة» أى يضع وركه على رجله. والمستحيلة : غير المستوية.

ومنه حديث النّخعىّ «أنه كان يكره التّورّك فى الصلاة».

(ه) ومنه الحديث «لعلّك من الّذين يصلّون على أَوْرَاكِهِمْ» فسّر بأنّه الذى يسجد ولا يرتفع عن الأرض ، ويعلى وركه ، لكنّه يفرّج ركبتيه ، فكأنه يعتمد على وركه.

(س) وفيه «جاءت فاطمة مُتَوَرِّكَةً الحسن» أى حاملته على وركها.

(ه س) وفيه «أنه ذكر فتنة تكون ، فقال : ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع» أى يصطلحون على أمر واه لا نظام له ولا استقامة ؛ لأنّ الورك لا يستقيم على الضّلع ولا يتركّب عليه ؛ لاختلاف ما بينهما وبعده.

وفيه «حتى إنّ رأس ناقته ليصيب مَوْرِكَ رحله» الْمَوْرِكْ والْمَوْرِكَة : المرفقة التى تكون عند قادمة الرّحل ، يضع الراكب رجله عليها ليستريح من وضع رجله فى الرّكاب.

__________________

(١) فى الهروى : «سنّ».

(٢) فى الهروى «ويلزق مقعدته».

١٧٦

أراد أنّه كان قد بالغ فى جذب رأسها إليه ، ليكفّها عن السّير.

(ه) وفى حديث عمر «أنه كان ينهى أن يجعل فى وِرَاكٍ صليب» الْوِرَاكُ : ثوب ينسج وحده ، يزيّن به الرّحل.

وقيل : هى النّمرقة الّتى تلبس مقدّم الرّحل ، ثمّ تثنى تحته.

(ه) وفى حديث النّخعىّ ، فى الرجل يستحلف «إن كان مظلوما فَوَرَّكَ إلى شىء جزى عنه» التَّوْرِيكَ فى اليمين : نيّة ينويها الحالف ، غير ما ينويه مستحلفه ، من وَرَّكْتُ فى الوادى ، إذا عدلت فيه وذهبت.

(ورم) (س) فيه «أنه قام حتى وَرِمَتْ قدماه» أى انتفخت من طول قيامه فى صلاة الليل. يقال : وَرِمَ يَرِمُ ، والقياس : يَوْرَمُ ، وهو أحد ما جاء على هذا البناء.

(ه) ومنه حديث أبى بكر «ولّيت أموركم خيركم ، فكلّكم وَرِمَ أنفه على أن يكون له الأمر من دونه» أى امتلأ وانتفخ من ذلك غضبا. وخصّ الأنف بالذّكر لأنّه موضع الأنفة والكبر ، كما يقال : شمخ بأنفه.

ومنه قول الشاعر :

* ولا يهاج إذا ما أنفه ورما *

(وره) (س) فى حديث الأحنف «قال له الْحُتَات : والله إنك لضئيل ، وإنّ أمّك لَوَرْهَاءُ» الْوَرَهُ بالتّحريك : الخرق فى كلّ عمل. وقيل : الحمق. ورجل أَوْرَهُ ، إذا كان أحمق أهوج. وقد وَرِهَ يَوْرَهُ.

ومنه حديث جعفر الصادق : «قال لرجل : نعم يا أَوْرَهُ».

(ورا) (ه) فيه «كان إذا أراد سفرا وَرَّى بغيره» أى ستره وكنى عنه ، وأوهم أنه يريد غيره. وأصله من الْوَرَاءِ : أى ألقى البيان وراء ظهره.

وفيه «ليس وَرَاءَ الله مرمى» أى ليس بعد الله لطالب مطلب ، فإليه انتهت العقول ووقفت ، فليس وراء معرفته والإيمان به غاية تقصد. والمرمى : الغرض الذى ينتهى إليه سهم الرّامى. قال النابغة (١) :

__________________

(١) الذّبيانى. وصدر البيت :

* حلفت فلم أترك لنفسك ريبة *

مجموعة خمسة دواوين ص ١٢ :

١٧٧

* وليس وراء الله للمرء مذهب *

ومنه حديث الشفاعة «يقول إبراهيم : إنّى كنت خليلا من وراء وراء» هكذا يروى مبنيّا على الفتح : أى من خلف حجاب.

ومنه حديث معقل «أنه حدّث ابن زياد بحديث ، فقال : أشيء سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو من وَرَاءَ وراءَ؟» أى ممّن جاء خلفه وبعده.

وفى حديث الشّعبىّ «أنه قال لرجل رأى معه صبيّا : هذا ابنك؟ قال : ابن ابنى. قال : هو ابنك من الوراء» يقال لولد الولد : الْوَرَاءُ.

(ه) وفيه «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلىء شعرا» هو (١) من الْوَرْي : الدّاء ؛ يقال : وُرِيَ يُورَى (٢) فهو مَوْرِيٌ ، إذا أصاب جوفه الدّاء.

قال الأزهرى : الْوَرْيُ ، مثال الرّمى : داء يداخل الجوف. يقال : رجل مَوْرِيٌ ، غير مهموز.

وقال الفرّاء : هو الْوَرَى ، بفتح الراء.

وقال ثعلب : هو بالسّكون : المصدر ، وبالفتح : الاسم.

وقال الجوهرى : «وَرَى القيحُ جوفه يَرِيَهُ وَرْياً : أكله».

وقال قوم : معناه : حتى يصيب رئته. وأنكره غيرهم ؛ لأنّ الرّئة مهموزة ، وإذا بنيت منه فعلا قلت : رآه يرآه فهو مرئىّ.

وقال الأزهرى : إنّ الرِّئَةَ أصلها من وَرَى ، وهى محذوفة منه. يقال : وَرَيْتُ الرجل فهو مَوْرِيٌ ، إذا أصبت رئته. والمشهور فى الرئة الهمز.

(س) وفى حديث تزويج خديجة «نفخت فَأَوْرَيْتَ» يقال : وَرَى (٣) الزّند يَرِي ، إذا

__________________

(١) هذا قول أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.

(٢) فى الأصل : «ورى يورى» وأثبتّ ضبط ا ، واللسان ، والهروى.

(٣) ضبط فى الأصل : «ورى» وأثبته بالفتح من ا. وهو من باب وعد. وفى لغة : ورى يرى. بكسرهما. قاله فى المصباح.

١٧٨

خرجت ناره ، وأَوْرَاهُ غيره ، إذا استخرج ناره. والزّند : الوارى الذى تظهر ناره سريعة.

قال الحربى : كان ينبغى أن يقول : قدحت فَأَوْرَيْتَ.

(ه) ومنه حديث عليّ «حتى أَوْرَى قبسا لقابس» أى أظهر نورا من الحق لطالب الهدى.

(س) وفى حديث فتح أصبهان «تبعث إلى أهل البصرة فَيُوَرُّوا» هو من وَرَّيْتُ النار تَوْرِيَةً ، إذا استخرجتها. واسْتَوْرَيْتُ فلانا رأيا : سألته أن يستخرج لى رأيا.

ويحتمل أن يكون من التَّوْرِيَةِ عن الشّىء ، وهو الكناية عنه.

(ه) وفى حديث عمر «أنّ امرأة شكت إليه كدوحا فى ذراعيها من احتراش الضّباب ، فقال : لو أخذت الضّبّ فورّيته ، ثم دعوت بمكتفة (١) فأملته كان أشبع» ورّيته : أى (٢) روّغته فى الدّهن والدّسم ، من قولك : لحم وَارٍ : أى سمين.

(ه) ومنه حديث الصّدقة «وفى الشّوىّ الْوَرِيِ مسنّة» فعيل بمعنى فاعل.

(باب الواو مع الزاى)

(وزر) ـ فيه : الحمل والثّقل ، وأكثر ما يطلق فى الحديث على الذّنب والإثم. يقال : وَزَرَ يَزِرُ فهو وَازِرٌ ، إذا حمل ما يثقل ظهره من الأشياء المثقلة ومن الذنوب. وجمعه : أَوْزَارٌ.

ومنه الحديث «قد وضعت الحرب أوزارها» أى انقضى أمرها وخفّت أثقالها فلم يبق قتال.

ومنه الحديث «ارجعن مَأْزُورَاتٍ غير مأجورات (٣)» أى آثمات. وقياسه : موزورات.

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «بمكنفة» بالنون. وأثبتّه بالتاء من الهروى ، واللسان ، ومما سبق فى مادة (ثمل).

(٢) هذا شرح شمر ، كما ذكر الهروى.

(٣) فى الأصل ، وا : «مأجورات غير مأزورات» والتصحيح من المصباح ، واللسان ، والقاموس. والحديث أخرجه ابن ماجه فى (باب ما جاء فى اتباع النساء الجنائز ، من كتاب الجنائز ١ / ٥٠٣.

وجاء فى الأصل وا : «أى غير آثمات» وأسقطت «غير» ليوافق الشرح المتن.

١٧٩

يقال : وُزِرَ فهو مَوْزُورٌ. وإنما قال : مأزورات للازدواج بمأجورات. وقد تكرر فى الحديث مفردا ومجموعا.

(ه) وفى حديث السّقيفة «نحن الأمراء وأنتم الْوُزَرَاءُ» جمع وَزِير ، وهو الذى يوازره ، فيحمل عنه ما حمّله من الأثقال. والذى يلتجىء الأمير إلى رأيه وتدبيره فهو ملجأ له ومفزع.

(وزع) (ه) فيه «من يَزَعُ السّلطان أكثر ممّن يزع القرآن». أى من يكفّ عن ارتكاب العظائم مخافة السّلطان أكثر ممّن يكفّه مخافة القرآن والله تعالى. يقال : وَزَعَهُ يَزَعُهُ وَزْعاً فهو وَازِعٌ ، إذا كفّه ومنعه.

(س) ومنه الحديث «إنّ إبليس رأى جبريل عليه‌السلام يوم بدر يَزَعُ الملائكة» أى يرتّبهم ويسوّيهم ويصفّهم للحرب ، فكأنه يكفّهم عن التّفرّق والانتشار.

(س) ومنه حديث أبى بكر «إنّ المغيرة رجل وَازِعٌ» يريد أنّه صالح للتّقدّم على الجيش ، وتدبير أمرهم ، وترتيبهم فى قتالهم.

[ه] ومنه حديث أبى بكر «أنه شكى إليه بعض عمّاله ليقتصّ منه ، فقال : أقيد من وَزَعَةِ الله؟» الْوَزَعَةُ : جمع وَازِعٍ ، وهو الذى يكفّ الناس ويحبس أوّلهم على آخرهم. أراد : أقيد من الّذين يكفّون الناس عن الإقدام على الشّرّ؟.

وفى رواية «أنّ عمر قال لأبى بكر : أقصّ هذا من هذا بأنفه ، فقال : أنا لا أقصّ من وزعة الله فأمسك».

(ه) ومنه حديث الحسن لمّا ولى القضاء قال : لا بدّ للنّاس من وَزَعَةٍ» أى من يكفّ بعضهم عن بعض. يعنى السّلطان وأصحابه.

(س) وفى حديث قيس بن عاصم «لا يُوزَعُ رجل عن جمل يخطمه» أى لا يكفّ ولا يمنع.

هكذا ذكره أبو موسى فى الواو مع الزّاى. وذكره الهروى فى الواو مع الراء. وقد تقدم.

(ه) وفى حديث جابر «أردت أن أكشف عن وجه أبى لمّا قتل ، والنبىّ صلى الله عليه

١٨٠