النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

(نما) (ه) فيه «ليس بالكاذب من أصلح بين الناس ، فقال خيرا أو نَمَى خيرا» يقال : نَمَيْتُ الحديث أَنْمِيهِ ، إذا بلّغته على وجه الإصلاح وطلب الخير ، فإذا بلّغته على وجه الإفساد والنّميمة ، قلت : نَمَّيْتُهُ ، بالتشديد. هكذا قال أبو عبيد وابن قتيبة وغيرهما من العلماء.

وقال الحربى : نَمَّى مشدّدة. وأكثر المحدّثين يقولونها مخففة. وهذا لا يجوز ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يكن يلحن. ومن خفّف لزمه أن يقول : خير ، بالرفع. وهذا ليس بشيء ، فإنه ينتصب بنمى ، كما انتصب بقال ، وكلاهما على زعمه لازمان ، وإنّما نَمَى متعدّ. يقال : نَمَيْتُ الحديثَ : أى رفعته وأبلغته.

[ه] وفيه «لا تمثّلوا بنامية الله» النَّامِيَةُ : الخلق ، من نَمَى الشيء يَنْمِي ويَنْمُو ، إذا زاد وارتفع.

(س) ومنه الحديث «يَنْمِي صعدا» أى يرتفع ويزيد صعودا.

(ه) ومنه الحديث «أن رجلا أراد الخروج إلى تبوك ، فقالت له أمّه ، أو امرأته : كيف بالودىّ؟ فقال : الغزو أَنْمَى للودىّ» أى ينميه الله للغازى ، ويحسن خلافته عليه.

ومنه حديث معاوية «لبعت الفانية واشتريت النَّامِيَةَ» أى لبعت الهرمة من الإبل ، واشتريت الفتيّة منها.

(ه) وفيه «كُلْ ما أصميت ودع ما أَنْمَيْتَ» الْإِنْمَاءُ : أن ترمى الصيد فيغيب عنك فيموت ولا تراه. يقال : أَنْمَيْتُ الرّميّة فَنَمَتْ تَنْمِي ، إذا غابت ثم ماتت. وإنما نهى عنها ، لأنك لا تدرى هل ماتت برميك أو بشيء غيره.

وفيه «من ادّعى إلى غير أبيه أو انْتَمَى إلى غير مواليه» أى انتسب إليهم ومال ، وصار معروفا بهم. يقال : نَمَيْتُ الرجل إلى أبيه نَمْياً : نسبته إليه ، وانتمى هو.

(ه) وفى حديث ابن عبد العزيز «أنه طلب من امرأته نُمِّيَّةً أو نَمَامِىَ ، ليشترى به عنبا ، فلم يجدها» النُّمِّيَّةُ : الفلس ، وجمعها : نَمَامِيُ ، كذرّيّة وذرارىّ.

قال الجوهرى : النُّمِّيُ (١) : الفلس ، بالرّوميّة. وقيل (٢) : الدرهم الذى فيه رصاص أو نحاس ، الواحدة : نُمِّيَّة.

__________________

(١) الصحاح (نمم) وفيه زيادة : «بالضم».

(٢) القائل هو أبو عبيد ، كما صرح به فى الصحاح.

١٢١

(باب النون مع الواو)

(نوأ) (ه) فيه «ثلاث من أمر الجاهليّة : الطّعن فى الأنساب ، والنّياحة ، والْأَنْوَاءُ» قد تكرر ذكر «النَّوْءِ والأنواء» فى الحديث.

ومنه الحديث «مطرنا بنوء كذا».

وحديث عمر «كم بقى من نَوْءِ الثّريّا» والأنواء : هى ثمان وعشرون منزلة ، ينزل القمر كلّ ليلة فى منزلة منها. ومنه قوله تعالى (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) ويسقط فى الغرب كلّ ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر ، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت فى الشرق ، فتنقضى جميعها مع انقضاء السّنة. وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر ، وينسبونه إليها ، فيقولون : مطرنا بنوء كذا.

وإنما سمّى نوءا ؛ لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب نَاءَ الطالع بالمشرق ، يَنُوءُ نَوْءاً : أى نهض وطلع.

وقيل : أراد بِالنَّوْءِ الغروب ، وهو من الأضداد.

قال أبو عبيد : لم نسمع فى النّوء أنه السّقوط إلا فى هذا الموضع.

وإنما غلّظ النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى أمر الأنواء لأنّ العرب كانت تنسب المطر إليها. فأما من جعل المطر من فعل الله تعالى ، وأراد بقوله : «مطرنا بنوء كذا» أى فى وقت كذا ، وهو هذا النّوء الفلانى ، فإنّ ذلك جائز : أى أنّ الله قد أجرى العادة أن يأتى المطر فى هذه الأوقات.

(س) وفى حديث عثمان «أنه قال للمرأة التى ملّكت أمرها فطلّقت زوجها ، فقالت : أنت طالق ، فقال عثمان : إنّ الله خطّأ نوءها ، ألا طلّقت نفسها؟» قيل : هو دعاء عليها ، كما يقال : لا سقاه الله الغيث ، وأراد بالنّوء الذى يجىء فيه المطر.

قال الحربى : وهذا لا يشبه الدعاء ، إنما هو خبر. والذى يشبه أن يكون دعاء :

حديث ابن عباس «خطّأ الله نوءها» والمعنى فيهما : لو طلّقت نفسها لوقع الطّلاق.

١٢٢

فحيث طلّقت زوجها لم يقع ، فكانت كمن يخطئه النّوء فلا يمطر.

(س) وفى حديث الذى قتل تسعا وتسعين نفسا «فَنَاءَ بصدره» أى نهض. ويحتمل أنه بمعنى نَأَى : أى بعد. يقال : نَاءَ ونأى بمعنى.

(س) ومنه الحديث «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على من نَاوَأَهُمْ» أى ناهضهم وعاداهم. يقال : نَاوَأْتُ الرجل نِوَاءً ومُنَاوَأَةً ، إذا عاديته. وأصله من نَاءَ إليك ونُؤْتَ إليه ، إذا نهضتما.

(ه) ومنه حديث الخيل «ورجل ربطها فخرا ورياء ونِوَاءً لأهل الإسلام» أى معاداة لهم.

(نوب) (س) فى حديث خيبر «قسمها نصفين : نصفا لِنَوَائِبِهِ وحاجاته ، ونصفا بين المسلمين» النَّوَائِبُ : جمع نَائِبَة ، وهى ما ينوب الإنسان : أى ينزل به من المهمّات والحوادث. وقد نَابَهُ يَنُوبُهُ نَوْباً ، وانْتَابَهُ ، إذا قصده مرّة بعد مرّة.

ومنه حديث الدعاء «يا أرحم من انْتَابَهُ المسترحمون».

وحديث صلاة الجمعة «كان الناس يَنْتَابُونَ الجمعة من منازلهم».

(س) ومنه الحديث «احتاطوا لأهل الأموال فى النَّائِبَةِ والواطئة» أى الأضياف الذين ينوبونهم.

وفى حديث الدعاء «وإليك أَنَبْتُ» الْإِنَابَةُ : الرجوع إلى الله بالتّوبة يقال : أَنَابَ يُنِيبُ إِنَابَةً فهو مُنِيبٌ ، إذا أقبل ورجع. وقد تكرر فى الحديث.

(نوت) ـ في حديث عليّ «كأنه قلع دارىّ عنجه نُوتِيَّه» النُّوتِىُ : الملّاح الذى يدبّر السفينة فى البحر. وقد نَاتَ يَنُوتُ نَوْتاً ، إذا تمايل من النّعاس ، كأنّ النُّوتِىُ : الملّاح الذى يدبّر السفينة فى البحر. وقد نات ينوت نوتا ، إذا تمايل من النّعاس ، كأنّ النوتىّ يميل السفينة من جانب إلى جانب.

(س) ومنه حديث ابن عباس فى قوله تعالى : (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) أنهم كانوا نَوَّاتِينَ» أى ملّاحين. تفسيره فى الحديث.

(نوح) (س) فى حديث ابن سلام «لقد قلت القول العظيم يوم القيامة ، فى الخليفة

١٢٣

من بعد نُوحٍ» قيل : أراد بنوح عُمَرَ ، وذلك أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم استشار أبا بكر وعمر رضى الله عنهما فى أسارى بدر ، فأشار عليه أبو بكر بالمنّ عليهم ، وأشار عليه عمر بقتلهم ، فأقبل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على أبى بكر وقال : «إن إبراهيم كان ألين فى الله من الدّهن باللّبن (١)» وأقبل على عمر فقال : «إن نوحا كان أشدّ فى الله من الحجر» فشبّه أبا بكر بإبراهيم حين قال «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» وشبّه عمر بنوح ، حين قال : «لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً».

وأراد ابن سلام أن عثمان خليفة عمر الذى شبّه بنوح ، وأراد بيوم القيامة يوم الجمعة ، لأنّ ذلك القول كان فيه.

وعن كعب أنه رأى رجلا يظلم رجلا يوم الجمعة ، فقال : ويحك ، تظلم رجلا يوم القيامة! والقيامة تقوم يوم الجمعة. وقيل : أراد أنّ هذا القول جزاؤه عظيم يوم القيامة.

(نود) (س) فيه «لا تكونوا مثل اليهود ، إذا نشروا التّوراة نَادُوا» يقال : نَادَ يَنُودُ ، إذا حرّك رأسه وأكتافه. ونَادَ من النّعاس نَوْداً ، إذا تمايل.

(نور) ـ فى أسماء الله تعالى «النُّورُ» هو الذى يبصر بنوره ذو العماية ، ويرشد بهداه ذو الغواية. وقيل : هو الظاهر الذى به كلّ ظهور. فالظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمّى نُوراً.

وفى حديث أبى ذر «قال له ابن شقيق : لو رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كنت أسأله : هل رأيت ربّك؟ فقال : قد سألته ، فقال : نور أنّى أراه؟» أى هو نور كيف أراه (٢).

سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : ما زلت (٣) منكرا له ، وما أدرى ما وجهه.

وقال ابن خزيمة : فى القلب من صحّة هذا الخبر شيء ، فإنّ ابن شقيق لم يكن يثبت أباذر.

وقال بعض أهل العلم : النّور جسم وعرض ، والبارى جلّ وعزّ ليس بجسم ولا عرض ، وإنما

__________________

(١) فى اللسان : «اللّيّن».

(٢) انظر النووى على مسلم (باب ما جاء فى رؤية الله عزوجل ، من كتاب الإيمان).

(٣) فى اللسان : «ما رأيت».

١٢٤

المراد أن حجابه النّور. وكذا روى فى حديث أبى موسى. والمعنى : كيف أراه وحجابه النّور : أى إن النّور يمنع من رؤيته.

وفى حديث الدعاء «اللهم اجعل فى قلبى نُوراً» وباقى أعضائه (١). أراد ضياء الحقّ وبيانه ، كأنه قال : اللهمّ استعمل هذه الأعضاء منّى فى الحقّ. واجعل تصرّفى وتقلّبى فيها على سبيل الصواب والخير.

(ه) وفى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أَنْوَرُ المتجرّد» أى نيّر لون الجسم. يقال للحسن المشرق اللّون : أَنْوَر ، وهو أفعل من النور. يقال : نَارَ فهو نَيِّرٌ ، وأَنَارَ فهو مُنِيرٌ.

وفى حديث مواقيت الصلاة «أنه نَوَّرَ بالفجر» أى صلّاها وقد استنار الأفق كثيرا.

(ه) وفي حديث عليّ «نائرات الأحكام ، ومنيرات الإسلام» النَّائِرَاتُ : الواضحات البيّنات ، والْمُنِيرَات كذلك. فالأولى من نار ، والثانية من أنار ، وأنار لازم ومتعدّ.

(ه) ومنه الحديث «فرض عمر للجدّ ثم أَنَارَهَا زيد بن ثابت» أى أوضحها وبيّنها.

(ه) وفيه «لا تستضيئوا بِنَارِ المشركين» أراد بالنار هاهنا (٢) الرأى : أى لا تشاوروهم. فجعل الرأى مثلا للضّوء عند الحيرة.

(ه) وفيه «أنا برىء من كل مسلم مع مشرك ، قيل : لِمَ يا رسولَ الله؟ قال : لا تراأى ناراهما» أى لا تجتمعان بحيث تكون نار أحدهما مقابل نار الآخر.

وقيل : هو من سمة الإبل بالنار. وقد تقدّم مشروحا فى حرف الراء.

(ه) ومنه حديث صعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق «قال : وما ناراهما (٣)؟» أى ما سمتهما التى وسمتا بها ، يعنى ناقتيه الضالّتين ، فسمّيت السّمة نارا لأنها تكوى بالنار ، والسّمة : العلامة.

(س) وفيه «الناس شركاء فى ثلاثة : الماء والكلأ والنار» أراد : ليس لصاحب النار

__________________

(١) انظر صحيح مسلم (باب الدعاء فى صلاة الليل ، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها) ص ٥٣٠.

(٢) هذا شرح ابن الأعرابى ، كما ذكر الهروى.

(٣) فى الهروى ، والفائق ٣ / ١٣٣ : «وما نارهما».

١٢٥

أن يمنع من أراد أن يستضىء منها أو يقتبس.

وقيل : أراد بالنار الحجارة التى تورى النار : أى لا يمنع أحد أن يأخذ منها.

وفى حديث الإزار «وما كان أسفل من ذلك فهو فى النار» معناه أنّ ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فى النار ، عقوبة له على فعله.

وقيل : معناه أنّ صنيعه ذلك وفعله فى النار : أى أنه معدود محسوب من أفعال أهل النار.

وفيه «أنه قال لعشرة أنفس فيهم سمرة : آخركم يموت فى النار» فكان سمرة آخر العشرة موتا. قيل : إنّ سمرة أصابه كزاز شديد ، فكان لا يكاد يدفأ ، فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء ، وأوقد تحتها ، واتّخذ فوقها مجلسا ، وكان يصعد إليه بخارها فيدفئه ، فبينا هو كذلك خسفت به فحصل فى النار ، فذلك الذى قال له. والله أعلم.

(س) وفى حديث أبى هريرة «العجماء جبار ، والنار جبار» قيل : هى النار يوقدها الرجل فى ملكه ، فتطيّرها الريح إلى مال غيره فيحترق ولا يملك ردّها ، فتكون هدرا.

وقيل : الحديث غلط فيه عبد الرزّاق ، وقد تابعه عبد الملك الصّنعانى.

وقيل : هو تصحيف «البئر» ، فإنّ أهل اليمن يميلون النار فتنكسر النون ، فسمعه بعضهم على الإمالة فكتبه بالياء فقرأوه مصحّفا بالباء.

والبئر هى التى يحفرها الرجل فى ملكه أو فى موات ، فيقع فيها إنسان فيهلك ، فهو هدر.

قال الخطابى : لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون : غلط فيه عبد الرزّاق حتى وجدته لأبى داود (١) من طريق أخرى.

وفيه «فإنّ تحت البحر نارا وتحت النار بحرا» هذا تفخيم لأمر البحر وتعظيم لشأنه ، وأنّ الآفة تسرع إلى راكبه فى غالب الأمر ، كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها.

وفى حديث سجن جهنم «فتعلوهم نار الأنيار» لم أجده مشروحا ، ولكن هكذا يروى ، فإن صحّت الرواية فيحتمل أن يكون معناه نار النّيران ، فجمع النار على أَنْيَارٍ ، وأصلها : أَنْوَارٌ ، لأنها

__________________

(١) انظر سنن أبى داود (باب فى الدابة تنفح برجلها ، من كتاب الديات) ٢ / ١٦٧.

١٢٦

من الواو ، كما جاء فى ريح وعيد : أرياح وأعياد ، من الواو. والله أعلم.

(س) وفيه «كانت بينهم نَائِرَةٌ» أى فتنة حادثه وعداوة. ونار الحرب ونَائِرَتُهَا : شرّها وهيجها.

(س) وفى صفة ناقة صالح عليه‌السلام «هى أَنْوَرُ من أن تحلب» أى أنفر. والنَّوَارُ : النّفار. ونُرْتُهُ وأَنَرْتُهُ : نفّرته. وامرأة نَوَارٌ : نافرة عن الشّرّ والقبيح.

(ه) وفى حديث خزيمة «لمّا نزل تحت الشجرة أَنْوَرَتْ» أى حسنت خضرتها ، من الإنارة.

وقيل : إنها أطلعت نَوْرَهَا ، وهو زهرها. يقال : نَوَّرْتُ الشجرة وأَنَارَتْ. فأمّا أنورت فعلى الأصل.

(ه) وفيه «لعن الله من غيّر مَنَارَ الأرض» الْمَنَارُ : جمع مَنَارَة ، وهى العلامة تجعل بين الحدّين. ومَنَارُ الحرم : أعلامه التى ضربها الخليل عليه‌السلام على أقطاره ونواحيه. والميم زائدة.

ومنه حديث أبى هريرة «إنّ للإسلام صوى ومَنَاراً» أى علامات وشرائع يعرف بها.

(نوز) (ه) فى حديث عمر «أتاه رجل من مُزَيْنَةَ عام الرّمادة يشكو إليه سوء الحال ، فأعطاه ثلاثة أنياب وقال : سر ، فإذا قدمت فانحر ناقة ، ولا تكثر فى أوّل ما تطعمهم ونَوِّزْ» قال شمر : قال القعنبى : أى قلّل. قال : ولم أسمعها إلّا له. وهو ثقة.

(نوس) (ه) فى حديث أم زرع «أناس من حلى أذنىّ» كلّ شيء يتحرّك متدلّيا فقد نَاسَ يَنُوسُ نَوْساً ، وأَنَاسَهُ غيره ، تريد أنه حلّاها قرطة وشنوفا تَنُوسُ بأذنيها.

وفى حديث عمر «مرّ عليه رجل وعليه إزار يجرّه ، فقطع ما فوق الكعبين ، فكأنّى أنظر إلى الخيوط نَائِسَةً على كعبيه» أى متدلّية متحرّكة.

(ه) ومنه حديث العباس «وضفيرتاه تَنُوسَانِ على رأسه».

(س) وفى حديث ابن عمر «دخلت على حفصة ونَوْسَاتُهَا تنطف» أى ذوائبها تقطر ماء. فسمّى الذّوائب نَوْسَاتٍ ؛ لأنها تتحرّك كثيرا.

١٢٧

(نوش) (س) فيه «يقول الله : يا محمّد نَوِّشِ العلماء اليوم فى ضيافتى» التَّنْوِيشُ : للدّعوة : الوعد وتقدمته. قاله أبو موسى.

وفى حديث عليّ ، وسئل عن الوصيّة فقال : «الوصيّة نَوْشٌ بالمعروف» أى يتناول الموصى الموصى له بشيء ، من غير أن يجحف بماله. وقد نَاشَهُ يَنُوشُهُ نَوْشاً ، إذا تناوله وأخذه.

ومنه حديث قتيلة أخت النضر بن الحارث :

ظلّت سيوف بنى أبيه تنوشه

لله أرحام هناك تشقّق

أى تتناوله وتأخذه.

(س) ومنه حديث قيس بن عاصم «كنت أُنَاوِشُهُمْ وأهاوشهم فى الجاهلية» أى أقاتلهم. والْمُنَاوَشَةُ فى القتال : تدانى الفريقين ، وأخذ بعضهم بعضا.

وحديث عبد الملك «لمّا أراد الخروج إلى مصعب بن الزّبير نَاشَتْ به امرأته وبكت فبكت جواريها» أى تعلّقت به.

وفى حديث عائشة تصف أباها «فَانْتَاشَ الدّين بنعشه» أى استدركه واستنقذه وتناوله ، وأخذه من مهواته ، وقد يهمز ، من النَّئِيشِ وهو حركة فى إبطاء. يقال : نَأَشْتُ الأمر أَنْأَشُهُ نَأْشاً فَانْتَأَشَ. والأول الوجه

(نوط) (ه) فيه «أهدوا له نَوْطاً من تعضوض» النَّوْطُ : الجلّة الصغيرة التى يكون فيها التّمر.

ومنه حديث وفد عبد القيس «أطعمنا من بقيّة القوس الذى فى نوطك».

(ه) وفيه «اجعل لنا ذات أَنْوَاطٍ» هى اسم شجرة بعينها كانت للمشركين يَنُوطُونَ بها سلاحهم : أى يعلّقونه بها ، ويعكفون حولها ، فسألوه أن يجعل لهم مثلها ، فنهاهم عن ذلك.

وأَنْوَاط : جمع نَوْطٍ ، وهو مصدر سمّى به الْمَنُوط.

(س) ومنه حديث عمر «أنه أتى بمال كثير ، فقال : إنى لأحسبكم قد أهلكتم الناس ، فقالوا : والله ما أخذناه إلّا عفوا ، بلا سوط ولا نَوْطٍ» أى بلا ضرب ولا تعليق.

ومنه حديث عليّ «المتعلّق بها كَالنَّوْطِ المذبذب» أراد ما يناط برحل الراكب من

١٢٨

قعب أو غيره ، فهو أبدا يتحرّك.

(س) وفيه «أرى اللّيلة رجل صالح أن أبا بكر نِيطَ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى علّق ، يقال : نُطْتُ هذا الأمر به أَنُوطُهُ ، وقد نيط به فهو مَنُوطٌ.

وفيه «بعير له قد نيط» يقال : نِيطَ الجمل ، فهو منوط ، إذا أصابه النَّوْطُ ، وهى غدّة تصيبه فى بطنه فتقتله.

(نوق) (ه) فيه «أنّ رجلا سار معه على جمل قد نَوَّقَهُ وخيّسه» الْمُنَوَّقُ : المذلّل ، وهو من لفظ النَّاقَةِ ، كأنه أذهب شدّة ذكورته ، وجعله كالناقة المروضة المنقادة.

ومنه حديث عمران بن حصين «وهى ناقة مُنَوَّقَةٌ».

(س) وفى حديث أبى هريرة «فوجد أينقه» الْأَيْنُقْ : جمع قلّة لناقة ، وأصله : أنوق ، فقلب وأبدل واوه ياء.

وقيل : هو على حذف العين وزيادة الياء عوضا عنها ، فوزنه على الأوّل : أعفل ؛ لأنه قدّم العين ، وعلى الثانى : أيفل ؛ لأنه حذف العين.

(نوك) (س) فى حديث الضّحّاك «إنّ قصّاصكم نَوْكَى» أى حمقى ، جمع أَنْوَك. والنُّوكُ بالضم : الحمق.

(نول) [ه] فى حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «حملوهما فى السفينة بغير نَوْلٍ» أى بغير أجر ولا جعل ، وهو مصدر نَالَهُ يَنُولُهُ ، إذا أعطاه.

ومنه الحديث «ما نَوْلُ امرىء مسلم أن يقول غير الصواب ، أو أن يقول ما لا يعلم» أى ما ينبغى له وما حظّه أن يقول.

ومنه قولهم «ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا».

(نوم) (س) فيه «أنزلت عليك كتابا تقرؤه نَائِماً ويقظان» أى تقرؤه حفظا فى كل حال عن قلبك.

وقد تقدّم مبسوطا فى حرف الغين مع السين.

(س) وفى حديث عمران بن حصين رضى الله عنه «صلّ قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ،

١٢٩

فإن لم تستطع فنائما» أراد به الاضطجاع. ويدلّ عليه الحديث الآخر «فإن لم تستطع فعلى جنب».

وقيل : نائما : تصحيف ، وإنما أراد قائما. أى بالإشارة ، كالصّلاة عند التحام القتال ، وعلى ظهر الدّابة.

وفى حديثه الآخر «من صلّى نَائِماً فله نصف أجر القاعد» قال الخطّابى (١) : لا أعلم أنّى سمعت صلاة النائم إلّا فى هذا الحديث ، ولا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخّص فى صلاة التّطوّع نائما ، كما رخّص فيها قاعدا ، فإن صحّت هذه الرواية ، ولم يكن أحد الرّواة أدرجه فى الحديث ، وقاسه على صلاة القاعد وصلاة المريض إذا لم يقدر على القعود ، فتكون صلاة المتطوّع القادر نائما جائزة ، والله أعلم.

هكذا قال فى «معالم السّنن». وعاد قال فى «أعلام السّنّة» : كنت تأوّلت هذا الحديث فى كتاب «المعالم» على أن المراد به صلاة التطوّع ، إلّا أنّ قوله «نائما» يفسد هذا التأويل ، لأن المضطجع لا يصلىّ التطوّع كما يصلى القاعد ، فرأيت الآن أنّ المراد به المريض المفترض الذى يمكنه أن يتحامل فيقعد مع مشّقة ، فجعل أجره ضعف أجره إذا صلّى نائما ، ترغيبا له فى القعود مع جواز صلاته نائما ، وكذلك جعل صلاته إذا تحامل وقام مع مشقّة ضعف صلاته إذا صلّى قاعدا مع الجواز. والله أعلم.

وفى حديث بلال والأذان «عد وقل : ألا إنّ العبد نَامَ ، ألا إنّ العبد نام» أراد بِالنَّوْمِ الغفلة عن وقت الأذان. يقال : نَامَ فلان عن حاجتى ، إذا غفل عنها ولم يقم بها.

وقيل : معناه أنه قد عاد لنومه ، إذا كان عليه بعد وقت من الليل ، فأراد أن يعلم الناس بذلك ، لئلّا ينزعجوا من نومهم بسماع أذانه.

(س) وفى حديث سلمة «فَنَوَّمُوا» هو مبالغة فى ناموا.

وفى حديث حذيفة وغزوة الخندق «فلما أصبحت قال : قم يا نَوْمَانُ» هو الكثير النّوم وأكثر ما يستعمل فى النّداء.

ومنه حديث عبد الله بن جعفر «قال للحسين ورأى ناقته قائمة على زمامها بالعرج ، وكان مريضا :

__________________

(١) انظر معالم السنن ١ / ٢٢٥.

١٣٠

أيّها النَّوْمُ. وظنّ أنه نائم ، وإذا هو مثبت وجعا» أراد أيّها النائم ، فوضع المصدر موضعه ، كما يقال : رجل صوم : أى صائم.

(ه) وفي حديث عليّ «أنه ذكر آخر الزّمان والفتن ، ثم قال : خير أهل ذلك الزمان كلّ مؤمن نُوَمَةٍ» النُّوَمَةُ ، بوزن الهمزة : الخامل الذّكر الذى لا يؤبه له.

وقيل : الغامض فى الناس الذى لا يعرف الشّر وأهله.

وقيل : النُّوَمَةُ بالتحريك : الكثير النّوم. وأما الخامل الذى لا يؤبه له ، فهو بالتّسكين.

ومن الأول :

(ه) حديث ابن عباس «أنه قال لعليّ : ما النُّوَمَةُ؟ قال : الذى يسكت فى الفتنة ، فلا يبدو منه شيء».

(ه) وفي حديث عليّ «دخل علىّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا على المنامة» هى هاهنا الدّكّان التى ينام عليها ، وفى غير هذا هى القطيفة ، والميم الأولى زائدة.

وفى حديث غزوة الفتح «فما أشرف لهم يومئذ أحد إلا أَنَامُوهُ» أى قتلوه. يقال : نَامَتِ الشاة وغيرها ، إذا ماتت ، والنَّائِمَةُ : الميّتة.

(ه) ومنه حديث عليّ «حثّ على قتال الخوارج فقال : إذا رأيتموهم فَأَنِيمُوهُمْ».

(نون) (ه) فى حديث موسى والخضر عليهما‌السلام «خذ نُوناً ميّتا» أى حوتا ، وجمعه : نِينَانٌ ، وأصله : نونان ، فقلبت الواو ياء ، لكسرة النون.

ومنه حديث إدام أهل الجنة «هو بالام والنُّونُ».

وحديث عليّ «يعلم اختلاف النِّينَانِ فى البحار الغامرات».

(ه) وفى حديث عثمان «أنه رأى صبيّا مليحا ، فقال : دسّموا نُونَتَهُ ؛ كى لا تصيبه العين» أى سوّدوها. وهى النّقرة التى تكون فى الذّقن.

(نوه) (س) فى حديث الزبير «أنه نوّه به عليّ» أى شهّره وعرّفه.

(نوا) (ه) فى حديث عبد الرحمن بن عوف «تزوّجت امرأة من الأنصار على نَوَاةٍ من ذهب» النَّوَاةُ : اسم لخمسة دراهم ، كما قيل للأربعين : أوقيّة ، وللعشرين : نشّ.

١٣١

وقيل : أراد قدر نَوَاةٍ من ذهب كان قيمتها خمسة دراهم ، ولم يكن ثمّ ذهب. وأنكره أبو عبيد.

قال الأزهرى : لفظ الحديث يدل على أنه تزوّج المرأة على ذهب قيمته خمسة دراهم ، ألا تراه : قال «نَوَاةٌ من ذهب» ولست أدرى لم أنكره أبو عبيد.

والنَّوَاةُ فى الأصل : عجمة التمرة.

ومنه حديثه الآخر «أنه أودع المطعم بن عدىّ جبجبة فيها نَوًى من ذهب» أى قطع من ذهب كالنّوى ، وزن القطعة خمسة دراهم.

(س) وفى حديث عمر «أنه لقط نَوَيَاتٍ من الطريق ، فأمسكها بيده ، حتى مرّ بدار قوم فألقاها فيها وقال : تأكله داجنتهم» هى جمع قلة لنواة التّمرة. والنَّوَى : جمع كثرة.

(ه) وفى حديث عليّ وحمزة :

* ألا يا حمز للشّرف النّواء *

النِّوَاءُ : السّمان. وقد نَوَتِ الناقة تَنْوِي فهى نَاوِيَةٌ.

وفى حديث الخيل «ورجل ربطها رياء ونِوَاءً» أى معاداة لأهل الإسلام.

وأصلها الهمز (١) ، وقد تقدّمت.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «ومن يَنْوِ الدنيا تعجزه» أى من يسع لها يخب. يقال : نَوَيْتُ الشىء ، إذا جددت فى طلبه. والنَّوَى : البُعد.

(ه) وفى حديث عروة فى المرأة البدويّة يتوفّى (٢) عنها زوجها «أنها تَنْتَوِي حيث انْتَوَى أهلها» أى تنتقل وتتحوّل.

__________________

(١) فى الأصل : «الهمزة» والمثبت من ا ، واللسان.

(٢) فى الأصل : «التى توفّى» والمثبت من ا ، واللسان ، والفائق ٣ / ١٣٦.

١٣٢

(باب النون مع الهاء)

(نهب) (س) فيه «ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذات شرف يرفع الناس إليها أبصارهم وهو مؤمن» النَّهْبُ : الغارة والسّلب : أى لا يختلس شيئا له قيمة عالية.

(س) ومنه الحديث «فأتى بِنَهْبٍ» أى غنيمة. يقال : نَهَبْتُ أَنْهَبُ نَهْباً.

(س) ومنه الحديث «أنه نثر شيء فى إملاك ، فلم يأخذوه ، فقال : ما لكم لا تَنْتَهِبُونَ؟ قالوا : أوليس قد نهيت عن النُّهْبَى؟ فقال : إنما نهيت عن نُهْبَى العساكر ، فَانْتَهَبُوا» النُّهْبَى : بمعنى النَّهْبِ ، كالنّحلى والنّحل ، للعطيّة. وقد يكون اسم ما يُنْهَبُ ، كالعمرى والرّقبى.

(س) ومنه حديث أبى بكر «أحرزت نَهْبِي وأبتغى النّوافل» أى قضيت ما علىّ من الوتر قبل أن أنام ، لئلّا يفوتنى ، فإن انتبهت تنفّلت بالصلاة ، والنَّهْبُ هاهنا بمعنى الْمَنْهُوبِ ، تسمية بالمصدر.

(س) ومنه شعر العباس بن مرداس :

أتجعل نهبى ونهب العبيد

بين عيينة والأقرع

عبيد مصغّر : اسم فرسه ، وجمع النّهب : نهاب ونهوب.

(س) ومنه شعر العباس أيضا :

كانت نهابا تلافيتها

بكرّى على المهر بالأجرع

(نهبر) (س) فيه «لا تتزوّجنّ نَهْبَرَةً» أى طويلة مهزولة.

وقيل : هى التى أشرفت على الهلاك ، من النَّهَابِرِ : المهالك. وأصلها : حبال من رمل صعبة المرتقى.

(ه) ومنه الحديث «من أصاب مالا من نهاوش (١) أذهبه الله فى نَهَابِرَ» أى فى مهالك

__________________

(١) فى ا ، والهروى : «مهاوش» والمثبت فى الأصل ، واللسان. وهما روايتان. انظر (نهش) و (هوش).

١٣٣

وأمور متبدّدة. يقال : غشيت بى النَّهَابِيرُ : أى حملتنى على أمور شديدة صعبة ، وواحد النّهابير : نُهْبُورٌ. والنَّهَابِرُ مقصور منه ، وكأنّ واحده نَهْبَرْ.

(ه) ومنه حديث عمرو بن العاص «أنه قال لعثمان : ركبت بهذه الأمّة نَهَابِيرَ من الأمور فركبوها منك ، وملت بهم ، فمالوا بك ، اعدل أو اعتزل».

(نهت) (ه) فيه «أريت الشّيطان ، فرأيته يَنْهِتُ كما يَنْهِتُ القرد» أى يصوّت. والنَّهِيتُ : صوت يخرج من الصّدر شبيه بالزّحير.

(نهج) (ه) فى حديث قدوم المستضعفين بمكة «فَنَهِجَ بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى قضى» النَّهْجُ بالتحريك ، والنَّهِيجُ : الرّبو وتواتر النّفس من شدّة الحركة أو فعل متعب. وقد نَهِجَ بالكسر يَنْهَجُ ، وأَنْهَجَهُ غيره ، وأَنْهَجْتُ الدابّة ، إذا سرت عليها حتى انبهرت.

ومنه الحديث «أنه رأى رجلا يَنْهَجُ» أى يربو من السّمن ويلهث.

(ه) ومنه حديث عمر «فضربه حتى أُنْهِجَ» أى وقع عليه الرّبو ، يعنى عمر.

(ه) ومنه حديث عائشة «فقادنى وإنى لَأَنْهَجُ» وقد تكرر فى الحديث.

(ه) وفى حديث العباس «لم يمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى ترككم على طريق ناهجة»

أى واضحة بيّنة. وقد نَهَجَ الأمرُ وأَنْهَجَ ، إذا وضح. والنَّهْجُ : الطريق المستقيم.

(س) وفى شعر مازن :

حتى آذن الجسم بالنّهج

أى بالبلى وقد نَهِجَ الثّوب والجسم ، وأَنْهَجَ ، إذا بلى ، وأَنْهَجَهُ البلى ، إذا أخلقه.

(نهد) (ه) فيه «أنه كان يَنْهَدُ إلى عدوّه حين تزول الشمس» أى ينهض. ونَهَدَ القوم لعدوّهم ، إذا صمدوا له وشرعوا فى قتاله.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «أنه دخل المسجد فَنَهَدَ الناس يسألونه» أى نهضوا.

١٣٤

(س) ومنه حديث هوازن «ولا ثديها بِنَاهِدٍ» أى مرتفع. يقال : نَهَدَ الثّدى ، إذا ارتفع عن الصدر ، وصار له حجم.

(ه) وفى حديث دار النّدوة وإبليس «نأخذ من كلّ قبيلة شابّا نَهْداً» أى قويّا ضخما.

ومنه حديث الأعرابى :

يا خير من يمشى بنعل فرد

وهبة (١) لنهدة ونهد

 النَّهْدُ : الفرس الضّخم القوىّ ، والأنثى : نَهْدَةً.

(ه) وفى حديث الحسن «أخرجوا نِهْدَكُمْ ، فإنه أعظم للبركة وأحسن لأخلاقكم» النِّهْدُ ، بالكسر : ما تخرجه الرّفقة عند الْمُنَاهَدَةِ إلى العدوّ ، وهو أن يقسموا نفقتهم بينهم بالسّويّة حتى لا يتغابنوا ، ولا يكون لأحدهم على الآخر فضل ومنّة.

(نهر) ـ فيه «أَنْهِرُوا الدّم بما شئتم إلا الظّفر والسنّ».

(ه) وفى حديث آخر «ما أَنْهَرَ الدّم فكل» الْإِنْهَارُ : الإسالة والصّبّ بكثرة ، شبّه خروج الدّم من موضع الذّبح بجرى الماء فى النَّهْرِ. وإنما نهى عن السنّ والظّفر ؛ لأنّ من تعرّض للذّبح بهما خنق المذبوح ، ولم يقطع حلقه.

وفيه «نَهْرَانِ مؤمنان ونهران كافران ، فالمؤمنان : النّيل والفرات ، والكافران : دجلة ونهر بلخ». وقد تقدّم معنى الحديث فى الهمزة.

(ه) وفى حديث ابن أنيس «فأتوا مَنْهَراً فاختبأوا فيه» وقد تقدّم هو وغيره فى الميم.

(نهز) (ه) فيه «أنّ رجلا اشترى من مال يتامى خمرا ، فلما نزل التحريم أتى النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرّفه ، فقال : أهرقها ، وكان المال نَهْزَ عشرة آلاف» أى قربها. وهو من نَاهَزَ الصبىُّ البلوغَ ، إذا داناه. وحقيقته : كان ذا نَهْزٍ.

(س) ومنه حديث ابن عباس «وقد نَاهَزْتُ الاحتلام» والنُّهْزَةُ : الفرصة. وانْتَهَزْتُهَا : اغتنمتها. وفلان نُهْزَةُ المختلس.

__________________

(١) انظر مادة (فرد).

١٣٥

(ه) ومنه حديث أبى الدّحداح.

وانْتَهَزَ الحقّ (١) إذا الحقّ وضح

أى قبله وأسرع إلى تناوله.

وحديث أبى الأسود «وإن دعى انْتَهَزَ».

(س) وحديث عمر «أتاه الجارود وابن سيّار يَتَنَاهَزَانِ إمارة» أى يتبادران إلى طلبها وتناولها.

(س) وحديث أبى هريرة «سيجد أحدكم امرأته قد ملأت عكمها من وبر الإبل ، فَلْيُنَاهِزْهَا ، وليقتطع ، وليرسل إلى جاره الذى لا وبر له» أى يبادرها ويسابقها إليه.

(س) وفيه «من توضّأ ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلّا الصّلاة غفر له ما خلا من ذنبه» النَّهْزُ : الدّفع. يقال : نَهَزْتُ الرجل أَنْهَزُهُ ، إذا دفعته ، ونَهَزَ رأسه ، إذا حرّكه.

(ه) ومنه حديث عمر «من أتى هذا البيت ولا يَنْهَزُهُ إليه غيره رجع وقد غفر له» يريد أنه من خرج إلى المسجد أو حجّ ، ولم ينو بخروجه غير الصلاة والحجّ من أمور الدّنيا.

(س) ومنه الحديث «أنه نَهَزَ راحلته» أى دفعها فى السّير.

(ه) ومنه حديث عطاء «أو مصدور ينهز قيحا» أى يقذفه. يقال : نَهَزَ الرجل ، إذا مدّ عنقه وناء بصدره ليتهوّع. والمصدور : الذى بصدره وجع.

(نهس) (ه س) فى صفته صلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان مَنْهُوسَ الكعبين (٢)» أى لحمهما قليل. والنَّهْسُ : أخذ اللّحم بأطراف الأسنان. والنّهش : الأخذ بجميعها.

ويروى «مَنْهُوس القدمين» وبالشين أيضا.

(س) ومنه الحديث «أنه أخذ عظما فَنَهَسَ ما عليه من اللّحم» أى أخذه بفيه. وقد تكرر فى الحديث.

(س) وفى حديث زيد بن ثابت «رأى شرحبيل وقد صاد نُهَساً بالأسواف» النُّهَسُ :

__________________

(١) فى الهروى : «الحظّ» ولم ينشد المصراع كله.

(٢) أخرجه الهروى فى (نهش) «منهوش القدمين» قال : «وروى «منهوس العقبين» بالسين غير معجمة ، أى قليل لحمها».

١٣٦

طائر يشبه الصّرد ، يديم تحريك رأسه وذنبه ، يصطاد العصافير ويأوى إلى المقابر.

والأسواف : موضع بالمدينة.

(نهش) س [ه] فيه «لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الْمُنْتَهِشَةُ والحالقة» هى (١) التى تخمش وجهها عند المصيبة ، فتأخذ لحمه بأظفارها.

(س) ومنه الحديث «وانْتَهَشَتْ أعضادنا» أى هزلت. والْمَنْهُوشُ : المهزول المجهود (٢).

وفيه «من جمع مالا من نَهَاوِشَ» هكذا جاء فى رواية بالنّون ، وهى المظالم ، من قولهم : نَهَشَهُ ، إذا جهده ، فهو مَنْهُوشٌ. ويجوز أن يكون من الْهَوْشِ : الخلط ، ويقضى بزيادة النّون ، ويكون نظير قولهم : تباذير ، وتخاريب ، من التّبذير والخراب.

(نهق) (س) فى حديث جابر «فنزعنا فيه حتى أَنْهَقْنَاهُ» يعنى فى الحوض. هكذا جاء فى رواية بالنّون ، وهو غلط ، والصواب بالفاء. وقد تقدّم.

(نهك) (ه) فيه «غير مضرّ بنسل ، ولا نَاهِكٍ فى الحلب» أى غير مبالغ فيه. يقال : نَهَكْتُ النّاقة حلبا أَنْهَكُهَا ، إذا لم تبق فى ضرعها لبنا.

(ه) ومنه الحديث «لِيَنْهَكِ الرجلُ ما بين أصابعه أو لتنهكنّه النار» أى ليبالغ فى غسل ما بينها فى الوضوء ، أو لتبالغنّ النّار فى إحراقه.

والحديث الآخر «انْهَكُوا الأعقاب أو لتنهكنّها النار».

وحديث الخلوق «اذهب فَانْهَكْهُ» قاله ثلاثا ، أى بالغ فى غسله.

(ه) وحديث الخافضة «قال لها : أشمّى ولا تَنْهَكِي» أى لا تبالغى فى استقصاء الختان.

(ه) وحديث يزيد بن شجرة «انْهَكُوا وجوه القوم» أى ابلغوا جهدكم فى قتالهم.

وفى حديث ابن عباس «إنّ قوما قتلوا فأكثروا ، وزنوا وانْتَهَكُوا» أى بالغوا فى خرق محارم الشّرع وإتيانها.

__________________

(١) هذا شرح القتيبى ، كما ذكر الهروى.

(٢) فى الأصل : «والمجهود» والمثبت من ا ، واللسان.

١٣٧

وحديث أبى هريرة «تُنْتَهَكُ ذمّة الله وذمّة رسوله» يريد نقض العهد ، والغدر بالمعاهد.

(ه) وفى حديث محمد بن مسلمة «كان من أَنْهَكِ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» أى من أشجعهم. ورجل نَهِيكٌ : أى شجاع.

(نهل) (ه) فى حديث الحوض «لا يظمأ والله نَاهِلُهُ» النَّاهِلُ : الرّيّان والعطشان ، فهو من الأضداد. وقد نَهِلَ يَنْهَلُ نَهَلاً ، إذا شرب. يريد من رَوِىَ منه لم يعطش بعده أبدا.

(ه) وفى حديث الدّجال «أنه يرد كلّ مَنْهَلٍ» الْمَنْهَلُ من المياه : كلّ ما يطؤه الطريق ، وما كان على غير الطّريق لا يدعى منهلا ، ولكن يضاف إلى موضعه ، أو إلى من هو مختصّ به ، فيقال : منهل بنى فلان : أى مشربهم وموضع نهلهم.

وفى قصيد كعب بن زهير :

* كأنّه منهل بالرّاح معلول *

أى مسقىّ بالرّاح. يقال : أَنْهَلْتُهُ فهو مُنْهَلٌ ، بضم الميم.

(س) وفى حديث معاوية «النُّهُلُ الشّروع» هو جمع نَاهِلٍ وشارع : أى الإبل العطاش الشّارعة فى الماء.

(نهم) ـ فيه «إذا قضى أحدكم نَهْمَتَهُ من سفره فليعجّل إلى أهله» النَّهْمَةُ : بلوغ الهمّة فى الشيء.

ومنه «النَّهَمُ من الجوع».

ومنه الحديث «مَنْهُومَانِ لا يشبعان : طالب علم وطالب دنيا».

(ه) وفى حديث إسلام عمر «قال : تبعته ، فلمّا سمع حسّى ظنّ أنى إنما تبعته لأوذيه فَنَهَمَنِي وقال : ما جاء بك هذه السّاعة؟» أى زجرنى وصاح بى. يقال : نَهَمَ الإبل ، إذا زجرها وصاح بها لتمضى.

[ه] ومنه حديث عمر «قيل له : إنّ خالد بن الوليد نَهَمَ ابنَك فَانْتَهَمَ» أى زجره فانزجر.

١٣٨

(س) وفيه «أنه وفد عليه حىّ من العرب ، فقال : بنو من أنتم؟ فقالوا : بنو نهم. فقال : نهم شيطان ، أنتم بنو عبد الله».

(نهنه) ـ فى حديث وائل «لقد ابتدرها اثنا عشر ملكا ، فما نَهْنَهَهَا شيء دون العرش» أى ما منعها وكفّها عن الوصول إليه.

(نها) ـ فيه «ليلنى (١) منكم أولو الأحلام والنُّهَى» هى العقول والألباب ، واحدتها نُهْيَة ، بالضّم ؛ سمّيت بذلك لأنها تَنْهَى صاحبها عن القبيح.

ومنه حديث أبى وائل «لقد علمت أن التّقىّ ذو نُهْيَة» أى ذو عقل.

ومنه الحديث «فَتَنَاهَى ابن صيّاد» قيل : هو تفاعل ، من النّهى : العقل : أى رجع إليه عقله ، وتنبّه من غفلته.

وقيل : هو من الِانْتِهَاءِ : أى انتهى عن زمزمته.

وفى حديث قيام الليل «هو قربة إلى الله ، ومَنْهَاةٌ عن الآثام» أى حالة من شأنها أن تنهى عن الإثم ، أو هى مكان مختصّ بذلك. وهى مفعلة من النّهى. والميم زائدة.

(ه) وفيه «قلت : يا رسول الله ، هل من ساعة أقرب إلى الله؟ قال : نعم ، جوف الليل الآخر ، فصلّ حتى تصبح ثم أنهه حتّى تطلع الشمس» قوله «أَنْهِهِ» بمعنى انْتَهِ. وقد أَنْهَى الرجل ، إذا انتهى ، فإذا أمرت قلت : أَنْهِهْ ، فتزيد الهاء للسّكت. كقوله تعالى (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) فأجرى الوصل مجرى الوقف.

وفى حديث ذكر «سِدْرَةِ الْمُنْتَهى» أى ينتهى ويبلغ بالوصول إليها ، ولا يتجاوزها علم الخلائق ، من البشر والملائكة ، أو لا يتجاوزها أحد من الملائكة والرسل ، وهو (٢) مفتعل ، من النِّهَايَةُ : الغاية.

(ه) وفيه «أنه أتى على نِهْىٍ من ماء» النِّهْىُ ، بالكسر والفتح : الغدير ، وكلّ موضع يجتمع فيه الماء. وجمعه : أَنْهَاءٌ ونِهَاءٌ (٣).

__________________

(١) فى الأصل ، وا ، واللسان : «ليلينى» مع تشديد النون فى اللسان فقط. وهو جائز على التوكيد. انظر النووى ٤ / ١٥٤ ، وانظر حواشى ص ٤٣٤ من الجزء الأول.

(٢) فى الأصل : «هو» وما أثبت من : ا ، واللسان.

(٣) زاد فى القاموس : «أنه ، ونهىّ».

١٣٩

ومنه حديث ابن مسعود «لو مررت على نهى نصفه ماء ونصفه دم لشربت منه وتوضّأت» وقد تكرر فى الحديث.

(باب النون مع الياء)

(نيأ) (س) فيه «نهى عن أكل النَّىْءِ» هو الذى لم يطبخ ، أو طبخ أدنى طبخ ولم ينضج. يقال : نَاءَ اللّحم يَنِيءُ نَيْئاً ، بوزن ناع ينيع نيعا ، فهو نِيءٌ ، بالكسر ، كنيع. هذا هو الأصل. وقد يترك الهمز ويقلب ياء فيقال : نِىٌ ، مشدّدا.

ومنه حديث الثّوم «لا أراه إلّا نِيَّهُ (١)».

(نيب) (ه) فيه «لهم من الصّدقة الثِّلْبُ والنَّابُ» هى الناقة الهرمة التى طال نَابُهَا : أى سِنّها. وألفه منقلبة عن الياء ، لقولهم فى جمعه : أَنْيَابٌ.

(س) ومنه حديث عمر «أعطاه ثلاثة أنياب جزائر».

(ه) ومنه الحديث «أنه قال لقيس بن عاصم : كيف أنت عند القرى؟ قال : ألصق بالنّاب الفانية».

(س) وفى حديث زيد بن ثابت «أنّ ذئبا نَيَّبَ فى شاة فذبحوها بمروة» أى أنشب أنيابه فيها. والنَّابُ : السنّ التى خلف الرّباعية.

(نيح) (ه) فيه «لا نَيَّحَ الله عظامه» أى لا صلّبها ولا شدّ منها (٢). يقال : نَاحَ العظم يَنِيحُ نَيْحاً ، إذا صلب واشتدّ.

(نير) ـ فى حديث عمر «أنه كره النِّيرَ» وهو العلم فى الثّوب. يقال : نِرْتُ الثّوب ، وأَنَرْتُهُ ، ونَيَّرْتُهُ ، إذا جعلت له علما.

(ه) ومنه حديث ابن عمر «لو لا أنّ عمر كره النّير لم نر بالعلم بأسا».

(نيزك) ـ فى حديث ابن ذى يزن :

* لا يضجرون وإن كلّت نَيَازِكُهُمْ *

__________________

(١) ضبط فى الأصل ، وا بضم الياء.

(٢) فى الهروى : «ولا شدّدها».

١٤٠