النّهاية - ج ٥

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]

النّهاية - ج ٥

المؤلف:

مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري [ ابن الأثير ]


المحقق: محمود محمد الطناجي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة اسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٤
الصفحات: ٤٩٨

(ه) وفى حديث محمد بن كعب «قال لعمر بن عبد العزيز ، حين استخلف ، فرآه شعثا ، فأدام النّظر إليه ، فقال له : ما لك تديم النّظر إلىّ؟ فقال : انظر إلى ما نفى من شعرك ، وحال من لونك» أى ذهب وتساقط. يقال : نَفَى شعره يَنْفِى نَفْياً ، وانْتَفَى ، إذا تساقط. وكان عمر قبل الخلافة منعّما مترفا ، فلما استخلف شعث وتقشّف.

وفيه «المدينة كالكير تنفى خبثها» أى تخرجه عنها ، وهو من النّفى : الإبعاد عن البلد. يقال : نَفَيْتُهُ أَنْفِيهِ نَفْياً ، إذا أخرجته من البلد وطردته.

وقد تكرر ذكر «النّفى» فى الحديث.

(باب النون مع القاف)

(نقب) ـ فى حديث عبادة بن الصامت «وكان من النّقباء» النُّقَبَاءُ : جمع نَقِيب ، وهو كالعريف على القوم المقدّم عليهم ، الذى يتعرّف أخبارهم ، ويُنَقِّبُ عن أحوالهم : أى يفتّش. وكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد جعل ليلة العقبة كلّ واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبا على قومه وجماعته ، ليأخذوا عليهم الإسلام ، ويعرّفوهم شرائطه. وكانوا اثنى عشر نقيبا كلّهم من الأنصار. وكان عبادة بن الصّامت منهم.

وقد تكرر ذكره فى الحديث مفردا ومجموعا.

(س) ومنه الحديث «إنى لم أومر أن أُنَقِّبَ عن قلوب الناس» أى أفتّش وأكشف.

(ه) والحديث الآخر «من سأل عن شيء فَنَقَّبَ عنه».

[ه] وفيه «أنه قال : لا يعدى شيء شيئا ، فقال له أعرابى : يا رسول الله ، إنّ النُّقْبَةَ تكون بمشفر البعير أو بذنبه فى الإبل العظيمة فتجرب كلّها ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : فما أجرب الأوّل؟» النُّقْبَةُ : أوّل شيء يظهر من الجرب ، وجمعها : نُقْبٌ ، بسكون القاف ، لأنها تَنْقُبُ الجلد : أى تخرقه.

ومنه حديث عمر «أتاه أعرابىّ فقال : إنى على ناقة دبراء عجفاء نَقْبَاءَ ، واستحمله ، فظنّه كاذبا ، فلم يحمله ، فانطلق وهو يقول :

١٠١

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها من نقب ولا دبر

أراد بَالنَّقَبِ هاهنا رقّة الأخفاف. وقد نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ ، فهو نَقِبٌ.

(س) ومنه حديثه الآخر «أنه قال لامرأة حاجّة : أَنْقَبْتِ وأدبرت» أى نَقِبَ بعيرك ودَبِرَ.

ومنه حديث عليّ «وليستأن بالنّقب والضالع» أى يرفق بهما. ويجوز أن يكون من الجرب.

ومنه حديث أبى موسى «فَنَقِبَتْ أقدامنا» أى رقّت جلودها ، وتنفّطت من المشى.

(ه) وفيه «لا شفعة فى فناء ولا طريق ولا مَنْقَبَةٍ» هى الطّريق بين الدارين ، كأنه نَقْبٌ من هذه إلى هذه. وقيل : هو الطريق الذى يعلو أنشاز الأرض.

(ه) ومنه الحديث «أنهم فزعوا من الطّاعون فقال : أرجو ألّا يَطْلُعَ إلينا نقابها (١)» هى جمع نقب ، وهو الطريق بين الحبلين. أراد أنه لا يطلع إلينا من طرق المدينة ، فأضمر عن غير مذكور.

ومنه الحديث «على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدّجال» وهو جمع قلّة لِلنَّقْبِ.

(س) وفى حديث مجدىّ بن عمرو «أنه ميمون النَّقِيبَةِ» أى منجّح الفعال ، مظفّر المطالب. والنَّقِيبَةُ : النّفس. وقيل : الطّبيعة والخليقة.

(س) وفى حديث أبى بكر «أنه اشتكى عينه فكره أن يَنْقُبَهَا» نَقْبُ العين : هو الذى يسمّيه الأطبّاء القدح ، وهو معالجة الماء الأسود الذى يحدث فى العين. وأصله أن ينقر البيطار حافر الدّابة ليخرج منه ما دخل فيه.

(ه) وفى حديث عمر «ألبستنا أمّنا نُقْبَتَهَا» هى السّراويل التى تكون لها حجزة من غير نيفق (٢) ، فإذا كان لها نيفق فهى سراويل.

__________________

(١) ضبط فى الأصل : «نقابها» بالضم. وضبطته بالفتح من الهروى واللسان.

(٢) قال فى القاموس : «ونيفق السراويل ، بالفتح : الموضع المتّسع منه». ويقال فيه : نئفق. انظر الجمهرة ٣ / ١٥٥ ، والمعرب ص ٣٣٣

١٠٢

(س) وفى حديث ابن عمر «أنّ مولاة امرأة اختلعت من كلّ شيء لها وكلّ ثوب عليها ، حتى نُقْبَتِهَا ، فلم ينكر ذلك».

(ه) وفى حديث الحجّاج «وذكر ابن عباس فقال : إن كان لَنِقَاباً» وفى رواية «إن كان لَمِنْقَباً» النِّقَابُ والْمِنْقَبُ ، بالكسر والتخفيف : الرجل العالم بالأشياء ، الكثير البحث عنها والتَّنْقِيبُ : أى ما كان إلا نقابا.

(س) وفى حديث ابن سيرين «النِّقَابُ محدث» أراد أن النّساء ما كنّ ينتقبن : أى يختمرن.

قال أبو عبيد : ليس هذا وجه الحديث ، ولكنّ النّقاب عند العرب هو الذى يبدو منه محجر العين. ومعناه أنّ إبداءهنّ المحاجر محدث ، إنما كان النّقاب لاحقا بالعين ، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستورة ، والنّقاب لا يبدو منه إلا العينان. وكان اسمه عندهم : الوصوصة ، والبرقع ، وكانا من لباس النّساء ، ثم أحدثن النّقاب بعد.

(نقث) (ه) فى حديث أم زرع «ولا تُنَقِّثْ ميرتنا تَنْقِيثاً» النَّقْثُ : النّقل. أرادت أنّها أمينة على حفظ طعامنا ، لا تنقله وتخرجه وتفرّقه.

(نقح) (س) فى حديث الأسلمى «إنه لَنَقِحٌ (١)» أى عالم مجرّب. يقال : نَقَحَ العظم ، إذا استخرج مخّه ، ونَقَّحَ الكلام ، إذا هذّبه وأحسن أوصافه. ومنه قولهم : خير الشّعر الحولىّ الْمُنَقَّح.

(نقخ) (ه) فيه «أنه شرب من رومة فقال : هذا النُّقَاخ» هو الماء العذب البارد الذى يَنْقَخُ العطش : أى يكسره ببرده.

ورومة : بئر معروفة بالمدينة.

(نقد) ـ فى حديث جابر وجمله «قال : فَنَقَدَنِي ثمنه» أى أعطانيه نقدا معجّلا.

(س) وفى حديث أبى ذر «كان فى سفر ، فقرّب أصحابه السّفرة ودعوه إليها ، فقال : إنّى صائم ، فلما فرغوا جعل يَنْقُدُ شيئا من طعامهم» أى يأكل شيئا يسيرا. وهو من نَقَدْتُ الشّيءَ

__________________

(١) فى اللسان : «لنقح».

١٠٣

بأصبعى ، أَنْقُدُهُ واحدا واحدا نَقْدَ الدّراهم. ونَقَدَ الطائرُ الحبَ يَنْقُدُهُ ، إذا كان يلقطه واحدا واحدا ، وهو مثل النّقر. ويروى بالراء.

ومنه حديث أبى هريرة «وقد أصبحتم تهذرون الدنيا ، ونَقَدَ بأصبعه» أى نقر.

(ه) وفى حديث أبى الدرداء «إن نَقَدْتَ الناس نقدوك» أى إن عبتهم واغتبتهم قابلوك بمثله. وهو من قولهم : نَقَدْتُ الجوزة أنقدها ، إذا ضربتها.

ويروى بالفاء والذال المعجمة. وقد تقدم.

(س) وفى حديث عليّ «إن مكاتبا لبنى أسد قال : جئت بِنَقَدٍ أجلبه إلى الكوفة» النَّقَدُ : صغار الغنم ، واحدتها : نَقَدَة ، وجمعها : نِقَادٌ.

ومنه حديثه الآخر «قال يوم النّهروان : ارموهم ، فإنما هم نَقَدٌ» شبّههم بالنّقد.

(ه) ومنه حديث خزيمة «وعاد النّقاد مجرنثما» وقد تكرر فى الحديث.

(نقر) (س) فيه «أنه نهى عن نَقْرَةِ الغراب» يريد تخفيف السّجود ، وأنه لا يمكث فيه إلّا قدر وضع الغراب مِنْقَارَهُ فيما يريد أكله.

ومنه حديث أبى ذرّ «فلما فرغوا جعل يَنْقُرُ (١) شيئا من طعامهم» أى يأخذ منه بأصبعه.

(ه) وفيه «أنه نهى عن النَّقِيرِ والمزفّت» النَّقِيرُ : أصل النّخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التّمر ، ويلقى عليه الماء ليصير نبيذا مسكرا. والنّهى واقع على ما يعمل فيه ، لا على اتّخاذ النّقير ، فيكون على حذف المضاف ، تقديره : عن نبيذ النّقير ، وهو فعيل بمعنى مفعول. وقد تكرر فى الحديث.

(س) ومنه حديث عمر «على نَقِيرٍ من خشب» هو جذع ينقر ويجعل فيه شبه المراقى يصعد عليه إلى الغرف.

(ه) وفى حديث ابن عباس ، فى قوله تعالى : (وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) «وضع طرف إبهامه على باطن سبّابته ثم نَقَرَهَا ، وقال : هذا النّقير».

__________________

(١) سبق بالدال.

١٠٤

وفيه «أنه عطس عنده رجل فقال : حقرت ونَقِرْتَ» يقال به نقير : أى قروح وبثر ونَقِرَ : أى صار نقيرا. كذا قاله أبو عبيدة (١).

وقال الجوهرى : نَقِير : إتباع حقير.

يقال : هو حقير نقير. ونَقِرَتِ الشاة ، بالكسر ، فهى نَقِرَةٌ : أصابها داء فى جنوبها.

(س) وفى حديث عمر «متى ما يكثر حملة القرآن يُنَقِّرُوا ، ومتى ما ينقّروا يختلفوا» التَّنْقِيرُ : التّفتيش. ورجل نَقَّارٌ ومُنَقِّرٌ.

ومنه الحديث «فَنَقَّرَ عنه» أى بحث واستقصى.

ومنه حديث الإفك «فَنَقَّرَتْ لى الحديث» هكذا رواه بعضهم. والمروىّ بالباء الموحدة. وقد تقدّم.

(ه) ومنه حديث ابن المسيّب «بلغه قول عكرمة فى الحين أنه ستّة أشهر ، فقال : انْتَقَرَهَا عكرمة» أى استنبطها من القرآن. والنَّقْرُ : البحث.

هذا إن أراد تصديقه. وإن أراد تكذيبه ، فمعناه أنه قالها (٢) من قبل نفسه ، واختصّ بها ، من الِانْتِقَار : الاختصاص. يقال : نَقَّرَ باسم فلان ، وانْتَقَرَ ، إذا سمّاه من بين الجماعة.

(س) وفيه «فأمر بِنُقْرَةٍ من نحاس فأحميت» النُّقْرَةُ : قدر يسخّن فيها الماء وغيره. وقيل : هو بالباء الموحدة. وقد تقدّم.

(ه) وفى حديث عثمان البتّى «ما بهذه النّقرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين» أراد البصرة. وأصل النُّقْرَةِ : حفرة يستنقع فيها الماء.

(نقرس) (س) فيه «وعليه نَقَارِسُ الزّبرجد والحلى» النَّقَارِسُ : من زينة النّساء. قاله أبو موسى.

(نقز) (ه) فى حديث ابن مسعود «كان يصلّى الظّهر والجنادب تَنْقُزُ من الرّمضاء» أى تقفز وتثب ، من شدّة حرارة الأرض. وقد نَقَزَ وأَنْقَزَ ، إذا وثب.

__________________

(١) فى الأصل : «أبو عبيد» وما أثبت من او اللسان. وفى ا : «قال» وانظر الحاشية ٣ ص ٤٠ من الجزء الرابع.

(٢) فى الهروى : «اقتالها».

١٠٥

(س) ومنه الحديث «يَنْقُزَانِ ، القرب على متونهما» أى يحملانها ، ويقفزان بها وثبا.

وفى نصب «القرب» بعد ؛ لأن يَنْقُزَ غير متعدّ. وأوّله بعضهم بعدم (١) الجارّ.

ورواه بعضهم بضم الياء ، من أَنْقَزَ ، فعدّاه بالهمز ، يريد تحريك القرب ووثوبها بشدّة العدو والوثب.

وروى برفع القرب على الابتداء ، والجملة فى موضع الحال.

ومنه الحديث «فرأيت عقيصتى أبى عبيدة تَنْقُزَانِ وهو خلفه».

وفى حديث ابن عباس «ما كان الله لِيُنْقِزَ (٢) عن قاتل المؤمن» أى ليقلع ويكفّ عنه حتى يهلكه ، وقد أَنْقَزَ عن الشيء ، إذا أقلع وكفّ.

(نقس) (س) فى حديث بدء الأذان «حتى نَقَسُوا أو كادوا يَنْقُسُونَ» النَّقْسُ : الضّرب بِالنَّاقُوسِ ، وهى خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها. والنّصارى يعلمون بها أوقات صلاتهم.

(نقش) (ه) فيه «من نُوقِشَ الحساب عذّب» أى من استقصى فى محاسبته وحوقق.

ومنه حديث عائشة «من نوقش الحساب فقد هلك».

وحديث عليّ «يوم يجمع الله فيه الأوّلين والآخرين لِنِقَاشِ (٣) الحساب» وهو مصدر منه. وأصل الْمُنَاقَشَةِ : من نَقَشَ الشّوكة ، إذا استخرجها من جسمه ، وقد نَقَشَهَا وانْتَقَشَهَا.

(ه) ومنه حديث أبى هريرة «وإذا شيك فلا انْتَقَشَ» أى إذا دخلت فيه شوكة أخرجها من موضعها. وبه سمّى الْمِنْقَاش الذى يُنْقَشُ به.

[ه] ومنه الحديث «اسْتَوْصُوا بالمعزى خيرا ، فإنه مال رقيق ، وانْقُشُوا له عَطَنَهُ» أى نقّوا مرابضها مما يؤذيها من حجارة وشوك وغيره.

(نقص) (س) فيه «شهرا عيد لا يَنْقُصَانِ» يعنى فى الحكم وإن نَقَصَا فى العدد : أى أنه لا يعرض فى قلوبكم شكّ إذا صمتم تسعة وعشرين ، أو إن وقع فى يوم الحج خطأ ، لم يكن فى نسككم نَقْصٌ.

__________________

(١) أى أنه منصوب على نزع الخافض ، كما يقول النّحاة.

(٢) هكذا بالزاى فى الأصل ، وا ، والفائق ٣ / ١٢٥ ، واللسان مادة (نقز) لكن رواية الهروى والجوهرى بالراء. وكذلك جاءت رواية الراء فى اللسان ، مادة (نقر).

(٣) فى الأصل بفتح النون.

١٠٦

وفى حديث بيع الرّطب بالتّمر «قال : أيَنْقُصُ الرّطب إذا يبس؟ قالو ا : نعم» لفظه استفهام ، ومعناه تنبيه وتقرير لكنه الحكم وعلّته ، ليكون معتبرا فى نظائره ، وإلا فلا يجوز أن يخفى مثل هذا على النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كقوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ؟) وقول جرير : (١)

* ألستم خير من ركب المطايا *

(ه) وفى حديث السّنن العشر «انْتِقَاصُ الماء» يريد (٢) انتقاص البول بالماء إذا غسل المذاكير به.

وقيل : هو الانتضاح بالماء. ويروى بالفاء. وقد تقدّم.

(نقض) ـ فيه «أنه سمع نَقِيضاً من فوقه» النَّقِيضُ : الصّوت. ونقيض المحامل : صوتها. ونَقِيضُ السّقف : تحريك خشبه.

وفى حديث هرقل «ولقد تَنَقَّضَتِ الغرفة» أى تشقّقت وجاء صوتها.

(ه) وفى حديث هوازن «فَأَنْقَضَ به دريد» أى نقر بلسانه فى فيه ، كما يزجر الحمار ، فعله استجهالا (٣).

وقال الخطّابى : أَنْقَضَ به : أى صفّق بإحدى يديه على الأخرى ، حتى يسمع لهما نَقِيضٌ : أى صوت.

وفى حديث صوم التّطوّع «فَنَاقَضَنِي ونَاقَضْتُهُ» هى مفاعلة ، من نَقْضِ البناء ، وهو هدمه : أى ينقض قولى ، وأَنْقُضُ قوله ، وأراد به المراجعة والمراددة.

ومنه حديث «نَقْضِ الوتر» أى إبطاله وتشفيعه بركعة لمن يريد أن يتنفّل بعد أن أوتر.

(نقط) ـ فى حديث عائشة «فما اختلفوا فى نقطة» أى فى أمر وقضيّة. هكذا أثبته بعضهم بالنون. وذكره الهروى فى الباء ، وأخذ عليه ، وقد تقدّم.

__________________

(١) ديوانه ص ٩٨. وعجزه :

* أندى العالمين بطون راح *

(٢) هذا من شرح أبى عبيد ، كما فى الهروى.

(٣) فى الهروى : «استجهالا له».

١٠٧

قال بعض المتأخرين : المضبوط المروىّ عند علماء النّقل أنه بالنون ، وهو كلام مشهور ، يقال عند المبالغة فى الموافقة. وأصله فى الكتابين ، يقابل أحدهما بالآخر ويعارض ، فيقال : ما اختلفا فى نقطة ، يعنى من نقط الحروف والكلمات : أى أنّ بينهما من الاتّفاق مالم يختلفا معه فى هذا القدر اليسير.

(نقع) (ه) فيه «نهى أن يمنع نَقْعُ البئر» أى فضل مائها ، لأنه يُنْقَعُ به العطش : أى يروى. وشرب حتى نَقَعَ : أى روى. وقيل : النَّقْعُ : الماء النَّاقِعُ ، وهو المجتمع.

ومنه الحديث «لا يباع نَقْعُ البئر ولا رهو الماء».

(ه) ومنه الحديث «لا يقعد أحدكم فى طريق أو نقع ماء» يعنى عند الحدث وقضاء الحاجة.

[ه] وفيه «أنّ عمر حمى غرز النَّقِيعِ» هو موضع حماه لنعم الفىء وخيل المجاهدين ، فلا يرعاه غيرها ، وهو موضع قريب من المدينة ، كان يَسْتَنْقِعُ فيه الماء : أى يجتمع.

ومنه الحديث «أوّل جمعة جمّعت فى الإسلام بالمدينة فى نَقِيعِ الخضمات (١)» وقد تكرر فى الحديث.

(ه س) ومنه حديث محمد بن كعب «إذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمن جاء ملك الموت» أى إذا اجتمعت فى فيه تريد الخروج ، كما يستنقع الماء فى قراره ، وأراد بالنّفس الرّوح.

[ه] ومنه حديث الحجّاج «إنكم يا أهل العراق شرّابون علىّ بِأَنْقُعٍ» هو مثل يضرب للذى جرّب الأمور ومارسها. وقيل : للذى يعاود الأمور المكروهة. أراد أنّهم يجترئون عليه ويتناكرون.

وأَنْقُعٌ : جمع قلّة لِنَقْعٍ ، وهو الماء النَّاقِعُ ، والأرض التى يجتمع فيها الماء. وأصله أنّ الطائر الحذر لا يرد المشارع ، ولكنّه يأتى الْمَنَاقِعَ يشرب منها ، كذلك الرجل الحذر لا يتقحّم الأمور.

وقيل : هو أنّ الدّليل إذا عرف المياه فى الفلوات حذق سلوك الطريق التى تؤدّيه إليها.

(ه) ومنه حديث ابن جريح «أنه ذكر معمر بن راشد فقال : إنه لشرّاب بِأَنْقُع» أى أنه ركب فى طلب الحديث كلّ حزن ، وكتب من كلّ وجه.

__________________

(١) سبق فى مادة خضم بفتح الضاد. خطأ.

١٠٨

(س) وفى حديث بدر «رأيت البلايا تحمل المنايا ، نواضح يثرب تحمل السّمّ النَّاقِعَ» أى القاتل. وقد نَقَعْتُ فلانا ، إذا قتلته. وقيل : النَّاقِعُ : الثّابت المجتمع ، من نَقْعِ الماء.

(س) وفى حديث الكرم «تتّخذونه زبيبا تُنْقِعُونَهُ» أى تخلطونه بالماء ليصير شرابا. وكلّ ما ألقى فى ماء فقد أُنْقِعَ. يقال : أَنْقَعْتُ الدّواء وغيره فى الماء ، فهو مُنْقَعٌ. والنَّقُوعُ بالفتح : ما يُنْقَعُ فى الماء من اللّيل ليشرب نهارا ، وبالعكس. والنَّقِيعُ : شراب يتّخذ من زبيب أو غيره ، ينقع فى الماء من غير طبخ.

وكان عطاء يَسْتَنْقِعُ فى حياض عرفة : أى يدخلها ويتبرّد بمائها.

(ه س) وفى حديث عمر «ما عليهنّ أن يسفكن من دموعهنّ على أبى سليمان ما لم يكن نَقْعٌ ولا لقلقة» يعنى خالد بن الوليد. النَّقْعُ : رفع الصّوت. ونَقَعَ الصّوتُ واسْتَنْقَعَ ، إذا ارتفع.

وقيل : أراد بِالنَّقْعِ شقّ الجيوب.

وقيل : أراد به وضع التّراب على الرءوس ، من النّقع : الغبار ، وهو أولى ؛ لأنه قرن به اللّقلقة ، وهى الصّوت ، فحمل اللفظين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد.

(ه) وفى حديث المولد «فاستقبلوه فى الطريق مُنْتَقِعاً لونه» أى متغيّرا. يقال : انْتَقَعَ لونه وامتقع ، إذا تغيّر من خوف أو ألم ونحو ذلك.

ومنه حديث ابن زمل «فانتقع لون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ساعة ثم سرّى عنه».

(س) وفيه ذكر «النَّقِيعَةُ» وهى طعام يتّخذه القادم من السّفر.

(نقف) (ه) فى حديث عبد الله بن عمر (١) «واعدد اثنى عشر من بنى كعب بن لؤىّ ، ثم يكون النَّقْفُ والنِّقَافُ» أى القتل والقتال. والنَّقْفُ : هشم الرأس : أى تهيج الفتن والحروب بعدهم.

ومنه حديث مسلم بن عقبة المرّىّ «لا يكون إلّا الوقاف ، ثم النّقاف ، ثم الانصراف» أى المواقفة فى الحرب ، ثم المناجزة بالسيوف ، ثم الانصراف عنها.

__________________

(١) هكذا فى الأصل والفائق ٣ / ١٢٥ وفيه : «اعدد» بإسقاط الواو. وفى ا : «بن عمرو اعدد».

١٠٩

(ه) وفى رجز كعب وابن الأكوع :

لكن غذاها حنظل نقيف

أى منقوف ، وهو أنّ جانى الحنظل يَنْقُفُهَا بظفره : أى يضربها ، فإن صوّتت علم أنها مدركة فاجتناها.

(نقق) (س) فى رجز مسيلمة.

يا ضفدع نِقِّي كم تَنِقِّين

النَّقِيقُ : صوت الضّفدع ، فإذا رجّع صوته قيل : نَقْنَقَ.

(ه) وفى حديث أم زرع «ودائس ومُنِقٍ» قال أبو عبيد : هكذا يرويه أصحاب الحديث بكسر النون (١) ، ولا أعرف الْمُنِقَ.

وقال غيره : إن صحّت الرواية فيكون من النَّقِيقِ : الصّوت. تريد أصوات المواشى والأنعام. تصفه بكثرة أمواله.

ومُنِقٍ : من أَنَقَ ، إذا صار ذا نَقِيقٍ ، أو دخل فى النّقيق.

(نقل) (ه) فيه «كان على قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم النَّقْل» هو بفتحتين : صغار الحجارة أشباه الاثافىّ ، فعل بمعنى مفعول : أى منقول.

(ه) وفى حديث أم زرع «لا سمين فَيُنْتَقَلُ (٢)» أى ينقله الناس إلى بيوتهم فيأكلونه.

(ه) وفى ذكر الشّجاج «الْمُنَقِّلَةِ» هى التى تخرج منها صغار العظام ، وتَنْتَقِلُ عن أماكنها ، وقيل : التى تَنْقُلُ العظم : أى تكسره.

(نقم) ـ فى أسماء الله تعالى «الْمُنْتَقِمُ» هو المبالغ فى العقوبة لمن يشاء. وهو مفتعل ، من نَقَمَ يَنْقِمُ ، إذا بلغت به الكراهة حدّ السّخط.

(س) ومنه الحديث «أنه ما انْتَقَمَ لنفسه قطّ ، إلا أن تنتهك محارم الله» أى ما عاقب أحدا على مكروه أتاه من قبله. وقد تكرر فى الحديث. يقال : نَقَمَ يَنْقِمُ ، ونَقِمَ يَنْقَمُ. ونَقِمَ من

__________________

(١) سيأتى فى الصفحة القادمة بالفتح.

(٢) يروى «فينتقى» وسيجىء.

١١٠

فلان الإحسان ، إذا جعله مما يؤدّيه إلى كفر النّعمة.

(س) ومنه حديث الزكاة «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله» أى ما ينقم شيئا من منع الزكاة إلّا أن يكفر النّعمة ، فكأن غناه أدّاه إلى كفر نعمة الله.

(س) ومنه حديث عمر «فهو كالأرقم ، إن يقتل يَنْقَمْ» أى إن قتله كان له من يَنْتَقِمُ منه. والأرقم : الحيّة ، كانوا فى الجاهليّة يزعمون أن الجنّ تطلب بثأر الجانّ ، وهى الحيّة الدقيقة ، فربما مات قاتله ، وربما أصابه خبل.

(نقه) (س) فيه «قالت أمّ المنذر : دخل علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه عليّ وهو نَاقِهٌ» نَقِهَ المريض يَنْقَهُ فهو نَاقِهٌ ، إذا برأ وأفاق ، وكان قريب العهد بالمرض لم يرجع إليه كمال صحّته وقوّته.

وفيه «فَانْقَهْ إذا» أى افهم وافقه يقال : نَقَهْتُ نَقِهْتُ الحديث ، مثل فهمت وفقهت.

(نقا) (ه) فى حديث أم زرع «لا سمين فَيُنْتَقَى» أى ليس له نِقْىٌ فيستخرج. والنِّقْىُ : المخّ. يقال : نَقَيْتُ العظم ونَقَوْتُهُ ، وانْتَقَيْتُهُ.

ويروى «فينتقل» باللام. وقد تقدّم.

(س) ومنه الحديث «لا تجزئ فى الأضاحى الكسير التى لا تُنْقِي» أى التى لا مخّ لها ، لضعفها وهزالها.

وحديث أبى وائل «فغبط منها شاة ، فإذا هى لا تُنْقِي».

ومنه حديث عمرو بن العاص يصف عمر «ونَقَتْ له مخّتها» يعنى الدنيا. يصف ما فتح عليه منها.

وفيه «المدينة كالكير ، تُنْقِي خبثها» الرواية المشهورة بالفاء. وقد تقدّمت. وقد جاء فى رواية بالقاف ، فإن كانت مخفّفة فهو من إخراج المخ : أى تستخرج خبثها ، وإن كانت مشددة فهو من التَّنْقِيَةِ ، وهو إفراد الجيّد من الرّدىء.

ومنه حديث أم زرع «ودائس ومُنَقٍ» هو بفتح النون الذى يُنَقِّي الطّعام : أى يخرجه من قشره وتبنه. ويروى بالكسر. وقد تقدم ، والفتح أشبه ، لاقترانه بالدّائس ، وهما مختصّان بالطعام.

١١١

(ه) وفيه «خلق الله جؤجؤ آدم من نقاضريّة» أى من رملها. وضريّة : موضع معروف ، نسب إلى ضريّة بنت ربيعة بن نزار. وقيل : هى اسم بئر.

(ه) وفيه «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النَّقِىِ» يعنى الخبز الحوّارى.

ومنه الحديث «ما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم النّقىّ من حين ابتعثه الله حتى قبضه».

وفيه «تَنَقَّهْ وتوقّه» رواه الطبرانى بالنون ، وقال : معناه تخيّر الصّديق ثم احذره. وقال غيره : «تبقّه» بالباء : أى أبق المال ولا تسرف فى الإنفاق. وتوقّ فى الاكتساب. ويقال : تبقّ بمعنى استبق ، كالتّقصّى بمعنى الاستقصاء.

(باب النون مع الكاف)

(نكب) ـ فى حديث حجّة الوداع «فقال بأصبعه السّبّابة يرفعها إلى السماء ويَنْكُبُهَا إلى الناس» أى يميلها إليهم ، يريد بذلك أن يشهد الله عليهم. يقال : نَكَبْتُ الإناء نَكْباً ، ونَكَّبْتُهُ تَنْكِيباً ، إذا أماله وكبّه.

(ه) ومنه حديث سعد «قال يوم الشّورى : إنى نَكَبْتُ قرنى فأخذت سهمى الفالج» أى كببت كنانتى.

(ه) وحديث الحجّاج «إن أمير المؤمنين نَكَبَ كنانته فعجم عيدانها».

(س) وفى حديث الزّكاة «نَكِّبُوا عن الطّعام» يريد الأكولة وذوات اللّبن ، ونحوهما : أى أعرضوا عنها ولا تأخذوها فى الزكاة ، ودعوها لأهلها. فيقال فيه : نَكَبَ ونَكَّبَ.

ومنه الحديث الآخر «نَكِّبْ عن ذات الدّرّ».

(س) والحديث الآخر «قال لوحشىّ : تَنَكَّبْ عن وجهى» أى تنحّ ، وأعرض عنّى.

(ه) وحديث عمر «نَكِّبْ عنا ابن أمّ عبد» أى نحّه عنّا. وقد نَكَّبَ عن الطريق ، إذا عدل عنه ، ونكّب غيره.

١١٢

وفى حديث قدوم المستضعفين بمكة «فجاءوا يسوق بهم الوليد بن الوليد ، وسار ثلاثا على قدميه ، وقد نَكِبَ بالحرّة» أى نالته حجارتها وأصابته.

ومنه النَّكْبَةُ : وهى ما يصيب الإنسان من الحوادث.

(س) ومنه الحديث «أنه نَكِبَتْ إصبعه» أى نالتها الحجارة.

وفيه «كان إذا خطب بالمصلّى تَنَكَّبَ على قوس أو عصا» أى اتّكأ عليها. وأصله من تَنَكَّبَ القوس وانْتَكَبَهَا ، إذا علّقها فى منكبه.

(س) وفى حديث ابن عمر «خياركم ألينكم مَنَاكِبَ فى الصلاة» الْمَنَاكِبُ : جمع مَنْكِبْ ، وهو ما بين الكتف والعنق. أراد لزوم السّكينة فى الصلاة.

وقيل : أراد ألّا يمتنع على من يجىء ليدخل فى الصّف لضيق المكان ، بل يمكّنه من ذلك.

(س) وفى حديث النّخعىّ «كان يتوسّط العرفاء والمناكب» الْمَنَاكِبُ : قوم دون العرفاء ، واحدهم : منكب. وقيل : الْمَنْكِبْ : رأس العرفاء. وقيل : أعوانه.

والنِّكَابَةُ : كالعرافة والنّقابة.

(نكت) (س) فيه «بينا هو يَنْكُتُ إذ انتبه» أى يفكّر ويحدّث نفسه. وأصله من النَّكْتِ بالحصى ، ونَكْت الأرض بالقضيب ، وهو أن يؤثّر فيها بطرفه ، فعل المفكّر المهموم.

(س) ومنه الحديث «فجعل يَنْكُتُ بقضيب» أى يضرب الأرض بطرفه.

(س) وحديث عمر «دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى» أى يضربون به الأرض.

(ه) وفى حديث أبى هريرة «ثم لَأَنْكُتَنَ بك الأرض» أى أطرحك على رأسك. يقال : طعنه فَنَكَتَهُ ، إذا ألقاه على رأسه.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «أنه ذرق على رأسه عصفور ، فنكته بيده» أى رماه عن رأسه إلى الأرض.

١١٣

(س) وفى حديث الجمعة «فإذا فيها نُكْتَةٌ سوداء» أى أثر قليل كالنّقطة ، شبه الوسخ فى المرآة والسّيف ، ونحوهما.

(نكث) (س) فى حديث عليّ «أمرت بقتال النَّاكِثِينَ ، والقاسطين ، والمارقين» النَّكْثُ : نقض العهد. والاسم : النِّكْثُ ، بالكسر. وقد نَكَثَ يَنْكُثُ. وأراد بهم أهل وقعة الجمل ، لأنّهم كانوا بايعوه ثم نقضوا بيعته وقاتلوه ، وأراد بالقاسطين أهل الشام ، وبالمارقين الخوارج.

(ه) وفى حديث عمر «أنه كان يأخذ النِّكْثَ والنّوى من الطريق ، فإن مرّ بدار قوم رمى بهما فيها ، وقال : انتفعوا بهذا» النِّكْثُ ، بالكسر : الخيط الخلق من صوف أو شعر أو وبر ، سمّى به لأنه ينقض ثم يعاد فتله.

(نكح) ـ فى حديث قيلة «انطلقت إلى أخت لى نَاكِحٍ فى بنى شيبان» أى ذات نِكَاحٍ ، يعنى متزوّجة ، كما يقال : حائض وطاهر وطالق : أى ذات حيض وطهارة وطلاق. ولا يقال : نَاكِحَةٌ ، إلا إذا أرادوا بناء الاسم من الفعل ، فيقال : نَكَحَتْ فهى نَاكِحَةٌ.

(س) ومنه حديث سبيعة «ما أنت (١) بناكح حتى تنقضى العدّة».

وفى حديث معاوية «ولست بِنُكَحٍ طلقة» أى كثير التّزويج والطّلاق ، والمعروف أن يقال : نُكَحَةٌ ، ولكن هكذا روى ، وفعلة : من أبنية المبالغة لمن يكثر منه الشيء.

(نكد) (س) فى حديث هوازن «ولا درّها بماكد ، أو نَاكِدٍ» قال القتيبى : إن كان المحفوظ ناكدا ، فإنه أراد القليل ؛ لأن النَّاكِدَ الناقة الكثيرة اللّبن ، فقال : ما درّها بغزير. والنَّاكِدُ أيضا : القليلة اللّبن. وقيل : هى التى مات ولدها. والماكد قد تقدّم.

وفى قصيد كعب :

* قامت فجاوبها نُكْدٌ مثاكيل *

النُّكْدُ : جمع نَاكِد ، وهى التى لا يعيش لها ولد.

(نكر) (ه) فى حديث أبى سفيان «قال : إنّ محمدا لم يُنَاكِرْ أَحَداً قطّ إلا كانت

__________________

(١) فى الأصل ، وا : «أنت» بالفتح. وضبطته بالكسر من النسخة ٥١٧ ، واللسان.

١١٤

معه الأهوال» أى لم يحارب. والْمُنَاكَرَةُ : المحاربة ، لأنّ كل واحد من المتحاربين يُنَاكِرُ الآخر : أى يداهيه ويخادعه.

والأهوال : المخاوف والشّدائد. وهذا كقوله عليه الصلاة والسلام «نصرت بالرّعب».

(ه) ومنه حديث أبى وائل وذكر أبا موسى فقال : «ما كان أنكره!» أى أدهاه ، من النُّكْرِ ، بالضم : وهو الدّهاء ، والأمر الْمُنْكَر. ويقال للرجل إذا كان فطنا : ما أشدّ نَكْرَهُ ، بالضم والفتح.

ومنه حديث معاوية «إنّى لأكره النَّكَارَةَ فى الرجل» يعنى الدّهاء.

(ه) وفى حديث بعضهم (١) «كنت لى أشدّ نَكَرَةً» النَّكَرَةُ بالتحريك : الاسم من الإنكار ، كالنّفقة من الإنفاق.

وقد تكرر ذكر «الْإِنْكَارُ والْمُنْكَرُ» فى الحديث ، وهو ضدّ المعروف. وكلّ ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرهه فهو مُنْكَرٌ. يقال : أَنْكَرَ الشيءَ يُنْكِرُهُ إِنْكَاراً ، فهو منكر ، ونَكِرَهُ يَنْكَرُهُ نُكْراً ، فهو مَنْكُورٌ ، واسْتَنْكَرَهُ فهو مُسْتَنْكِرٌ. والنَّكِيرُ : الْإِنْكَارُ. والْإِنْكَارُ : الجحود. ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ : اسما الملكين ، مفعل وفعيل.

(نكس) ـ فى حديث أبى هريرة «تعس عبد الدّينار وانْتَكَسَ» أى انقلب على رأسه. وهو دعاء عليه بالخيبة ؛ لأنّ من انتكس فى أمره فقد خاب وخسر.

(ه) وفى حديث ابن مسعود «قيل له : إنّ فلانا يقرأ القرآن مَنْكُوساً ، فقال : ذلك مَنْكُوسُ القلب» قيل : هو أن يبدأ من آخر السّورة حتى يقرأها إلى أوّلها. وقيل : هو أن يبدأ من آخر القرآن ، فيقرأ السّور ثم يرتفع إلى البقرة (٢).

(س) وفى حديث جعفر الصادق «لا يحبّنا ذو رحم مَنْكُوسَة» قيل : هو المأبون ؛ لانقلاب شهوته إلى دبره.

(س) وفى حديث الشّعبىّ «قال فى السّقط : إذا نُكِسَ فى الخلق الرابع عتقت به

__________________

(١) بهامش اللسان : «عبارة النهاية : وفى حديث عمر بن عبد العزيز».

(٢) وهو قول أبى عبيد ، كما ذكر الهروى.

١١٥

الأمّة ، وانقضت به عدّة الحرّة» أى إذا قلب وردّ فى الخلق الرابع ، وهو المضغة ؛ لأنه أوّلا تراب ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة.

وفى قصيد كعب :

زالوا فما زال أنكاس ولا كشف

الْأَنْكَاسُ : جمع نِكْس ، بالكسر ، وهو الرجل الضّعيف.

(نكش) (ه) فى حديث عليّ «ذكره رجل فقال : عنده شجاعة ما تُنْكَشُ» أى ما تستخرج ولا تنزف ؛ لأنها بعيدة الغاية ، يقال : هذه بئر ما تنكش : أى ما تنزح.

(نكص) ـ فى حديث عليّ وصفّين «قدّم للوثبة يدا ، وأخّر للنّكوص رجلا» النُّكوُصُ : الرّجوع إلى وراء ، وهو القهقرى. نَكَصَ يَنْكُصُ فهو نَاكِصٌ. وقد تكرّر فى الحديث.

(نكف) (ه) فيه «أنه سئل عن قول : سبحان الله ، فقال : إِنْكَافُ الله من كلّ سوء» أى تنزيهه وتقديسه. يقال : نَكِفْتُ (١) من الشيء واسْتَنْكَفْتُ منه : أى أَنِفْتُ منه. وأَنْكَفْتُهُ : أى نزّهته عمّا يُسْتَنْكَفُ.

(ه) وفى حديث عليّ «جعل يضرب بالمعول حتى عرق جبينه وانْتَكَفَ العرق عن جبينه» أى مسحه ونحّاه. يقال : نَكَفْتُ الدمع وانْتَكَفْتُهُ ، إذا نحيّته بإصبعك من خدّك.

(ه) وفى حديث حنين «قد جاء جيش لا يكتّ ولا يُنْكَفُ» أى لا يحصى ولا يبلغ آخره. وقيل : لا ينقطع آخره ، كأنه من نَكْفِ الدّمع.

(نكل) (ه) فيه «إن الله يحب النَّكَلَ على النَّكَلِ ، قيل : وما ذاك؟ قال : الرجل القوىّ المجرّب المبدىء المعيد ، على الفرس القوىّ المجرّب» النَّكَلُ بالتحريك : من التَّنْكِيلِ ، وهو المنع والتَّنْحِيَةُ عمّا يريد. يقال : رجل نَكَلٌ ونِكْلٌ ، كشبه وشبه : أى يُنَكَّلُ به أعداؤه. وقد نَكَلَ (٢) عن الأمر يَنْكُلُ ، ونَكِلَ يَنْكَلُ ، إذا امتنع.

__________________

(١) من باب تعب ، ومن باب قتل ، لغة. كما ذكر صاحب المصباح.

(٢) كضرب ، ونصر ، وعلم ، كما فى القاموس.

١١٦

ومنه النُّكُولُ فى اليمين ، وهو الامتناع منها ، وترك الإقدام عليها.

[ه] ومنه الحديث «مضر صخرة الله التى لا تُنْكَلُ» أى لا تدفع عما سلّطت عليه لثبوتها فى الأرض. يقال : أَنْكَلْتُ الرجل عن حاجته ، إذا دفعته عنها.

(س) وفى حديث ماعز «لَأَنْكُلَنَّهُ عنهنّ» أى لأمنعنّه.

(ه) وفي حديث عليّ «غير (١) نَكِلٍ في قدم» أى بغير جبن وإحجام فى الإقدام.

وفى حديث وصال الصّوم «لو تأخّر لزدتكم ، كَالتَّنْكِيلِ لهم» أى عقوبة لهم. وقد نَكَّلَ به تنكيلا ، ونَكَّلَ به ، إذا جعله عبرة لغيره. والنَّكَالُ : العقوبة التى تَنْكُلُ الناسَ عن فعل ما جعلت له جزاء.

وفيه «يؤتى بقوم فى النُّكُولِ» يعنى القيود ، الواحد : نِكْل ، بالكسر ، ويجمع أيضا على أَنْكَال ؛ لأنها يُنْكَلُ بها : أى يمنع.

(نكه) (س) فى حديث شارب الخمر «اسْتَنْكِهُوهُ» أى شمّوا نَكْهَتَهُ ورائحة فمه ، هل شرب الخمر أم لا؟

وفيه «أخاف أن تَنْكَهَ قلوبكم» هكذا جاء فى رواية. والمعروف «أن تنكره» قال بعضهم : إنّ الهاء بدل من همزة : نَكَأْتُ الجرح ، إذا قشرته ، يريد أخاف أن تَنْكَأَ قلوبكم ، وتوغر صدوركم ، فقلب الهمزة.

(نكا) (س) فيه «أو يَنْكِي لك عدوّا» يقال : نَكَيْتُ فى العدوّ أَنْكِي نِكَايَةً فأنا نَاكٍ ، إذا أكثرت فيهم الجراح والقتل ، فوهنوا لذلك ، وقد يهمز لغة فيه. يقال : نَكَأْتُ القرحة أَنْكَؤُهَا ، إذا قشرتها.

(باب النون مع الميم)

(نمر) (س) فيه «نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ركوب النِّمَارِ» وفى رواية «النُّمُورُ» أى جلود النّمور ، وهى السّباع المعروفة ، واحدها : نَمِر. إنما نهى عن استعمالها لما فيها

__________________

(١) فى الهروى ، والفائق ١ / ٣٨٩ : «بغير نكل» وفى الهروى : «قدم».

١١٧

من الزّينة والخيلاء ، ولأنه زىّ الأعاجم ، أو لأن شعره لا يقبل الدّباغ عند أحد الأئمة إذا كان غير ذكىّ ولعلّ أكثر ما كانوا يأخذون جلود النّمور إذا ماتت ، لأن اصطيادها عسير.

(س) ومنه حديث أبى أيوب «أنه أتى بدابّة سرجها نمور ، فنزع الصُّفّة» يعنى [الميثرة ، فقيل (١) : الجديات نمور ، يعنى](٢) البداد. فقال : إنما ينهى عن الصّفّة».

وفى حديث الحديبية «قد لبسوا لك جلود النّمور» هو كناية عن شدّة الحقد والغضب ، تشبيها بأخلاق النّمر وشراسته.

(ه) وفيه «فجاءه قوم مجتابى (٣) النّمار» كلّ شملة مخطّطة من مآزر الأعراب فهى نمرة ، وجمعها : نمار ، كأنها أخذت من لون النّمر ؛ لما فيها من السّواد والبياض. وهى من الصّفات الغالبة ، أراد أنه جاءه قوم لابسى أزر مخطّطة من صوف.

(ه) ومنه حديث مصعب بن عمير «أقبل إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه نمرة».

وحديث خبّاب «لكن حمزة لم يكن له إلّا نمرة ملحاء» وقد تكرر ذكرها فى الحديث ، مفردة ومجموعة.

وفى حديث الحج «حتى أتى نَمِرَةَ» هو الجبل الذى عليه أنصاب الحرم بعرفات.

وفى حديث أبى ذر «الحمد لله الذى أطعمنا الخمير وسقانا النَّمِيرَ» الماء النّمير : النّاجع فى الرّىّ.

ومنه حديث معاوية «خبز خمير وماء نَمِيرٌ».

(نمرق) (س) فيه «اشتريت نُمْرُقَة» أى وسادة ، وهى بضم النون والراء وبكسرهما ، وبغير هاء ، وجمعها : نَمَارِقُ.

ومنه حديث هند يوم أحد :

نحن بنات طارق

نمشى على النَّمَارِقِ.

__________________

(١) فى الأصل : «فقال» والتصحيح من النسخة ٥١٧ ، واللسان ، ومما سبق فى مادة (جدا).

(٢) ساقط من ا.

(٣) نصب على الحالية من «قوم» الموصوفة. وانظر صحيح مسلم (باب الحث على الصدقة من كتاب الزكاة ص ٧٠٥). وفيه : «فجاءه قوم حفاة عراة مجتابى النّمار ...

١١٨

(نمس) (ه) فى حديث المبعث «إنه ليأتيه النَّامُوسُ الأكبرُ» النَّامُوسُ : صاحب سرّ الملك.

[وهو خاصّه الذى يطلعه على ما يطويه عن غيره من سرائره](١).

وقيل : النَّامُوسُ : صاحب سرّ الخير ، والجاسوس : صاحب سرّ الشّرّ ، وأراد به جبريل عليه‌السلام ، لأنّ الله تعالى خصّه بالوحى والغيب اللّذين لا يطّلع عليهما غيره.

ومنه حديث ورقة «لئن كان ما تقولين حقّا ليأتيه (٢) الناموس الذى كان يأتى موسى عليه‌السلام».

(س) وفى حديث سعد «أسد فى ناموسته» النَّامُوسُ : مَكْمَنُ الصّيّاد ، فشبّه به موضع الأسد. والنَّامُوسُ : المكر والخداع. والتَّنْمِيسُ : التّلبيس.

(نمش) (س) فيه «فعرفنا نَمَشَ أيديهم فى العذوق» النَّمَشُ ، بفتح الميم وسكونها : الأثر : أى أثر أيديهم فيها. وأصل النَّمَشِ : نقط بيض وسود فى اللّون. وثور نَمِشٌ ، بكسر الميم.

(نمص) (ه) فيه «أنه لعن النَّامِصَةَ والْمُتَنَمِّصَةَ» النَّامِصَةُ : التى تنتف الشّعر من وجهها. والْمُتَنَمِّصَةُ : التى تأمر من يفعل بها ذلك.

وبعضهم يرويه «الْمُنْتَمِصَةُ» بتقديم النون على التاء. ومنه قيل للمنقاش : مِنْمَاص.

(نمط) (ه) في حديث عليّ «خير هذه الأمّة النَّمَطُ الأوسط» النَّمَطُ : الطريقة من الطّرائق ، والضّرب من الضّروب. يقال : ليس هذا من ذلك النّمط : أى من ذلك الضّرب. والنَّمَطُ : الجماعة من الناس أمرهم واحد. كره علىّ الغلوّ والتّقصير فى الدّين.

وفى حديث ابن عمر «أنه كان يجلّل بُدْنَهُ الْأَنْمَاطَ» هى ضرب من البسط له خمل رقيق ، واحدها : نَمَطٌ.

__________________

(١) ساقط من او الهروى ، ونسختين أخريين من النهاية ، برقمى ٥١٧ ، ٥٩٠. وهو فى الأصل ، والفائق ١ / ١٦٤ وفيه : «خاصّته».

(٢) فى الأصل : «ليأتينه» وأثبت ما فى ا ، واللسان ، والصحاح ، والفائق ١ / ١٦٣.

١١٩

ومنه حديث جابر «وأنّى لنا أنماط؟».

(نمل) ـ فيه «لا رقية إلا فى ثلاث : النَّمْلَةِ والحمة والنّفس» النَّمْلَةُ : قروح تخرج فى الجنب.

(س ه) ومنه الحديث «قال للشّفّاء : علّمى حفصة رقية النَّمْلَةِ» قيل : إن هذا من لغز الكلام ومزاحه ، كقوله للعجوز : «لا تدخل العجز الجنة» وذلك أن رقيه النملة شيء كانت تستعمله النساء ، يعلم كلّ من سمعه أنه كلام لا يضرّ ولا ينفع.

ورقية النملة التى كانت تعرف بينهنّ أن يقال : العروس تحتفل وتختضب وتكتحل ، وكلّ شيء تفتعل ، غير ألّا تعصى الرجل.

ويروى عوض تحتفل «تنتعل» ، وعوض تختضب «تقتال» ، فأراد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذا المقال تأنيب حفصة ؛ لأنه ألقى إليها سرّا فأفشته.

(ه) وفيه «أنه نهى عن قتل أربع من الدّوابّ ، منها النَّمْلَةُ» قيل : إنما نهى عنها لأنها قليلة الأذى. وقيل : أراد نوعا منه خاصّا ، وهو الكبار ذوات الأرجل الطّوال. قال الحربى : النّمل (١) : ما كان له (٢) قوائم ، فأمّا الصّغار فهو (٣) الذَّرُّ.

(س) وفيه «نَمِلٌ بالأصابع» أى كثير العبث بها. يقال : رجل نَمِلُ الأصابع : أى خفيفها فى العمل.

(نمم) ـ قد تكرر فيه ذكر «النَّمِيمَةِ» وهى نقل الحديث من قوم إلى قوم ، على جهة الإفساد والشّرّ. وقد نَمَ الحديث يَنِمُّهُ ويَنُمُّهُ نَمّاً فهو نَمَّامٌ ، والاسم النَّمِيمَةُ ، ونَمَ الحديثُ ، إذا ظهر ، فهو متعدّ ولازم.

(نمنم) (س) فى حديث سويد بن غفلة (٤) «أنه أتى بناقة مُنَمْنَمَة» أى سمينة ملتفّة. والنّبت الْمُنَمْنَم : الملتفّ المجتمع.

__________________

(١) فى الهروى : «النملة»

(٢) فى الهروى : «لها»

(٣) فى الهروى : «فهى».

(٤) فى الأصل ، وا : «عفلة» بالمهملة. وهو خطأ ، صوابه بالمعجمة من أسد الغابة ٢ / ٣٧٩ والإصابة ٣ / ١٥٢.

١٢٠