حقائق الأصول - ج ٢

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

حقائق الأصول - ج ٢

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت (ع) للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٠٤
الجزء ١ الجزء ٢

غايته أنه ظاهر في وجوب الاحتياط مع أن هناك قرائن دالة على انه للإرشاد فيختلف إيجابا واستحباباً حسب اختلاف ما يرشد إليه ، ويؤيده أنه لو لم يكن للإرشاد لوجب تخصيصه لا محالة ببعض الشبهات إجماعا مع أنه آب عن التخصيص قطعاً كيف لا يكون قوله : (قف عند الشبهة فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة) للإرشاد مع أن المهلكة ظاهر في العقوبة ولا عقوبة في الشبهة البدوية قبل إيجاب الوقوف والاحتياط فكيف يُعلل إيجابه بأنه خير من الاقتحام في الهلكة؟ (لا يقال): نعم ولكنه يستكشف منه على نحو الآن إيجاب الاحتياط من قبل ليصح به العقوبة على المخالفة

______________________________________________________

خصوص الشبهة الموضوعية. وان كان المراد به مثل : كل شيء لك حلال ، فالكلام فيه هو الكلام فيما قبله ، وان كان المراد به : كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ـ بناء على عدم عمومه للشبهة الموضوعية ـ فهو وان كان حينئذ أخص مطلقا إلا أنه تقدم منه الإشكال على الاستدلال به ، وعليه فيرجع عاما أيضا (١) (قوله : غايته انه ظاهر) وحينئذ فيمكن التصرف فيه بحمله على الفضل كما هو الشائع عملا في الجمع بين ما دل على الوجوب وما دل على جواز الترك مثل افعل ولك ان لا تفعل ، بل أكثر المندوبات مستفادة من مثل ذلك (٢) (قوله : قرائن دالة على انه) تظهر بمراجعة الرسائل (٣) (قوله : ببعض الشبهات) إجماعا كالشبهة الموضوعية مطلقاً والشبهة الحكمية الوجوبية (٤) (قوله : كيف لا يكون قوله قف) ذكر هذا الحديث في المقام لا يخلو من شيء لأن المقصود الجواب عن اخبار الاحتياط لا اخبار التوقف إذ قد أجاب عنها أولا بما سبق (٥) (قوله : لا يقال نعم ولكنه) هذا هو الإشكال الّذي أورده الشيخ (ره) على نفسه وأجاب عنه بما أشار إليه المصنف (ره) بقوله : ولا يصغى إلى ما قيل ... إلخ (٦) (قوله : على نحو الآن) الاستدلال الإني هو الاستدلال بوجود المعلول على وجود العلة ، وفي المقام لما كان حسن العقاب معلولا لتنجز التكليف وثبوت البيان عليه كان الدليل الدال على وجود العقاب في الشبهة

٢٤١

(فانه يقال) : إن مجرد إيجابه واقعاً ما لم يعلم لا يصحح العقوبة ولا يخرجها عن انها بلا بيان ولا برهان فلا محيص عن اختصاص مثله بما يتنجز فيه المشتبه قبل الفحص مطلقا أو الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي فتأمل جيداً (وأما العقل) فلاستقلاله بلزوم فعل ما احتمل وجوبه وترك ما احتمل حرمته حيث علم إجمالا بوجود واجبات ومحرمات كثيرة فيما اشتبه وجوبه أو حرمته مما لم يكن هناك حجة على حكمه تفريغاً للذمة بعد اشتغالها ولا خلاف في لزوم الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إلا من بعض الأصحاب «والجواب» : أن العقل وان استقل بذلك إلّا انه إذا لم ينحل العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي

______________________________________________________

دالا على وجود البيان على التكليف ، فالأخبار المثبتة للهلكة في الشبهات كاشفة عن وجوب الاحتياط شرعا لئلا يكون العقاب بلا بيان والمعلول بلا علة (١) (قوله : فانه يقال ان مجرد إيجابه) يعني ان إيجاب الاحتياط واقعا لو كان يكفي في حسن العقاب على المخالفة وفي كون الإقدام على الشبهة هلكة صح حينئذ استكشاف إيجاب الاحتياط في الشبهة بما دل على ثبوت الهلكة فيها دلالة ما دل على ثبوت اللازم على ثبوت ملزومه كما ذكر في السؤال ، لكن ليس الأمر كذلك لأن إيجاب الاحتياط واقعا ما لم يصل إلى المكلف لا يكفي في حسن العقاب على المخالفة أصلا (فان قلت) : إذا كانت الهلكة لازمة لوجوب الاحتياط الواصل فليستكشف وجوب الاحتياط الواصل بما دل على ثبوت الهلكة في الشبهة (قلت) : لا يمكن استكشاف ذلك للعلم بعدم وصوله من قبل غير الحديث المذكور ومن قبل نفس الحديث المذكور دوري كما عرفت في الجواب عنه سابقا وعن قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل. فلاحظ (فان قلت) : ما الفرق بين هذا الحديث وما تضمن الوعيد على فعل بعض المحرمات مثل قوله تعالى : (ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها)؟ إذ لا ريب في كون هذا الخطاب بنفسه بيانا على تحريم

٢٤٢

وقد انحل هاهنا

______________________________________________________

القتل ، فهلا كان المقام كذلك (قلت) : فرق واضح بين المقام وبين الوعيد على فعل المحرم فان الوعيد لما لم يمكن الأخذ بظاهره كان اقرب وجوه التصرف فيه أن يحمل على كونه كناية عن التحريم ويكون حينئذ بيانا عليه ، وفي المقام لما لم يمكن الأخذ بظاهره كان اقرب وجوه التصرف فيه ان يحمل فيه الشبهة على خصوص المقرونة بالعلم الإجمالي أو نحوها مما كان فيها بيان على الواقع ، وأجاب والدي (قدس‌سره) عن إشكال الفرق بأن ظاهر لسان الوعيد كون الاستحقاق فيه ناشئاً من نفس الخطاب المشتمل عليه ، وظاهر اخبار الوقوف كون الهلكة ناشئة من خطاب آخر ، ولعله راجع إلى ما ذكرنا فلاحظ وتأمل (١) (قوله : وقد انحل هاهنا) اعلم انه إذا تعلق علم إجمالي بثبوت التكليف في أحد أمور معينة كما لو علم إجمالا بوقوع النجاسة في أحد أو ان أربعة كبيرين وصغيرين وقام علم تفصيلي أو إجمالي ، أو علمي تفصيلي أو إجمالي ، أو أصل مثبت للتكليف في بعضها المساوي للمعلوم بالإجمال بحيث لا يعلم بثبوت التكليف فيما عداه من الأطراف فهل ينحل العلم الإجمالي حقيقة أو حكما فيسقط عن التأثير أولا يكون شيء منها؟ وهل يختلف الحال فيما لو كان العلم أو العلمي متعرضا لتعيين المعلوم بالإجمال كما لو علم بان النجس المعلوم بالإجمال هو هذا الإناء عما لو لم يكن كذلك كما لو علم بان هذا نجس من دون نظر إلى تعيين النجس؟ كما انه هل يختلف الحال فيما لو اتحد جنس التكليف كما في الفرض المذكور عما تعدد كما لو علم بخمرية أحد الإناءين وعلم تفصيلا بغصبية أحدهما المعين مثلا؟ (وتوضيح) الحال في هذه الصور وغيرها مما يظهر بملاحظتها يكون بذكر صور معينة وتحقيق حكمها ويظهر حال غيرها مما ذكر فيها (فنقول) : إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وعلم تفصيلا بنجاسة أحدهما بعينه ، فالظاهر انه لا إشكال في عدم وجوب الاحتياط بالاجتناب عن الطرف المشكوك ، ويقع الكلام في وجهه ، فالذي يظهر من المصنف (ره) انه انحلال العلم الإجمالي حقيقة فلا موجب للاحتياط ، وكأن الوجه فيه ، إما

٢٤٣

الوجدان إذ ليس لنا إلّا فرد معلوم النجاسة وآخر مشكوك النجاسة نظير الأقل والأكثر الاستقلاليين كما لو علم بنجاسة أحد الإناءين وشك في نجاسة الآخر أو ان المعلوم بالإجمال لما كان طبيعة مهملة صالحة للانطباق على كل واحد من الطرفين على البدل والمعلوم بالتفصيل طبيعة خاصة ولا ريب ان الطبيعة المهملة عين الطبيعة الخاصة في الخارج كان اتحاد المعلومين موجباً لامتناع اجتماع العلمين لأن المثلين كالضدين يمتنع اجتماعهما في محل واحد فيمتنع كون المعلوم بالتفصيل طرفا للمعلوم بالإجمال فلم يبق له إلا طرف واحد ويمتنع قيام العلم الإجمالي بطرف واحد فينقلب شكا (فان قلت) : إذا فرضنا أن أطراف الشبهة أكثر من اثنين فعند خروج المعلوم بالتفصيل عن كونه طرفا له يبقى له طرفان أو أكثر ويمكن حينئذ قيام العلم الإجمالي بها (قلت) : إذا فرضنا أن المعلوم بالتفصيل طرف للعلم الإجمالي بحيث يحتمل أن ينطبق عليه المعلوم بالإجمال امتنع قيام العلم الإجمالي فيما عداه من الأطراف ولو كان أكثر من واحد فان ذلك خلف لأن من خواص العلم الإجمالي أن لو عزل ما يساوي المعلوم بالإجمال انتفى في باقي الأطراف كما تقدمت إليه الإشارة وظاهر بأدنى تأمل «هذا» ولكن لا يخفى عدم تمامية كل من التقريبين (أما الأول) فلأن الوجدان حاكم بوجود علمين في محل الكلام بحيث يصح ان نخبر بأنا نعلم بنجاسة الإناء الفلاني ونعلم بنجاسة إناء زيد المردد بينه وبين الآخر (وأما الثاني) فلابتنائه على تعلق العلم بالأمور الخارجية لا الصور الذهنية إذ على الثاني تكون الصورة الحاكية عن المعلوم بالتفصيل غير الصورة الحاكية عن المعلوم بالإجمال فيكون موضوع أحد العلمين غير موضوع الآخر ، ولا يلزم اجتماع المثلين ، مع أن الشك في الطرف الآخر إنما كان ناشئاً من العلم الإجمالي فبقاؤه يدل على بقائه. فلا محيص الا عن أن يقال : ليس الانحلال في المقام حقيقياً بل حكمي بمعنى مجرد عدم ترتب أثر على العلم الإجمالي وفرض وجوده كعدمه ، والوجه فيه : أن المعلوم بالإجمال يمتنع أن يتنجز في المقام لا من قبل العلم التفصيليّ ولا من قبل العلم الإجمالي. أما من قبل الأول فواضح لعدم تعلقه به فكيف يصلح للمنجزية. وأما من قبل الثاني فلأنه وان تعلق به إلا أن المعلوم

٢٤٤

بالإجمال لما كان صالحاً للانطباق على المعلوم بالتفصيل كان تنجزه بالعلم الإجمالي موجباً لكون المعلوم بالتفصيل قام عليه منجزان العلم التفصيليّ المتعلق به والعلم الإجمالي المتعلق بما هو صالح للانطباق عليه ، واجتماع المنجزين على المنجز الواحد ممتنع ، فلا بد من استناد تنجز المعلوم بالتفصيل إليهما معاً فيسقط العلم الإجمالي عن المنجزية الفعلية فلا منجزية للمعلوم بالإجمال أصلا (فان قلت) : إذا كان انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل مانعاً عن تأثير العلم الإجمالي به فعلا من جهة لزوم الترجيح بلا مرجح فهو بعينه مانع من تأثير العلم التفصيليّ في المعلوم لعين المانع المذكور ، ولازمه عدم المنجز للمعلوم بالتفصيل أيضاً ، فلا موجب لاشتغال الذّمّة بكل واحد من المعلوم بالإجمال والمعلوم بالتفصيل «قلت» : فرق واضح بين المعلوم بالتفصيل والمعلوم بالإجمال فان الأول مما لا ريب في قيام المنجز عليه إما العلم التفصيليّ أو مجموع العلمين ، والثاني مما لا يحتمل وجود المنجز له غير العلم الإجمالي والمفروض انه يمتنع أن يكون منجزاً له «والنكتة الفارقة» : أن العلم الإجمالي وإن لم يتعلق إلا بالصورة المهملة الصالحة للانطباق على كل من الفردين إلا أنه ينجز نفس الواقع الّذي اتحد معه وانطبق عليه فيصلح لمنجزية المعلوم بالتفصيل والعلم التفصيليّ مما لا يصلح لمنجزية المعلوم بالإجمال الصالح للانطباق على كل من الفردين أصلا وانما ينجز متعلقه فقط ولا يسري التنجز من متعلقه إلى الأمر المردد بينه وبين غيره.

ومن هنا نحكم بوجود المنجز للمعلوم بالتفصيل ، إما نفس العلم التفصيليّ أو هو والإجمالي ولا ومن هنا نحكم بوجود المنجز للمعلوم بالتفصيل ، إما نفس العلم التفصيليّ أو هو والإجمالي ولا نحكم بوجود المنجز للمعلوم بالإجمال إذ ينحصر محتمل المنجزية له بنفس العلم الإجمالي الّذي قد عرفت انه ممنوع لوجود المماثل «وان شئت قلت» : تنجز المعلوم بالإجمال ليس معناه الاشتغال ذمة المكلف به في قبال اشتغالها بالمعلوم بالتفصيل وهذا ممتنع عقلا لاحتمال كونه عين المعلوم بالتفصيل فكيف يثبت في ذمة المكلف زائداً على المعلوم بالتفصيل ، وحينئذ يدور الأمر بين رفع اليد عن العلم التفصيليّ فلا يحكم بمنجزية متعلقه أو عن العلم الإجمالي كذلك أو عنهما معا فلا يجب على المكلف اجتناب كل واحد منهما ، لكن لما كان وجوب الاجتناب عن المعلوم بالتفصيل من لوازم كل

٢٤٥

من العلمين ومقتضياتهما كان ترتبه مما لا إشكال فيه لعدم تزاحمهما فيه ، ووجوب الاجتناب عن الطرف المشكوك لما كان من لوازم تأثير العلم الإجمالي في متعلقه بخصوصه لا وجه للحكم به لعدم قيام المرجح له. وعلى هذا جرت طريقة العقلاء التي هي حاكمة على كل إشكال في المقام أو نقض أو إبرام ، ومنه سبحانه نستمد الاعتصام «إذا عرفت» هذا عرفت انه لا فرق بين كون العلمين التفصيليّ والإجمالي حقيقيين أو تنزيليين أو مختلفين ، بل لا فرق بين أن يكونا علمين أو أصلين مثبتين للتكليف أو مختلفين إذ يأتي في جميع هذه الصور جميع ما ذكرنا. فلاحظ وتأمل «هذا كله» إذا كان العلمان أو ما هو بمنزلتهما مقترنين. ولو تقدم العلم التفصيليّ على العلم الإجمالي كما لو علم بنجاسة إناء معين ثم علم بوقوع نجاسة فيه أو في إناء آخر ، فان بنينا على أن التنجز حدوثاً وبقاءً منوط بالعلم حدوثاً بحيث يكون حدوث العلم بالتكليف موجباً لتنجز متعلقه إلى الأبد فالمعلوم بالتفصيل لما كان متنجزاً بالعلم التفصيليّ حين حدوثه فإذا جاء العلم الإجمالي امتنع أن يكون منجزاً لمتعلقه لما عرفت من التنافي الموجب لتعين سقوطه لتأخره الزماني إذ يكون تنجيزه حينئذ من قبيل تحصيل الحاصل الممتنع ، وان قلنا ـ كما هو التحقيق ـ ان التنجز منوط بالعلم حدوثاً وبقاءً ففي آن حدوث العلم الإجمالي يأتي حكم صورة التقارن ، ومجرد سبق العلم التفصيليّ لا أثر له في الفرق ، كما انه لا فرق أيضاً بين أن يكون العلمان حقيقيين أو تنزيليين أو مختلفين ، كما لا فرق بينها وبين ما لو كان المثبت للتكليف إجمالا وتفصيلا أصلين أو كان أحدهما أصلا والآخر علماً فيجري فيه جميع ما تقدم بلا فرق أصلا. ولو تقدم العلم الإجمالي على العلم التفصيليّ (فان قلنا) : بأن التنجز منوط بحدوث العلم فالمعلوم بالإجمال متنجز بالعلم الإجمالي لأنه بلا مانع حين حدوثه وحدوث العلم التفصيليّ لا يبطل أثره لعدم كونه مقتضياً لذلك فيبقى المعلوم بالإجمال متنجزاً ويجب الاحتياط في الطرف المشكوك (وان قلنا) : بأن التنجز منوط بالعلم حدوثاً وبقاء فالمعلوم بالإجمال متنجز بالعلم الإجمالي إلى حين حدوث العلم التفصيليّ ، وفي آن حدوثه يجري

٢٤٦

عليهما حكم الاقتران فيسقط العلم الإجمالي عن التأثير ، ولا يجب الاجتناب الا عن المعلوم بالتفصيل ، ولازم ذلك أنه لو علم إجمالا بنجاسة أحد إناءين فوجب عليه اجتنابهما معا ثم في الزمان اللاحق وقعت نجاسة في أحدهما المعين وجب عليه الاجتناب عن ذلك المعين ولم يجب عليه الاجتناب عن الآخر لعدم المنجز له على تقدير نجاسته. نعم قد يقال : إنه وإن انحل العلم الإجمالي المذكور إلا أن هناك علم إجمالي لم ينحل وذلك لأن التكليف الممتد بامتداد الزمان أعني المستمر في الجملة مثل التكليف بالجلوس في المسجد ساعة والتكليف بالاجتناب عن النجس مدة الحياة منحل إلى تكاليف متعددة بتعدد الآنات وليس المراد من ذلك أن كل زمان يفرض ملحوظ قيدا في موضوع التكليف فيكون مثلا كل حصة من الجلوس مقيدة بحصة من الزمان موضوعا مستقلا للحكم حتى يمنع ذلك بأنه لا دليل عليه ، بل المراد ما هو أعم من ذلك ومن ان كل حصة من الجلوس وقطعة منه بما هي جلوس موضوع مستقل للحكم ، والمراد من كونها مستقلة في الموضوعية أن لها إرادة خاصة بها بحيث لا تكون القطعة الأخرى مما لها الدخل في موضوعية هذه القطعة للمقدار الخاصّ بها من الإرادة بل كل قطعة من قطعات الجلوس المنحل إليها الجلوس المستمر قائمة بها إرادة مستقلة غير مربوطة بإرادة القطعة الأخرى أصلا بحيث لو فرض تبدل الإرادة الأخرى بنقيضها كانت هذه القطعة من الإرادة ثابتة بحالها ، فهناك حقيقة إرادات متعددة بتعدد حصص الجلوس تنحل إليها الإرادة الممتدة بامتداد الجلوس بحيث يكون لكل واحدة من هذه الإرادات طاعة ومعصية لا كالوجوب الارتباطي ، وحينئذ ينحل التكليف بالاجتناب عن النجس مدة الحياة إلى التكليف بالاجتناب عنه يوم الجمعة ويوم السبت ويوم الأحد ... وهكذا إلى آخر المدة فإذا تردد النجس بين إناءين كان هناك علوم إجمالية كثيرة بتكثر الآنات منها آنية مثل أنا نعلم إجمالا بوجوب الاجتناب عن أحدهما يوم الجمعة ونعلم بوجوب الاجتناب عن أحدهما يوم السبت ونعلم إجمالا بوجوب الاجتناب عن أحدهما يوم الأحد ... وهكذا ، ومنها تدريجية مثل أنا نعلم بوجوب الاجتناب اما عن الأحمر يوم الجمعة أو عن الأبيض يوم السبت أو عنه يوم الأحد أو عنه يوم الاثنين ... وهكذا إلى آخر أزمنة الأبيض ، ومع

٢٤٧

ذلك نعلم أيضا بوجوب الاجتناب اما عن الأحمر يوم الأحد أو الأبيض يوم الجمعة أو عنه يوم السبت أو عنه يوم الاثنين ، وحاصل هذه العلوم التدريجية : انه بعد انحلال التكليف المستمر إلى التكاليف المتعددة بتعدد الآنات فعند تردد المكلف به بين الفردين يكون التردد بين كل ما يفرض من الآنات بالنسبة إلى أحدهما وكل ما يفرض من الآنات بالنسبة إلى الآخر وحينئذ فان فرض طرفا الترديد في آن واحد فالعلم الإجمالي بينهما آني وان فرضا في آنين متصلين أو منفصلين فالعلم الإجمالي بينهما تدريجي مثلا إذا فرض تردد رمضان بين شهرين فانه كما يعلم بوجوب صوم أحد اليومين الأولين واحد الثانيين واحد الثالثين منهما يعلم بوجوب صوم اما الأول من الأول أو الثاني من الثاني أو الثالث منه أو الرابع منه ... وهكذا ، وكذا يعلم اما بوجوب صوم الثاني من الأول أو الأول من الثاني أو الثالث منه أو الرابع منه ... وهكذا ، وحينئذ نقول : العلم التفصيليّ اللاحق للعلم الإجمالي وإن كان يوجب كون العلم الإجمالي بحكم المنحل لكن يختص ذلك بالعلم الآتي وبعض صور التدريجي مطلقاً ، وذلك لأن بعض التدريجي لم يقم على ثبوت التكليف في أحد طرفيه بعينه منجز فلا يكون له ربط بما نحن فيه ، مثلا إذا علمنا بنجاسة أحد الإناءين في يوم الجمعة ثم علمنا في يوم الأحد بنجاسة أحدهما بعينه ، فهذا العلم التفصيليّ إنما يوجب انحلال العلم الكائن في يوم الأحد بنجاسة أحدهما ، أما العلم الإجمالي إما بنجاسة أحدهما في يوم الجمعة أو الآخر في يوم السبت أو الأحد أو الاثنين فهذه العلوم التدريجية مما لم يقم العلم على ثبوت التكليف في أحد أطرافها المعين لأن العلم التفصيليّ إنما حدث في يوم الأحد ومتعلقه في يوم الأحد ليس طرفا لجميع العلوم التدريجية وإنما يكون طرفا لبعضها فما يكون طرفا له يجري عليه حكم الانحلال وما لم يكن طرفا له لا وجه لانحلاله فيجب الاحتياط في أطرافه التدريجية. ومما ذكرنا ظهر أنه لا فرق بين أن يكون العلم التفصيليّ قائما على حدوث تكليف جديد بعد التكليف المعلوم بالإجمال كما في المثال الّذي ذكرنا وبين أن يكون قائما على ثبوت التكليف مقارنا للمعلوم بالإجمال كما ظهر أنه لا فرق بين العلمين الحقيقيّين والتنزيليين

٢٤٨

والمختلفين وبينها وبين الأصلين المثبتين للتكليف والمختلفين (فتلخص) ان العلم التفصيليّ أو ما بحكمه القائم على ثبوت التكليف في أحد الطرفين إن كان مقدما على العلم الإجمالي أو مقارنا أوجب انحلال العلم الإجمالي حكما وإن كان متأخراً لم يمنع من تأثيره في المعلوم بالإجمال ، ولا بد من الاحتياط كما ظهر أنه لا فرق بين كون التكليف الثابت بالعلم التفصيليّ متفقا صنفا مع المعلوم بالإجمال ومختلفا كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين مع العلم التفصيليّ بغصبية أحدهما المعين فانه يجوز شرب الآخر والوضوء منه وغير ذلك من أنواع التصرف لأن المناط في جميع ما ذكرناه كونه علما بالتكليف سواء كان لنجاسة أم غصبية أم غيرهما. نعم لو علم إجمالا بغصبية أحد الإناءين مع العلم التفصيليّ بنجاسة أحدهما بعينه كان العلم التفصيليّ المذكور مانعا من تنجز حرمة شرب الآخر ولا يمنع من تنجز سائر أنواع التصرف فيه لأن العلم الإجمالي بحرمة سائر أنواع التصرف في أحدهما مما لم يقم منجز على ثبوت التكليف في بعض أطرافه المعين ، فتأمل جيداً. ثم ان ما ذكرنا من ان العلم التفصيليّ بثبوت التكليف في أحد الأطراف يمنع من تنجيز العلم الإجمالي للمعلوم بالإجمال يختص بما إذا كان العلم التفصيليّ في رتبة العلم الإجمالي أما لو كان ناشئا منه لم يمنع من تنجيزه لعدم كونه في رتبته فلو علم إجمالا بوجوب أحد الأمرين مع كون أحدهما مقدمة للآخر وجب الاحتياط بفعلهما معا ولا ينحل العلم الإجمالي بالعلم التفصيليّ بوجوب ما كان مقدمة للآخر بعينه اما لنفسه أو لغيره لأن العلم التفصيليّ بوجوبه بعينه إنما نشأ من قبل العلم الإجمالي فالعلم الإجمالي لما لم يكن في رتبته مانع من تأثيره كان تأثيره بلا مانع (وأوضح) منه ما لو كان العلم التفصيليّ ناشئاً من منجزية العلم الإجمالي لا من قبل نفسه كما لو علم المصلي حين كونه في الركعة الثالثة بفوات التشهد أو السجدة الثانية فانه حينئذ وان علم تفصيلا بوجوب التشهد يجب عليه الإتيان بالسجدة لأن العلم التفصيليّ المذكور إنما جاء من تنجز المعلوم بالإجمال إذ على تقدير فوات السجدة واقعا لا يجب عليه التشهد ، ولذا يجب على من فاتته سجدة فقط ان يتدارك التشهد وانما يجب تدارك التشهد على من فاتته

٢٤٩

السجدة لو كان قد تنجز عليه فعلها ونحوه كثير من الأمثلة. فتأمل جيداً (ولو علم) بعد الفراغ من صلاته بفوات ركن من صلاته أو جزء من وضوئه وجب عليه فعل الصلاة للعلم ببطلانها إما لفوات الركن أو لفوات الطهارة المانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ فيها ولا يلزم إعادة الوضوء للشك في صحته فيرجع فيه إلى قاعدة الفراغ ، ولا يجيء ما ذكرنا هنا فيقال : إن العلم التفصيليّ ببطلان الصلاة انما نشأ من العلم الإجمالي بفسادها أو فساد الوضوء فلا يوجب انحلاله ، لأن العلم بفساد أحد الأمرين ليس علما منجزاً حتى لا يمنع العلم الناشئ منه من تأثيره فانه علم بالموضوع ولا معنى لكونه منجزاً بل المنجز هو العلم بالحكم وهو العلم بوجوب الوضوء والصلاة أو الصلاة فقط ، وحيث أنه علم بما هو مردد بين الأقل والأكثر كان منحلا حقيقة إلى العلم بالأقل والشك في الزائد فيعمل على مقتضى كل منهما فيجب الأقل للعلم به ويرجع في الزائد إلى قاعدة الفراغ التي لولاها لكان المرجع فيه قاعدة الاشتغال من جهة سبق التكليف به ، ومن هنا يظهر أن ما ذكرنا من ان العلم التفصيليّ الناشئ من قبل العلم الإجمالي لا يمنعه من تأثيره مختص بما كان ناشئاً من العلم بالتكليف إجمالا فانه الّذي ينجز لا العلم بالموضوع وان اشتبه ذلك على جماعة من فضلاء عصرنا فأوجبوا فعل الوضوء في المسألة المذكورة ، ومنعوا من الرجوع إلى قاعدة الفراغ فيه لما اشتهر من أن العلم التفصيليّ الناشئ من العلم الإجمالي لا يوجب انحلاله. والله سبحانه اعلم (هذا كله) إذا لم يكن العلم التفصيليّ قائما على تعيين المعلوم بالإجمال بل كان قائما على ثبوت التكليف في أحد الأطراف في الجملة أما لو كان قائما على تعيين المعلوم بالإجمال فلا ريب في اقتضائه انحلال المعلوم بالإجمال حقيقة ولا يمكن فرض ذلك الا في العلم التفصيليّ اللاحق أما المقارن والسابق فانه مانع من ثبوت العلم الإجمالي بالمرة. نعم يمكن فرض صورة مهملة في الذهن غير حاكية عن أحدهما بعينه لكن في ظرف الإذعان بها لا ترى حاكية عن الطرف غير المعلوم بالتفصيل ولو على البدل بل تُرى حاكية عن المعلوم بالتفصيل لا غير (هذا) إذا كان العلمان حقيقيين اما لو كان العلم الإجمالي

٢٥٠

فانه كما علم بوجود تكاليف إجمالا كذلك علم إجمالا (تفصيلا ظ) بثبوت طرق وأصول معتبرة مثبتة لتكاليف بمقدار تلك التكاليف المعلومة أو أزيد وحينئذ لا علم بتكاليف أخر غير التكاليف الفعلية في موارد المثبتة من الطرق والأصول العملية

______________________________________________________

حقيقيا والتفصيليّ تنزيليا كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وقامت البينة على كون النجس المعلوم بالإجمال هو الإناء الأبيض فان العلم الإجمالي وان كان باقيا حقيقة إلّا ان دليل حجية البينة يجعل موضوعها بدلا عن المعلوم بالإجمال ، وجعل البدل مما لا ينافي منجزية العلم الإجمالي ، ولو انعكس الأمر كأن قامت البينة على نجاسة أحدهما إجمالا وعلم بان النجس هو المعين لا مجال لحجية البينة في وجوب الاجتناب عن الطرف الآخر للعلم بعدم انطباق موضوعها عليه ، ولو كانا تنزيليين معا كما لو قامت بينة على نجاسة أحد الإناءين وأخرى على كون النجس هو الأبيض كانت الثانية حاكمة على الأخرى ومقتضى حجيتها عدم الاجتناب عن الآخر فيكون من قبيل جعل البدل أيضا ، فالانحلال الحقيقي يكون في صورتين وجعل البدل في صورتين. فتأمل في المقام فانه به حقيق ومنه سبحانه نستمد الاعتصام فانه خير رفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم (١) (قوله فانه كما علم بوجود) هذا بيان لكيفية انحلال العلم الإجمالي الّذي اعتمده الأخباريون لإثبات وجوب الاحتياط إلى العلم التفصيليّ والشك البدوي لكن قوله : كذلك علم إجمالا بثبوت طرق ... إلخ يقتضي كونه منحلا إلى علم إجمالي أضيق منه دائرة وهو العلم بثبوت تكاليف تؤدي إليها الطرق بحيث لو فحص عنها المكلف لعثر عليها ، وهذا العلم مقارن للعلم الأول لا لاحق له ويوجب إجراء أحكام الانحلال له كما في العلم التفصيليّ بعينه غاية الأمر أن هذا العلم ينحل حقيقة بالفحص لأنه إذا تفحص المكلف فان عثر على تكليف هو مؤدى طريق فقد علم تفصيلا بأن العثور عليه من المعلوم بالإجمال بالعلم الصغير الدائرة وان لم يعثر كذلك علم تفصيلا بان التكليف في ذلك المورد ليس من أطرافه فلا مجال للاحتياط فيه ، فعلى هذا انحلال العلم الإجمالي

٢٥١

«ان قلت» : نعم لكنه إذا لم يكن العلم بها مسبوقا بالعلم بالتكاليف «قلت» : إنما يضر السبق إذا كان المعلوم اللاحق حادثا وأما إذا لم يكن كذلك بل مما ينطبق عليه ما علم أولا فلا محالة قد انحل العلم الإجمالي إلى التفصيليّ والشك البدوي «ان قلت» : إنما يوجب العلم بقيام الطرق المثبتة له بمقدار المعلوم بالإجمال ذلك إذا كان قضية قيام الطريق على تكليف موجباً لثبوته فعلا وأما بناء على أن قضية

______________________________________________________

الكبير الدائرة بالعلم الإجمالي الضيق الدائرة من الانحلال الحكمي ، وانحلال هذا العلم الإجمالي الضيق الدائرة بالعلم التفصيليّ الحاصل بعد الفحص من الانحلال الحقيقي ، وعبارة المصنف (ره) لا تخلو من قصور في إفادة الانحلالين معاً ، وان كان قوله : إلى علم تفصيلي ... إلخ يصلح للإشارة إلى الانحلال الثاني ، وقوله : كذلك علم ... إلخ يصلح للإشارة إلى الانحلال الأول لكن يشكل من جهة سوق الكلام الثاني بيانا للأول ، ولا يبعد أن يكون (علم إجمالا) من قلم الناسخ والأصل (علم تفصيلا) ويشهد به كلام في حاشيته على الرسائل في المقام ، وقوله هنا : ان قلت وما بعده ... إلى آخر المطلب ، لكن التحقيق في كيفية الانحلال ما ذكرنا وقد تقدم مثله في باب حجية الظواهر (١) (قوله : نعم لكنه إذا) هذا إشكال على الانحلال بالعلم التفصيليّ اللاحق لا العلم الإجمالي المقارن الّذي ذكرناه (٢) (قوله : إنما يضر السبق) قد عرفت أن العلم التفصيليّ اللاحق لا يوجب انحلال العلم الإجمالي السابق لا حقيقة ولا حكما ما لم يرجع إلى تعيين المعلوم بالإجمال فلا بد في إثبات انحلال العلم بالطرق من إثبات كونها متعرضة للمعلوم بالإجمال لا مجرد الحكاية عن ثبوت الواقع. إلا أن يقال : ان التكاليف الواقعية ليس لها ميز عند العالم بها إجمالا زائد على كونها تكاليف واقعية وإذ لا ميز لها عنده يكون الانطباق قهريا ، ولذا لو علم بإصابة الطريق الموصل إلى مقدار المعلوم بالإجمال يرتفع العلم الإجمالي حقيقة كما ذكرنا فتأمل جيداً (٣) (قوله : إنما يوجب العلم بقيام) يعني ان ما ذكرت من انحلال العلم الإجمالي بالعلم

٢٥٢

حجيته واعتباره شرعاً ليس إلا ترتيب ما للطريق المعتبر عقلا وهو تنجر ما أصابه والعذر عما أخطأ عنه فلا انحلال لما علم بالإجمال أولا كما لا يخفى «قلت» : قضية الاعتبار شرعاً على اختلاف ألسنة أدلته وان كان ذلك على ما قوينا في البحث إلّا أن نهوض الحجة على ما ينطبق عليه المعلوم بالإجمال في بعض الأطراف يكون عقلا بحكم الانحلال وصرف تنجزه إلى ما إذا كان في ذاك الطرف والعذر عما إذا كان في سائر الأطراف مثلا إذا علم إجمالا بحرمة إناء زيد بين الإناءين وقامت البينة على ان هذا إناؤه فلا ينبغي الشك في أنه كما إذا علم أنه إناؤه في عدم لزوم الاجتناب الا عن خصوصه دون الآخر

______________________________________________________

التفصيلي بمؤديات الطرق يتم لو كان مفاد جعل الطريق ثبوت مؤداه حقيقة كما هو مقتضى القول بالسببية فانه بقيام الطريق يعلم بثبوت التكليف تفصيلا أما بناء على الطريقية فلا علم بثبوت التكليف تفصيلا حتى يدعى الانحلال به فليس مورد الطريق الا مما يحتمل ثبوت التكليف فيه كغيره مما لم يقم على ثبوت التكليف فيه طريق (١) (قوله : قلت قضية الاعتبار شرعا) حاصل الجواب : ان هذا وإن لم يكن من الانحلال الحقيقي لكنه بحكم الانحلال في عدم وجوب الاحتياط في غير مورده من الأطراف كما عرفت توضيحه فيما سبق ، بل عرفت أن هذا من قبيل جعل البدل وليس من الانحلال في شيء لا حقيقة ولا حكما إذ ليس فيه تعرض لمقام الاشتغال بل التعرض فيه لمقام الفراغ الّذي هو وظيفة جعل البدل نظير قاعدة الفراغ عما علم الاشتغال به تفصيلا فان دليل القاعدة لا يوجب انحلال العلم التفصيليّ وإنما يجعل بدلا ظاهريا عما اشتغلت به الذّمّة. فلاحظ (٢) (قوله : مثلا إذا علم إجمالا بحرمة) لا ريب فيما ذكر إلا أن في كون المقام منه محل الإشكال حيث أن الطرق والأصول ليس لسانها التعرض لنفس المعلوم بالإجمال وتعيينه في مؤدياتها وإنما مفادها مجرد ثبوت الواقع فكيف يصح القياس بالمثال المذكور. إلا أن يقال : ان الأحكام الواقعية المعلومة إجمالا لما لم يكن لها ميز في نظر العالم أصلا كان انطباقها

٢٥٣

ولو لا ذلك لما كان يجدي القول بان قضية اعتبار الأمارات هو كون المؤديات أحكاماً شرعية فعلية ضرورة انها تكون كذلك بسبب حادث وهو كونها مؤديات الأمارات الشرعية هذا إذا لم يعلم ثبوت التكاليف الواقعية في موارد الطرق المثبتة بمقدار المعلوم بالإجمال وإلا فالانحلال إلى العلم بما في الموارد وانحصار أطرافه بموارد تلك الطرق بلا إشكال كما لا يخفى ، وربما استدل بما قيل من استقلال العقل بالحضر في الأفعال غير الضرورية قبل الشرع ولا أقل من الوقف وعدم استقلاله لا به ولا بالإباحة ولم يثبت شرعاً إباحة ما اشتبه حرمته فان ما دل على الإباحة معارض بما دل

______________________________________________________

على مؤديات الطرق قهريا فتأمل جيداً (١) (قوله : ولو لا ذلك لما كان) يعني لو لا الّذي ذكرنا من أن قيام الطرق والأصول على الواقع بمنزلة الانحلال لم ينفع القول بالسببية في حصول الانحلال الّذي اعترف به المعترض وذلك لأن قيام الطريق مثلا وان كان يوجب العلم التفصيليّ بثبوت المؤدى إلّا أن مثل هذا العلم لا ينحل به العلم الإجمالي لأنه علم بتكليف حادث حال قيام الطريق وليس علما بثبوت الحكم من أول الأمر ، وذلك لأن السبب في ثبوت الحكم قيام الطريق وهو حادث متأخر عن زمان العلم الإجمالي الّذي اعتمده الأخباريون في وجوب الاحتياط (٢) (قوله : وإلا فالانحلال إلى العلم) يعني أن تكلف الجواب بما ذكرنا من كون قيام الطريق بحكم الانحلال الحقيقي إنما هو إذا احتمل خطأ جميع الطرق والأصول المثبتة للواقع أما مع العلم بإصابتها بمقدار المعلوم بالإجمال فهذا العلم يوجب انحلال العلم الإجمالي حينئذ. هذا ولا يخفى انه إذا أراد العلم الحادث حال قيام الطريق فقد عرفت أنه لا يوجب الانحلال إلا إذا كان قائما على تعيين المعلوم بالإجمال الّذي عرفت أن كونه كذلك محل إشكال ، وان أراد العلم المقارن فما ذكر في محله وقد عرفت تفصيل الحال في الحاشية على قوله : كذلك علم إجمالا ... إلخ. فلاحظ وتأمل والله سبحانه هو العالم (٣) (قوله : وربما استدل) يعني على الاحتياط (٤) (قوله : الضرورية) يعني التي يضطر المكلف إلى ارتكابها (قوله : وعدم استقلاله)

٢٥٤

على وجوب التوقف أو الاحتياط ، وفيه (أولا) أنه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والإشكال وإلّا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة (وثانيا) أنه تثبت الإباحة شرعاً لما عرفت من عدم صلاحية ما دل على التوقف أو الاحتياط للمعارضة لما دل عليها (وثالثا) أنه لا يستلزم القول بالوقف في تلك المسألة للقول بالاحتياط في هذه المسألة لاحتمال ان يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان «وما قيل» من أن الإقدام على ما لا تؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما تعلم فيه المفسدة «ممنوع» ولو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل فان المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالباً ضرورة ان المصالح والمفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعة إلى المنافع والمضار بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر والمفسدة فيما فيه المنفعة واحتمال ان يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالباً لا يعتنى به قطعاً ـ مع أن الضرر ليس دائماً مما يجب التحرز عنه عقلا

______________________________________________________

(١) بيان للوقف وضمير به راجع إلى الحظر (٢) (قوله : أولا انه لا وجه) يعني أن القول بان الأصل الحظر هو أحد الأقوال في المسألة فلا وجه للاستدلال به وإلا لجاز لنا الاستدلال بالقول الآخر وهو القول بالإباحة (٣) (قوله : وثانيا انه) اعتراض على قول المستدل : ولم تثبت شرعا إباحة ... إلخ (٤) (قوله : وثالثا انه لا يستلزم) يعني لو سلم عدم ثبوت الإباحة شرعا فليس لازم القول بالوقف هناك القول بالاحتياط في هذه المسألة إذ من المعلوم أن النزاع في تلك المسألة في نفس حكم العقل وعدمه عند النّظر إلى نفس الشيء المشتمل على المصلحة الخالي عن أمارة المفسدة مع قطع النّظر عن العناوين الثانوية ، ومن الواضح أن توقف العقل عن الحكم بالإباحة والحظر بالنظر إلى نفس الشيء لا يستلزم توقفه عن الحكم بالنظر إلى العناوين الثانوية فيجوز أن يحكم بالبراءة في المقام بالنظر إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ولذا ذهب بعض القائلين بالوقف في تلك المسألة إلى القول بالبراءة الشرعية استنادا إلى ما دل عليها من الأدلة الشرعية وآخر إلى البراءة العقلية الواقعية اعتماداً

٢٥٥

بل يجب ارتكابه أحياناً فيما كان المترتب عليه أهم في نظره مما في الاحتراز عن ضرره مع القطع به فضلا عن احتماله «بقي أمور مهمة» لا بأس بالإشارة إليها «الأول» أنه إنما تجري أصالة البراءة شرعاً وعقلا فيما لم يكن هناك أصل موضوعي مطلقا ولو كان موافقاً لها فانه معه لا مجال لها أصلا لوروده عليها كما يأتي تحقيقه فلا تجري مثلا أصالة الإباحة في حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية فانه إذا ذبح مع سائر الشرائط المعتبرة في التذكية فأصالة عدم التذكية تدرجها فيما لم يُذك

______________________________________________________

على قاعدة اللطف وانه لو كان في الفعل مفسدة لوجب على الحكيم بيانها لطفا وثالث إلى البراءة العقلية الظاهرية اعتماداً على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فالقول بالوقف هناك لا يستلزم القول به هنا لأن النزاع هناك في حكم العقل بالنظر إلى نفس الفعل وهنا في حكم العقل ولو بالنظر إلى بعض العناوين الثانوية (١) (قوله : بل يجب ارتكابه) لما عرفت من أن وجوب دفع الضرر إنما هو بمناط وجوب تحصيل الغرض فلا يجب دفعه إلّا إذا كان الغرض دفعه (٢) (قوله : كما يأتي تحقيقه) يأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء الله أن الأصول الموضوعية مهما جرت امتنع جريان الأصول الحكمية سواء أكانت موافقة لها عملا أم مخالفة لأن الأولى إما واردة على الثانية أو حاكمة عليها والأصل المورود أو المحكوم لا يجري مع جريان الأصل الوارد أو الحاكم (٣) (قوله : مع الشك في قبوله التذكية) اعلم ان الشك في ذكاة الحيوان وعدمه (تارة) يكون من الشبهة الموضوعية كما لو شك في كون الحيوان مات حتف أنفه أو بقطع أوداجه (وأخرى) من الشبهة الحكمية كما لو شك في قابلية الحيوان للتذكية وعدمها أو أحرزت القابلية وشك في اشتراط عدالة الذابح أو إسلامه أو ذكوريته مع فقد الذابح لبعضها والشك على النحو الثاني إنما يكون بناء على انها معنى شرعي لا يخلو من إجمال وإهمال ، أما بناء على أنها مفهوم

٢٥٦

عرفي محصل عند أهل العرف وأنها الذبح ـ كما في القاموس ـ فلا مجال للشك فيها الا على نحو الشبهة الموضوعية ، وحيث أن كلام القاموس مبني على المسامحة كما يظهر من موارد استعمالها مثل قوله عليه‌السلام ـ في حديث السمك ـ : ذكاه الله تعالى لبني إسرائيل ، وكل يابس ذكي ، وذكاة الأرض يبسها ، وذكاة الجنين ذكاة أمه ، وأخذ الجراد ذكاته ، وذكاة السمك إخراجه حيا من الماء ، وذكاة الإبل نحرها ، وفي حسن حريز : اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شيء يفصل من الشاة والدّابّة فهو ذكي ، ونحوها كثير مما ورد فيما لا تحله الحياة من الميتة ، وغير ذلك من الموارد الكثيرة الدالة على ان الذكاة ليست هي الذبح ، وانها أثر يحصل بالذبح تارة وبغيره أخرى يكشف عن وجوده الشارع الأقدس يرجع فيه إليه ، فمع الشك فيه للشبهة الموضوعية أو الحكمية يرجع إلى أصالة عدمه ويترتب عليها الحرمة والنجاسة ، ولا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة والطهارة لأن أصالة عدم التذكية أصل موضوعي لهما فيقدم عليهما بلا فرق في ذلك بين كون الشك فيها للشك في القابلية أو في غيرها من الشرائط للشبهة الموضوعية أو الحكمية. ثم إن المصنف (ره) حيث استبعد ما ذكره في القاموس التزم بأن التذكية عبارة عن الذبح الخاصّ الجامع للشرائط المعتبرة مثل إسلام الذابح ونحوه ومنها قابلية المحل ، فجعل التذكية من قبيل الصلاة التي هي عبارة عن أفعال خاصة بشرائطها لا الأثر الحاصل من الأفعال كما ذكرنا ، وهذا المعنى وان كان اقرب مما ذكره في القاموس لكنه خلاف المتبادر منها أيضا ، كما يظهر من ملاحظة موارد استعمالها التي أشرنا إليها ، وعليه فلو شك فيها للشبهة الموضوعية جرى أصالة عدمها [١] وللشبهة الحكمية من جهة الشك في شرطية شيء لها لم تجر أصالة عدمها لإجمال المفهوم الموجب لليقين بعدمه على بعض التقادير واليقين بثبوته على

__________________

[١] هذا لو لم نقل بطهارة اللحم حال حياة الحيوان وإلا كان الأصل بقاؤها إلى ما بعد الموت ، إلا ان يحكم عليه أصالة عدم الذبح أو النحر الّذي هو موضوع النجاسة. منه مد ظله

٢٥٧

وهو حرام إجماعا كما إذا مات حتف أنفه فلا حاجة إلى إثبات أن الميتة تعم غير المذكى شرعاً

______________________________________________________

التقدير الآخر ، مثلا إذا شككنا في اعتبار عدالة الذابح في التذكية فذبح الحيوان غير العادل فالتذكية بمعنى ما يعتبر فيه العدالة معلومة العدم وبمعنى ما لا يعتبر فيه العدالة معلومة الثبوت فليس الشك في البقاء وعدمه الّذي هو قوام الاستصحاب بل الشك في الحقيقة في الاعتبار وعدمه ، ومثل المقام استصحاب بقاء النهار بعد سقوط القرص لإثبات كونه مما ينتهي بذهاب الحمرة المشرقية ، وان كان من جهة الشك في القابلية فاستصحاب عدم القابلية وان لم يكن جاريا لأن القابلية من الصفات الاعتبارية التي يكون ثبوتها للماهية أزلياً ليس مسبوقا بالعدم فلا مجال لاستصحاب عدمها ، لكن يجري أصالة عدم التذكية بمعنى عدم الذبح في المحل القابل ، كما لو نذر أن يغتسل بكر فاغتسل بماء ليس له حالة سابقة فأصالة عدم الكرية وان لم يكن جاريا لكن أصالة عدم الغسل بالكر لا مانع منها ، فتلخص : أنه على رأي القاموس لا مجال لأصالة عدم التذكية الا مع الشك فيها للشبهة الموضوعية ، وعلى رأي المصنف ـ رحمه‌الله ـ تجري في ذلك للشك في القابلية ، وعلى ما قلناه تجري في ذلك كله وللشك في شرطية شيء لها ، كما ظهر أن تتبع موارد الاستعمال يشهد بوهن ما ذكره في القاموس معنى للتذكية كوهن ما ذكره المصنف (ره). فلاحظ وتأمل (١) (قوله : وهو حرام إجماعا) أشار بذلك إلى دفع إشكال في المقام وهو أن النجاسة والحرمة معلقتان على الميتة فإثباتهما يتوقف على إثبات كون اللحم ميتة وهو لا يثبت بأصالة عدم التذكية وإذا لم يثبت لا مجال لإجرائها لعدم الأثر الشرعي ، فالمرجع حينئذ أصالة الحل والطهارة ، وحاصل الدفع : أن الحرمة والنجاسة كما يثبتان للميتة يثبتان أيضاً لما ليس بمذكى بالإجماع فيكون لهما موضوعان الميتة وما ليس مذكى وأصالة عدم التذكية وان لم تثبت الأول لكنها تثبت الثاني فيترتب على جريانها الحرمة والنجاسة (قوله : فلا حاجة إلى إثبات ان)

٢٥٨

ضرورة كفاية كونه مثله حكما وذلك بأن التذكية انما هي عبارة عن فري الأوداج الأربعة مع سائر شرائطها عن خصوصية في الحيوان التي بها يؤثر فيه الطهارة وحدها أو مع الحلية ومع الشك في تلك الخصوصية فالأصل عدم تحقق التذكية بمجرد الغري بسائر شرائطها كما لا يخفى. نعم لو علم بقبوله التذكية وشك في الحلية فأصالة

______________________________________________________

(١) إشارة إلى ما أجاب به شيخنا الأعظم «قده» عن الإشكال المذكور ، وحاصله : أن أصالة عدم التذكية انما لا تصلح لإثبات عنوان الميتة لو كان العنوان المذكور عنواناً وجوديا مثل الميت حتف أنفه أما لو كان عدمياً وهو ما ليس بمذكى كان أصالة عدم التذكية صالحاً لإثباته ، وليس مراده أن الميتة بحسب المفهوم العرفي بمعنى غير المذكى بل مراده أنها في لسان الشارع حين أخذت موضوعا للحرمة والنجاسة أريد بها ما ليس بمذكى ، والباعث له على ذلك مع التفاته ـ قدس‌سره ـ إلى ما ذكر المصنف ـ رحمه‌الله ـ من أن الحرمة والنجاسة ثابتتان لغير المذكى في الكتاب والسنة ، ما يظهر من الفقهاء من كون موضوع النجاسة هو الميتة لا غير تبعاً لما يظهر من النصوص المقابلة للمذكى بالميتة ، ففي رواية سماعة : إذا رميت وسميت فانتفع. بجلده وأما الميتة فلا ، وما في رواية علي بن أبي حمزة : منه ما يكون ذكياً ومنه ما يكون ميتة : وما في رواية الصيقل : إني أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة ... إلى ان قال : فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية ، ورواية أبي بصير في أليات الضأن تقطع وهي أحياء أنها ميتة ، وغيرها فان الجميع ظاهر في كون الميتة غير المذكى ، والأمر سهل بعد عدم وضوح الثمرة العملية (٢) (قوله : ضرورة كفاية) تعليل لعدم الحاجة (٣) (قوله : هي عبارة عن فري) قد عرفت ما فيه (٤) (قوله : عن خصوصية) وهي الملازمة للقابلية (٥) (قوله : الطهارة وحدها) كما في غير مأكول اللحم القابل للتذكية كالأرانب والثعالب ونحوها (٦) (قوله : أو مع الحلية) كما في مأكول اللحم (٧) (قوله : لو علم بقبوله) كالأرانب مثلا التي علم

٢٥٩

الإباحة فيه محكَّمة فانه حينئذ انما يشك في ان هذا الحيوان المذكى حلال أو حرام ولا أصل فيه إلّا أصالة الإباحة كسائر ما شك في انه من الحلال أو الحرام. هذا إذا لم يكن هناك أصل موضوعي آخر مثبت لقبوله التذكية كما إذا شك مثلا في أن الجلل في الحيوان هل يوجب ارتفاع قابليته لها أم لا؟ فأصالة قبوله لها معه محكمة ومعها لا مجال لأصالة عدم تحققها فهو قبل الجلل كان يطهر ويحل بالفري بسائر شرائطها فالأصل انه كذلك بعده ، ومما ذكرنا ظهر الحال فيما اشتبهت حليته وحرمته بالشبهة الموضوعية من الحيوان وان أصالة عدم التذكية

______________________________________________________

بقبولها للتذكية وطهارتها بها فشك في أنها حلال اللحم أو حرامه فانه لا مانع حينئذ من أصالة الحل لعدم الأصل الموضوعي الحاكم عليها (١) (قوله : ولا أصل فيه الا) يمكن الرجوع إلى استصحاب الحرمة الثابت قبل ان يشعر أو يوبر فلاحظ ، (٢) (قوله : كما إذا شك) مثال للمنفي (٣) (قوله : ومعها لا مجال لأصالة) يعني مع أصالة بقاء القابلية الثابتة قبل الجلل لا مجال لجريان أصالة عدم التذكية لأن التذكية إذا كانت عبارة عن فري الأوداج في المحل القابل ، فباستصحاب القابلية يثبت كون الفري في المحل القابل الّذي هو عين التذكية والأصل في المقام نظير إجراء أصالة الطهارة لإثبات كون الصلاة حال الطهارة ومثل كل أصل جرى لإثبات قيد الموضوع أو جزئه وليس هو من الأصل المثبت كما يأتي إن شاء الله تعالى بيان ذلك في مبحث الاستصحاب. نعم بناء على أن التذكية نفس الأثر المترتب على الذبح فاستصحاب القابلية لا ينفع في إثبات فعلية التذكية إلّا بناء على الأصل المثبت ، فيتعين الرجوع في إثباتها في المثال المذكور إلى الاستصحاب التعليقي فيقال : كان هذا الحيوان قبل الجلل إذا ذبح بالشروط المخصوصة يصير ذكياً وهو باق على ما هو عليه (٤) (قوله : فهو قبل الجلل) هذا لا يناسب ما ذكره إذ ليس هو من استصحاب القابلية بل استصحاب حكمي تعليقي لا موضوع التنجيزي. فتأمل

٢٦٠