حقائق الأصول - ج ١

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

حقائق الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

المعاملات ان كانت موضوعة للمسببات فلا مجال للنزاع في كونها موضوعة للصحيحة أو للأعم لعدم اتصافها بهما كما لا يخفى بل بالوجود تارة وبالعدم أخرى واما ان كانت موضوعة للأسباب فللنزاع فيه مجال لكنه لا يبعد دعوى كونها موضوعة للصحيحة أيضاً وان الموضوع له هو العقد المؤثر لأثر كذا شرعاً وعرفا والاختلاف بين الشرع والعرف

______________________________________________________

و (صالحت) و (آجرت) و (ملكت) و (بادلت) وكذا الحال في غيرها من معاني ألفاظ العقود والإيقاعات انما تكون موضوعة لنفس المعاني التي يقصد المتكلم إيجادها ادعاء أو حقيقة حسبما عرفت فمعانيها هي التي تكون معلولة للإنشاء وموجودة به فان كان الإنشاء جامعاً لما يعتبر في ترتبها عليه ترتب عليه وكان صحيحاً وإلّا لم يترتب عليه وكان فاسداً فليست تلك الألفاظ إلا موضوعة لنفس المسببات التي لا تتصف بالصحّة والفساد (الثالث) في أنها ـ بناء على انها موضوعة للأسباب ـ موضوعة للصحيح أو للأعم فنقول : لا ريب في إمكان تصوير الجامع في المقام ولو منعنا تصويره في العبادات للفرق بين المقامين من جهة اختلاف مراتب الصحيح والفاسد وأفرادهما بنحو لا تدخل تحت ضابط هناك ، بخلاف المقام إذ يمكن تصور مفهوم إنشاء البدلية بين المالين في البيع ومفهوم إنشاء علقة الزوجية بين الزوجين في النكاح فيوضع له لفظ البيع والنكاح مطلقا كان جامعاً لما يعتبر في ترتب الأثر عليه أولا ، ومن هنا لم يجزم المصنف (ره) هنا بالوضع للصحيح حيث قال : لا يبعد دعوى ... إلخ ولكن عرفت الإشارة إلى أن تبادل وصفي الصحة والفساد على أمر واحد يعبر عنه بلفظ خاص دليل قطعي على كونه موضوعا للأعم وتبادر الصحيح ناشئ من الإطلاق لا من خلق اللفظ ـ مع أن الشك في أنه مستند إلى نفس اللفظ أو القرينة مانع من التمسك به على دعوى الحقيقة كما تقدم (١) (قوله : المعاملات) الظاهر أن المراد بها ما يقابل العبادات فيشمل مفاهيم جميع العقود والإيقاعات (٢) (قوله : المؤثر لأثر كذا شرعاً وعرفا) الاحتمالات في بدو النّظر ثلاثة (الأول) أن تكون موضوعة

٨١

للسبب المؤثر شرعاً (الثاني) أن تكون موضوعة للسبب المؤثر عرفا (الثالث) أن تكون موضوعة للسبب المؤثر شرعاً وعرفا (فعلى) الأول يكون بين البيع الشرعي والعرفي مثلا عموم من وجه إذ قد لا يكون المؤثر عرفا مؤثراً شرعاً كما في بيع الصبي المميز وقد يكون المؤثر شرعاً ليس بيعاً عرفا كما في بيع الولي فتأمل (وعلى الثاني) يكونان متساويين ويكون اعتبار بعض الخصوصيات في ترتب الأثر شرعاً لا في المسمى (وعلى الثالث) يكون البيع الشرعي أخص مطلقا من البيع العرفي إذ كل ما هو مؤثر شرعاً وعرفا مؤثر عرفا ولا عكس ، وظاهر المصنف (ره) أن المؤثر شرعاً هو المؤثر عرفا لأن المراد من المؤثر المؤثر واقعاً والاختلاف بين الشرع والعرف ليس في نفس المؤثر بل في اعتقاد المؤثرية فقد يعتقد العرف أن البيع الفلاني مؤثر كبيع المجهول ولا يكون كذلك في نظر الشارع فلا يكون الاختلاف حينئذ في معنى اللفظ بل الاختلاف في تطبيق المعنى لا غير فلا مجال حينئذ في معنى اللفظ بل الاختلاف في تطبيق المعنى لا غير فلا مجال حينئذ للاحتمالات الثلاثة لأنها مبنية على مغايرة المؤثر واقعا عند العرف للمؤثر واقعاً عند الشرع وهو كلام متين لكنه يتوقف على أن يكون التأثير والتأثير واقعياً والاختلاف نظريا اعتقاديا لكن الظاهر انه ليس كذلك لأن مؤثرية الإنشاء في الأمر الاعتباري ليس من قبيل مؤثرية العلة في المعلول بحيث يكون وجوده تابعاً لوجودها واقعاً جامعاً لما يعتبر في فعلية التأثير بلا توقف على الاعتبار بل مؤثرية المنشأ في الأمر الاعتباري بمعنى أن يكون منشأ للاعتبار في نظر المعتبر وهذا المعنى مما لا يقبل التصويب والتخطئة ، وعدم صلاحية المنشأ للاعتبار في نظر الشارع لا ينافي كونه منشأ عندهم واقعاً بحيث يكون وجوده منشأ الاعتبار عندهم لأن الاعتبار تابع لكون الشيء منشأ في نظر المعتبر لا كونه منشأ واقعا فإذاً للاحتمالات المتقدمة مجال والمتعين من بينها هو الثاني لأصالة عدم النقل لو كان المدعى الوضع لغيره وأصالة الحقيقة لو كان المدعى الاستعمال في غيره وليست ألفاظ المعاملات إلا كسائر الألفاظ الحاكية عن سائر الموضوعات اللغوية والعرفية مثل لفظ التمر والخمر والماء في وجوب حملها على معانيها

٨٢

فيما يعتبر في تأثير العقد لا يوجب الاختلاف بينهما في المعنى بل الاختلاف في المحققات والمصاديق وتخطئة الشرع العرف في تخيل كون العقد بدون ما اعتبره في تأثيره محققا لما هو المؤثر كما لا يخفى فافهم.

(الثاني) أن كون ألفاظ المعاملات أسامي للصحيحة لا يوجب إجمالها كألفاظ العبادات

______________________________________________________

إلا أن تقوم قرينة على خلافها وحينئذ يكون اعتبار بعض الخصوصيات فيها لأجل ترتب الأثر لا في المسمى كما عرفت «فتلخص» أنه لو كانت الألفاظ موضوعة للأسباب لا للمسببات وكانت موضوعة لخصوص الصحيح لا للأعم فالمراد من الصحيح الصحيح العرفي فافهم (١) (قوله : فيما يعتبر) متعلق بالاختلاف (٢) (قوله : في تخيل) متعلق بتخطئة (٣) (قوله : ما اعتبره) يعنى الشارع (٤) (قوله : محققا) خبر (كون) يعني مصداقا (٥) (قوله : فافهم) لعله إشارة إلى ما عرفت. ثم إنه لو كانت الألفاظ موضوعة للمسببات فلا ريب في أن معانيها عند الشارع هي معانيها عند العرف ويكون الاختلاف بين الشرع والعرف في تحققها ببعض الأسباب وعدم تحققها فمع تحققها في نظر الشارع واعتباره تترتب آثارها ومع عدمه لا تترتب ولا اعتبار بتحققها عند العرف أصلا (٦) (قوله : لا يوجب إجمالها) لا ينبغي الإشكال في جواز التمسك بالإطلاقات عند الشك في صحة معاملة أو إيقاع إذا أحرز انطباق عنوان المطلق على مشكوك الصحة بناء على أنها موضوعة للصحيح عرفا فانه بعد إحراز صحته عرفا يحرز موضوع المطلق فيرجع إلى الإطلاق في إثبات حكمه وأثره. نعم يتسجل الإشكال بناء على الوضع للصحيح الشرعي نظير الإشكال في إطلاق أدلة العبادات فانه إذا شك في صحة البيع شرعا فقد شك في كون العقد الخارجي بيعاً فلا مجال للتمسك في مثل قوله تعالى : أحل الله البيع ، مع أن بناء الأصحاب على التمسك بها لإثبات الصحة كما يظهر بأدنى مراجعة ، وقد دفعه المصنف «ره» بأن مقتضى ذلك عدم جواز التمسك

٨٣

كي لا يصح التمسك بإطلاقها عند الشك في اعتبار شيء في تأثيرها شرعاً وذلك لأن إطلاقها لو كان مسوقا في مقام البيان ينزل على أن المؤثر عند الشارع هو المؤثر عند أهل العرف ولم يعتبر في تأثيره عنده غير ما اعتبر فيه عندهم كما ينزل عليه إطلاق كلام غيره حيث انه منهم ولو اعتبر في تأثيره ما شك في اعتباره كان عليه البيان ونصب القرينة عليه وحيث لم ينصب بان عدم اعتباره عنده أيضاً ولذا يتمسكون بالإطلاق في أبواب المعاملات مع ذهابهم إلى كون ألفاظها موضوعة للصحيح نعم لو شك في اعتبار شيء فيها عرفا

______________________________________________________

بإطلاق لفظ المعاملة أما الإطلاق المقامي للكلام فلا مانع منه ، وتوضيح ذلك أنا إذا أحرزنا بيعا عرفيا صح قولنا : هذا بيع عرفا ، وان لم يصح قولنا : هذا بيع شرعا ، للشك في كونه كذلك مع الشك في صحته كما تقدم في تقرير الإشكال إلا أن ورود الكلام المذكور في مقام البيان يدل على أن كل بيع عرفي بيع شرعي فانه لو لا ذلك لزم الإجمال فيلزم نقض الغرض ولأجل ذلك ثبتت الصحة بعد تأليف قياسين أحدهما مركب من الصغرى الوجدانية أعني قولنا : هذا بيع عرفا ، وكبرى شرعية دل عليها الإطلاق وهي : كل بيع عرفي بيع شرعي فينتج : هذا بيع شرعي ؛ فتكون صغرى للكبرى المستفادة من الآية الشريفة أعني قولنا : كل بيع حلال ، فينتج : هذا بيع حلال (أقول) يمكن دفع الإشكال في مثل المثال بأنه لو كان البيع موضوعا لما هو صحيح شرعا كما هو المفروض امتنع حمله عليه لأن الحل يكون داخلا في المراد من لفظ البيع لا حكما له فلو جاز عقلا جعله حكما له كان لغواً فيمتنع فلا بد أن يحمل على البيع العرفي فلا مجال للإشكال المذكور إذ لا مانع حينئذ من التمسك به بمجرد إحراز كون العقد الخارجي بيعا نعم يختص الإشكال بالاحكام الزائدة على وصف الصحة ، كما أنه أيضا يندفع بناء على ما عرفت من كونها أسامي للمسببات بالإطلاق المقامي الّذي ذكره المصنف «ره» فلاحظ (١) (قوله : كي لا يصح) مترتب على إجمالها (٢) (قوله : وذلك لأن) تعليل لنفي التمسك (قوله : ولو اعتبر)

٨٤

فلا مجال للتمسك بإطلاقها في عدم اعتباره بل لا بد من اعتباره لأصالة عدم الأثر بدونه فتأمل جيداً

(الثالث) ان دخل شيء وجودي أو عدمي في المأمور به تارة بأن يكون داخلا فيما يأتلف منه ومن غيره وجعل جملته متعلقاً للأمر فيكون جزءاً له وداخلا في قوامه وأخرى بأن يكون خارجاً عنه لكنه كان مما لا يحصل الخصوصية المأخوذة فيه بدونه كما إذا أخذ شيء مسبوقاً أو ملحوقاً به أو مقارناً له متعلقاً للأمر فيكون من مقدماته لا مقوماته

______________________________________________________

(١) يعني الشارع (٢) (قوله : فلا مجال للتمسك) لعدم إحراز عنوان المطلق بناء على الوضع عند العرف للصحيح (٣) (قوله : في عدم) يعني لإثبات عدم ... إلخ (٤) (قوله : إن دخل شيء وجودي) الحكم إما يتعلق بأمر واحد لا تكثر فيه أو بأمور متكثرة على نحو ينبسط عليها فينحل إلى حصص ضمنية يختص كل منها بحصة وكيف كان فموضوع الحكم إما أن يكون مطلقا أو مقيداً بحال وجودي آخر أو عدمي سابق أو لا حق أو مقارن ، فان كان الموضوع من الأول فهو البسيط الّذي لا جزء له ، وان كان من الثاني فهو المركب ، وكل واحد من الأمور المتكثرة جزء له وإن أخذ مطلقا فهو الّذي لا شرط له وان أخذ مقيداً فذلك القيد شرطه وبهذا يظهر الفرق بين الجزء والشرط فان الأول موضوع لحصة من الحكم والثاني خارج عن الموضوع ثم إن الجزء والشرط تارة يلحظان بالإضافة إلى نفس الماهية وأخرى بالإضافة إلى الفرد أعني الحصة المتشخصة من الماهية ، فان لوحظا على النحو الأول كان انتفاء كل منهما موجبا لانتفاء الماهية نفسها وان لوحظا على النحو الثاني كان انتفاء كل منهما موجبا لانتفاء الفرد مع إمكان وجود الماهية بفرد آخر سواه (٥) (قوله : وجعل) معطوف على يأتلف (٦) (قوله : فيه بدونه) يعني في المأمور به بدون ذلك الشيء (٧) (قوله : شيء مسبوقا) المراد من الشيء موضوع الأمر ومن ضمير (به) و (له) الشيء الدخيل يعني الشرط ، مثال المسبوق

٨٥

(وثالثة) بأن يكون مما يتشخص به المأمور به بحيث يصدق على المتشخص به عنوانه وربما يحصل له بسببه مزية أو نقيصة ، ودخل هذا فيه أيضا طوراً بنحو الشطرية وآخر بنحو الشرطية فيكون الإخلال بما له دخل بأحد النحوين في حقيقة المأمور به وماهيته موجباً لفساده لا محالة بخلاف ما له الدخل في تشخصه وتحققه مطلقا شطراً حيث لا يكون الإخلال به الا إخلالاً بتلك الخصوصية مع تحقق الماهية بخصوصية أخرى غير موجبة لتلك المزية بل كانت موجبة لنقصانها كما أشرنا إليه كالصلاة في الحمام ثم إنه ربما يكون الشيء مما يندب إليه فيه بلا دخل له أصلا لا شطراً ولا شرطاً في حقيقته ولا في خصوصيته وتشخصه بل له دخل صرفاً في مطلوبيته بحيث لا يكون مطلوباً إلّا إذا وقع في أثنائه فيكون مطلوباً نفسياً في واجب أو مستحب كما إذا كان مطلوباً كذلك قبل أحدهما أو بعده فلا يكون الإخلال به موجباً للإخلال به ماهية ولا تشخصاً وخصوصية أصلا إذا عرفت هذا كله فلا شبهة في عدم دخل ما ندب إليه في العبادات نفسياً في التسمية بأساميها وكذا فيما له دخل في تشخصها مطلقاً ، وأما

______________________________________________________

الطهارات الثلاث بناء على أنها نفس العمل الخارجي لا الأثر الحاصل منها وإلّا كانت كالستر والاستقبال من المقارن ومثال الملحوق سجود السهو (١) (قوله : وثالثة) إشارة إلى ما له دخل في الفرد (٢) (قوله : عنوانه) (أي) عنوان المأمور به (٣) (قوله : بأحد النحوين) يعنى الشطرية والشرطية (٤) (قوله : بتلك الخصوصية) يعني بالفرد سواء أكان جزءا كما في جميع موارد التخيير بين الأقل والأكثر أم شرطا ككون الصلاة في المسجد أو في البيت أو في الحمام (٥) (قوله : كما أشرنا إليه) يعني في قوله سابقاً مزية أو نقيصة (٦) (قوله : ثم إنه ربما يكون ... إلخ) يعني أن ما تقدم كله في صورة دخل شيء في المأمور به على أحد الأنحاء وقد يكون الشيء غير دخيل في المأمور به أصلا بل يكون المأمور به دخيلا فيه بان يكون ظرفا له ويكون الشارع قد أمر بفعل ذلك الشيء في المأمور به فيكون المأمور به شرطا له بذاته عكس الصورة السابقة أو شرطا للأمر به (٧) (قوله : به موجبا) الضمير الأول راجع إلى الشيء

٨٦

ما له الدخل شرطاً في أصل ماهيتها فيمكن الذهاب أيضا إلى عدم دخله في التسمية بها مع الذهاب إلى دخل ما له الدخل جزءاً فيها فيكون الإخلال بالجزء مخلا بها دون الإخلال بالشرط لكنك عرفت ان الصحيح اعتبارهما فيها

(الحادي عشر) الحق وقوع الاشتراك للنقل والتبادر وعدم صحة السلب بالنسبة إلى معنيين أو أكثر للفظ واحد وان أحاله بعض لا خلاله بالتفهم المقصود من الوضع لخفاء القرائن لمنع الإخلال (أولا) لإمكان الاتكال على القرائن الواضحة ومنع كونه مخلا بالحكمة (ثانيا) لتعلق الغرض بالإجمال أحياناً ، كما ان الاستعمال المشترك في القرآن ليس بمحال

______________________________________________________

والثاني إلى المأمور به (١) (قوله : فيمكن الذهاب) قد تقدمت حكايته عن البهبهاني (ره) (٢) (قوله : أن الصحيح اعتبارهما) لتوقف الصحة على وجود الشرط كتوقفها على وجود الجزء ؛ ولعل الباعث على هذا المذهب ان الشرط ليس مؤثراً في المصلحة وإنما المؤثر تمام الأجزاء وإنما يكون دخله فيها بملاحظة توقف تأثيرها فيها عليه فيمكن الوضع له والإشارة إليه بمفهوم : المقتضي للتأثير ، كما يمكن الإشارة إلى الصحيح ب (المؤثر فعلا) وحيث أمكن الوضع له كما أمكن الوضع للصحيح أمكن إثبات ذلك ببعض الأدلة المتقدمة للقول بالأعم ، لكن التحقيق ما عرفت ومنه سبحانه نستمد التوفيق.

(الاشتراك)

(٣) (قوله : للنقل) يعني من أهل اللغة حيث نقلوا أن (قرأ) للطهر والحيض ، و (البيع) و (الشراء) لكل من فعل الموجب والقابل «وعين» للنابعة وغيرها و «وعسعس» لا «أقبل» و «أدبر» إلى غير ذلك (٤) (قوله : والتبادر) يعني تبادر كل من المعنيين بخصوصه على نحو يكشف عن خصوصية للفظ مع كل منهما (٥) (قوله : لإخلاله) تعليل للمنع

٨٧

كما توهم لأجل لزوم التطويل بلا طائل مع الاتكال على القرائن والإجمال في المقال لو لا الاتكال عليها وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى جل شأنه كما لا يخفى ، وذلك لعدم لزوم التطويل فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتى به لغرض آخر ومنع كون الإجمال غير لائق بكلامه تعالى مع كونه مما يتعلق به الغرض وإلّا لما وقع المشتبه في كلامه وقد أخبر في كتابه الكريم بوقوعه فيه قال الله تعالى : (فيه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) وربما توهم وجوب وقوع الاشتراك في اللغات لأجل عدم تناهي المعاني وتناهي الألفاظ المركبات فلا بد من الاشتراك فيها (وهو فاسد) بوضوح امتناع الاشتراك في هذه المعاني لاستدعائه الأوضاع غير المتناهية ، ولو سلم لم يكد يجدي الا في مقدار متناه مضافا إلى تناهي المعاني الكلية ، وجزئياتها وان كانت غير متناهية إلّا أن وضع الألفاظ بإزاء كلياتها يغني عن وضع لفظ بإزائها كما لا يخفى ـ مع أن المجاز باب واسع فافهم.

______________________________________________________

(١) (قوله : لخفاء) تعليل للإخلال (٢) (قوله : كما توهم) لكن الوجدان يمنعه كما عرفت من الأمثلة (٣) (قوله : بلا طائل) هذا غير ظاهر إذ قد يقتضي المقام التطويل (٤) (قوله : والإجمال) معطوف على التطويل (٥) (قوله : وذلك لعدم) تعليل لقوله : ليس بمحال ، (٦) (قوله : وتناهي) تناهي الألفاظ ممنوع وتناهي الحروف لا يقتضي تناهي ما يتركب منها كما في الاعداد فكأن المراد تناهي ما يمكن أن يسهل معه الاستعمال (٧) (قوله : في هذه المعاني) يعني غير المتناهية (٨) (قوله : ولو سلم يعني لو سلم عدم اقتضائه الأوضاع غير المتناهية أو عدم استدعائه لذلك (٩) (قوله : مقدار متناه) لأنه محل الحاجة إلى الاستعمال فيلغو الوضع لغيره حتى يلزم الاشتراك (١٠) (قوله : واسع فافهم) لعله إشارة إلى دعوى عدم تيسر المناسبة المصححة للاستعمال في جميع المعاني ، والله سبحانه أعلم

٨٨

(الثاني عشر) انه قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى على سبيل الانفراد والاستقلال بأن يراد منه كل واحد كما إذا لم يستعمل إلا فيه على أقوال أظهرها عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا (وبيانه) أن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى بل جعله وجها وعنوانا له بل بوجه نفسه كأنه الملقى ولذا يسري

______________________________________________________

(استعمال المشترك في أكثر من معنى)

(١) (قوله : بأن يراد منه كل واحد كما ... إلخ) الاستعمال في أكثر من معنى يتصور على وجوه أشار إليها في الفصول فانه (تارة) يستعمل في معنى يتناول جميع المعاني (وأخرى) يستعمل في كل واحد على سبيل الترديد والبدل كالنكرة «وثالثة» يستعمل في المجموع «ورابعة» يستعمل في كل واحد منها كما لو لم يستعمل الا فيه ، وفي الفصول جعل الأخير محل النزاع في المقام دون ما قبله ، وكذا ظاهر المصنف «ره» ، وهو بالنسبة إلى الأولين في محله ، بل في كونهما من الاستعمال في المعنى المتعدد نظر ظاهر ، لكنه بالنسبة إلى الثالث محل تأمل إذ الظاهر من بعض أدلة المجوزين والمانعين والمفصلين دخوله في محل النزاع ، بل هو الّذي يقتضيه ظاهر العنوان (٢) (قوله : كما إذا لم يستعمل) يعني بحيث يكون كل واحد منهما مدلولا مطابقيا للفظ لا تضمنيا كما في الصورة الثالثة (٣) (قوله : وبيانه أن حقيقة الاستعمال) لا ينبغي التأمل في أن استعمال اللفظ في المعنى عبارة عن ملاحظة اللفظ والمعنى معا على نحو يكون اللفظ مرآة للمعنى وحاكيا عنه فيكون اللفظ ملحوظا باللحاظ الآلي والمعنى ملحوظا باللحاظ الاستقلالي ثم إن المفهوم المحكي باللفظ قد يكون واحداً كمفهوم النقطة المحكي بلفظها ، وقد يكون متعدداً كمفهوم العشرة المحكي بلفظها فان لفظ العشرة تحكي آحادا متعددة متكثرة هي تمام العشرة الّذي يدل عليه بالمطابقة لفظ العشرة ، فلفظ العشرة عند استعماله في تمام العشرة

٨٩

إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك الا لمعنى واحد ضرورة ان لحاظه هكذا في إرادة معنى ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر حيث ان لحاظه كذلك لا يكاد يكون إلّا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر كذلك في استعمال واحد مع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال (وبالجملة) لا يكاد يمكن في حال استعمالٍ واحدٍ لحاظه وجها لمعنيين وفانيا في الاثنين إلا أن يكون اللاحظ

______________________________________________________

مستعمل في المعنى المتكثر المتعدد في نفسه وبواسطة طروء الاستعمال والحكاية عليه يكون معنى واحدا فهو قبل الاستعمال معنى متكثر وبعده معنى واحد ، ومنه يظهر أن كل لفظ مستعمل له معنى واحد بعد الاستعمال أما قبله فقد يكون واحدا وقد يكون متكثراً متعدداً ، وحينئذ نقول : استعمال اللفظ في معنيين إن كان المراد منه استعماله في معنيين قبل الاستعمال وان كان بالاستعمال يكون معنى واحدا يدل عليه اللفظ بالمطابقة وعلى كل منهما بالتضمن فذلك مما لا مانع منه عقلا ، وإن كان المراد منه استعماله في معنيين بلحاظ ما بعد الاستعمال بحيث يكون دالا على كل منهما بالمطابقة فذلك مما لا يعقل لأن اثنينيتهما بالاستعمال تتوقف على تعدد الاستعمال لشخص اللفظ وهو ممتنع لأنه يتوقف على تعدد اللحاظ له في زمان واحد فوحدة الاستعمال ـ كما هو المفروض في العنوان ـ تقتضي وحدة المعنى المستعمل فيه (فتحصل) أن المراد من المعنيين في محل النزاع ان كان المعنيين بالنظر إلى ما قبل الاستعمال فهو ممتنع «ولعل» من هنا يظهر إمكان كون النزاع في جوازه عقلا وعدمه لفظيا ناشئاً من الخلط بين الوحدة والتعدد بلحاظ ما قبل الاستعمال وما بعده (١) (قوله : إليه قبحه) الضمير الأول راجع إلى اللفظ والثاني إلى المعنى (٢) (قوله : كذلك) يعني وجها وعنوانا لتمام المعنى (٣) (قوله : مع استلزامه) بيان لعدم

٩٠

أحول العينين فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقاً مفرداً كان أو غيره في أكثر من معنى بنحو الحقيقة أو المجاز ولو لا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه فان اعتبار الوحدة في الموضوع له واضح المنع

______________________________________________________

الإمكان (١) (قوله : أحول العينين) يعني فيرى اللفظ الواحد اثنين فيجعل كل واحد منهما فانيا في معنى واحد (٢) (قوله : أو غيره) يعنى التثنية والجمع فان علامتهما تقتضي التكرار في المفهوم المراد من مدخولها فالتكرار من ماهيتين ان كان بنحو يجعل فيه مدخول العلامة حاكيا عن ماهيتين بما هما معنى واحد فلا مانع منه عقلا وإن كان حاكيا عن كل واحدة منهما امتنع عقلا لما تقدم (٣) (قوله : بنحو الحقيقة أو المجاز) لاطراد المانع المتقدم من لزوم اجتماع اللحاظين (٤) (قوله : امتناعه) يعني عقلا (٥) (قوله : جوازه) يعني لغة حقيقة (٦) (قوله : فان اعتبار الوحدة) تنبيه على وجه عدم الجواز على الحقيقة وحاصل الوجه ان اللفظ موضوع للمعنى بقيد الوحدة فإذا استعمل في المعنيين فقد الغي فيه القيد واستعمل في غير معناه (٧) (قوله واضح المنع) إذ الوحدة المحتمل بدوا أخذها قيداً للمعنى ليست إلا الوحدة اللحاظية في مقام استعمال اللفظ فيه إذ هي التي ينافيها الاستعمال في المعنيين ومن الواضح عدم أخذ هذه الوحدة في الموضوع له لأن ذلك يستدعي أخذ اللحاظ الاستعمالي في المعنى المستعمل فيه فيرد عليه ما تقدم في مبحث تبعية الدلالة للإرادة ، أما الوحدة الخارجية فلا تقتضي كون الاستعمال في المعنيين مجازاً لأن المعنى إن كان وحده في الخارج فقيده حاصل ولا تجوز وإلا كان الاستعمال مجازاً ولو لم يستعمل اللفظ الا فيه هذا ويمكن أن يقال : ان اعتبار الوحدة اللحاظية كذلك قيداً في المعنى لا توجب التجوز إذا كان الاستعمال في كل من المعنيين بالنحو الّذي هو مورد النزاع حسبما ذكر المصنف إذ اللفظ لم يستعمل الا في كل من المعنيين وحده وامتناع الاستعمال كذلك حسبما تقدم لا يقدح ، إذ المفروض التنزل عنه فالاستعمال في المعنيين إنما يوجب المجاز

٩١

وكون الوضع في حال وحدة المعنى وتوقيفيته لا يقتضي عدم الجواز بعد ما لم تكن الوحدة قيداً للوضع ولا للموضوع له كما لا يخفى. ثم لو تنزلنا عن ذلك فلا وجه للتفصيل بالجواز على نحو الحقيقة في التثنية والجمع وعلى نحو المجاز في المفرد مستدلاً على كونه بنحو الحقيقة فيهما لكونهما بمنزلة تكرار اللفظ وبنحو المجاز فيه لكونه موضوعا للمعنى بقيد الوحدة فإذا استعمل في الأكثر لزم إلغاء قيد الوحدة فيكون مستعملا في جزء المعنى بعلاقة الكل والجزء فيكون مجازاً

______________________________________________________

لو كان في مجموع المعنيين الّذي هو خارج عن محل النزاع عند المصنف «ره» فتأمل (١) (قوله : وكون الوضع) هذا إشارة إلى ما ذكره بعض المحققين من ان اللفظ وإن لم يوضع للمعنى بقيد الوحدة إلا أنه موضوع له في حال الوحدة فإذا استعمل في المعنى في حال الانضمام إلى غيره كان استعمالا في غير ما وضع له ، ودفعة المصنف (ره) بان الوحدة لما لم تكن قيداً للوضع ولا للموضوع له لم يخرج الاستعمال عن كونه استعمالا في المعنى الموضوع له «أقول» : إن كان مقصود المصنف (ره) إنكار الواسطة بين الإطلاق والتقييد فإذا لم يكن المعنى الموضوع له مقيداً بالوحدة كان مطلقا (ففيه) أولا أن الإهمال نوع في قبال الإطلاق والتقييد قد تكون عليه الماهية كما تكون مطلقة أو مقيدة ، وثانياً أنه كما يمتنع التقييد في المقام يمتنع الإطلاق أيضا لامتناع تعلق الاستعمال بالمعنى المطلق بلحاظ ذلك الاستعمال ، وإن كان مقصوده أن الوضع للمعنى في حال لا يقتضي أن يكون الاستعمال فيه في غير ذلك الحال مجازاً (ففيه) المنع إذ الاستعمال الحقيقي ما يكون مطابقاً للوضع حتى بلحاظ الحال ، اللهم إلا أن يكون مقصوده لا يقتضي عدم الجواز مطلقا ولو مجازاً فتأمل (٢) (قوله : وتوقيفيته) يعني توقيفية الوضع (٣) (قوله : تنزلنا عن ذلك) يعني عن منع أخذ الوحدة قيداً في الموضوع له فقلنا انها قيد له فاللازم القول بالمنع مطلقا ولا وجه للتفصيل ... إلخ (٤) (قوله : للتفصيل) هذا التفصيل للمعالم ،

٩٢

وذلك لوضوح أن الألفاظ لا تكون موضوعة إلا لنفس المعاني بلا ملاحظة قيد الوحدة وإلا لما جاز الاستعمال في الأكثر لأن الأكثر ليس جزء المقيد بالوحدة بل يباينه مباينة الشيء بشرط شيء والشيء بشرط لا كما لا يخفى ، والتثنية والجمع وان كانا بمنزلة التكرار في اللفظ إلا أن الظاهر ان اللفظ فيهما كأنه كرر وأريد من كل لفظ فرد من أفراد معناه لا أنه أريد منه معنى من معانيه فإذا قيل مثلا : جئني بعينين ، أريد فردان من العين الجارية لا العين الجارية والعين الباكية ،

______________________________________________________

(١) (قوله : وذلك لوضوح) الأنسب بما نزلنا عليه عبارة المتن أن يقال : لوضوح امتناع الاستعمال في الأكثر لأن الأكثر ... إلخ إذ ما ذكره قد فرض التنزل عنه ؛ (٢) (قوله : بل يباينه مباينة) قد عرفت الإشارة إلى أن هذا لا يتم بناءً على إمكان كون اللفظ مستعملاً في كل واحد من المعنيين كما لو استعمل فيه وحده فهذا مجاراة من المصنف (ره) للمفصل الّذي لا يتصور دليله إلا في الاستعمال في مجموع المعنيين (٣) (قوله : بشرط شيء والشيء) فان قلت : كيف يكون كذلك إذا كان الاستعمال في مجموع المعنيين بملاحظة الوضع لكل منهما مقيداً بالوحدة فان كل واحد يكون جزءاً للمعنى الموضوع له. نعم يتم لو كان الاستعمال في المجموع بملاحظة الوضع لأحدهما بعينه بقيد الوحدة «قلنا» : إذا كان الاستعمال في المجموع فالعلاقة إنما تلحظ بين المجموع وأحد المعنيين ، ولا وجه لملاحظة العلاقة بين أحدهما في حال الانضمام وبينه مقيداً بالوحدة لأن أحدهما حينئذ جزء المعنى المستعمل فيه والجزء ليس مورداً لملاحظة علاقة المجاز بل موردها تمام المعنى وهو في المقام مجموع المعنيين ـ مع أن النسبة بين أحدهما في هذه الحال وبين المعنى المقيد بالوحدة هي النسبة المذكورة بعينها فتأمل جيداً ، (٤) (قوله : كما لا يخفى) هذا مسلم لكنه انما يقتضي بطلان كون العلاقة علاقة الكل والجزء لا بطلان المجاز من أصله لإمكان العلاقة بين المعنيين بنحو آخر (٥) (قوله : والتثنية والجمع) شروع في الرد على دعوى الحقيقة فيهما (٦) (قوله : إلّا أن الظاهر) هذا لا ينبغي التأمل فيه لأن العلامة إنما تدل على تعدد أفراد

٩٣

والتثنية والجمع في الأعلام إنما هو بتأويل المفرد إلى المسمى بها ـ مع أنه لو قيل بعدم التأويل وكفاية الاتحاد في اللفظ في استعمالها حقيقة بحيث جاز إرادة عين جارية وعين باكية من تثنية العين حقيقة لما كان هذا من باب استعمال اللفظ في الأكثر لأن هيئتها انما تدل على إرادة المتعدد مما يراد من مفردهما فيكون استعمالهما وإرادة المتعدد من معانيه استعمالا لهما لهما في معنى واحد كما إذا استعملا وأريد المتعدد عن معنى واحد منهما كما لا يخفى. نعم لو أريد مثلا من عينين فردان من الجارية وفردان من الباكية كان من استعمال العينين في المعنيين إلا أن حديث التكرار لا يكاد يجدي في ذلك أصلا فان فيه إلغاء قيد الوحدة المعتبرة أيضا ضرورة ان التثنية عنده انما تكون لمعنيين أو لفردين بقيد الوحدة ، والفرق بينها وبين المفرد انما يكون في انه موضوع للطبيعة وهي موضوعة لفردين منها أو معنيين كما هو أوضح من أن يخفى ، (وهم ودفع) لعلك تتوهم أن الاخبار الدالة على أن للقرآن بطوناً سبعة أو سبعين تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد فضلا عن جوازه ولكنك غفلت عن انه

______________________________________________________

المدخول بما له من المفهوم (١) (قوله : والتثنية والجمع في الاعلام) إشارة إلى إشكال على ما ذكر وهو أنه لو كان مفاد العلامة تعدد المدخول لاختصت بالمفاهيم ذوات الافراد ولم تدخل على الاعلام التي لا تكون كذلك «وتوضيح» الجواب أن الاعلام المدخولة للعلامة ليست مستعملة في معانيها الحقيقية التي لا تقبل التعدد وانما تستعمل في معنى مجازي وهو مفهوم المسمى بزيد مثلاً فإذا قلت : زيدان ، فالمراد مسميان بزيد (٢) (قوله : في معنى واحد) يعني فتكون خارجة عما نحن فيه من الاستعمال في المعنيين ، وربما يمكن أن يقال : ان استعمالها في فردين أو أفراد من حقيقتين أو حقائق ليس من الاستعمال في معنيين بل في معنى آخر غير معناها فتأمل (٣) (قوله : حديث التكرار ، إشارة إلى ما ذكره المستدل من أنهما بمنزلة تكرار اللفظ (٤) (قوله : إلغاء قيد) ومنه يظهر امتناع الجمع بين أخذ قيد الوحدة في الموضوع له مطلقا حتى في التثنية والجمع وكون الاستعمال في المعنيين فيهما حقيقة

٩٤

لا دلالة لها أصلا على ان إرادتها كان من باب إرادة المعنى من اللفظ فلعله كان بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى لا من اللفظ كما إذا استعمل فيها أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ وان كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها

(الثالث عشر) : انه اختلفوا في أن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدإ في الحال أو فيما يعمه وما انقضى عنه على أقوال بعد الاتفاق على كونه مجازاً فيما يتلبس به في الاستقبال وقبل الخوض في المسألة وتفصيل الأقوال فيها وبيان الاستدلال عليها ينبغي تقديم أمور (أحدها) أن المراد بالمشتق هاهنا ليس مطلق المشتقات بل

______________________________________________________

(بطون القرآن)

(١) (قوله : لا دلالة لها أصلا) لو فرض الدلالة لها لوجب التصرف فيها لامتناع المدلول عقلا (٢) (قوله : فلعله كان) ويحتمل أن يكون الاستعمال في مجموع المعاني الّذي لا مانع عنه عقلا.

«فائدة» : حدث بعض الأعاظم دام تأييده ـ أنه حضر يوما منزل الآخوند (ملا فتح علي قدس‌سره) مع جماعة من الأعيان منهم السيد إسماعيل الصدر (ره) والحاج النوري صاحب المستدرك (ره) والسيد حسن الصدر دام ظله فتلا الآخوند (ره) قوله تعالى : (واعلموا أن فيكم رَسولَ اللهِ لو يُطيعكم في كثير مِن الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان ... الآية) ثم شرع في تفسير قوله : تعالى فيها : حبب إليكم ... الآية وبعد بيان طويل فسرها بمعنى لما سمعوه منه استوضحوه واستغربوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه لهم ، فحضروا عنده في اليوم الثاني ففسرها بمعنى آخر غير الأول فاستوضحوه أيضا وتعجبوا من عدم انتقالهم إليه قبل بيانه ، ثم حضروا عنده في اليوم الثالث فكان مثل ما كان في اليومين الأولين ولم يزالوا على هذه الحال كلما حضروا عنده يوما ذكر لها معنى إلى ما يقرب من ثلاثين يوما فذكر لها ما يقرب من ثلاثين معنى وكلما سمعوا منه

٩٥

خصوص ما يجري منها على الذوات مما يكون مفهومه منتزعاً عن الذات بملاحظة اتصافها بالمبدإ واتحادها معه بنحو من الاتحاد كان بنحو الحلول أو الانتزاع أو الصدور أو الإيجاد كأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهات بل وصيغ المبالغة وأسماء الأزمنة والأمكنة والآلات كما هو ظاهر العنوانات وصريح بعض المحققين مع عدم صلاحية ما يوجب اختصاص النزاع بالبعض الا التمثيل به وهو غير صالح كما هو واضح فلا وجه لما زعمه بعض الأجلة من الاختصاص باسم الفاعل وما بمعناه من الصفات المشبهة وما يلحق بها وخروج سائر الصفات (ولعل) منشأه توهم كون

______________________________________________________

معنى استوضحوه ، وقد نقل الثقات لهذا المفسر كرامات قدس الله روحه ،

(المشتق)

(١) (قوله : خصوص ما يجري) فيخرج مثل الفعل والمصادر كما سيأتي (٢) (قوله : بنحو الحلول) كالصفات مثل الموت والحياة والحسن والقبح (٣) (قوله : أو الانتزاع) كما في صفات الباري جل وعلا حسبما يأتي في التنبيه الخامس (٤) (قوله : أو الصدور) المراد به ظاهراً ما كان المبدأ فيه قائما بغير الفاعل وان كان صادراً منه مثل الكسر والقتل ، والمراد بالإيجاد ما كان المبدأ فيه قائماً بالفاعل مثل الجلوس والأكل ، (٥) (قوله : ظاهر العنوانات) لإطلاق لفظ المشتق فيها (٦) (قوله : بعض الأجلة) هو صاحب الفصول حيث قال : فهل المراد به ما يعم بقية المشتقات من اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وما بمعناها وأسماء الزمان والمكان والآلة وصيغ المبالغة كما يدل عليه إطلاق عناوين كثير منهم كالحاجبي وغيره أو يختص باسم الفاعل وما بمعناه كما يدل عليه تمثيلهم به واحتجاج بعضهم بإطلاق اسم الفاعل عليه دون إطلاق بقية الأسماء على البواقي مع إمكان التمسك به أيضا؟ وجهان أظهرهما الثاني لعدم ملائمة جميع ما أورده في المقام على الأول ... إلخ (٧) (قوله : ولعل منشأه توهم) قد صرح في الفصول بمنشإ التخصيص ـ مع أنه عين دعوى

٩٦

ما ذكره لكل منها من المعنى مما اتفق عليه الكل وهو كما ترى ، واختلاف أنحاء التلبسات حسب تفاوت مبادئ المشتقات بحسب الفعلية والشأنية والصناعة والملكة حسبما يشير إليه لا يوجب تفاوتاً في المهم من محل النزاع هاهنا كما لا يخفى (ثم) إنه لا يبعد أن يراد بالمشتق في محل النزاع مطلق ما كان مفهومه ومعناه جاريا على الذات ومنتزعا عنها بملاحظة اتصافها بعرض أو عرضي ولو كان جامداً كالزوج والزوجة والرق والحر ، فان أبيت الا عن اختصاص النزاع المعروف بالمشتق ـ كما هو قضية الجمود على ظاهر لفظه ـ فهذا القسم من الجوامد أيضاً محل النزاع كما يشهد به ما عن الإيضاح في باب الرضا عليه‌السلام في مسألة من كانت له زوجتان كبيرتان أرضعتا زوجته الصغيرة ما هذا لفظه :

______________________________________________________

التخصيص فلا يكون منشأ له لمغايرة المنشأ لذي المنشأ فتأمل (١) (قوله : ما ذكره لكل منها) فانه في الفصول ذكر لكل واحد من بقية المشتقات معنى ، (٢) (قوله : واختلاف أنحاء التلبسات) الظاهر أنه تعريض آخر بالفصول فانه ذكر أنه قد يطلق المشتق ويراد به المتصف بشأنية المبدأ كما يقال : هذا الدواء نافع ، وقد يطلق ويراد به المتصف بملكة المبدأ وباتخاذه حرفة وصناعة. ثم قال : ويعتبر في المقامين حصول الشأنية والملكية والاتخاذ حرفة في الزمان الّذي أطلق المشتق على الذات باعتباره ... إلخ إذ قد يقتضي قوله : ويعتبر ... إلخ الاتفاق على اعتبار زمان الحال فتأمل ، ويحتمل إرادة التعريض بما ذكره في معنى اسم المفعول والتعريض بالتفتازاني (٣) (قوله : لا يبعد أن يراد) لأن عموم النزاع وخصوصه تابع لعموم الغرض وخصوصه وحيث أن الغرض يعم الجوامد فالنزاع ينبغي أن يعمه أيضا (٤) (قوله : بعرض أو عرضي) الظاهر من العرض الحال مقابل الجوهر كالبياض ، ومن العرضي المشتق منه كالأبيض والأسود إذ الفرق بينهما كالفرق بين المشتق ومبدئه ، لكن عليه لا يناسب جعله في قبال العرض بل يكون المشتق هو العرضي وكأن المصنف (ره) يريد من الأول العرض الحقيقي

٩٧

تحرم المرضعة الأولى والصغيرة مع الدخول بالكبيرتين واما المرضعة الآخرة ففي تحريمها خلاف فاختار والدي المصنف (ره) وابن إدريس تحريمها لأن هذه يصدق عليها أم زوجته لأنه لا يشترط في المشتق بقاء المشتق منه هكذا هاهنا

______________________________________________________

ومن الثاني الاعتباري بقرينة ما بعده (١) (قوله : تحرم المرضعة الأولى والصغيرة) وعلل تحريم الأولى بأنها بالرضاع تكون أم زوجة وتحريم الصغيرة بأنها به تكون بنت زوجة مدخول بها ، لكن التقييد بالدخول انما يحتاج إليه لو لم يكن الرضاع بلبنه وإلا حرمت الصغيرة وان لم يكن قد دخل بالمرضعة لأنها بالرضاع تكون بنتاً له ، واستشكله المصنف (ره) ـ بناء على اعتبار الحال في صدق المشتق ـ بأن إرضاع الكبيرة للصغيرة يوجب ثبوت الأمومة للكبيرة وارتفاع زوجية الصغيرة في رتبة واحدة فلا يصدق على الكبيرة أنها أم زوجة ، إلا أن يقال : انها يصدق عليها أنها أم زوجة عرفا وإن لم يصدق عليها ذلك دقة «فتأمل» ولعله أشار بالأمر بالتأمل إلى انه لا عبرة بالمسامحة العرفية لأن العرف مرجع في المفهوم لا في تطبيق المفهوم على الخارج ، إلا أن يقال : المفهوم من دليل تحريم أم الزوجة كون موضوعه ما هو أعم من اقتران الأمومة والزوجية واتصالهما نظير اتصال وجود الشيء بعدمه ، لكنه خلاف الظاهر أو يقال : إن الخروج عن الزوجية إنما كان بالتحريم المتأخر رتبة عن صدق البينة فهي في رتبة صدق بنت الزوجة عليها يصدق عليها انها زوجة وإنما تخرج عنها بالتحريم الناشئ من صدق بنت الزوجة ، لكنه يتوقف على عدم التضاد بين عنوان الزوجية وعنوان بنت الزوجة ، وهو خلاف المرتكز شرعاً ، بل الظاهر أن التحريم إنما جاء من جهة ارتفاع الزوجية بطروء عنوان بنت الزوجة لا العكس ، وللكلام مقام آخر ، وكيف كان فالإشكال على تقديره مختص بتحريم المرضعة أما المرتضعة فلا إشكال في حرمتها لأنها بنت زوجة ولو في الماضي لقيام الدليل الخاصّ على حرمتها كذلك لعدم اختصاص حرمة الربيبة بحال زوجية أمها (٢) (قوله : الدخول بالكبيرتين) بل يكفي الدخول في

٩٨

وما عن المسالك في هذه المسألة من ابتناء الحكم فيها على الخلاف في مسألة المشتق فعليه كلما كان مفهومه منتزعاً من الذات بملاحظة اتصافها بالصفات الخارجة عن الذاتيات كانت عرضاً أو عرضياً كالزوجية والرقية والحرية وغيرها من الاعتبارات والإضافات كان محل النزاع وان كان جامدا وهذا بخلاف ما كان مفهومه منتزعاً عن مقام الذات والذاتيات فانه لا نزاع في كونه حقيقة في خصوص ما إذا كانت الذات باقية بذاتياتها (ثانيها) قد عرفت انه لا وجه لتخصيص النزاع ببعض المشتقات الجارية على الذوات إلّا انه ربما يشكل بعدم إمكان جريانه في اسم الزمان لأن الذات فيه وهي الزمان بنفسه ينقضي وينصرم فكيف يمكن ان يقع النزاع في ان الوصف الجاري عليه حقيقة

______________________________________________________

إحداهما في حرمة الصغيرة ولعل في النسخة غلطا (١) (قوله : وما عن المسالك) قال في المسالك : بقي الكلام في تحريم الثانية من الكبيرتين فقد قيل : إنها لا تحرم وإليه مال المصنف (ره) حيث جعل التحريم أولى وهو مذهب الشيخ (ره) وابن الجنيد لخروج الصغيرة عن الزوجية إلى البنتية ، وأم البنت غير محرمة على أبيها خصوصا على القول باشتراط بقاء المعنى المشتق منه في صدق الاشتقاق كما هو رأي جمع من الأصوليين ولرواية علي ابن مهزيار ... إلى أن قال : وذهب ابن إدريس والمصنف في النافع وأكثر المتأخرين إلى تحريمها أيضا ... إلى أن قال : لأن هذه يصدق عليها أنها أم زوجة وإن كان عقدها قد انفسخ لأن الأصح انه لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى فيدخل تحت قوله : وأمهات نسائكم ، ولمساواة الرضاع النسب وهو محرِّم سابقا ولا حقا فكذا مساويه وهذا هو الأقوى (٢) (قوله : عن مقام الذات والذاتيات) الأول المنتزع عن تمام الذات والثاني المنتزع عن بعضها (٣) (قوله : فانه لا نزاع في كونه) ولا يمكن تصوير النزاع فيه كتصويره في اسم الزمان لأن فرض الذات فيه عين فرض التلبس بالمبدإ بخلاف اسم الزمان. نعم لو أريد من الذات مطلق موضوع الحمل أمكن النزاع بل يمكن فرض الثمرة فيه كما في الممسوخات والأموات فتأمل (٤) (قوله : ربما يشكل بعدم) يمكن دفع الإشكال بأن الزمان

٩٩

في خصوص المتلبس بالمبدإ في الحال أو فيما يعم المتلبس به في المضي (ويمكن) حل الإشكال بأن انحصار مفهوم عام بفرد ـ كما في المقام ـ لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العام وإلا لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة مع أن الواجب موضوع للمفهوم العام مع انحصاره فيه تبارك وتعالى (ثالثها) انه من الواضح خروج الأفعال والمصادر المزيد فيها عن حريم النزاع لكونها غير جارية على الذوات ضرورة أن المصادر المزيد فيها كالمجردة في الدلالة على ما يتصف به الذات ويقوم بها كما

______________________________________________________

يمكن فرض البقاء فيه كيوم وشهر ونحوهما وذلك إذا أخذ بمعنى ما بين المبدأ والمنتهى ، ولأجل ذلك جرى فيه الاستصحاب. نعم إذا لوحظ في نفسه فهو مما لا بقاء له ، اللهم إلا ان يقال : اسم الزمان كمقتل إنما يحكي عن الزمان الثاني بلا لحاظ ما بين الحدين فيه ، وحمله على ما اعتبر فيه الحدان لا يخلو من عناية فمعنى : هذا اليوم مقتل ، أنه فيه زمان القتل ، لا أنه زمان القتل فتأمل جيدا (١) (قوله : ويمكن حل الإشكال) لكن يمكن إبرامه أيضا بأن ما ذكر إنما يتم لو كان مقصود المستشكل منع إمكان النزاع عقلا أما لو كان مقصوده عدم النزاع فيه لما تقدم من أن عموم النزاع وخصوصه تابع لعموم الغرض وخصوصه فلا يتم ، لعدم الثمرة للنزاع فيه إلا أن يكون المقصود مجرد العلم لا العمل فتأمل (٢) (قوله : الخلاف فيما) يعني اختلفوا في معنى لفظ الجلالة أنه الذات المقدسة فيكون اللفظ علماً أو مفهوم الواجب المقابل للممكن فيكون اسم جنس (أقول) يمكن كون النزاع المذكور مما يترتب عليه العمل (٣) (قوله : مع أن الواجب) يعني لفظ الواجب موضوع لمفهوم واجب الوجود المنحصر مصداقه بذات الباري جل شأنه (٤) (قوله : والمصادر المزيد) لا فرق بين المزيد فيها وغيرها في كونها مشتقة كما سيأتي في الأوامر وتخصيص الأول بالذكر لأن التوهم فيها أقرب لكون صدق المشتق عليها أظهر (٥) (قوله : ضرورة أن) تعليل لامتناع جريانها على الذات وسيأتي إن شاء الله توضيحه في التنبيهات (٦) (قوله : ما يتصف) وهو المبدأ

١٠٠