حقائق الأصول - ج ١

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

حقائق الأصول - ج ١

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة بصيرتي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٦
الجزء ١ الجزء ٢

(أحدها) ان يكون عبارة عن جملة من أجزاء العبادة كالأركان في الصلاة مثلا وكان الزائد عليها معتبراً في المأمور به لا في المسمى (وفيه) ما لا يخفى فان التسمية بها حقيقة لا تدور مدارها ضرورة صدق الصلاة مع الإخلال ببعض الأركان ؛ بل وعدم الصدق عليها مع الإخلال بسائر الاجزاء والشرائط عند الأعمي ـ مع أنه يلزم أن يكون الاستعمال فيما هو المأمور به باجزائه وشرائطه مجازا عنده وكان من باب استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل لا من باب إطلاق الكلي على الفرد والجزئي ـ كما هو واضح ـ ولا يلتزم به القائل بالأعم فافهم «ثانيها» ان تكون موضوعة لمعظم الاجزاء التي تدور مدارها التسمية عرفاً فصدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمى وعدم صدقه عن عدمه «وفيه» ـ مضافا إلى ما أورد على الأول

______________________________________________________

هناك ذات واحدة معروضة للصحة تارة وللفساد أخرى يتبادل عليها الوصفان تبادل العمى والبصر على ذات الحيوان فتكون تلك الذات هي الجامع بين الصحيح والفاسد ومضافا إلى أنه إذا أمكن تصور الجامع الصحيح بالإشارة إليه بمثل : عنوان الناهي عن الفحشاء ، أمكن تصور الجامع الأعم بالإشارة إليه بمثل عنوان : ما له اقتضاء التأثير ، الأعم من الفعلية الملازمة للصحيح والشأنية الملازمة للأعم ، وعليه فلا حاجة إلى هذه التقريرات الآتية (١) (قوله : أحدها ان يكون عبارة عن جملة) هذا التصوير حكاه في التقريرات عن المحقق القمي (ره) بتفاوت يسير فالمراد من الجملة جملة معينة كالأركان مثلا (٢) (قوله : لا في المسمى) يعنى لا في الموضوع له (٣) (قوله : حقيقة) هذا جار على مذاق صاحب التصوير لا على مذاق المصنف «ره» (٤) (قوله : بل وعدم الصدق) كذا استشكل في التقريرات ولكنه غير ظاهر ، بل ربما تصح الصلاة حينئذ فضلا عن أن تكون صلاة (٥) (قوله : للجزء في الكل) لأن اللفظ موضوع ـ حسب الفرض ـ لخصوص الاجزاء الركنية فاستعماله في تمام الأجزاء التي هي عين الكل يكون من استعمال لفظ الجزء في الكل (٦) (قوله : لا من باب إطلاق) لأن الأركان لا تنطبق في الخارج إلا

٦١

أخيراً ، أنه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمى فكان شيء واحد داخلا فيه تارة وخارجا عنه أخرى بل مردداً بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند اجتماع تمام الاجزاء وهو كما ترى ، لا سيما إذا لوحظ هذا مع ما عليه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات (ثالثها) ان يكون وضعها كوضع الاعلام الشخصية كزيد

______________________________________________________

على نفس الأجزاء الركنية والاجزاء الباقية مباينة لها في الخارج فيمتنع ان تكون من أجزاء الفرد حتى يكون من إطلاق الكلي على الفرد (فان قلت) : هذا يتم لو كان الموضوع له اللفظ نفس الأركان لا غير أعني «بشرط لا» أما إذا أخذت (لا بشرط) بمعنى أن لو انضم إليها شيء كان داخلا في الموضوع له فلا بد من أن يكون المسمى منطبقا على تمام ما يوجد منضما إلى الأركان «قلت» : الاجزاء الزائدة إما أن تكون داخلة أولا ، أو داخلة في حال خارجة في أخرى ، والأول خلاف المدعى ؛ والثاني موجب لتوجه الإشكال ، والثالث موجب لعدم تشخص معنى اللفظ إلا بملاحظة الانضمام وعدمه بل يكون معناه مختلفا باختلاف حالي الانضمام وعدمه فيكون موضوعا لكل من المعنيين في ظرف غير ظرف الوضع للآخر وهو مستغرب وان كان معقولا (١) (قوله : أخيرا) يعني من كون الاستعمال في التمام من استعمال لفظ الجزء في الكل إذ لا ريب ان المعظم بعض التمام (٢) (قوله : انه عليه يتبادل) المراد بالمعظم إما مفهومه ، أو مصداقه المعين ، أو المردد ؛ أو الموجود في الخارج ، فعلى الأول يكون لفظ الصلاة مرادفا للفظ المعظم ، وعلى الثاني يرجع الإشكال ، وعلى الثالث لا ينطبق على الخارج لأن كل ما في الخارج معين لا مردد ، وعلى الرابع يرد عليه ـ مضافا إلى ما أورده المصنف (ره) في المتن من لزوم التبادل في الاجزاء بحيث يكون تارة جملة معينة وأخرى جملة غيرها ، بل يكون مردداً بين الجمل المتعينة مع اجتماع جميع الاجزاء ، انه لا يصح ان يضاف إليه الوجود إذ لا وجود للموجود بما هو موجود فتأمل (٣) (قوله : وهو كما ترى) لوضوح فساد ذلك كله (٤) (قوله : لا سيما إذا) فانه

٦٢

فكما لا يضر في التسمية فيها تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر ، ونقص بعض الاجزاء وزيادته كذلك فيها (وفيه) ان الأعلام إنما تكون موضوعة للأشخاص والتشخص إنما يكون بالوجود الخاصّ ، ويكون الشخص حقيقة باقياً ما دام وجوده باقيا وان تغيرت عوارضه من الزيادة والنقصان وغيرهما من الحالات والكيفيات ، فكما لا يضر اختلافها في التشخص لا يضر اختلافها في التسمية ، وهذا بخلاف مثل ألفاظ العبادات مما كانت موضوعة للمركبات والمقيدات ولا يكاد يكون موضوعا له الا ما كان جامعاً لشتاتها وحاوياً لمتفرقاتها كما عرفت في الصحيح منها (رابعها) أن ما وضعت له الألفاظ ابتداء هو الصحيح التام الواجد لتمام الأجزاء والشرائط إلا أن العرف يتسامحون ـ كما هو ديدنهم ـ ويطلقون تلك الألفاظ على الفاقد للبعض تنزيلا له منزلة الواجد

______________________________________________________

لا مجال حينئذ لدعوى كون ارتكاز فساد ذلك ناشئا من غلبة الانضباط لا لمخالفته لوضع اللفظ فتأمل (١) (قوله : وفيه أن الأعلام إنما) توضيح الفرق بين الاعلام وما نحن فيه أن الاعلام موضوعة للحصص الخاصة من الطبيعة المتعينة بوجودها الخاصّ ؛ ولما كانت العوارض الطارئة عليها غير موجبة لتعدد وجودها فانها على اختلافها طارئة على وجود واحد لم يكن اختلافها موجبا لاختلاف معنى اللفظ فهناك معنى واحد قد وضع له اللفظ بلحاظ جميع الحالات من الزيادة والنقصان وغيرها ، وأما ألفاظ العبادات فلا يمكن ان يدعى ذلك في معانيها المركبة المقيدة حيث لا تجد مركبا ومقيدا موجوداً في ضمن جميع أفرادها الصحيحة وغيرها ، لما عرفت من إخلافها بالاجزاء والشرائط على نحو لا يكون بينها اشتراك في جملة من الاجزاء. هذا ولا يبعد أن يكون المراد من هذا التصوير ما ذكرناه في تصوير الجامع ؛ ويكون غرضه التنظير بالأعلام الشخصية فكما أن الزيادة والنقصان الطارئين على معانيها لا توجب اختلافا في معناها بل يكون أمر واحد معروضا للتمام والزيادة والنقصان كذلك الصحة والفساد الطارئان على الماهيات حسبما عرفت

٦٣

فلا يكون مجازا في الكلمة على ما ذهب إليه السكاكي في الاستعارة ، بل يمكن دعوى صيرورته حقيقة فيه بعد الاستعمال فيه كذلك دفعة أو دفعات من دون حاجة إلى الكثرة والشهرة ، للأنس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة أو المشاركة في التأثير كما في أسامي المعاجين الموضوعة ابتداءً لخصوص مركبات واجدة لأجزاء خاصة حيث يصح إطلاقها على الفاقد لبعض الاجزاء المشابه له صورة والمشارك في المهم أثرا تنزيلا أو حقيقة (وفيه) أنه انما يتم في مثل أسامي المعاجين وسائر المركبات الخارجية مما يكون الموضوع فيها ابتداء مركبا خاصاً ، ولا يكاد يتم في مثل العبادات التي عرفت أن الصحيح منها يختلف حسب اختلاف الحالات وكون الصحيح بحسب حالة فاسدا بحسب حالة أخرى كما لا يخفى فتأمل جيداً

______________________________________________________

فلاحظ (١) (قوله : فلا يكون مجازا) هذا ذكره في التقريرات ، لكنه ليس تصويراً للجامع الأعم بل هو تصوير للجامع الصحيح أجنبي عن قول الأعمي (٢) (قوله : بعد الاستعمال فيه كذلك) هذا بظاهره يقتضي الاشتراك اللفظي لا المعنوي الّذي بصدده الأعمي إلا أن يكون المقصود الاستعمال في الأعم ، لكنه يتوقف على فرض جامع أعم ولو فرض فلا حاجة إلى هذا التصوير ثم قد يستشكل في دعوى الوضع التعيني بالاستعمال على مذهب السكاكي من حيث أن اللفظ لم يستعمل الا في معناه ولم يجعل حاكيا الا عنه فكيف تحدث مناسبة بينه وبين معنى آخر؟ حتى يكون حقيقة فيه (ويندفع) بالنقض بحصوله من استعمال اللفظ الموضوع للكلي في الفرد لا بقيد الخصوصية ، وبالحل بأن عدم التصرف في اللفظ لا يمنع من تحقق المناسبة بينه وبين الفرد المجازي المؤدية إلى انسباقه منه انسباق المعنى الحقيقي فتأمل جيداً (٣) (قوله : تنزيلا أو حقيقة) يعني إما مجازا على مذهب السكاكي في أول الأمر أو حقيقة بعد تحقق الوضع التعيني هذا وقد عرفت أن هذا أجنبي عن مراد الأعمي (٤) (قوله : إنما يتم في مثل أسماء المعاجين) يعني لا يصح قياس المقام بالمعاجين لأن المعاجين الصحيحة لها أجزاء معينة وليست كذلك في المقام

٦٤

(خامسها) ان يكون حالها حال أسامي المقادير والأوزان مثل المثقال والحقة والوزنة إلى غير ذلك مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة ، فان الواضع وان لاحظ مقداراً خاصاً إلّا انه لم يضع له بخصوصه بل للأعم منه ومن الزائد والناقص ، أو أنه وإن خص به أولا إلّا انه بالاستعمال كثيراً فيهما بعناية انهما منه قد صار حقيقة في الأعم ثانياً (وفيه) أن الصحيح كما عرفت في الوجه السابق يختلف زيادة ونقيصة فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس إليه كي يوضع

______________________________________________________

لما عرفت من اختلاف أجزاء الصحيح على نحو تكون كل جملة من الأجزاء صلاة صحيحة بحسب حالة فاسدة بحسب حالة أخرى فكيف يصح دعوى الوضع للصحيح أولا ثم استعماله ثانيا في ما يشابهه صورة حتى يبلغ حد الحقيقة ، لكن هذا يتم لو أريد التمثيل بأسماء المعاجين بلحاظ جميع الخصوصيات (أما) لو أريد التمثيل بلحاظ الوضع للصحيح ـ ولو بمعنى الجامع ـ كما تقدم تصويره في كلام المصنف (ره) ثم الاستعمال فيما يماثل الصحيح بحسب الصورة حيث أن الفاسد مماثل للصحيح في الاجزاء والاختلاف في الصحة والفساد إنما كان بلحاظ الأحوال ولا يعتبر في المشابهة المصححة للادعاء والتنزيل أن تكون فيما هو من خواص الماهية بل يكفي كونه من خواص الفرد (فيصح) إطلاق الإنسان على صورة زيد لمشابهتها لزيد في الهيئة التي لا تخص الماهية بل تخص الفرد (١) (قوله : مما لا شبهة في) لم يظهر وجهه ان لم يظهر نفي الشبهة في خلافه ، فان ظاهر الفقهاء فيما كان المقدار موضوعا للحكم الشرعي كيلا أو وزنا أو مساحة اعتبار التام اعتماداً على كون اللفظ حقيقة فيه مجازا في الناقص فلاحظ كلماتهم في الطهارة والصلاة والزكاة والكفارات وغيرها (٢) (قوله : بل للأعم منه ومن) بهذا يظهر الفرق بين هذا التصوير وما قبله فان الوضع في هذا واحد وفيما قبله متعدد كما عرفت (٣) (قوله : أو انه وإن خص به) بهذا يرجع إلى ما قبله ، ولا يظهر الفرق بينهما فيرد عليه ما أورد عليه (٤) (قوله : يختلف زيادة ونقيصة) كان الأولى التعبير بأنه يختلف أجزاء وليس مما يشترك في أجزاء

٦٥

اللفظ لما هو الأعم فتدبر جيداً (ومنها) ان الظاهر ان يكون الوضع والموضوع له في ألفاظ العبادات عامين ، واحتمال كون الموضوع له خاصاً بعيد جداً لاستلزامه كون استعمالها في الجامع في مثل : الصلاة تنهى عن الفحشاء ، و : الصلاة معراج المؤمن ، وعمود الدين ، و : الصوم جُنة من النار ، مجازا أو منع استعمالها فيه في مثلها وكل منهما بعيد إلى الغاية كما لا يخفى على أولي النهاية (ومنها) ان ثمرة النزاع إجمال الخطاب على القول الصحيحي وعدم جواز الرجوع إلى إطلاقه

______________________________________________________

معينة حتى يلحظ الزائد والناقص بالقياس إليهما ، أما الاختلاف بالزيادة والنقيصة فلا يمنع عن ذلك (ثم) إنه ينبغي الإيراد على هذا التصوير بأنه لو فرض اشتراك افراد الصحيح باجزاء معينة فالمراد من الأعم من الزائد والناقص ان كان الجامع الحقيقي فلا بد حينئذ من تصويره أولا ليترتب عليه هذا البيان ولا يكون هذا تصويراً له ، وإن كان المفهوم الاعتباري كان لفظ الصلاة حاكياً عن ذلك المفهوم الاعتباري مرادفا للفظه فتأمل جيداً ، ومنه يظهر أنه لا مجال في تصوير الجامع لأن يقال : الواضع للفظ الصلاة لاحظ أولا الجامع بين أفراد الصحيح ثم وضع اللفظ للأعم منه ومن الفاسد ، فانه مخدوش بما تقدم بعينه (١) (قوله : فيه في مثلها) يعني في الجامع في مثل تلك الأمثلة المذكورة (٢) (قوله : ثمرة النزاع إجمال) يعني أن الثمرة المترتبة على الخلاف في هذه المسألة أنه على القول بالصحيح تكون الخطابات التي يكون موضوعها العبادة كالصلاة مجملة ، وعلى القول بالأعم تكون مبينة (ووجه) ذلك ما تقدم من عدم انضباط أجزاء الصحيح لاختلافها بحسب الحالات والخصوصيات ، والجامع بينها وان كان متعيناً في نفسه إلا أنه غير متعين عندنا ، ومع إجمال الموضوع يسقط الخطاب عن الحجية ، لأن التمسك به فرع العلم بانطباق موضوعه وهو غير حاصل مع إجماله ولا كذلك على القول بالأعم ، ويترتب على ذلك أنه لو شك في جزئية شيء أو شرطيته للصلاة الواجبة مثلا تعذر الرجوع إلى إطلاق قوله تعالى : أقيموا الصلاة ، لنفي الشك المذكور على القول بالصحيح

٦٦

في رفع ما إذا شك في جزئية شيء للمأمور به أو شرطيته أصلا لاحتمال دخوله في المسمى كما لا يخفى ، وجواز الرجوع إليه في ذلك على القول الأعمي في غير ما احتمل دخوله فيه مما شك في جزئيته أو شرطيته : نعم لا بد في الرجوع إليه فيما ذكر من كونه وارداً مورد البيان كما لا بد منه في الرجوع إلى ساير المطلقات وبدونه لا مرجع أيضاً الا البراءة أو الاشتغال على الخلاف في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر

______________________________________________________

لما عرفت من عدم العلم بانطباق الصلاة على فاقد الجزء مثلا لاحتمال كونه فاسداً فيمتنع تطبيقه بخلاف القول بالأعم فان فاقد مشكوك الجزئية عليه يكون صلاة قطعاً ، وحينئذ فإطلاق قوله تعالى : أقيموا الصلاة ، يقتضي كون الموضوع نفس الصلاة مطلقا لا مقيداً بمشكوك الجزئية فيلغى به احتمال الجزئية (نعم) يتوقف التمسك به على تمامية مقدمات الحكمة التي هي شرط التمسك بالإطلاق في جميع المقامات ومع فقد المقدمات أو بعضها يسقط الدليل عن المرجعية كما يسقط على القول بالصحيح ، ويكون المرجع الأصول العلمية من البراءة أو الاشتغال (١) (قوله : رفع ما إذا شك) يعني رفع الشك ولعل أصل العبارة ذلك (٢) (قوله : للمأمور به) يعني الّذي هو نفس العبادة وأما المأمور به المركب من العبادة وغيرها فلا بأس بالرجوع إلى إطلاق الدليل في نفي جزئيته (مثلا) إذا وجب عمل مركب من صوم وصلاة واحتمل اعتبار شيء آخر فيه زائد عليهما فإطلاق دليل وجوبه ـ لو كان ـ رافع لجزئيته (٣) (قوله : لاحتمال) تعليل للإجمال (٤) (قوله : إليه في ذلك) يعني إلى الإطلاق في رفع الشك في الجزئية أو الشرطية (٥) (قوله : في غير ما احتمل) يعني قد يكون محتمل الجزئية للمأمور به مما يحتمل كونه مقوِّما للماهية التي هي الأعم ؛ وحينئذ لا يكون الإطلاق رافعاً لاحتمال جزئيته لأن احتمال كونه مقوما مانع من العلم بانطباق الماهية على فاقده فيمتنع التمسك بالإطلاق كما يمتنع على القول بالصحيح (٦) (قوله : فيه) أي في المسمى (٧) (قوله : مما شك) بيان لقوله : غير (٨) (قوله : وارداً مورد) يعني يكون الكلام صادراً من المتكلم في مقام بيان

٦٧

الارتباطيين ، وقد انقدح بذلك أن الرجوع إلى البراءة والاشتغال في موارد إجمال الخطاب أو إهماله على القولين ، فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع إلى البراءة على الأعم والاشتغال على الصحيح ، ولذا ذهب المشهور إلى البراءة مع ذهابهم إلى الصحيح ، وربما قيل بظهور الثمرة في النذر أيضا (قلت) : وإن كان يظهر فيما لو نذر لمن صلى إعطاء درهم

______________________________________________________

تمام الاجزاء والشرائط وهذه إحدى المقدمات التي يتوقف عليها الإطلاق فلا بد من انضمام الباقي إليها أيضا وتخصيصها بالذكر لمزيد الاهتمام (١) (قوله : الارتباطيين) المركب الارتباطي ما لا يمكن التفكيك بين أجزائه في الامتثال (٢) (قوله : على القولين) خبر (أن) (٣) (قوله : ولذا ذهب) تعليل لقوله : فلا وجه ، ثم انه قد يستشكل في الحكم بالإجمال على القول بالصحيح من جهة وجود الاخبار الكثيرة الوافية ببيان تلك الماهيات فيرتفع عنها الإجمال ، كما قد يستشكل في الرجوع إلى الإطلاق على القول بالأعم لما دل على امتناع تعلق الوجوب بالفاسد واختصاصه بالصحيح ولا فرق في سقوط الدليل عن المرجعية بين كون المقيد داخلا في نفس المسمى أو داخلا في موضوع الأمر فإذا ورد : أكرم العالم ، وعلم من الخارج إرادة العادل وشك في اعتبار اجتناب الصغيرة في العدالة لم يجز التمسك بالدليل المذكور (ويندفع) الأول بأن موارد الشك في الجزئية مما لا تدخل تحت عدّ والتتبع شاهد بذلك ـ مع أن ذلك لا يمنع من تحقق إجمال الخطاب في نفسه وان كان يندفع بالنظر إلى الاخبار ، لكن عليه تكون الثمرة فرضية لا عملية فتأمل (ويندفع) الثاني بأن حكم العقل بأن المأمور به لا بد أن يكون هو الصحيح لا يمنع من التمسك بالإطلاق ، بل يكون الإطلاق دالا على أن المطلق هو الصحيح ومنشأ الاشتباه الخلط بين الجهات التقييدية والتعليلية مع وضوح الفرق بينهما فان الأولى تكون قيد الموضوع الأثر الشرعي كالعدالة في المثال المتقدم ، والثانية لا تكون كذلك بل تكون داعية إلى تعلق الأثر بالموضوع كمصلحة الفعل التي

٦٨

في البرء فيما لو أعطاه لمن صلى ولو علم بفساد صلاته لإخلاله بما لا يعتبر في الاسم على الأعم وعدم البرء على الصحيح ، إلا أنه ليس بثمرة لمثل هذه المسألة ، لما عرفت من أن ثمرة المسألة الأصولية هي أن تكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الأحكام الفرعية فافهم (وكيف) كان

______________________________________________________

تكون داعية إلى وجوبه ، ولأجل ذلك اختلفت في الأحكام ، فالأولى يجب تحصيلها لو كان الأثر إلزاميا ، والثانية لا يجب تحصيلها ، ويكون الشك في الأولى مانعا من التمسك بالإطلاق لأنها بحكم نفس الموضوع فكما يكون الشك فيه مانعا عن التمسك به يكون الشك فيها كذلك ، ولا يكون الشك في الثانية كذلك بل الإطلاق رافع له ، والصحة في المقام من قبيل الثانية لا الأولى إذ منشأ انتزاعها نفس المأمور به واقعا لا أمر زائد عليه حتى تؤخذ قيداً فيه (١) (قوله : في البرء) متعلق بقوله : يظهر (٢) (قوله : لا خلاله) متعلق بقوله : فساد (٣) (قوله : على الأعم) متعلق بالبرء (٤) (قوله ، من أن ثمرة) الأولى إسقاط لفظ (ثمرة) فان ثمرة المسألة الأصولية نفس الحكم المستنبط لا وقوع المسألة في طريق استنباطه (٥) (قوله : واقعة في طريق) الشك في الحكم الشرعي تارة يكون ناشئاً عن عدم الدليل أو إجماله أو تعارض الدليلين ، ولا بد أن يكون الحكم كليا مثل الشك في حرمة التتن ووجوب الاستعاذة (وأخرى) يكون ناشئا من اشتباه الموضوع الخارجي ولا بد أن يكون جزئياً لجزئية موضوعه مثل الشك في حرمة المائع المردد بين الخل والخمر والمسائل الأصولية هي التي تقع في طريق استنباط القسم الأول ـ كما تقدمت الإشارة إليه في تعريف علم الأصول ـ أما ما يتوقف على استنباط القسم الثاني فليس من مسائل الأصول ، والحكم المشكوك في المثال من قبيل الثاني لأن الشك فيه ناشئ عن الشك في كون إعطاء الدرهم للمصلي المذكور ، وفاء بالنذر وعدمه ، إذ على الأول لا يجب إعطاء شيء على الناذر ، وعلى الثاني يجب عليه إعطاء درهم ؛ فما يتوقف عليه استنباط الحكم المذكور ليس من مسائل الأصول وإلا كان البحث عن أكثر

٦٩

فقد استدل للصحيح بوجوه (أحدها) التبادر ودعوى أن المنسبق إلى الأذهان منها هو الصحيحي ، ولا منافاة بين دعوى ذلك وبين كون الألفاظ على هذا القول مجملات فان المنافاة انما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبينة وقد عرفت كونها مبينة بغير وجه (ثانيها) صحة السلب عن الفاسد بسبب الإخلال ببعض أجزائه أو شرائطه بالمداقة وان صح الإطلاق عليه بالعناية (ثالثها) الأخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواصّ والآثار للمسميات مثل : الصلاة عمود الدين ، أو : معراج المؤمن ، والصوم جنة من النار ، إلى غير ذلك ؛ أو نفي ماهيتها وطبائعها مثل :

______________________________________________________

الموضوعات الخارجية من وظائف الأصول فتأمل. نعم وجوب الوفاء بالنذر من الأحكام الكلية فما يتوقف عليه استنباطه يكون من مسائل الأصول (١) (قوله : فقد استدل) القائل بالصحيح في رفاهية عن الاستدلال فانه بعد امتناع الجامع الأعم وتصوير الجامع الصحيح يتعين القول بالصحيح (٢) (قوله : أحدها التبادر) دعوى التبادر دعوى وجدانية لا برهانية والإنصاف أنه لا يساعدها الوجدان ولا سيما مع إمكان كونه على تقديره ناشئاً عن انصراف الذهن إلى الصحيح لكونه موضوع الآثار ومحط الأغراض غالباً بل ما ذكرناه في تصوير الجامع الأعم موجب لحمله على ذلك (٣) (قوله : ولا منافاة) إذ يكفي في التبادر كون المعنى محصلا في الذهن ولو إجمالا (٤) (قوله : بغير وجه) يعني أكثر من وجه ، والمراد بالوجوه الآثار المتقدم ذكرها المشار بها إليه (٥) (قوله : بالمداقة) متعلق بصحة السلب (٦) (قوله : الصلاة عمود) تقريب الاستدلال أن الّذي هو عمود الدين خصوص الصحيح دون الفاسد فلو كانت موضوعة للأعم لزم التصرف في هذه الألفاظ في هذه المقامات بإرادة الخاصّ من لفظ العام ولو ادعاء وهو خلاف الأصل فيتعين القول بأنها موضوعة للصحيح «وفيه» إمكان دعوى كون القضية فيها مهملة لا طبيعية

٧٠

لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، ونحوه مما كان ظاهراً في نفي الحقيقة بمجرد فقد ما يعتبر في الصحة شطراً أو شرطاً

______________________________________________________

ـ مضافا إلى ما يأتي منه (ره) في الحاشية على قوله : فافهم (١) (قوله : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) قد يشكل الاستدلال بهذه الجملة على القول بالصحيح لعدم تمامية ظاهرها سواء أكان المراد بها نفي الحقيقة أم نفي الصحة لصحة الصلاة بدون الفاتحة في كثير من المقامات كما في الجاهل والناسي بل والمأموم على احتمال ، وصلاة الأموات لو كانت صلاة حقيقية ، بل من ذلك يظهر الإشكال فيها سواء أكان المراد من الصحيح الشخصي أم النوعيّ إلا أن تكون القضية مهملة أو مطلقة ولكن قيدت في جملة من المقامات وحينئذ يكون اللازم حملها على نفي الحقيقة ولو بالنظر إلى بعض الحالات فيتم الاستدلال بها (٢) (قوله : مما كان ظاهراً في نفي الحقيقة) لا ريب في هذا الظهور ، لكنه قد يشكل الاستدلال به لتوقفه على إحراز كون نفي الحقيقة حقيقياً لا ادعائياً وإلا لم ينفع في نفي فردية الفاقد ، «فان قلت» : أصالة الحقيقة شأنها إحراز كون النفي حقيقياً لا ادعائياً ، «قلت» : نعم لكنه مختص بما إذا كان الشك في المراد وأنه المعنى الحقيقي أو الادعائي لا ما إذا علم المعنى وشك في كونه حقيقياً أو ادعائياً فانه مجرى ما اشتهر من أن الاستعمال أعم من الحقيقة ، والمقام من الثاني لكون المعلوم أن المراد من الكلام المذكور نفي الحقيقة عن الفاقد وإنما الشك في أنه نفي حقيقي أو ادعائي ، وان شئت قلت : الظاهر من أمثال هذا الكلام ـ بقرينة صدوره من الشارع ـ كونه في مقام جعل الآثار والأحكام وبيان خروج الفاقد عن كونه موضوعا واختصاص الحكم بالواجد فلا يصلح لإثبات الفردية أو نفيها. نعم لو كانت قرينة على صدوره في مقام شرح الماهية وتمييز أفرادها عن غيرها كان حجة على ذلك ـ كما هو كذلك ـ لو كان صادراً من بعض اللغويين ـ وكذا الحال في الإثبات

٧١

(وإرادة) خصوص الصحيح من الطائفة الأولى ونفي الصحة من الثانية لشيوع استعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحة أو الكمال (خلاف الظاهر) لا يُصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه ، واستعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع حتى في مثل : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، مما يُعلم أن المراد نفي الكمال بدعوى استعماله في نفي الحقيقة في مثله أيضاً بنحو من العناية لا على الحقيقة ، وإلا لما دل على المبالغة [١] فافهم (رابعها) دعوى القطع بان طريقة الواضعين وديدنهم وضع الألفاظ للمركبات التامة ـ كما هو قضية

______________________________________________________

كما في قوله عليه‌السلام : الفقاع خمر استصغره الناس (١) (قوله : وإرادة خصوص) هذا نقض لتقريب الاستدلال المبتني على ظهور الألفاظ في الحقيقة من حيث هي فيكون هذا منعاً لذلك الظهور لشهرة الاستعمال في خلافه (٢) (قوله : المبالغة فافهم) ذكر في الحاشية أنه إشارة إلى بطلان الاستدلال بالأخبار المثبتة من جهة ما عرفت من أن أصالة الحقيقة إنما تكون حجة في إثبات المراد لا في إثبات كون الاستعمال فيه حقيقة أو مجازاً بعد العلم به (٣) (قوله : دعوى القطع) عهدة هذه الدعوى على مدعيها كيف وقد عرفت أن التمام والنقصان كالصحة والعيب تطرءان على الماهيات المسماة بكذا فيقال : سرير ناقص وسرير تام ، وبيت ناقص وبيت تام ، وثوب ناقص وثوب تام ، كما يقال : انه صحيح وانه معيب ، بلا تصرف ولا عناية فلا بد من الالتزام بكون المسميات بهذه الأسماء الأعم من التام والناقص الّذي يطرأ عليه النقصان كما يطرأ عليه التمام ، وكذا الحال فيما نحن فيه : نعم أسماء المقادير وأسماء الأوزان موضوعة للتمام لأنها موضوعة لنفس المحدود

__________________

[١] إشارة إلى أن الأخبار المثبتة للآثار وان كانت ظاهرة في ذلك لمكان أصالة الحقيقة ولازم ذلك كون الموضوع للأسماء هو الصحيح ضرورة اختصاص تلك الآثار به إلا انه لا يثبت بأصالتها كما لا يخفى لإجرائها العقلاء في إثبات المراد لا في انه على نحو الحقيقة أو المجاز فتأمل جيداً. من الماتن قدس‌سره

٧٢

الحكمة الداعية إليه ـ والحاجة وإن دعت أحيانا إلى استعمالها في الناقص أيضا إلا انه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة ، بل ولو كان مسامحة تنزيلا للفاقد منزلة الواجد ، والظاهر ان الشارع غير متخطٍّ عن هذه الطريقة ، ولا يخفى أن هذه الدعوى وان كانت غير بعيدة إلّا انها قابلة للمنع فتأمل ، وقد استدل للأعمي أيضا بوجوه (منها) تبادر الأعم (وفيه) أنه قد عرفت الإشكال في تصوير الجامع الّذي لا بد منه فكيف يصح معه دعوى التبادر (ومنها) عدم صحة السلب عن الفاسد (وفيه) منع لما عرفت (ومنها) صحة التقسيم إلى الصحيح والسقيم (وفيه) أنه إنما يشهد على انها للأعم لو لم تكن هناك دلالة على كونها موضوعة للصحيح ، وقد عرفتها ، فلا بد أن يكون التقسيم بملاحظة ما يستعمل فيه اللفظ ولو بالعناية (ومنها) استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الاخبار

______________________________________________________

بالحد الخاصّ في قبال ما عداه (١) (قوله : الحكمة الداعية) يعني التفهيم لكن في اقتضائه الوضع لخصوص الصحيح منع كيف والجامع يكون محط الغرض أيضا فالوضع له ربما يكون أفود وأعود وتيسر الاستعمال في الفاسد بنحو العناية ـ مع أنه لا يمنع من الوضع له لكفاية أدنى غاية ولا يتوقف على الاضطرار إليه ـ أن غاية ما يقتضيه المنع من الوضع له زائدا على الوضع للصحيح لا من الوضع للجامع كما هو المدعى (٢) (قوله : غير بعيدة) بل هي ممنوعة لما عرفت ـ مضافا إلى انه لا مجال لقياس المقام بالمركبات لما عرفت عند الكلام في تصوير الجامع من امتناع كونه من قبيل المركب موضوعا لنفس الاجزاء على كل من القول الصحيحي والأعمي من جهة عدم الضابط ، بل لا بد من الالتزام بكونه موضوعا لمفهوم واحد عرضي له مراتب مختلفة ، ولعله أشار إليه بقوله : فتأمل (٣) (قوله : وقد استدل للأعمي) الصحيحي في رفاهية عن الجواب عن هذه الوجوه بعد تعذر الجامع الأعمي كما سيشير إليه المصنف (ره) (٤) (قوله : قد عرفت الإشكال) لكن عرفت التأمل فيه (٥) (قوله : لما عرفت) يعني من امتناع تصوير الجامع (قوله : وقد عرفتها)

٧٣

في الفاسدة كقوله عليه الصلاة والسلام : بني الإسلام على الخمس الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، والولاية ، ولم يُناد أحد بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه فلو أن أحداً صام نهاره وقام ليله ومات بغير ولاية لم يقبل له صوم ولا صلاة ، فان الأخذ بالأربع لا يكون بناء على بطلان عبادات تاركي الولاية إلّا إذا كانت أسامي للأعم ، وقوله عليه‌السلام : دعي الصلاة أيام أقرائك ، ضرورة أنه لو لم يكن المراد منها الفاسدة لزم عدم صحة النهي عنها لعدم قدرة الحائض على الصحيحة منها (وفيه) أن الاستعمال أعم من الحقيقة ـ مع ان المراد في الرواية الأولى هو خصوص الصحيح بقرينة أنها مما بني عليها الإسلام ولا ينافي ذلك بطلان عبادة منكري

______________________________________________________

(١) يعني امتناع تصوير الجامع ، لكن عرفت التأمل فيه فالأخذ بمقتضى التقسيم لا مفرَّ عنه ، ولا وجه لصرفه إلى ما يستعمل فيه اللفظ ـ مع ان الظاهر كونه بلا عناية ولا تصرف في اللفظ (٢) (قوله : في الفاسدة) يعني في الأعم وإرادة الفاسدة لا في الفاسدة بنحو الخصوصية وإلا فهو خلاف المدعى من الوضع للأعم ولا يقتضيه الدليل أيضا وسيشير إليه في آخر التقريب (٣) (قوله : فأخذ الناس بأربع) يعني لا بد أن يكون المراد من الصلاة وما عطف عليها خصوص الفاسدة إذ لو كان المراد منها الصحيحة لم يصح قوله عليه‌السلام : فأخذ الناس بأربع ؛ بل كان اللازم ان يقول : فلم يأخذ الناس بشيء منها ، لأن الأربع التي أخذ الناس بها فاسدة بناء على بطلان عبادة تارك الولاية فلا تكون من الخمس المذكورة في صدر الحديث ، وحيث أن الظاهر من الحديث كون ما أخذ به الناس أربعاً من الخمس فلا بد أن يكون المراد منها الأعم (٤) (قوله : ضرورة أنه لو لم) لعل الأولى في تقريب الاستدلال أن يقال : لو كان المراد الصلاة الصحيحة فاما أن تكون قادرة عليها أولا ، فعلى الأول يمتنع النهي لأن القدرة عليها تتوقف على مشروعيتها والنهي يضاد المشروعية وكذا على الثاني أيضا لامتناع التكليف بغير المقدور (٥) (قوله : مع ان المراد في الرواية) هذا معارضة للدليل يعني يجب حمل الصلاة وما عطف عليها على الصحيح

٧٤

الولاية إذ لعل أخذهم بها انما كان بحسب اعتقادهم لا حقيقة ، وذلك لا يقتضي استعمالها في الفاسد أو الأعم ، والاستعمال في (قوله : فلو أن أحداً صام نهاره ... إلخ) كان كذلك أي بحسب اعتقادهم ، أو للمشابهة والمشاكلة ، وفي الرواية الثانية النهي للإرشاد إلى عدم القدرة على الصلاة وإلا كان الإتيان بالأركان وساير ما يعتبر في الصلاة بل بما يسمى في العرف بها ، ولو أخل بما لا يضر الإخلال به بالتسمية عرفا محرماً على الحائض ذاتا وان لم تقصد به القربة ؛ ولا أظن أن يلتزم به المستدل بالرواية فتأمل جيداً

______________________________________________________

لأنه الّذي بني عليه الإسلام ويتعين التصرف في قوله عليه‌السلام : فأخذ الناس بأربع ، بإرادة غير الأربع من الخمس وجعلها أربعا من الخمس جريا على اعتقاد الناس لا على الواقع فيكون دليلا على القول بالصحيح «ويمكن» أن يناقش بان بناء الإسلام على الأربع الصحيحة لا يقتضي استعمال ألفاظها في خصوص الصحيح بل يجوز ان يكون المستعمل فيه الأعم وإرادة خصوص الصحيح تكون من إرادة الفرد من الكلي نظير قوله تعالى : وجاء رجل من أقصى المدينة ، فلا تجوّز فيه ولا في الأربع فيتم الاستدلال من أنه لو كان الوضع للصحيح لزم التصرف في لفظ الأربع (١) (قوله : في قوله عليه‌السلام : فلو أن أحدا) هذا الذيل ينبغي أن يتمسك به المستدل على دعوى الوضع للأعم في قبال الاستدلال بالصدر ، ولهذا تعرض المصنف (ره) في الجواب عنه بما ذكر (٢) (قوله : وفي الرواية الثانية) معطوف على قوله : في الرواية الأولى ، يعنى المراد من النهي في الرواية الثانية الإرشاد إلى مانعية حدث الحيض الموجب لسلب قدرة الحائض على الصلاة حينئذ فالمراد من الصلاة الصحيحة لأنها التي يمنع عنها الحدث (٣) (قوله : وإلا كان) يعني وإن لم يكن النهي للإرشاد بل كان مولويا موضوعه الأعم من الصحيح والفاسد كان مقتضاه حرمة فعل ما يسمى صلاة صحيحا كان أو فاسداً (٤) (قوله : أن يلتزم به المستدل) فان المصنف (ره) وان التزم أن حرمة العبادة على الحائض ذاتية لا

٧٥

(ومنها) انه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تُكره فيه وحصول الحنث بفعلها ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة لا يكاد يحصل به الحنث أصلا لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها كما لا يخفى بل يلزم المحال فان النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها

______________________________________________________

تشريعية ، وربما نسب إلى ظاهر المشهور إلّا أن موضوع التحريم العبادة التامة الأجزاء والشرائط حتى حيثية التقرب لا مطلق المسمى ولو كانت ناقصة (أقول) : يمكن توجيه هذا الإشكال بعينه على المصنف حيث التزم بالحرمة الذاتيّة استناداً إلى نصوص المنع عن العبادة الظاهرة في المولوية فيقال : المراد من العبادة المنهي عنها اما الصحيحة أو الأعم والأول ممتنع لما ذكره المستدل من عدم القدرة ، والثاني يوجب الالتزام بحرمة ما يسمى عبادة عرفا ، فان أجاب بان ظاهر تلك النصوص حرمة العبادة على النحو الّذي يؤتى بها في حال الطهر كان بعينه جوابا عن الإشكال المذكور هنا إلا أن يكون غرضه إلزام المستدل فتأمل جيداً وسيأتي في الدليل الآتي بعض الكلام (١) (قوله : لا شبهة في صحة) يعني مع إمكان الصلاة في غيره من الأمكنة وإلا فلا ينبغي التأمل في البطلان (ثم) إنه قد يشكل تصحيح النذر من جهة ان كراهة العبادة لا تقتضي مرجوحيتها بالإضافة ولا يكفي في صحة نذر ترك شيء أن يكون مرجوحا بالإضافة وان كان راجحاً في نفسه إلّا أن يكون مقصود الناذر تضييق دائرة الامتثال فيرجع إلى نذر الامتثال في غيره من الافراد «وفيه» أنه ليس معنى كراهة العبادة المرجوحية بالإضافة وإلا كانت الصلاة في المسجد مكروهة بالإضافة إلى الصلاة في الحرم ، بل معنى الكراهة وجود منقصة حقيقية فيها غاية الأمر انها لا توجب رجحان الفعل على الترك مطلقاً وإنما تقتضي رجحانه عليه في ظرف امتثال التكليف بغيره من الافراد وحيث أن فيها مرجوحية حقيقة كان نذر تركها في محله وللكلام مقام آخر (٢) (قوله : وشبهه) يعني العهد واليمين (٣) (قوله : وحصول) معطوف على قوله : صحة (٤) (قوله : لا يكاد) يعني فلا يكون المنذور تركها خصوص الصحيحة (٥) (قوله : يلزم المحال) يعني من

٧٦

ولا تكاد تكون معه صحيحة وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال (قلت) : لا يخفى انه لو صح ذلك لا يقتضي إلّا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح لا عدم وضع اللفظ له شرعاً ـ مع أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه فلا يلزم من فرض وجودها عدمها ، ومن هنا انقدح ان حصول الحنث انما يكون

______________________________________________________

كون المنذور تركها خصوص الصحيحة (١) (قوله : ولا تكاد تكون معه صحيحة) يعني لا يمكن ان تكون الصلاة الصحيحة المنذور تركها صحيحة بعد تعلق النذر بها لأن مقتضى نفوذ النذر وصحته حرمة المنذور تركه ، وإذا حرمت الصلاة كانت فاسدة لأن حرمة العبادة تقتضي فسادها ولازم عدم صحة الصلاة بتعلق النذر عدم تعلق النذر بترك الصحيح فيلزم من فرض تعلق النذر بترك الصحيح عدم تعلقه بترك الصحيح ، وإن شئت قلت : يلزم من فرض صحة العبادة المأتي بها عدمها لأن صحتها توجب تعلق النذر بتركها وهو يقتضي عدم صحتها ، وإن شئت قلت : يلزم من تحقق الحنث بها عدمه لأن تعلق الحنث بها يوجب فسادها وهو يوجب عدم تحقق الحنث بها لأن الحنث إنما يكون بفعل الصحيح المنذور تركه ثم إن ظاهر العبارة أن مراد المصنف (ره) التقريب الأول لكن ظاهر قوله : في الجواب : وما يلزم ... إلخ إرادة التقريب الثاني (٢) (قوله : محال) لأنه يكون موجوداً ومعدوماً في زمان واحد (٣) (قوله : لا عدم وضع) إلا أن يكون المقصود التمسك بأصالة كون الاستعمال حقيقة التي يذهب إليها السيد المرتضى لكن عرفت أن التحقيق كون الاستعمال أعم (٤) (قوله : مع ان الفساد من قبل) يعني لا ريب في أن الصلاة في الحمام لو لا نذر تركها صحيحة كسائر الصلوات فإذا نذر ترك الصلاة في الحمام فهذه الصلاة التي وقعت موضوعا للنذر هي تلك الصلاة الصحيحة التي هي كالصلاة في المسجد غاية الأمر أنها بتوسط طروء عنوان النذر تكون فاسدة لكن الفساد الآتي من قبل النذر ليس مأخوذا في موضوع النذر لامتناع أخذ ما يأتي من قبل الحكم

٧٧

لأجل الصحة لو لا تعلقه

______________________________________________________

في موضوعه ، فليس موضوع النذر إلا الصلاة الصحيحة في نفسها (وبالجملة) ذات الصلاة في رتبة سابقة على النذر مصداق للصلاة الصحيحة لا غير ، كما أنها في الرتبة اللاحقة للنذر مصداق للصلاة الفاسدة لا غير ، وهكذا حال سائر الموضوعات التي تتوارد عليها العناوين الثانوية ، مثلا شرب النجس حرام فإذا اضطر إليه صار حلالا فتراه في رتبة سابقة على الاضطرار حراما ، وفي رتبة لا حقة له حلالا ولأجل ذلك يصح ان يقال : الاضطرار كان إلى شرب الحرام ؛ فلفظ الصلاة الواقع في حيز النذر لا يحكي إلّا عن صلاة هي مصداق الصحيح فليس الاستعمال إلا فيه ، ومن ذلك يظهر اندفاع جميع تقريرات الاستحالة المتقدمة المبنية على خلط إحدى الرتبتين بالأخرى فان عدم الصحة بملاحظة النذر إذا كانت لا تنافي الصحة بملاحظة ما قبله لم يتم ما ذكر في التقرير الأول من ان لازم عدم صحة ... إلخ ولا ما في التقرير الثاني من قوله : وهو يقتضي عدم صحتها ، ان كان المراد به عدم كونها مصداقا للصحيح قبل النذر ، وان كان المراد عدم كونها مصداقا للصحيح بعده فليس ذلك من لزوم الشيء لعدمه ، ولا ما في التقرير الثالث من قوله : وهو يوجب عدم تحقق الحنث ، لأن الفساد الآتي من قبل الحنث يمتنع أن يكون موجبا لعدم الحنث وكون الحنث بفعل الصحيح مسلَّم إلا أن المراد به الصحيح بالنظر إلى ذاته (١) (قوله : لأجل الصحة) يعنى لأجل كونها مصداقاً للصحيح في رتبة سابقة على النذر إذ النذر لم يتعلق إلّا بما هو كذلك ثم ان من هنا يظهر لك الجواب عن الاستدلال بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعي الصلاة أيام أقرائك ، فان النهي لو حمل على المولوي لم يتعلق إلا بالصحيح المقدور ، وكون الصحيح غير مقدور إنما هو بملاحظة كونه منهيا عنه وإلا فنفس الفعل الّذي هو معروض للنهي ومصداق للصحيح مقدور لم يخرج بالنهي عن كونه مقدوراً وإن خرج عن كونه مصداقا للصحيح ، وكأن المصنف (ره) إنما لم يجب بذلك بناء على كون النهي مولويا من جهة ان صلاة الحائض ليست صحيحة من جهة مانعية حدث الحيض ولو في رتبة قبل النهي ، وإلا

٧٨

نعم لو فرض تعلقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل [١] لكان منع حصول الحنث بفعلها بمكان من الإمكان

______________________________________________________

فلو بني على عدم مانعيته وضعا وإنما يقتضي التحريم فلا مانع من كون النهي وواردا على ما هو مصداق الصحيح فلاحظ (١) (قوله : نعم لو فرض تعلقه) يعني لو كان مقصود الناذر نذر ترك الصلاة المطلوبة بعد النذر منعنا قول المستدل : انه لا شبهة في حصول الحنث ، بل اللازم القول بعدم حصول الحنث بفعل الصلاة لعدم كونها مطلوبة (أقول) : إذا لم يحصل الحنث بها لا بد من القول بكونها مطلوبة إذ لا مانع من تعلق الطلب بها إلا كونها محرمة لأنها مما نذر تركها وإذا كانت مطلوبة كان الحنث حاصلا بفعلها فيلزم من فرض عدم الشيء وجوده وهو محال كالعكس (فالأولى) في الجواب أن يقال (أولا) لا يعقل ان يتعلق النذر بترك الصلاة المطلوبة بالفعل حتى بلحاظ النذر لأن الطلب بلحاظ النذر متأخر رتبة عنه فلا يؤخذ في موضوعه (وثانيا) أن الصلاة المطلوبة حتى بلحاظ النذر خارجة عن اختيار المكلف لامتناعها بعد ما كان دليل نفوذ النذر موجبا لعدم كونها مطلوبة فلا معنى لنذر تركها كما أشار المصنف (ره) في حاشيته على المتن فلا يتم حينئذ قول المستدل : لا شبهة في صحة تعلق ... إلخ (فان قلت) : قد تقدم أن الصلاة المنذور تركها صحيحة بالفعل ولازمه أنها مطلوبة كذلك (قلت) : لا شك في أنها فرد من الصحيح في رتبة سابقة على النذر ـ كما تقدم ـ كما لا نشك في أنها مطلوبة أيضا لكن النذر كما يرفع صحتها وتكون به فاسدة يرفع مطلوبيتها وتكون به محرمة نظير الكسر الوارد على الإناء الصحيح الّذي له قيمة فانه يصير مكسورا بعد ما كان صحيحا كما يخرجه عن كونه ذا قيمة بعد ما كانت له قيمة. ثم يمكن أن يورد على المستدل ـ مضافا إلى ما ذكر ـ بالنقض بما لو صرح

__________________

[١] أي ولو مع النذر ولكن صحته كذلك مشكل لعدم كون الصلاة معه صحيحة مطلوبة فتأمل جيداً من الماتن قدس‌سره

٧٩

(بقي أمور الأول) ان أسامي

______________________________________________________

بالصحّة فنذر أن لا يصلي صلاة صحيحة فان صححه المستدل لم يتم له الدليل ، وان أبطله فلا مانع من القول بالبطلان في المقام ، وبأنه يلزم القول بالحنث ولو صلى صلاة فاسدة إذا كانت صلاة عرفا كما تقدم من المصنف (ره) في الجواب على الدليل السابق فتأمل (١) (قوله : الأول أن أسامي المعاملات) الكلام في المقام يقع في أمور (الأول) ابتناء النزاع في كون ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو للأعم على كونها أسماء للأسباب لا للمسببات ، وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت أن صفتي الصحة والفساد تطرءان على ذات واحدة ذات مراتب مختلفة كماً أو كيفاً فيكون التمام منها صحيحاً والناقص فاسداً وهذا المعنى ينطبق على الأسباب أعني الإنشاءات الخاصة فان إنشاء مثل البيع أو الصلح أو الإجارة أو غيرها يمكن أن يكون صحيحاً جامعاً لجميع ما يعتبر فيه في ترتب الأثر عليه ونفوذه كما يمكن أن يكون فاسداً فاقداً لما له الدخل في ترتب الأثر عليه فالأوّل مثل البيع الصادر من البالغ السلطان على التصرف مع العلم بالعوضين وكونه باللفظ العربي ، والثاني مثل بيع الصبي أو المجنون أو العبد أو الواقع على مجهول أو باللفظ الفارسي فحينئذ يصح أن يقع النزاع في أن لفظ البيع أو غيره من الألفاظ موضوعة للصحيح أو للأعم منه ومن الفاسد ولا ينطبق هذا المعنى على المسببات أعني الآثار المترتبة عليها مثل علقة البدلية في البيع والزوجية في النكاح وغيرهما في غيرهما فان هذه الآثار ليست مختلفة كماً أو كيفاً بحيث يكون التام مؤثراً في أثر كذا والناقص ليس مؤثراً فيه لتتصف بالصحّة والفساد ، بل هي في ظرف وجود السبب تكون موجودة وفي ظرف عدمه تكون معدومة فهي إما موجودة أو معدومة فلا معنى للنزاع في وضع ألفاظها للصحيح أو الأعم (الثاني) في تنقيح المبنى المذكور وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت فيما سبق أن الإنشاء والخبر موضوعان لمعنى واحد وان الفرق بينهما بمجرد قصد الحكاية والإنشاء فلفظ البيع والصلح والإجارة والملكية والمبادلة موضوعة للمعاني المنشأة بلفظ (بعت)

٨٠