حاشية الكفاية

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: بنياد علمى وفكرى علامه طباطبائى با همكارى نمايشگاه و نشر كتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٠

ثم ذكره (ره) ان الماهية إذا كانت من الماهيات الحقيقية كانت غير مبهمة من حيث ذاتها ومفهومها وانما الإبهام فيها من حيث الطواري والعوارض وإذا كانت غير حقيقية كالأمور الاعتبارية المؤلفة من أمور مختلفة تزيد وتنقص فهي مبهمة في ذاتها وسبيل أخذ الجامع فيها ان تلاحظ على نحو مبهم غاية الإبهام بعرفية بعض العناوين الغير المنفكة عنها فكما ان الخمر مائع مبهم من حيث اتخاذه من العنب والتمر وغيرهما ومن حيث اللون والطعم والريح ومرتبة الإسكار فلا يتصور الا مائعا مبهما بعرفية الإسكار مع إلغاء جميع الخصوصيات كذلك معنى الصلاة مثلا على ما فيها من الاختلافات كما وكيفا ومن كل جهة يؤخذ سنخ عمل مبهم من كل جهة الا من حيث كونه مطلوبا في الأوقات الخاصة فالعرف لا ينتقلون مع سماع لفظ الصلاة الا إلى هذا السنخ من المعنى انتهى ملخصا.

وما ذكره (قده) وان كان صحيحا بوجه على ما سيجيء لكن يرد عليه ان الجامع الّذي ذكره أخيرا اما ان يكون داخلا في التقسيم الّذي ذكره ابتداء أو غير داخل فيه وعلى الأول لم يكن حكم بعض الأقسام صحيحا وعلى الثاني لم تكن القسمة حاضرة وهو ظاهر ثم أقول إذا اعتبرنا ما مر من الأصول كان حق المقام ان يقال ان هذه الأمور سواء كانت من الموضوعات المركبة تركيبا غير حقيقي أو المجعولة جعلا اعتباريا عقليا أو شرعيا وبالجملة الأمور الاعتبارية المركبة على

٤١

اختلافها من كل جهة حيث كانت متسعة المعنى تدريجا كان التشكيك في معانيها مسبوقا بالتواطي مثال ذلك انهم حصلوا على المطبوخ من دقيق البر مثلا أو لا فاعتبروها وسموها خبزا ثم وجدوا دقيق الشعير إذا عمل كذلك يفي بالغرض وهو سد الجوع فوسعوا في الاسم ثم وجدوا الأرز والذرة وغيرهما مع خليط آخر وبدونه ومع تغيير خصوصيات من الشكل وغيره وبدونه كذلك فلم يزالوا يوسعون في الاسم حتى حصلت المراتب على اختلافها الشديدة لكن في أول المراتب انما اعتبروا جامعا متواطيا بالنسبة إلى افرادها الغير المختلفة ثم اعتبروا وحدتها النوعية مع ما يليها من المراتب ثم الثالث مع الثاني ثم الرابع مع الثالث وهكذا و (ح) وجدوها مختلفة المراتب واستبهموا الجامع كلما ازدادت المراتب فحكموا بكون المفهوم الجامع مشككا في غاية الإبهام وتشبثوا لفهمه بالمعرفات من الأغراض والآثار وهذا بناؤنا فيما بأيدينا من الأمور الاعتبارية والمركبات الغير الحقيقية مما لا يحصى والمجعولات الشرعية من العبادات مثلا على هذا الوزان فالصلاة مثلا كما شرعت أو لا على ما فرضه الله تعالى ركعتين مع ما لها من الاجزاء والشرائط فأخذ معناها الجامع جامعا متواطيا يصدق على افراده على وتيرة واحدة ثم أضيف إليها ما فرضه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتصرف فيها بالتصرفات المختلفة بالعفو والاعتبار بحسب الحالات الطارية والاعذار اللاحقة من السفر والحضر والخوف والمرض وأقسام التعذرات والاضطرارات

٤٢

حتى وصلت النوبة إلى صلاة الغريق وهي مجرد إيماء قلبي فهي كما ترى تبتدأ أولا من جامع متواط في مرتبة واحدة ثم بين كل مرتبة وما يليها ثم اعتبار جميع هذه الجوامع المتواطئة المختلفة وسبك جامع واحد منها فينتج التشكيك (فان قلت) التشكيك ممتنع في الماهيات (قلت) لا ضير فيه في الاعتباريات لاستناد الوحدة فيها إلى وحدة الغرض المقصود منها وليس ذلك بأعظم من تألف ذاتها من الماهيات المختلفة من المقولات المتباينة بالذات نعم يمتنع ذلك في الماهيات الحقيقية وليست بها وقد مرت الإشارة في ما مر ان الضرورة والامتناع جهات برهانية غير موجودة في القضايا الاعتبارية (فقد تبين) ان الجامع في المركبات الاعتبارية ومنها العبادات لشرعية معنى مبهم تشكيكي يتوصل إلى اعتباره أو لا باعتبار جوامع متواطئة تستنتج هو منها وإلى فهمه ثانيا بالمعرفات من الأغراض والآثار ويجب ان تعلم ان التشكيك الاعتباري ليس على حد التشكيكات الحقيقية المعروفة القائمة بالشدة والضعف والكمال والنقص بل انما هو اختلاف ذاتي في عين الاتفاق الذاتي من غير تفاوت بالشدة والضعف فكل مرتبة من الصلاة مثلا واقع على المأمور بتلك المرتبة وغير واقع على المرتبة التالية من غير ان تكون أكمل من ما في تلك المرتبة وانما يطلق اسم المرتبة عليها تجوزا من غير حقيقة ولو تحقق بين مرتبتين منها كمال ونقص لكانت صلاة الحاضر مثلا مجزيا للمسافر بنحو أكمل وأتم وليس كذلك وهو ظاهر (قوله ره) بان الجامع

٤٣

انما هو مفهوم إلخ) أقول وعدم رجوع الشك إلى الشك في المحصل على ما تصورناه من الجامع أوضح فان متعلق التكليف حينئذ ليس هو الجامع المشكك المنطبق على جميع المراتب بل الجامع المتواطئ المنطبق على افراد مرتبة واحدة غير مختلفة فتدبر.

قوله (ره) واما على الأعم فتصوير الجامع في غاية الإشكال إلخ :

قد عرفت ان الصحة والفساد من قبيل العدم والملكة ولازم ذلك ان يكون بينهما موضوع يعرضانه فالعلم بتحقق أحد الوصفين مسبوق بالعلم بموضوعهما ووحدة الموضوع لازمة في المتقابلين فالصحة كالفساد معنى واحد وموضوعهما واحد فهناك للأعم جامع كما ان للصحيح جامعا من غير إشكال فتأمل.

واعلم ان الجامع على الأعم حاله في الإبهام حال الجامع على الصحيح لمكان التداخل في المراتب من حيث الصحيح والفاسد ومن هنا يظهر ان الجامع الّذي أرادوا تصويره بصورة غير مبهمة بأحد الوجوه الآتية غير تام أبدا.

قوله (ره) ثمرة النزاع إجمال الخطاب على الصحيح وعدم جواز الرجوع إلى إطلاقه إلخ.

هذا هو الّذي ذكره شيخ مشايخنا الأنصاري (ره) لكن الوجه فيه ليس هو بيان الجامع على أحد التقديرين دون الآخر إذ قد عرفت ان الصحيح والأعم في إبهام الجامع على حد سواء بل الوجه تبين

٤٤

الصدق على الأعم دون الصحيح فالعلم بصدق ماهية على فرد لا يتوقف على العلم بحده التام كما ان من الممكن ان يعلم بكون زيد وعمرو إنسانا مع الجهل بحده التام وكذا ساير الماهيات فهذا هو الموجب لإجمال الخطاب على الصحيح لكون الشك في اعتبار قيد ما من القيود ملازما للشك في صدق الصلاة لاحتمال الدخالة في التسمية بخلاف الأعم والوجه في ذلك تداخل المراتب فما من مرتبة تتصف بالصحّة الا أمكن ان تتصف بالفساد فيكون مصداقا للأعم كما يكون مصداقا للصحيح ومن هنا كان وروده مورد البيان غير ممكن بالنسبة إلى جميع المراتب واما بالنسبة إلى مرتبة واحدة فيمكن ذلك لكن الشأن في تمييز المرتبة من المرتبة وعلى فرض التمييز فحاله حال الأعم فتأمل.

والبحث على أي حال قليل الجدوى وقد ادعى ان الخطابات المشتملة على العبادات مهملات غير واردة في مقام بيان تمام ما له الدخل فيها :

قوله «ره» فقد استدل للصحيحي بوجوه إلخ :

لا يخفى ما فيها من الضعف فالتبادر وصحة السلب انما يستقيمان بالنظر إلى عرفنا جماعة المتشرعة واما بالنظر إلى ما عند الحاضرين في زمان الشارع والمخاطبين في محاوراته فالإنصاف انه لا سبيل لنا إليه ومثله دعوى خلو الاخبار عن القرينة واما الوجه الرابع فقد أبدى ضعفه هو (ره) نفسه (والحق) ان يقال بالنظر إلى الأصول السابقة

٤٥

ان الاعتبار انما يتعلق بالشيء لإيفائه بالغرض أي يتعلق بالمجعول الصحيح والغرض من حيث البيان والتبين انما يتعلق ابتداء بالصحيح من المجعول فهو المكشوف عنه بالاسم أو لا ثم التداول والتناول يوجب وجود الفاسد منه فيطلق الاسم عليه بالعناية أو لا وان أمكن الاستغناء عن إعمال العناية بالاخرة فالصحيح ليس فيه عناية فاللفظ ظاهر في الصحيح اما لكونه هو المسمى لو كان الظهور أو الوضع للصحيح فقط واما لكونه من افراد المسمى لو كان ذلك للأعم واما الفاسد أو الأعم من حيث هو أعم فحيث كان بالعناية فيحتاج كونه حقيقة أو ظاهرا فيه إلى الكشف عن انتفاء العناية في موارد استعمالاته ولا سبيل لنا إلى الكشف عنه.

قوله «ره» لكنه لا يبعد دعوى كونها موضوعة للصحيحة أيضا إلخ :

البيان الّذي قدمناه في كون أسامي العبادات موضوعة للصحيحة أو ظاهرة فيها جار هاهنا في كون أسامي المعاملات موضوعة للصحيحة عند العرف والشرع يبنى في هذا المعاني الاعتبارية على ما بنى عليه العرف والمنع الشرعي عن بعض الافراد وإضافة بعض القيود شرعا لا يقضى بتعدد المفهوم لكونه كما عرفت في غاية الإبهام انما هو تصرف في بعض الافراد بتخطئتهم في عده فردا للكلي.

وببيان آخر قد عرفت ان مفاهيم هذه الألفاظ مفاهيم تشكيكية مأخوذة عن مفاهيم متواطئة مجتمعة في مواردها وإضافة قيد والمنع

٤٦

عن فرد انما يتوجه إلى اعتبار بعض تلك المفاهيم المتواطئة لوجود مصلحة زائدة لم يعتبرها العرف أو فقد مصلحة اعتبرها يوجب توسعة أو تضييقا في الاعتبار ولا يتوجه إلى المفهوم المشترك فيه بين الجميع الّذي وجهه وجه التشكيك وهذا المعنى كثير الوجود في العرف أيضا بين طائفة وطائفة أو بين طائفة في وقتين فيزيدون وينقصون في الأمور المعتبرة المتعلقة بالمأكل والمسكن والملبس والآداب وغيرها من غير ان يتغير المفاهيم عندهم وهو ظاهر.

قوله «ره» كون ألفاظ المعاملات موضوعة للصحيحة لا يوجب إجمالها إلخ :

محصله ان الاعتباريات من المعاملات حيث كانت مبنية عند العرف والشرع تابع في أخذها لهم فالإطلاق إذا كان في مقام بيان الاجزاء والشرائط ولم يبين قيدا محتملا من القيود دفع بالإطلاق لصدق المفهوم على المورد وقيام الحجة على دفع المحتمل وهو عدم البيان.

ولقائل ان يقول ان الحال في الاعتباريات من العبادات أيضا هذا الحال إذ لم يأت الشارع بمجعول عبادي لا يعرفه العرف بمفهومه الاعتباري في الجملة وانما شأن الشارع تحديد الحدود وتتميم القيود كما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثت لا تمم مكارم الأخلاق فالطهارة والصلاة والحج وغيرها من المجعولات الشرعية جميعا مما يعرف العرف اعتبارها في الجملة وانما عرف الشارع منها ما يتم به معانيها على

٤٧

ما نسب إلى الباقلاني لكن الإنصاف ان هذه المعاني وان كانت في أول ظهور الإسلام على هذا الحال إلّا انها صارت بعد ذلك مهجورة الأصل منسية العهد وتعينت في المعاني الشرعية وما بأيدينا من الإطلاقات لو كان فهو صادر في العصر الثاني دون الأول فالمتعين هو التمسك بالإطلاق في المعاملات فقط.

قوله «ره» الحق وقوع الاشتراك للنقل إلخ :

قد عرفت في الكلام على الوضع إمكان الاشتراك والترادف واما الوقوع فلا وجه لإنكاره مستندا إلى عدم الوجدان بعد ورود مثل كلمة النون للدواة والحوت واسم الحرف والنجم للنبات غير ذي الساق والكوكب وأوضح من ذلك أمثلة كثيرة من المبنيات مثل ما الموصولة والنافية وان الشرطية والنافية وهمزة النداء والاستفهام وغيرها ولا جامع فيها بحيث يرتضيه الطبع السليم ويتلقاه الذوق المستقيم ونظير ذلك موجود في غير العربية من اللغات وقد عرفت سابقا ان تعدد اللغات في معنى الترادف وتطابق اللغتين في معنى الاشتراك لكون الوضع تعينيا بالطبع.

قوله «ره» بل جعله وجها وعنوانا له إلخ.

قد عرفت في الكلام على الوضع انه انما يتم بجعل الهوهويّة بين اللفظ والمعنى اعتبارا أي دعوى كون اللفظ هو المعنى فيرجع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد إلى كون الواحد عين

٤٨

الكثير وهو محال واما حديث فناء اللفظ في المعنى كفناء الوجه في ذي الوجه والعنوان في المعنون فقد مر ما يتعلق به من الكلام.

بحث المشتق

قوله «ره» المراد بالمشتق هاهنا ليس مطلق المشتقات انتهى :

ما مر من الكلام على موضوع العلم ينتج ان المسألة إذا كانت حقيقية فهي تدور عموما وخصوصا مدار عقد الوضع أعني الموضوع أو البرهان والمآل واحد وإذا كانت اعتبارية غير حقيقية فهي تدور عموما وخصوصا مدار الغرض أو الدليل والمآل واحد أيضا والغرض من بحث المشتق تشخيص ان ما يعد عرفا وصفا ثابتا للذات مطلقا عليه حقيقة في حال جريانه عليه ووجوده فيه هل هو حقيقة فيه بعد انقضائه عنه فالضارب حقيقة في زيد ما دام يضرب فإذا انقضى عنه الضرب فهل إطلاقه عليه حقيقة باعتبار حال الانقضاء دون اعتبار حال الجري وإطلاق الزوجة عليها حقيقة ما دامت العلقة فإذا انقضت بأحد موجبات بطلانها فهل الإطلاق حقيقة أو مجاز ولا فرق في ترتب هذه الثمرة بين أقسام الأوصاف الاسمية كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل واسم الزمان والمكان واسم الآلة وبناء المقدار وصيغة المبالغة وما يلحق بها من الجوامد الجارية بنظر العرف على الذوات جريان المشتق عليها كالزوج والزوجة والرق والحر وأشباهها ومنها المنسوب.

٤٩

قوله «ره» مما يكون مفهومه منتزعا عن الذات بملاحظة إلخ :

توضيح الكلام في المقام ان اشتراك جميع المشتقات من حيث المعنى الحدثي بالنظر إلى المعنى وفي الحروف الأصلية الدائرة بين الجميع بالنظر إلى اللفظ يقضى باشتقاق الجميع حتى المصدر واسمه عن أصل واحد وهو الّذي نسميه بالمادة أعني نفس الحروف الأصلية من غير تقيدها بحركة وسكون أو غيرهما والأوصاف من المشتقات لا تدل على أزيد من معنى واحد استقلالي وإذ كان المبدأ مدلولا عليه بالاستقلال فالمعنى الواحد الاستقلالي هو معنى المبدأ بإزاء المادة وما عداه معنى نسبي مدلول عليه بالهيئة أعني ما عدا المادة اما واحدا وأزيد من واحد وقد عرفت في الكلام على المعنى الحرفي انها غير مستقلة مفهوما ومصداقا وان انتزاع مفاهيمها من مصاديقها بتبع المستقل الّذي يحفظها فمفاهيم هذه الأوصاف منتزعة عن المبدأ بملاحظة تقيدها بأنحاء نسب اتحادها مع الذات فمفهوم اسم الفاعل هو الوصف المتحد مع الذات بنسبة القيام التجددي والمنتزع في الصفة المشبهة هو الوصف كذلك بنسبة القيام الثبوتي وفي اسم المفعول ما هو كذلك بنسبة القيام الوقوعي وفي اسم التفضيل ما هو كذلك بنسبة الشدة وفي صيغة المبالغة ما هو كذلك بنسبة الكثرة وفي اسم الزمان والمكان ما هو كذلك بنسبة الظرفية وفي اسم الآلة ما هو كذلك بنسبة الآلية وفي بناء المقدار ما هو كذلك بنسبة المقدار هذا.

٥٠

ومن هنا تعرف ما في قول المصنف هنا وفيما سيجيء ان معنى الوصف مفهوم منتزع عن الذات بملاحظة تلبسها بالمبدإ وقد وقع مثله في عبارة غيره ولك ان ترجعه بنحو من التأويل إلى ما ذكرناه.

تنبيه اسم المفعول من اللازم كالممرور به صيغة المفعول وما يتبعه من الجار والمجرور خارج عن الهيئة يتم به تعلق المبدأ بالذات إذ المبدأ لاشتراكه بين المجرد والمزيد فيه واللازم والمتعدي يدل على معنى مشترك بين الجميع ممكن الانطباق على معنى المزيد فيه المتعدي ودلالة المزيد فيه المتعدي وزيادته على المجرد بالهيئة فاختصاص المجرد في مدلوله بالمعنى المقابل لمعنى المزيد فيه أعني معنى اللازم انما هو بالإطلاق دون الوضع فإذا كان الإمرار وهو من باب الأفعال متعديا بنفسه فمعنى المرور وهو مجرد لازم المعنى المشترك الممكن الانطباق على معنى الإمرار إلّا بالإطلاق وذلك لشهادة صوغ اسم المفعول منه مع اتحاد معنى هيئة المفعول في صيغتي مضروب وممرور به ولو كان اسم المفعول مجموع هيئة الممرور به لم يعرب آخر الصيغة وكان الضمير حرفا ولو كانت الدلالة لنفس هيئة المفعول وحدها لم يحتج إلى إلحاق الظرف والمجرى عليها التثنية والجمع والتأنيث فالمادة في المرور به يدل على المعنى المشترك الأعم والهيئة على خصوص النسبة لكن يتم نقص الهيئة بالظرف ونقص المادة بالإطلاق فافهم.

واما المصادر وأسماؤها فالفرق بينهما ان اسم المصدر يدل على

٥١

الحدث مأخوذا وحده والمصدر على الحدث مأخوذا بنسبة ناقصة إلى الذات فلهيئتهما دلالة على النسبة وجودا وعدما.

واما ما ذكره بعض الأساطين من مشايخنا (ره) ان المصدر لو دل على النسبة الناقصة بهيئة لكان مبنيا غير معرب لشبه الحرف باشتماله على النسبة فهي يدل على الحدث حال كونه منتسبا إلى الذات بنسبة ناقصة وظاهره انه (قده) يجعل النسبة ظرفا لا قيدا.

ففيه أو لا انه لو لم يدل على النسبة لكان جامدا غير مشتق وهو كما ترى ولا يلتزم به ولو دل عليها فحيث كانت الدلالة على المادة بالمادة فالدلالة على النسبة بالهيئة ولا يتفاوت الحال بأخذها قيدا أو ظرفا وثانيا ان مجرد الاشتمال على النسبة غير كافية في البناء وإلّا كانت الأوصاف جميعا مبنيات لاشتمالها على أنحاء النسب بل موجب البناء هو الاشتمال الّذي يوجب عدم التمكن والاستقلال في المعنى فلا يقبل تنوين التمكن كالأفعال وأسماء الشروط والموصولات وساير المبهمات واما المصادر وأسماؤها والأوصاف فمعانيها مع ما فيها من النسب معان مستقلة تامة.

واما الأفعال فقد قيل بدلالتها على الزمان كما سيجيء لكن الإنشاءات على كثرتها وكثرة استعمالها وكذا وقوع الأفعال في حيز الشرط من غير دلالة على الزمان مع بشاعة الالتزام بالمجاز يوجب ان تكون الدلالة على الزمان فيها بالإطلاق لكثرة الاستعمال وان

٥٢

الماضي يدل على الحدث بنسبة تامة محققة والمضارع على الحدث بنسبة مترقبة التحقق.

واما الأمر والنهي فانما يدلان على البعث والزجر الاعتباريين ولا تماس لهما بنفسها بالزمان.

قوله «ره» ما عن الإيضاح في باب النكاح انتهى :

أورد عليه شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الحاشية ان الفرق بين الكبيرتين مشكل لاتحادهما في الملاك لأن أمومة المرضعة الأولى وبنتية المرتضعة متضايفان متكافئتان قوة وفعلا وبنتية المرتضعة وزوجيتها متضادتان شرعا ففي مرتبة حصول الأمومة تحصل البنتية لمكان الإضافة وفي تلك المرتبة تبطل الزوجية لمكان التضاد فليست في مرتبة من المراتب أمومة المرضعة مضافة إلى زوجية المرتضعة حتى تحرم لكونها أم الزوج انتهى ولقائل ان يقول ما الفارق بين زوجية المرضعة وزوجية المرتضعة حيث تبطل الثانية بمجرد تحقق البنتية ولا تبطل الأولى بمجرد تحقق الأمومة مع ان البنتية والأمومة في مرتبة واحدة والزوجية والزوجية في مرتبة واحدة أيضا والظاهر انه وقع الخلط بين البنتية بالنسبة إلى الزوجية والبنتية بالنسبة إلى الزوج فوضعت الثانية مكان الأولى فأنتج ما ترى فافهم ذلك.

قوله «ره» بان انحصار مفهوم عام بفرد كما في المقام :

فعدم وجود مصداق للذات المنقضى عنه المبدأ في اسم الزمان

٥٣

لكون الزمان منقضيا بانقضاء المبدأ لا يوجب الخروج عن حريم النزاع.

وأورد عليه شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الحاشية ان ذلك اعتراف منه رحمه‌الله بعدم ترتب الثمرة على النزاع في اسم الزمان إذ الثمرة كون استعمال المشتق فيما انقضى عنه المبدأ حقيقة أو مجازا ولا مصداق له في اسم الزمان باعترافه فيخرج عن محل النزاع بالضرورة.

فالأولى ان يقال ان صيغة اسم الزمان والمكان واحد فهو موضوع للوصف مع نسبة الظرفية وعدم تحقق مصداق لبعض افراد الموضوع له مع عمومه المفهومي لا يوجب خروج الصيغة عن محل النزاع انتهى ملخصا.

قوله «ره» وإلّا لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة إلخ :

عبارة ناقصة التركيب وكان المراد بها تنظير المقام بالخلاف الواقع في لفظ الجلالة انه علم أو اسم جنس مع وحدة واجب الوجود بالذات مصداقا واما قوله الواجب موضوع للمفهوم العام انتهى فعبارة غير قابلة الإصلاح.

قوله «ره» وهو اشتباه ضرورة عدم إلخ :

أورد (ره) على دلالة الفعل على الرمان وضعا كما اشتهر بين النحاة وجوها.

الأول النقض بفعلي الأمر والنهي.

٥٤

الثاني خلو ما يسند من الأفعال إلى غير الزمانيات كالزمان نفسه والمجردات والتزام المجاز فيها جميعا كما ترى.

الثالث اشتراك المضارع بين الحال والاستقبال وليس باشتراك لفظي وإلّا لزم الاستعمال في أكثر من معنى واحد في مثل قولنا يضرب زيد الآن وغدا ولا معنوي إذ لا جامع بين الحال والاستقبال لتباين اجزاء الزمان ذاتا فليس إلّا ان فيه خصوصية ملائمة لكل من الزمانين.

الرابع ان الماضي ربما يستعمل فيما هو مستقبل حقيقة وبالعكس فالفعل انما يدل على الزمان بالإطلاق فيما يسند إلى الزمانيات لا بالوضع وقد أورد عليه شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الحاشية بان الدلالة بالإطلاق انما يتصور إذا كانت الخصوصية المأخوذة فيه أشد مناسبة لما هو ظاهر فيه لا متعينة فيه من غير ملائمة لغيره أصلا فلو كانت دلالة الماضي على ما يختص به من الزمان بالإطلاق جاز استعماله في غيره لكنا لا نشك في عدم صحة قولنا ضرب غدا ويضرب أمس فالماضي موضوع للحدث المقارن بالنسبة إلى الزمان الماضي والمضارع موضوع للحدث المقارن بالنسبة إلى ما لم يمض من الزمان فينطبق على كل من الحال والاستقبال.

ثم أجاب عن الوجه الثاني من الوجوه الأربعة بان التقدم والتأخر الزمانيين في الزمانيات بعرض الزمان وفي نفس اجزاء الزمان بالذات. فقولنا مضى الزمان لا يتفاوت مع قولنا مضى زيد إلّا بالذات والعرض

٥٥

واما الأستاذ إلى المجردات فللمجرد معية قيومية مع الزمانيات فهو معها من غير تقيد بالزمان.

وعن الثالث بان المأخوذ في المضارع ما لم يمض من الزمان ولا محذور عليه.

وعن الرابع بأنه من قبيل الاختلاف في الحال فقد يجعل الحال حال التكلم ويؤخذ الماضي والمستقبل بالنسبة إليه وقد يجعل شيء مما مضى أو يأتي ويؤخذان بالنسبة إليه ومن هذا القبيل المثالان اللذان أوردهما في المتن انتهى ملخصا (وقد عرفت) ما يتعلق به من الكلام اما الحجة فكون المثالين من الغلط ممنوع كيف واستعمال الماضي في الحوادث المستقبلة إذا كانت محققة الوقوع شايع وفي القرآن منه شيء كثير كقوله تعالى ونفخ في الصور فصعق الآية وسيق الذين اتقوا الآية وكذا المضارع في مورد حكاية الحال السابقة وبالجملة فما ناسب من الموارد ما أخذ في الماضي والمضارع من خصوصية النسبة أعني النسبة المحققة في الماضي والنسبة المترقبة المتحقق في المضارع فاستعمالهما فيه صحيح ليس من الغلط في شيء مضافا إلى ما عرفت من سقوط النسب في الإنشاءات وحيز الشروط وغيرها.

قوله رحمه‌الله تبادر خصوص المتلبس بالمبدء :

الطريق السهل لإثبات كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدإ فقط بناء على ما اخترناه سابقا ان يقال : ان معنى المشتق هو الوصف

٥٦

مأخوذا بنسبة ومن المعلوم ان لا مطابق له الا الذات باعتبار تلبسه بالمبدإ والمصنف رحمه‌الله حيث اختار ان المنتزع عنه هو الذات باعتبار تلبسه بالمبدإ كان عليه ان يتمسك بما ترى من التبادر وصحة السلب وغيرهما.

قوله رحمه‌الله ولو لم يكن استعماله فيما انقضى إلخ :

هذا اعتراف منه رحمه‌الله بالإشكال كما هو ظاهر قوله رحمه‌الله ان مفهوم المشتق على ما حققه المحقق الشريف إلخ المراد بالباسطة خروج الذات عن مفهومه في مقابل من يقول بتركب مفهومه من الحدث والنسبة والذات والّذي يوجد في كلامه هو خروج الذات والشيء عن مفهوم المشتقات دون دعوى البساطة فذلك تسمية من غيره هذا ويرد على ما أفاده المحقق الشريف انه على تقدير تمامه انما يفيد خروج الذات المأخوذ بنحو الاستقلال عن مفهوم المشتقات واما أخذه غير مستقل بجعله طرف النسبة على ما قررناه فلا.

قوله «ره» أحدهما قضية الإنسان إنسان إلخ :

ظاهره الرد على صاحب الفصول على كلا التقديرين بان المحمول ان كان هو الذات المقيد بنحو دخول التقيد وخروج القيد فالذات حال التقيد ضروري الثبوت لنفسه فقد صح الانقلاب وان كان هو الذات المقيد مع القيد فمجموع الذات مع القيد وان لم يكن ضروريا غير ان القضية لانحلالها إلى ضرورية في عقد الوضع وممكنة

٥٧

في عقد الحل لا يخلو عن ضرورة أيضا فيتحقق الانقلاب أيضا مع ان عقد الوضع اما مطلقة أو ممكنة فهو «ره» انما أخذ القضية الضرورية من ذات الموضوع والذات المفروضة الأخذ في جانب المحمول ولو لا ذلك لم يختص الإشكال بالممكنة التي محمولها مشتق بل يجري في كل ممكنة عنوان موضوعها عنوان الذات كقولنا الإنسان ذو كتابة والإنسان له الكتابة بالإمكان فالإشكال على ما سلكه في تقريبه واقع ولو لم يؤخذ الذات في مفهوم المشتق في عين القضية التي حللها فما سلكه رحمه‌الله غير مستقيم هذا ، وربما يورد عليه ان أصل انحلال القضية إلى عقدي الوضع والحمل من باب لزوم ما لا يلزم بل هو مبنى على ما وضعه المنطقيون في القضايا ان المعتبر في جانب الموضوع هو الذات وفي جانب المحمول هو الوصف ولا حاجة إليه بعد اعتبار الاتحاد في الوجود في الحمل الشائع.

أقول وهو غفلة عن غرض القوم فان العلوم انما تشتغل بالبحث عن الحقائق الخارجية والكشف عن محمولاتها الذاتيّة على ما عرفت في الكلام على موضوع العلم والمقدار الّذي يتعرض فيها بحال الألفاظ انما هو تنزل إلى سطح افهام المتعلمين تسهيلا للتعليم ثم ان الّذي عليه الأمر في نفسه ان الموضوع هو الذات والمحمول ما يعرضه لذاته مما يحمل عليه ثم لو حمل على المحمول شيء من عارض ذاتي فانما يعرضه بما هو متقوم بالموضوع الأول وهو الذات فان هذا هو الحق الّذي في الأعيان من قيام ما وجوده للغير بالغير دون العكس بالبرهان ثم البرهان مع ذلك قائم على

٥٨

صدق العكس المستوى في القضايا والبرهانان جميعا يعطيان جميعا ان الموضوع في القضايا هو الذات وان الانعكاس بتبدل مكاني الوصفين بالتقدم والتأخر فعقد الوضع والحمل ينحلان إلى قضيتين هذا.

مضافا إلى ان البرهان قائم على عمومية نسبة النعتية والوصفية وهي نسبة الوجود له ثابتة بين كل امر موجود وبين المستقل بالذات الّذي معه سواء كان المستقل الموجود معه غيره كما في الاعراض أو عينه كما في غيرها هذا.

واما حديث الاتحاد في الوجود في الحمل الشائع فلا يكفى فيما مر من الدقيقة وان كان لا بد من اعتباره.

قوله «ره» ان معنى البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراكا وتصورا إلخ :

اللفظ حيث انه مأخوذ وجودا للمعنى ولا معنى لوجود واحد يوجد به أمور كثيرة فوق الواحد من غير رجوعها إلى جهة واحدة يجمعها بان يكون الوجود واحد والموجود به كثيرا لكون الوجود عين موجودية الموجود فاللفظ الواحد له صورة تصورية واحدة من حيث انها معناه سواء كان بسيطا غير مركب أصلا كالأجزاء الأخيرة للمركبات أو مركبا بالتحليل كالإنسان مثلا المنحل إلى الحيوان الناطق فالوحدة والتركب من حيث اللحاظ هو الفارق بين الحد والمحدود أو مركبا من غير تحليل كالدار والجملة والخطبة وغير ذلك إذا عرفت ذلك علمت ان هذه الوحدة اللحاظية لا مفر منه سواء

٥٩

قلنا ببساطة معنى المشتق حقيقة أو بمعنى خروج الذات عن مفهومها أو بتركبه من الذات والنسبة والحدث فالبساطة اللحاظية غير متنازع فيه ولا ينافيها القول بالتركب أصلا كما نبه به شيخنا الأستاذ أعلى ـ الله مقامه في الحاشية انما النزاع في ان معنى المشتق هل هو المبدأ فقط من غير نسبة ولا ذات كما نسب إلى المحقق الدواني أو هو المبدأ والنسبة من غير ذات كما عليه المحقق الشريف أو مجموع الذات والنسبة والمبدإ كما عليه المشهور فهاهنا ثلاثة أقوال.

القول الأول ان المشتق هو المبدأ معنى ونسب إلى المحقق الدواني والمنقول منه ثلاثة أوجه من الاستدلال.

أحدها ما ذكره في حاشيته على شرح القوشچي على تجريد الكلام قال : التحقيق ان المشتق لا يشتمل على النسبة بالحقيقة فان معنى الأبيض والأسود ونظائرهما ما يعبر عنه بالفارسية بسفيد وسياه وأمثالهما ولا مدخل في مفهومهما للموصوف لا عاما ولا خاصا إذ لو دخل في مفهوم الأبيض الشيء كان معنى قولنا الثوب الأبيض الثوب الشيء الأبيض ولو دخل فيه الثوب بخصوصه كان معناه الثوب الثوب الأبيض وكلاهما معلوم الانتفاء بل معنى المشتق هو المعنى الناعت وحده.

ثانيها انا إذا رأينا شيئا أبيض فالمرئي بالذات هو البياض ونحن نعلم بالضرورة انا قبل ملاحظة ان البياض عرض والعرض لا يوجد قائما بنفسه نحكم بأنه بياض وأبيض ولو لا الاتحاد بالذات بين الأبيض

٦٠