حاشية الكفاية

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: بنياد علمى وفكرى علامه طباطبائى با همكارى نمايشگاه و نشر كتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٠

قوله «ره» لا يكاد يكون طبيعة المعدومة إلخ :

قد مر ما فيه فان الطبيعة موجودة بوجود الفرد ونقيض كل وجود هو عدمه البديل الّذي يطرده بنفسه وينتفي هو به وعلى هذا فالطبيعة إذا لم تؤخذ مرسلة ذات سراية تنتفي بانتفاء فرد ما من افرادها وان وجدت كل فرد غيره ووجدت هي بهما فإفادة النكرة في سياق النفي للعموم منوط بأخذ الطبيعة مرسلة لا مهملة وإلّا لم يفد شيئا من العموم والمصنف ره وان استدرك ما ذكره أو لا بقوله ثانيا لا يخفى اه فأصلحه بعض الإصلاح إلّا انه أفسده ثانيا بقوله وإلّا فسلبها إلخ.

قوله لا بواسطة دخول غيرها إلخ :

ظاهر هذه العبارة ان العام مع قطع النّظر عن المخصص ظاهر في العموم وغاية ما يقتضيه المخصص على تقدير تسليم المجازية ان يكون قرينة على عدم شمول العام لافراد المخصص لا سقوط دلالته على جميع ما كان يدل عليه لو لا المخصص بان يبطل أصلا ويتجدد دلالة أخرى فيصير مجملا بل الدلالة الأولية موجودة وانما أفادت القرينة سقوطها بالنسبة إلى افراد المخصص واما الباقي فالمقتضى لدلالته عليه موجود والمانع مفقود ولو احتمل دفع بالأصل.

ولا يخفى انه بناء على هذا التقريب لا يرد عليه ما أورده المصنف ره فان بنائه على سقوط الدلالة الأولية رأسا وتجدد دلالة ثانية مرددة بين مراتب الباقي وقد عرفت خلافه.

١٦١

قوله «ره» (ره) كما يظهر صدق هذا إلخ :

دعوى عهدتها على مدعيها.

قوله «ره» أصالة عدم تحقق الانتساب إلخ :

لو لم يعارض بالأصل في الجانب المقابل لأن غير القرشية عنوان وجودي كالقرشية لا عدمي فتأمل.

قوله «ره» الّذي ينبغي ان يكون محل الكلام إلخ :

تغيير العنوان ليكون مناسبا للبحث الأصولي.

قوله «ره» من باب الظن النوعيّ إلخ :

والحق ان الأصول اللفظية مثل أصالة العموم وأصالة عدم القرينة حالها حال أصالة الظهور في ملاك الحجية عند العقلاء وسيجيء ما يتعلق بها من الكلام في باب حجية الظواهر.

قوله كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنة إلخ :

الحق ان في المقام تفصيلا وبين الكتاب والسنة فرقا توضيح ذلك ان قوله تعالى أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا (الآية) كما يدل على حجية ظهور الكتاب كما سيجيء كذلك يدل على عدم حاجة الكتاب في انكشاف مراداته إلى الخارج عنه ولازمه إيجاب الفحص عن المخصص في عمومات الكتاب لكن لا كل مخصص بل المخصص الواقع في نفس الكتاب.

واما نحو قوله تعالى ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا

١٦٢

الآية) مما يجعل بيان الرسول وهو السنة حجة فهو وان كان مقتضاه حجية المخصص الواقع في السنة ولزوم التخصيص به لكن الآيات النازلة في غير الأحكام الفرعية كما أحيلت إلى البيان النبوي فيها كذلك أحيلت إلى العقول ولازم ذلك كفاية البيان الكتابي في كشف المراد عنها على ان سياق الآية السابقة أعني قوله تعالى أفلا يتدبرون إلخ كاف في ذلك حيث ان لازمها ان الكتاب نفسه رافع للاختلاف حتى عند من لا يصغى إلى قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كما ان لازم سياقه عدم كفاية البيان العقلي في كشف المراد ورفع الاختلاف لإثباته الاختلاف في إدراكات العقول ونفيه الاختلاف في القرآن ومعناه نفى اعتبار البيان العقلي في كشف مراداته أعني التفسير بالرأي فافهم ذلك فظهر بما ذكرنا :

أولا ان عمومات الكتاب في غير الأحكام الفرعية يقتصر في الفحص عن مخصصها بما في الكتاب من غير لزوم التعدي إلى السنة ومن غير جواز التعدي إلى العقل والرّأي في التفسير.

وثانيا ان عموماته في الأحكام الفرعية وعمومات السنة يجب الفحص فيها مطلقا.

وثالثا أيضا تبين ان التفسير بالبيان العقلي غير جائز.

فان قلت كيف ذلك ولو بطل العقل عن الحجية بما يحتاج في ثبوت حجيته إلى العقل استلزم ذلك المحال وهو ظاهر على ان القرآن نفسه يحيل الناس إلى العقول.

١٦٣

قلت فرق بين التفسير بالبيان العقلي والإذعان به بأخذه حجة والّذي يستفاد المنع عنه هو الأول وهو ان يقام حجة عن الرّأي ثم يفسر به القرآن ويحمل عليه دون الثاني فافهم.

قوله «ره» وذلك انه لو لا القطع إلخ :

الاستدلال على عدم حجية أصالة العموم في الكتاب والسنة فقط دون غيرهما عجيب فانها لا تعلق لهما بخصوصهما ولو كان المراد هو العقلاء من المتدينين كان معناه دعوى الإجماع ولا يستقيم ح قوله كيف وقد ادعى الإجماع على ان الشك في الإجماع لا يفيد شيئا ولا معنى للتمسك به.

قوله يستلزم الطلب منه حقيقة إلخ :

كأنه يريد بالطلب منه حقيقة تعلق الإرادة التكوينية من الآمر بفعل المكلف وهو محال إذ الإرادة لا تتعلق الا بموجود بها بالضرورة وفيه ما مر في بحث الطلب والإرادة ان لا معنى لتعلق إرادة الشخص الا بفعل نفسه.

قوله واما إذا أنشأ مقيدا :

ظاهره إمكان البعث والزجر ح حقيقة مع ان المكلف على معدومية وقد ذكر ان بحث المعدوم وزجره محال ومن هنا يظهر ان أصل البعث والزجر مع كون المكلف معدوما ليس محالا في نفسه فتأمل.

١٦٤

قوله ضرورة انه إحاطته تعالى لا يوجب إلخ.

بل الحق ان سنخ الإحاطة غير سنخ المخاطبة وأحدهما لا يصحح الآخر.

قوله الحق جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد إلخ :

ربما قيل ان عمومات الكتاب من آيات الأحكام واردة في مورد التشريع وأصل الوضع وليس ببعيد كل البعد كما يشهد به سياقاتها وعلى هذا فيعود الاخبار المخصصة سواء كانت اخبار الآحاد أو غيرها تفسيرا لها وبيانا لتفاصيلها لا مخصصة بالتخصيص المصطلح.

فان قلت : ربما يوجد تمسكات من الأئمة عليهم‌السلام بعمومها قلت ليس ذلك لذلك بل لكون موارد التمسك مما لا يتم أصل التشريع الا به فارجع وتأمل.

قوله (ره) مع احتمال قوة إلخ :

لا يخفى سخافته ونفس الاخبار بمضامينها تدفع ذلك فارجع.

قوله وان كان مقتض القاعدة جوازها إلخ :

ولو جار نسخ الكتاب بالخبر لم يبق مصداق لمخالف الكتاب ولا لتلك الاخبار المتواترة أو المستفيضة التي اتفق الفريقان على نقلها.

قوله ان النسخ وان كان رفع الحكم إلخ :

ما ذكره وان كان حقا بحسب النتيجة غير ان ما ساقه من المقدمات مندمجة مختلطة من مقدمات مشهورة وحقيقية حقة والباعث على ذلك

١٦٥

اختلاف جهتي البحث فله جهة اعتبارية جدلية وجهة حقيقية برهانية والجهتان جميعا خارجتان عن صناعة الأصول بل أول البحثين كلامي والثاني حكمي.

وكيف كان فلا ريب في اشتمال الشريعة على بعض أحكام ظاهرها رفع اليد عنها بوضع ما ينافيها وربما لزم رفع اليد عن ظاهرها حيث ان الحكم المنسوخ اما مشتمل على المصلحة فنسخه ثانيا غير جائز واما غير مشتمل عليها فالتكليف بها ابتداء غير جائز نعم الحكم ربما يخفى ملاكه التام ثم يظهر على الحاكم فيرفع اليد عن تكليفه بعد وضعه ومثله ممتنع في حقه تعالى والجواب انه كما يجوز ان يتحقق مصالح دائمية تقتضي أحكاما دائمية كذلك يجوز ان يتحقق مصالح غير دائمية الوجود توجب أحكاما مؤجلة غير دائمية ثم من الجائز ان يتحقق معها مصالح آخر توجب إظهار الحكم الغير الدائمي في صورة الدوام وتسمية ذلك بالنسخ لمشابهته إياه في الصورة وان لم يكن منه بحسب الحقيقة.

ونظير الكلام جار في مسألة البداء وذلك لتعين الحوادث في مرتبة وجود مقتضياتها وان كان تحققها العيني متوقفا مع ذلك على وجود شرائط أو ارتفاع موانع فتلك الحوادث بالنظر إلى مقتضياتها مقتضية الوجود مقدرتها وبوجود الموانع أو فقدان الشرائط يظهر في الخارج خلاف ما كان يظهر في مرتبة المقتضيات ويبدو ما ينافى ذلك وهو

١٦٦

إبداء في الحقيقة وتسميته بداء للمشابهة الصورية كما عرفت في النسخ هذا ما يقتضيه ظاهر البحث.

وقد عرفت في بحث الطلب والإرادة حقيقة الأمر في المصالح النّفس الأمرية وكيفية ارتباط التكاليف الاعتبارية بها فارجع وتأمل.

وعلى ذلك يرجع البحث حقيقيا ويعود النسخ والبداء سنخا واحدا وهو رفعه تعالى وصفا وضعه في امر وإزالته ما أثبته في موضوع من حيث انه وضعه وأثبته وذلك لوضوح ان النسخ فيما يصدق عليه من الموارد ليس برفع المنسوخ كالحكم مثلا عن متن الواقع حدوثا وبقاء بل بقاء فقط فهناك موضوع ثابت مرفوع الأثر وإذ كان تحقق العدم مفتقرا إلى وجود راسم ينتزع هو عنه فرفع الأثر يتحقق بوضع أثر آخر حافظ لعدم الأول فالنسخ تبديل الأثر الظاهر من الشيء بأثر آخر مخفي عند ظهور الأول ويختلف الحال ح بحسب الموارد فنسخ الحكم التكليفي تبديله بحكم آخر غير ظاهر من الأول ونسخ الحكم التكويني تبديل الحكم الأول بحكم عيني آخر.

وهذا النحو من البيان أجمع وامتن من الأول وعليه جرى كلامه سبحانه في كتابه الشريف قال تبارك وتعالى ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها (الآية) وقد علق الحكم بالآية فالنسخ ليس إزالة نفس الشيء من متن الأعيان بل إزالة كون الشيء آية دالة عليه تعالى بوجه فيتسع البيان ويختلف باختلاف دلالة الأشياء وحكاية الأمور فالآية من

١٦٧

القرآن آية في إعجازها آية في بيانها للحكم فتنسخ فلا توجب تكليفا والحكم الشرعي آية في امره ونهيه فينسخ فلا يأمر ولا ينهى والإمام عليه‌السلام آية في دعوته وحفظه الشريعة فينسخ بقبضه فلا يدعو والمقتضيات من الموجودات العالية آيات في اقتضائها فتنسخ فلا توجب وجودا وهكذا ومن هنا يظهر أو لا ان النسخ حقيقة واحدة وسيعة ومن مصاديقها النسخ المصطلح والبداء وغيرهما.

وثانيا انه يمكن ان يتحقق في الشيء عدة جهات ينسخ من بعضها ولا ينسخ من آخر.

بحث المطلق والمقيد

قوله «ره» موضوعة لمفاهيمها من حيث هي هي إلخ :

وذلك لصحة إطلاقها على جميع التقادير فلم يؤخذ فيها تقدير كما سيجيء.

قوله فانه كلي عقلي إلخ :

خلط في الاصطلاح فما كل ما لا موطن له إلّا العقل بكلى عقلي بل هو مجموع وصف الكلي ومعروضه.

قوله بل بما هي متعينة بالتعين الذهني إلخ :

وفي بعض الكلمات بالتعين الجنسي والمقصود واحد والمراد به ظاهرا وقوع المعنى الجنسي موقع التعين فان الماهية من حيث هي هي من غير تعين ما حتى تعين عدم التعين لا يقع طرفا لنسبة من النسب الكلامية كالموضوعية والمحمولية ونحوهما كما سيجيء وأقل التعين تعين

١٦٨

انه هو فقط وهو مفاد لام الجنس فعلم الجنس نحو أسامة مثلا يفيد ما يفيده اسم الجنس المحلى باللام نحو الأسد.

وبذلك يظهر فساد ما ذكره رحمه‌الله عن لزوم عدم صدقه على موارده الخارجية لكونه كليا عقليا لا موطن له الا الذهن ان لم يجرده عن قيده ولزوم التصرف والعناية تعسفا لو جرد مع لزوم لغوية التقييد بحسب الوضع كما ذكره رحمه‌الله وذلك ان وقوع المعنى موقع التعين لا يقتضى تقيده بالتعين الذهني بما هو ذهني غير صادق على الخارج.

قوله (ره) الا الإشارة إلى قوله ذهنا إلخ :

معنى التميز ذهنا هو ان التميز في مرتبة المفهوم لا الوجود وأطلق عليها التميز الذهني لكونها فيه على محوضة ذاتها من غير شائبة الآثار الخارجية وهذا هو الّذي يوجب الخلط فكون المفهوم متميزا عن المفهوم بحسب ذاته ومفهوميته لا يوجب كونه مقيدا بالكون الذهني حتى لا يصدق على شيء من الخارجيات إلّا بالتجريد على ما ذكره (ره).

قوله «ره» فالظاهر ان اللام مطلقا يكون للتزيين إلخ :

وهذا غير معقول إذ اقتصار معنى لفظ على مجرد كيفية لفظية كالتزيين اللفظي مثلا لا معنى له وقياسه إلى التأنيث اللفظي مع الفارق إذ التأنيث اللفظي على تقدير ان لا يكون معه خصوصية معنوية انما هو في بعض موارد التأنيث بخلاف ما لو كان كذلك في جميع موارده كاللام على ما يدعيه المصنف رحمه‌الله فلا معنى لتزيينه اللفظ.

١٦٩

قوله «ره» حيث لا تعين الا للمرتبة المتفرقة إلخ :

هذا دليل دلالة الجمع المحلى باللام على الاستغراق وقد دفعه بتعين أقل المراتب والحق ان يقيد دلالة الجمع المحلى باللام بكون اللام لغير العهد فيبقى مجرد تعريف الجنس فيصير المدلول مجرد معنى الجمع من حيث هو جمع فيوضع موضع الاستغراق لا ان الاستغراق من مداليل اللام بل الحق ان اللام لا يدل على أزيد من التعريف وهو وقوع مدخوله موقع التعين والإشارة فربما انطبق بحسب انطباق المورد على معنى العهد الذكرى أو الحضوري أو الذهني فيتشخص المدخول وربما لم يتجاوز التعين الماهوي إلى خصوصية من خصوصيات أشخاصها فربما يقتضى المورد كون سرايته إلى الافراد واقعا ومقصودا بالإفادة وهو الاستغراق وربما لا يقتضى المورد ذلك وان كان بحسب الواقع كذلك وهو تعريف الجنس.

قوله «ره» ومنها النكرة إلخ :

قد عرفت ان الموضوع له اللفظ هو طبيعة المعنى من دون نظر إلى أي خصوصية فرضت من خصوصياتها وذلك لصدقه مع كل من الخصوصيات فليست واحدة منها مأخوذة في الموضوع له فهو لطبيعة المطلقة من الخصوصيات الوجودية والعدمية ثم من المعلوم ان الطبيعة بما هي لا تكون طرفا لنسبة من النسب الكلامية بل لا بد من طرد تعين ما من التعينات حتى يصح فيها ذلك وذلك اما بتعينها بنفسها بإيقاعها موقع

١٧٠

الإشارة أو بنسبتها إلى معنى غيرها فتتعين به أو بعدم شيء منهما فتتعين بنفسها لعدم معين زائد فانه أيضا نوع من التعين فهذه ثلاثة أنحاء من التعينات لا رابع لها ويدل عليها بلام التعريف والإضافة وتنوين التمكن ولذا لا يتحمل اللفظ أزيد من حالة واحدة من الحالات الثلاث كاللام مع الإضافة وكالإضافة مع التنوين وكاللام مع التنوين هذا ملخص القول وللزائد على ذلك مقام آخر.

وبالجملة إذا أخذت الماهية المهملة بوصف عدم التعين بان كان اللفظ من أسماء الأجناس ودخل عليه التنوين ناسب ذلك الواحد لا بعينه بحسب الطبع الأولى ولذلك جرى عليه الاستعمال وانتج ذلك معنى النكرة وان لم يمتنع استعماله في هذه الحال في معنى الجنس كما ربما يقع عليه الاستعمال في بعض الموارد نعم الواحد لا بعينه انما يوجد في مرحلة القصد الاستعمالي دون الخارج ولذا كان عدم التعين في الاخبار نحو جاءني رجل بالنسبة إلى المخاطب وان كان معينا عند المتكلم وكان عدم التعين في الأمر نحو جئني برجل بالنسبة إلى الأمر والطلب وان كان معينا عند الامتثال فينتج العموم البدلي بالإطلاق وفي النهي نحو لا تهن عالما كان عدم التعين بالنسبة إلى النهي واما التعين والتشخص عند الامتثال فيوجب اللغو نوعا لعدم إمكان المخالفة بنحو الاستغراق غالبا فينتج الاستغراق فافهم وقد ظهر بذلك ان النكرة هو الماهية بوصف عدم التعين ثم بحسب خصوصيات الموارد تفيد تارة الواحد الغير المعين وأخرى

١٧١

العموم البدلي وأخرى العموم الاستغراقي.

قوله (ره) من كون المطلق عندهم موضوعا إلخ :

وذلك لكون قدماء القوم ينسبون نوع الدلالات ومنها دلالة المطلق إلى الوضع فلا بد ان يفرقوا بين العموم والإطلاق بالشمول الاستغراقي والشمول البدلي لكن المتأخرين حيث وجدوا بعض الشمول بالوضع وبعضه بمقدمات الحكمة فرقوا بينهما بالوضع وعدمه سواء كان الشمول استغراقيا أو بدليا وظاهر ان الشمول إذا كان طارئا من غير وضع كان الموضوع له هو الماهية المطلقة فهو المطلق ولم يوجب طرو التقييد مجازا في الكلمة بخلاف ما إذا كان مستندا إلى الوضع.

قوله «ره» ان المراد بكونه في مقام البيان إلخ :

بيانه ان حكمة الوضع وان كان أولا هو الكشف عما في الضمير لكن بناء الكلام ثانيا على إلقاء المعنى المقصود وإلقائه في ذهن السامع وربما تخلف هذا الثاني عن الأول فبيان ما أريد من الكلام هو المراد دون المراد النفسيّ والواجب كفاية اللفظ بتمام ما أريد منه لا بتمام ما في نفس المتكلم وان لم ينزل منزل اللفظ.

وبذلك يظهر ان الظفر بالقيد لا يوجب بطلان الإطلاق من أصله قوله «ره» لا يبعد ان يكون الأصل :

قد عرفت ان المراد بالمراد هو المراد من اللفظ دون ما في نفس المتكلم وبذلك يتم الأصل.

١٧٢

قوله «ره» وكيف يكون ذلك وقد تقدم إلخ :

كان مراده على تصور في اللفظ ان محصل ما مر كون الانصراف قرينة صارفة عن إرادة المطلق وموجبة لتعين المقيد والقرينة الصارفة انما تكون في المجاز فاللفظ مستعملة في المقيد على سبيل المجاز وقد تقدم ان الاستعمال في المقيد لا يوجب تجوزا.

والجواب ان لا حاجة إلى القرينة الصارفة بل زيادة الأنس بحسب الانصراف يفيد ما تفيده فتأمل.

قوله «ره» لا مستحبا فعلا إلخ :

قد عرفت في بحث الترتب انه كما يمكن ان يجعل نفس الطبيعة معروضة لحكم من الأحكام كذلك يمكن ان تكون هي مع انضمام ما يعرضها من الحكم معروضة لحكم آخر يناسبها وبعبارة أخرى ربما يكون ظرف الحكم نفس الطبيعة وربما يكون هو الطبيعة مع وصف حكم كمطلق الصلاة للوجوب والصلاة الواجبة في المسجد للاستحباب أو الصلاة في الحمام للكراهة من غير حاجة إلى تجشم تأويل استحباب الواجب إلى كثرة الثواب وكراهته إلى قلة الثواب فالحق ان الواجب مستحب فعلا واما قوله ضرورة ان ملاكه لا يقتضى استحبابه إذا اجتمع مع ما يقتضى وجوبه انتهى فانما يتم إذا كان متعلق الملاكين تمام الطبيعة نفسها واما إذا كان متعلق أحدهما تمام الطبيعة ومتعلق الآخر بعض الطبيعة المحكومة بالحكم القبلي كما مر في المثالين فلا وهو ظاهر.

١٧٣

قوله أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق إلخ :

دعوى قابلة للمنع بل الظاهر ان الموارد مختلفة فالظاهر عدم الحمل الا فيما إذا اقتضت خصوصية المورد قوة ظهور المقيد في التعيين.

قوله (ره) تفاوت الافراد بحسب المحبوبية إلخ :

فيه انه لا يوجب ظهورا يوجب الحمل على التأكد ولعله إليه الإشارة بقوله فتأمل ونظير الإشكال وارد على الوجه التالي أيضا فتأمل.

قوله «ره» تختلف حسب اختلاف المقامات إلخ :

والمراد ان قرينة الحكمة كما انها ربما تقتضي توسعة دائرة المطلقات كذلك ربما تقتضي تضييق الدائرة وذلك إذا كانت الحاجة إلى القرينة لإفادة خصوصية زائدة على أصل المعنى.

ومن هنا يظهر ان هذا القسم وان كان يوجب تضييق الدائرة من وجه فهو من وجه آخر يوجب توسعتها حيث يوجب نفى قيد زائد على أصل المعنى يحتاج إلى مئونة زائدة.

قوله «ره» انهما وصفان إضافيان إلخ :

هذا يناقض صدر الكلام إلّا ان يحمل على الإجمال الطاري ومقابله.

تم والحمد لله ليلة الاثنين ٢٣ ج ٢ سنة ١٣٦٧ قمرية

١٧٤

١٧٥
١٧٦

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

في أحكام القطع

قوله لا شبهة في وجوب العمل على وفق القطع عقلا إلخ :

كل ذي شعور عن الحيوان ونخص من بينها الإنسان بالقول مبدأ لأفعال نوعية يرجع عامتها إلى فعل أو ترك منتزع عن فعل مرتبطة بأمور حقيقية خارجية لا يجد فيها كلها إلا الخارج من غير أن يحس بشيء آخر.

غير أنه ربما اشتبه عنده الأمر الخارجي بخفائه وتردده وربما وجد الخطاء فيها فعندئذ يحس بالشك والظن والوهم فانتبه أنه غير واجد للخارج بعينه بل أن بينه وبين الخارج عند وجدانه الخارج وصفا وجدانيا هو العلم وأنه كان إنما يتحرك ويسكن لا على طبق الخارج بلا واسطة بل على طبق الوصف المسمى بالعلم من غير أن يشعر ويحس بوجوده في البين حركة وسكونا اضطراريا.

ومن المعلوم إن الإنسان لا يصدر عنه فعل ولا يقتحم أمرا إلا عن

١٧٧

إذعان لزومه ووجوبه لمكان الإرادة فهذا الحكم الاعتباري الَّذي كان الإنسان يعتبره للأمور بما أنها في الخارج إنما كان يعتبره لها بما هي معلومة وهو يتوهمها خارجية عينية أي أنه كان يعطى للأمر المعلوم بما هو معلوم حكم الأمر الخارجي بما هو موجود في الخارج وللعلم حكم الخارج وهذا هو الاعتبار فمطلق وجوب الجري على وفق الأحكام الخارجية الَّذي ينحل إليه جميع التكاليف العامة العقلية والخاصة المولوية ينتقل بحسب الوهم إلى المعلوم أو أن وجوب الجري ينتقل إلى مرحلة العلم انتقالا يضطر الإنسان إلى اعتباره فهذا الوصف الَّذي للعلم أعني وجوب الجري على وفقه أعني الحجية تطرق إليه الاعتبار مرتين إحداهما من حيث نفسه حيث إن هذا الوجوب نفسه معنى اعتباري غير حقيقي واتصاف الخارج بها وهمي لا حقيقي وإن كان الإنسان يصور لهذه المعاني الاعتبارية واقعية في نفس الأمر كما يجد الأمور الحقيقية موجودة ثابتة في الخارج ونفس الأمر.

وثانيتهما من حيث إعطاء ما يعتقده حكما للواقع للعلم وحكم الموجود في ظرف الواقع للمعلوم الموجود في طرف العلم هذا.

فظهر بذلك أن حجية العلم اعتبارية مجعولة ومن هنا تبين فساد الوجوه التي ذكروها على كون القطع حجة بالذات غير قابلة للجعل إثباتا ونفيا.

منها إن القطع طريق إلى الواقع كاشف عنه بنفس ذاته إذ القطع من حيث هو قطع مرآة محض لا استقلال له في قبال متعلقه.

١٧٨

وفيه أنه خلط بين كاشفية القطع وحجيته إذ الحجية سواء فسرت بوجوب الجري على وفقه أو كونه قاطعا للعذر أو كونه وسطا لإثبات حكم متعلقه معنى اعتباري غير كون القطع انكشاف الواقع كما عرفت وأما كون القطع فانيا في متعلقه غير مستقل في قباله فسيجئ ما فيه من الكلام في الأمر الثالث.

ومنها ما ذكره المصنف رحمه الله أنه لا يكون بجعل جاعل لعدم جعل تأليفي حقيقة بين الشيء ولوازمه بل عرضا بتبع جعله بسيطا.

وفيه منع اللزوم حقيقة إذ الوصف اعتباري مرفوع عن الخارج حقيقة والموصوف حقيقي خارجي ولا معنى للملازمة الحقيقية بين حقيقي واعتباري.

ومنها أنه لو كان مجعولا صح المنع عن تأثيره وهو باطل لاستلزامه اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا وحقيقة في صورة الإصابة.

وفيه منع الملازمة بجواز كون الجعل ضروريا لا يستغنى عنه بالفطرة كسائر الاعتبارات العامة الضرورية التي لا يستغنى عنها الإنسان في حياته كوجوب الحركة إلى الخير والمنافع الَّذي لا غنى عنه.

قوله وما لم يصر فعليا لم يكد يبلغ مرتبة التنجز اه :

اعتبار الأمر كما مر بيانه في مباحث الألفاظ اعتبار تعلق الطلب بالمادة التي من الأفعال الإرادية للغير فيجب أن يكون بحسب طبعه مقدورا معلوما ومن هنا كان من شروط صحة التكليف كون المكلف

١٧٩

عاقلا وعالما به وكونه مما يطاق وكونه غير مجهول في نفسه بحسب الطبع الأولى وأما لو صار غير مقدور بحسب الأسباب الاتفاقية أو مرددا ثانيا بحسبها فربما لم ينثلم بذلك تعلق التكليف كما سيجيء بيانه وعين هذا الشرط موجود في الأمر بالنسبة إلى الآمر فيجب أن يكون مقدورا له معلوما عنده حيث أنه مراده اعتبارا وكل مراد من حيث أنه مراد يحتاج إلى مصلحة عقلائية هي ملاك الإرادة والكلام في جانب النهي نظيره في جانب الأمر فما لم يستتم التكليف هذه الشروط لم يصر بالفعل أمرا ونهيا بل بقي في مرتبة من شأنه أن يتم لو تمت شروطه فإذا استتم شروطه فهو تكليف موجود بالفعل يترتب عليه آثاره ومنها ترتب العقاب على تركه هذا.

لكن اضطرار المكلف بالكسر في ربط تكليفه بالمكلف بالفتح واضطرار المكلف بالفتح في تلقى تكليف المكلف بالكسر إلى جعل القطع أعني جعل التكليف الواقع في ظرف العلم هو التكليف الواقع في ظرف الواقع وبعبارة أخرى جعل العينية بين المعلوم والواقع ولازمه الوجود عند الوجود والارتفاع عند الارتفاع فما لم يتعلق بالتكليف علم لم يترتب عليه أثر وهذا هو الموجب لانتقال وصف التكليف المسمى بالتنجز وهو كونه بحيث يترتب على تركه العقاب من مرتبة الواقع إلى مرتبة متأخرة منه وهو العلم به. فظهر من ذلك كله :

أو لا ان للتكليف مراتب ثلثا مرتبة الشأنية ومرتبة الفعلية ومرتبة التنجز وبفقدان إحدى هذه المراتب عقم التكليف أن يترتب عليه أثره

١٨٠