حاشية الكفاية

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: بنياد علمى وفكرى علامه طباطبائى با همكارى نمايشگاه و نشر كتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٠

تأثير ما ليس في الخارج حقيقة في الأمور الخارجية تأثيرا حقيقيا.

قوله (ره) ان المجمع حيث كان إلخ :

شروع في حجة القول بالامتناع وقد عرفت المناقشة في المقدمتين من مقدماتها.

قوله (ره) وان الفرد هو عين الطبيعي في الخارج إلخ :

المجمع بين كون نسبة العنوان إلى المعنون نسبة الطبيعي إلى فرده وبين عدم كونه ماهية لما في الخارج جمع بين المتناقضين إذ لا فرق بين المفاهيم الانتزاعية التي يعبر عنها بالعناوين وبين المفاهيم التي يعبر عنها بالماهيات الحقيقية إلّا ان القبيل الثاني موجودة بعين وجود مصاديقها الخارجية بحيث يترتب عليها آثارها الخارجية فيقع في جواب السؤال عن الشيء بما هو بخلاف القبيل الأول حيث لا موطن له الا الذهن فمع تسليم كون مفهوم بالنسبة إلى الخارج هو الطبيعي بالنسبة إلى فرده لا معنى لنفي كون ماهية له وهو ظاهر.

قوله «ره» كصوم يوم عاشوراء والنوافل المبتدئة إلخ :

كونها من القسم الأول مبنى على كونها متباينة بالنوع مع ما يشاكلها من العبادات بان يكون صوم يوم عاشوراء مباينة بالنوع مع ساير الصوم المندوب والنوافل المبتدئة كذلك بالنسبة إلى ساير النوافل والحق خلافه مع وجود عمومات وإطلاقات كافية كقوله الصوم لي وقوله ان تصوموا خير لكم وقوله الصلاة خير موضوع فمن شاء استقل ومن

١٤١

شاء استكثر وقوله : الصلاة معراج المؤمن إلى غير ذلك فالظاهر ان هذا القسم مجرد تصوير لا مصداق له في الشرع فيبقى قسمان من الثلاثة وهما اجتماع الأمر والنهي فيما له بدل من جهة أو جهتين.

ويمكن ان يقال في ذلك مضافا إلى ما صوره المصنف (ره) بما قدمناه سابقا ان الحاكم الجاعل كما ان له ان يجعل الواقع ظرفا لحكمه المجعول كذلك له ان يجعل ظرف امتثال تكليفه ظرفا لحكم آخر وتقديرا له فيقول أو لأصل ثم يقول : إذا صليت فصل في المسجد وإذا صليت فلا تصل في الحمام بناء على عدم كون الكون في المسجد والكون في الحمام محكومين بحكم أو يقول ولتكن صلواتك كلها عنده أو إذا صليت فلا تصل في مواضع التهمة بناء على ان الكون عند قبر الإمام مستحب والكون في مواضع التهمة مكروه وبالجملة يصير أحد الحكمين في طول الآخر لا في عرضه فيخرج عن مورد الاجتماع الغير الجائز.

قوله رحمه‌الله والقول بالجواز عقلا والامتناع عرفا إلخ :

قد عرفت ان متعلقات الأحكام هي العناوين دون المعنونات الخارجية غير ان العقلاء بالنظر الثانوي يرون انها هي المتعلقات دون العناوين فيصير هذا اعتبارا ثانيا تاليا للاعتبار الأول فلا يرد عليه ما سيورده رحمه‌الله من عدم الاعتبار بنظر العرف فيما علم بالنظر الدّقيق خلافه فان الركون بنظر العرف هاهنا ليس اعتمادا بنظر العرف مع انكشاف

١٤٢

خلافه بل جريا على اعتبار عقلائي ثان تال لآخر.

قوله (ره) فان الخطاب بالزجر عنه وان كان ساقطا إلخ :

قد عرفت في بحث الأمر مع العلم بانتفاء شرطه جواز التكليف بالمحال إذا كانت الاستحالة مستندة إلى سوء الاختيار وعليه فالامر باق والحرمة مستقرة والعقاب مترتب.

قوله «ره» فان قلت كيف لا يجديه ومقدمة الواجب واجبة إلخ :

محصل ما أفاده رحمه‌الله على طوله ان الخروج حيث كان متفرعا على الدخول تفرع المسبب على سببه فهو مقدور بالقدرة المتعلقة بسببه فالنهي المتعلق بالسبب متعلق به وهو مخالفة له يستحق بسببه العقاب وان لم يتعلق به بنفسه نهى لمكان الاضطرار إليه بالنظر إلى نفسه واما كونه مقدمة للتخلص الواجب فلا يوجب اتصافه بالوجوب المقدمي من قبله لأن المقدمة المحرمة المنحصرة للواجب مع كون الواجب أهم انما تكسب الوجوب مع سقوط حرمته لو لم يكن الوقوع فيه بسوء الاختيار وإلّا بقيت المقدمة على مبغوضيتها والواجب مع ذلك باق على وجوبه يكتفى فيه بحكم العقل بوجوب المقدمة إرشادا إلى أهمية الواجب من دون وجوب شرعي للمقدمة هذا.

وأنت خبير بان أساس هذا البيان يدور مدار كون الخروج من الدار المغصوبة تصرفا فيها ومقدمة للتخلص الواجب والحق كما ذهب إليه بعض

١٤٣

الأساطين من مشايخنا ان الخروج عند العقلاء ترك للتصرف الحرام ومعه لا يتصور كونه معنونا بالتصرف أيضا لعدم جواز اجتماع عنواني الفعل والترك في واحد فليس متعلقا لنهي ولا حرمة ولا مبغوضية أصلا.

فان قلت : هذا يصح لو كان الترك عنوانا للخروج لا سببا توليديا مترتبا عليه كما عليه بناء كلامه «ره».

قلت هو كذلك فان الترك لو كان سببا توليديا كان من الضروري ان ينتزع بعد تمامية الخروج عن فعل مقارن له لا عن نفس الخروج والأمر بخلاف ذلك فانه منتزع عن الخروج والّذي ينتزع عن ما بعد الخروج هو عدم التصرف لا ترك التصرف.

قوله «ره» لضرورة عدم صحة تعلق الطلب إلخ :

وذلك ان جدية الطلب تستلزم تعلق إرادة الأمر بفعل المكلف ومعلوم ان الإرادة لا تتعلق إلّا بما هو ممكن الوجود والعدم فيترجح بها لا بما هو ضروري الوجود أو العدم بواسطة الاضطرار كما ذكره «ره» سابقا وقد أشرنا هناك إلى انه لا معنى لتعلق الإرادة بالفعل الغير المباشري وان لا مانع من تعلق الطلب الاعتباري بالمحال إذا ترتب عليه أثر كالعقاب فيما استند إلى سوء الاختيار.

واما قوله ان قولهم : «الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار إلخ» فلا معنى للتخصيص في مورد الأحكام العقلية على ان المقام غير محتاج إليها كما لا يخفى.

١٤٤

قوله «ره» دلالتهما على العموم إلى قوله لا ينكر :

قد عرفت المناقشة فيه في أول النواهي.

قوله رحمه‌الله دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة إلخ :

هذا الحكم لكونه عقليا ثابت بالحيثية أي ان دفع المفسدة من حيث هي مفسدة أولى من جلب المنفعة من حيث هي منفعة وعليه لا يرد عليه ما أورده رحمه‌الله لكن التمسك بها لترجيح جانب النهي غير نافع للمستدل إذ ثبوت الأولوية للدفع من حيث طبيعة المفسدة والمنفعة لا يقتضى الحكم عند اختلاف الخصوصيات والمقادير فمن الجائز ان يكون مصلحة الواجب أهم بكثير من مفسدة الحرام فيغلب عليها وان لم تقتضه نفس طبيعة المفسدة كالصلاة والغصب كما أورده المصنف.

لكن الواجب حيث كان عبادة ربما أوجبت أهميته غلبة جانب الحرمة في غير صورة الانحصار.

واعلم ان كون أصل الملاكات الشرعية على حذو الملاكات العرفية لا طريق إلى إثباته لو لم يثبت عدمه ولذلك كان الإضراب عن هذا البحث أولى من التعرض به كما ان فيما أورده المصنف رحمه‌الله عليها موارد للخدشة لكن لا جدوى في الإطناب فيها بعد عدم استقامة أصل المبحث والله الهادي.

دلالة النهي على الفساد

قوله (ره) مع إنكار الملازمة إلخ :

فلا يكفى الاستدلال «ح» بالحرمة لعدم الملازمة بينهما بالفرض

١٤٥

فلا يبقى الا الاستدلال بلفظ النهي فلا بد من كون بحث هذا القائل لفظيا وهكذا سائر الأقوال لضرورة توحيد موضوع البحث ليرد النفي والإثبات على محل واحد ولا ينافى ذلك الاستدلال في قسم العبادات بالملازمة العقلية لا مكان تنزيل البحث إلى اللفظ بجعل ذلك مدلولا التزاميا بأخذ الفساد لازما بالمعنى الأعم.

قوله (ره) والمراد بالعبادة هاهنا :

أصل العبادة مأخوذة عند العقلاء من العبودية واعتبارها من فروع اعتبار الملك للإنسان ثم وسع في معناها وانقسمت إلى اقسامها وانشعبت إلى شعبها حتى شملت غير الإنسان من سائر الموجودات تارة قال تعالى وان من في السماوات والأرض إلّا أتى الرحمن عبدا (الآية) وحتى شملت غير المملوك من سائر المؤتمرين بالأمر والمطيعين للقول قال تعالى ألم أعهد إليكم يا بنى آدم ألا تعبدوا الشيطان (الآية).

ومجمل القول فيه ان اعتبار الملك وهو اعتبار معنى اللام وبعبارة أخرى نسبة قيام شيء بشيء بحيث لا يستقل المملوك أصلا دون المالك إذا قام بين الإنسان وغيره سواء كان قيامه بين افعال الإنسان وغيره كالمؤتمر بالنسبة إلى الأمر والمطيع بالنسبة إلى المطاع المفترض الطاعة أو كان قيامه بين نفس الإنسان فيما يرتبط بغيره وغيره كالإنسان مثلا بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى وبالجملة كيف ما كان يوجب عدم استقلال المملوك والعبد من حيث انه مملوك لسيده ومالكه بحكم

١٤٦

العقل وإظهار هذا المعنى بفعل ما يدل عليه هو العبادة ولا ريب في حسنه بنفسه عند العقل بمعنى موافقته لما يقتضيه النظام المخصوص فالعبادة نصب العبد نفسه في مقام العبودية بفعل يدل على ما للعبد من شئون الاحتياج وعدم الاستقلال فيدل على ما للمولى من وصف يقابل ذلك كالسجود يدل على ذلة العبد فيدل على عزة المولى والركوع يدل على حقارة العبد ودناءته فيدل على عظمة المولى وعلوه والخضوع يدل على تأثر العبد فيدل على تأثير المولى.

فقد بان ان العبادة بنفسها فعل اعتباري قصدي من حيث انها هي واما الفعل الجوارحي فهو بما هو لا يكون عبادة ذاتية غير مختلفة الحسن ضرورة ان الأفعال كيف ما كانت فهي تختلف بالوجوه والاعتبارات نعم يمكن ان يكون بعض الأفعال أوسع اعتبارا وألزمها من بعض كالسجود بالنسبة إلى الصيام نظير الاختلاف فيما بين المعاملات.

ومن هنا يظهر ان المراد بالذاتية في المتن حيث قسم العبادة إلى الذاتيّة وغير الذاتيّة غير العبادة الذاتيّة بالمعنى الّذي قدمناه وانما يراد به كون الفعل لو خلى وطبعه لو لا المانع حسنا مقربا إلى المولى نظير الذاتي في باب البرهان على ما فسرناه سابقا واما العبادة الذاتيّة بالمعنى الّذي قدمناه وهو نفس إقامة الذات مقام العبودية فمما لا يقبل الحرمة والمبغوضية البتة وهو ظاهر.

١٤٧

قوله «ره» والخشوع له إلخ :

حيث كان الخشوع فعلا قلبيا وهو نحو تأثر من القلب بمشاهدة عزة المولى وعظمته فهو عبادة ذاتية بالمعنى الّذي قدمناه ولا يتعلق به نهى ومبغوضية البتة فليس في عداد ما عده من العبادات.

قوله «ره» بل فيهما بمعنى واحد وهو التمامية إلخ :

قد عرفت البحث فيه في الكلام على الصحيح والأعم وان الصحة وصف عارض للكل بعد تمامية اجزائه وهو الوحدة الحاصلة له التي تترتب عليه الآثار بها والفساد خلافه.

قوله «ره» اعتباريان ينتزعان :

حيث ان المأمور به وان كان امرا مجعولا إلّا انه إذا فرض متحققا كانت مطابقة المأمور به له نسبة تكوينية غير قابلة التغيير فتسميتهما اعتباريين لكونهما غير داخلين تحت المقولات لا بمعنى الجعل العقلائي وأنت بعد التذكر لما قدمناه مرارا ان النسبة تابعة في سنخ وجودها لسنخ وجود طرفيها تعرف ان وقوع المطابقة بين المأتي به والمأمور به الّذي هو اعتباري مجعول بما انه طرف للأمر يوجب كونها اعتبارية مجعولة فالصحة التي بمعنى المطابقة اعتبارية مجعولة.

قوله «ره» حيث لا يكاد يعقل ثبوت الإعادة :

فعدم قابليته للرفع كاشف عن عدم قابليته للوضع فهو غير مجعول فليس من الأحكام الوضعيّة وليس من النسب التكوينية الثابتة في الخارج

١٤٨

نظير نسبة المطابقة بين طبيعة المأمور به وفردها فهو من المستقلات العقلية نظير استحقاق الثواب مثلا ان استقل العقل به كاستحقاق العقاب على المخالفة وفيه ان الضرورية لا تنافي الجعل والاعتبار لا مكان كون الاعتبار اعتبارا واجبا كما سيجيء نظير ذلك في حجية القطع.

كيف ما كان فقد تلخص من كلامه ان مطلق الأوصاف المتحققة في الأفعال في الشريعة على أربعة أقسام.

أحدها الاعتباريات المنتزعة كالصحة والفساد بمعنى مطابقة الأمر وعدمها.

وثانيها المستقلات العقلية مثل الصحة بمعنى سقوط الإعادة بالنسبة إلى الأمر الواقعي.

وثالثها الأحكام الوضعيّة وهي الصفات التي تقبل الوضع والرفع وهي موضوعة للشارع اما جعلا أو إمضاء وتترتب عليها الأحكام التكليفية.

ورابعها الأحكام التكليفية وهي الأحكام الخمسة : الوجوب والاستحباب والإباحة والكراهة والحرمة وهي مجعولة للشارع كالوضعيات.

فهذه أربعة أقسام أو لها انتزاعية تكوينية وثانيها واقعية عقلية وثالثها ورابعها مجعولة شرعية.

والحق ان هذه الأوصاف جميعا اعتبارية مجعولة وذلك لما مر مرارا

١٤٩

ان النسبة سنخ وجودها سنخ وجود طرفيها فاعتبارية أحد الأطراف توجب اعتبارية النسبة وإلا لقام وجود رابط خارجي بأمر غير موجود في الخارج حقيقة وهو محال فأحكام الموضوعات مجعولة اما تكليفية أو وضعية

قوله «ره» نعم الصحة والفساد إلخ :

الكلام فيه نظير الكلام السابق في الصحة بمعنى مطابقة الأمر.

قوله بلحاظ ان جزء العبادة عبادة :

نوقش فيه بان جزء العبادة من حيث انه جزء لا ينطبق عليه حد العبادة الّذي ذكره بأحد شقيه بل البطلان طار من جهة ان تعلق النهي يوجب مبغوضيته والمركب المشتمل على جزء مبغوض لا يكون محبوبا فلا يكون عبادة والحق ان الجزء في ضمن الكل موجود بوجود مندك غير مستقل فوجوده كحكمه تابع لوجود الكل وجزئه.

قوله لاستحالة كون القراءة إلخ :

هذا انما يوجب عدم محكومية أحد المتلازمين بحكم ينافى حكم المتلازم الآخر لا اتحادهما في الحكم كما قيل وقد صرح به هو في مطاوي كلامه.

قوله (ره) إذا كان عن المسبب أو التسبب إلخ :

هذا لو تم فانما يتم لو كانت نسبة المعاملات إلى آثارها نسبة الأسباب إلى المسببات واما لو كانت نسبة الاتحاد كاللفظ الموضوع بالنسبة إلى معناه فانه وجود اعتباري له فالنهي عن أحدهما عين النهي عن الآخر والحق ان مسألة التوليد في باب السببية مما لا أصل له إذ التوليد

١٥٠

على ما ذكروه انما يتحقق فيما لا يتحقق للمسبب وجود انضمامي مستقل بل منتزع موجود بوجود شيء آخر يكون هو المعلول المسبب وهذا المعنى لو تحقق في الحقائق كان نسبة الجعل إليه بالعرض لا بالذات وكان من الخارج المحمول واما في الاعتباريات فإذ قد عرفت ان الاعتبار إعطاء حد الشيء لشيء آخر لأثر مترتب عليه فهو متحد الوجود مع امر حقيقي قام به لا مسببا منفصل الوجود عنه فالأثر الواصل إلى ما يسمى مولدا عنه هو بعينه وأصل إلى ما يسمى مسببا توليديا فالعقد مثلا وجود اعتباري للأثر المترتب عليه أعني الانتقال الملكي مثلا في عقد البيع وعلقة الزوجية في عقد النكاح والطهارة في الوضوء وغيره ولا يلزم من ذلك انعدام الاعتبار المعاملي بانعدام اللفظ عن الخارج لضرورة بطلان أحد المتحدين ببطلان الآخر فان ذلك من خصائص الحقائق واما الاعتباريات فالامر فيها يدور مدار الأثر المطلوب حدوثا وبقاء وسعة وضيقا كما عرفت سابقا والزائد على هذا المقدار محل آخر.

بحث المفاهيم

قوله (ره) وان كان بصفات المدلول أشبه إلخ :

الظاهر ان المراد بكون المفهوم من صفات الدلالة أو المدلول كونه قائما بدلالة اللفظ أو بالمعنى المدلول عليه باللفظ وعلى هذا فالمتعين ان يكون من صفات المدلول إذ قد عرفت فيما علقناه على أوائل الكتاب ان الدلالة هي حيثية اتحاد بين شيئين بحيث يكون أحدهما هو الآخر

١٥١

لنسبة قائمة بهما فيستتبع العلم بأحدهما العلم بالآخر لمكان الاتحاد بينهما وقد عرفت ان ذلك للدلالة أولا وبالذات وللمدلول ثانيا وبالعرض وينتج ذلك ان دلالة اللفظ هي كونه وجودا للمعنى اعتبارا على حد اتحاد الوجود مع الماهية ولازم ذلك عدم جواز اتحاد لفظ مع معنيين كما مر في بحث عدم جواز استعمال لفظ في أكثر من معنى واحد ولا يتفاوت الحال في كون المعنيين عرضيين أو طوليين كما يشبه بذلك امر المفهوم مع المنطوق فتوصيف اللفظ بالدلالة على المفهوم توصيف بالعرض من باب الوصف بحال المتعلق.

وعلى هذا فمعنى كون اللفظ مثلا دالا بالوضع على المفهوم كونه موضوعا لخصوصية معنى تستلزم الدلالة عليه لا وضعه للمنطوق والمفهوم معا على ان الموضوع قد يختلف في المفهوم والمنطوق كما في مفهوم الموافقة ولا معنى لوضع اللفظ لما ليس بموضوع بإزائه وهو ظاهر.

قوله رحمه‌الله نحو ترتب المعلول على علة المنحصرة إلخ :

لا يخفى ان الشرط كما يصح ان يوضع فيه العلة المنحصرة ويعلق عليه معلول اللازم لوجوده كذلك يصح ان يعكس فيوضع المعلول في الشرط والعلة المنحصرة في الجزاء فمرادهم من علية شيء لآخر أن لا يصح وجود الآخر الا معه سواء كان بحسب الاصطلاح العقلي علة أو معلولا والمراد من معلولية شيء لآخر ان لا يصح وجوده الا مع ذلك الآخر وإليه يرجع معنى ما عبروا به عن ذلك كالتعليق والتقييد.

١٥٢

قوله رحمه‌الله بل على مجرد الثبوت إلخ :

في العبارة قصور والمعنى هكذا بل هي دالة على مجرد الثبوت عند الثبوت مع المنع عن دلالتها على الترتب أو على نحو الترتب على العلة أو العلة المنحصرة.

قوله رحمه‌الله فان له منع دلالتها على اللزوم إلخ :

ظاهره ارتقاء أقسام التعليق بين شيئين إلى خمسة أقسام.

أحدها مجرد الثبوت عند الثبوت ولو اتفاقا.

الثاني مجرد اللزوم بينهما.

الثالث الترتب المطلق.

الرابع الترتب نحو ترتب المعلول على علته.

الخامس الترتب نحو الترتب على العلة المنحصرة وحينئذ فالفرق بين الثاني والثالث غير ظاهر ولو مثلنا لمطلق الترتب بترتب المشروط على شرطه أو الشيء على عدم مانعة من حيث ترتبه عليه من غير اقتضاء وجود الشرط لوجود المشروط ولزوم بينهما من جانب الشرط وان كان ذلك ثابتا من جانب المشروط للتوقف وحينئذ فمعنى مجرد اللزوم بينهما لو كان عدم الانفكاك بينهما من غير توقف من أحد الجانبين بعينه لخرجت القضية بذلك عن معنى الاشتراط والتعليق ولو كان عدم الانفكاك مع توقف ما لم يكن فرق بين الثاني والثالث.

فان قلت : اللزوم بين معلولي علة ثالثة من القسم الثاني دون

١٥٣

الثالث والرابع قطعا.

قلت نعم هو كذلك لبا غير ان لازم التعليق في القضية اعتبار توقف ما بينهما والمدار هو الاعتبار الكلامي وإلّا كان ترتب مطلق العلة أو العلة المنحصرة على معلولها أيضا قسما على حدة فالأولى جعل الأقسام أربعة بإسقاط القسم الثاني.

قوله لانسباق اللزوم منها قطعا إلخ :

ودعوى انا نستعمل الشرطية في مورد الثبوت عند الثبوت ولو اتفاقا من غير عناية كما نستعملها في مورد الترتب واللزوم من غير عناية خلاف الإنصاف نعم بعض ما يعد من أدوات الشرط مثل إذا ولو غير موضوعة للترتب اللزومي بل مجرد وجود الجزاء على تقدير الشرط ولو اتفاقا كما يعطيه الإمعان في موارد استعمالاتهما.

قوله (ره) مضافا إلى منع كون اللزوم :

يمكن ان يدعى ان اختلاف العلة المنحصرة مع العلة الغير المنحصرة في ان الأولى علة على كل حال بخلاف الثانية فانها انما تكون علة إذا لم تكن مسبوقة بعلة أخرى وإلّا فليست بعلة وإذا لم تكن معه علة وإلّا فهي بعض العلة يمكن ان يعد عند العقلاء اختلافا بالشدة والضعف فافهم.

قوله «ره» قلت أو لا هذا إلخ :

كلا الجوابين مقلوبان عليه قده اما الجواب بكون الترتب

١٥٤

التعليقي معنا حرفيا لا تجري فيه مقدمات الحكمة فلان الوجوب النفسيّ أيضا معنى حرفي لكون الوجوب مطلقا معنى نسبيا مدلولا للهيئة واما الجواب بالفرق بين الوجوب النفسيّ والغيري وبين العلية المطلقة والعلية المنحصرة بان الواجب النفسيّ هو الواجب على كل حال بخلاف الواجب الغيري فهو واجب على تقدير دون تقدير فالقيد الزائد في جانب الغيري وهذا بخلاف ما بين أنحاء العلة فمع كل منها قيد وجودي محتاج إلى قرينة من غير تفاوت هذا فلأنه يمكن ان يقلب عليه بان العلة المنحصرة أيضا علة على كل حال بخلاف العلة الغير المنحصرة فهي علة على تقدير دون تقدير وهو واضح إذ لو كان قبلها غيرها سقطت عن العلية ولو كان معها غيرها سقطت عن الاستقلال كما سيجيء في التقريب التالي.

قوله «ره» من المعلوم ندرة تحققه اه :

وجهه ظاهر.

قوله «ره» وهذا بخلاف الشرط إلخ :

انما يتم الجواب بالبناء على الشرط ولو وضعنا لفظ العلة موضع لفظ الشرط عاد إليه ما أوردناه على أول التقريبات الثلث للإطلاق بعينه.

واعلم ان هذه التقريبات الثلث للإطلاق لا تختلف إلّا باللفظ وبناء الجميع على التمسك بإطلاق العلية على كون العلة منحصرة لاحتياج غيرها إلى مئونة زائدة من قيد زائد كما في الوجوب النفسيّ والغيري وكما في الوجوب التعييني والتخييري فافهم.

١٥٥

قوله «ره» ان المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم إلخ

ليس المراد بالشخصية هي الخصوصية الشخصية الطارية عليه من الإرادة الاستعمالية كما هو المتراءى من كلامه قده في الإشكال والدفع كيف وهو حيثية طارئة للمعنى المفهوم من حيث قيامه بذهن المنشئ أو بإنشائه لا من حيث انه حكم قابل للانطباق على ما يوجد منه في الخارج والارتفاع عن غير ما علق عليه.

على ان المراد بالشخصية لو كان ذلك وهو خارج عن باب الدلالة والاستعمال والمستعمل فيه هو الحكم بغير هذه الشخصية فيكون المستعمل فيه في جميع موارد الأحكام أعم من الشرط وغيره هو سنخ الحكم ومعلوم ان كل حكم يرتفع بارتفاع موضوعه وكل قيد مأخوذ فيه فينتج ذلك ثبوت المفهوم في جميع الأحكام وليس كذلك قطعا بل حقيقة الأمر ان طبيعة الحكم مع الغض عن موضوعه وكل ما علق عليه يقبل ان يكون له موضوع واحد أو موضوعات متعددة ومن المعلوم انه إذا تعدد الموضوع طرأ على الحكم من ناحية كل موضوع تعين وتخصص يتميز به عن طبيعة الحكم المتميز بالموضوع الآخر ومن المعلوم ان ارتفاع الحصة بارتفاع ما علق عليه وجوده لا يوجب ارتفاع أصل الطبيعة لكون نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم فلا يلزم من الارتفاع الارتفاع بخلاف ما لو كان المعلق عليه علة منحصرة فان الحكم يرتفع بارتفاعه فالمراد بالسنخ هو الطبيعة المرسلة وبالشخص حصة منها متحصصة بعلة من

١٥٦

عللها هذا.

فان قلت فعلى هذا لا يكفى إثبات العلية المنحصرة بالقضية الشرطية في إثبات المفهوم فان العلة المنحصرة يمكن ان تكون علة لسنخ الحكم أو لشخصه فتمس الحاجة معها إلى دليل يثبت السنخ وينفى الشخص حتى يثبت المفهوم فمجرد إثبات العلية المنحصرة لا يكفى في إثبات المفهوم لو لم نقل انه لا حاجة إليها أصلا كما لا يخفى إذ مع ثبوت ما يدل على السنخ يتم المطلوب ولو لم يثبت العلية المنحصرة ومع عدمه لا تجدي العلية المنحصرة شيئا.

قلت معنى الشخصية كما مر تحصص الحكم بما علق عليه وهذا انما يصح إذا كان هناك علل متعددة يتعين الحكم بكل واحدة منها فيصير حصة تمتاز عن الحصة الأخرى واما إذا لم يكن الا علّة واحدة منحصرة فلا معنى لتعين الحكم به وامتيازه بسببه إذ التعين والتميز مما يحتاج في تحققه إلى شيء يمتاز عنه وعلى هذا فالعلية المنحصرة لا تنفك عن كون المعلق هو سنخ الحكم فيثبت به المفهوم.

قوله «ره» لا يمكن ان يكون كل منها إلخ :

لا يخفى عليك ان كون الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد قاعدة عقلية لا تجري في مورد الاعتباريات حقيقة الا بعناية على انك عرفت ان المراد بالعلة والمعلول في هذا الباب غير ما هو المصطلح عليه في الفلسفة فمن الجائز ان يقع المعلول شرطا والعلة جزاءً فلا يتم الكلام بهذه القاعدة

١٥٧

بل بغيرها

قوله «ره» محكوما بحكمين متماثلين إلخ :

واضح المنع لجواز اتصاف الطبيعة باحكام الحصص والافراد المتماثلة والمتضادة ولا مانع منه لعدم كون الوحدة فيها شخصية كعروض الفصول المتباينة للجنس ولحقوق أحكام الافراد المتماثلة وغيرها له.

قوله «ره» بحسب القواعد العربية قيد للحكم إلخ :

لا يخفى ان القواعد العربية لا يقتضى شيئا من قيدية الحكم أو الموضوع والألفاظ الموضوعة للغاية مثل إلى وحتى لا يدل على أزيد من القيدية والزائد على ذلك منوط بالقرائن.

قوله (ره) ودخوله في بعض الموارد إلخ :

لا يخفى ان الغاية في مثل هذه الموارد لا تنسلخ عن كونها غاية والغاية لو أعملت فانما هي تعد آخر الشيء حدا للشيء فالغاية عند العرف ذو مصداقين ولا موجب لاختصاص أحدهما بالتقدم على الآخر الا ما يقتضيه المورد فالحق ان الغاية بما هي غاية لا توجب خروج ما بعده عن حكم ما قبله أو عدم خروجه.

قوله بان المراد من الإله واجب الوجود :

لا ينبغي ان يرتاب في ان هذا المعنى على تقدير دفعه الإشكال بعيد عن فهم العامة.

واعلم ان كلمة التوحيد على كونها أصدق كلمة وأوفاها قد طالت

١٥٨

فيها المشاجرات ودارت حولها الكلمات والّذي يساعد عليها الاعتبار ان لفظة الجلالة حيث كان الحق انها علم بالغلبة كان الاستثناء موضوعا على أساس الوصف فمساق قولنا لا إله إلّا الله مساق قولنا لا عالم في البلد الا هذا العالم وإله ككتاب من اله الرّجل إذ أتاه أو عبد كأنه أصل وله أو مبدله والاعتبار يقتضى ان يكون الأصل في معناه الوله والتيه وانما يطلق على العبادة لكونها مصداقه فالإله بمعنى المعبود المخضوع له عن وله بان يكون لذاته وبذاته مستحقا لأن يوله فيه فيعبد ويخضع له لكون كل شيء من عنده فدلالة الاستثناء على ان الذات الّذي هو بهذه الصفة غير موجود الا الذات الواحد الّذي بهذه الصفة.

واما ان تقدير الموجود في الخبر لا يستلزم وجوب وجوده أو امتناع شريكه في الإلهية فغير ضائر إذ الكلمة غير مسوقة الا لبيان نفى الشريك لا لبيان امتناعه أو غير ذلك فان الّذي يدل عليه الكلمة الطيبة بالمطابقة هو نفى الشريك لا توحيده تعالى بناء على ما هو الأفصح من رفع لفظ الجلالة على البدلية لا نصبه على الاستثناء فمعناها نفى كل إله غير الله واما ثبوته تعالى فمأخوذ مفروغا عنه غير واقع فيه الشك ولا محتاج إلى إثبات على ما يعطيه التعليم الإلهي في كتابه.

ومن هنا يظهر ان قولهم ان كلمة التوحيد مشتملة على عقدين عقد النفي وعقد الإثبات غير مستقيم وان الأوجه ان يكون الخبر المقدر هو لفظ موجود بعد لفظة الجلالة لا كلمة حق وما يشبهها كما لا يخفى.

١٥٩

بحث العام والخاصّ

قوله «ره» انما هو باختلاف كيفية تعلق الأحكام به إلخ :

الظاهر ان مراده (ره) ان هذه الخصوصيات الثلاث انما هي أوصاف كيفية الحكم أو لا وبالذات وانما يتصف العموم بها اتصافا بالعرض والمجاز فان ثبوت الحكم للفرد وهو موضوعه تعيينا كما في العام الاستغراقي أو ترديدا كما في العام البدلي أو بحيث يكون الفرد بعض الموضوع كما في العموم المجموعي لا يقتضى اختلافا في العموم وسراية الطبيعة إلى الافراد حقيقة.

ومن هنا يظهر اندفاع ما يمكن ان يقال ان ذلك لازم الاختلاف إذ لا معنى لعروض الكثرة والاختلاف للشيء من حيث ذاته وانما يعرضه ذلك من جهة الأحكام والمحمولات مما يلحقه ثانيا كاختلاف الحيوان بمحمول الناطق وغيره واختلاف الإنسان بمحمول الرومي وغيره.

وكذا ما يمكن ان يقال ان الحكم أعني المحمول يستحيل تأثيره في الموضوع لتأخر رتبته عنه والعموم من خصوصيات موضوع الحكم في موضوعيته فيستحيل ان يتعين أو يختلف بواسطة اختلاف المحمولات فالانقسام غير ناش من ناحية الحكم بل باستعداد في نفس الموضوع هذا.

والجواب عن الجميع ان اتصاف عموم الموضوع بالأقسام بواسطة اختلاف تعلق الحكم بنحو الوساطة في العروض دون الثبوت فافهم.

١٦٠