حاشية الكفاية

المؤلف:

آية الله السيد محمد حسين الطباطبائي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: بنياد علمى وفكرى علامه طباطبائى با همكارى نمايشگاه و نشر كتاب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٠

الغرض الغائي الموجود في ذي المقدمة ولذا اشترك الوجهان في الاعتراض بعدم كفاية ذلك في ترتب الثواب عليها واختص الأول بزيادة إمكان الإشارة إلى العنوان المقدمي من غير جعله داعيا.

قوله (ره) ضرورة ان العنوان المقدمية إلخ :

قد نبهناك فيما مر ان دوران نسبة بين أطرافها يوجب تحقق أطرافها في سنخ وعائها أي كون الأطراف مسانخة للنسبة فالنسبة ان كانت حقيقية كانت أطرافها حقيقية وان كانت اعتبارية كانت اعتبارية فنسبة الملكية الاعتبارية انما تدور بين المالك والمملوك لا بين عين زيد وعين العقار مثلا ونسبة التوصل والتوقف تدور بين المقدمة وذي المقدمة لا بين ما هو الأمر الخارجي المعنون بعنوان المقدمة والمعنون بعنوان ذي المقدمة ومن هنا يظهر ان عنوان المقدمية مثلا واسطة في العروض في اتصاف المقدمة بالوجوب لا واسطة في الثبوت كما ذكره ره.

نعم العرف من حيث استشعارهم بضعف تحقق هذه العناوين الاعتبارية لا يذعنون إلّا بتحقق المعنونات ويتوهمون ان الأحكام انما تقوم بها لا بالعناوين كما مر نظير ذلك في الكل والاجزاء بالأسر.

قوله (ره) واما عدم اعتبار ترتب انتهى.

الملاك كل الملاك في القول بالمقدمة الموصلة وعدمها القول باتصاف المقدمة بوجوبها بالذات أو بالعرض كما يظهر بالتأمل في كلام

١٢١

صاحب الفصول كما سينقله المصنف (ره) وقد تنبه به المصنف (ره) حيث قال في آخر كلامه ولعل منشأ توهمه الخلط بين الجهة التقييدية والتعليلية انتهى فالقول بالمقدمة الموصلة يبتنى على كون اتصاف المقدمة بالوجوب بالعرض فهناك وجوب واحد نفسي وهو لذي المقدمة بالذات وللمقدمة بالعرض ولا محالة يكون الغرضان الموجودان فيهما على نحو وجودي الوجوبين فغرض ذاتي وغرض عرضي ومن المعلوم ان فرض عدم وجود ما بالذات في الخارج يوجب عدم وجود ما بالعرض سواء كان حكما أو ملاك حكم ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المصنف (ره) في إبطاله إذ جميع الوجوه المذكورة تبتنى على كون وجوب المقدمة وملاكها ذاتيين وقد عرفت فساده.

ان قلت هذا انما يتم بناء على ما ذكره المصنف رحمه‌الله ان المتصف بالوجوب انما هو ذات المقدمة وما هو بالحمل الشائع مقدمة لا عنوان المقدمة فذات المقدمة في الخارج تكون متصفة بالوجوب بالعرض ولا معنى لتحقق ما بالعرض في الخارج من دون تحقق ما بالذات فيه واما على ما ذكرت من كون المتصف حقيقة هو العنوان الاعتباري للمقدمة بما انه اعتباري فلا معنى للقول بالمقدمة الموصلة إذ جميع المقدمات متصفة بهذا العنوان كما لا يخفى.

قلت معنى الاعتبار كما عرفت مرارا دعوى كون العنوان هو الخارج لغرض الأثر المترتب فما في الخارج هو المتصف بالاحكام و

١٢٢

الآثار لكن بواسطة الاعتبار فسراية العنوان في الخارج وانطباقه عليه لا مفر منه وح فتحقق عنوان المقدمة في الخارج أي ذات المقدمة فيه لا ينفك عن وجود عنوان ذي المقدمة أعني نفس ذي المقدمة فيه فافهم فاما بحسب الدقة فذات المقدمة في الخارج متصف بالوجوب بواسطتين فذاتها تتصف به بواسطة عنوانها وعنوانها بواسطة عنوان ذي المقدمة لكن الحق بعد ذلك كله ان عرضية وجوب المقدمة لا توجب القول بالمقدمة الموصلة فان تحقق الواجب في ظرف التكليف واعتباره يوجب تحقق التوقف وكذا تحقق ما يتوقف عليه فيه ويتم بذلك وجوب كل ما يتوقف عليه سواء كان مقدمة موصلة في الخارج أو لم يكن.

قوله رحمه‌الله واما ترتب ذي المقدمة عليها انتهى :

(١) هذا مع الغض عن عدم وروده أصلا فاسد من حيث ان اللازم وجود ذي المقدمة في الخارج ووجود الشيء نفسه واما الترتب فهو وصف زائد وعنوان طار.

قوله «ره» لعدم كونه بالاختيار انتهى :

هذا يناقض ما سيذكره في أوائل القطع في امر المعصية.

قوله رحمه‌الله لأنه لو كان معتبرا فيه الترتب انتهى :

(٣) قد عرفت ان معنى الترتب وجود ذي المقدمة في الخارج فما المانع من كون نسبته وهو متأخر إلى المقدمة الموجودة قبلها نسبة المقتضى المتأخر إلى مقتضاه المتقدم وقد صححوا ذلك وعلى ذلك فالوجوب ساقط

١٢٣

لتحقق المقدمة وهو عين السقوط بالموافقة وهو ظاهر.

قوله وجهه انه يلزم انتهى :

فيه ان هذا النهي إرشادي يرشد به إلى تشخيص المقدمة وانما يتم الإشكال على تقدير كونه مولويا.

الواجب الأصلي والتبعي

قوله «ره» ومنها تقسيمه إلى الأصلي والتبعي انتهى :

ينبغي ان يجعل الملاك في هذا التقسيم تعلق الطلب المستقبل والغير المستقل مع قطع النّظر عن الملاك فيكون الفرق بينه وبين التقسيم السابق ان تقسيم الواجب إلى النفسيّ والغيري بحسب الملاك وتقسيمه إلى الأصلي والتبعي بحسب تعلق الطلب بالاستقلال وعدمه مع قطع النّظر عن الملاك وأنت تعلم بان معنى التقسيمين يختلفان بحسب كون وجوب المقدمة ذاتيا أو عرضيا فلا تغفل وعليه فالامر الأصلي بالمقدمة يصير إرشاديا بناء على ان الأمر المولوي يتوقف على ملاك حقيقي أعم من المستقل وعدمه قوله لحصول العصيان بترك أول مقدمة إلخ.

هذا بناء على الواجب المعلق أو المشروط على التصوير الّذي صوره المصنف رحمه‌الله واما على ما قدمناه من إبقاء الواجب المشروط على حاله مع وجوب المقدمة قبل وجوده فالمعصية وان تحققت بتحقق علتها إلّا انها تحققت في ظرف نفسها عند تحقق الواجب لا حين تركت المقدمة فلا تغفل.

١٢٤

قوله إلّا انه مجعول بالعرض ويتبع انتهى :

الجعل والمجعول في هذا المقام هو الإيجاد والوجود أو الموجود فجعل الوجوب بالعرض هو كونه بالعرض وعليه فالجمع بين العرضية والتبعية في حكم التناقض هذا والأصل غير جار على العرضية لأن أدلة الأصول منصرفة عن الأحكام العرضية.

قوله رحمه‌الله والأولى إحالة ذلك إلى الوجدان انتهى :

الأولى الاقتصار على ذلك من غير تذييله بما يدعيه من الطلب المولوي ويؤيده بوجود الأوامر الغيرية في الشرعيات والعرفيات لما عرفت من كونها إرشادية لا مولوية.

قوله والشرطية وان كانت منتزعة إلخ :

دفع دخل محصله ان توقف الشرطية على الوجوب لازم انتزاعيتها والجواب انه انما يلزم لو كانت الشرطية منتزعة عن التكليف المتعلق بالمقدمة وليس كذلك بل هي منتزعة عن التكليف النفسيّ المتعلق بذي المقدمة هذا والحق ان هذه المعاني كلها اعتبارية ليس بمنتزعة عن التكليف وإلّا تحقق بينهما الحمل كما قيل لاتحاد المنتزع والمنتزع عنه فكان الشرط هو ذا المقدمة.

قوله رحمه‌الله وحيث لا منافاة أصلا انتهى :

(٤) قياس غير منتج فان الملاءمة بين شيء وعدم شيء آخر لا يوجب وقوعهما في مرتبة واحدة ضرورة ان المعلول ملائم علته كمال الملاءمة

١٢٥

مع عدم كونهما في مرتبة واحدة فالأولى ان يتشبث في ذلك بما سيذكره من ان المانع الّذي يكون موقوفا عليه هو ما كان ينافى ويزاحم المقتضى في تأثيره لا ما يعاند الشيء ويزاحمه في وجوده.

قوله رحمه‌الله بداهة ثبوت المانعية من الطرفين :

فيه ان ثبوت المانعية بين الضدين وتوقف وجود كل منهما على عدم الآخر لا يستلزم توقف عدم كل على وجود الآخر لا مكان تصادق العدمين على مورد واحد إذ غير المتناقضين من المتقابلين لا يأبى من ارتفاع الطرفين معا وهذا يوجب عدم توقف أحد العدمين على وجود الطرف الآخر وهو ظاهر ومن هنا ظهر ان الدور غير تام والحق بعد ذلك كله ان القول يتوقف وجود الشيء على عدم مانعة قول مجازي فان الأمر الوجوديّ لا يترشح إلّا عن الوجود والعدم لا ذات له بل المانع حيث ما فرض امر وجودي يضار الممنوع الّذي هو أيضا امر وجودي فهو في مورد التضاد الحقيقي فيرجع معنى توقف الشيء على عدم مانعة إلى اشتراط صلاحية المحل لوجود الشيء فيه لفرض خلوه عن الضد الآخر ولا ثالث للضدين كل ذلك لأمور مبينة في محله هذا في الحقائق غير ان الأمر في الاعتباريات سهل.

قوله رحمه‌الله الا طلبا بسيطا ومرتبة أكيدة إلخ :

هذا على ما اشتهر بين الأصوليين أخيرا ان الوجوب والاستحباب مرتبتان من حقيقة الطلب البسيط متفاوتان بالشدة والضعف بعد ما

١٢٦

كان المشهور بينهم انهما حقيقتان نوعيتان مركبتان واقعتان تحت جنس الطلب فالوجوب طلب الفعل مع المنع من الترك والاستحباب طلب الفعل مع عدم المنع من الترك أو مع تجويز الترك.

وقد ذكر شيخنا الأستاذ رحمه‌الله في الحاشية ما حاصله : ان كون الوجوب والاستحباب مرتبتين من الإرادة مختلفتين بالشدة والضعف وان اشتهر بينهم إلّا ان الّذي يقتضيه دقيق النّظر خلافه وهو ان الاختلاف بين الوجوب والاستحباب ليس من حيث المرتبة بل من حيث كيفية الغرض الداعي بيان ذلك ان الإرادة التكوينية والتشريعية لا يختلفان الا من حيث تعلق الأولى بفعل الشخص نفسه والثانية بفعل غيره وتعلق الإرادة التكوينية بفعل لا يستلزم كونه مما لا بد منه دائما بل ربما تعلقت بفعل من الأفعال الطبيعية الموافقة للهوى مع عدم لزومه حتى من حيث الهوى حتى باعتراف فاعله كفضول المعيشة وزخارف العادات وربما لم تتعلق بفعل من الأفعال العقلية مع لزومه عقلا حتى باعتراف فاعله فاذن الملاك في تحقق الإرادة ليس كون المراد لازم الورود بل كون المراد أشد موافقة للقوة الباعثة هذا في الإرادة التكوينية وكذلك الإرادة التشريعية ليس اختلاف البعث الوجوبيّ والاستحبابي فيها من جهة اختلاف تعلق الإرادة بفعل الغير شدة وضعفا بل من حيث شدة موافقة الفعل للغرض الداعي إلى البعث وضعفها هذا.

أقول لا ريب ان الفعل في صدوره عن الإرادة التكوينية ما لم يجب

١٢٧

لم يوجد وان الّذي يوجب وجوده هو المرجح لوجوده في الخارج وصدوره عن الإرادة وهو بعينه الفرض الّذي يتحد مع الفعل في الخارج نوع اتحاد يتقرر في ظرف العلم الموجب للإرادة فتبين ان العلم ما لم يتعلق بضرورة الفعل أعني نسبة الضرورة بين الفعل والفاعل لم تتحقق الإرادة فلم يتحقق الفعل نعم لازم ذلك تحقق الضرورة بحسب خصوص العلم المتفرعة عليه الإرادة لا تحقق الضرورة بحسب الأمر في نفسه فربما يختلفان وبذلك يختلط الأمر فيظن ان الفعل وقع مع عدم لزومه أو لم يقع مع لزومه هذا فتبين بذلك :

أو لا ان الوجوب هو اعتبار نسبة الضرورة بين الفعل وفاعله حتى في الإرادة التكوينية الموجودة في الحيوان وهذا كأنه أول اعتبار اعتبره الحيوان للتوصل إلى كماله حاذى به الضرورة الواقعة جهة ومادة في القضايا الحقيقية الغير الاعتبارية وقد تقدم فيما تقدم بعض القول في ذلك وان هذه النسبة مع انها نسبة غير مستقلة الذات قد يؤخذ معنى وصفيا مستقلا فيصير وصفا يتصف به الفعل فيصير واجبا ويتفرع عليه اشتقاقات أخرى كالإيجاب والاستيجاب.

وبذلك كله يظهر فساد القول بكون الوجوب هو الطلب وهو ظاهر كيف والوجوب وصف الفعل المتوقف في اتصافه به على الطلب والمتأخر عنه.

وثانيا ان الحرمة والاستحباب والكراهة والجواز أيضا نسب

١٢٨

اعتبارية دائرة بين الفعل وفاعله فالحرمة نسبة الامتناع كما ان الوجوب نسبة الضرورة والجواز نسبة الإمكان واما الاستحباب والكراهة فهما نسبتا الأولوية المتوسطة بين الضرورة والإمكان وهو الاستحباب والتوسط بين الامتناع والإمكان وهو الكراهة على ما يساعده النّظر العرفي وهي هذا بعينها موجودة في القضايا المضروبة ضرب القانون كقولنا يجب ان يفعل كذا ويحرم كذا ويستحب كذا ويكره كذا ويجوز كذا.

وثالثا ان لا تشكيك بين الوجوب والاستحباب وكذا بين الحرمة والكراهة لكونهما معا في نسبية حقيقية ولا معنى في النسب الحرفية للتشكيك والتواطي والنوعية والجنسية والكلية والجزئية وغيرها وكذلك البساطة والتركيب نعم لا بأس بإطلاق البسيط على مثلها بمعنى عدم التركيب فافهم ذلك.

ورابعا لأحد لمثل هذه المعاني حقيقة.

قوله «ره» مع بقائه على ما هو عليه إلخ :

فيه انه لا يوافق ما ذهب إليه كما صرح به في بحث الظن ان المصالح قائمة بنفس الأحكام دون المتعلقات وكذا قوله أو غيره أي شيء كان على مذهب الأشاعرة اه ظاهر المنع.

قوله «ره» بنحو الشرط المتأخر إلخ :

الأخذ بهذه القيود وتعليق الواجب عليها لتصوير محل الكلام

١٢٩

وهو ان يؤمر بضدين ويجعل ظرف امتثال أحدهما ظرف عصيان الآخر وبعبارة أخرى ان يتحقق الأمر بالمهم والأمر بالأهم معا قبل مرتبة الامتثال مع افتراقهما في الامتثال من حيث الظرف فظرف امتثال المهم ظرف عصيان الأهم ومن المعلوم ان الأهم ساقط في ظرف عصيان نفسه بمعنى انتهاء أمد الأمر عند الامتثال والعصيان فالكلام في صحة الترتب وعدمها في انه هل يمكن الأمر بضدين فعلا مع تقييد أحدهما بعصيان الآخر؟

ومن هنا يظهر ان الترتب المذكور لا يتحقق من غير تعليق فعلى ما قدمناه في بحث الواجب المعلق من تصحيح وجوب المقدمة في الواجب المشروط قبل فعلية زمان الواجب يصح الأمر بواجبين ظرف امتثال أحدهما ظرف عصيان الآخر من غير إشكال فينتج نتيجة الترتب من غير ترتب نعم لو قلنا ببقاء الأمر في ظرف العصيان كان حكمه حكم الترتب أو هو بعينه الترتب ولذا أخذ المصنف التعليق في تحرير البحث لتسليمه سقوط الأمر في ظرف العصيان ليصير بذلك كلا الضدين قبل تحقق ظرف المهم واجبين فعليين فلا تغفل.

قوله (ره) ما هو ملاك استحالة طلب الضدين إلخ :

لا ينبغي ان يرتاب في ان الأمور الاعتبارية لا يتحقق بينها نسبة التنافي ولا التلاؤم من حيث أنفسها إذ لا نفسية لها على ما عرفت سابقا وانما تتحقق بينها من حيث الآثار المترتبة عليها كالتلاؤم بين المتعلقين

١٣٠

والتنافي والتضاد بينهما فالتدافع والتضاد بين الامتثالين وهما أثر الأمرين هو الموجب لتضاد الأمرين بنحو الوساطة في العروض دون الوساطة في الثبوت ، فالأمران المتضادان إذا فرض اختلاف متعلقيهما من حيث الظرف بحيث لا يزاحمان وجودا في ظرف الامتثال لا مانع من اجتماعهما قبل امتثاليهما سواء فرضت قبلية زمانية أو رتبية أو نحوا آخر من أنحاء الاجتماع هذا هو أحق الكلام في المقام.

ومنه يظهر وجوه الصحة والفساد فيما أوردوه في هذه المسألة التي هي من معارك الآراء فكل ذلك لا يخلو من نوع خلط بين أحكام الحقائق والاعتباريات.

قوله (ره) على ما هو عليه من المصلحة إلخ :

من الموارد التي يناقض ما ذهب إليه من قيام المصلحة بنفس الحكم.

قوله «ره» ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر إلخ :

لا ريب في قبح العقاب على ما لا قدرة عليه لكن الأمر بالمهم مقدور كما ان الأمر بالأهم وحده مقدور واما الجمع بينهما فهو وان كان غير مقدور إلّا انه غير متعلق لأمر وراء الأمر المتعلق بكل واحد منهما وحده وهذا نظير ان كل واجب فهو متعلق لأمر ويعتبر تعلق القدرة به واما كل اثنين من الواجبات وكل ثلاثة منها فلا يتعلق بها امر ولا يعتبر عليها قدرة.

١٣١

وقد تبين ان حجج المبطلين للترتب على اختلافها تبتنى على مقدمات ثلاث هي أركانها.

إحداها رجوع الأمرين بالضدين إلى امر واحد بالجمع.

والثانية استحالة الأمر بالضدين استحالة ذاتية لا بعرض التدافع في مقام الامتثال.

والثالثة القول بعدم سقوط الأمر في ظرف العصيان والقول بالتعليق في الواجب وقد عرفت حال جميعها فلا نطيل.

قوله «ره» بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا إلخ :

هذا ممنوع وكيف يمكن للعقل الحاكم بسقوط الأمر المهم بالنسبة إلى مورد المزاحمة ان يحكم بجواز إتيانه بداعي امره وهل هو الا تناقض.

قوله «ره» وان كان جريانه فيه أخفى إلخ :

وتوجه المنع الّذي ذكرناه عليه أجلى فليس مرجع الإتيان بالمهم بداعي الأمر الغير المتعلق به الا حكم العقل بجواز إتيان فعل بداعي امر غيره كالصلاة بداعي الصوم.

قوله (ره) لوضوح ان المزاحمة على صحة الترتب إلخ :

مراده على قصور في العبارة ان وقوع المزاحمة بين واجبين فعليين انما يوجب سقوط الأمرين في عرض واحد للتزاحم واما مع ثبوت أهمية ما في أحدهما توجب تقدمه على الآخر لم يوجب السقوط

١٣٢

بل يشمل امر الأهم إياه مطلقا وامر المهم أيضا إياه لاقتضاء الأهمية تقيده بظرف معصية الأهم الّذي لا يشمله امر الأهم بناء على الترتب فهما واجبان فعليان ظرف امتثال أحدهما ظرف عصيان الآخر فمجرد فرض أهمية الواجبين في مورد التزاحم يقتضى تحقق الترتب بينهما هذا وقد عرفت انا لو صححنا وجوب المقدمة قبل وجوب ذي المقدمة من غير تعلق بالتعليق وما بمعناه انتج ذلك نتيجة الترتب عند تحقق التزاحم بين الواجبين وان لم يكن من الترتب المصطلح في شيء لعدم فعلية وجوب المهم قبل تحقق عصيان الأهم.

قوله (ره) لا يجوز امر الأمر مع العلم بانتفاء شرطه إلخ :

الظاهر ان آخر الضمائر راجع إلى الامتثال فيكون المراد انتفاء القدرة على الإتيان فيئول الأمر إلى عدم جواز التكليف بما لا يطاق والتحقيق في ذلك ان الأمر بما انه إنشاء الطلب لا يقتضى كون المأمور به مقدورا أو غير مقدور لانتفاء بعض شرائطه ومن الممكن قيام مصلحة بنفس الأمر كما في الأوامر الامتحانية والتعجيزية وغيرهما فيصح الأمر حينئذ ولو كان المأمور به غير مقدور.

نعم لو كانت المصلحة قائمة بالمأمور وكان غير ممكن الاستيفاء لا يتعلق به غرض الآمر بما انه امر عقلائي لما مر مرارا ان المصحح للاعتبار إمكان ترتب الأثر عليه وأثر الأمر جدي حصول المأمور به بغرضه في الخارج فيلغو الأمر حين لا أثر لعدم إمكان الاستيفاء.

١٣٣

ومن هنا يظهر ان لو فرض فوت المصلحة بسوء اختيار المكلف لم يأب العقل من تجويز الأمر بالمحال حينئذ لا مكان ترتب الأثر عليه كالعقاب وفي القرآن الشريف يوم يدعون إلى السجود فلا يستطيعون وقد كانوا يدعون إليه من قبل وهم سالمون ومما مر يظهر مواقع النّظر في كلامه (ره) في كيفية استدلاله.

قوله (ره) ان متعلق الطلب إلخ :

توضيح المقام انه لا ريب ان الطلب الإنشائي في الأمر حيث كان اعتبار الطلب الحقيقي فهو من حيث متعلقه على حذوه والإرادة الحقيقية حيث كانت متعلقة بوجود المراد لا بمفهومه كذلك إرادة التشريعية متعلقة بوجود فعل الغير لكن الفعل الموجود في الخارج حيث انه متشخص مقارن لمشخصات كثيرة من الزمان والمكان والأحوال وغيرها مكتنفة بماهيتها يطرأ لجميعها بما هي واحدة وجود واحد وهذا الوجود إذا اعتبر مع بعض هذه المقارنات من غير نظر إلى الباقي كان حاله بحسب الأخذ والاعتبار حال الماهية مع افرادها بحيث يجوز ان يتحقق مع وجود كل من الباقي وعدمه كما ان الإكرام الخارجي مع جميع خصوصياته موجود واحد خارجي فإذا أخذ الإكرام العالم يوم الجمعة كان بالنسبة إلى المكان والجهة والسبب والعدد وغيرها كالكلي فإذا قيل أكرم عالما يوم الجمعة كان بالنسبة إلى خصوصيات هذا المأمور به كالكلي بالنسبة إلى افراده وهذا هو

١٣٤

المراد من تعلق الأمر بالطبيعة دون الافراد ولهذا ترى المصنف (ره) تارة يصرح بكون المتعلق هو الطبيعة وتارة الوجود السعي وان كان نحو استدلاله فاسدا.

واما حديث أصالة الوجود والماهية فلا يبتنى عليها أمثال هذه المباحث الاعتبارية فان الاعتباري اعتباري على كلا القولين لا يجري عليه آثاره جرى آثار الحقائق عليها على نحو الضرورة والدوام والكلية والذاتيّة كما نبهناك عليه مرارا واما حديث الماهية من حيث هي ففيه خلط محمولات الماهية بالحمل الأولى وبالحمل الشائع كما بينه شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الحاشية بما لا مزيد عليه.

قوله «ره» وان كان بينهما تفاوت في المرتبة إلخ :

قد عرفت ان الأحكام متباينة لا تشكيك بينها.

قوله «ره» والتحقيق ان يقال إلخ :

قد عرفت مرارا ان صحة الاعتبار لا يتوقف على ما يتوقف عليه صحة الأمور الحقيقية وانما يتوقف على صحة ترتب الأثر المطلوب عليه ولا ـ مانع من قيام مصلحة واحدة نوعية بنوعين من الفعل متغايرين فإذا فرض تعلق الغرض بحصول ما يترتب على واحد منهما من غير اختصاص اعتبرت نسبة الوجوب بين الفاعل واحد الفعلين ويترتب عليه الأثر وكل ذلك لمكان الاعتبار وان كان ذلك بحسب حال الحقائق ممتنعا كما ان الإرادة الحقيقية انما تتعلق بالجامع بينهما بعد ترجيح أحد الفعلين

١٣٥

فيصدر وبذلك يظهر مواقع النّظر في كلامه رحمه‌الله ففيه أولا ان الأحكام الاعتباريات لا يحاذى فيها الحقائق إلّا بمقدار يترتب عليه الأثر المطلوب وثانيا ان مورد قاعدة الواحد لا يصدر عن الكثير الواحد الشخصي دون الواحد النوعيّ أو الجنسي وما نحن فيه من القبيل الثاني كما بينه شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في الحاشية بما لا مزيد عليه.

وثالثا ان قيام الغرض الواحد بفعلين على حد سواء لا يوجب التخيير العقلي كما ذكره ولا التخيير الشرعي يوجب كون المصلحة اثنتين قائمتين بفعلين بحيث لا يبقى مع استيفائها مجال لاستيفاء المصلحة الأخرى.

قوله «ره» هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا إلخ :

قد عرفت ان التخيير انما يحتاج إلى جعل الفعلين طرف نسبة الوجوب على نحو الترديد كما ربما يجعل الفعل الواحد كذلك من غير محذور بعد ترتب الأثر عليه.

قوله «ره» والتحقيق انه سنخ من الوجوب إلخ :

الاختلاف السنخي هو الاختلاف الغير الراجع إلى الاختلاف انما هوى وحيث كان أثر هذا الوجوب مخالفا لأثر الوجوب العيني ذهب إلى انه سنخ آخر من الوجوب غير سنخ الوجوب العيني لكنك قد عرفت ان الوجوب اعتبار جهة الضرورة التي هي إحدى الجهات الثلث في القضايا الحقيقية الغير الاعتبارية وهي معنى نسبي واحد والفرق بينه

١٣٦

وبين الوجوب العيني ان نسبة الوجوب الدائر بين الفعل والفاعل كما قد يعتبر بين الفاعل والفعل المعين وقد يعتبر بين الفاعل واحد الفعلين فيتحقق الوجوب التعييني والتخييري كذلك قد يعتبر بين الفعل والفاعل الواحد المعين وربما يعتبر بين الفعل وفاعل ما من غير ان يؤخذ خصوصية في ناحية الفاعل وذلك بتعلق الغرض بمجرد تحقق الفعل في الخارج من غير نظر إلى خصوصية الفاعل ويتفرع عليه ان لو صدر فعل واحد عن فاعل واحد سقط الخطاب كما لو دفن الميت مكلف واحد وكذا يسقط لو صدر فعل واحد عن مجموع المكلفين كما لو دفنوه جميعا وكذا يسقط لو صدر عدة افعال عن عدة من المكلفين دفعة كما لو صلى على الميت عدة منهم معا فيتحقق بذلك الوجوب العيني والوجوب الكفائي ولو كان هذا الاختلاف في الاعتبار موجبا لاختلاف العيني والكفائي سنخا لكان اللازم القول بمثل ذلك في الوجوب التعييني والتخييري هذا نعم ربما يقتضيه ظاهر قوله في تصوير الواجب التخييري بنحو من الوجوب مع إبطاله وجوب كل واحد منهما تعيينا مع سقوطه بفعل أحدهما كما قيل في آخر كلامه (ره).

الكلام في النواهي

قوله «ره» غير ان متعلق الطلب في أحدهما الوجود إلخ :

وأنت بالرجوع إلى ما قدمناه في بحث الأوامر تقف على عدم استقامة ما ذكره من محاورات النهي للأمر بيان ذلك ان من المعلوم ان مفادي

١٣٧

صيغة افعل ولا تفعل النسبة الاعتبارية بين الحاكم وبين فعل المكلف وتركه المأخوذة على حذو النسبة الحقيقية ، الموجودة بينه وبين فعل نفسه أو ترك نفسه ومن المعلوم أيضا ان الإرادة الحقيقية سواء كانت كيفية نفسانية كما ذكروه أو نسبة نفسانية كما ذكرناه امر وجودي لا معنى لتعلقه بالعدم إذ لا ذات للعدم ولا حكم الا بعرض الوجود الّذي ينتزع هو عنه على انهم يصرحون بان الإرادة علة الوجود المراد ثم يصرحون بان عدم المعلول مستند إلى عدم العلة ولازمه استناد الفعل المستند إلى الفاعل إلى عدم إرادة الفعل لا إرادة عدم الفعل ولازم ذلك كله كون مدلول الأمر هو طلب الفعل ومدلول النهي هو عدم طلب الفعل بدعوى ان فعل الغير يترتب وجوده على إرادة الحاكم فعدمه مترتب على عدم إرادته هذا ما يقتضيه أصل الاعتبار إلّا ان النّظر السطحي حيث يجد الإرادة ممكنة التعلق بالفعل نفسه وبفعل أخرى في عرضه ملازم لعدم الفعل الأول ينعطف إلى أخذ الفعل وعدمه في الترديد مع ان الترديد بالذات بين الفعل والفعل لا بين الفعل وعدمه إلّا بالعرض فيوضع ما بالعرض مكان ما بالذات ثم يتوهم تعلق القدرة والاختيار بكلا طرفي الفعل والترك فنعرف القدرة بأنها كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل مع انها في الحقيقة كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وان لم يشأ لم يفعل وعلى هذا النّظر يتفرع عدهم الأمر والنهي طلبا للفعل وطلبا للترك.

١٣٨

قوله «ره» فان الترك أيضا يكون مقدورا إلخ :

قد عرفت ما فيه واعلم ان الكف أيضا منتزع كالترك عن الفعل المنافي للفعل المنهي عنه فان الإنسان لا يخلو عن فعل فترك الفعل سواء كان مجرد ان لا يفعل أو عدم الفعل مع كون الفاعل على ذكر من الفعل ووجود الداعي إلى الفعل منتزع عن فعل ما لا يجتمع وجودا مع فعل المنهي عنه فان العدميات منتزعات وان صارت مضافة وتخصصت بألف مخصص.

ومن هنا يظهر أن القول بتعلق النهي بالكف لا يزيد إلّا تكلفا إذ لو أريد بذلك إعطاء وجودية ما لمتعلق النهي بالعدول عن الترك إلى الكف فالترك أيضا كالكف عدم مضاف له حظ من الوجود ولو أريد تبديل الترك العدمي إلى فعل وجودي محض فالكف ليس كذلك وان كان أخص انتزاعا من الترك.

قوله «ره» لا يوجب ان يكون كذلك بحسب البقاء إلخ :

وأنت خبير بان العدم من حيث هو عدم لا ذات له ولا صفة ولا أثر فاتصاف العدم بالأزلية والبقاء والاستمرار يقضى بأنه منتزع وان تعلق الحكم والتكليف به بالعرض وهو ظاهر.

اجتماع الأمر والنهي

قوله مع انه يمكن ان يقال بحصول الامتثال.

قد عرفت في بحث الضد المناقشة فيه.

١٣٩

قوله في ان الأحكام الخمسة متضادة إلخ :

حد المتضادين انهما امران وجوديان متواردان على موضوع واحد داخلان تحت جنس القريب بينهما غاية الخلاف وقد مر في بحث الضدان الأحكام التكليفية معان اعتبارية مأخوذة عن النسب الموجودة بين القضايا الحقيقية الغير الاعتبارية وهو موادها أعني الضرورة والامتناع والإمكان ويلحق بها عند العامة نسبتا أولوية الوجود وأولوية العدم والنسب وجودات رابطة لا ماهية لها فلا حد لها فلا جنس لها فلا تدخل تحت مقولة من المقولات فشيء من الأحكام لا يجري فيها التضاد وبعبارة أخرى التضاد وصف خارجي لموصوف خارجي داخل تحت مقولة عرضية موجود لموضوع خارجي شخصي ولا يتحقق إلّا بين شيئين لا أزيد وشيء من هذه المعاني غير منطبق على موارد الأحكام الخمسة بداهة انها ليست بخارجية بل اعتبارية وليست من الاعراض بل من النسب ولا موضوع خارجي لها بل موضوعها اعتباري وليس بشخصي بل كلي وليس التنافي بينهما قائمة بين امرين بل بين خمسة.

قوله ان متعلق الأحكام هو فعل المكلف إلخ :

قد ذكرنا مرارا ان الحكم نسبة اعتبارية وأطراف النسب الاعتبارية يجب ان تكون اعتبارية فالعناوين الاعتبارية هي متعلقات الأحكام أو لا وبالذات والأفعال الخارجية متصف بها بعرضها فهي واسطة في العروض بالنسبة إلى معنوناتها لا واسطة في الثبوت حتى يلزم

١٤٠