منهاج الأصول - ج ٢

محمّد ابراهيم الكرباسي

منهاج الأصول - ج ٢

المؤلف:

محمّد ابراهيم الكرباسي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار البلاغة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٨

بجواز اجتماع الحكمين المتماثلين بمناط السراية واما بناء على الامتناع أو القول بالجواز لتعدد الجهة فيمكن القول بالحمل على المقيد في مقام العمل أي يؤخذ بالمقيد

__________________

الالزامي مع انه يوجب الحمل الالزامي فى غير محله بل هو ممنوع أشد المنع.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان المطلق اما أن يكون لصرف الوجود أو يكون انحلاليا اما اذا كان لصرف الوجود فاما أن يكونا ايجابيين واما يكون احدهما ايجابيا ويكون الآخر نهيا اما اذا كانا ايجابيين فقد وقع الكلام فى حمل المطلق على المقيد أم لا بان يكون المقيد لبيان واجب في واجب أو يكون بيانا لتكليف مستقل أو يكون بيانا لأفضل الافراد واما اذا كانا مختلفين بالأمر والنهي فقد وقع الكلام فى انه هل يحمل المطلق على المقيد أو يحمل النهي على الكراهة واما بقية الاحتمالات فلا تتأتى لكون النهى منافيا لها فيتردد الأمر بين الاحتمالين المذكورين والظاهر هو حمل المطلق على المقيد ولا يحمل المقيد على الكراهة لان النهي فى مثل لا تعتق الكافرة ظاهر فى الحرمة وهذا الظهور يكون حاكما على المطلق وان كان ظهوره أضعف من ظهور المطلق لما عرفت ان نسبة القرينة الى ذيها على نحو الحكومة والحاكم يقدم على المحكوم وان كان ظهوره اضعف واما اذا كانا ايجابيين فالمطلق يحمل على المقيد لأن حمل المقيد على الاستحباب ينافي ظهور المطلق فى الالزام كما ان احتمال واجب في واجب اضعف من سابقه لان ظاهر تعلق التكليف في قولنا اعتق رقبة مؤمنة بالجنس والفصل وأما احتمال تعلقه بالفصل فقط والجنس تعلق به تكليف آخر وهو التكليف بالمطلق فهو خلاف الظاهر كاحتمال تعلق تكليف مستقل به لما عرفت أن متعلق التكليف فى المطلق والمقيد انما هو صرف الوجود ولازمه وحدة التكليف إذ مع تعدده ينافي صرف الوجود فاذا اتحد التكليف فلا بد من حمل المطلق على المقيد وعليه لا يبقى مجال لاحتمال كون التكليف مستقلا قد تعلق بخصوص المقيد واما ان كان الخطابان

٣٦١

في مقامه لأن المقيد أقوى مناطا إذ على الامتناع لا يمكن اجتماع الحكمين في المقيد فلا بد من رفع احدهما وحيث ان المقيد أقوى من المطلق فيؤخذ به ويحمل المطلق على

__________________

انحلاليين فلا يخلو اما أن يكونا أمرين وأما أن يكون أحدهما أمرا والآخر نهيا وعلى الثاني اما أن يكون الاطلاق والتقييد فى المتعلق واما يكونا فى متعلق المتعلق فان كانا في نفس المتعلق وكان بينهما عموم من وجه فيندرجان فى باب اجتماع الأمر والنهي أو كان بينهما عموم مطلق فيندرجان تحت باب النهي في العبادة وان كان الاطلاق والتقييد في متعلق المتعلق فيندرجان تحت باب التعارض وان كانا أمرين فقلما يتفق كونهما انحلاليين كما فى مثل قوله في الغنم السائمة زكاة وفي الغنم زكاة فلا يحمل المطلق على المقيد لعدم حصول شرط الحمل وهو التنافى لكون المطلق متعرضا لجميع الأفراد والمقيد قد تعرض لبعض الافراد مع أن الوصف لا مفهوم له على ما هو الحق إذ هو حينئذ يكون بمنزلة مفهوم اللقب فلا يحصل التنافي بينهما نعم لو كان التقييد بصدد تضييق دائرة لموضوع المطلق كما ربما يدعى ذلك في مثل الغنم السائمة زكاة فيدخل تحت باب التعارض وهذا الذى ذكرناه لا يفرق بين ان يكون الخطابان تكليفيين أو وضعيين واما اذا كان نفس الخطاب مشروطا كما في قولنا ان استطعت فحج ثم قال حج فانه لا يخلو اما ان يكون للشرط مفهوم ولازمه حمل المطلق على المقيد لدلالة المفهوم على الحمل فهو خارج عما نحن فيه وان لم يكن له مفهوم كأن يكون مسوقا لتحقق الموضوع فحينئذ يدخل فى باب المطلق والمقيد كما يقتضيه ظاهر الخطاب من حمل المطلق على المقيد.

فان قلت حمل المطلق على المقيد يحتاج الى وحدة التكليف والتكليف فى المقام متعدد ، قلنا وحدة المتعلق تكشف عن وحدة التكليف فلذا لا بد من حمل المطلق على المقيد. فتحصل مما ذكرنا ان العمدة فى حمل المطلق على المقيد هو

٣٦٢

صرف الاقتضاء دون الفعلية ثم أن التقييد هل يوجب أن يكون عنوانا للمطلق مثلا تقييد الرقبة بالايمان يجعل عنوانا لمطلق الرقبة أم لا يوجب وانما هو صرف التقييد فى متعلق الأمر من غير ان يعنون المطلق بعنوان ويترتب على ذلك ثمرة هي انه بناء على تعنون التقييد للمطلق فيمكن لنا التمسك باصالة عدم العنوان لو شك في حين الوجود انه معنون بالعنوان أولا مثلا لو شك من حين الابتداء في الرقبة انها

__________________

أن لا يكون الاطلاق والاشتراط بحسب الوجوب للزوم الدور المحال على ما عرفت منا سابقا وان يكونا الزاميين اذ لو كان احدهما إلزاميا والآخر غير إلزامي أو كلاهما غير الزاميين ففي هذه الصورتين لا يحمل المطلق على المقيد لعدم المنافاة بينهما الذي هو شرط الحمل.

بيان ذلك : ان الاستحباب لما كان له مراتب فيمكن ان يكون كل واحد منهما ناظرا الى مرتبة الاستحباب مثلا لو دل دليل على استحباب الدعاء ثم وجد دليل آخر على استحباب الدعاء عند رؤية الهلال بقوله اذا رأيت الهلال فادع فان هذا ليس مسوقا لبيان المفهوم لما هو معلوم ان الشرطية في ناحية الاستحباب انما هي في بيان تحقق الموضوع فاذا كانت كذلك فتكون ناظرة الى مرتبة الاستحباب فيتحقق عند تحقق موضوعه ومن هنا جرت سيرة الفقهاء على عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات نعم لو كان كل من الدليلين ناظرا الى مرتبة خاصة من مراتب الاستحباب لكان لدعوى الحمل وجه لكن الشأن فى اثبات ذلك بل الظاهر ان كل واحد من الدليلين متعرض لمرتبة من مراتب الاستحباب كما هو اوضح من ان يخفى وبهذا ثم ما اوردنا بيانه فى باب المطلق والمقيد مما استفدناه من بحث الاستاذ المحقق الأعظم شيخنا النائيني (قدس‌سره) وليكن هذا آخر ما سنخ لنا من التعليق على هذا الجزء من كتابنا منهاج الاصول والحمد لله رب العالمين

٣٦٣

مؤمنة أم لا يمكن لنا القول باستصحاب عدم الايمان على نحو السلب المحصل كما قلنا ذلك في القرشية مثلا بخلاف ما لا يوجب كون التقييد عنوانا للمطلق هذا كله فى المتوافقين.

واما المتخالفين فلا يخلو اما ان يكون بلسان يجب عتق الرقبة ولا يجب عتق الرقبة الكافرة أو صل ولا تصل واما ان يكون بلسان يجب عليك عتق الرقبة ويحرم عليك عتق الرقبة الكافرة فان كان بلسان الأول فلا اشكال فى حمل المطلق على المقيد والعمل على المقيد وان كان بلسان الثاني ففي حمل المطلق على المقيد اشكال لان مقتضى اطلاق كون ملاك الوجوب هو المصلحة الموجودة في مورد القيد ومقتضى تحريم المقيد كون ملاكه ايضا موجودا هو المفسدة ولا تنافي بين الملاكين لامكان اجتماعهما وان كان التأثير لأحدهما إلا ان يقال ان فى النهي جنبتين جنبة تكليف وجنبة ارشاد فجنبة التكليف ترفع الوجود وجنبة الارشاد ترفع ملاك الوجود هذا تمام الكلام فى مبحث المطلق والمقيد.

المقصد السادس فى المجمل والمبين

اما المجمل هو ما لم يكن ظاهر الدلالة ولا يكون قالبا لمعنى خاص بل هو قالب لمعاني كثيرة كالمشترك وهو غير المهمل فان المهمل ليس قالبا لشيء من المعاني والمبين خلافه والمبين والمجمل كلاهما معتبران فى الدلالة والمهمل لا دلالة فيه وهذا واضح لا يعتريه ريب وانما الكلام ان هذه الدلالة دلالة تصورية أم تصديقية الظاهر هو الاول فيكفي في كونه مبينا انتقاله من سماع اللفظ الى المعنى وان لم يكن

٣٦٤

مرادا بل لو قطع بعدم ارادته نعم فى مقام الحجية لا بد من احتمال الارادة فلا يعتد بكلام الناسي والساهي. ومما ذكرنا فى معنى المبين يظهر فساد من التزم من القوم بانه لو كان الكلام ظاهرا فى المعنى الحقيقي وقامت قرينة منفصلة عقلية كانت أم لفظية وبالقيام حصل التردد كما يشهد لذلك نزاعهم في قوله لا صلاة إلا بطهور فتكون من المجملات على الاعم لتردده بين نفي الصحة ونفي الكمال ومبين على الصحيح وبيان الفساد ان المبين ما كان ظاهرا فيه والمجمل ما لم يكن كذلك وهذا يجتمع مع عدم الارادة ومن ذلك يظهر ان عد آية السرقة من المجملات في غير محله لأن ارادة اليد في بعض المقامات الى الزند والى المرفق في مقام آخر لا يخرجها عن معناها الحقيقي لو استعملت مجردة عن القرينة وكون المعنى الحقيقي مرادا أم لا لا دخل له في كون اللفظ ظاهرا أم لا وليكن هذا آخر ما اردنا بيانه من بحث المجمل والمبين وبه ينتهي الكلام في الجزء الثاني من كتابنا المسمى بمنهاج الاصول المستفاد من خلاصة بحث استاذنا المحقق العراقي طاب ثراه في مباحث الألفاظ الذي فرغ منه آخر ذي الحجة الحرام سنة الف وثلاثمائة وثلاث واربعين هجرية على مهاجرها أفضل السلام والتحية واسأله تعالى التوفيق لاخراج باقي الاجزاء والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين يسر الفراغ منه في جوار مرقد سيد الوصيين امير المؤمنين عليه وآله الطاهرين أفضل الصلاة والسلام بقلم مؤلفه الراجي عفو ربه محمد ابراهيم ابن المرحوم الحاج الشيخ على بن الشيخ محمد حسين بن الشيخ محمد مهدي بن الحجة الكبرى آية الله الشيخ محمد ابراهيم الشهير بالكلباسي صاحب الاشارات والمناهج وغيرهما من المؤلفات القيمة والآثار الخالدة.

٣٦٥

فهرس الجزء الثاني من كتاب مناهج الاصول

الصفحة

الصفحة

٢

تقسيم الواجب

٥٣

الفرق بين الارادة التكوينية والتشريعية

٤

المطلق والمشروط

٥٦

العينى والكفائى

٩

الفرق بين المطلق والمشروط

٥٩

الموسع والمضيق

١٣

لو شك انه مطلق أو مشروط

٦٣

مسألة الضد

١٥

تقييد الهيئة يوجب تقييد المادة

٦٤

الضد الخاص

١٦

المعلق والمنجز

٧١

ما ينسب الى المحقق الخوانساري

٢١

تلبث الاقسام

٧٥

ثمرة هذه المسألة

٢٣

المقدمات المفوتة

٧٨

الضد العام

٣١

انكار الواجب التهيئي

٨١

الاقوى فى التخييرى

٣٣

 لو شك فى واجب انه معلق او منجز

٨٤

الترتب

٣٤

 النفسى والغيرى

٨٩

مرجحات باب التزاحم

٣٧

لو شك فى واجب انه نفسى او غيرى

٩٧

الترتب يرفع محذور الجمع بين الضدين

٣٩

ترتب الثواب على الواجب النفسى

١٠١

جريان الترتب فى الجهل والنسيان

٤١

تصحيح عبادية الطهارات

١٠٣

جريان الترتب فى المقدمة المحرمة

٤٣

دفع اشكال عبادية الطهارات

١٠٤

امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه

٤٤

الاصلى والتبعى

١٠٥

الامكان الذاتى والوقوعى

٤٥

الفرق بين الاصلى والتبعى

١٠٨

تعلق الاوامر بالطابع أو بالافراد

٤٧

التقسيم يرجع الى مقام الدلالة

١١٥

تعلق الاوامر بالوجود الخارجى الادعائى

٤٨

التعينى والتخييرى

٤٩

اقسام التخيير

٣٦٦

الصفحة

الصفحة

١١٩

تعلق الاوامر بالصور الذهنية

٢١٦

المفهوم والمنطوق

١٢٠

نسخ الوجوب

٢٢٣

المفهوم تابع للمنطوق

١٢٣

الأمر بالامر

٢٢٤

مفهوم الشرط

١٢٤

ورد الامر عقيب الامر

٢٣٠

تنبيهات مفهوم الشرط

١٢٦

المقصد الثانى فى النواهى

٢٣٣

تعدد الشرط

١٢٨

دلالة النهى على التكرار

٢٣٥

تداخل الاسباب

١٣١

اجتماع الامر والنهى

٢٣٩

الحق عدم تداخل المسببات

١٤١

مبانى الجواز

٢٤١

مفهوم الوصف

١٤٧

أدلة المحقق الخراسانى على الامتناع

٢٤٥

مفهوم الغاية

١٥٣

الحق هو امتناع الاجتماع

٢٥٠

مفهوم الحصر

١٦٣

الفرق بين المندوحة وعدمها.

٢٥٧

مفهوم العدم واللقب

١٦٧

الكراهة فى العبادة

٢٥٨

المقصد الرابع فى العام والخاص

١٦٨

تنبيهات اجتماع الامر والنهى

٢٥٩

تعريف العموم واقسامه

١٧٣

الاجتماع من صغريات باب التزاحم

٢٦٢

الفاظ العموم

١٧٩

الاضطرار لا بسوء الاختيار

٢٦٧

العام المخصص

١٨١

الاضطرار بسوء الاختيار

٢٧٥

تخصيص العام بمجمل

١٨٧

ذكروا لترجيح النهى وجودها

٢٧٩

الشبهة المصداقية

١٩٠

اقتضاء النهى للفساد

٢٨٧

المخصص اللبى

١٩٦

المقام الاول فى العبادات

٢٨٨

تنبيهات الشبهة المصداقية

٢٠٥

اقسام المانعية

٢٩٥

استصحاب نفى حكم الخاص

٢٠٧

المقام الثانى فى المعاملات

٣٠١

التمسك فى العام فى مشكوك الصحة

٢١٤

المقصد الثالث فى المفاهيم

٣٠٥

العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص

٣٦٧

الصفحة

الصفحة

٣٠٦

خطاب المشافهة

٣٣٩

ما يدل على المطلق

٣١١

تعقيب العام بالضمير

٣٤١

اسم الجنس وعلمه

٣١٣

تخصيص العام بمفهوم المخالفة

٣٤٣

الجمع المحلى بالالف واللام

٣١٧

تعقيب الاستثناء جملا

٣٤٥

اطلاقات النكرة

٣٢٠

تخصيص الكتاب بخبر الوحد

٣٤٧

مقدمات الحكمة

٣٢١

تعارض العام مع الخاص

٣٥٣

تنبيهات المطلق والمقيد

٣٢٣

الدوران بين التخصيص والجهة

٣٥٥

تعارض العام مع المطلق

٣٢٥

المقصد الخامس فى المطلق والمقيد

٣٥٧

ورود المطلق مع المقيد

٣٢٦

تعريف المطلق

٣٥٩

حمل المطلق على المقيد

٣٢٧

تقديم العام على المطلق

٣٦٣

لا يحمل المطلق على المقيد فى غير الالزامى

٣٢٩

اعتبارات الماهية

٣٦٤

المقصد السادس فى المجمل والمبين

٣٣٣

مااختاره سلطان العلماء هو الحق

٣٦٨