أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٤

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٤

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

وقوله :

سمعت بان الكحل للعين قوة

وقوله :

يا مالكاً صدق مواعيده

خلى لنا في جوده مطمعا

لم نعد في السبت فما بالنا

لم تأتنا حيتاننا شُرّعا

وقال على لسان صديق يهوى مليحا في أذنه لؤلؤة.

قد قلت لما مر بي

مقرطقٌ يحكي القمر

هذا أبو لؤلؤة

منه خذوا ثار عمر

وفي الدرر الكامنة : هو منسوب الى ابن وداعة عز الدين عبد العزيز بن منصور ابن وداعة الحلبي كان الناصر بن العزيز ولاه شد الدواوين بدمشق ثم ولاه الظاهر بيبرس وزارة الشام فكان علاء الدين الوداعي كاتبه فاشتهر بالنسبة اليه لطول ملازمته له. تلا السبع على علم الدين اللورقي وابن ابي الفتح وطلب الحديث من مَن سمع من ابن ابي طالب ابن السروي ومن عبدالله بن الخشوعي وعبد العزيز الكفر طابي والصدر البكري وعثمن بن خطيب القرافة وابراهيم ابن الخليل قرأ عليه بنفسه المعجم الصغير للطبراني وابن عبد الدائم ومن بعدهم ، قال البرزالي جمعت شيوخه بالسماع من سنة اربعين فما بعدها فبلغوا نحو المائتين واشتغل في الآداب فمهر في العربية وقال الشعر فأجاد وكتب الدرج بالحصون مدة ثم دخل ديوان الانشاء في آخر عمره بعد سعي شديد وكان لسانه هجاء فكان الناس ينفرون عنه لذلك كان شديداً في مذهب

١٤١

التشيع من غير سب ولا رفض ، وزعموا انه كان يخل بالصلاة وولي الشهادة بديوان الجامع ومشيخة الحديث النفيسية وجمع تذكرة في عدة مجلدات تقرب من الخمسين وقفها بالسميساطيه وهي كثيرة الفوائد. قال الذهبي لم يكن عنده ضوء في دينه وكان يخل بالصلاة ويرمى بعظائم وكانت الحماسة من محفوظاته ، حملني الشره على السماع من مثله ، قال ابن رافع سمع منه الحافظ المزي وغيره وكان قد سمع الكثير وقرأ بنفسه وحصل الاصول ومهر في الادب وكتب الخط المنسوب ، سألت الكمال الزملكاني عنه فقال اشتغل في شبيبته كثيراً بانواع من العلوم وقرأ بالسبع وقرأ الحديث وسمعه وحصل طرفاً من اللغة وكان له شعر في غاية الجودة فيه المعاني المستكثرة الحسان التي لم يسبق الى مثلها وكان يكتب للوزير ابن وداعه ويلازمه ثم نقصت حاله بعده ولم يحصل له انصاف من جهة الوصلة ولم يزل يباشر في الديوان السلطاني ، وقال البرزالي باشر مشيخة دار الحيث النفيسية عشرين سنة الى ان مات ( قال المؤلف ) نسبته الى الاخلال بالصلاة ناشئ عن عدم صَلاته أحياناً خلف مَن لا يعتقد عدالته فيظنون به ذلك والذهبي لم ير عليه ضوءاً في دينه لانه شيعي وكذلك الخفاش لا يرى الضوء ورميه بعظائم ليس إلا للتشيع. وكانت له ذؤابة بيضاء الى أن مات وفيها يقول :

يا عائبا مني بقاء ذؤابتي

مهلا فقد أفرطتُ في تعييبها

قد واصلتني في زمان شبيبتي

فعلام أقطعها أوان مشيبها

ومن لطائفه قوله :

ويوم لنا بالنيريين رقيقة

حواشيه خال من رقيب يشينه

وقفنا فسلّمنا على الدوح غدوة

فردّت علينا بالرؤوس غصونه

١٤٢

وله :

ولا تسألوني عن ليال سهرتها

أراعي نجوم الأفق فيها الى الفجر

حديثي عال في السماء لأنني

أخذت الأحاديث الطوال عن الزهر

وله وكتبهما عنه الرشيد الفارقي وكان يستجيدهما :

ولو كنت أنسى ذكره لنسيته

وقد نشأت بين المحصب والحمى

سحابة لوم أرعدت ثم أبرقت

بسمرٍ وبيض أمطرت عنهما دما

وله :

فتنت بمن محاسنه

الى عرب النقى تنمي

عذار من بني لام

وطرف من بني سهمِ

وعذالي بنو ذهل

وحسّادي بنو فهمِ

وله :

خليلي لا تسقني

سوى الصرف فهو الهني

ودع كأسها اطلسا

ولا تسقني مع دني

وله :

قسماً بمرآك الجميل فانه

عربيُّ حسنٍ من بني زهران

لا حلت عنك ولو رأيتك من بني

لحيان لابل من بني شيبان

أخبرني أبو الحسن ابن أبي المجد بقراءتي أنشدنا الوداعي لنفسه اجازة وهو آخر من حدث عنه :

١٤٣

قال لي العاذل المفند فيها

حين وافت وسلّمت مختاله

قم بنا ندعي النبوة في العشـ

ـق فقد سلّمت علينا الغزاله

وله :

إذا رأيت عارضا مسلسلاً

في وجنة كجنة يا عاذلي

فاعلم يقينا أنني من أُمّة

تقاد للجنة بالسلاسل

ونص على تشيعه في نسمة السحر وفوات الوفيات وتذكرة الحفاظ للذهبي ، والصفدي في تاريخه. له التذكرة الكندية ، قال ابن كثير الشامي في تاريخه إنه جمع كتاباً في خمسين مجلّداً فيه علوم جمّة أكثرها أدبيات سماه التذكرة الكندية وقفها بالسميساطية ( ا هـ ) ذكرها في كشف الظنون بثلاثة عناوين : تذكرة الوداعي والتذكرة العلائية والتذكرة الكندية.

وفي روضات الجنات نقلاً عن ذيل تاريخ ابن خلكان لصلاح الدين الصفدي قال : كان هذا الرجل شيعيّاً ودخل ديوان الانشاء بدمشق سنة إحدى عشر : وسبعمائة تقريباً أقول واستطرد في ترجمته وذكر له من الشعر قوله :

ذكرتُ شوقاً وعندي ما يصدقه

قلب تقلّبه الذكرى وتقلقه

هذا على قرب دارينا ولا عجب

فالطرف للطرف جارٌ ليس ترمقه

وفي النجوم الزاهرة قال : مات ببستانه في دمشق ١٧ رجب ودفن بالمزّة ( مزّة كلب ) قرية كبيرة غناء في وسط بساتين دمشق بينها وبين دمشق نصف فرسخ.

وفي الدرر الكامنة ، عرف بالوداعى لاختصاصه بابن وداعة وهو عز الدين عبد العزيز بن منصور ابن وداعة الحلبي ، كان الناصر بن عبد العزيز ولاه شد الدواوين ثم ولاه بيبرس وزارة الشام.

١٤٤

علاء الدين الشفهيني

قال من قصيدة :

وعليك خزي يا أميّة دائماً

يبقى كما في النار دام بقاكِ

هلا صفحت عن الحسين ورهطه

صفح الوصيّ أبيه عن آباك

وعففت يوم الطف عفّة جدّه المبعوث

يوم الفتح عن طلقاك

أفهل يدٌ سلبت إماءَك مثلما

سلبت كريماتِ الحسين يداك

أم هل برزن بفتح مكة حسراً

كنسائه يوم الطفوف نساك

١٤٥

ابو الحسن علاء الدين الشيخ علي بن الحسين الحلي الشفهيني. عالم فاضل وأديب كامل وهو من المعاصرين للشهيد الأول المقتول سنة ٧٨٦.

جمع بين الفضيلتين علم غزير وأدب بارع بفكر نابغ ونظر صائب ونبوغ ظاهر وفضل باهر. قال في الطليعة هو من شعراء أهل البيت عليهم‌السلام وقصائده الرنانة السائرة بمعانيها العالية وحلّتها الفضفاضة. ترجمه كثير من العلماء الأعلام.

وقصائده السبع الطوال التي رآها صاحب رياض العلماء بخط العلامة الشيخ محمد بن علي بن الحسن الجباعي العاملي تلميذ ابن فهد الحلي المتوفي سنة ٨٤١.

وقال المرحوم الخطيب الشيخ اليعقوبي في الجزء الأول من ( البابليات ) : أبو الحسن علاء الدين الشيخ علي بن الحسين المعروف بـ الشفهيني. المتوفي في حدود الربع الاول من القرن الثامن والمدفون في الحلة حيث يعرف قبره الآن في محلة ( المهدية ) (١).

وكم تحرّيت قبره منقباً في الزوايا التي تحت قبّته لعلي أجد صخرة أو لوحة عليها تاريخ وفاته فلم أجد شيئا.

تحقيق نسبته :

يوجد في كثير من النسخ المخطوط منها والمطبوع اختلاف كثير في نسبته

__________________

١ ـ وهو في الشارع العام الذي ينتهي قديماً الى باب كربلاء ( الحسين ) عن يسار الخارج من البلد تجاه مسجد صغير يحتمل أن يكون مسجده في القديم أو داره.

١٤٦

هذه ففي الـ ج ١ من كشكول الشيخ يوسف البحراني عند ذكر قصيدته الكافية « يا عين ما سفحت غروب دماك » بعنوان « الشهفيني » وكذلك في ( ج ٢ ) منه عند ذكر قصيدته الرائية « أبرقٌ تراءى عن يمين ثغورها » بتقديم الهاء على الفاء وقرأت في آخر مجموعة للكفعمي بخطه ذكر فيها فهرس مصادر مجموعته ومنها « ديوان ابي الحسن الشهفيني » بتقديم الهاء على الفاء أيضا وذكره القاضي المرعشي في مجالس المؤمنين وأثنى عليه كثيراً وأثبت قسماً من قصيدته اللامية « نمّ العذار بعارضيه وسلسلا » بعنوان علي بن الحسين ( الشهيفيه ) وفي الرياض : وقيل في نسبته ابن الشفهينه وهو اسم امه وزعم بعضهم انه منسوب الى شفهين « قرية في جبل عامل أو البحرين » وليس في كلا القطرين قرية تعرف بهذا الاسم.

وذكره الشيخ داود الانطاكي صاحب التذكرة « من رجال القرن العاشر » في كتاب « تزيين الاسواق » ص ١٨٦ وقال عنه : ـ الأديب الحاذق علاء الدين ( الشاهيني ) وأثبت له بضعة أبيات من لاميته ـ نم العذار بعارضيه وسلسلا ـ أوردها شاهداً لما فيها من محاسن التشبيه.

وفي الذريعة في مادة ( ش ر ح ) شرح قصيدة الشيخ علي بن الحسين الشفهيني وفي بعض النسخ الشهفيني العاملي وهي مندرجة في ديوانه الكبير للشيخ السعيد الشهير أبي عبد الله محمد بن مكي الشهير سنة ست وثمانين وسبعمائة ذكره في الرياض بوصف الشفهيني وأشهر قصائده في مدح الأمير (ع) الكافية التي مطلعها :

ياعين ما سفحت غروب دماك

إلا بما ألهمتُ حبّ دُماك

والثانية اللامية التي مطلعها : « نم العذار بعارضيه وسلسلا ».

١٤٧

قال شيخنا في الذريعة : واظن الشرح للثانية اللامية فانها أجمع من الأولى في فضائل الامام عليه‌السلام وحروبه ومواقفه.

قلت : ـ ليس الشرح للامية وإنما هو للدالية ما سيأتي.

وفي روضات الجنات في ترجمة الشهيد الأول محمد بن مكي عند ذكر مؤلفاته ومصنفاته قال ومنها شرحه على قصيدة الشيخ ابي الحسن علي بن الحسين المشتهر بالشهفيني « بتقديم الهاء على الفاء » العاملي في مدح سيدنا امير المؤمنين (ع) ، « المجنسة » وهي من جملة ديوانه الكبير ثم قال والعجب ان صاحب أمل الآمل مع حرصه على جمع فضلاء جبل عامل كيف غفل عن ذكر هذا الرجل الجليل الفاضل الكامل ثم كيف جهل بحال هذا الشرح حيث لم يذكره في جملة مؤلفات الشهيد. قلت : والعجب من صاحب الروضات كيف غفل عما ورد في القسم الثاني من أمل الآمل ففيه يقول الشيخ علي الشفهيني الحلي فاضل شاعر أديب له مدائح كثيرة في أمير المؤمنين وسائر الأئمة (ع) فمنها قوله :

يا روح انس من الله البدئ بدا

وروح قدس على العرش العليّ بدا

يا علة الخلق يا من لا يقارب خير

المرسلين سواه مشبهٌ أبدا

يا من به كمل الدين الحنيف وللايمان

من بعد وهنٍ ميله عضدا

يا صاحب النص في خمّ ومَن رفع

النبي منه على رغم العدى عضدا

أنت الذي اختارك الهادي البشير أخاً

وما سواك ارتضى من بينهم أحدا

أنت الذي عجبت منك الملائك في

بدر ومن بعدها قد شاهدوا أحدا

مولاي دونكها بكرا منقحة

ما جاورت غير مغنى ( حلّة ) بلدا

رقّت فراقت لذي علم وينكرُ

معناها البليد ولا عتبٌ على البُلدا

أقول هذه القصيدة هي التي شرحها الشهيد بشرح دقيق اشتمل على فوائد

١٤٨

كثيرة ولما وقف المترجم على الشرح مدح الشارح بقطعة شعرية وإنما سميت بـ « المجنّسة » لماورد من الجناس اللفظي في كل مزدوج من أبياتها. وفي كتاب المزار من ( فلك النجاة ) للعلامة الشهير السيد مهدي القزويني الحلي في بيان قبور علماء الحلة كالمحقق والشيخ ورام وآل نما وآل طاووس وعدّ منها قبر « الشافيني » من غير هاء ـ ومن هنا يغلب على ظني بل يترجح لديّ أنه منسوب الى ( شيفيا ) أو ( شافيا ) وهي قرية على سبعة فراسخ من واسط ذكرها ياقوت في معجمه وذكر أسماء جماعة من أهلها والنسبة اليها « الشيفياني » أو الشافياني وانما حرفت من الرواة والنساخ الى شافيني وشفهيني وما شاكل ذلك. فلا يبعد أن يكون أصل المترجم منها.

وبعد ابتداء الخراب في واسط وما جاورها من القرى والضواحي على أثر سقوط الدولة العباسية وغارات التتار على البلاد هاجر المترجم الى الحلة لكونها في ذلك العهد دار الهجرة ومحط رِحال العلماء والأدباء :

حنينه الى وطنه :

ويؤكد ما رجحناه من عدم كونه ( حليا ) بالاصل حنينه في شعره الى بلد كان قد نشأ فيه واستوطنه قبل الحلة فتراه دائماً يتذمر من غربته في قصائده التي قالها في الحلة ويبكي لنأي أحبابه ويندب فيها عصر شبابه ومن ذلك قوله :

أبكي اشتياقاً كلما ذُكروا

وأخو الغرام يهيجه الذكر

ورجوتهم في منتهى أجلي

خلفاً فاخلف ظني الدهر

وأنا الغريب الدار في وطني

وعلى اغترابي ينقضي العمر

وقوله أيضا من قصيدة ( حسينية )

وقد كنتُ أبكي والديار أنيسةٌ

وما ظعنت للظاعنين قفولُ

١٤٩

فكيف وقد شطّ المزار وروّعت

فريق التداني فرقة ورحيل

إذا غبتم عن ربع حلّة بابل

فلا سحبت للسحب فيه ذيول

وما النفع فيها وهى غير أو اهل

ومعهدها ممن عهدت محيل

تنكر منها عرفها فاهيلها

غريب وفيها الأجنبي أهيل

وقوله في أخرى :

أقسمت يا وطني لم يهننى وطري

مذ بان عني فيك البان والأثل

لي بالربوع فؤاد منك مرتبع

وفي الرواحل جسمٌ عنك مرتحل

لا كنت إن قادني عن قاطنيك هوى

أو مال بي مللٌ أو حال بي حول

نظرة في شعره ونماذج منه :

اتفق المترجمون له على أنه كان عالماً أديباً وشاعراً طويل النفس للغاية

يغلب على شعره الجناس والطباق وغيرهما من المحسنات البديعية وقد نشأ في العصر الذي فسدت فيه معاني الشعر العربي والفاظه ، أما المعاني فتكاد تكون مقصورة على المدح والرثاء والاستجداء وتأليه الكبراء من ذوي المال والسلطان وفي ذلك ما فيه من الكذب والافراط في الغلو. وأما الالفاظ وقد أصبحت وكأن الغاية منها التنميق والمجانسات البديعية وتنسيق الكلمات المعجمة والمهملة وكيف يقابل الشاعر بعضها ببعض في الصدور والاعجاز بعيداً عن أساليب العربية. ولغتها الفصحى كما تجد ذلك في شعر ابن نباتة وابن حجة والصفي والصفدي وأضرابهم من شعراء ذلك العصر بيد ان شيخنا علاء الدين تتجلى لك براعته وعبقريته في امتياز شعره الذي قاله في اهل البيت (ع) ـ وليس بين ايدينا غيره ـ بقوّة المعاني وسلاسة المباني ومتانة الاسلوب مع ما فيه من المحسنات البديعية التي كأنها تأتيه عفواً بلا تكلّف وتطاوعه من

١٥٠

غير قصد. وله ديوان شعر كبير اكثره في مدح اهل البيت (ع) ورثائهم ، لا تكاد تخلو معظم المجاميع المخطوطة عن شيء منه واشهر قصائده السبع الطوال التي رآها صاحب « رياض العلماء » بخط العلامة محمد بن علي الجبعي تلميذ ابن فهد الحلي المتوفي سنة ٨٤١ وهي عندي ايضاً بخط جميل على ورق صقيل ضمن مجموعة كبيرة كتبها الأديب الشيخ لطف الله الجد حفصي البحراني سنة ١٢٠١ ولو تصدى ( مؤرخ أديب ) لشرحها وسرد ما تضمنته من القضايا التأريخية والفضائل العلوية والمواقف الحيدرية لكانت خيرة كتب الأدب والتاريخ.

اقول وهذه السبع الطوال نذكرها بالتسلسل.

القصيدة الاولى.

يا عين ما سفحت غروب دماكِ

إلا بما أُلهمت حُبّ دماك

ولطول إلفك بالطلول أراك

أقماراً بزغنَ على غصون أراكِ

ما ريق دمعك حين راق لك الهوى

إلا لأمر في عناك عناكِ

لك ناظرٌ في كل عضو ناضرٍ

منّاك تسويفاً بلوغ مناك

كم نظرة أسلفت نحو سوالف

سامت أساك بها علاج أساك

فجنيتِ دون الورد ورداً متلفاً

وانهار دون شفاك فيه شفاك

يا بانة السعدي ما سَلت ظُباك

عليّ الا من جفون ظِباك

شعبت فؤادي في شعابك ظبية

تصمي القلوب بناظر فتاك

تبدو هلال دجى وتلحظ جؤذراً

وتميس دلاً في منيع حماك

شمس تبوّءت القلوب منازلاً

مأنوسة عوضاً عن الأفلاك

سكنت بها فسكونها متحرك

وجسومها ضعفت بغير حراكِ

أسديّة الآباء الا أن منتسب

الخؤولة من بني الاتراك

١٥١

أشقيقه الحسبين هل من زورة

فيها يُبلّ من الضنا مضناكِ؟

ماذا يضرّك يا ظبيّه بابل

لو أنّ حسنك مثله حسناكِ؟

أنكرت قتل متيم شهدت له

خدّاك ما صنعت به عيناك؟

وخضبت من دمه بناتك عنوة

وكفاك ما شهدت به كفاكِ؟

حجبتك عن أسد اسود عرينها

وحماك لحظك عن اسود حماكِ

حجبوك عن نظري فيا لله ما

أدناك من قلبي وما أقصاك

ضنّ الكرى با لطيف منك فلم يكن

إسراك بل هجر الكرى أُسراكِ

ليت الخيال يجود منك بنظرة

ان كان عزّ على المحب لقاكِ

فأرقت أرض الجامعين فلا الصبا

عذب ولا طرف السحائب باكي

كلا ولا برد الكلابيد الحيا

فيها يحاك ولا الحمام يحاكي

ودّعت راحلة فكم من فاقد

باكٍ وكم من مسعف متباكي

أبكى فراقكم الفريق فأعين

المشكوّ تبكي رحمة للشاكي

كنّا وكنت عن الفراق بمعزل

حتّى رمانا عامداً ورماكِ

وكذا الأولى من قبلنا بزمانهم

وثقوا فصيّرهم حكاية حاكي

يا نفس لو أدركتِ حظا وافراً

لنهاكِ عن فعل القبيح نهاك

وعرفت من أنشاكِ من عدم إلى

هذا الوجود وصانعاً سوّاك

وشكرتِ منّته عليك وحسن ما

أولاك من نعمائه مولاك

أولاك حبّ محمد ووصيّه

خير الأنام فنعم ما أولاكِ

فهما لعمرك علّماك الدين في

الأولى وفي الأخرى هما عَلماك

وهما أمانك يوم بعثك في غدٍ

وهما إذا انقطع الرجاء رجاك

وإذا وقفتِ على الصراط تبادرا

فتقدّماك فلم تزل قدماك

وإذا انتهيت إلى الجنان تلقّيا

ك وبشّراكِ بها فيا بشراك

١٥٢

هذا رسول الله حسبك في غدٍ

يوم الحساب إذا الخليل جفاك

ووصيّه الهادي أبو حسنٍ إذا

أقبلت ظامية إليه سقاك

فهو المشفّع في المعاد وخير من

عاقت به بعد النبي يداك

وهو الذي للدين بعد خموله

حقاً أراك فهذّبت آراكِ

لولاه ما عرف الهدى ونجوتِ من

متضايق الأشراك والإشراك

هو فلك نوح بين ممتسك به

ناجٍ ، ومطّرح مع الهُلاكِ

كم مارقٍ من مازقٍ قد غادرت

مزقاً حدود حسامه الفتاك

سل عنه بدراً حين بادر قاصم

الأملاك قائد موكب الأملاك

مَن صبّ صوب دم الوليد ومن ترى

أخلا من الدهم الحماة حماك؟

واسئل فوارسها بأحد مَن ترى

ألقاك وجه الحتف عند لقاكِ؟

وأطاح طلحة عند مشتبك القنا

ولواك قسرا عند نكسِ لواك؟

واسئل بخيبر خابريها مَن ترى

عفّي فناك ومن أباح فناك؟

وأذاق مرحبك الردى وأحلّه

ضيق الشباك وفل حد شباكِ؟

واستخبري الأحزاب لماجرّدت

بيض المذاكي فوق جرد مذاكي

واستشعرت فرقاً جموعك إذ غدت

فرقاً وأدبر إذ قفاك قفاك

قد قلتُ حين تقدّمته عصابة

جهلوا حقوق حقيقة الادراك

لا تفرحي فبكثر ما ستعذبتِ في

أولاك قد عذّبت في أخراك

يا أمّة نقضت عهود نبيّها

أفمن إلى نقض العهود دعاك

وصاك خيراً بالوصي كأنّما

متعمداً في بغضه وصّاك

أو لم يقل فيه النبي مبلّغاً

هذا عليّك في العلى أعلاك

وأمين وحي الله بعدي وهو في

إدراك كل قضية أدراكِ

والمؤثر المتصدق الوهاب إذ

الهاك في دنياك جمع لهاك

إياك ان تتقدّميه فإنه

في حكم كلّ قضيّة أقضاك

١٥٣

فأطعت لكن باللسان مخافةً

من بأسه والغدر حشو حشاكِ

حتى إذا قبض النبي ولم يطل

يوماً مداك له سننت مداكِ

وعدلت عنه إلى سواه ضلالةً

ومددت جهلاً في خطاك خطاك

وزويت بضعة أحمد عن إرثها

ولبعلها إذ ذاك طال أذاك

يا بضعة الهادي النبي وحق من

أسماك حين تقدّست أسماك

لا فاز من نار الجحيم معاندٌ

عن إرث والدك النبي زواك

يا يتم لا تمت عليك سعادة

وعداك متمسكا بحبل عداك

لولاك ما ظفرت علوج أُمية

لكن دعاك الي الشقاء شقاذ

تالله ما نلت السعادة إنما

أهواكِ في نار الجحيم هواك

أنّى استقلت وقد عقدت لآخر

حُكماً فكيف صدقت في دعواك

ولأنت اكبر يا عديّ عداوة

والله ما عضد النفاق سواك

لا كان يوم كنت فيه وساعة

فض النفيل بها ختام صهاك

وعليك خزي يا امية دائما

يبقى كما في النار دام بقاك

هلا صفحت عن الحسين ورهطه

صفح الوصي أبيه عن آباك؟

وعففت يوم الطف عفّة جدّه

المبعوث يوم الفتح عن طلقاك؟

أفهل يدٌ سلبت إماءك مثل ما

سلبت كريمات الحسين يداك؟

أم هل برزن بفتح مكّة حسّرا

كنسائه يوم الطفوف نساك؟

يا أمة باءت بقتل هداتها

أفمن إلى قتل الهداة هداك؟

أم اي شيطان رماك بغيّه؟

حتى عراك وحلّ عقد عُراك

بئس الجزاء لأحمد في آله

وبنيه يوم الطف كان جزاك

فلئن سررت بخدعة أسررت في

قتل الحسين فقد دهاك دُهاكِ

ما كان في سلب ابن فاطم ملكه

ما عنه يوماً لو كفاك كفاك

١٥٤

لهفي على الجسد المغادر بالعرا

شلواً تقلبّه حدود ظُباك

لهفي على الخد التريب تخدّه

سفهاً بأطراف القنا سُفهاك

لهفي لآلك يا رسول الله في

أيدي الطغاة نوائحاً وبواكي

ما بين نادبة وبين مروعة

في أسر كل معاندٍ أفّاك

تالله لا أنساك زينب والعدا

قسراً تجاذب عنكِ فضل رداك

لم أنس لا والله وجهك إذ هوت

بالردن ساترةً له يمناك

حتى إذا همّوا بسلبك صحت باسم

أبيك واستصرخت ثمّ أخاك

لهفي لندبك باسم ندبك وهو

مجروح الجوارح بالسياق يراك

تستصرخيه أسى وعز عليه أن

تستصرخيه ولا يُجيب نداك

والله لو أن النبي وصنوه

يوماً بعرصة كربلا شهداك

لم يمس منهتكا حماكِ ولم تمط

يوماً اميّة عنك سجف خباك

يا عين إن سفحت دموعك فليكن

أسفاً على سبط الرسول بكاكِ

وابكي القتيل المستضام ومَن بكت

لمصابه الأملاك في الأفلاك

اقسمت يا نفس الحسين أليّة

بجميل حسن بلاكِ عند بلاك

لو ان جدك في الطفوف مشاهد

وعلى التراب تريبة خدّاك

ما كان يؤثر أن يرى حر الصفا

يوماً وطاك ولا الخيول تطاك

أو أن والدك الوصيّ بكربلا

يوماً على تلك الرمول يراك

لفداك مجتهداً وودّ بأنّه

بالنفس من ضيق الشراك شراك

قد كنت شمساً يستضاء بنورها

يعلو على هام السماك سماك

وحمىً يلوذ به المخوف ومنهلاً

عذباً يصوب نداك قبل نداك

ما ضرّ جسمك حرّ جندلها وقد

أضحى سحيق المسك ترب ثراك

فلئن حرمت من الفرات وورده

فمن الرحيق العذب ريّ صداك

ولئن حرمت نعيمها الفاني؟ فمن

دار البقاء تضاعفت نعماك

١٥٥

ولئن بكتك الطاهرات لوحشة

فالجور تبسم فرحةً بلقاك

ما بتّ في حمر الملابس غدوةً

إلا انثنت خضراً قبيل مساك

اني ليقلقني التلهف والأسى

إذ لم أكن بالطف من شهداك

لأقيك من حر السيوف بمهجتي

وأكون إذ عز الفداء فداك

ولئن تطاول بعد حينك بيننا

حينٌ ولم أك مسعداً سعداك؟

فلا بكينك ما استطعت بخاطرٍ

تحكي غرائبه غروب مداك

وبمقول ذرب اللسان أشد من

جند مجنّدة على أعداك

ولقد علمت حقيقة وتوكلاً

أنّي سأسعد في غدٍ بولاك

وولاء جدّك والبتول وحيدرٍ

والتسعة النجباء من أبناكِ

قوم عليهم في المعاد توكّلي

وبهم من الأسر الوثيق فكاكي

فليهن عبدكم « عليّاً » فوزه

بجنان خلد في حنان علاك

صلّى عليك الله ما أملاكه

طافت مقدّسة بقدس حماك

القصيدة الثانية :

أبرق تراءى عن يمين ثغورها

أم ابتسمت عن لؤلؤ من ثغورها

ومرّت بليل في بَليل عراصها

بنا نسمةٌ أم نفحة من عبيرها

وطلعة بدرٍ أم تراءت عن اللوى

لعينيك ليلى من خلال ستورها

نعم هذه ليلى وهاتيك دارها

بسقط اللوى يغشاك لئلاء نورها

سلام على الدار التي طالما غدت

جلاءاً لعيني درّة من درورها

وما عطفت بالصب ميلاً إلى الصبا

بها شغفاً إلا بدور بدورها

قضيت بها عصر الشباب بريئة

من الريب ذاتى مع ذوات خدورها

أتم جمالاً من جميل وسودداً

وأكثر كسباً للعلى من كثيرها

١٥٦

وبتُّ بريئاً من دنوّ دناءة

أعاتب من محظورها وخطيرها

لعلمي بأنّي في المعاد مناقش

حساباً على قطميرها ونقيرها

وما كنت من يسخو بنفس نفيسة

فأرخص بذلاً سعرها بسعيرها

وأجمل ما يعزى الى المجد عزوة

غداً سفراً بالبشر وجه بشيرها

أعذرٌ لمبيض العذار إذا صبا؟

وأكبر مقتاً صبوة من كبيرها

كفى بنذير الشيب نهياً لذي النهى

وتبصرةً فيها هدى لبصيرها

وما شبت إلا من وقوع شوائب

لأصغرها يبيض رأس صغيرها

ولولا مصاب السبط بالطف ما بدا

بليل عذاري السبط وخط قتيرها

رمته بحرب آل حرب وأقبلت

إليه نفورا في عداد نفورها

تقود اليه القود في كل جحفل

إلى غارة معتدَّة من مغيرها

وما عدلت في الحكم بل عدلت به

وقايع صفين وليل هريرها

وعاضدها في غيّها شرّ أمّة

على الكفر لم تسعد برأي مشيرها

خلاف سطور في طروس تطلّعت

طلايع غدرٍ في خلال سطورها

فحين أتاها واثق القلب أصبحت

نواظرها مزوِّرة غبّ زورها

فما أوسعت في الدين خرقاً ولا سعت

إلى جورها إلا لترك ُأجورها

بنفسي إذ وافى عصاة عصابة

غرار الضبا مشحوذة من غرورها

قؤولاً لأنصارٍ لديه وأسرةٍ

لذي العرش سِرّ مودع في صدورها

أعيذكم أن تطعموا الموت فاذهبوا

بمغفرةٍ مرضيّة من غفورها

فاجمل في رد الندا كلّ ذي ندى

ينافس عن نفس بما في ضميرها

أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي

وحيداً بلا عون شرار شرورها؟

وما العذر في اليوم العصيب لعصبة

وقد خفرت يوماً ذمام خفيرها؟

وهل سكنت روح الى روح جنّة

وقد خالفت في الدين أمر أميرها؟

أبى الله إلا أن تراق دماؤنا

وتصبح نهباً في أكف نسورها

١٥٧

وثابوا الى كسب الثواب كأنهم

أسود الشَّرى في كرّها ورئيرها

تهشّ إلى الاقدام علماً بأنها

تحلُّ محلَّ القدس عند مصيرها

قضت فقضت في جنة الخلد سؤلها

وسادت على أحبارها بحبورها

وهان عليها الصعب حين تأملت

إلى قاصرات الطرف بين قصورها

وما أنس لا أنسى ( الحسين ) مجاهداً

بنفسٍ خلت من خلّها وعشيرها

يصول إذا زرق النصول تأوّهت

لنزع قني أعجمت من صريرها

ترى الخيل في أقدامها منه ما ترى

محاذرة إن أمّها من هصورها

فتصرف عن بأس مخافة بأسه

كما جفلت كدر القطا من صقورها

يفلّق هاماة الكماة حسامه

له بدلاً من جفنها وجفيرها

فلا فرقه إلا وأوسع سيفه

بها فرقاً أو فرقة من نفورها

أجدّك هل سمر العواسل تجتنى

لكم عسلاً مستعذباً من مريرها؟

أم استنكرت انس الحياة نفاسة

نفوسكُم فاستبدلت أنس حورها؟

بنفسي مجروح الجوارح آيساً

من النصر خلواً ظهره من ظهيرها

بنفسي محزوز الوريد معفّراً

على ظمأ من فوق حرّ صخورها

يتوق إلى ماء الفرات ودونه

حدود شفار أحدقت بشفيرها

قضى ظامياً والماء يلمع طامياً

وغودر مقتولاً دوين غديرها

هلال دُجاً أمسى بحدّ غروبها

غروباً على قيعانها ووعورها

فيا لك مقتولاً علت بهجة العلى

به ظلمة من بعد ضوء سفورها

وقارن قرن الشمس كسف ولم تعد

نظارتها حزناً لفقد نظيرها

وأعلنت الأملاك نوحاً وأعولت

له الجنّ في غيطانها وحفيرها

وكادت تمور الأرض من فرط حسرة

على السبط لولا رحمة من مُميرها

ومرت عليهم زعزع لتذيقهم

مرير عذاب مهلك بمريرها

أسفت وقد آبو نجيّاً ولم ترح

لهم دابر مقطوعة بدبورها

١٥٨

واعجب إذ شالت كريم كريمها

لتكبيرها في قتلها لكبيرها

فيا لك عيناً لا تجفُّ دموعها

وناراً يذيب القلب حرُّ زفيرها

على مثل هذا الرزؤ يستحسن البكا

وتقلع منَّا أنفس عن سرورها

أيقتل خير الخلق أمّاً ووالداً

وأكرم خلق الله وابن نذيرها؟

ويمنع من ماء الفرات وتغتدي

وحوش الفلا ريّانةً من نميرها؟

أجلّ ( حسيناً ) أن يمثل شخصه

بمثلة قتل كان غير جديرها

يدير على رأس السنان برأسه

سنان ألا شلّت يمين مديرها

ويؤتى بزين العابدين مكبلاً

أسيراً ألا روحي الفدا لأسيرها

يقاد ذليلاً في القيود ممثّلا

لأكفر خلق الله وابن كفورها

ويمسى يزيد رافلاً في حريره

ويمسي حسينُ عارياً في حرورها

ودار بنى صخر بن حرب أنيسة

بنشد أغانيها وسكب خمورها

تظلُّ على صوت البغايا بغاتها

بها زمر تلهو بلحن زمورها

ودار عليّ والبتول واحمد

وشبّرها مولى الورى وشبيرها

معالمها تبكي على علمائها

وزائرها يبكي لفقد مزورها

منازل وحي أقفرت فصدورها

بوحشتها تبكي لفقد صدورها

تظل صياماً أهلها ففطورها

التلاوة والتسبيح فضل سحورها

إذا جنّ ليل زان فيه صلاتهم

صلات فلا يحصى عداد يسيرها

وطول على طول الصلاة ومن غدا

مقيماً على تقصيره في قصيرها

قفا نسأل الدار التي درس البلى

معالمها من بعد درس زبورها

متى أفلت عنها شموس نهارها

وأظلم ظلماً أفقها من بدورها

بدور بأرض الطف طاف بها الردى

فأهبطها من جوّها في قبورها

كواسر عقبان عليها تعاقبت

بغاث بغات إذ نأت عن وكورها

قضت عطشاً والماء طام فلم تجد

لها منهلاً إلا دماء نحورها

١٥٩

عراة عراها وحشة فأذاقها

وقد رميت بالهجر حرّ هجيرها

ينوح عليها الوحش من طول وحشة

وتندبها الأصداء عند بكورها

سيسأل تيم عنهُم وعدّيها

أوائلها ما أكَّدت لأخيرها

ويسأل عن ظلم الوصي وآله

مشير غواة القوم من مستشيرها

وما جرَّ يوم الطف جور أمية

على السبط إلا جرأة ابن أجيرها

تقمصها ظلماً فأعقب ظلمه

تعقب ظلم في قلوب حميرها

فيا يوم عاشوراء حسبك إنك

المشوم وإن طال المدى من دهورها

لأنت وإن عظمت أعظم فجعة

وأشهر عندي بدعة من شهورها

فما محن الدنيا وإن جلَّ خطبها

تشاكل من بلواك عشر عشيرها

بني الوحي هل من بعد خبرة ذي العلى

بمدحكم من مدحةٍ لخبيرها

كفى ما أتى في ( هل أتى ) من مديحكم

وأعرافها للعارفين وطورها )

إذا رمت أن أجلو جمال جميلكم

وهل حصر ينهى صفات حصورها

تضيق بكم ذرعاً بحور عروضها

ويحسدكم شحّاً عريض بحورها

منحتكم شكراً وليس بضايع

بضائع مدحٍ منحة من شكورها

أقيلوا عثاري يوم لا فيه عثرة

تقال إذا لم تشفعوا لعثورها

فلي سيئات بتُّ من خوف نشرها

على وجل أخشى عقاب نشورها

فما مالك يوم المعاد بمالكي

إذا كنتم لي جنّة من سعيرها

وإني لمشتاق إلى نور بهجة

سنا فجرها يجلو ظلام فجورها

ظهور أخي عدل له الشمس آية

من الغرب تبدو معجزاً في ظهورها

متى يجمع الله الشتات وتجبر

القلوب التي لا جابر لكسيرها؟

متى يظهر المهديُّ من آل هاشم

على سيرة لم يبق غير يسيرها؟

متى تقدم الرايات من أرض مكّة

ويضحكني بشراً قدوم بشيرها؟

وتنظر عيني بهجةً علوية

ويسعد يوماً ناظري من نضيرها

١٦٠