أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٤

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ٤

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٧

أقول ووالد المترجم له هو : نجيب الدين ابو ابراهيم محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله ابن نما بن علي بن حمدون الحلي ، شيخ الفقهاء في عصره ، احد مشايخ المحقق الحلي ، والشيخ سديد الدين والد العلامة ، والسيد احمد ورضي الدين ابني طاووس ، قال المحقق الكركي رحمه‌الله وأعلم مشايخه بفقه أهل البيت الشيخ الفقية السعيد الأوحد محمد بن نما الحلي وأجل أشياخه الإمام المحقق قدوة المتأخرين فخر الدين محمد بن ادريس الحلي العجلي برّد الله مضجعه انتهى يروي عن الشيخ محمد بن المشهدي وعن والده جعفر بن نما عن ابن ادريس وعن أبيه هبة الدين بن نما وغير ذلك. توفي بالنجف الأشرف سنة ٦٤٥.

وقد يطلق ابن نما على ابنه الشيخ الفقيه نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلي.

١٠١

علي بن عيسى الأربلي

المتوفي ٦٩٣

يا بن بنت النبي دعوة عبد

مخلص في ولائه لا يحول

لكم محض ودّه وعلى اعدا

كم سيف نطقه مسلول

انتم عونه وعروته الوثقى

اذا أنكر الخليل الخليل

واليكم ينضي ركاب الاماني

فلها موخدُ لكم وذميل

كرمت منكم وطابت فروع

وزكت منكم وطابت أصول

فليوث إذا دعوا لنزال

وغيوث إذا أتاهم نزيل

المجيرون من صروف الليالي

والمنيلون حين عزّ المنيل

شرف شايع وفضل شهير

وعلاء سام ومجد اثيل

وحلوم عن الجناة وعفو

وندى فائض ورأي أصيل

لي فيكم عقيدة وولاء

لاح لي فيهما وقام الدليل

لم اقلد فيكم فكيف وقد شا

ركني في ولائكم جبرئيل

جزتم رتبة المديح ارتفاعاً

وكفاكم عن مدحي التنزيل

غير انا نقول وداً وحبّاً

لا على قدركم فذاك جليل

١٠٢

للامام الحسين أهديت مدحاً

زان حتى كأنه سلسبيل

وبودي لو كنت بين يديه

باذلاً مهجتي وذاك قليل

ضاربا دونه مجيبا دعاه

مستميتاً على عداه أصول

قاضياً حق جدّه وأبيه

فهما غاية المُنى والسؤل

١٠٣

علي بن عيسى الاربلي صاحب كشف الغمة :

قال الحر العاملي في ( أمل الآمل ) : الشيخ بهاء الدين أبو الحسن علي بن عيسى بن ابي الفتح الاربلي (١).

كان عالماً فاضلاً محدثاً ثقة شاعراً أديباً منشئاً جامعاً للفضائل والمحاسن له كتب منها : كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة جامع حسن فرغ من تأليفه سنة ٦٨٧ وله رسالة الطيف ، وديوان شعر ، وعدة رسائل.

وله شعر كثير في مدائح الأئمة عليهم‌السلام ، ذكر جملة منها في كشف الغمة منها قوله من قصيدة :

وإلى امير المؤمنين بعثتها

مثل السفاين عمن في تيّار

تحكي السهام إذا قطعن مفازة

وكأنها في دقة الأوتار

تنحو بمقصدها أغر شأى الورى

بزكاء أعراق وطيب نجار

حمّال اثقال ومسعف طالب

وملاذ ملهوف وموئل جار

شرف أقرّ به الحسود وسؤدد

شاد العلاء ليعرب ونزار

ومآثر شهد العدو بفضلها

والحق أبلج والسيوف عواري

يا راكباً يفلي الفلاة بجسرة

زيّافة كالكوكب السيار

عرّج على أرض الغري وقف به

والثم ثراه وزره خير مزار

وقل السلام عليك يا مولى الورى

وأبا الهداة السادة الأبرار

__________________

١ ـ نسبة الى اربل : بلد بقرب الموصل.

١٠٤

وقوله في أخرى :

سل عن علي مقامات عرفن به

شدّت عرى الدين في حلّ ومرتحل

مآثر صافحت شهب النجوم علاً

مشيدة قد سمت قدراً على زحل

كم من يد لك فينا يا أبا الحسن

يفوق نائلها صوب الحيا الهطل

وقوله من قصيدة في مدح الحسن عليه‌السلام :

إلى الحسن بن فاطمة أثيرت

بحق أنيق المدح الجيادِ

أقرّ الحاسدون له بفضل

عوارفه قلائد في الهواد

وقوله من قصيدة في مدح علي بن الحسين عليه‌السلام :

مديح علي بن الحسين فريضة

عليّ لأني من أخص عبيده

إمام هدىً فاق البرية كلها

بآبائه خير الورى وجدوده

وقوله من قصيدة في مدح الباقر عليه‌السلام :

كم لي مديح فيهم شائع

وهذه تختصّ بالباقر

امام حقّ فاق في فضله

العالم من باد ومن حاضر

وقوله من قصيدة في مدح الصادق عليه‌السلام :

مناقب الصادق مشهورة

ينقلها عن صادق صادقُ

جرى إلى المجد كآبائه

كما جرى في الحلبة السابق

وقوله من قصيدة في مدح الكاظم عليه‌السلام :

١٠٥

مدائحي وقف على الكاظم

فما على العاذل واللائم

ومن كموسى أو كآبائه

أو كعلي وإلى القائم

وقوله من قصيدة في مدح الرضا عليه‌السلام :

والثم الأرض إن مررت على

مشهد خير الورى علي بن موسى

وأبلغنه تحية وسلاماً

كشذى المسك من علي بن عيسى

وقوله من قصيدة في مدح الجواد عليه‌السلام :

حماد حماد للمثني حمّاد

على آلاء مولانا الجواد

إمام هدىً له شرف ومجد

أقرّ به الموالي والمعادي

وقوله من قصيدة في مدح الهادي عليه‌السلام :

يا أيهذا الرائح الغادي

عرّج على سيدنا الهادي

وقل سلام الله وقفٌ على

مستخرج من صلب أجواد

وقوله من قصيدة في مدح العسكري عليه‌السلام :

عرّج بسامراء والثم ثرى

أرض الإمام الحسن العسكري

على وليّ الله في عصره

وابن خيار الله في الأعصر

وقوله من قصيدة في مدح المهدي عليه‌السلام :

عداني عن التشبيب بالرشأ الأحوى

وعن بانتي سلعٍ وعن عَلَمي حزوى

غرامي بناء عن عناني وفكرتي

تمثله للقلب في السر والنجوى

١٠٦

من النفر الغرّ الذين تملّكوا

من الشرف العاديّ غايته القصوى

هم القوم من أصفاهم الودّ مخلصاً

تمسّك في أخراه بالسبب الأقوى

هم القوم فاقوا العالمين مآثراً

محاسنها تجلى وآياتها تروى

قال الشيخ القمي في الكنى والالقاب : بهاء الدين ابو الحسن علي بن عيسى بن ابي الفتح الاربلي من كبار العلماء الامامية ، العالم الفاضل الشاعر الاديب المنشئ النحرير والمحدث الخبير ، الثقة الجليل ، ابو الفضائل والمحاسن الجمة صاحب كتاب كشف الغمة في معرفة الائمة ، فرغ من تصنيفه سنة ٦٨٧ وله ديوان شعر وعدة رسائل.

ملاحظة :

لا يخفى انه غير الوزير الكبير أبي الحسن علي بن عيسى بن داود البغدادي الكاتب وزير المقتدر والقاهر ، قال في ضافي ترجمته كان غنياً شاكراً صدوقاً ديناً خيراً صالحاً عالماً من خيار الوزراء وهو كثير البرّ والمعروف والصلاة والصيام ومجالس العلماء توفي سنة ٣٣٤.

وقال الشيخ الاميني : بهاء الدين ابو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن ابي الفتح الاربلي نزيل بغداد ودفينها. فذّ من أفذاذ الأمّة ، وأوحدي من نياقد علمائها بعلمه الناجع وأدبه الناصع يتبلج القرن السابع ، وهو في أعاظم العلماء قبلة في أئمة الأدب ، وان كان به ينضّد جمان الكتابة ، وتنظّم عقود القريض ، وبعد ذلك كلّه هو أحد ساسة عصره الزاهي ، ترنحت به اعطاف الوزارة وأضاء دستها ، كما ابتسم به ثغر الفقه والحديث ، وحميت به ثغور المذهب ،

١٠٧

وسفره القيّم ـ كشف الغمّة ـ خير كتاب اخرج للناس في تاريخ أئمة الدين ، وسرد فضايلهم ، والدفاع عنهم ، والدعوة اليهم. وهو حجّةٌ قاطعة على علمه الغزير ، وتضلعه في الحديث ، وثباته في المذهب ونبوغه في الأدب ، وتبريزه في الشعر ، حشره الله مع العترة الطاهرة صلوات الله عليهم ، قال الشيخ جمال الدين احمد بن منيع الحلّي مقرّظاً الكتاب :

ألا قل لجامع هذا الكتاب

يميناً لقد نلتَ اقصى المراد

وأظهرت من فضل آل الرسول

بتأليفه ما يسوء الأعادي

مشايخ روايته والرواة عنه :

يروي بهاء الدين عن جمع من أعلام الفريقين منهم :

١ ـ سيدنا رضيّ الدين جمال الملة السيد علي بن طاوس المتوفي ٦٦٤.

٢ ـ سيدنا جلال الدين علي بن عبد الحميد بن فخار الموسوي أجاز له سنة ٦٧٦.

٣ ـ الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان الشهير بابن الساعي البغدادي السلامي المتوفي ٦٧٤. يروي عنه كتاب ـ معالم العترة النبويّة العليّة ـ تأليف الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي المتوفي ٦١١ كما في كشف الغمّة ص ١٣٥.

٤ ـ الحافظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي المتوفي سنة ٦٥٨ ، قرأ عليه كتابيه : كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب والبيان في أخبار صاحب الزمان. وذلك باربل سنة ٦٤٨ وله منه إجازة

١٠٨

بخطّه وينقل عن كتابه « الكفاية » كثيراً في كشف الغمّة.

٥ ـ كمال الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن وضاح نزيل بغداد الفقيه الحنبلي المتوفي ٦٧٢ ، يروي عنه بالإجازة وممّا يروي عنه كتاب ـ الذريّة الطاهرة تأليف ابي بشر محمد بن أحمد الأنصاري الدولابي المتوفي سنة ٣٢٠ ، وكان مخطوطاً بخطّ شيخه إبن وضاح المذكور ، كشف الغمّة ١٠٩.

٦ ـ الشيخ رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم قرأ كتاب ـ المستغيثين ـ « في كشف الظنون المستعين بالله » تأليف أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الأنصاري القرطبي المتوفي ٥٧٨ ، والشيخ رشيد الدين قرأ ـ المستغيثين ـ على محيي الدين أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي وهو يرويه عن مؤلفه إجازة قال المترجم له في « كشف الغمّة » ص ٢٢٤ : كانت قراءتي عليه في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة بداري المطلة على دجلة ببغداد.

وينتقل كثيراً عن عدّة من تآليف معاصره منها : تفسير الحافظ أبي محمد عبد الرزاق عز الدين الرسعني الحنبلي المتوفي ٦٦١ ، كانت بينه وبين المترجم له صداقة وصلة ، راجع الجزء الأول من كتابنا هذا ص ٢٢٠.

ومنها : مطالب السؤول تأليف أبي سالم كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي كما أسلفناه في ترجمته ص ٤١٥ من هذا الجزء.

ومنها تآليف شيخنا الأوحد قطب الدين الراوندي ويروي عنه جمعٌ من أعلام الفريقين منهم :

١ ـ جمال الدين العلامة الحلّي الحسن بن يوسف بن المطهّر كما في إجازة شيخنا الحر العاملي صاحب « الوسائل ».

١٠٩

٢ ـ الشيخ رضي الدين علي بن المطهّر كما في إجازة السيد محمد بن القاسم ابن معيّة الحسيني للسيد شمس الدين.

٣ ـ السيد شمس الدين محمد بن فضل العلوي الحسني.

٤ ـ ولده الشيخ تاج الدين محمد بن علي.

٥ ـ الشيخ تقي الدين بن إبراهيم بن محمد بن سالم.

٦ ـ الشيخ محمود بن علي بن أبي القاسم.

٧ ـ حفيده الشيخ شرف الدين أحمد بن الصدر تاج الدين محمد بن علي.

٨ ـ حفيده الآخر الشيخ عيسى بن محمد بن علي أخو الشرف المذكور.

٩ ـ الشيخ شرف الدين أحمد بن عثمان النصيبي الفقيه المدرّس المالكي.

١٠ ـ مجد الدين أبو الفضل يحي بن علي بن المظفر الطيبي الكاتب بواسط العراق قرأ على المترجم شطراً من كتابه « كشف الغمّة » وأجاز له ولجمع من الأعلام المذكورين سنة ٦٩١.

وممن قرأ عليه.

١١ ـ عماد الدين عبد الله بن محمد بن مكي.

١٢ ـ الصدر الكبير عز الدين أبو علي الحسن بن ابي الهيجا الاربلي.

١٣ ـ تاج الدين أبو الفتح بن الحسين بن أبي بكر الاربلي.

١١٠

١٤ ـ المولى امين الدين عبد الرحمن بن علي بن ابي الحسن الجزري الموصلي.

١٥ ـ الشيخ حسن بن إسحق بن ابراهيم بن عباس الموصلي.

له ذكره الجميل في أمل الآمل. ورياض العلماء. ورياض الجنة في الروضة الرابعة. وروضات الجنات. والأعلام للزركلي. وتتميم الأمل لابن ابي شبانة. والكنى والألقاب. والطليعة في شعراء الشيعة.

قال إبن الفوطي في « الحوادث الجامعة » ص ٣٤١ : وفي سنة ٦٥٧ وصل بهاء الدين علي بن الفخر عيسى الاربلي الى بغداد ، ورتب كاتب الإنشاء بالديوان وأقام بها الى ان مات وقال في ص ٤٨٠ : انه توفي ببغداد سنة ٦٩٣. وقال في ص ٢٧٨ : انه تولى تعمير مسجد معروف سنة ٦٧٨. وذكر له ص ٣٨ من قصيدته التي يرثي بها معلم الأمة شيخنا خواجه نصير الدين الطوسي والملك عز الدين عبد العزيز :

ولما قضى عبد العزيز بن جعفر

وأردفه رزء النصير محمد

جزعت لفقدان الأخلاء وانبرت

شؤوني كمرفض الجمان المبدّد

وجاشت اليّ النفس حزناً ولوعةً

فقلت : تعزّي واصبري فكأن قدِ

وقال في صحيفة ٣٦٦ : وفي خامس عشر من جمادى الآخرة ركب علاء الدين صاحب الديوان لصلاة الجمعة فلما وصل المسجد الذي عند عقد مشرعة الأبريين ، نهض عليه رجلٌ وضربه بسكين عدّة ضربات فانهزم كل من كان بين يديه من السرهنكيّة وهرب الرجل أيضاً فعرض له رجل حمال كان قاعداً بباب غلة ابن تومة وألقى عليه كساءه ولحقه السرهنكيّة فضربوه بالدبابيس وقبضوه ، واما الصاحب فأنه ادخل دار بهاء الدين ـ المترجم له ـ ابن الفخر

١١١

عيسى وكان يومئذ يسكن في الدار المعروفة بديوان الشرابي لما عرف بذلك خرج حافياً وتلقاه ودخل بين يديه وأحضر الطبيب فسبر الجرح ومصّه فوجده سليماً من السم.

وذكر في ص ٣٦٩ من إنشاءه كتاب صداق كتبه في تزويج الخواجة شرف الدين هارون بن شمس الدين الجويني بابنة أبي العباس أحمد بن الخليفة المستعصم في جمادي الآخرة سنة ٦٧٠.

وترجمه الكتبي في ـ فوات الوفيات ـ ٢ ص ٨٣ وقال : له شعرٌ وترسل وكان رئيسا كتب لمتولّي أربل من صلايا ؛ ثم خدم ببغداد في ديوان الإنشاء أيام علاء الدين صاحب الديوان ؛ ثم إنّه فتر سوقه في دولة اليهود ، ثم تراجع بعدهم وسلم ولم ينكب إلى أن مات سنة ٦٩٢ ، وكان صاحب تجمّل وحشمة ومكارم أخلاق وفيه تشيّع ، وكان أبوه والياً باربل ، ولبهاء الدين مصنّفات أدبيّة مثل : المقالات الأربع. ورسالة الطيف : المشهورة وغير ذلك ، وخلف لمّا مات تركةً عظيمةً ألفي ألف درهم تسلّمها ابنه أبو الفتح ومحقها ومات صعلوكاً ومن شعر بهاء الدين رحمه‌الله

أي عذر وقد تبدّى العذار

إن ثناني تجلّدٌ واصطبار

فأقلا إن شئتما أو فزيدا

ليس لي عن هوى الملاح قرارُ

هل مجيرٌ من الغرام؟ وهيها

ت أسير الغرام ليس يجارُ

يا بديع الجمال قد كثرت فيك

اللواحي وقلّت الأنصار

وترجمه صاحب « شذرات الذهب » ج ٥ : ٣٨٣ بعنوان بهاء الدين ابن الفخر عيسى الأربلي وعدّه من المتوفّين في سنة ٦٨٣ وأحسبه تصحيف ٦٩٣. وجعلوه في فهرست الكتاب : عيسى بن الفخر الأربلي. زعماً منهم بأن عيسى

١١٢

في كلام المصنّف بدل من قوله بهاء الدين.

وذكره سيدنا صاحب « رياض الجنّة » وقال : إنه كان وزيراً لبعض الملوك وكان ذا ثروة وشوكة عظيمة فترك الوزارة واشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة في آخر أمره ، وقد نظم بسبب تركه المولى عبد الرحمن الجامي في بعض قصائده بقوله. ثم ذكر خمسة عشر بيتاً باللغة الفارسية ضربنا عنها صفحاً. والقصيدة على انّها خاليةٌ من اسم المترجم ومن الايعاز إليه بشيء يعرفه تعرب عن أن الممدوح بها غادر بيئة وزارته إلى الحرم الأقدس وأقام هناك إلى أن مات. ومرّ عن ابن الفوطي : أن المترجم كان كاتباً إلى أن مات ، وكون وفاته في بغداد ودفنه بداره المطلّة على دجلة في قرب الجسر الحديث من المتسالم عليه ولم يختلف فيه اثنان ، وكان قبره معروفاً يزار إلى أن ملك تلك الدار في هذه الآونة الأخيرة من قطع سبيل الوصول إليه وإلى زيارته ، والناس مجزيّون بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شرّاً فشر (١). توجد جملةٌ كبيرةٌ من شعره في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم في كتابه « كشف الغمّة » منها في ص ٧٩ من قصيدة مدح بها أمير المؤمنين عليه‌السلام وأنشدها في حضرته قوله :

سل عن عليّ مقامات عرفن به

شدّت عرى الدين في حلّ ومرتحل

بدراً واحداً وسل عنه هوازن في

أوطاس واسئل به في وقعة الجمل

واسئل به إذ أتى الأحزاب يقدمهم

عمرو وصفّين سل إن كنت لم تسل

__________________

١ ـ اقول كنا عندما نذهب الى بغداد وننزل في الدار التي يشير اليها الشيخ وهي اليوم فندق للمسافرين : يسمى بـ ( فندق الوحيد ) نقرأ الفاتحة للوزير الاربلي إذ أن قبره يقع في غرفة من غرف الفندق وعلامته قطعة من الكاشي الابيض يتميّز عن كاشي الغرفة.

١١٣

مآثر صافحت شهب النجوم علاً

مشيدة قد سمت قدراً على زحل

وسنّة شرعت سبل الهدى وندى

أقام للطالب الجدوى على السبل

كم من يد لك فينا أبا حسن!

يفوق نائلها صوب الحيا الهطل؟

وكم كشفت عن الاسلام فادحة

أبدت لتغرس عن أنيابها العضل؟

وكم نصرتَ رسول الله منصلتاً

كالسيف عُرّي متناه من الخلل

ورُبّ يوم كظل الرمح ما سكنت

نفس الشجاع به من شدة الوهل

ومأزق الحرب ضنكٌ لا مجال به

ومنهل الموت لا يُغني عن النهل

والنقع قد ملأ الأرجاء عثيره

فصار كالجبل الموفي على الجبل

جلوته بشبا البيض القواضب و

الجرد السلاهب والعسالة الذبل

بذلت نفسك في نصر النبي ولم

تبخل وما كنت في حال أخا بخل

وقمت منفرداً كالرمح منتصباً

لنصره غير هيّاب ولا وكل

تروي الجيوش بعزم لو صدمت به

صمّ الصفا لهوى من شامخ القلل

يا أشرف الناس من عرب ومن عجم

وأفضل الناس في قول وفي عمل

يا مَن به! عرف الناس الهدى وبه

ترجى السلامة عند الحادث الجلل

يا فارس الخيل! والأبطال خاضعة

يا من! له كلُ خلق الله كالخول

يا سيد الناس! يا من لا مثيل له!

يا من! مناقبه تسري سُرى المثل

خذ من مديحي ما أسطيعه كرماً

فإن عجزت فإن العجز من قبلي

وسوف أهدي لكم مدحاً أُحبّره

إن كنت ذا قدرةٍ أو مدّ في أجلي

وقال في الأئمة المعصومين عليهم‌السلام أجمعين :

أيها السادة الأئمة أنتم

خيرة الله اولا وأخيرا

قد سموتم الى العلى فافترعتم

بمزاياكم المحل الخطيرا

١١٤

أنزل الله فيكم هل أتى نصّا

جليا في فضلكم مسطورا

مَن يجاربكم وقد طهر الله تعا

لى أخلاقكم تطهيرا

لكم سؤدد يقرره القرآن

في نفس سامع تقريرا

ان جرى البرق في مداكم كبا من

دون غاياتكم كليلا حسيرا

واذا أزمة عرت واستمرت

فترى للعضاة فيها صريرا

بسطوا للندى أكفّا سباطا

ووجوها تحكي الصباح المنيرا

وأفاضوا على البرايا عطايا

خلفت فيهم السحاب المطيرا

فتراهم عند الأعادي ليوثا

وتراهم عند العفاة بحورا

يمنحون الولي جنة عدن

والعدوّ الشقي يصلى سعيرا

يطعمون الطعام في العسر واليسر

يتيما وبائسا وفقيرا

لا يريدون بالعطاء جزاءا

محبطا أجر برّهم أو شكورا

فكفاهم يوما عبوسا واعطا

هم على البر نضرة وسرورا

وجزاهم بصبرهم وهو أولى

من جزى الخير جنة وحريرا

واذا ما ابتدوا لفصل خطاب

شرفوا منبرا وزانوا سريرا

بخلوا الغيث نائلا وعطاءا

واستخفوا يلملما وثبيرا

يخلفون الشموس نورا واشرا

قا وفي الليل يخجلون البدورا

أنا عبد لكم أدين بحبي

لكم الله ذا الجلال الكبيرا

عالم انني اصبت وان الله

يولي لطفا وطرفا قريرا

مال قلبي اليكم في الصبى الغض

واحببتكم وكنت صغيرا

وتوليتكم وما كان في اهلي

وليٌ مثلي فجئت شهيرا

أظهر الله نوركم فاضاء الأفق

لما بدا وكنت بصيرا

فهداني اليكم الله لطفا

بي وما زال لي وليا نصيرا

١١٥

كم أياد أولي وكم نعمة أسدى

فلي أن أكون عبدا شكورا

امطرتني منه سحائب جود

عاد عودي بهن غصنا نضيرا

وحماني من حادثات الليالي

فعدتني مؤيدا منصورا

لو قطعت الزمان في شكر أدنى

ما حباني به لكنت جديرا

فله الحمد دائما مستمرا

وله الشكر أولا وأخيرا

وعليكم أعلى الصلاة وأغلى

المدح فيكم ولم أجده كثيرا

ومن شعره كما في مخطوط سمير الحاظر ومتاع المسافر للمرحوم الشيخ علي كاشف الغطاء.

كيف خلاصي من هوى شادن

حكّمه الحسن على مهجتي

بعاده ناري التي تتقى

وقربه لو زارني جنتي

ما اتسعت طرق الهوى فيه لي

إلا وضاقت في الجفا حيلتي

وله :

وجهه والقوام والشعر

الأسود في بهجة الجبين النضير

بدرتم على قضيب عليه

ليل دجن من فوق صبح منير

وله :

تهددني الدهر الخؤن بما دهى

وينقض من بعد الوثوق عهودي

إذا رمتُ من يَشفي الفؤاد بطبّه

فيوميّ سبتٌ ، والطبيب يهودي (١)

__________________

١ ـ الجزء الأول ص ٩٠.

١١٦

ومن شعره

غزال النقا لولا ثناياك واللمى

لما بتُّ صبّاً مستهاماً متيّما

ولولا معان فيك أو جبن صبوتي

لما كنتُ من بعد الثمانين مغرما

أيا جنّة الحسن الذي غادر الحشا

بفرط التجافي والصدود جهنما

جريت على رسم من الجور واضح

أما آن يوما أن ترقّ وترحما

أمالك رقى كيف حللتَ جفوتي

وعدت لقتلي بالبعاد متمما

وحرمت من حلو الوصال محللا

وحللت من مر الجفاء محرّما

بحسن التثني رقّ لي من صبابة

اسلتَ بها دمعي على وجنتي دما

ورفقا بمن غادرته غرض الردى

إذا زار عن شحط بلادك سلما

كلفت بساجي الطرف أحوى مهفهف

يميس فينسيك القضيب المنعما

يفوق الظبا والغصن حسنا وقامة

وبدر الدجى والبرق وجما ومبسما

فناظره في قصتي ليس ناظراً

وحاجبه في قتلتي قد تحكما

ومشرف صدغ ظل في الحكم جائراً

وعامل قدٍّ بان أعدى وأظلما

وعارضه لم يرثِ لي من شكاية

فنمّت دموعي حين لاح منمنما (١)

وقال يرثيه عليه‌السلام.

إن في الرزء بالحسين الشهيد

لعناءٌ يودي بقلب الجليد

إن رزء الحسين أضرم ناراً

لا تني في القلوب ذات وقود

إن رزء الحسين نجل عليّ

هدّ ركنا ما كان بالمهدود

__________________

١ ـ عن الوافي بالوفيات ج ٢ ص ١٣٧.

١١٧

حادث احزن الولي وأضناه

وخطب اقرّ عين الحسود

يا لها نكبة اباحت حمى الصبر

وأجرت مدامعا في الخدود

ومصابا عمّ البريّة بالحزن

واغرى العيون بالتسهيد

يا قتيلاً ثوى بقتلته الدين

وأمسى الاسلام واهى العمود

ووحيداً في معشر من عدوٍّ

لهف نفسي على الفريد الوحيد

ونزيفاً يسقى المنية صرفاً

ظامياً يرتوي بماء الوريد

وصريعا تبكي السماء عليه

فتروي بالدمع ظامى الصعيد

وغريباً بين الاعادي يعاني

منهم ما يشيب راس الوليد

قتلوه مع علمهم انه خير

البرايا من سيد ومسود

واستباحوا دم النبي رسول

الله اذ اظهروا قديم الحقود

واضاعوا حق الرسول التزاما

بطليق ورغبة بطريد

واتوها صماء شوهاء شنعاء

اكانت قلوبهم من حديد

وجروا في العمى الى غاية القصوى

اما كان فيهم من رشيد

اسخطوا الله في رضي ابن زياد

وعصوه اطاعة ليزيد

وارى الحر كان حراً ولكن

ابن سعد في الخزي كابن سعيد (١)

وقال يذكر الحسين بن علي عليهما‌السلام.

الا ايها العادون ان امامكم

مقام سؤال والرسول سؤول

وموقف حكم والخصوم محمد

وفاطمة الزهراء وهي ثكول

وان عليا في الخصام مؤيد

له الحق فيما يدعي ويقول

فماذا تردّون الجواب عليهم

وليس الى ترك الجواب سبيل

__________________

١ ـ عن كشف الغمة في معرفة الائمة لعلي بن عيسى الاربلي.

١١٨

وقد سؤتموهم في بنيهم تقلهم

ووزر الذي أحدثتموه ثقيل

ولا يرتجى في ذلك اليوم شافع

سوى خصمكم والشرح فيه يطول

ومن كان في الحشر الرسول خصيمه

فان له نار الجحيم مقيل

وكان عليكم واجبا في اعتقادكم

رعايتهم ان تحسنوا وتنيلوا

فانهم آل النبي وأهله

ونهج هداهم بالنجاة كفيل

مناقبهم بين الورى مستنيرة

لها غرر مجلوّة وحجول

مناقب جلت ان يحاط بحصرها

نمتها فروعٌ قد زكت واصول

مناقب وحي الله اثبتها لهم

بما قام منهم شاهد ودليل

مناقب من خلق النبي وخلقه

ظهرن فما يغتالهن أفول

وقال يرثيه عليه‌السلام من بعد مدح ابيه عليه‌السلام.

واذا ما الشباب ولّى فما أنت

على فعل اهله معذور

فاتباع الهوى وقد وخط الشيب

وأودى غضّ الشباب غرور

فاله عن حاجرَ وسلع ودع وصل

الغواني فوصلهنّ قصير

وتعرض الى ولاء اناسٍ

حبل معروفهم قوي مرير

خيرة الله في الانام ومَن وجه

مواليهم بهيّ منير

امناء الله الكرام وارباب

المعالي ففضلهم مشهور

المفيدون حين يخفق سعي

والمجيرون إذ يعز المجير

كرموا مولدا وطابوا اصولا

فبطون زكيةٌ وظهور

عترة المصطفى وحسبك فخرا

ايها السائلى البشير النذير

بعلي شيدت معالم دين الله

والارض بالعناد تمور

١١٩

وبه ايّد الاله رسول الله

اذ ليس في الانام نصير

وباسيافه اقيمت خدود

صعرت برهة وجزت نحور

وباولاده الهداة الى الحق

اضاء المستبهم الديجور

سل حنينا عنه وبدرا فما

يخبر عما سالت الا الخبير

اذ جلا هبوة الخطوب وللحر

ب زناد يشب منها سعير

اسد ما له اذا استفحل البا

س سوى رنة السلاح زئير

ثابت الجاش لا يروعه الخطب

ولا يعتريه فيه فتور

أعرب السيف منه اذ اعجم الرمح

لان العدى اليه سطور

عزمات امضى من القدر المحتوم

يجري بحكمه المقدور

ومزايا مفاخر عطّر الافق

شذاها وقيل فيها عبير

واحاديث سؤدد هي في الدنيا

على رغم حاسديه تسير

وتَرَ المشركين يبغي رضي الله

تعالى وانه موتور

حسدوه على مآثر شتى

وكفاهم حقداً عليه الغدير

كتموا داء دخلهم وطووا كشحا

وقالوا صرف الليالي يدور

ورموا نجله الحسين باحقاد

تبوخ النيران وهي تفور

لهف نفسي طول الزمان وينمى

الحزن عندي اذا أتى عاشور

لهف نفسي عليه لهف حزين

ظل صرف الردى عليه يجور

اسفا غير بالغ كنه ما القى

وحزنا تضيق منه الصدور

يا لها وقعة قد شمل الاسلام

منها رزؤ جليل خطير

ليث غاب تعيث فيه كلاب

وعظيم سطا عليه حقير

يا بني احمد نداء وليٍّ

مخلص جهره لكم والضمير

لكم صدق ودّه وعلى أعدا

كم سيف نطقه مشهور

١٢٠