هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

وهنا اشكال حاصله ان الانصراف هو القدر المتيقن الذى جعله المقدمة الثالثة اى لم يكن الانصراف شيئا مستقلا بل هو عين القدر المتيقن والجواب ان الفرق بينهما ظاهر حاصل الفرق ان القدر المتيقن في مقام التخاطب واما الانصراف فلم يكن في مقام التخاطب وان كان القدر المتيقن وقد ذكر ان الانصراف بكثرة الاستعمال.

قوله : تنبيه وهو انه يمكن ان يكون للمطلق جهات عديدة الخ.

اذا كان للمطلق جهات فان كان المتكلم في مقام بيان تمام الجهات فلا بد من التمسك بالاطلاق في جميعها وان كان المتكلم في مقام البيان بعض الجهات والاهمال في الجهات الاخرى فلا يجوز التمسك بالاطلاق من غير تلك الجهة مثلا يتمسك باطلاق في قوله تعالى في باب الصيد (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) فكان قوله تعالى في مقام البيان من حيث الاكل اى يؤكل من الحيوانات ما قتله الكلب المعلم ولا يحتاج الى الذبح ولكن اذ كان الصيد بالالات الاخرى فلم يجز الاكل من دون الذبح مثلا اذا كان الصيد بالسيف والرمح والسهم لا يؤكل من الحيوانات المصيدة ما لم يذكّ بالذبح بعد ادراكه حيّا لكن اذا كانت الة الصيد الكلب المعلم حلّ اكل ما يصيده باطلاق قوله تعالى لكن ليس قوله تعالى في مقام البيان من حيث الطهارة والنجاسة اى لا يتمسك بالطهارة موضع العض بقوله تعالى فلا يجوز الاكل من دون تطهير موضع العض لان قوله تعالى من هذه الجهة لم يكن في مقام البيان بل كان في مقام الاهمال من جهة النجاسة والطهارة واما اذا كانت الملازمة عقلا أو شرعا بين

٤٨١

الجهتين فيكون الكلام حجة في كلتا الجهتين مثلا وردت الرواية في صحة الصلاة في ثوب فيه عذرة ما لا يؤكل لحمه من حيث النجاسة عند الجهل بها او نسيانها بناء على جزئية العذرة للحيوان فانه يدل عقلا على صحة الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه من حيث النجاسة عند الجهل او النسيان ولا فرق في نظر العقل بين الاجزاء من العذرة وغيرها هذا بيان للملازمة عقلا وكذا اذا كانت الملازمة بين الجهتين شرعا مثلا قد دلّ الدليل على وجوب قصر الصلاة على المسافر مع وجود الشرائط فانه يدل على وجوب الافطار عليه في ذلك المورد ايضا للملازمة الشرعية بينهما الثابة بمثل قول ابي عبد الله عليه‌السلام اذا قصرت افطرت واذا افطرت قصرت فالدليل على احدهما دليل على الاخر.

قوله : فصل اذا ورد مطلق ومقيد متنافيين فاما يكونان مختلفين فى الاثبات والنفى الخ.

واعلم ان المطلق والمقيد اما يكونان المتنافيين في النفي والاثبات مثلا اذا ظاهرت فاعتق رقبة واذا ظاهرت فلا تعتق الرقبة الكافرة واما يكونان متوافقين في النفي والاثبات مثل اعتق رقبة واعتق رقبة مؤمنة والظاهر انه اذا كانا مختلفتين في النفي والاثبات فلا اشكال في التقييد اى المطلق دال على التخيير العقلى بين افراده لكن المقيد يرفع هذا التخيير مثلا اعتق رقبة دال على التخيير بين الافراد وقوله : لا تعتق الرقبة الكافرة يرفع التخيير العقلي فيحمل المطلق على المقيد واما اذا كان المطلق والمقيد متوافقين مثلا ان ظاهرت فاعتق رقبة وان ظاهرت فاعتق الرقبة

٤٨٢

المؤمنة ان قلت ما الوجه في تنافيهما في صورة كونهما متفقين في الايجاب والسلب قلت وجه التنافى بين المطلق والمقيد هو تصريح المتكلم اى صرح المتكلم بالسبب الواحد والحكم الواحد والمراد من السبب هو الظهار والمراد من الحكم هو وجوب عتق رقبة فعلم من هذا التصريح ان المطلق والمقيد متنافيان لعدم وجوبهما معا اى عدم وجوب عتق الرقبة والرقبة المؤمنة معا فهذا دليل على التنافي بين المطلق والمقيد في صورة توافقهما في الايجاب والسلب اذا ثبت تنافى بين المطلق والمقيد في هذه الصورة فالمشهور هو الحمل على التقييد اى حمل المطلق على المقيد والدليل عليه هو الجمع بين الدليلين بعبارة اخرى ثبت العمل في هذه الصورة في المطلق والمقيد معا وايضا قالوا مهما أمكن الجمع بين الدليلين فهو اولى من طرحهما.

قوله : قد اريد عليه بامكان الجمع على وجه آخر الخ.

هذا اشكال على الجمع المذكور حاصله انا سلمنا ان الجمع أولى من الطرح لكن يمكن الجمع بطريق آخر كحمل الامر فيهما على التخيير او حمل الامر في المقيد على استحباب فثبت الجمع بين الدليلين اى ظهر قوله اعتق رقبة في الاطلاق وظهر قوله اعتق رقبة مؤمنة في الاستحباب فلا منافاة بينهما هنا.

قوله : واورد عليه بان التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ الخ.

هذا ايراد على الايراد المذكور توضيحه ان الجمع الاول وهو حمل المطلق على المقيد اولى من الجمع الثانى وهو الحمل المقيد على الاستحباب وذلك لان حمل المطلق على المقيد ليس تصرفا

٤٨٣

في معنى اللفظ المقيد لما عرفت من ارادة المقيد انما هو بتعدد الدال لا باستعمال المطلق في المقيد فلا يلزم من حمل المطلق على المقيد التصرف في معنى المطلق وهذا بخلاف حمل الامر في المقيد على الاستحباب لانه تصرف في نفس معنى الامر الذى هو حقيقة فى الوجوب واما اذا حملنا المطلق على المقيد فليس التصرف في معنى المطلق وانما التصرف في وجه من وجوه المعنى توضيحه انه ثبت بمقدمات الحكمة كون المتكلم في مقام البيان لكن اذا ثبت المقيد علم ان المتكلم في مقام الاجمال والاهمال وثبت عدم الاطلاق من الاول.

قوله : وانت خبير بان التقييد ايضا يكون التصرف في المطلق الخ.

هذا جواب الاشكال الذى تعرض له بقوله واورد عليه بان التقييد ليس تصرفا في معنى اللفظ حاصل الايراد انه اذآ قلنا بحمل المطلق على المقيد ايضا لزم التصرف في معنى المطلق لان قبل التقييد يعلم ان المطلق مراد جدى واما بعد التقييد فيكشف انه لجعل القانون اى بعد التقييد يكشف ان المطلق لم يكن مرادا جديا هذا تصرف في معنى المطلق واما اذا قلنا بالجمع الثانى وقلنا ان امر المقيد استحبابي فلم يرد الاشكال في هذا الجمع لان المراد تأثير ملاك الاستحباب لا الاستحباب الاصطلاحى توضيحه ان كان المراد الاستحباب الاصطلاحى يلزم اجتماع الضدين أى يكون الامر بالمقيد واجبا ومستحبا واما اذا كان المراد من الاستحباب افضل افراد الواجب صحّ حمل المطلق على المقيد لان هذا

٤٨٤

الاستحباب يجمع مع الواجب.

ونظير هذه المسئلة ان الصلاة في المسجد مستحب والظاهر ان الصلاة هذه الصلاة الواجبة لكن ثبت ملاك الاستحباب عليها فصح اطلاق الاستحباب على الصلاة في المسجد والمراد من ملاك الاستحباب الافضلية فكانت الصلاة في المسجد افضل من الصلاة فى الدار لذا صحّ اطلاق الاستحباب عليها ولا يخفى ان حمل المطلق على المقيد يصح في الواجبات لا في المستحبات لان المستحبات ثابتة في محلها لان المستحبات مؤكدة وغير مؤكدة وكذا مكرهات شديدة وغير الشديدة الحاصل انه لا يصح في المستحبات حمل المطلق على المقيد لان كلها في مرتبة مستقلة بعبارة اخرى ان فى المستحبات تعدد المطلوب لذا لا يحمل المطلق على المقيد واما في الواجبات فالمطلوب شىء واحد لذا يحمل المطلق على المقيد.

قوله : ربما يشكل بانه يقتضى التقييد في باب المستحبات الخ.

اى يشكل توجيه التقيد باقوائية الظهور اى ظهور الصيغة في الايجاب التعيينى من ظهور المطلق في الاطلاق بان لازمه التقييد في المستحبات والحكم باستحباب خصوص المقيد دون المطلق كما اذ ورد استحباب زيارة مولينا الحسين عليه‌السلام بنحو الاطلاق ثم ورد استحبابها في اوقات خاصة كالعيدين وعرفة فان مقتضى اقوائية ظهور اطلاق الصيغة في المقيد في الاستحباب التعيينى من ظهور المطلق في الاطلاق هو تقييد المطلق والحكم بتعيين المقيد في الاستحباب وعدم استحباب المطلق هذا خلاف المشهور فى الاستحباب حيث انهم لم يذهبوا الى التقييد في المستحبات.

٤٨٥

والجواب عن الاشكال قد ذكر آنفا حاصله ان المستحبات مؤكدة وغير مؤكدة فلا يصح حمل المطلق على المقيد في المستحبات لان المستحبات في صورة التقييد تصير مؤكدة وتجعل من باب تعدد المطلوب بعبارة اخرى كل المستحبات ثابتة في مرتبة خاصة لذا لا يحمل فيها المطلق على المقيد قال صاحب الكفاية فتأمل حاصله انه لا فرق بين الواجبات والمستحبات من حيث تعدد المطلوب لان الاقوى وغيره في الواجبات موجود ايضا.

قوله : او انه كان بملاحظة التسامح في ادلة المستحبات الخ.

الدليل الثانى لعدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات حاصله ان وجه عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات هو التسامح في ادلة السنن توضيحه ان الواجبات تقتضى الادلة القوية بعبارة شيخنا الاستاد در واجبات بايد ادله قرص ومحكم باشد واما في المستحبات فيجوز التسامح في ادلتها والدليل للتسامح فيها هو اخبار من بلغ والمراد منها صحيحة هشام اى قال عليه‌السلام من بلغه عن النبى شيء من الثواب فعله كان اجر ذلك له وان كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقله وهذه الصحيحة من المشهورات وتصدق على المطلق والمقيد لان الدليل للمطلق موجود وكذا المقيد فاخبار من بلغ تدل على استحباب كل فرد واما بعد مجيىء القيد فيحمل على استحباب المؤكد ولا يضر هذا القيد على استحباب المطلق اى فيستحب المطلق لصدق عنوان بلوغ الثواب عليه.

الحاصل انه لا يحمل المطلق على المقيد بدليلين الاول هو

٤٨٦

وجود الفرق بين افراد المستحبات والثانى هو التسامح في ادلة المستحبات فيجوز العمل في كلها لاجل اخبار من بلغ.

قوله : نعم فيما اذا كان احراز كون المطلق في مقام البيان الخ.

هذا الكلام بقى مما تقدم قد ذكر هناك وقد يعلم ان المتكلم في مقام البيان وقد يشك في مقدمات الحكمة ويتردد في كون المتكلم في مقام البيان ام لا فيرجع هنا الى الاصل اى يثبت به كون المتكلم في مقام البيان ويعلم بعد مجيىء التقييد ان المتكلم لم يكن في مقام الاهمال والاجمال فما التوفيق بينهما فيقال انه يحمل هنا على خلاف مقتضى الاصل العقلائى الذى يبنى عليه في احراز كون المتكلم في مقام البيان عند الشك في ذلك اى يحمل بعد التقييد على انه سيق في مقام الاهمال.

قوله : ثم ان الظاهر انه لا يتفاوت فيما ذكرنا بين المثبتين والمنفيين الخ.

كان البحث في حمل المطلق على المقيد وذكر هنا انه لا يتفاوت فى حمل المطلق على المقيد بين المثبتين والمنفيين مثلا اعتق رقبة مؤمنة فيحمل هنا المطلق على المقيد وكذا لا تعتق رقبة ولا تعتق الرقبة الكافرة فيحمل المطلق على المقيد في الصوتين لوجود المناط في الحمل هو التنافى بين المطلق والمقيد.

والظاهر ان مورد الحمل فيما كان التكليف فيه واحدا ولا فرق فى اثبات وحدة الحكم من موجب وآمر أو من القرينة الخارجية أو من وحدة السبب نحو ان ظاهرت فاعتق رقبة وان ظاهرت فاعتق

٤٨٧

رقبة مؤمنة واما اذا تعدد السبب فالتكليف متعدد نحو ان ظاهرت فاعتق رقبة وان افطرت فاعتق الرقبة المؤمنة فلم يتصور هنا التنافى بين التكليفين بل كلاهما تكليف مستقل.

قوله تنبيه لا فرق فيما ذكر من الحمل في المتنافيين الخ.

وايضا لا فرق في حمل المطلق على المقيد بين الحكم التكليفى والوضعى مثال الحكم التكليفى نحو اعتق رقبة فاعتق الرقبة المؤمنة ومثال الحكم الوضعى نحو البيع سبب للنقل وبيع البالغين سبب للنقل فاعلم ان السببية والطهارة والصحة والبطلان كلها من الاحكام الوضعية وكذا احل الله البيع أيضا من الاحكام الوضعية لان الحل بمعنى الامضاء لا بمعنى الاباحة فظهر ان الحل بمعنيين أى الامضاء هو من الاحكام الوضعية والاباحة هى من الاحكام التكليفية.

قوله فانه على خلاف المتعارف.

أى الاصل في القيد احترازى وأما اذا كان القيد للتوضيح أو لدفع التوهم فهو خلاف المتعارف فظهر مما ذكر ان حمل المقيد على المطلق خلاف المتعارف مثل جعل القيد اغلبيا أو توضيحيا.

قوله تبصيرة لا تخلو من التذكرة الخ.

الحاصل ان مقدمات الحكمة التي توجب حمل المطلق على الاطلاق تختلف نتيجتها باختلاف المقامات والمناسبات ان نتيجتها تارة تضييق الدائرة وتارة توسعتها أى لم تكن المقدمات منحصرة فى التوسعة قد ذكر في باب الاوامر ان اطلاق الصيغة يقتضى كون

٤٨٨

الواجب نفسيا هذا تضييق وكذا اطلاقها يقتضى كون الواجب غيريا هذا توسعة كالامر بالوضوء أى كان وجوبه لاجل وجوب الصلاة مثلا اذا كانت الصلاة واجبة فالوضوء واجب.

بعبارة شيخنا الاستاد والمراد من التضييق ما لا بد من اتيانه أى مى گويد چاره ندارى بجز اتيان والمراد من التوسعة ان جاء الغير وجب هذا وان لم يجىء الغير لم يجب هذا. وكذا المطلقات تحمل على العموم الاستغراقى وعلى العموم البدلى مثلا احل الله البيع هذا عموم استغراقى بمقدمات الحكمة واعتق رقبة هى طبيعة مهملة فيفيد هذا المثال العموم البدلى بمقدمات الحكمة.

ولا يخفى ان مقدمات الحكمة لم تكن قابلة للتغيير وان التغيير حاصل بالقرينة الحالية أو المقامية اذا قال المولى صل علم ان الواجب نفسى عينى تعيينى لاحتياج غيرها من الكفائية والتخييرية والغيرية الى مؤنة زائدة مثلا افعل انت أو غيرك يكون الوجوب كفائيا أو صم أو اعتق يكون الوجوب تخييريا أو توضأ للصلاة يكون الوجوب غيريا اذا لم تكن المؤنة الزائدة علم ان الوجوب نفسى عينى تعيينى والحاصل ان مقدمات الحكمة تثبت الاطلاق وأما التوسعة والتضييق فهما حاصلان بقرينة المقام مثلا اعتق رقبة يدل هذا الكلام على العام البدلى بسبب الاثر الذى هو موجود فى عتق الرقبة أى يحصل برائة الذمه بعتق أى رقبة.

قوله ولا يصح قياسه على ما اذا اخذ في متعلق الامر الخ.

أى لا يصح قياس احل الله البيع على المورد الذى اخذ فيه العموم في متعلق الامر والمراد منه فعل المخاطب فالمقصود في

٤٨٩

هذا المورد وجود الفعل قال شيخنا الاستاد ان المقصود تارة هو صرف الوجود وكان مورده فيما اخذ فيه

العموم في متعلق الامر أى فعل المخاطب نحو اعتق رقبة فيصح هنا كون العام بدليا وان المقصود تارة اخرى هو مطلق الوجود نحو احل الله البيع أى كل افراد البيع فالعموم هنا شمولى.

قوله فان العموم الاستعابى لا يكاد يمكن ارادته وارادة غير العموم البدلى وان كانت ممكنة.

أى لا يمكن ارادة العموم الاستعابى في المورد الذى كان المقصود فيه صرف الوجود وأما ارادة غير العموم البدلي كفرد المعين واقعا مبهم ظاهرا فهى ممتنعة عرضا لانها منافية للحكمة لعدم نصب القرينة وكذا يمكن ارادة الطبيعة المهملة وهى منافية للحكمة ايضا.

توضيح ما ذكر ان ارادة غير العموم البدلى منافية لحكمة الحكيم لانه اذا تمت المقدمات ولم يرد المتكلم العموم بل يريد الطبيعة أو الفرد المعين فهى منافية لحكمة الحكيم أى ليس هذا المتكلم حكيما والحاصل ان احل الله البيع عموم شمولى فان اريد منه الطبيعة المهملة فهى منافية للحكمة لان الحكيم في مقام بيان وان لم يكن العموم مراده فهذا لغو ومن يأتى باللغو فليس حكيما فثبت ان المطلق بالكسر أى متكلم كان بصدد البيان اذا تمت المقدمات تقتضى حكمة الحكيم ان مراده العموم الشمولى وأيضا ورد احل الله البيع في مقام الامتنان واذا كان المراد منه العموم البدلى فلم يكن فيه الامتنان لان المراد هو الفرد المجهول وكذا حرم الله البيع

٤٩٠

الربوى أى لم يكن هذا للعموم البدلى لان هذا الكلام كان في مقام سد صغور أى البيع الربوى حرام على نحو العموم الشمولى لكن ثبت هذا العموم بقرينة المقام.

قوله فصل في المجمل والمبين الخ.

عرفوا المجمل اصطلاحا بانه ما لم تتضح دلالته وعرفوا المبين بانه الكلام الذى له ظاهر الحاصل ان المقصود من المجمل ما جهل فيه مراد المتكلم ومقصوده بعبارة اخرى فما ليس له ظهور مجمل وان رفع اجماله بالقرينة الخارجية قال صاحب الكفاية وان علم بقرينة خارجية ما اريد منه أى وان علم بالقرينة الخارجية عدم ارادة المجمل وكذا المبين أى المبين ما له ظهور وان ثبت بالقرينة الخارجية عدم ارادة هذا الظهور مثل جاء ربك هذا مبين وان لم يرد ما هو ظاهر.

واعلم ان المجمل لفظي وفعلى والمراد من المجمل اللفظى ما جهل فيه مراد المتكلم ومقصوده والمراد من المجمل الفعلى ما جهل فيه مراد الفاعل ومقصوده مثلا اذا توضأ الامام (عليه‌السلام) بحضور واحد يتقى منه احتمل ان وضوءه وقع على وجه التقية فلا يستكشف مشروعية الوضوء على الكيفية التي وقع عليها واحتمل انه وقع على وجه الامتثال للامر الواقعى فيستكشف منه مشروعيته هذا مجمل فعلى واما المجمل اللفظى فاجماله يكون لاسباب كثيرة فقد يكون اجمال اللفظ لكونه لفظا مشتركا ولا قرينة على التعيين وقد يكون الاجمال لعدم معرفة عود الضمير مثل قول القائل لما سئل عن فضل اصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال من بنته في

٤٩١

بيته وقد يكون الاجمال لخلل واقع في النظم والتركيب كقوله ما مثله في الناس الا مملكا ابو امّه حتى ابوه يقاربه قد ذكر تفصيله فى المختصر في علم المعانى في تعريف فصاحة الكلام وقد يكون الاجمال لكون المتكلم في مقام الاهمال والاجمال.

قوله ولكل منهما في الايات والروايات وان كان افراد كثيرة لا تكاد تخفى الخ.

أى لكل من المجمل والمبين امثلة من الايات والروايات والكلام العربى الا ان بعض المواضع قد وقع الشك في كونها مجملة أو مبينة فمنها قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما.)

فقد ذهب جماعة الى ان هذه الاية من المجمل المتشابه أما من جهة لفظ قطع باعتبار انه يطلق على الابانة ويطلق على الجرح وأما من جهة لفظ اليد باعتبار ان اليد تطلق على عضو المعروف وعلى الكف الى اصول الاصابع وعلى العضو الى الزند والى المرفق.

وقد ذهب بعض الى ان قوله تعالى لم يكن مجملا من جهة القطع لان المتبادر من لفظ القطع هو الابانة والفصل وكذا قوله تعالى لم يكن مجملا من ناحية اليد فالظاهر انه يراد من لفظ اليد تمام عضو المخصوص.

قوله ومثل حرمت عليكم امهاتكم واحلت لكم بهيمة الانعام الخ.

أى اضافت الاحكام الى الاعيان مع وضوح تعلقها بالافعال الصادرة من المكلف فان الفعل المتعلق بالام مجمل كالنظر واللمس والتقبيل وقال بعض ان عد قوله تعالى من المجملات مجرد فرض

٤٩٢

لانه يتعين بمناسبة الحكم والموضوع اللتى هى من القرائن ان الفعل متعلق للحرمة وهو وطى فينعقد للكلام الظهور العرفى فلا اجمال فيه.

وكذا في الاية الثانية فيقدر الاكل أى احلت لكم اكل بهيمة الانعام فلم تكن مجملة بعد تقدير الاكل وكذا وقع الشك في مثل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الا بطهور فان النفى في مثل هذه المركبات يحتمل ان يكون موجها الى نفس الماهية والحقيقة وأيضا يحتمل ان يكون النفى موجها الى وصف الماهية فثبت الى هنا الاجمال في هذه المركبات وقال بعضهم ان هذا يتم اذا كانت الفاظ العبادات والمعاملات موضوعة للاعم فيحتمل هنا نفى الحقيقة والكمال والفضيلة والفائدة فتصير هذا المركبات مجملة.

واما اذا قلنا بوضع هذه الالفاظ للصحيح تعين نفى الحقيقة فلا اجمال في هذه المركبات.

قوله ثم لا يخفى انهما وصفان اضافيان الخ.

ان اللفظ قد يكون مجملا عند شخص ومبينا عند شخص آخر لان المجمل والمبين ليسا محدودين بحد معين بحيث يكون اللفظ مجملا عند الجميع أو مبينا كذلك بل هما من الصفات الاضافية فيمكن ان يكون اللفظ مبينا عند شخص لعلمه بالوضع وعدم المانع من ارادة الموضوع له ويمكن ان يكون مجملا عند غيره لعدم علمه بالوضع الحاصل ان الاجمال والبيان يختلفان بحسب الانظار والاشخاص ولم تكونا من الصفات الحقيقية المحدودة بحد معين.

٤٩٣

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين.

قد تم الجزء الثاني من كتاب هداية الاصول في اليوم الثامن والعشرين من شهر شعبان المعظم في سنة سة عشر واربع مائة بعد الالف من الهجرة النبوية ويتلوه الجزء الثالث والرابع انشاء الله تعالى.

٤٩٤

الفهرس

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

١٧٠

فى تقسم الواجب النفسى والغيرى

٣

١٧٠

فى تعريف الواجب النفسى والغيرى

٤

١٧١

فى الاشكال على تعريف الواجب النفسى والغيرى

٨

١٧١

فى بيان الداعى الى الفعل

٩

١٧١

فى عدم ارادة الحقيقية من الخارجيات

١٣

١٧٣

فى التمسك بالاطلاق على كون الواجب نفسيا

١٥

١٧٥

البحث في استحقاق الثواب على الامر الغيرى

١٧

١٧٥

فى بيان متعلق الامر الغيرى

٣١

١٨١

البحث في الملازمة بين المقدمة وذيها

٣٢

١٨٢

فى المقدمة الموصلة

٤٨

١٨٣

البحث في الغرض عن المقدمة

٤٩

١٨٥

فى احتياج الواجب الى العلة التامة

٥٢

١٨٨

الكلام في رد قول صاحب الفصول

٥٧

١٨٨

فى بيان الغرض اقصى والادنى من المقدمة

٥٩

٤٩٥

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

١٩٠

فى استدلال الفصول والاشكال عليه

٦١

١٩١

الفرق بين الممتنع العقلى والشرعى

٦٦

١٩٢

ثمرة القول في المقدمة الموصلة

٦٦

١٩٤

فى تقسيم الواجب الى الاصلى والتبعى

٧٣

١٩٦

فى الثمرة في وجوب المقدمة من باب الملازمة

٧٧

١٩٧

فى اخذ الاجرة على المقدمة الواجبة

٧٩

١٩٩

فى تأسيس الاصل بين وجوب المقدمة وذيها

٨٥

١٩٩

فى التفكيك بين وجوب المقدمة وذيها

٨٩

٢٠٢

التفصيل بين المقدمة السببية وغيرها

٥٩٥

٢٠٣

فى مقدمة المستحبة والمكروهة والمحرمة

١٠٠

٢٠٦

هنا اشكال الاخر على مقدمية ترك الضد

١٠٨

٢١١

دلالة الامر بالشيء على النهى عن الضد

١٣٦

٢١٢

فى صحة فعل الضد بالامر الترتبى

١٤٢

٢١٢

البحث فيما كان احد الضدين موسعا

١٤٥

٢٢٠

فى عدم جواز الامر مع علم الامر بانتفاء الشرط

١٥٢

٢٢١

فى تعلق الاوامر والنواهى على الطبائع

١٥٤

٢٢٤

بعد نسخ الوجوب لا دلالة على بقاء الجواز

١٥٨

٢٢٥

الكلام في الواجب التخييرى

١٦٢

٢٢٨

الكلام في الواجب الكفائى

١٦٨

٢٢٩

البحث في الواجب الموقت

١٧٠

٢٣٠

فى امر المولى للشخص بان يأمر للثالث

١٧٧

٢٣١

فى ورود امر بالشيء بعد الامر به قبل الامتثال

١٧٩

٤٩٦

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٢٣٢

المقصد الثانى في النواهى

١٨١

٢٣٣

فى جواز اجتماع الامر والنهى وامتناعه

١٨٨

٢٣٤

الفرق بين مسئلة اجتماع الامر والنهى ومسئلة النهى عن العبادات

١٩٠

٢٤٨

الفرق بين مسئلة اجتماع الامر والنهى ومسئلة التعارض

٢٢٣

٢٥٣

في الاستدلال على جواز اجتماع الامر والنهى

٢٣٤

٢٦٢

الكلام في تفصيل بعض الاعلام في جواز اجتماع الامر والنهى

٢٤٨

٢٧٣

هل كانت مسئلة اجتماع الامر والنهى من باب التزاحم أو التعارض

٢٧١

٢٧٥

الكلام في دلالة الامر والنهى على العموم

٢٧٧

٢٧٨

فى كون الاستقراء مقتضيا لترجيح جانب الحرمة على الوجوب

٢٨٤

٢٨٢

البحث في تعدد الاضافات

٢٨٩

٢٨٣

فى دلالة النهى على الفساد وكون هذه المسئلة من مباحث الالفاظ

٢٩٢

٢٨٨

ان الامر في الشريعة يكون على اقسام

٢٩٩

٢٩٢

فى بيان متعلق النهى

٣٠٤

٢٩٤

فى دلالة النهى على الفساد والحرمة

٣١٣

٢٩٦

المقام الثانى في النهى في المعاملات

٣١٤

٣٠٠

المقصد الثالث في المفاهيم

٣٢٠

٤٩٧

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٣٠٢

النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه

٣٢٢

٣٠٢

فى الاستدلال على المفهوم باطلاق الشرط

٣٢٩

٣٠٧

فى استدلال المنكرين للمفهوم

٣٣٤

٣١٢

فى تعدد الشرط ووحدة الجزاء

٣٤٣

٣١٤

البحث في التداخل في صورة التعدد الشرط

٣٤٦

٣١٩

لا وجه للتفصيل بين اختلاف الشرط

٣٥٥

٣٢٠

البحث في مفهوم الوصف

٣٥٧

٣٢٠

لعل وجه النزاع في مفهوم الوصف لاستفادة العلية المنحصرة

٣٦٢

٣٢٤

الكلام في مفهوم الغاية

٣٦٣

٣٢٦

البحث مفهوم الحصر في صورة الاستثناء

٣٧٠

٣٢٩

فى دلالة كلمة بل على الحصر

٣٧٦

٣٣٠

البحث في مفهوم اللقب والعدد

٣٧٨

٣٣١

البحث في العام والخاص

٣٧٩

٣٣٣

البحث في الفاظ العموم

٣٨٣

٣٣٥

الكلام في حجية العام المخصص في ما بقى

٣٨٩

٣٣٩

البحث في سراية اجمال الخاص الى العام

٣٩٥

٣٤٢

الكلام فيما اذا كان المخصص مجملا بحسب المصداق

٣٩٩

٣٤٣

البحث في المخصص اللبى

٤٠٣

٣٥١

فى اثبات حكم العام للفرد المشكوك بالاصل

٤١٠

٣٥٢

البحث في جواز تمسك بالعام قبل الفحص

٤١٩

٤٩٨

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٣٥٤

البحث في الخطابات الشفاهية

٤٢٥

٣٥٩

فى الثمرة لعموم الخطابات الشفاهية

٤٣٢

٣٦١

فى تعقب العام بضمير يرجع الى بعض افراده

٤٣٦

٣٦٣

البحث في جواز التخصيص بالمفهوم المخالف

٤٤٠

٣٦٤

البحث في الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة

٤٤٤

٣٦٦

فى جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد

٤٤٦

٣٦٨

الكلام في اجتماع العام والخاص المتخالفين

٤٥٠

٣٧٣

البحث في البداء والفرق بينه وبين النسخ

٤٥٤

٣٧٥

فى بيان الثمرة بين التخصص والنسخ

٤٥٧

٣٧٦

المقصد الخامس في مطلق والمقيد والمجمل والمبيّن

٣٥٨

٣٧٨

فى بيان مفهوم اسم الجنس وعدم كونه من اللا بشرط القسمى

٤٦١

٣٨٠

فى كون اللام موضوعة للتعريف ومفيدة للتعيين

٤٦٦

٣٨٣

فى دلالة مثل رجل على الماهية المبهمة

٤٧٣

٣٨٩

فى امكان جهات عديدة للمطلق

٤٨١

٣٩٣

الاشكال على التقييد في باب المستحبات

٤٨٥

٣٩٧

فصل في المجمل والمبين

٤٩١

٤٩٩