هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

يشترط كونه جامعا ومانعا.

قوله ثم الظاهر ان ما ذكره من اقسام العام من الاستغراقى والمجموعى والبدلى الخ.

أى العام على ثلاثة اقسام اذا ذكر العام كان واحد من هذه الاقسام واعلم ان العام اولا على قسمين أى الشمولى والبدلى أيضا الشمولى على قسمين أى المجموعى والاستغراقى والمراد من العام الاستغراقى ما ينحل الحكم فيه بعدد افراد العام مثلا اكرم الطلاب فى مقابل مائة طلبة فيجعل هذا منزلة مائة اكرم وكان في مقابل كل فرد امتثال في صورة اكرام وعصيان في صورة مخالفة والمراد من العام المجموعى ما كان حكم واحد بالنسبة الى مجموع الافراد مثلا اكرم العلماء وكان مائة عالم والظاهرن ان هنا حكما واحدا الى مجموع الافراد اذا وجد الاكرام في مجموع الافراد فهو امتثال أى كان في مقابل مائة عالم امتثال واحد واما اذا بقى من هذا المجموع فرد واحد فلم يوجد الامتثال واعلم ان العام المجموعى يحتاج الى القرينة بعبارة شيخنا الاستاد اگر تمام افراد يكى حساب شود مؤنة زائده بكار دارد كه تا دلالت نمايد تمام افراد واحد قرار داده شده واما اذا لم تكن القرينة على العام المجموعى فيحمل على العام الاستغراقى ففى الاصول يحمل اكثر العام على العمومي الاستغراقى وأما اذا قامت القرينة على كون المجموع بمنزلة واحد فيحمل العام على المجموعى قد بين الى هنا العام الاستغراقى والمجموعى وبقى العام البدلى فنقول المراد منه ما كان الحكم فيه متعلقا بالمجموع على سبيل البدلية مثلا اذا كان للعام عشرة

٣٨١

افراد فالكل مطلوب على البدلية اذا عرف اقسام العام رجع البحث الى بيان لفظ العام مثلا اذا قلت العالم فمدخول ال أى عالم دال على العموم وال اداة عموم وكذا النكرة في سياق النفى مثلا ما رأيت احدا فالنكرة دالة على العموم والنفى اداة عموم قد ذكرت اقوال العلماء في تعريف العام اجمالا ونذكر هنا هذه التعارف تفصيلا الاول تعريف صاحب القوانين العام لفظ موضوع دال على اجزائه وجزئياته وهذا التعريف حسن في الجملة اى من بعض جهات لان هذا التعريف يشمل العام الاستغراقى والمجموعى ووجه شموله لهذا العام انه قال العام دال على اجزائه فهذا شامل للعام المجموعى لان الافراد في العام المجموعى جعلت منزلة الجزء مثلا للصلاة اجزاء وهى عبارة عن القيام والقعود والركوع والسجود والقرائة فكانت لفظة الصلاة دالة على جميع هذه الاجزاء وكذا العام المجموعى دال على جميع افراده وهذه الافراد كالجزء له لكن يرد الاشكال في تعريف صاحب القوانين اى لم يكن هذا التعريف مطردا لان اسماء الاعداد يدخل في هذا التعريف أى الاعداد تدل على اجزائها.

فائدة الفرق بين الاجزاء والجزئيات قد ذكر هذا الفرق في الموضع الاخر أيضا لكن لما كانت الاعادة خير من الحوالة فنذكر هذا الفرق ان المراد من الاجزاء هى ابعاض الشيء بعبارة اخرى ان المراد من الاجزاء ما يتوقف وجود العام عليها أى اذا لم يحصل جميع الاجزاء فلم يحصل العام واما المراد من الجزئيات فهى ما لا يتوقف وجود الماهية عليها أى على الافراد مثلا وجود الانسان لم يتوقف على زيد وعمرو وبكر وخالد هكذا. والفرق الاخر

٣٨٢

بينهما ان الاجزاء لا تقع موضوعا للفظ العام مثلا لا يقال الركوع صلاة واما الجزئيات فتقع موضوعا للفظ العام مثلا يقال زيد انسان.

ولا يخفى عليك ان الحكم لا يتعلق على العام من حيث هو هو ولم يكن العام من حيث هو هو موضوعا للحكم وانما يقال العام موضوع للحكم تسامحا لان الموضوع ما كان مفروض الوجود والظاهر ان ما يسند الحكم اليه هو متعلق الحكم مثلا الوجوب يتعلق على اتيان الصلاة أى اتيان متعلق للحكم لم يكن موضوعا له الى هنا تمّ تعريف العام على مذهب صاحب القوانين الان نشرع في تعريف صاحب الفصول قال ان العالم ما يستغرق الافراد التي يصلح لها ولم يكن هذا التعريف منعكسا لعدم شموله العام المجموعى لان الحكم لم يتعلق في العام المجموعى على كل فرد وأيضا لم يكن هذا التعريف مطردا لدخول النكرة في هذا التعريف لان النكرة تدل على الافراد التي تصلح لها مع عدم اطلاق العام عليها اصطلاحا ولورود الاشكال على هذه التعارف قال صاحب الكفاية فانها تعارف لفظية تقع في جواب السؤال عنه بالما الشارحة ولم يشترط فيها الانعكاس والاطراد.

قوله فصل لا شبهة في ان للعموم صيغة تخصه لغة وشرعا الخ.

قد كان البحث الى هنا في معنى العام الان يبحث من الفاظ العموم أى هل كانت للعموم الفاظ تخصه أو لم يكن كذلك بل يمكن لكل احد ان يستعمل اللفظ في ادعائه في معنى.

الحاصل انه اختلف في الفاظ العموم قال صاحب الكفاية لا

٣٨٣

شبهة في ان للعموم صيغة خاصة كالخصوص أى كان لكل منهما لفظ خاص ولم يوجد اللفظ المشترك بينهما ولا لفظ يعمهما ولكن يمكن استعمال لفظ العموم في الخصوص عناية بادعاء انه العموم أو بعلاقة العموم والخصوص قال بعض انه لم يكن للعموم الفاظ وأيضا قال بعض آخر ان ما يدعى كونه للعموم فهو مشترك بين العموم والخصوص ودليل من قال بالعموم انه لا شبهة في ان للعموم صيغة خاصة هو تبادر العموم مثل كل رجل قائم دال على العموم والظاهر ان اللفظ قد يراد منه الاطلاق والارسال لكن الفرق بين المعرف بالام والنكرة المذكورة ان المعرف باللام دآل على العموم بنفس اللفظ واما الاطلاق والارسال فيعرف من مقدمات الحكمة لا من اللفظ والدليل من قال بوضع الالفاظ للخصوص هو كون الفاظ الخصوص متيقنة اى سواء كان العام ام لا لكن الخاص متيقن والدليل الاخر على الخصوص قولهم ما من عام الا قد خص والجواب عن القائلين بالخصوص انا سلمنا كون الخصوص قدرا متيقنا لكن لم يكن موجبا للوضع وان كان سببا للاستعمال في مقام الاجمال فيراد في هذا المقام الخاص ولم يكن الخاص قدرا متيقنا في جميع المورد. والجواب الاخر انه ان قلنا بوضع الالفاظ للخصوص فهو مستلزم لكثرة المجاز لان استعمال الالفاظ في العموم كثير اذا لم تكن موضوعة له كان استعمالها فى العموم مجازا واشكل على هذا الجواب بان التخصيص لم يكن موجبا للمجازية كما ان التقييد لم يكن موجبا للمجازية ولو سلمنا ان التخصيص موجب للمجازية فلا اشكال هنا لان كلام العلماء مشحون من المجاز وايضا جواب القائلين بالخصوص انه للخصوص

٣٨٤

مراتب كثيرة فاىّ مرتبة اريدت لزم ترجيح بلا مرجح ولا يمكن ارادة جميع المراتب في زمان واحد.

اما الدليل للقائلين بالاشتراك فهو واقع في كلامهم مثلا المفرد المحلى باللام ان كان للعهد فالمراد هو الخصوص وان كان للاستغراق فالمراد هو العموم.

والجواب ان الوقوع واستعمال الشيء في المعنيين اعم منه ومن الحقيقة والمجاز.

قوله فصل ربما عد من الالفاظ الدالة على العموم النكرة في سياق النفى والنهى الخ.

هذا البحث صغروى اى يبحث من الفاظ التي تدل على العموم فعد من الالفاظ الدالة على العموم النكرة في سياق النفى أو النهى لكن قد اختلف في دلالتها على العموم وقال بعض انها بالوضع وقال بعض انها بالعقل والحق انها بالعقل لان النفى للطبيعة ولا يحصل نفى الطبيعة الا بنفى جميع افرادها كما ان وجود الطبيعة لا يحصل الا بوجود فرد والظاهر ان افادة النكرة الواقعة في حيّز النفى أو النهى للعموم مشروطة بان تكون الطبيعة مطلقة حتى يكون نفيها منوطا بانتفاء جميع الافراد مثلا لا تكرم فاسقا فان الامتثال موقوف على عدم اكرام كل شخص من مصاديق طبيعة الفاسق واما اذا كانت الطبيعة مقيدة أو مهملة فلم تدل النكرة المنفية على العموم لان النفى في صورة التقييد يتعلق على المقدار المقيد واذا كانت الطبيعة مهملة فان نفيها كنفسها مهمل فيصلح ان يكون المنفى افراد الطبيعة المقيدة وايضا اذا كانت الطبيعة

٣٨٥

مهملة فتلازم الجزئية.

واعلم ان النكرة في سياق النفى والنهى مفيد للعموم والمراد من العموم ما يراد من المدخول سواء كان افرادا كثيرة ام قليلة قد ذكر ان النكرة تفيد العموم اذا اخذت مرسلة ومطلقة ولا يخفى ان الارسال والاطلاق بمقدمات الحكمة اى مع وقوع النكرة في سياق النفى منضمة اليه مقدمات الحكمة فتحتاج النكرة في سياق النفى فى افاده العموم الى مقدمات الحكمة اذا لم تكن هذه القرينة العامة أى مقدمات الحكمة فلم تفد النكرة في سياق النفى العموم لانه اذا لم تكن الطبيعة مرسلة ومطلقة فهى مهملة قد ذكر ان الطبيعة المهملة لم تفد العموم لان المهملة تلازم الجزئية واعلم انه اذا كانت الطبيعة مرسلة فاريد منها ما تنطبق عليه عقلا بمقدمات الحكمة أو اذا كانت الطبيعة مهملة فيراد منها ما هو مراد يقينا هذا محتاج الى القرينة الخارجية والمراد من المهملة ما خلا من الاطلاق والتقييد توضيح البحث اذا كان المراد نفى ما اريد من الطبيعة فهذا حقيقة سواء كان ما اريد قليلا ام كثيرا بعبارة شيخنا الاستاد نفى طبيعة مى شود چه كوچك باشد يا بزرگ باشد مثلا ما جائنى رجل عالم كوچك شده همان نفى شده از باب تعدد دال ومدلول فافاد هذا العموم بمقدار ما اريد من الطبيعة سعة وضيقا فظهر الى هنا ان النكرة اذا وقعت في سياق النفى افادت العموم عقلا لا وضعا وايضا ظهر ان المراد من العموم اما ان يكون ما اريد من الطبيعة واما ان يكون ما تنطبق الطبيعة عليه.

واما لفظ كل يفيد العموم وضعا فهو ايضا اما ان يفيد عموم ما يراد من مدخوله واما ان يفيد استعاب جميع افراد المدخول.

٣٨٦

قوله نعم لا يبعد ان يكون ظاهرا عند اطلاقها في استعاب جميع افرادها :

اى كان لفظ كل عند اطلاق النكرة ظاهرا في استعاب جميع افراد النكرة المطلقة فضمير اطلاقها وافرادها راجعان الى النكرة.

قوله وهذا هو الحال في المحلى باللام جمعا أو مفردا بناء على افادته العموم الخ.

قد ذكر البحث الى هنا في النكرة الواقعة في سياق النفى ولفظ الكل وكان العموم والاستعاب فيما ذكر تابعا للمدخول وهذا الحكم بعينه جار في المحلى باللام جمعا كان أو مفردا بناء على افادته العموم فان كان مطلقا كما اذا قال احل الله البيع كان كل افراد من افراد بيع حلالا واذا قال احل الله البيع غير الربوى كان كل بيع غير الربوى حلالا أى كان ما اريد من المدخول حلالا.

ولما كان تبعية العموم لما اريد من المدخول فلا ينافى تقييد المدخول بالوصف نحو قوله اكرم العلماء ان كانوا عدولا.

قوله واطلاق التخصيص على تقييده ليس الا من قبيل ضيق فم الركية.

اى البئر اشارة الى ما قد يتوهم من التنافى بين تبعية العموم لما اريد من المدخول في المحلى باللام لاطلاق المدخول وتقييده أى يتنافى بين ما ذكر وبين اطلاق التخصيص على التقييد وتوضيح التنافى بينهما ان العموم في مثل العلماء اذا كان تابعا لاطلاق المدخول فاذا قيد المدخول بقيد واريد من المدخول هذا المقيد فلا وجه تسمية هذا التقييد بالتخصيص لان التخصيص عبارة عن

٣٨٧

تضييق دائرة العموم بعد فرض وجوده وليس العموم في الفرض المذكور موجودا لان المدخول وضع مقيدا من اول الامر فلا يصح اطلاق التخصيص عليه هذا حاصل الاشكال والتنافى.

واما الجواب فيقال ان اطلاق التخصيص على التقييد المتصل ليس جاريا على الاصطلاح حتى يشكل عليه بل اطلاقه عليه مبنى على المسامحة نظير تضييق فم البئر في قولهم ضيق فم الركية اذا قيل ذلك قبل فتحه أو قبل احداث الركية فان معنى التضييق حينئذ احداثها ضيقا فعلم ان المراد من التخصيص في الشيء المقيد هو ايجاده مخصصا.

والظاهر ان الدلالة على العموم في المعرف باللام والنكرة الواقعة في سياق النفى كانت بالقرينة فان اريد جميع الافراد فالقرينة مقدمات الحكمة وان كان المراد من المدخول ما يراد منه فدال عليه بالقرينة الاخرى ولم يكن العموم هنا بالوضع لعدم وضع اللام ولا مدخوله للعموم ولم يثبت الوضع للمركب أى لم يوضع اللام ومدخوله معا للعموم قد تم الى هنا البحث الصغروى وثبت ان النكرة الواقعة في سياق النفى للعموم والمراد من النكرة في المقام اسم الجنس والفرق بين النكرة واسم الجنس ان كان في الاسم تنوين التنكير فهو نكرة وان لم يكن هذا التنوين فهو اسم جنس واذا وجد التنوين في اسم الجنس فهو تنوين التمكن لا التنكير لان تنوين التنكير مناف للعموم.

وكذا ثبت كون لفظ كل ومعرف باللام للعموم.

٣٨٨

قوله فصل لا شبهة في ان العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة فيما بقى الخ.

فيبحث هنا في العام المخصص توضيح البحث ان العمومات كثيرة وقد خصت هذه العمومات كما يقال ما من عام الا وقد خص ويبحث بعد هذا من حجية العام المخصص فيما بقى قال صاحب الكفاية لا شبهة في ان العام المخصص حجة فيما بقى لم يعتن بخلاف المقابل والدليل له انه اذا لم يكن العام المخصص فيما بقى حجة لزم عدمه ولغويته مع وجوده في الكتاب والسنة.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر عام مخصص حجت نباشد يك ستون اصول خراب مى شود. ولا شك ان اكثر الاحكام يثبت بالعموم مع كونه مخصصا.

واما الخصم فيقول ان العام المخصص لم يكن حجة في ما بقى والدليل له ان المعنى الحقيقى للعام لم يبق بعد التخصيص فيكون استعماله فيما بقى مجازا ولا شك ان مراتب المجاز متعدد مثلا للعام مائة فرد اذا قل احد افراده بالتخصيص كان استعماله فيما بقى مجازا وكذا كان استعماله في التسعين والسبعين مجازا وهكذا الى اقل الجمع أى الثلاثة اذا ثبت كون استعمال العام المخصص فيما بقى مجازا فالاستعمال المجازى محتاج الى القرينة مع انه لم تكن القرينة في استعمال العام المخصص في هذه المراتب فلم يكن العام المخصص فيما بقى حجة الحاصل انه اذا تعددت المجازات فلا بد من القرينة المعينة الا اذا كان المعنى المجازى واحدا واما اذا كان المعنى المجازى متعددا فاستعماله في الباقى بدون القرينة المعينة ترجيح بلا مرجح.

٣٨٩

والجواب انه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازا أى لم يكن التخصيص والتقييد موجبا للمجازية لما ذكر من انّ العموم سواء كان زمانيا أو مكانيا لم يوضع لما ينطبق عليه بل هو موضوع لما يراد منه مثلا اكرم رجلا عالما فالمراد هو رجل عالم بعبارة اخرى قلت الافراد في هذا المثال باعتبار تقييد بالعالم فيراد من الرجل معناه باعتبار تعدد الدال والمدلول أى المراد من الرجل الطبيعة والمراد من العالم الفرد المخصوص هذا في المخصص المتصل واما في المخصص المنفصل فيراد اقوى ظهورا على قول الشيخ ويصير دايرة العام مضيقا باعتبار المخصص المنفصل أى كان العام المخصص اقوى ظهورا واما على قول المصنف فلا يصير دائرة العام مضيقا الحاصل ان استعمال العام المخصص فيما بقى لم يكن مجازا سواء كان المخصص متصلا ام منفصلا.

قوله وكون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص أو الاظهر على الظاهر الخ.

أى يمكن كون الخاص مانعا عن حجية ظهور العام لا مانعا لاصل ظهوره لوضوح ان الخاص المنفصل لا يمنع عن ظهور العام في العموم بل يمنع عن حجيته توضيحه ان المذكور في محله تقديم النص أو الاظهر على الظاهر وعدّ هذا من الجمع العرفى بين الدليلين وحيث ان الخاص اقوى ظهورا من العام فيقدم عليه من باب الاقوائية أى اذا كان المخصص منفصلا فالعام باق على عموميته ولما كان المخصص اقوى ظهورا فيقدم على العام مثلا اكرم العلماء ويقال بعد ذلك لا تكرم الفساق فيقدم هذا المخصص.

٣٩٠

والفرق بين المخصص المتصل والمنفصل ان المخصص الذى هو المستثنى أو الوصف هو متصل وان كان جملة مستقلة فهو منفصل نحو لا تكرم الفساق.

قوله لا يقال هذا مجرد الاحتمال ولا يرتفع به الاجمال الخ.

هذا اشكال على استعمال العام في العموم في صورة كون المخصص منفصلا حاصله ان استعمال العام في معناه الموضوع له وارادة الخاص منه بدال آخر وان كان رافعا للاجمال وموجبا لجواز تمسك بالعام في غير مورد التخصيص لكنه مجرد احتمال ولا دليل عليه في مقام الاثبات ولا شك ان مجرد الاحتمال ثبوتا لا يكفى في رفع الاجمال مع احتمال استعمال العام في مرتبة خاصة.

قوله فانه يقال مجرد احتمال استعماله فيه لا يوجب اجماله الخ.

أى فانه يقال في دفع الاشكال ان مجرد استعمال العام في الخاص لا يوجب اجمال العام بعد ما تقدم من انعقاد ظهور له في العموم بعبارة اخرى كان العام المخصص فيما بقى حجة في صورة عدم العلم بدخوله تحت المخصص وايضا كان العام حجة فيما احتمل دخوله في المخصص قال شيخنا الاستاد ان مورد البحث هنا منحصر فيما علم عدم دخوله في المخصص فيكون العام المخصص حجة في ما بقى في هذا المورد اما في المورد الذى يحتمل دخوله في المخصص فيأتى البحث عنه بعدا.

قوله قد اجيب عن الاحتجاج بان الباقى اقرب المجازاة.

أى اجتج النافى بالاجمال لتعدد المجازاة توضيحه ان النافين احتجوا بعدم حجية العام المخصص فيما بقى بلزوم الاجمال لان

٣٩١

استعمال العام المخصص فيما بقى مجاز والظاهر ان المجازاة متعددة بحسب مراتب الخصوصيات وتعيين واحد من بينها بلا قرينة معينة ترجيح بلا مرجح فثبت عدم حجية العام المخصص فيما بقى هذا دليل للنافين.

قال المصنف قد اجيب عن احتجاج النافين بان الباقى اقرب المجازاة مثلا التسعون اقرب الى المائة من الثمانين والسبعين فالمراد من العام المخصص هو اقرب المجازاة واذا كانت افراد العام مائة فرد فالاقرب الى المائة هو تسعون.

قوله وفيه انه لا اعتبار بالاقربية بحسب المقدار الخ.

أى هذا القول حسن اما اقرب المجازاة بنفسه فلا فائدة له لكن اذا كان اقرب المجازاة مع كثرة الاستعمال فهو اولى مثلا كراهة رائحة الفم اقرب الى المعنى المجازى بالنسبة الى اسد فيقال لمن فيه كراهة رائحة الفم هذا اسد لكن لم يكن بهذا المعنى المجازى كثرة الاستعمال في مقام تخاطب بل كان استعمال اسد فيمن له جرأة وشجاعة كثيرا من حيث الاستعمال ويحصل زيادة الانس الى هذا المعنى المجازى بكثرة الاستعمال فثبت ان قرب المجازاة كان الاولى مع كثرة الاستعمال وانس الذهن اليه.

ولا يخفى ان استعمال العام الذى له مائة فرد لم يكن استعماله فى تسعين اكثر من السبعين والستين.

قوله وفي التقريرات بحث شيخنا الاستاد (قدس‌سره) في مقام الجواب عن الاحتجاج الخ.

أى قد ذكر في التقريرات جواب احتجاج النافى للحجية أى احتج النافى بانه اذا كان العام المخصص فيما بقى حجة يلزم

٣٩٢

الاجمال لان المجازات متعددة بحسب تعدد مراتب الخصوصيات فاجاب المصنف عن هذا الاحتجاج أى احتجاج النافين.

بقوله والاولى ان يجاب بعد تسليم المجازية في الباقى كان هذا البحث بعد تسليم المجازية في الباقى قال المصنف ان العام المخصص حجة في الباقى فاشكل عليه بان مراتب المجازاة متعددة ان كان العام المخصص حجة في ما بقى لزم الاجمال فاجاب المصنف عن هذا الاشكال بالجوابين :

الاول ان التخصيص والتقييد لم يكن موجبا للمجازية وكان استعمال العام المخصص فيما بقى حقيقة. والثانى ان سلمنا المجازية في استعمال العام فيستعمل العام المخصص في اقرب المجازات واجاب المصنف ثالثا بقوله والاولى ان يجاب الخ قد ذكر هذا الجواب في تقريرات الشيخ (قدس‌سره) ان هذا الجواب بعد تسليم المجازية في استعمال العام المخصص لكن لم يقبل في هذا الجواب اقرب المجازاة بل كان هذا الجواب على طريق آخر مع تسليم المجازية توضيحه ان المجازية على قسمين الاول ما كان مباينا مع الموضوع له فكان هذا المعنى المجازى محتاجا الى قرينتين أى كان محتاجا الى المدخل والمخرج ولا يصح من دونهما والمراد من المخرج ما يخرج الاستعمال من المعنى الحقيقى والمراد من المدخل ما يدخل المعنى المجازى في المستعمل فيه. والقسم الثانى من المعنى المجازى ما يكفى فيه شيء واحد مثلا لفظ يرمى في قوله رأيت اسدا يرمى كاف عن المدخل والمخرج أى القرينة الواحدة كافية عن هما بالعبارة الفارسية ـ به يك تير دو تا نشان زده شده ـ واذا لم يكن المعنى المجازى

٣٩٣

من سنخ المعنى الحقيقى فالمعنى المجازى محتاج الى القرينتين أى المدخل والمخرج واما اذا كان المعنى المجازى من سنخ المعنى الحقيقى فالقرينة الواحدة كافية أى المخرج واما المدخل فهو موجود في هذا المعنى المجازى فيقتضى المخرج حتى يخرج المعنى المجازى من تحت المعنى الحقيقى اذا تمت الضابطة المذكورة فى المعنى المجازى فنرجع الى ما نحن فيه أى اذا كان للعام مائة فرد فكان دلالة العام على التسعين في ضمن المائة حقيقة واما دلالة المأة على التسعين بشرط خروج العشرة فهذه الدلالة مجازية لان المخصص خرج عشرة افراد من تحت المائة فالمعنى المجازى انما هو بعد اخراج العشرة في المثال المذكور أى المعنى المجازى هو التسعين بعد اخراج العشر فيحتاج المعنى المجازى الى المخرج ولا يحتاج الى المدخل أى لا يحتاج الى دخول التسعين لانه داخل من اول الامر في المأة لان التسعين داخل في ضمن المأة بعبارة فارسية چون صد باشد نود در نزد ما است. فالمقام لم يحتج الى المدخل لان ما بقى داخل في العام ان جاء المدخل بعد دخول الشيء فهو تحصيل الحاصل.

بعبارة اخرى المعنى المجازى محتاج الى المانع والمقتضى ففيما نحن فيه المقتضى للمعنى المجازى موجود لان التسعين مثلا داخل في ضمن المائة لكن محتاج هذا المعنى المجازى الى المانع الذى يمنع من دخول العشرة فيه أى محتاج الى المخصص فلم يكن المعنى المجازى موقوفا الى الدلالة على مراتب اخرى مثلا الدلالة على التسعين لم تكن مربوطة بالدلالة على المأة أى سواء ضمت العشرة ام لا فالدلالة على التسعين حاصلة.

٣٩٤

الى هنا فصّل الجواب عن احتجاج الخصم.

واما الخصم فيقول في رد هذا الجواب ان الدلالة على التسعين فى المثال المذكور موقوفة بالدلالة على المأة لان لفظ العام وضع للمأة واما التسعون فهو داخل في ضمنه فلم يدل لفظ العام على التسعين فقط.

فيقال في جواب الخصم ان دلالة على المأة كافية في الدلالة على التسعين مثلا الصلاة مركبة عن الاجزاء فيتعلق الامر على المركب فيقتضى هذا الامر اجزائها بالتبع لا بالاصالة وقد ذكر نظير هذا البحث في باب مقدمة الواجب حاصله انه ثبت للمقدمة الوجوب الضمنى ان تعلق فيها الوجوب الغيرى فيلزم اجتماع المثلين وكذا في مقام البحث فان الدلالة الضمنى على التسعين كافية ان جائت الدلالة الاخرى فيلزم تحصيل الحاصل.

فائدة اذا قلنا اكرم العلماء الا الفساق فلا فرق بين ان يكون متعلق الحكم مركبا وبين ان يكون متعلق المتعلق والظاهر ان الاكرام متعلق الحكم واما العلماء فهو متعلق لمتعلق الحكم فلم يتعلق الوجوب الاستقلالي في العلماء بل ثبت له الوجوب التبعى وان الوجوب الاستقلالي تعلق في الاكرام ومتعلقه.

قوله : فصل اذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا بان كان دائرا بين الاقل والاكثر الخ.

والبحث في سراية اجمال الخاص الى العام اى هل يسرى اجمال الخاص الى العام وهل يسقط العام توسط اجمال الخاص عن الحجية ويقسم هذا الى اربعة اقسام اى اذا كان المخصص متصئلا

٣٩٥

فاما ان يكون اجماله لاجل الدوران بين المتبائنين واما ان يكون لاجل الدوران بين الاقل والاكثر وكذا اذا كان المخصص منفصلا فاما ان يكون اجمال المخصص لاجل الدوران بين المتبائنين واما ان يكون لاجل الدوران بين الاقل والاكثر.

توضيح هذه الاقسام المذكورة انه اذا كان اجمال المخصص المتصل لاجل الدوران بين المتبانين سقط العام عن الحجية لان اجمال الخاص يسرى للعام نحو اكرم العلماء الا زيدا اذا كان لفظ زيد مشتركا بين الشخصين اى زيد ابن بكر زيد ابن خالد ثبت له الاجمال ويسرى اجمال المخصص الى العام فيسقط عن الحجية لان لفظ زيد دائر بين الشخصين وانا لم نعلم بخروج احدهما معينا حتى يحكم بدخول الاخر تحت العام فيسقط العام فى هذه الصورة عن الظهور والحجية معا.

واما اذا كان اجمال المخصص المتصل لاجل الدوران بين الاقل والاكثر نحو اكرم العلماء الا الفساق ان مفهوم الفاسق مجمل في هذا المثال بين مرتكب الكبائر خاصة وبين مرتكب ما هو اعم من الكبائر والصغائر فيسقط في صورة المخصّص المتصل العام عن الظهور لعدم انعقاد الظهور للعام اصلا لاحتفاف الكلام بالقرينة اى المخصص المتصل فيحتمل هذا المخصص المجمل لكل واحد من الاقل والاكثر او لكل واحد من المتباينين ويسرى هذا الاجمال الى العام فيسقط عن الحجية قد ذكر الى هنا حكم المخصص المتصل المجمل اى يسرى اجماله الى العام واما في صورة دوران الامر بين المتباينين فيسقط العام عن الظهور والحجية معا ولكن في صورة دوران الامر بين الاقل والاكثر فيسقط عن الظهور لا عن الحجية

٣٩٦

اى انّ العام في الاقل حجة لانّه متيقن وان العام يسقط عن الظهور بالنسبة الى الكباير في المثال المذكور ولا يسقط عن الحجية لان قدر المتيقن من الفاسق هو مرتكب الكباير اما مرتكب الصغاير فهو داخل تحت العام.

فبقى قسمان من اقسام الاربعة المذكورة وهما اذا كان المخصص منفصلا فاما ان يكون اجماله لاجل الدوران بين المتبائنين واما ان يكون لاجل الدوران بين الاقل والاكثر قد ذكر الفرق بين المخصص المتصل والمنفصل من انّ المراد من المخصص المتصل ما لم يوجد له المعنى منفردا بل لا بد من اتصاله بما قبله كالاستثناء والوصف فانّهما متوقفان على ما قبلهما واما المخصص المنفصل فهو ما كان المعنى له منفردا مثلا اكرم العلماء ولا تكرم الفساق قد ذكر قسمان من المخصص المتصل مع المثال الان نذكر قسمين من المنفصل مع المثال لكن ذكر في الكفاية اولا قسمان من المنفصل اما هنا فقد ذكر اولا قسمان من المتصل.

فنقول اذا كان المخصص المنفصل مجملا لدوران الامر بين الاقل والاكثر نحو اكرم العلماء ولا تكرم الفساق فلا يسرى اجماله الى العام لا حقيقة ولا حكما والمراد من الحقيقة أى لا يرفع ظهور العام بالمخصص المنفصل في هذه الصورة فقوله حقيقة اشارة الى هذا والمراد من قوله ولا حكما اى لا يرفع حجية العام بالمخصص المنفصل في الصورة المذكورة الحاصل انه اذا كان المخصص المنفصل مجملا بان كان دائرا بين الاقل والاكثر فلا يسرى اجماله الى ظهور العام ولا الى حجيته هذا مراد من قوله لا حقيقة ولا حكما وجه عدم سراية اجمال المخصص الى العام لانه حجة في

٣٩٧

الفرد الذى يحتمل فرديته للخاص ولان الخاص انما يزاحم العام فيما كان الخاص نصا او الاظهر فيقدم الخاص من باب تقدم النص على غيره او من تقديم الاظهر على الظاهر واما في ما نحن فيه فلا يزاحم الخاص العام لان المخصص المنفصل مجمل ولكن اذا كان المخصص المنفصل مجملا بان كان دائرا بين المتباينين فيسرى اجماله الى العام حكما اى يسرى اجمال الخاص الى حجية العام لا الى ظهوره اى لا يضر المخصص المنفصل ظهور العام بل كان مضرا بحجيّته من باب اقوائية المخصّص الحاصل انه اذا كان المخصص المنفصل مجملا لاجل دوران الامر بين الاقل والاكثر فلم يسر اجمال المخصص الى العام لا حقيقة ولا حكما قد مر تفصيله آنفا.

واما اذا كان المخصص المنفصل مجملا من باب دوران الامر بين المتباينين فيسرى اجمال المخصّص الى العام حكما لا حقيقة اى العام باق على ظهوره لكن حجية الخاص يقدم على حجيته هذا الحكم في المخصّص المنفصل واما اذا كان المخصص متصلا ومجملا بان كان دائرا بين المتباينين فقد ذكر ان اجمال المخصص يسرى الى العام حقيقة وحكما.

قوله : فان قدح بذلك الفرق بين المتصل والمنفصل وكذا في المجمل بين الاقل والاكثر الخ.

اى قد علم الحكم في صور الاربع في صورة كون المخصص مجملا وقد ذكر جواز التمسك بالعام في صورة كون المخصص منفصلا ومجملا مرددا بين الاقل والاكثر فالعام حجة في الافراد المحتمل

٣٩٨

لانطباق الخاص عليها وقد ذكر عدم جواز تمسك بالعام في صورة كون المخصص متصلا ومجملا مردد بين المتباينين وكذا في صورة كون المخصص المتصل ومجملا مرددا بين الاقل والاكثر وقد علم ايضا عدم جواز تمسك بالعام في صورة كون المخصّص المنفصل مجملا مرددا بين المتباينين.

حاصل الفرق بين المتصل والمنفصل ان اجمال المخصص يسرى الى العام ويمنع عن انعقاد ظهوره في صورة كون المخصص متصلا واما اذا كان المخصص منفصلا ومجملا مرددا بين المتباينين فيمنع اجمال الخاص عن حجية العام لا عن ظهوره.

قوله : وكذا في المجمل بين المتباينين والاقل والاكثر فلا تغفل.

اى كذا علم بما ذكرنا للفرق بين المتباينين والاقل والاكثر وحاصله انه لا يصحّ التمسك بالعام في المجمل المردد بين المتباينين مطلقا اى وان كان المخصص منفصلا لما مرّ من سراية الاجمال الى العام حقيقة في المتصل وحكما في المنفصل بخلاف المجمل المردد بين الاقل والاكثر لما ظهر من صحة التمسك بالعام فيه اذا كان منفصلا لانعقاد الظهور له في العموم وعدم المانع عن الحجية في الافراد المشكوك.

فى الشبهة المصداقية

قوله : واما اذا كان مجملا بحسب المصداق بان اشتبه الفرد الخ.

وكان البحث في كون المخصص مجملا وفي سراية اجماله الى العام وقد قسم هذا البحث الى اربعة اقسام. الاول كون المخصص

٣٩٩

منفصلا ومرددا بين الاقل والاكثر. الثاني كون المخصص متصلا ومرددا بين الاقل والاكثر ايضا. الثالث كون المخصص مرددا بين المتباينين وهذا على قسمين احدهما كون المخصص متصلا وثانيهما كون المخص منفصل ففى الصورة اولى اى دوران الامر بين الاقل والاكثر وكون المخصص منفصلا فلا يسرى اجمال المخصص الى العام وكان العام حجة واما في الصورة الثانية أى دوران الامر بين الاقل والاكثر وكون المخصص متصلا فيسرى اجمال المخصص الى العام اى يسقط حجية العام بالنسبة الى الفرد المشكوك لكن العام بالنسبة الى الفرد المتيقن حجة واما في دوران الامر بين المتباينين وكون المخصص منفصلا فيسرى اجمال المخصص الى العام حكما اى الاجمال يسرى الى حجية العام فيسقط عن الحجية لا عن الظهور.

قد كرر هذه الاقسام تبعا لشيخنا الاستاد ـ قدس‌سره ـ وكان دأبه تكرار الدرس السابق في اول الدرس اللاحق وكان البحث السابق فى الاجمال المفهومى ويبحث الان من الاجمال المصداقى أى اذا كان المخصص مجملا في المصداق فيسرى اجمال المخصص الى العام ويسقط العام عن الحجية ويبحث هنا من باب المناسبة البحث الاخر من تقرير شيخنا الاستاد توضيحه ان الكبرى لا يصحّ الصغرى بعبارة شيخنا الاستاد كبرى صغرى را درست نمى كند مثلا كل عالم يجب اكرامه هذا كبرى واما الصغرى اى كون هذا الشخص عالما فلا بد من احرازه خارجا وكذا كل فاعل مرفوع فلا بد من احراز كون الشىء فاعلا ثم يحكم بقوله كل فاعل مرفوع وكذا المثال المشهور في الشكل الاول اى كل متغير حادث هذا صحيح

٤٠٠