هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

الاستعمال من شرط الوضع مثلا وضع الحرف لاجل ان يستعمل في معناه اذا لوحظ ذلك المعنى حالة والة لغيره اى لوحظ المعنى غير مستقل.

والاسم وضع لاجل ان يستعمل في معناه اذا لوحظ مستقلا في نفسه فلم يكن ما شرط في مقام الاستعمال موجبا للجزئية ولما كان الامر كذلك فلا فرق بين ان يكون الجزاء لفظ فاكرامه واجب او لفظ فاكرمه مثلا ان جائك زيد فاكرامه واجب او فاكرمه اى يكون الجزاء في الصورتين حكما كليا لعدم الفرق بين المعنى الاسمى والحرفى.

قوله : بالجملة كما لا يكون المخبر به المعلق على الشرط خاصا بالخصوصيات الناشئة من قبل اخبار به الخ.

هذا ايضا بيان لعدم الفرق بين المعنى الاسمى والحرفى توضيح العبارة عن شيخنا الاستاد ان الخصوصية التي جائت من ناحية الاستعمال مؤخرة من الوضع وهو مقدم عليها فلا يمكن اخذ الشيء المؤخر في الشيء المقدم بعبارة اخرى ان كون معنى الحرف جزئيا صادق بعد الوضع في مقام الاستعمال فكيف يصح تأثير ما هو مؤخر فيما تقدم اى كون معنى الحرف جزئيا مؤخر عن الوضع فلا يؤثر في وضع المعنى الذى هو كلى هذا توضيح العبارة من بيان الاستاد.

واما مقصود صاحب الكفاية من الجملة المذكورة فقال ان الانشاء كالاخبار في مقام الاستعمال مثلا لا فرق بين قوله فاكرامه واجب اى كلاهما معلق على الشرط فلا يكون المخبر به في نحو قوله فالاكرام واجب خاصا بالخصوصية الناشئة من ناحية الاستعمال فكذا الانشا

٣٤١

فى نحو قوله فاكرمه أى لا يكون المنشأ خاصا في مقام الاستعمال فتقول ان المنشأ بالصغة جزئى دون المخبر به هذا فرق بلا فارق.

قوله واورد على ما تفصى به عن الاشكال بما ربما يرجع الى ما ذكرناه الخ.

قد اشكل الشيخ على ما تفصى به عن الاشكال أى هذا ايراد عن الشيخ في دفع الاشكال السابق عند قوله اشكال ودفع.

قد اشكل ان المناط في المفهوم لم يكن سنخ الحكم بل المناط فيه هو شخص الحكم لان الشرط انما وقع بالنسبة الى الحكم الحاصل فى الخارج ولا شك في كون هذا الحكم الخارجى شخصى قد دفع هذا الاشكال بقوله لكنك غفلت عن ان متعلق الشرط انما هو نفس الوجوب الذى هو مفاد الصيغة أى نفس الوجوب كلى والخصوصية ناشئة من قبل الاستعمال لكن أورد الشيخ في دفع هذا الاشكال والتفصى عنه حاصل ايراد الشيخ ان التفصى لا يبتنى على كلية الوجوب أى المتفصى ثبت الكلية للجزاء لكن اذا كان الوجوب بلفظ الطلب لم يكن الوجوب عاما لان كون الموضوع له في الانشاء عاما لم يقم عليه الدليل بل الدليل قائم على كون الموضوع له في الانشاء خاصا حيث ان الخصوصيات بانفسها مستفادة من الالفاظ من دون القرينة هذا ايراد الشيخ على المتفصى.

قال صاحب الكفاية ربما يرجع الى ما ذكرناه بما حاصله ان التفصى لا يبتنى على كلية الوجوب الخ.

أى قال صاحب الكفاية ان ايراد الشيخ يرجع الى ما ذكرنا والمراد منه انّ صاحب الكفاية يقول ان المعلق على الشرط هو

٣٤٢

سنخ الحكم بعبارة اخرى ان الشرط علة منحصرة للحكم الكلى لا للحكم الشخصى قال صاحب الكفاية ان جوابكم ايها الشيخ يرجع الى ما ذكرنا حاصل جواب الشيخ بعبارة اخرى ان حاصل ايراده يجعل الجزاء تارة المعنى الاسمى نحو ان جائك زيد فاكرامه واجب فلا كلام هنا في كلية الجزاء ويجعل تارة معنى الهيئة فهو شخصى والظاهر ان انتفاء الحكم الكلى انما هو بانتفاء العلة المنحصرة واما اذا كان الجزاء حكما شخصيا فلا يحتاج انتفائه الى انتفاء العلة المنحصرة قال صاحب الكفاية هذا يرجع الى ما ذكرنا أى يرجع هذا الى ما ذكرناه في جواب الاشكال من ان المعلق على الشرط انما هو الحكم الكلى لا الحكم الشخصى لانه ينتفى بانتفاء موضوعه.

قوله وذلك لما عرفت من ان الخصوصيات في الانشاءات الخ.

هذا اشارة الى فساد جواب الشيخ عن الاشكال لانه جعل معنى الحرف جزئيا وكذا معنى الانشاء قال صاحب الكفاية لا فرق بين المعنى الاسمى والحرفى أى الموضوع له كلى في كليهما وان الخصوصيات فى الانشاءات والاخبارات انما تكون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوت بين المعنى الحرفى والاسمى فصح الجواب ودفع الاشكال حاصله ان المعلق على الشرط انما هو سنخ الحكم سواء كان الجزاء خبرا أو انشاء واما شخص الحكم فلم يعلق على الشرط.

قوله الامر الثانى انه اذا تعدد الشرط مثلا اذا خفى الاذان فقصر واذا خفى الجدران فقصر الخ.

يجىء بعد هذا الامر ، الامر الثالث الفرق بينهما انه يبحث في الامر الثالث من تداخل الشرطين وعدمه اما في الامر الثانى يبحث

٣٤٣

عن المفهوم في صورت تعدد الشرط أى اذا قلنا بالمفهوم للجملة الشرطية فكيف يصح هذا المفهوم في صورة تعدد الشرط مثلا اذا خفى الاذان فقصر واذا خفى الجدران فقصر اذا قلنا بالمفهوم فى الجملة الشرطية فهو مشكل فيما تعدد الشرط لان هذا مستلزم للتنافى بين مفهوم احدهما ومنطوق الاخر مثلا اذا خفى الاذان فقصر واذا خفيت الجدران فقصر فيقع فيه التنافى والتعارض بين الدليلين بناء على مفهوم الشرط ولا يخفى التعارض انما هو بين مفهوم كل منهما مع منطوق الاخر فلا بد من التصرف فيهما باحد الوجهين (الوجه الاول) ان نقيد كلا من الشرطين من ناحية ظهورهما في الاستقلال بالسببية واعلم ان ذلك الظهور ناشىء من الاطلاق والمراد منه عدم التقييد بالواو فيصير الشرط بعد التقييد فى الحقيقة هو المركب من الشرطين وكل منهما يكون جزء السبب والجملتان حينئذ كجملة واحدة لكن ركب فعل الشرط من الشرطين فجعلا بمنزلة ان يقال اذا خفى الاذان والجدران معا فقصر. (الوجه الثانى) لدفع التعارض المذكور ان نقيدهما من ناحية الانحصار أى الجملتان ظاهرتان في كون كل منهما علة منحصرة للجزاء لكن نقيد هذا الظهور فيصير حينئذ الشرط احدهما على البدلية أو يجعل الشرط الجامع بينهما ولو كان عرفيا مثلا يقال الشرط ما هو علة لوجود الجزاء اشار صاحب الكفاية الى دفع تعارض.

بقوله لا بد من رفع اليد عن الظهور اما بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الاخر فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين الخ.

٣٤٤

مثلا اذا خفى الاذان فقصر أى يجب القصر عند خفاء الاذان هذا منطوق ومفهومه اذا لم يخف الاذان فلم يجب عليك القصر فخص هذا المفهوم بمنطوق الجملة الثانية أى الا اذا خفيت الجدران فقصر ايضا وكذا العكس.

قوله اما بتقييد اطلاق الشرط في كل منهما الخ.

هذا اشارة الى ما ذكرنا في الوجه الاول أى يقيد اطلاق كل منهما بالاخر فيصير المعنى بعد التقييد ان الشرط هو خفاء الاذان والجدران معا فاذا خفيا وجب القصر.

قوله لعل العرف يساعد على الوجه الثانى كما ان العقل ربما يعين هذا الوجه الخ.

اى يحكم العرف برفع اليد عن المفهوم في صورة تعدد الشرط ولكن العقل يعين هذا الوجه أى الوجه الرابع وهو ان يجعل الشرط قدر مشترك بينهما فيجعل قوله اذا خفى الاذان واذا خفيت الجدران معرفا لهذا القدر المشترك والمراد منه عبارة من بعد المعين انما نحتاج الى هذا الجامع لان الامور المتعددة بما هى مختلفة لا يمكن ان يكون كل منهما مؤثرا في الواحد قد ذكر في باب التنازع انه لا يجوز توجه العاملين المختلفين الى معمول واحد لان هذا كتوجه العلتين الى معلول واحد فيحتاج هذا المقام الى تصوير الجامع لدفع الاشكال المذكور.

واما في ما نحن فيه اذا كان الجزاء واحدا والشرط متعددا لزم توجه العلتين الى معلول واحد فيحكم العقل ان الشرط فيما نحن فيه هو القدر الجامع اما خفاء الاذان والجدران فهما معرفان

٣٤٥

للشرط وهو عبارة من بعد المعين.

والدليل على عدم توجه العلتين الى معلول واحد هو ارتباط الخاص بين العلة والمعلول ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين بما هما اثنان فلا يمكن فيما نحن فيه ارتباط جزاء واحد بالشرطين وأيضا لا يصدر الواحد الا من واحد أى المعلول الواحد لا يصدر الا من علة واحدة فلا بد في المقام من المصير الى ان الشرط في الحقيقة واحد وهو القدر المشترك كما ذكر.

قال شيخنا الاستاد انه لا بد من السنخية بين العلة والمعلول والا لاثر كل شيء في شيء اذا تعدد العلة فلا بد من جامع لان الواحد بما هو واحد لا يمكن ارتباطه بالاثنين لكن هذا خارج عن محل بحثنا لان بحثنا في تعدد الشرط أى اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء لزم صدور الواحد من كثير هذا يصح كما ذكر في محله اما البحث عن السنخية وارتباط الخاص بين العلة والمعلول فمورده محل آخر.

قد ذكر شيخنا الاستاد هنا من باب المناسبة قال الشيخ الاعظم لا يمكن توجه العلتين الى معلول واحد وقال في العروة الوثقى يجوز توجه العلتين الى معلول واحد مثلا الصلاة والتبريد علتان للوضوء وقال بعد ذلك ان كان كل منهما علة مستقله للوضوء فلا يصح الوضوء واما ان كان الوضوء لامتثال الامر والتبريد مقصودا بالتبع فيصح الوضوء.

قوله الامر الثالث اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فلا آشكال

٣٤٦

على الوجه الثالث الخ.

يبحث في هذا الامر من التداخل وعدمه في صورة تعدد الشرط أى اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء فاما يكون الشرطان حقيقتين مختلفتين كالجنابة ومس الميت واما يكونان حقيقة واحدة كالجنابتين أى وجدت الحقيقة الواحدة مرتين قال صاحب الكفاية فلا اشكال على الوجه الثالث من الوجوه المقدمة يعنى ان الاشكال على التداخل وعدمه لا يتمشى على الوجه الثالث من الوجوه المتقدمة لان هذا الوجه كان مبنيا على تقييد اطلاق الشرط في كل من الشرطين بحيث يكون المجموع شرطا واحدا وانما يجرى بحث التداخل وعدمه في الوجوه الاخرى.

واعلم ان التداخل اما يكون في الاسباب واما يكون في المسببات أى اذا تعددت الاسباب فيتساءل ان تعددها هل يقتضى تعدد المسببات أو لا يقتضى فتتداخل الاسباب مثلا يجعل الجنابة ومس الميت سببا واحدا اما التداخل في المسببات اذا كانت تشترك فى الاسم والحقيقة كالاغسال فهل يكتفى عنها بوجود واحد لها فهذا تداخل المسببات أو لا يكتفى بوجود واحد وهذا عدم التداخل فى المسببات.

ولا يخفى ان الشرط في تداخل المسببات هو امكان تعدد الجزاء والا فهو خارج عن محل البحث مثلا اذا قتل زيد شخصا أو ارتدّ فيقتل فلا يمكن التعدد الجزاء هنا أى لم يكن القتل قابلا لتعدد فهو خارج عن محل البحث والظاهر انه اذا تعدد الشرط واتحد الجزاء ثبت هنا الظهورات الاربعة فان بقيت هذه الظهورات لزم المحال أى اجتماع المثلين فانه محال كاجتماع الضدين.

٣٤٧

تفصيل الظهورات الاول ظهور الجملة الشرطية في العلية للجزاء. الثانى ظهور جملة الجزاء في طبيعة واحدة مثلا طبيعة الاكرام وطبيعة الغسل.

الثالث ظهور كل من الشرطين في اقتضاء الجزاء المستقل ولم يكن الثانى مؤكدا للاول.

الرابع انّ المراد طبيعة الجزاء لا الافراد قد تمت الظهورات الاربعة في الجملة الشرطية في صورة تعدد الشرط وان بقيت هذه الظهورات على حالها لزم اجتماع المثلين فلا بد من رفع اليد من احد الظهورات لدفع المحال فاما نرفع اليد عن الظهور الاول ونقول لم يكن كل من الشرطين علة للجزاء بل كان كل منهما معا علة لوجوب الواحد واما نرفع اليد عن ظهور الثانى فنقول ان الجزاء اثنان حقيقة وان كان واحدا ظاهرا أى جعل الجزاء مجمع العنوانين فلا يلزم اجتماع المثلين لان الجزاء متعدد وكان الوجوبان في شيئين وان كانا مصداقا واحدا.

الحاصل انه لا يلزم اجتماع المثلين لان الجزاء حقيقتان نحو اكرم هاشميا واضف عالما فاكرم العالم الهاشمى بالضيافة فيصدق انه امتثلهما لكون هذا الواحد مجمع العنوانين وان جاز له امتثال كل منهما عليحدة كما اذا اكرم الهاشمى بغير الضيافة واضاف العالم الغير الهاشمى. واما نرفع اليد عن الظهور الثالث ونقول ان الشرطين مقتضيان الجزاء الواحد لان الجزاء الثانى مؤكدا للاول بعبارة اخرى يشدد الثانى الاول فلا يلزم اجتماع المثلين لان الوجوب واحد. واما نرفع اليد عن الظهور الرابع فنقول ان الوجوب تعلق على الافراد لا على الحقيقة الواحدة وانما يلزم

٣٤٨

اجتماع المثلين اذا تعلق الوجوبان على الحقيقة الواحدة واما اذا تعلق الوجوبان على الفردين فلم يلزم اجتماع المثلين واعلم انه اذا رفع اليد عن الظهور الاول كان المقام من تداخل الاسباب أى جعل الشرطان بمنزلة شرط واحد واما في الصورة الثانى والثالث فيصير المقام من باب تداخل في المسببات أى جعل وجوبان وجوبا واحدا.

قاعدة اذا علق الظهور بعدم الظهور الاخر فيزول هذا الظهور للمعلق بعد وجود الظهور الاخر مثلا اذا كان الظهور بمقدمات الحكمة فيزول بعد البيان قال شيخنا الاستاد ان رفع اليد عن الظهور الرابع كان الاولى لان معلق بعدم ظهور تعلق الوجوب على الافراد.

قد ذكر هنا لتوضيح البحث كلام فخر المحققين قال هل تكون الاسباب علة حقيقة أو تكون من المعرفات اذا كانت الاسباب الشرعية علة حقيقة فالظاهر عدم التداخل وأما كانت من المعرفات فالحق التداخل لان المعرفات تجعل منزلة معرف واحد ولا يخفى ان فخر المحققين قائل بكون الاسباب الشرعية من المعرفات لكن اشكل عليه لعدم الكلية هذا القول أى الاسباب الشرعية قد تكون الاسباب الحقيقية وقد تكون معرفات مثلا اذا غضب الامير فاحذر والظاهر ان الغضب علة لوجوب الحذر لكن ان قال اذا لبس الامير الاصفر فاحذر فهذا معرف لان لبس الاصفر لم يكن سببا بل هو كاشف للغضب الحاصل ان الاسباب قد تكون من المعرفات وقد تكون من العلل.

قوله : ان قلت كيف يمكن ذلك اى الامتثال بما تصادق عليه العنوانان الخ.

٣٤٩

هذا اشارة الى الاشكال حاصله ان تعدد معرفات موجب لتعدد الحكم مثلا اذا بلت فتوضأ واذا نمت فتوضأ فيصير الموضوع متعددا وهذا موجب لتعدد الحكم فلم يكن هنا التداخل ولا يدفع اشكال اجتماع المثلين في المصداق الخارجي.

قوله : قلت انطباق عنوانين واجبين على واحد لا يستلزم اتصافه بوجوبين الخ.

هذا جواب ان قلت وحاصله ان انطباق عنوانين على شيء واحد يكون مصداقا لهما لا يوجب اتصافه بوجوبين فلا بد من كون هذا المصداق محكوما بوجوب واحد متأكد.

قوله : ولا يخفى انه لا وجه لان يصار الى واحد منها الخ.

هذا اشكال على التداخل فان الاحتمالات التي ذكرت لدفع اجتماع المثلين لا تجدى لان هذه الاحتمالات كانت في مقام الثبوت واما مقام الاثبات فيحتاج الى الدليل.

قوله : مع ما في الاخيرين الى اثبات ان متعلق الجزاء متعدد متصادق على واحد الخ.

والغرض من هذا تخصيص الوجهين الاخرين باشكال مضافا الى الاشكال المشترك حاصل الاشكال المختص بالاخيرين احدهما التصرف فى ظاهر الجزاء بجعله حقايق متعددة بتعدد الشرط لكن متصادقة هذه الحقايق المتعددة على واحد.

وثانيهما الالتزام بكون الاثر الحادث في الشرط الاول نفس الوجود وفي الشرط الثانى تأكده والظاهر انّه لا بد في التصرف الاول منهما من اثبات كون الوضوء في قوله اذا بلت فتوضأ واذا

٣٥٠

نمت فتوضأ متعددا حقيقة حتى يكون الوضوء الخارجى مصداقا لطبيعتين ولم يكن على ذلك.

وايضا يحتاج الى الدليل كون الحادث بغير الشرط الاول متأكدا ما حصل بالاول.

قوله : ان قلت وجه ذلك هو لزوم التصرف في ظهور الجملة الشرطية الخ.

هذا اعتراض على قوله لا يخفى انه لا وجه لان يصار الى واحد منها الخ حاصل الاعتراض ان الدليل لارتكاب احد التصرفات المذكورة مع كونها خلاف الظاهر هو لزوم الخروج عما هو ظاهر الشرطية من اجتماع المثلين والظاهر ان الاستحالة العقلية قرينة على جواز ارتكاب خلاف الظاهر.

قوله : قلت نعم اذا لم يكن المراد بالجملة فيما اذا تعدد الشرط الخ.

هذا جواب ان قلت حاصله ان التصرف وان كان مسلما لكن يمكن صرف الجملة الشرطية بوجه آخر وان يكون متعلق الحكم في الجزاء في احدى الجمل الشرطية فردا غير الفرد المتعلق في الاخرى فالوضوء الواجب في قوله اذا نمت فتوضأ غير الفرد الواجب منه في قوله اذا بلت فتوضأ فالواجب في كل الشرطية فرد لا نفس الطبيعة فلا يلزم اجتماع المثلين.

قوله : ان قلت نعم لو لم يكن تقدير تعدد الفرد على خلاف الاطلاق الخ.

أى لا يخفى ان الاطلاق الذى متعلق الجزاء مقتضى لتعلق الحكم

٣٥١

بطبيعة الجزاء كالوضوء مثلا.

قوله : قلت نعم لو لم يكن ظهور الجملة الشرطية في كون الشرط سببا او كاشفا الخ.

الجواب عن الاشكال ان الاطلاق لا يقتضى تعلق الحكم بالطبيعة لانه يتوقف على مقدمات منها عدم البيان وعدم ما يصلح للبيانية والظاهر ان الظهور الجملة الشرطية في حدوث الجزاء عند وجود الشرط المستلزم لتعدد افراد الجزاء عند تعدد الشرط هذا بيان ومانع عن انعقاد الاطلاق الموجب لارادة الطبيعة في الجزاء بل يراد الافراد المتعددة فيغاير كل فرد يحدث عقيب الشرط لفرد يحدث عقيب شرط آخر فلا يتحد الجزاء حتى يلزم اجتماع الحكمين.

قوله : وبالجملة لا دوران بين ظهور الجملة في حدوث الجزاء وظهور الاطلاق الخ.

اى لا دوران بين ظهور الجملة في الحدوث اعنى حدوث الجزاء المقتضى لتعدد بتعدد الشرط وبين ظهور اطلاق مادة الجزاء كالوضوء في نفس الطبيعة المقتضى لوحدة الجزاء الموجبة لاجتماع الحكمين على واحد.

قوله : ضرورة الخ.

تعليل لعدم الدوران حاصله ان ظهور الجملة الشرطية في اقتضائها تعدد الجزاء بتعدد الشرط صالح لان يكون بيانا لما اريد من الجزاء هو فرد لا الطبيعة فلا وجه لارادة الطبيعة من الجزاء حتى يلزم محذور اجتماع الحكمين على واحد قد ذكر ان الوجه للتداخل

٣٥٢

هى الاحتمالات الثلاثة قد ذكرها بقوله اما بالالتزام بعدم دلالة الجملة الشرطية على المفهوم او الالتزام بحدوث الاثر عند كل شرط وكان متعلق الجزاء متعددا وان كان واحدا صورة لكن اجتمع هذه الافراد على مصداق واحد او يكون المقام من باب تداخل الاسباب ولا يخفى ان مجرد كون الاسباب الشرعية معرفات لم يكن موجبا للتداخل.

قوله : فلا وجه لما عن الفخر وغيره من ابتناء هذه المسئلة على انها معرفات او مؤثرات الخ.

قد ذكر سابقا قول فخر المحققين (قدس‌سره) حاصله ان الاسباب الشرعية معرفات حتى تقتضى التداخل او مؤثرات حتى تقتضى عدمه وايضا ذكر ان مذهب فخر المحققين هو كون الاسباب الشرعية معرفات ولم يكن هذه الاسباب العلل الحقيقية قال المصنف لا وجه لما عن فخر المحققين اى لا تبتنى مسئلة التداخل على كون الاسباب الشرعية معرفات لانها قد تكون معرفات وقد تكون مؤثرات وعللا حقيقية فلا وجه على كون الاسباب الشرعية معرفات في كل الموارد بل هى على نوعين معرفات ومؤثرات مثلا الاستطاعة موجبة للحج فهذا السبب مؤثر وعلة لوجوب الحج وخفاء الاذان معرف لما هو المؤثر في وجوب القصر وهو البعد المعيّن.

الحاصل ان الشرط الشرعى كغيره قد يكون مؤثرا كقوله اذا شككت فابن على الاكثر وقد يكون امارة على ما هو مؤثر في الحكم الشرعي كخفاء الجدران الذى هو امارة على حد الترخص وكذا الشرط غير الشرعى قد يكون مؤثرا كطلوع الشمس بالنسبة الى

٣٥٣

وجود النهار وقد يكون امارة كضوء العالم الذى هو امارة طلوع الشمس.

قوله : نعم لو كان المراد بالمعرفية في الاسباب الشرعية انها ليست بدواعى الاحكام الخ.

هذا اشكال على الاشكال الثاني الذى ذكر بقوله مع ان الاسباب الشرعية حالها حال غيرها الخ. حاصل الاشكال ان المعرف في الاسباب الشرعية ان كان المراد به ما لا يكون ملاكا للحكم اى كالمصالح والمفاسد التي هى من لخواص الثابة في الاشياء فالمعرف حينئذ يكون نفس موضوع الحكم او مما دخل في قوام الموضوع كاجزائه وشرائطه فان كان المراد من المعرف هذا المعنى فلا مانع من دعوى الايجاب الكلى اى كون الاسباب الشرعية كلها معرفات اى لم تكن مصالحا ومفاسدا للاحكام.

قوله : فهو وان كان له وجه الا انه مما لا يكاد يتوهم انه يجدى فيما هم واراد.

اى فكون المراد بالمعرفية عدم كون الاسباب الشرعية دواعى الاحكام هذا صحح لكنه لا ينفع فيما اراده من ابتناء التداخل على المعرفية اى لا يصح التداخل وان سلمنا المعرفية بالمعنى المذكور ووجه ذلك ان المراد بالمعرفية هو الموضوع الحكم الشرعى والظاهر ان كل موضوع يقتضى حكما وكل شرط يقتضى الجزاء فلا يجدى ما ذكر فيما هو مهم اى لا يجدى ما ذكر في صحة التداخل.

٣٥٤

قوله : انه لا وجه للتفصيل بين اختلاف الشرط بحسب الاجناس الخ.

قد فصل بعض كابن ادريس (قدس‌سره) بين اختلاف الشروط بحسب الاجناس وعدمه اى ان كان شرطان جنسين كالنوم والبول فالاختيار هنا عدم التداخل واما اذا كان شرطان جنسا واحدا فالاختيار هنا التداخل وينزل سببان بمنزلة سبب واحد قال صاحب الكفاية لا وجه لهذا التفصيل الا لتوهم اى توهم المفصل عدم صحة التعليق بعموم اللفظ في الصورة الثانية وهى وحدة جنس الشرط وان كان افراده متعددا الحاصل انه مع وحدة الجنس لم يوجد الا سبب واحد.

قوله : وهو فاسد الخ.

وجه الفساد ان تعدد الشرط يقتضى تعدد الجزاء وان كان الشرط جنسا وحدا الحاصل انه اذا قلنا بالتداخل في صورة كون الجزاء جنسا واحدا فلا بد القول بالتداخل في صورة تعدد الجنس أيضا اى ان كانت الجملة الشرطية ظاهرة في مجرد الثبوت عند الثبوت الشرط فلا بد في شروط المختلفة جنسا من الالتزام بالتداخل ايضا الظاهر ان وحدة جنس الشروط لم تكن مانعة عن ظهور اطلاق الشرط في حدوث الجزاء عند حدوث الشرط.

قد ذكر ان بحث التداخل وعدمه انما يجرى فيما اذا كان موضوع الحكم في الجزاء قابلا لتعدد واما اذا لم يكن الجزاء قابلا للتعدد كقتل الشخص للقصاص والارتداد فهو خارج عن محل النزاع قد ذكر هنا نتيجة البحث تبعا لشيخنا الاستاد اى كان البحث في التداخل

٣٥٥

وعدمه قال المشهور اذا تعدد الشرط تعدد الجزاء فلا بد من التداخل في الاسباب أو المسببات ولا فرق في صورة تعدد الشرط بين كون الشروط الاجناس المختلفة وبين كونها جنسا واحدا.

ولكن ابن ادريس (قدس‌سره) فصل بين كون الشروط اجناسا متعددة وبين كونها جنسا واحدا فيتعدد الجزاء في القسم الاول دون الثانى فيقال في جوابه هل يكون مرادكم الطبيعة أو الوجود والظاهر ان المراد هو الوجود فلا فرق بين كون المشروط الاجناس المتعدده أو كونها جنسا واحدا لان وجود الشرط متعدد هو مقتضى لتعدد الجزاء فلا بد في صورة تعدد الشرط من جامع حتى لا يلزم صدور الواحد من كثير.

الحاصل ان الحق مع المشهور أى ان تعدد الاسباب يقتضى التداخل ولا يخفى ان محل النزاع انما هو فيما كان الجزاء قابلا للتعدد ولا يجرى هذا النزاع فيما لم يكن الجزاء قابلا للتعدد مثل ان ارتد شخص فاقتل وان قتل فاقتل فلو وجد من شخص الارتداد والقتل معا فلا يمكن فيما ذكر تعدد القتل لان القتل شيء واحد لا يقبل التعدد والحصص فيكون التداخل في الاسباب في هذه الصورة وكان التأثير للشرط الاول ويمكن ان يكون في مثل ما ذكر التداخل في المسببات أى كان القتل الثانى مؤكدا للاول فظهر من البيان المذكور انه اذا كان التداخل في الاسباب فالتأثير للاول واما اذا كان التداخل في المسببات فالثانى مؤكد للاول أى الوجوب الثانى مؤكد للاول ولم يكن الوجوب الثانى مستقلا حتى يلزم اجتماع المثلين.

خلاصة المبحث انه يبحث اولا من مفهوم الشرط وقد ذكر

٣٥٦

سابقا ان مفهوم الشرط يتوقف على تمامية الامور الاربعة احدها ظهور الجملة الشرطية في العلية وثانيها ظهور الجزءا في الحقيقة الواحدة الثالث ان كل الشرطين مقتض للجزاء. رابعها ان يكون المراد طبيعة الجزاء فيثبت المفهوم بعد هذه الظهورات وذكر أيضا بحث تداخل الاسباب والمسببات وبيّن في ضمن البحث عدم صحة التداخل اذا قلنا بعدم التداخل فلا يصح المفهوم في صورة تعدد الشرط لان مفهوم كل الشرطين معارض لمنطوق الاخر.

البحث في مفهوم الوصف

قوله فصل الظاهر انه لا مفهوم للوصف وما في حكمه الخ.

كان البحث الى هنا في مفهوم شرط الان نبحث في مفهوم الوصف مطلقا اى سواء ذكر موصوفه أو لم يذكر فيبحث في المقام عن مفهوم الوصف أى هل ينتفى الحكم بانتفاء الوصف ام لا قال المصنف في العبارة والوصف وما بحكمه الظاهر ان المراد من الوصف هو النعت النحوى والمراد من ما بحكمه هو كل ما كان قيدا للموضوع سواء كان نعتا أو حالا ولا يخفى ان المراد من الوصف اعم من ان يكون مشتقا او شيئا انتزاعيا كالزوجية والملكية.

فقال بعض ان انتفاء الوصف دال على انتفاء الحكم لان تعليق الحكم بالوصف مشعر بالعلية قال صاحب الكفاية ان انتفاء الوصف لم يكن دالا على انتفاء الحكم أى لم يكن للوصف المفهوم والوجه على ذلك انه لو كان للوصف مفهوم لكان معارضا مع الدليل الاخر مثلا قال اولا اكرم رجلا عالما وقال في محل آخر اكرم رجلا فان

٣٥٧

كان للوصف مفهوم كان قوله اكرم رجلا معارضا مع مفهوم قوله اكرم رجلا عالما والظاهر انه لم يكن التعارض بين الكلامين فعلم من هذا عدم المفهوم للوصف قد ذكر القائلون بالمفهوم ادلة متعددة لاثبات المفهوم. الاول التبادر أى يثبت بالتبادر المفهوم للوصف. الثانى انه اذا لم يكن للوصف مفهوم لزم لغويته الثالث ان التقييد الحكم بالوصف مشعر بالعلية.

فاجاب صاحب الكفاية عن هذه الادلة فاجاب عن الاول انه لم يتبادر المفهوم في مقام الوصف فلا يثبت الوضع والجواب عن الثانى انه اذا قلنا بعدم المفهوم فلم يلزم اللغوية لعدم انحصار فائدة الوصف في المفهوم والجواب عن الثالث ان هذا الاشعار وان كان مسلما الا انه ما لم يصل الى حد ظهور لا ينفع في الدلالة على المفهوم.

قوله ولا ينافى ذلك ما قيل من ان الاصل في القيد ان يكون احترازيا الخ.

أى استدل بعض لاثبات المفهوم بان الاصل في القيود ان تكون احترازيا والجواب عنه ان هذا مسلم ولكن معنى الاحتراز هو تضييق دائرة الموضوع واخراج ماعد القيد عن شمول شخص الحكم له وليس هذا من المفهوم في الشيء لان اثبات الحكم لموضوع لا ينفى ثبوت سنخ الحكم لما عداه.

الحاصل ان كون القيد احترازيا لا يوجب الا تقييد دائرة الموضوع مثل ما اذا كان تضييق دائرة الموضوع بلفظ فلا فرق بين قوله جئنى بانسان أو بحيوان ناطق والظاهر ان الانسان مضيق

٣٥٨

بلفظ واحد واما حيوان ناطق فهو مضيق بالتقييد فلا فرق بينهما فى عدم المفهوم.

قد استدل بعض لدلالة الوصف على المفهوم بحمل المطلق على المقيد ونسب هذا الى الشيخ البهائى (قدس‌سره) حاصله ان حمل المطلق على المقيد دليل على ثبوت المفهوم للوصف مثلا اذا قال المولى اعتق رقبة مؤمنة كان مقتضاه اجزاء كل رقبة وان كانت كافرة واذا قال اعتق رقبة مؤمنة كان مفهومه عدم اجزاء الرقبة الكافرة.

قال صاحب الكفاية لا يلزم في حمل المطلق على المقيد فيما وجد شرائطه الا تضييق المطلق ولا حاجة فيه الى الدلالة على المفهوم اى كان قوله اعتق رقبة مؤمنة لتضييق دائرة المطلق وربما قيل لا يصح حمل المطلق على المقيد باعتبار المفهوم لان ظهوره ليس باقوى من ظهور المطلق في الاطلاق والظاهر ان المنطوق اقوى من المفهوم فثبت ان حمل المطلق على المقيد لم يكن من باب المفهوم.

قوله واما الاستدلال على عدم الدلالة بآية ربائبكم الخ.

هذه الاية حجة للنافين توضيح الاستدلال ان ربائب جمع ربيبة أى بنت الزوجة من الزوج السابق والتي صفة لربائب ان قلنا بالمفهوم لزم عدم حرمة الربائب التي لم يكن في حجور أى ثبت الحرمة للربائب التي كانت في حجوركم حجور جمع حجر بالفارسية كنار ـ دامان ـ آغوش أى حرام شود از براى زوج ربيبه كه ان صفت دارد در دامان وآغوش زوج باشد واگر ربيبة در آغوش

٣٥٩

زوج نباشد برايش حرام نيست.

الحاصل انه لو كان للوصف مفهوم لزم عدم حرمة ربيبة التي لا تكون في حجر زوج وهو كما ترى اذ لا خلاف في حرمة الربيبة التي لا تكون في حجر الزوج أى لا فرق في الحكم بين الربيبة التي كانت في الحجر وبين غيرها.

قوله ففيه ان الاستعمال في غيره احيانا مع القرينة مما لا ينكر الخ.

أى لا يصح كون هذه الاية دليل لعدم المفهوم لان عدم المفهوم للوصف هنا كان مع القرينة ولا يخفى ان موارد القرينة على ثبوت المفهوم للوصف او نفيه عنه خارجة عن محل النزاع الذى هو دلالة الوصف بنفسه على المفهوم وعدمها عليه وأيضا كان الوصف فى الاية لبيان المورد الغالب ولا خلاف هنا في عدم المفهوم للوصف.

قوله تذنيب لا يخفى انه لا شبهة في جريان النزاع فيما اذا كان الوصف اخص من موصوفه الخ.

يبحث في هذه التذنيب عن الوصف الذى كان محل النزاع هو فيما كان الوصف قابلا للثبوت والانتفاء مع بقاء الموصوف فيبحث فى هذا المورد من انتفاء الحكم عند انتفاء الوصف. توضيح البحث فى هذا التذنيب ان الوصف على اربعة اقسام : الاول ان يكون الوصف مساويا للموصوف كالانسان الضاحك. الثانى ان يكون اعم من موصوفه كالانسان الماشى أى كان بين الوصف والموصوف الاعم والاخص مطلقا لكن الوصف اعم الثالث ان يكون الوصف

٣٦٠