هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

وعدمها مثلا ان جائك زيد فاكرمه والمفهوم من هذه الجملة ان لم يجىء زيد فلا يجب اكرامه والدليل على هذا انه اذا انتفى الشرط انتف الجواب ففى المثال المذكور ينتفى وجوب الاكرام بانتفاء المجيء والظاهر ان عدم وجوب الاكرام حكم غير مذكور فصحّ على هذا قول من يقول ان المفهوم انما هو حكم غير مذكور.

لكن لا يصح تعريف من يقول ان المفهوم حكم لغير مذكور والمنطوق حكم للمذكور وجه عدم الصحة ان عدم وجوب الاكرام لم يكن حكما لغير مذكور اى لم يكن هذا التعريف جامعا ومانعا لان المفهوم في نحو ان جاء زيد فاكرمه هو ان لم يجيء زيد فلا يجب اكرامه فان عدم وجوب اكرام في المثال المذكور حكم للمذكور والمراد من المذكور هو زيد اى عدم وجوب اكرام حكم للمذكور الذى هو زيد في المثال المذكور فظهر من هذا البيان ان تعريف المنطوق لم يكن مانعا لان هذا القائل عرف المنطوق بانه حكم المذكور فالمفهوم اى عدم وجوب الاكرام في المثال المذكور ايضا حكم للمذكور اى زيد وايضا لم يكن تعريف المفهوم جامعا لان عدم وجوب الاكرام في المثال خارج عن هذا التعريف.

ويذكر هنا التعريف الاخر للمفهوم وهو ان المفهوم هو حكم دل عليه اللفظ لا في النطق والمنطوق هو حكم دل عليه اللفظ في محل النطق مثلا ان جاء زيد فاكرمه فوجوب اكرام في محل نطق اما عدم وجوب اكرام عند عدم المجيء فلم يكن في محل نطق قال شيخنا الاستاد هذا التعريف حسن مثلا لا تقل لهما افّ أى عدم اف داخل في محل النطق واما عدم الضرب والشتم فلم يكونا داخلين فى محل النطق لكن اشكل على هذا التعريف ايضا اى لم يكن في

٣٢١

هذا التعريف الاطراد والانعكاس لان حرمة الضرب والشتم في المثال تعرف من الباب الاولوية هذا داخل في محل النطق اى هذه بالدلالة الالتزامية التي هى داخلة في محل النطق.

الحاصل انه ذكرت للمفهوم التعارف الثلاثة الاول ان المفهوم انما هو حكم غير مذكور والمنطوق هو حكم مذكور الثانى ان المفهوم حكم لغير مذكور والمنطوق حكم للمذكور الثالث ان المنطوق هو حكم دل عليه اللفظ في محل النطق والمفهوم هو حكم دل عليه اللفظ لا في محل النطق وكلها لا تخلو عن المناقشة قد ذكر وجه المناقشة في التعريف الثانى والثالث واما وجه المناقشة في التعريف الاول فانه لا يصح في مفهوم الموافقة في نحو لا تقل لهما افّ لان الحكم في هذا المثال مذكور والمراد من الحكم هو الحرمة فلا يصح قول من يقول ان المفهوم انما هو حكم غير مذكور في المثال المذكور.

هنا بحث آخر هو ان المفهوم من صفات المدلول او الدلالة فيقال ان المفهوم والمنطوق كلاهما من صفات المدلول مثلا زيد جزئي أى مفهومه جزئى فيكون وصف زيد بالجزئية من قبيل وصف الشيء بوصف متعلقة وكذا في المقام اذا قلنا ان الدلالة مفهومية كان هذا من قبيل التوصيف بحال المتعلق.

قوله : قد انقدح من ذلك ان النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه الخ.

أى المفهوم ما هو لازم للمنطوق بعبارة اخرى ان المنطوق مستتبع للمفهوم اى المنطوق طالب للتابع الذى هو عبارة عن المفهوم.

٣٢٢

الحاصل ان المنطوق يمدّ الى الخصوصية اى يدل المنطوق على الخصوصية التي تمد الى المفهوم سواء كانت هذه الخصوصية بالوضع او بمقدمات الحكمة مثلا اذا قلنا ان الجملة الشرطية دالة على الخصوصية والمراد منها هنا كون الشرط علة منحصرة فيثبت هذا بمقدمات الحكمة اى كان المولى في مقام البيان فلو كانت هنا علة اخرى غير هذه العلة الموجود بيّنها مثلا قوله في الغنم السائمة زكاة فالعلة المنحصرة السوم فتثبت هذه العلة بمقدمات الحكمة اى كان المولى في مقام البيان لو كان غير هذه العلة لوجوب الزكاة لبيّنه.

واعلم ن الدلالة الالتزامية على قسمين احدهما دلالة اللفظ على خارج ما وضع له فلم يكن هذا القسم من المفهوم بل كان من الدلالة المنطوقية وثانيهما ان المنطوق يدل على الخصوصية وهذه الخصوصية تمدّ الى المفهوم والمراد من المفهوم هذا القسم من الدلالة الالتزامية اى الخصوصية تدل على المفهوم.

فائدة المفهوم عبارة عن حكم انشائى او اخبارى الاول مثل عدم وجوب الاكرام المستفاد من نحو ان جاء زيد فاكرمه هذا المفهوم للخصوصية التي تفهم من كلمة ان او هيئة الجملة قد ذكر تفصيل هذه الخصوصية هذا مثال للحكم الانشائي.

والثاني مثل عدم ضرب المتكلم المستفاد من قوله ان ضربت ضربت وهو حكم اخبارى اللازم لخصوصية تدل على المفهوم.

قوله : فصل الجملة الشرطية هل تدل على الانتفاء عند الانتفاء الخ.

البحث في مفهوم الشرط ولا يخفى ان قوله ان الجملة الشرطية

٣٢٣

هل تدل على المفهوم هذا تسمية باحد الجزئين والا فالمفهوم مرتبط بالشرط والجزاء واعلم ان النزاع هنا صغروى اى هل تدل الجملة الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء بعبارة اخرى هل يكون المفهوم للجملة الشرطية ام لا انكر السيد المرتضى هذه الدلالة لكن اثبتها مع القرينة هذا خارج عن محل النزاع وايضا يبحث عن كون هذه الدلالة بالوضع او القرينة هل يكون الدال على المفهوم كلمة الشرط او الهيئة فيحتاج المثبت للمفهوم الى الدليل واما الشخص النافى فلم يكن محتاجا الى الدليل بل نفيه كاف واما اثبات فاما يكون بالوضع واما يكون بالقرينة العامة والمراد بالقرينة العامة هى مقدمات الحكمة قال شيخنا الاستاد اذا كان ثبوت المفهوم بالقرينة فالمعتبر وجودها بالدوام.

وبعبارة شيخنا الاستاد به يك گل ويا دو گل بهار نمى شود بايد قرينة مقدمات حكمت دائمى باشد فلا بد للقائل بالدلالة من اقامة البرهان واثبات الاشياء الاربعة. الاول اثبات كون الاداة للملازمة الثانى كون اللزوم بنحو الترتب اى العلية. الثالث علية المقدم للتالى. الرابع ان تكون هذه العلة بنحو العلة التامة اما اثبات هذه الاشياء الاربعة فلم يمكن للمدعى المفهوم فالقائل بعدم الدلالة على المفهوم يمنع اولا دلالة الجملة الشرطية على اللزوم بل تدل على مجرد الثبوت عند الثبوت من باب الاتفاق او كان اللزوم في بعض الموارد لاجل القرينة. وثانيا يمنع هذا القائل الترتب بعد فرض تسليم اللزوم وجه المنع انه يمكن ان يكون المقدم والتالى معلولين للعلة الثالثة كوجود النهار والضوء فانهما معلولان لطلوع الشمس والظاهر انه لم يكن الترتب بين

٣٢٤

المعلولين بل كان بينهما اللزوم وثالثا يمنع كون المقدم علة تامة للجزاء بعد تسليم الترتب ورابعا يمنع كون المقدم علة منحصرة للتالى توضيحه بالمثال الخارجى قد ذكر في باب الشهادة ان العلة في قبول الشهادة ضم الرجل الثانى الى الاول فلم يكن هذا علة منحصرة بل يمكن ضم امرأتين الى الشاهد الاول او ضم اليمين اليه فظهر انّ ضم الرجل الثانى الى الاول لم يكن علة منحصرة في قبول الشهادة تمّ الى هنا المثال الخارجى كذا الحكم فيما نحن فيه اى لم يكن الشرط علة منحصرة للجزاء قد ثبت الى هنا انّه لو سلمنا اللزوم والترتب والعلية في الجملة الشرطية لكن لا نسلم كون الشرط علة منحصرة للجزاء الحاصل ان الجملة الشرطية تدل على المفهوم بعد ثبوت هذه الامور الاربعة المذكورة اذا انتفى احدها انتفى المفهوم في الجملة الشرطية.

قد استدل القائل بالترتب والعلية بانه يتبادر من الجملة الشرطية الترتب على نحو العلة المنحصرة والتبادر علامة الحقيقية قال صاحب الكفاية دعوى التبادر على العلة المنحصرة بعيدة على مدعيها لان الجملة الشرطية تستعمل على نحو الترتب في مطلق اللزوم فليس الوجه لتبادر العلة المنحصرة والجواب الاخر انه لا فرق بين ارادة مطلق اللزوم من جملة الشرطية وبين ارادة العلة المنحصرة منها اى لا تحتاج ارادة مطلق اللزوم من الجملة الشرطية الى القرينة ورعاية العلاقة بل تتبادر العلة غير المنحصرة كالعلة المنحصرة من الجملة الشرطية ثبت الى هنا ان الجملة الشرطية لا تدل على المفهوم لان ثبوت المفهوم متوقف على الامور الاربعة المذكورة وايضا استدل صاحب الكفاية على عدم

٣٢٥

المفهوم بالمحاورات مثلا اذا قال شخص زيد حسن قيل له انّ كلامك يدل على عدم حسن المخاطب فيقول المتكلم في الجواب ليس المفهوم لكلامى وكذا يصح في الجملة الشرطية ان يقول المتكلم ليس المفهوم لكلامى فعلم من صحة هذا الجواب عدم المفهوم للجملة الشرطية.

قوله واما دعوى الدلالة بادعاء انصراف اطلاق العلاقة اللزومية الى ما هو اكمل افرادها الخ.

أى استدل المستدل لاثبات العلة المنحصرة بادعاء انصراف اطلاق العلاقة اللزومية الى ما هو اكمل افرادها والظاهر ان فرد الاكمل في المقام هو علية الشرط للجزاء بنحو العلة المنحصرة فاجاب صاحب الكفاية ان هذا الاستدلال فاسد جدا لعدم كون الاكملية موجبة للانصراف بل يكون الانصراف بكثرة الاستعمال ولم تكن الاكملية والاكدية موجبة للانصراف.

قوله هذا مضافا الى منع كون اللزوم بينهما اكمل مما اذا لم تكن العلة بمنحصرة الخ.

هذا اشكال على اكملية العلة المنحصرة أى ولو سلمنا كون الاكملية موجبة للانصراف فلم يصح الاكملية في المقام بعبارة اخرى لمنع كون اللزوم على نحو العلة المنحصر اكمل مما لم تكن العلة المنحصرة لان الانحصار لا يوجب ان يكون ذاك ربط الخاص وتأثير العلة المنحصرة في معلولها اقوى وآكد من غيرها بل كل الربط وتأثير العلة في معلولها مساو من حيث الاقوائية.

الحاصل انه لا فرق في اللزوم أى سواء كان هذا اللزوم بين

٣٢٦

المعلول والعلة المنحصرة او بين المعلول والعلة غير المنحصرة وأيضا اشكل على كون الشرط علة للجزاء أى يمكن ان يكون الجزاء علة للشرط مثل ان كان هذا محموم فهو متعفن الاخلاط ويقول المستدل انّ قرينة مقدمات الحكمة تدل على ثبوت المفهوم فيقال في الجواب لا تنفع مقدمات الحكمة في المقام لان نفعها متوقف على اثبات الامور الاربعة المتقدمة واما اثبات مقدمات الحكمة في المورد الخاص فلا ينفع مثلا لفظ اسد يستعمل في الرجل الشجاع بالقرينة فلا يثبت كون الرجل الشجاع مدلول الاسد واعلم ان الملازمة على اقسام أى أما يكون المقدم علة للتالى واما يكون بالعكس واما ان يكون المقدم والتالى كلاهما معلولين لعلة واحدة وما ينفع في المقام هو الاول.

قوله ان قلت نعم ولكنه قضية الاطلاق بمقدمات الحكمة الخ.

أى كان البحث في المفهوم في الجملة الشرطية قال صاحب الكفاية من ادعى ثبوت المفهوم فيحتاج الى اشياء الا اربعة الاول اللزوم الثانى الترتب والعلية الثالث علية الشرط للجزاء الرابع كون الشرط علة منحصرة للجزاء لكن صاحب الكفاية يمنع من كون الشرط علة منحصرة للجزاء كما ذكر وجهه بعد فرض تسليم اللزوم والعلية المطلقة.

قد استدل الخصم لاثبات العلية المنحصرة بالتبادر والانصراف واجيب عن هذا الاستدلال أى قال ان الدعوى التبادر بعيد جدا وان الاكملية لم تكن موجبة للانصراف هذا حاصل ما ذكر سابقا واستدل ثالثا لمفهوم الشرط وكونه علة منحصرة للجزاء بمقدمات الحكمة ولا فرق في جريان مقدمات الحكمة في نفس الشرط

٣٢٧

وجريانها في فعل الشرط أى يمكن ان يستدل للمفهوم بانه مقتضى الاطلاق بقرينة الحكمة فيقاس كلمة ان أو هيئة الجملة الشرطية بصيغة افعل فان اطلاقها يقتضى ان يكون الواجب عينيا لان المحتاج الى مزيد البيان على اصل الصيغة هو الواجب الكفائى فاذا لم ينصب المولى قرينة على ارادته فيعلم ان مراده الواجب اليعنى وكذا يقتضى اطلاق صيغة افعل ان يكون الواجب نفسيا لان المحتاج الى مزيد البيان هو الواجب الغيرى هذا بيان للمقيس عليه فنشرع في توضيح المقيس ونقول ان اداة الشرط دالة على اللزوم والترتب فاما ان يكون على نحو العلة المنحصرة واما ان يكون على نحو العلة غير المنحصرة اذا شك فيهما يتمسك بمقدمات الحكمة أى يقتضى اطلاق الشرط والهيئة ان المراد العلة المنحصرة لان المولى في مقام البيان لو كان المراد غيرها بينه بعبارة اخرى ان المحتاج الى مزيد البيان هو العلة الغير المنحصرة فثبت كون الترتب علة منحصرة بمقدمات الحكمة.

قوله قلت اولا هذا فيما تمت هناك مقدمات الحكمة الخ.

هذا جواب عن الاستدلال بمقدمات الحكمة أى قال المستدل ان اللزوم والترتب كان بمقدمات الحكمة فاجاب المصنف انا سلمنا مقدمات الحكمة في المقيس عليه أى صيغة افعل لكن لا تكاد تتم في المقيس لان مقدمات الحكمة تجرى في الامور الكلية اما اللزوم والترتب في الجملة الشرطية فهما مفاد الحرف لان كلمة ان لشرطية تدل على هذا المعنى أو الهيئة تدل عليه والظاهر ان مفاد الهيئة معنى حرفى قد سبق ان المعنى الحرفى جزئى ولا

٣٢٨

استقلال له ومقدمات الحكمة انما تجرى فيما هو كلى ومستقل بنفسه.

وقد استشكل شيخنا الاستاد على هذا الجواب بان هذا الجواب لا يصح على مسلك صاحب الكفاية لانه قائل بالمساوات بين المعنى الحرفى والاسمى أى ان الموضوع له في الحروف هو بعينه الموضوع له في الاسماء وانما الفرق من جهة اخرى وهى ان الحرف وضع لاجل ان يستعمل في المعنى الجزئى بعبارة اخرى ان الفرق بين المعنى الاسمى والحرفى انما يكون من ناحية الاستعمال قد ذكر الى هنا جواب الاستدلال مع اشكال شيخنا الاستاد عليه.

والجواب ثانيا انا لا نسلم عدم احتياج العلة المنحصرة الى القرينة الخاصة ضرورة ان كل واحد من انحاء اللزوم والترتب محتاج في تعيينه الى القرينة مثل الاخر أى سواء كان اللزوم والترتب بنحو العلة المنحصرة ام لا محتاج الى مزيد البيان والقرينة بلا تفاوت اصلا.

قوله ثم انه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم باطلاق الشرط الخ.

قد استدل لاثبات المفهوم بمقدمات الحكمة واشكل عليه بانه لا تجرى مقدمات الحكمة في الجزئيات اما هذا الاستدلال فهو راجع الى الاطلاق الاحوالى والفرق بين هذا الاطلاق والاطلاق السابق انه راجع الى ادوات الشرط مثل ان واذا والاستدلال للمفهوم بانه مقتضى الاطلاق بمقدمات الحكمة.

واما المراد من هذا الاطلاق في قوله ثم انه ربما يتمسك

٣٢٩

للدلالة على المفهوم باطلاق الشرط فهو الاطلاق الاحوالى وهذا الاطلاق راجع الى الشرط النحوى مثل المجيىء في ان جائك زيد فاكرمه أى يعلم من اطلاق ان جائك عن هذا الشرط علة منحصرة لوجوب الاكرام والا لقيد مثلا يقال ان جائك زيد وسلم فاكرمه اذا ذكر لفظة ان جائك فقط علم من هذا الاطلاق ان لفظة ان جائك علة منحصرة فعلم من البيان المذكور انه اذا كان للشرط قيد وجب اتيانه بلفظ «و» نحو ان جائك زيد وسلم واما اذا لم يذكر القيد علم ان الشرط المذكور علة منحصرة هذا استدلال بالاطلاق لاثبات كون الشرط علة منحصرة واجاب صاحب الكفاية عن هذا فى قوله وفيه انه لا تنكر الدلالة على المفهوم مع اطلاقه كذلك الخ.

هذا رد للاطلاق المذكور حاصله ان تم الاطلاق من هذه الحهة أى كون المتكلم في مقام بيان انحصار الشرط وترتب الجزاء عليه فلا ينكر دلالة الشرط على المفهوم لكن اثبات هذا الاطلاق مشكل لا مكان عدم كون المتكلم من هذه الجهة في مقام البيان أى يمكن ان لا يكون المتكلم في مقام بيان علة المنحصرة وقولكم انه اذا لم يكن الشرط علة منحصرة فلا بد توصيفه بالعدل قبلا أو بعدا واما مع عدم توصيف الشرط المذكور بالعدل فعلم ان الشرط علة منحصرة فنقول ان مثل هذا المورد نادر تحققه أى كون المتكلم في مقام البيان من هذه الجهة نادر بل نقول بعدم تحقق هذا المورد.

توضيحه يمكن ان يكون المتكلم بالنسبة الى شيء في مقام البيان ويمكن ان لا يكون بالنسبة الى الشيء الاخر في مقام البيان

٣٣٠

مثلا قيل في صيد الكلب كلوا مما قتله الكلب المعلم فهذا مطلق من جهة قطع الاوداج لان المولى في مقام البيان من هذه الجهة أى يحل ما قتله الكلب المعلم سواء حصل فرى الاوداج الاربعة ام لا ولكن لم يكن المولى في مقام البيان من جهة طهارة المحل الذى باشره فم الكلب حتى يحكم بعدم احتياج هذا المحل الى التطهير.

كذا الحكم فيما بين فيه فكان المتكلم في مقام البيان من جهة كون الجزاء مترتبا على الشرط ولم يكن في مقام البيان من جهة كون. الشرط علة منحصرة للجزاء ام لا فلم يتم الاستدلال بالاطلاق في كون الشرط علة منحصرة.

قوله فتلخص بما ذكرنا انه لم ينهض الدليل على وضع مثل «ان» على تلك الخصوصية الخ.

أى ظهر مما سبق عدم اثبات المفهوم في القضايا الشرطية اما وضع ادوات الشرط للعلة المنحصر المستلزمة للمفهوم فهو مفقود هنا واما القرينة العامة بانحائها الثلاثة من الانصراف ومقدمات الحكمة والاطلاق الجارى في حالات الشرط فلا يخفى ان القرينة العامة مفقودة في المقام أيضا ولكن قيام القرينة العامة فى بعض الموارد أو قيام القرينة الخاصة كذلك فلا يجدى للقائل بالمفهوم لان الاصولى يبحث عن ثبوت المفهوم بنحو القضية الكلية لا عن ثبوته في بعض الموارد.

قوله اما توهم انه قضية اطلاق الشرط بتقريب ان مقتضاه تعينه الخ.

قد استدل القائل بالمفهوم اولا بالوضع ادوات الشرط للعلة

٣٣١

المنحصرة واجيب عنه بان هذا مشكل لان ادوات الشرط قد استعملت في مطلق اللزوم والترتب فان كان وضعها للعلة المنحصرة لزم ان يكون استعمالها في غيرها مجازا ولم يقل احد بان يكون استعمال ادوات الشرط في غير العلة المنحصرة مجازا.

الدليل الثانى للمستدل الانصراف قد اجيب عنه بان الانصراف لا يصير موجبا لكون الشرط علة منحصرة. الدليل الثالث مقدمات الحكمة قد اجيب عنه ان مقدمات الحكمة تجرى في الشيء الكلى لا فيما هو مفاد الحرف. الدليل الرابع الاطلاق الاحوالى قد اجيب عنه بان هذا الاطلاق نادر التحقق. الخامس الاطلاق العدلى وهذا أيضا من القرائن العامة واستدل على اثبات المفهوم للجملة الشرطية تقريب هذا الاستدلال ان ذات الشرط كالمجيىء في مثل ان جائك زيد فاكرمه يكون شرطا فالجزاء مستند الى ذاته ومترتب عليه ولا يخفى ان ادوات الشرط تقيد الجزاء بالشرط والمراد من الاطلاق في المثال المذكور هو عدم بيان العدل للمجيىء يقتضى كونه علة منحصرة للجزاء بحيث يدل على الانتفاء عند الانتفاء ويسمى الاطلاق هنا عدليا أى العدل الذى يقتضيه العطف ب «او» واما الاطلاق السابق يسمى احواليا أى يعلم من عدم تقييد الشرط بالشيء الاخر انه علة منحصرة بعبارة اخرى انه لما لم يقارن هذا الشرط بالشرط الاخر علم ان هذا الشرط مؤثر وحده.

وقد ذكر نظير هذه المسئلة في باب الاوامر في مبحث الواجب التعيينى والتخييرى توضيحه الواجب التعيينى هو الواجب بلا واجب آخر وبلا عدل ويقابله الواجب التخييرى أى ما يكون له عدل كخصال كفارة العمدى في صوم شهر رمضان المخيرة بين اطعام

٣٣٢

ستين مسكينا وصوم شهرين متتابعين وعتق رقبة مثلا يقال صم أو اطعم أو اعتق فاذا علم واجب انه من اى القسمين فذاك والا فمقتضى اطلاق صيغة الامر وجوب ذلك الفعل فالقاعدة تقتضى عدم سقوطه بفعل آخر لان التخيير محتاج الى مزيد البيان بعبارة الاخرى الواجب التخييرى ما عطف عليه شيء ب «او».

وكذا فيما نحن فيه مثلا اذا قال المتكلم ان جائك زيد فاكرمه علم من اطلاق هذا الشرط انه علة منحصرة اذ لو كان هنا شرط آخر لعطف ب «او» فيثبت باطلاق الشرط وعدم ذكر العدل له ان هذا الشرط علة منحصرة.

والجواب عن هذا الاستدلال يحتاج الى معرفة ادوات الشرط أى لاىّ المعنى وضعت ادوات الشرط هل وضعت لبيان مدلولها بعبارة شيخنا الاستاد بايد معلوم شود كه كار ادوات شرط چيست ولا يخفى انها وضعت لبيان تأثير فعل الشرط في الجزاء ولم توضيح لبيان تعدد الشرط وعدم تعدده لكن يصح قولكم في الواجب التعيينى والتخييرى لان الغرض الموجود فيهما يمكن استفادته من هذا الشيء أو من عدله فان الغرض في مرحلة الثبوت اما يكون شيئا واحدا واما يكون شيئين فاذا كان الغرض في مرحلة الثبوت شيئا واحدا فهو الواجب التعيينى كوجوب الصلاة والصوم وأما اذا كان الغرض في مرحلة الثبوت شيئين فهو الواجب التخييرى كخصال كفارة الافطار المخيرة بين اطعام ستين مسكينا وصوم شهرين متتابعين.

فعلم ان الواجب في مرحلة الثبوت على قسمين واما الشرط فى مرحلة الثبوت فهو قسم واحد توضيحه ان ادوات الشرط تفيد

٣٣٣

تأثير الشرط في الجزاء وهذا التأثير ذاتى للشرط لا يقبل التغيير حتى يخيّر بين هذا التأثير وبين غيره ولا يخفى ان ادوات الشرط متعددة لكن الشرطية والتأثير واحد اى هذا التأثير موجود دائما ولم يكن قابلا للتعدد حتى يمكن التعيين والتخيير فلا يثبت بهذا الاطلاق العدلي كون الشرط علة منحصرة وان صحّ قولكم فى الوجب التعيينى لان الواجب على قسمين اى التعيينى والتخييرى وأما مدلول الشرط لم يكن على قسمين بل مدلوله التأثير في الجزاء ولم يكن الفرق في هذا التأثير في صورة تعدد الشرط وعدمه فلا يصح التمسك بالاطلاق لاثبات كون الشرط علة منحصرة لان التمسك بالاطلاق يصح اذا كان في مرحلة الثبوت شيئان كالواجب التعيينى والتخييرى قد علم ان التأثير في الجزاء شيء واحد لم يكن موردا للتمسك بالاطلاق واما اذا كان المتكلم في مقام بيان تعدد الشرط صحّ التمسك بالاطلاق لكن هذا خارج عن محل النزاع لان محل النزاع التأثير والشرطية لا تعدد الشرط.

قوله : ثم انه ربما استدل المنكرون للمفهوم بوجوه احدها ما عزى الى السيد الخ.

قد ذكر الى هنا استدلال القائلين بالمفهوم الان يذكر استدلال المنكرين للمفهوم قد استدلوا على وجوه الوجه الاول ما عزى الى السيد رحمة الله اى احتج بان الشرط هو تعليق الحكم به وليس يمتنع ان يخلفه وينوب منا به شرط آخر ويجرى مجراه ولا يخرج عن كونه شرطا فلا يصح قولكم ان انتفا الشرط دال على انتفاء الجزاء لان الشرط موجود بما ينوب منا به الا ترى ان قوله تعالى

٣٣٤

(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) يمنع من قبول شاهد الواحد حتى ينضم اليه آخر فانضمام الثانى الى الاول شرط في القبول ثم نعلم ان ضم امرأتين الى الشاهد الاول يقوم مقام الثانى ثم نعلم ان ضم اليمين الى واحد يقوم مقامه ايضا الحاصل ان الشرط لا ينتفى لان نيابة بعض الشروط عن بعض اكثر من ان تحصى.

وقال شيخنا الاستاد ان هذا الدليل لا يتم في بعض الموارد لان بعض الاشياء ما يثبت باربعة رجال وهو الزنا بالمحارم الموجب للقتل فيفقد هنا ضم امرأتين او اليمين وكذا لا يتم هذا الدليل فيما يثبت برجلين وهو الردة والقذف وشرب الخمر فلا يصح هنا ضمّ امرأتين الى رجل واحد.

قوله والجواب انه (قدس‌سره) ان كان بصدد اثبات امكان نيابة بعض الشروط عن بعض في مقام الثبوت الخ.

هذا جواب عن استدلال السيد «قده» حاصله ان هذا الاستدلال صحيح في مقام الثبوت والواقع واذا كان الخصم بصدد اثبات واستدلال امكان نيابة بعض الشروط عن بعض في مقام الثبوت والواقع فهذا لم ينكر عند القائلين بالمفهوم لكن اذا اتي الدليل على عدم وقوع نيابة بعض الشروط عن بعض في مقام الاثبات بعبارة اخرى اذا جاء الدليل على وقوع المفهوم ودلالة على الانتفاء عند الانتفاء فلم يكن المورد لا مكان نيابة بعض الشروط عن بعض لان محل النزاع هو المورد الذي لم يعلم فيه للشرط المذكور بدل وكان الحكم مختصا به فلزم من عدمه عدم المشروط اى نرى انه اذا انتفى الشرط انتفى الجزاء.

واما احتمال نيابة بعض الشروط عن بعض فلا يضرّ في ثبوت

٣٣٥

المفهوم ما لم يكن هذا الاحتمال مساويا او راجحا لثبوت المفهوم اى لا بد للخصم من اتيان الدليل القوى لعدم المفهوم للشرط وعدم انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط لكن الخصم عاجز من اتيان مثل هذا الدليل قد اجيب الى هنا عن الوجه الاول من استدلال المنكرين للمفهوم.

قوله : ثانيها انه لو دل لكان باحدى الدلالات الثلاثة الخ.

هذا الوجه الثانى من استدلال منكرين قالوا انّه لو دل الشرط على المفهوم لكان باحدى الدلالات واللوازم كلها منتفية وكذا الملزوم بعبارة اخرى ان التالي باطل في المقام اى لا يدل الشرط على المفهوم مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما ذا انتفى هذه الدلالات انتفى المفهوم.

والجواب عنه انا نمنع بطلان التالي لان احدى الدلالات الثلاثة موجودة في المقام وهى الدلالة الالتزام فوجود احدى الدلالات كاف فى اثبات المفهوم.

قوله : ثالثها قوله تبارك وتعالى (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) الخ.

هذا الوجه الثالث للمنكرين حاصله انه لو كان انتفاء الشرط مقتضيا لانتفاء الجزاء لكان قوله تعالى دالا على عدم تحريم الاكراه ان لا يردن التحصّن وليس كذلك بل هو حرام مطلقا.

واجيب عنه بوجوه احدها ان الدليل الخارجي قائم هنا على عدم المفهوم وهو الاجماع القاطع دال على عدم المفهوم في قوله تعالى وثانيها ان الشرط مسوق في قوله تعالى لبيان تحقق الموضوع

٣٣٦

لا المفهوم مثلا ان تعلمت فاحفظ اى الشرط هو تعلم الدرس محصّل لموضوع الحفظ ولم يكن الموضوع له قبل التعلم وكذا قوله تعالى فان ارادة التحصّن محصّل لموضوع حرمة الاكراه واما اذا لم يردن التحصّن فحرمة الاكراه منتف بانتفاء الموضوع لان السالبة تصدق بانتفاء الحكم تارة وبعدم الموضوع اخرى والمراد من الموضوع ههنا الاكراه وهو منتف عند عدم ارادة التحصّن لان هنّ اذا لم يردن التحصّن فقد اردن البغاء ومع ارادتهن البغاء يمتنع اكراه هن عليه فان الاكراه هو حمل الغير على ما يكرهه فحيث لا يكون كارها يمتنع تحقق الاكراه الحاصل ان محل المفهوم فيما اذا كان الموضوع متحققا قبلا واما في قوله تعالى ونحوه فلم يكن الموضوع متحققا قبلا بل كان الشرط مسوقا لبيان تحقق الموضوع.

وثالثها ان القائل بالمفهوم انما يدعى ظهور الجملة الشرطية فى المفهوم في المورد الذى هى ظاهرة بالمفهوم بالوضع او بمقدمات الحكمة كما عرفت.

فى بيان ضابطة اخذ المفهوم

قوله : بقى هنا امور الاول ان المفهوم هنا هو انتفاء سنخ الحكم المعلق على الشرط عند انتفائه الخ.

يبحث في هذا التنبيه ان محل النزاع هو سنخ الحكم في باب المفهوم لا شخص الحكم لانه ينتفى بانتفاء موضوعه عقلا كانتفاء العرض بانتفاء موضوعه توضيحه ان المعيار في كون القضية هو انتفاء طبيعة الحكم ولا يخفى ان سنخ الحكم وطبيعته لم يكن على

٣٣٧

قسمين اى يوجد عند وجود الشرط وينتفى عند انتفاء الشرط قد ذكر في المنطق ان الكلى الطبيعى موجود بوجود افراده اذا انتفى احد افراده وجد الكلي في ضمن فرد آخر.

فيسئل عن الخصم هل كان موضوع الحكم زيدا في نحو ان جائك زيد فاكرمه اما نحو جاء او فعل آخر يأتى لتركيب الموضوع ان كان الامر كذلك فلا يكاد ينكر ان الحكم ينتفى بانتفاء الموضوع كما ينتفى الحكم بانتفاء الموضوع في مسئلة النذر والوقف مثلا اذا شرط الوقف لزيد فالحكم منتف بموت زيد لان المقصود من الوقف شخص الحكم كما نقل عن الشهيد في تمهيد القواعد.

الى هنا فرض انتفاء شخص الحكم عند انتفاء موضوعه.

والجواب عنه ان المراد من المفهوم هو سنخ الحكم وطبيعته لا شخص الحكم لانّه ينتفى بانتفاء موضوعه عقلا ولا يكون انتفاء شخص الحكم بانتفاء موضوعه من باب المفهوم مثلا ان جائك زيد فاكرمه فزيد موضوع وجاء من قيوده اذا انتفى زيد انتفى قيده اى جاء وكذا ينتفى شخص الحكم وهو وجوب اكرام زيد بعد انتفاء الموضوع او قيده هذا خارج عن بحث المفهوم.

بعبارة اخرى ان انتفاء شخص الحكم ليس بانتفاء الشرط او الوصف بل كان انتفائه لاجل انه اذا صار شيء وقفا على احد او اوصى به او نذر له مثلا وقف شىء عليه لكونه عالما او عادلا أو غيرهما من الالقاب لم يكن موقوفا لغيره ولم يقبل ان يصير وقفا لغيره.

فظهر ان انتفاء الوقف او النذر ليس لاجل انتفاء الشرط أو

٣٣٨

الوصف أو اللقب بل كان انتفاء ما ذكر من غير مورد المتعلق عقليا ولو قيل بعدم المفهوم.

قوله : اشكال ودفع لعلك تقول كيف يكون المناط في المفهوم هو سنخ الحكم الخ.

والمراد من الاشكال ان المقصود من الجملة الشرطية هو شخص الحكم دائما لانها وضعت لانشاء حكم الخاص فينتفى هذا الحكم بانتفاء الشرط وتدل الجملة على الانتفاء عند الانتفاء.

والجواب والدفع عن هذا الاشكال ان المعلق على الشرط هو نوع الحكم بعبارة اخرى ان بحثنا في الحكم الكلى وهو صالح للبقاء والانتفاء بعد انتفاء الشرط واما انتفاء الحكم الشخصى فهو من البديهيات الاولية لان هذا الحكم عرض للموضوع الخاص ولا شك فى انتفاء العرض عند انتفاء موضوعه توضيح دفع ان الوجوب الذى علق على الشرط تارة كان كليا نحو ان جائك زيد فاكرامه واجب اى كان الوجوب من المعانى الاسمية والظاهر ان المعنى الاسمى كلى ويثبت في هذه الصورة ان المراد سنخ الحكم. وتارة يستفاد الوجوب من الهيئة نحو ان جائك زيد فاكرمه اى الوجوب يستفاد من هيئة صيغة افعل ولا يخفى ان محل النزاع هذه الصورة وقال بعض انه ما يستفاد من الهيئة معنى حرفي وجزئي فثبت ان الحكم الجزئي ينتفى بانتفاء شرطه.

وقال بعض آخر سلمنا كون معنى الهيئة حرفيا ولكن لا فرق بين معنى الاسم والحرف اى ان الموضوع له في الحرف هو بعينه الموضوع له في الاسم فيظهر من هذا القول كون المعنى الحرفى كليا كالمعنى الاسمى قد ذكر في المجلد الاول ان الوضع على اربعة اقسام عند

٣٣٩

العقل وقد ذكر البحث في هذه الاقسام في امكان الذاتى وامكان الوقوعى لكن اشكل في وقوع القسم الثالث والمراد منه ان يكون المتصور كليا والموضوع له افراد ذلك الكلى ويسمى هذا القسم الوضع عام والموضوع له خاص وقد قيل ان المثال لوقوع هذا القسم هو وضع الحروف وما يلحق به.

قد اشكل على هذا القول بانا لا نسلم كون الوضع في الحرف عاما والموضوع له خاصا بل نقول ان الموضوع له في الحروف هو بعينه الموضوع له في الاسماء وان الفرق بينهما من ناحية الاستعمال فثبت كون معنى الحرف كليا ولم يصح كون وضع الحروف وما يلحق به مثالا للقسم الثالث من اقسام الوضع وقد ذكر في باب المشتق عدم وقوع كون الوضع عاما والموضوع له خاصا وايضا ذكر في بحث الواجب المطلق والمشروط قال بعض ان القيد للمادة دون الهيئة لانها معنى حرفى والظاهر ان المعنى الحرفى جزئى لم يكن قابلا للتقييد وقال بعض آخر انه لا فرق بين المعنى الاسمى والحرفى فكان معنى الحرف كليا كالاسم.

اذا تمت هذه الجملة المعترضة رجع البحث الى ما نحن فيه.

فيقال ان الموضوع له في الحروف هو بعينه الموضوع له في الاسماء ولا فرق بينهما من حيث الكلية والجزئية ولا من حيث الاستقلالية وعدمها وانما يجىء الفرق من ناحية الاستعمال فيردّ هنا كلام الشيخ اى قال اذا كان معنى الحرف في مقام الاستعمال جزئيا صار جزئيا في مقام التصور فهذا مورد التعجب عنه لان الاستعمال لا يصير موجبا للجزئية ولم يصح قوله ان معنى الحرف جزئي وحالة للغير اى يبين حال الغير لان هذا المتصور في مقام

٣٤٠