هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

العنوان مرشدا اليه سواء كان الترك مطابقا لهذا العنوان أو ملازما بعبارة اخرى ان الترك مرشد الى هذا العنوان سواء كان مطابقا له ام ملازما له وكان هذا الارشاد حقيقيا.

قوله واما القسم الثانى فان النهى فيه يمكن ان يكون لاجل ما ذكر في القسم الاول الخ.

والمراد من القسم الثانى ما تعلق به النهى كذلك أى مثل تعلقه فى القسم الاول قد ذكر ان النهى فيه يتعلق بعنوان الشىء وذاته لكن لم يكن البدل للمنهى عنه في القسم الاول واما القسم الثانى فيكون البدل للشيء المنهى عنه فيكون النهى في هذا القسم الثانى للارشاد كالقسم الاول.

ولا يمكن ان يكون النهى مولويا واشار الى هذا المصنف بقوله كما يمكن ان يكون بسبب حصول المنقصة في الطبيعة المأمور بها الخ.

قد ذكر في محله ان وجود الطبيعى بمعنى وجود اشخاصه بعبارة اخرى ان الكلى الطبيعى موجود في الخارج بوجود افراده ويكون هذا الفرد واجد الخصوصية فتتصور هذه الخصوصية على اقسام الثلاثة.

القسم الاول ان تكون هذه الخصوصية ملائمة مع الطبيعة مثلا الصلاة في المسجد ملائمة مع طبيعة الصلاة.

القسم الثانى لم تكن الخصوصية ملائمة للطبيعة مثلا خصوصية الحمام لم تكن ملائمة لطبيعة الصلاة لان الحمام لتطهير الظاهر عن النجاسات الظاهرية واما المسجد فهو لتطهير الروح.

٢٤١

القسم الثالث لم تكن الخصوصية فيه ملائمة ولا منافرة للطبيعة مثلا كون الصلاة في الدار لم تكن الخصوصية ملائمة لطبيعة الصلاة ولا منافرة لها فجعل هذا القسم مقياسا لما هو اقل ثوابا أو اكثر ثوابا واعلم انه جعل المقياس سببا لمعرفة المكروهات والمستحبات مثلا صلاة في الحمام كان ثوابها اقلا من الصلاة في الدار واما صلاة في المسجد فكان ثوبها اكثر من الصلاة في الدار فيثبت بهذا المقياس كراهة الصلاة في الحمام لان ثوابها آقل بالنسبة الى المقياس وكذا يثبت استحباب الصلاة في المسجد لان ثوابها اكثر بالنسبة الى المقياس ولا يخفى عليك انه لم يتميز المكروه من دون المقياس مثلا لو قلنا ان المكروه ما كان ثوابه اقل من غيره للزم ان تكون الصلاة في الدار مكروها لان ثوابها اقل بالنسبة الى المسجد وكذا يلزم ان تكون الصلاة في مسجد المحلة مكروها لان ثوابها اقل بالنسبة الى المسجد الجامع.

الحاصل انه لا يتصور المكروه والمستحب من دون المقياس ولم يكونا من الامور الاضافية وقد عرف ان المراد من المقياس ما لم تكن الخصوصية فيه ملائمة ولا منافرة كالصلاة في البيت فان الخصوصية في البيت لم تكن ملائمة لطبيعة الصلاة ولا منافرة لها فكل صلاة كانت ثوابها اقل من الصلاة في البيت هى مكروهة وكل صلاة كانت ثوابها اكثر من الصلاة في البيت هى مستحبة.

فظهر من هذا الجواب ان الامر بالصلاة في الحمام مولوى والنهى عنها ارشادى لعدم امكان النهى المولوى عن الصلاة المذكورة لان الصلاة بنفسها راجحة لم تكن فيها منقصة كما قال صاحب الكفاية ولا يخفى ان النهى في هذا القسم لا يصلح الا

٢٤٢

للارشاد فلا وجه لمنع اجتماع الامر المولوى مع النهى الارشادى لانه ارشاد الى الخصوصية المرجوحة ولم يكن فيه الزام الى الترك

قوله واما القسم الثالث فيمكن ان يكون النهى فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان أو الملازمة له بالعرض والمجاز.

والمراد من هذا القسم ان النهى يتعلق في العبادات أى تعلق النهى في هذا القسم في العبادات المكروهة كالصلاة في مواضع التهمة والمراد منها الامكنة التي يتهم المصلى فيها على استخفاف الصلاة كالمعاطن الابل والمزابل والمكان الذى يشرب فيه الخمر والمكان الذى كان للميسر واعلم ان النهى في هذه المواضع متعلق في الشيء الخارج عن الصلاة بعبارة اخرى آن النهى يتعلق على العنوان الخارجى كالمواضع التهمة والمراد من المجاز هو المجاز في الاسناد كالنهر جار.

توضيحه يقال على القول بالجواز ان النهى تعلق على الصلاة مجازا ولا يجوز اجتماع الامر والنهى في شيء واحد حقيقة واما اذا كان تعلق الامر حقيقة وتعلق النهى مجازا فلم يمتنع هذا لان النهى لم يتعلق على متعلق الامر حقيقة أى هذا التعلق المجازى لا يضر في المقام. حاصل قول المجوزين ان الاشياء بدهى ونظرى وان امتناع اجتماع الضدين كان من البدهيات أى اجتماع الضدين كان من المحالات البدهية الاولية ولكن لا يلزم في المقام اجتماع الضدين حقيقة لان النهى في المقام كان بالعرض والمجاز وايضا التركب عند المجوزين انضمامى فكان متعلق النهى غير متعلق الامر فيكون النهى عن الصلاة في مواضع التهمة من قبيل وصف

٢٤٣

الشيء بحال متعلقه.

والجواب الثانى عن المجوزين ان النهى في المقام كان ارشاديا أى هذا النهى ارشاد الى غير العبادات المنهى عنها من الافراد التي لم تكن متحدة مع العنوان ولا ملازمة له. حاصله انه لما كان الاتيان بالافراد السليمة عن المنقصة الواجدة للمزية ممكنا امكن ان يكون النهى ارشادا الى هذه الافراد السليمة أى الافراد التي لم تكن متحدة مع العنوان المرجوح.

قوله اما على الامتناع فكذلك في صورة الملازمة الخ.

يعنى بناء على الامتناع يكون منهيا عنه العنوان الملازم والمأمور به عنوان العبادة هذا في صورة كون المنهى عنه ملازما للعبادة فيكون النهى عن العبادة في هذه الصورة بالعرض والمجاز.

واما في صورة اتحاد العنوان المنهى عنه مع العبادات وانطباقه عليها فيرجح جانب الامر اذ المفروض صحة العبادات المكروه بالاجماع فيكون النهى في هذا القسم الثالث حال النهى في القسم الثانى أى يرجع هذا القسم الى القسم الثانى بالدقة وذلك لان اتحاد العنوان المنهى عنه مع العبادة يوجب تشخصها بمشخص غير ملائم للطبيعة المأمور بها فينقص بسببه مقدار من مصلحتها فالنهى ارشاد الى تلك المنقصة حتى يأتى العبد بالطبيعة في الفرد الاخر الفاقد للحزازة والمنقصة.

قوله قد انقدح بما ذكرناه انه لا مجال اصلا لتفسير الكراهة فى العبادات باقلية الثواب في القسم الاول مطلقا الخ.

قد ذكر الى هنا البحث في اجتماع عبادة الواجبة مع المكروهة

٢٤٤

وذكر هذا البحث تفصيلا من ان عبادة المكروهة على ثلاثة اقسام وايضا ذكر وجه عدم لزوم اجتماع الضدين في صورة اجتماع الوجوب والكراهة الان يبحث عن اجتماع المستحب والواجب كالصلاة في المسجد قد ظهر ان الاحكام الخمسة كلها متضادة فيلزم على هذا اجتماع الضدين في الصلاة في المسجد أى يلزم اجتماع وجوب والاستحباب في هذه الصلاة.

والجواب ان اجتماع الوجوب والاستحباب يتصور على ثلاثة اقسام : القسم الاول ان تجتمع العبادة مع الخصوصية التي هى مناسبة لها ولا يخفى ان الطبيعة لا وجود لها من دون الخصوصية مثلا كانت في الصلاة في المسجد الخصوصية التي يقوى بها الغذاء الروحى.

القسم الثانى ان تكون العبادة متحدة مع الخصوصية مثلا تصير الصلاة متحدة مع الكون في المسجد. والقسم الثالث ان تكون العبادة ملازمة لكون في المسجد بعبارة اخرى تكون الصلاة في المسجد ملازمة بعنوان الاستحباب فلا يلزم في كل هذه الاقسام الثلاثة المحذورية واجتماع الضدين واما عدم المحذورية في القسم الاول فيمكن ان يكون الامر الاستحبابى ارشاديا أى هذا الامر ارشاد الى افضل الافراد حقيقة على كلا القولين من الجواز والامتناع قد سبق في اجتماع الواجب والمكروه ان الترك ينطبق على العنوان الذى كان ارجح لكن مصلحة الفعل باقية على حالها وكذا في اجتماع الواجب والمستحب فان الواجب منطبق على العنوان الاستحباب ولم يكن البدل لهذا الواجب حتى يصير افضل الافراد فيكون الواجب باقيا على حاله اما على القول بالامتناع فيتأكد

٢٤٥

الواجب بعد اتصافه بالعنوان الاستحباب الحاصل انه لم يلزم اجتماع الضدين في صورة اجتماع الوجوب والاستحباب بل كان استحباب مؤكدا للوجوب واما على القول بالجواز فيمكن تعدد العنوان مثلا يتعلق على الصلاة في المسجد الامر الوجوبى والاستحبابى لكن تعلق الامر الاستحبابى كان مجازا وبالعرض لان متعلق الامر الاستحبابى هو العنوان الذى منطبقة العبادة عليه فلا يلتزم اجتماع وجوب والاستحباب حقيقة ويمكن ان يكون الامر الاستحبابى مولويا اقتضائيا اى الامر الوجوبى كان فعليا واما الامر الاستحبابى فهو اقتضائى فلا يلزم اجتماع الضدين لكن اذا قلنا بكونه فعليا كان تعلقه على المأمور به الوجوبى مجازا وبالعرض كما ذكر ولا يأتى القسم الاول أى لم يكن لهذا الواجب بدلا فلا يمكن الحمل على افضل الافراد بل ان الواجب يؤكد بالامر الاستحبابى كذا اذا كانت العبادة ملازمة للعنوان الاستحباب كان هذا العنوان مؤكدا للواجب ولا يصح ان يصير الواجب مستحبا لعدم سراية حكم احد المتلازمين الى الاخر أى الاستحباب الذى هو حكم لكون الصلاة في المسجد لا يمكن سرايته الى الواجب.

ومنها ان اهل العرف يعدون من اتى بالمأمور به في ضمن الفرد المحرم مطيعا الخ.

واعلم ان الكلام في استدلال المجوزين قد استدلوا اولا بالعبادات المكروهة كالصلاة في الحمام وجه استدلالهم انّه يلزم اجتماع الضدين في هذه الصلاة اى الوجوب والكراهة قد ذكر الجواب عن هذا الاستدلال آنفا ويستدلون هنا لجواز اجتماع الامر والنهى بالدليل العرفى توضيحه ان اهل العرف يعدون من اتى

٢٤٦

بمجمع العنوانين مطيعا وعاصيا مثلا امر المولى عبده بخياطة الثوب ونهاه عن الخياطة في مكان خاص فلو خاطه في ذاك المكان عدّ مطيعا لامر الخياطة وعاصيا للنهى عن الكون في ذلك المكان فيكشف عن هذا الطريق العرفى بالبرهان الاني على اجتماع الامر والنهى الظاهر انه يكشف بالمعلول أى الاطاعة والعصيان ان العلة موجودة اى الامر والنهى الحاصل انه يكشف من وجود الاطاعة والعصيان وجود الامر والنهى.

قوله وفيه مضافا الى المناقشة في المثال بانه ليس من باب الاجتماع الخ.

قد اجيب عن هذا الاستدلال بجوابين الاول انّه لادخل لهذا المثال في ما نحن فيه توضيحه ان الامر والنهى تعلقا في هذا المثال على الامرين المتلازمين ولم يتعلقا على شىء واحد فالامر قد تعلق على الخياطة والنهى تعلق على الكون في مكان خاص فالخياطة اما تكون عبارة عن ادخال الابرة في الثوب واخراجها عنه فتكون الخياطة على هذا المعنى من مقولة الفعل.

واما ان تكون الخياطة عبارة عن الكيفية الخاصة الحاصلة بعد الفعلين اى بعد ادخال واخراج الابرة والمراد عن الكيفية الخاصة ككون الاكمام على الوجه الخاص وكذا كون الثوب مع القيطون أو بدونه فتكون هذه الكيفية الخاصة من مقولة الكيف واما النهى عنه فهو من مقولة الاين أى الكون في مكان خاص فظهر وجه خروج هذا المثال عما نحن فيه.

والجواب الثانى عن هذا الاستدلال انه مع صرف النظر عن

٢٤٧

الدقة المذكورة فلا نسلم كون العبد مطيعا وعاصيا أى يمنع عن صدقهما معا بل اما يكون مطيعا لغلبة جانب الامر واما يكون عاصيا لغلبة جانب النهى.

قوله نعم لا بأس بصدق الاطاعة بمعنى حصول الغرض والعصيان الخ.

هذا اشارة الى ان الاطاعة يستعمل على المعنين : احدهما عبارة عن اطاعة امر المولى وامتثال امره. وثانيهما ان الاطاعة عبارة عن حصول الغرض سواء كان الداعى الى هذا الغرض امر المولى ام غيره سواء كان حصول الغرض بشيء مباح ام كان بشىء منهى عنه فيمكن اجتماع حصول الغرض مع النهى ولم يكن الامر هنا وكان النهى فقط فكان صدق المطيع على المكلف في مورد عدم الامر مجازا فلا يلزم على هذا اجتماع الامر والنهى لعدم الامر في هذه الصورة.

قوله بقى الكلام في حال التفصيل من بعض الاعلام والقول بالجواز عقلا والامتناع عرفا الخ.

فصل هنا بعض الاعلام القول بالجواز عقلا والامتناع عرفا قال صاحب الكفاية وفيه انه لا سبيل للعرف في الحكم أى لا يصح هذا التفصيل بين حكم العقل والعرف لانه ليس الطريق للعرف الا رجوعه الى العقل فاستناد الحكم الى لعرف ليس الا مجازا ومسامحة واعلم ان الموضوع اما ان يؤخذ من العقل فالحاكم هو العقل وأما ان يؤخذ من العرف فالحاكم هنا العقل أيضا لكن لما اخذ الموضوع من العرف نسب الحكم اليه والا كان عقليا في الصورتين حقيقة.

٢٤٨

ان قلت ان الاشياء تؤخذ من العرف لانه متبع في المداليل فان مفهوم الامر والنهى يفهم من العرف ويصح هذا الاجتماع عند العرف قلت انه لا مدخل للعرف في تطبيق المفهوم على المصداق لان الحاكم على التطبيق هو العقل ولا يخفى ان حكم العرف في بعض المورد كان من باب المسامحة مثلا المثقال الشرعى كان مساويا لثمانية عشرة شعيرا واما اذا كان ناقصا منها يسيرا صدق عند العرف كونه مثقالا شرعيا هذا خلاف حكم العقل لانه لا يصح اطلاق المثقال الشرعى على الشيء الناقص عن المقدار المذكور ولو كان النقص يسيرا الحاصل انه لا يصح التفصيل بين حكم العقل والعرف أى لا يصح التفصيل من بعض الاعلام من القول بالجواز عقلا والامتناع عرفا أو بالعكس.

قوله وينبغى التنبيه على امور الاول ان الاضطرار الى ارتكاب الحرام وان كان يوجب ارتفاع الحرمة والعقوبة عليه الخ.

هذا احد من تنبيهات اجتماع الامر والنهى أى اذا اضطر الانسان الى ارتكاب الحرام وكان هذا اما بسوء الاختيار أو لم يكن كذلك كالمحبوس في المكان المغصوب فان ارتكاب الحرام في هذه الصورة لم يكن بسوء الاختيار بل كان الشخص المحبوس مضطرا اليه فلا يلزم اجتماع الوجوب والحرام في صورة اضطرار الشخص الى ارتكاب الحرام وعدم كونه بسوء الاختيار فرفعت الحرمة في هذه الصورة. ولا يخفى ان الغصب عنوان انتزاعى مثلا اذا قال المولى لا تتصرف في مال الغير من دون اذنه فينتزع من هذا القول الغصب.

٢٤٩

الحاصل ان التصرف في مال الغير اما يكون باضطرار فلا يلزم اجتماع الواجب والحرام لان الحرمة مرتفعة بالاضطرار وأما يكون هذا التصرف بسوء الاختيار ولا يخفى انّ مورد النزاع من التصرف في مال الغير فيبحث ان الاضطرار هل ينافى الاختيار ام لا مثلا اذا توسط شخص في دار الغير من دون اذنه بالفارسية اى زمانى كه جا گيرد شخصى در بين منزل غير بدون اذنش. فاما يكون هذا التوسط باضطرار كالمحبوس في الدار المغصوبة فلم تكن الحرمة هنا والعبادة صحيحة لارتفاع الحرمة بالاضطرار. وكان هنا بحث في الجواهر حاصله ان الشخص المحبوس يأتى الصلاة قائما ويؤمى الى الركوع والسجود لان الركوع والسجود تصرف زائد.

واجيب عنه ان الشخص الذى منع الركوع والسجود هو اشدّ ظلما من الحابس لان الحابس مانع من خروجه وهذا الشخص مانع من الركوع والسجود.

واما يكون هذا التوسط بسوء الاختيار هذا مورد النزاع في المقام ويتصور هذا على اقسام الاول انه لم يكن لهذا الشخص خطاب لا تخرج لعدم المقدورية أى لا يكون هذا الشخص قادر بعدم خروج فعلا وأيضا لم يكن هذا الشخص مأمور بالخروج لكونه تصرفا في مال الغير فيكون العقاب لهذا الشخص لاجل الخروج.

الثانى ان يكون الخروج مأمور به ولكن يكون العقاب عليه.

الثالث ان يكون الخروج مأمور به ولم يكن العقاب عليه.

الرابع ان يكون الخروج المأمور به والمنهى عنه مع ثبوت العقاب.

٢٥٠

الخامس ان يكون الخروج منهيا عنه بخطاب لا تتصرف في مال الغير ويكون العقاب لاجل الخروج لانه تصرف في مال الغير بعبارة اخرى ان الخروج الذى كان حراما صار سببا لتخلص عن الحرام الاخر مثلا البقاء في الدار الغصبى والخروج منها حرام أيضا : لانه تصرف في مال الغير من دون اذنه فثبت هنا الخطاب أى لا تتوقف او لا تتصرف لان الامتناع بالاختيار لا تنافى الاختيار الحاصل ان عدم التصرف والتوقف كان تحت اختياره اولا وخرج عنه فعلا بسوء اختياره : هذا مقصود المصنف في قوله والحق انه منهى عنه بالنهى السابق الساقط بالحدوث الاضطرارى والعصيان له بسوء الاختيار الخ.

أى كان التصرف في المكان المغصوب منهيا عنه ولم يكن الخروج مأمورا به وان توقف عليه التخلص عن الحرام بعبارة اخرى ان الخروج محرم لانه تصرف في مال الغير سواء كان الخروج منحصرا في هذا التصرف ام لا : مثلا كان للخروج طريق مباح أو لم يكن الخروج مقدمة للتخلص عن الحرام مثلا كان التصرف في الدار باذن مالكه لكن الخروج عنها توقف على التصرف في ملك الغير من دون اذنه أي الباب الذى يخرج منه غصبي فالخروج في هذه الموارد ولو كان التخلص عن الحرام متوقفا فيه قد ثبت وجه الحرمة من كون هذا الفعل بسوء الاختيار.

قوله : ان قلت كيف لا يجديه ومقدمة الواجب واجبة.

قد ذكر في تقريرات صاحب الفصول توضيح هذا البحث قال الشيخ ان الخروج مأمور به ولم يكن العقاب فيه وقال صاحب

٢٥١

الكفاية ان الخروج لم يكن مأمورا به ويثبت العقاب فيه قد ذكر وجهه.

وقال صاحب الفصول ان الخروج مأمور به ولكن مستلزم للعقاب فظهر ان الشيخ وصاحب الفصول متفقان في كون الخروج مأمورا به لكن اختلفا في العقاب أى صاحب الفصول قائل بالعقاب ولكن الشيخ قائل بعدم العقاب بشرط ارتكاب الشخص لاقل القبيحين مثلا يخرج من الطريق الاقرب فتمسك المستدل في المقام على مذهب الشيخ حاصله ان الخروج مقدمة لترك البقاء الواجب الاهم ومقدمة الواجب واجبة فلا يكاد يكون هذا الترك منهيا عنه لامتناع اجتماع الامر والنهي توضيح مذهب الشيخ ان التخلص من الحرام واجب والخروج مقدمة له فيترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة.

قوله : قلت انما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة الخ.

والجواب عن هذا الاستدراك وانما يترشح الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة اذا لم تكن محرمة.

ان قيل سلمنا هذا في صورة عدم انحصار المقدمية في الفرد المحرم أى سلمنا عدم ترشح الوجوب الى المقدمة المحرمة مع وجود المقدمة المباحة لكن في صورة انحصار المقدمية على الفرد المحرم فيترشح الوجوب الى هذه المقدمة المحرمة.

نقول هذا صحيح اذا كان الواجب اهم من ترك المقدمة المحرمة ولم يكن ارتكاب الحرام بسوء الاختيار وان كان في المقام الواجب اهم من ترك المقدمة المحرمة لكن كان هذا بسوء

٢٥٢

الاختيار واعلم ان ارتكاب الحرام اذا كان بسوء الاختيار فلا يتغير عما هو عليه من الحرمة والمبغوضية واعلم ان تغيّر الحرمة مع سوء الاختيار مستلزم لكون الحرمة معلقة على ارادة المكلف واختياره فانّه مخيّر بين عدم الحصر فتكون هذه المقدمة حراما وبين الحصر فتكون مباحا وهو مناف لغرض المولى ان قيل ان حديث الرفع دال على ارتفاع الحرمة مما اضطروا عليه والظاهر ان الحرام مما اضطر عليه فيقال في الجواب ان حديث الرفع دال على رفع الحرمة في صورة الاضطرار اذا لم يكن ارتكاب الحرام بسوء الاختيار واما المورد الذى كان بسوء الاختيار فلم يكن موردا لحديث الرفع مثلا اذا دخل الشخص في الدار المغصوبة باختياره كان خروجه محرما كدخوله واما اذا حبس فيها فكان خروجه مباحا لعدمه باختياره.

فى الدليل الثاني لعدم حرمة الخروج عن المكان المغصوب

قوله : ان قلت ان التصرف في ارض الغير بدون اذنه بالدخول والبقاء حرام الخ.

هذا الدليل الثاني للخصم حاصله ان التصرف في ارض الغير حرام من دون اذنه لكن هذا مسلم اذا كان التصرف عدوانا ولا يخفى ان الخروج هنا لم يكن عدوانا لان الخروج عن المكان المغصوب تخلص عن الحرام هذا تصرف احساني كالتصرف في مال الغير لحفظه فلم يكن الخروج في هذا الحال حراما بل كان حاله مثل حال شرب الخمر المتوقف عليه النجاة من الهلاك وكذا التصرف في ارض الغير لانقاذ الغريق.

٢٥٣

الحاصل ان الخروج من المكان المغصوب لم يكن حراما لانه مقدمة للواجب وهو التخلص عن الحرام فظهر من البيان المذكور انه لا وجه لحرمة جميع التصرفات مثلا التصرف المحرم هو التصرف الدخولي والبقائي واما التصرف الخروجي فكونه مقدمة للواجب لا يتصف بالحرام لانه لدفع العقاب.

قوله : ومنه ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرف في ارض الغير حراما الخ.

أي توهم القائل بحرمة الخروج ان التصرف الدخولى والبقائي والخروجي محرم جميعا لان الغاصب قادر لترك الحرام بواسطة ترك الدخول فلا بد ان يكون الخروج حراما لعدم ترك الدخول قال المصنف ظهر المنع عن حرمة جميع التصرفات وجه ظهور المنع انه قد عرفت آنفا ان المحرم من التصرفات في المغصوب اثنان وهما الدخولي والبقائي واما الخروجي فلم يكن محرما لان امكان الخروج وعدمه متوقف على الدخول فلا يصدق ترك الخروج قبل الدخول اذا ترك الدخول فليس هنا ترك الخروج حقيقة فمن لم يشرب الخمر لعدم وقوعه في المهلكة وعدم احتياجه الى المعالجة فيصدق هنا أنه لم يشرب الخمر ولكن لم يصدق انه ما شرب الخمرة في المهلكة وكذا في المقام فلا يصدق قبل الدخول انّه ترك الخروج وان امكن مجازا صدق ترك الخروج قبل الدخول فيكون هذا على نحو القضية السالبة بانتفاء الموضوع ولا يمكن بعد الدخول خطاب لا تخرج.

٢٥٤

قوله : هذا غاية ما يمكن ان يقال في تقريب الاستدلال الخ.

هذا جواب عن الاستدلال الثاني حاصله ان الخروج عن الدار المغصوبة لم يكن حراما لان مطلق التصرف ليس حراما بل كان هذا التصرف خروجا عن الحرام هذا الاستدلال اخذ عن تقريرات الشيخ.

والجواب عن هذا الاستدلال ان الخروج الذى كان المقدمة لترك الحرام لم يكن حراما اذا لم يكن بسوء الاختيار واما اذا كان الدخول بسوء الاختيار فكان عدم الخروج مقدورا بالواسطة قال سعدى ان قدم الخروج قبل الولوج أي ليتفكر الخروج قبل الدخول بعبارة اخرى ان المقدور اعم من ان يكون بلا واسطة أو مع الواسطة فيكون الخروج مقدورا لنا بتوسط الدخول فيصح خطاب لا تخرج لان الخروج وعدمه مقدور لنا مع الوسطة مثلا القتل قد يكون مقدورا بلا واسطة وقد يكون مقدورا مع الواسطة أى بتوسط الافعال التوليدية حاصل الجواب ان الخروج قبل الدخول مقدور مع الواسطة وكذا البقاء وعدمه مقدور لنا بالتوسط الدخول فثبت حرمة الخروج.

وأما قول المستدل ان الخروج مقدمة لتخلص الحرام فلم يكن محرما.

فنقول نسلم هذا اذا كان الخروج مقدمة منحصرة لترك الحرام وأيضا لم يكن ارتكاب الحرام بسوء الاختيار قد ذكر انه في المقام بسوء الاختيار وثبت خطاب لا تخرج بتوسط النهى السابق أى النهى قبل الدخول وان لم يكن الخطاب الفعلي في عدم الخروج

٢٥٥

فحصل الى هنا الجواب عن ان قلت الثاني حاصله ان ارتكاب الحرام أما يكون في الاقتحام في ترك الواجب أي ترك تخلّص عن الحرام أو يكون تخلص عن الحرام بفعل الحرام أي الخروج الذى هو مستلزم للتصرف في مال الغير.

واما يكون ارتكاب الحرام لاجل الاقدام بما هو قبيح وحرام في صورة عدم امكان التخلص عن الحرام.

قوله كما هو مفروض في المقام الخ.

أى هل يجب كون الشخص في خارج الدار او ان يكون البقاء حراما فيكون الكون في خارج موقوفا على الفعل الحرام أي الخروج وكذا البقاء حرام وتوقف التخلص عنه على الخروج أي كان الخروج مقدمة للواجب قد ظهر ان المراد من الواجب اما كون الشخص في خارج الدار واما ترك الحرام والظاهر ان كل منهما موقوف على الخروج الذى كان محرما لان ارتكاب الحرام كان بسوء الاختيار اشار اليه المصنف بقوله كما هو المفروض.

قد ذكر هنا كلام صاحب الفصول توضيحه ان الخروج لم يكن حراما لان الافسد يدفع بالفاسد أى يحكم العقل بعدم حرمة الخروج من باب دفع الافسد بالفاسد لكن لم يحكم العقل بوجوب الخروج كما قال صاحب الكفاية وان كان العقل يحكم بلزوم الخروج ارشادا الى اختيار اقل المحذورين وأخف القبيحين أي ارشد العقل انّه اذا اجتمع القبيحان في محل واحد واحتاج المكلف الى اتيان أحدهما فالاحسن اتيان اقل القبيحين والظاهر ان قبح الخروج اقل من البقاء.

٢٥٦

قوله : ومن هنا ظهر حال شرب الخمر علاجا وتخلصا عن الهلكة الخ.

أي اذا كان شرب الخمر مقدمة للواجب فيجب من باب المقدمة لكن اذا كان بسوء الاختيار فلم يجز شربه مثلا اذا خرج شخص الى الصحراء اختيارا ولم يكن الماء فيه لكن كان معه الخمر فشرب الخمر هنا حرام لان تركه مقدور بالواسط أي كان ترك الذهاب الى الصحراء مقدورا له وكان ترك شرب الخمر أيضا مقدورا مع الواسطة كسائر الافعال التوليدية أي الفعل الذى يتولد من فعل آخر مثلا العلاقة الزوجية تتولد بصيغة العقد وكذا الخروج يتولد بالدخول والظاهر أن الافعال التوليدية مقدورة مع الوسطة واما ما نحن فيه فلم يكن من الافعال التوليدية بل كان من باب المقدمة لكن هذا بسوء الاختيار.

الحاصل ان العمد الى الافعال التوليدية ناشىء بالعمد الى اسبابها وكان ترك هذه الافعال بالترك الى اسبابها اى كان الفعل والترك هذه الافعال بتوسط اسبابها ولا شك ان الاسباب مقدور لنا فكان الافعال التوليدية مقدورة لنا.

توضيح الجواب بعبارة اخرى كان الكلام مع الشيخ (قدس‌سره) قال الشيخ ان الخروج لم يكن محرما وانما الحرام هو الدخول والبقاء قد نقض هذا بنحوين :

الاول ان الخروج مثل الدخول والبقاء وقد سلمت حرمة الدخول والبقاء وقلنا ان البقاء والخروج كلاهما فرعان للدخول فالبقاء والخروج كل منهما محرم النقض الثانى ان الافعال التوليدية أى

٢٥٧

الافعال التي تتولد من فعل المكلف فهى مقدورة بالواسطة كذا فى المقام ان الخروج متولد من الدخول.

قوله ولو سلم عدم الصدق الا على نحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع الخ.

قد ذكر في كلام الشيخ انه لا يصدق ترك الخروج قبل الدخول الا بنحو القضية السالبة المنتفية بانتفاء موضوعها فلم يكن هنا الخروج قبل الدخول لانتفاء موضوعه والجواب ان عدم الدخول لم يكن موضوعا لعدم الخروج بل كان سببا لعدم الخروج.

ولو سلم ان عدم الدخول موضوع لعدم الخروج أى كان المقام من قبيل لقضية المنتفية بانتفاء موضوعها لكان ترك الخروج مقدورا بالواسطة.

قال صاحب الكفاية ولو سلم عدم الصدق اى عدم صدق ترك الخروج الا بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع غير ضمائر بعد التمكن من الترك ولو كان هذا التمكن على نحو القضية السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع وكذا ايقاع الشخص نفسه في المهلكة فيعالج بشرب الخمر أى كان هذا باختياره مثلا سافر الى البادية باختيار فاضطر الى شرب الخمر وكان هذا الشخص قادرا على ترك السفر هذا مستلزم لترك شرب الخمر الحاصل ان ترك شرب الخمر وترك الخروج كانا ممكنين بترك الدخول وبترك السفر الى البادية وان قلنا يكون المورد من نحو القضية السالبة بانتفاء الموضوع واعلم ان الاستدلال لجواز الخروج مذكور بعبارتين قد ذكر في العبارة الاولى بحث الخروج اولا وبحث شرب الخمر اخيرا

٢٥٨

واما في العبارة الثانية فقد ذكر شرب الخمر وبحث الخروج معا لكن عبارة الاولى كانت مرضية لانه ذكر فيها بحث شرب الخمر في آخر البحث عليحدة.

توضيح هذا البحث قد ذكر شرب الخمر وخروج عن المكان المغصوب أى لم يكن شرب الخمر حراما اذا لم يكن طريق اخر لحفظ النفس وكذا الخروج لم يكن حراما اذا لم يكن طريق آخر له وايضا اذا لم يكن ارتكاب الحرام بسوء الاختيار بعبارة شيخنا الاستاد يا اين باشد ويا آن باشد أى يا شرب خمر باشد ويا هلاك شدن وكذا يا باقى بماند در مكان مغصوب ويا خارج شود از طريق غصبى وباز هم آن كار بسوء اختيار نباشد اما در مقام بحث قضيه المنفصله صحيح است كه يا شرب خمر باشد ويا هلاك شدن وكذا يا باقى باشد در مكان مغصوب ويا خارج شود از طريق غصبى لكن شرب الخمر كان في المقام بسوء الاختيار وكذا الخروج از اين جهت حكم شد به حرمة شرب خمر وخارج شدن از مكان مغصوب پس اين بحث مذكور بدو تا عبارة ذكر شده اى بدو تا ان قلت ذكر شده اگرچه ان قلت اول بهتر مى باشد.

الان نشرع في العبارة الثانية للاستدلال بجواز الخروج

فان قلت كيف يقع مثل الخروج والشرب ممنوعا عنه شرعا ومعاقبا عليه عقلا الخ.

هذا عبارة ثانية للاستدلال في جواز الخروج توضيحه انه لو امتنع في المقام وجوب المقدمة عقلا لسقط الوجوب عن ذى المقدمة

٢٥٩

هذا الكلام أى ان قلت عن المصنف على نفسه حاصله ان القاعدة تقتضى ان الامتناع العقلى كالامتناع الشرعى أى العقل والشرع متساويان في الحكم اذا امتنع الخروج في المقام عقلا سقط الوجوب عن ذى المقدمة المراد منه في المقام هو التخلص عن الحرام ولا فرق بين الامتناع الشرعى والعقلى فسقط الوجوب عن ذى المقدمة اذا كان الامر كذلك فلا بد من وجوب المقدمة حتى يبقى ذو المقدمة على وجوبه.

قوله قلت اولا انما كان الممنوع كالممتنع اذا لم يحكم العقل بلزومه ارشادا الخ.

أى جواب عن الاستدلال حاصله سلمنا ان الممتنع شرعا كالممتنع عقلا لكن هذا صحيح اذا لم يكن في المورد دفع الافسد بالفاسد بعبارة اخرى ان الممتنع العقلى كان كالممتنع الشرعى اذا لم يكن احد الحرامين اصغرا من آخر واما في المقام فالخروج اصغر حراما من البقاء فلم يكن هنا التخصيص لحكم العقل بل هذا المورد خارج تخصّصا أى كان حكم العقل ارشادا الى ما هو اقل المحذورين فيلزم اتيان المقدمة بحكم العقل مثلا يلزم الخروج من باب ارشاد العقل الى ما هو اقل المحذورين. الحاصل انا سلمنا قولكم بان الممتنع العقلى كالممتنع الشرعى لكن هذا صحيح اذا لم يكن حكم العقل ارشادا الى ما هو اقل المحذورين مثلا في ما نحن قبح الخروج اقل من البقاء فلم يمنع العقل من الخروج وكان هذا المورد خارجا عن حكم العقل تخصصا.

بعبارة اخرى قد ثبت الى هنا ان ذا المقدمة لم يسقط عن

٢٦٠