هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

والمهم توضيح هذه الفعلية انّه للامر الاهم لسانان أي اللسان الايجابي والسلبي فيقول باللسان الايجابي للمكلف واصرف قدرتك للاهم وايضا يقول باللسان السلبي ولا تصرف قدرتك للمهم فثبت ان الامر بالاهم فعلي.

ولكن للامر بالمهم لسان واحد أى اللسان الايجابى فقط فيقول للمكلف واصرف قدرتك للمهم وليس له اللسان السلبي أي لا يقول لا تصرف قدرتك للاهم فيثبت بهذا اللسان الايجابي الفعلية للامر بالمهم واذا ثبت الفعلية للامر بالاهم والمهم ثبت ملاك الاستحالة وان لم يكن المهم طاردا للاهم فاذا ثبت للامرين الفعلية في زمان واحد ثبت ملاك الاستحالة.

وقال شيخنا الاستاد اذا ثبت الفعلية للامرين في آن واحد كان الممتنع الجمع بين الضدين في آن واحد واما طلب الضدين فلم يكن محالا هذا على قول شيخنا الاستاد وعلى القول المشهور فطلب الضدن محال ايضا.

قال صاحب الكفاية يكفى الطرد من طرف الامر بالاهم فان الامر بالاهم على حال عزم عصيانه كان طاردا للامر بالمهم كما كان الامر بالاهم طاردا للامر بالمهم في غير حال عزم عصيانه.

قوله : ان قلت فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين في العرفيات الخ.

هذا الكلام استدلال للقائلين بالترتب بالبرهان اللمى والمراد منه العلم من المعلول الى العلة مثلا وقع طلب الضدين في العرفيات والظاهر ان وقوع الشيء ادلّ دليل على الامكان أي يعلم من هذا

١٤١

الوقوع صحّة الترتب.

قوله : قلت لا يخلو اما ان الامر بغير الاهم بعد التجاوز من الامر به الخ.

هذا جواب عن الدليل الانّى توضيحه انه ما وقع في العرفيات لم يكن دليلا على وقوع الترتب في الشرعيات وجه عدم كونه دليلا ان الامر بالمهم في العرفيات وقع بعد الاعراض ورفع اليد عن الامر بالاهم والظاهر ان بعد عصيان الامر بالاهم ورفع اليد عنه ليس هنا امران حتى يصحّ اجتماعهما على نحو الترتب بعبارة اخرى ان الامر بالاهم سقط بالعصيان.

وايضا يقال في الجواب انّ الامر بالمهم في هذا المورد كان ارشاديا لا المولوي والمراد من الامر الارشادى ما كان ارشادا لحكم العقل حيث يفرض ان حكم العقل هذا كاف لدعوة المكلف الى الفعل الحسن فلا حاجة الى جعل الداعي من قبل المولى ثانيا بل يكون عبثا ولغوا بل هو مستحيل لانه يكون من باب تحصيل الحاصل فظهر ان الامر بالمهم تأكيدي أى تأكيد لحكم العقل والمراد من الامر المولوي ما يكون تأسيسيا للحكم الشرعي.

الحاصل انّ الامر بالمهم كان ارشادا الى محبوبيّته وبقاء المصلحة فيه وانّ المزاحمة لم تؤثر في ارتفاع ملاك المهم بل هو باق على ما هو عليه قبل المزاحمة ولا يخفى انّ الاتيان بالمهم موجب لاستحقاق المثوبة التي يجب بها بعض ما استحقه من العقوبة على مخالفة الامر بالاهم.

١٤٢

قوله ثم انه لا اظن ان يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق الخ.

كان الكلام في اقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده واذا قلنا بالاقتضاء فما الثمرة قد ذكر في الجواب انه اذا قلنا باقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده كان فعله فاسدا بناء على كون النهى في العبادات مقتضيا للفساد وكان الضد صحيحا بناء على القول بعدم الاقتضاء واشكل على هذه الثمرة الشيخ البهائى (ره) حاصله ان فساد العبادة لا يحتاج اليه أى اذا كان الضد عبادة فلا يحتاج فساده الى ان الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده بل كان فساد هذا الضد العبادى بعدم الامر به فاجاب بعضهم عن هذا الاشكال انه يكفى مجرد رجحان والمحبوبية للمولى في صحة العبادات وقال بعض آخر في جواب الاشكال انه يصح تعلق الامر بالضدين بنحو الترتب.

فاشكل هنا على الترتب بالنحو الاخر حاصله ان لازم الخطابين الفعليين في آن واحد هو تعدد العقاب عند ترك الاهم والمهم معا ولا يمكن للقائلين بالترتب الالتزام باستحقاق العقوبتين في صورة المخالفة الاهم والمهم معا أى لا يمكن للقائلين بالترتب الالتزام بالازم وتعدد استحقاق العقوبتين بعبارة اخرى الالتزام باستحقاق العقوبتين قبيح لكون هذا العقاب على ما لا يقدر عليه المكلف لعدم قدرته على الجمع بين الضدين في آن واحد وبطلان اللازم اعنى تعدد العقاب كاشف عن بطلان الملزوم أى الترتب قال صاحب الكفاية كان سيدنا الاستاد يلتزم باستحقاق العقوبتين والمراد من استاده هو المحقق الميرزا الكبير الشيرازى قدس‌سره

١٤٣

قال صاحب الكفاية انا قلت لاستادى في وقت التحصيل ان وجود الامرين بنحو الترتب يقتضى الاستحقاق لعقوبتين في صورة مخالفة كليهما لكن استادى لم يسلم العقوبتين وقال المصنف هنا انه من قال بوجود للامرين بنحو الترتب فلا بد له القول بالاستحقاق لعقوبتين في صورة مخالفة الامرين بعبارة اخرى من قال بثبوت الامرين بنحو الترتب فلا مناص له الا التزام الاستحقاق لعقوبتين فى صورة مخالفة كلا الامرين لان وجود الملزوم مستلزم لوجود اللازم.

واما الدليل للقائلين بعدم استحقاق العقوبتين فهو قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد أى هذا عقاب على شيء غير مقدور لان امتثال الامرين المتعلقين بالضدين هو جمع بين الضدين وهذا الجمع محال بالضرورة قال شيخنا الاستاد ان استحقاق العقابين لترك الامرين متضادين لا يكون عقابا على غير مقدور لان ترك الضدين مقدور لنا وانما الشيء الذى لم يكن مقدورا لنا هو وجود الضدين في آن واحد لكن الترك الذى هو عبارة عن عدم الشيء مقدور لنا مثلا في المقام كان المكلف قادرا في ترك امتثال الامرين المتضادين بل كنّا قادرا على ترك الاشياء المتضادة في آن واحد والظاهرانه لم تكن المزاحمة في الاشياء العدمية.

قوله فقد ظهر انه لا وجه لصحة العبادة مع مضادتها لما هو اهم منها الاملاك الامر الخ.

فقد اتضح الى هنا بطلان الترتب فينحصر تصحيح العبادات بالملاك من المحبوبية والمصلحة فلا حاجة الى الامرين بنحو الترتب

١٤٤

الحاصل انه اذا قلنا ان الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده فلا حاجة في صحة الضد العبادى الى الامر بل كان صحته بالملاك أى المحبوبية والمصلحة.

قوله نعم فيما اذا كان موسعة وكانت مزاحمة بالاهم ببعض الوقت الخ.

هذا استدراك من المحقق الكركى (ره) حاصله انه يمكن تصحيح الضد العبادى بالامر وان لم نقل بالامرين الترتبى.

توضيح ما ذكره المحقق المذكور ان الواجبين المتضادين أما يكون كلاهما موسعين واما يكون كلاهما مضيقين واما يكون الواجب الاهم مضيقا والمهم موسعا فلا نزاع في القسم الاول. واما القسم الثانى فيرجع فيه الى قواعد باب التزاحم فكان محل اليحث. القسم الثالث أى كان الاهم مضيقا والمهم موسعا مثلا الازالة كانت واجبا مضيقا والصلو كانت واجبا موسعا.

توضيح ما ذكر ان وقت الازالة كان خمسين دقيقة وكان وقت الصلاة اربع ساعات فكانت مزاحمة الاهم والمهم منحصرة في مقدار خمسين دقيقة ولا يوجد المزاحمة في غير هذا المقدار لكن اذا اتى المكلف الصلاة في الوقت الذى زاحم فيه الاهم والمهم صح هذى الصلاة بعد عصيان الاهم أى صح اتيان هذه الصلاة بداعى امر الطبيعة لانها موجودة دائما فاتيان الصلاة في كل يوم كان بالامر الذى تعلق في الطبيعة ولا يتعلق الامر بالفرد الموجود الخارجى مثلا لا يتعلق الامر بالصلاة التي وجدت في الخارج لانه لو تعلق الامر بالفرد الخارجى لزم تحصيل الحاصل لانه يصير

١٤٥

مفهوم هذا الامر حصل الفرد الذى كان موجودا.

توضيح البحث بعبارة شيخنا الاستاد ان التزاحم الاهم والمهم كان في مقدر خمسين دقيقة والمراد من المزاحمة هو عدم امكان اجتماع الاهم والمهم في هذا المقدار من الوقت ولا يخفى ان العقل فى باب التزاحم حاكم برفع المقدار الذى كان فيه التزاحم ففى المقام يرفع خمسون دقيقة أى لا يتعلق امر المهم على هذه الدقائق فيرفع تزاحم الاهم والمهم عن المقدار المذكور ولا يتعلق الامر بهذا المقدار من الوقت لكن الامر على الطبيعة باق على حاله مثلا في المقام الامر على طبيعة الصلاة باق على حاله ولا يخفى ان انطباق الطبيعة على افرادها قهرى لان وجود الطبيعة وجود افرادها فتشمل الطبيعة التي كانت مأمور بها هذه الافراد أى يشمل الامر الذى تعلق على الطبيعة هذه الافراد.

بعبارة اخرى لا تكون الطبيعة المقيدة بالافراد مأمورا بها بل يكون المأمور به نفس الطبيعة من حيث هى هى لكن يشمل الامر هذه الافراد لان انطباق الطبيعة على افرادها قهرى.

الحاصل ان اتيان الواجب المهم في الوقت الذى كان مختصا بالاهم يصح لاجل الامر الذى تعلق على الطبيعة فيصح اتيان الافراد اللتى كانت مزاحمة لافراد الاهم وصارت مأمورا بها لاجل الامر الذى تعلق على الطبيعة وان لم يكن نفس الافراد مأمورا بها.

اذكر حاصل البحث مكررا بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية بحث در جايى است كه واجب اهم مضيق باشد وواجب مهم موسع باشد مثلا وقت ازالة نجاسة سى دقيقه است اما وقت صلاة سه ساعت است پس صلاة با ازالة مزاحمت دارند در همان سى دقيقه

١٤٦

ممكن نيست كه ازالة با صلاة در همان وقت جمع شوند به عبارت ديگر ممكن نيست كه هر دو تا وجود داده شوند. در باب تزاحم همان مقدارى كه مورد تزاحم واقع شده عقل آن را برمى دارد تا آنكه مزاحمت از بين برود اين هم دانسته شود كه امر تعلق ميگيرد بر طبيعت نه افراد اگر امر بر افراد تعلق گيرد لازم مى آيد تحصيل حاصل چونكه بعد از وجودش در خارج امر شود چنين مى شود همين فرد كه موجود است موجود شود هذا لغو واين هم مخفى نماند كه وجود كلى طبيعى به معنى وجود اشخاص مى باشد واين هم ظاهر مى باشد كه انطباق كلى بر فرد قهرى است واگر بعض افراد از تحت طبيعت خارج شود از جهت رفع مزاحمت باز هم طبيعت تكان نمى خورد چونكه طبيعت افراد ديگر دارد كه مورد تزاحم نمى باشند مثلا از براى طبيعت صلاة افراد ديگرى هم مى باشد كه در آن ازالة نجاسة مزاحمت ندارد اين نفس عبارت شيخنا الاستاد مى باشد آنچه در دل دارى بگو اى مستدل پس مستدل مى گويد آن افراد را كه امر به آنها تعلق نگرفته طبيعت شامل مى شود چونكه طبيعت من حيث هى هى مأمور بها مى باشد وباز هم انطباق طبيعت بر افراد قهرى مى باشد وبايد طبيعت از حيث مأمور به بودن شامل شود افراد را نه اينكه بگويم افراد مأمور بهاست به عبارت ديگر نه اينكه طبيعت مقيد به افراد مأمور به باشد.

قوله ودعوى ان الامر لا يكاد يدعو الا الى ما هو من افراد الطبيعة المأمور بها الخ.

هذا اشكال على اتيان فرد المزاحم للاهم بقصد الامر المتعلق

١٤٧

بالطبيعة حاصل الاشكال ان الامر الذى تعلق على الطبيعة لا يتعلق هذا الامر على الافراد التي خرجت لاجل المزاحمة مثلا الامر الذى تعلق على طبيعة الصلاة لا يتعلق على الصلاة التي كانت مزاحمة للازالة لان الفرد المزاحم ليس متعلقا للامر حين مزاحمته الاهم وان كان من افراد الطبيعة مثلا اذا كانت الصلاة مزاحمة للواجب الاهم فلم تكن مأمور بها لان مجرد كونها من افراد الطبيعة لا يجدى فى صحتها.

قال صاحب الكفاية في الجواب هذه الدعوى فاسدة فانه انما يوجب ذلك اذا كان خروجه عنها بما هى كذلك تخصيصا الخ.

حاصل الجواب ان خروج الافراد اما ان يكون من باب التزاحم أو التخصيص والفرق بينهما واضح فالمراد من الخروج لاجل التزاحم ان العقل يحكم بخروج بعض الافراد لاجل رفع المزاحمة لان الامر بالضدين مع المزاحمة طلب للجمع بين الضدين فعلا وهو محال عقلا واما خروج بعض الافراد لاجل التخصيص فهو ما يكون بحكم الشارع مثلا يخرج الشارع بعض الافراد من العام الحاصل ان المراد من التزاحم هو ما لا يمكن الجمع بين المتزاحمين فيخرج المقدار الذى وقعت فيه المزاحمة عقلا أى يخرج بحكم العقل لعدم قدرة المكلف على الجمع بين الضدين في آن واحد فلا يصح تعلق الخطاب على الفرد المزاحم لكن كان هذا الفرد واجد الملاك.

واما المراد من التخصيص فهو ما يكون بحكم الشارع أى خرج بعض الافراد وان المكلف قادر على الجمع بين هذا لبعض والافراد

١٤٨

الاخرى لكن خرج بحكم الشارع فيصير الفرد المخرج فاقدا للملاك ولا يتعلق عليه الخطاب فيكون خروجه خطابا وملاكا بعد اخراج الشارع.

توضيح الجواب اى سلمنا عدم شمول الامر للفرد المزاحم بعبارة اخرى سلمنا عدم شمول الامر الذى تعلق على الطبيعة الفرد المزاحم للاهم اذا كان خروج هذا الفرد تخصيصا.

واما اذا كان خروج الفرد المزاحم لاجل المزاحمة فلم نسلم عدم شمول الامر الفرد المزاحم اى تشتمل الطبيعة المأمور بها هذا الفرد المخرج وليس القصور في هذا الفرد المزاحم وصح اتيان هذا الفرد بداعى الامر بالطبيعة اذ لا فرق بنظر العقل الحاكم بوجوب الاطاعة بين هذا الفرد المزاحم وبين غيره من سائر الافرآد فى الوفاء بالغرض الداعى الى الامر.

ان قلت قد علم آنفا انه لم يمكن تعلق الامر على الفرد المزاحم عقلا وأيضا تقول ان العقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال بين هذا الفرد وسائر الافراد فما وجه التوفيق قلت عدم امكان تعلق الامر على الفرد المزاحم كان لاجل التزاحم وعدم القدرة للجمع بين الضدين ولكن اتيان الفرد للامر الذى تعلق على الطبيعة صحيح لان العقل لا يرى تفاوتا بوجوب الامتثال والاطاعة بين هذا الفرد المزاحم وبين سائر الافراد لان الملاك موجود في الفرد المزآحم أيضا وان لم يتعلق به الامر.

قوله وهذا على القول بكون الامر متعلق بالطبائع الخ.

يعنى شمول الامر بالطبيعة للفرد المزاحم بناء على تعلق الامر بالطبائع واضح لان الفرد المزاحم وان لم يكن بنفسه متعلقا للامر

١٤٩

الا انه بلحاظ الطبيعة الكلية المتحققة في ضمنه يكون مأمورا به اذ المزاحمة الرافعة الامر الفعلى انما وقعت بين الفرد المهم وبين الاهم لا بين طبيعة الواجب الموسّع وبين الاهم فلم يرتفع بالمزاحمة الامر المتعلق بالطبيعة.

واما بناء على تعلق الاوامر بالافراد كذلك يصح الاتيان بالفرد المزاحم للاهم وذلك لان المناط هو كون المأمور به واجدا للملاك مع عدم كونه مأمور به فعلا وهذا الملاك موجود مطلقا سواء قلنا بتعلق الامر بالطبائع او الافراد.

بعبارة اخرى يشكل في صورة تعلق الامر على الافراد ظاهرا لا حقيقة فيصحّ تعلق الامر بالافراد حقيقة لانه لا تعتبر الخصوصيات الفردية بل كان مقصودهم فرد ما فيصح تعلق الامر بالافراد لان افراد غير المضادة موجودة تعلق الامر عليها وتدخل افراد المضادة تحت الامر لعدم اعتبار الخصوصيات الفردية ولوجود الملاك في الافراد المتضادة للاهم.

قوله ثم لا يخفى انه بناء على امكان الترتب وصحته لا بد من الالتزام بوقوعه الخ.

هذا اشارة الى ان الامكان الذاتي في ترتب الامرين صحيح لكن لا يصحّ الامكان الوقوعي فيقال في الجواب هذا صحيح واما في المقام فيصحّ الامكان الوقوعى ايضا لان الامكان ثبت بعد وجود المقتضى واذا وجد المقتضى صار الامكان مساوقا للوقوع واذا وجد المانع منع عن الوقوع واذا كان الامران بنحو الترتيب فلم يكن هنا المانع عن الوقوع الحاصل ان المانع عن الوقوع هو اجتماع

١٥٠

طلب الضدين في عرض واحد واما اذا كان طلب الضدين بنحو الترتب فلا مانع لطلب الفرد المزاحم كما اذا لم تكن هنا المزاحمة.

البحث في امر الآمر مع علمه بانتفاء الشرط

قوله فصل لا يجوز امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه الخ.

أي يبحث في المقام انه هل يجوز عقلا امر الامر مع علمه بانتفاء الشرط ولا يخفى ان المراد من الجواز والصحة هو الامكان الوقوعى لا الذاتى محصل هذا الكلام انه هل يجوز عقلا امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه كما اذا كان وجوب الحج مشروطا بالاستطاعة وعلم الامر بعدم تحققها فليس له ان يأمر غير المستطع بالحج لان المراد بالامر هو البعث الفعلى الى متعلقه ومن المعلوم ان فعليّة منوطة بالعلة التامة التي من اجزائها الشرط فمع العلم بانتفائه لا يتحقق انشاء البعث الفعلي اذ القول بالجواز حينئذ مساوق لجواز وجود المعلول من دون العلة. الحاصل انه اذا كانت العلة مركبة ونقص الجزء منها انتفت هذه العلة المركبة ولم يمكن وجود المعلول من دون العلة.

واما المجوزون فاستدلوا بوجوه منها انّه لو لم يصحّ الامر مع علم الامر بانتفاء شرطه لم يعلم ابراهيم عليه‌السلام وجوب ذبح ولده الحاصل انه امر بذبح الولد مع علم الامر بانتفاء الشرطه عند وقته والمراد من الشرط هو عدم نسخ الوجوب واما الامر فهو عالم بنسخه وقد امر ابراهيم (ع) بذبح ولده والا لم يقدم على ذبح ولده ولم يحتجّ الى فداء والجواب عن هذا الاستدلال ان هذا

١٥١

لم يكن أمرا بل كان في صورة الامر بعبارة اخرى اجيب بالمنع من التكليف ابراهيم (ع) بالذبح الذي هو فرى الاوداج بل كلّف بمقدماته كالاضجاع وتناول المدية.

قوله نعم لو كان المراد من لفظ الامر ـ الامر ببعض مراتبه الخ.

هذا استدراك على قوله لا يجوز امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه.

توضيحه انّه يمكن التزام بجواز امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه فيما اذا اريد من لفظ الامر بعض مراتبه أي اريد من الامر الانشائي والمراد منه ما كانت المصلحة في نفسه أي تنشأ المصلحة من لفظ الامر ولكن اريد من ضمير شرطه الاستخدام الحاصل انه اريد من لفظ الامر ـ الامر الانشائي واريد من الضمير الاستخدام أي ضمير شرطه الامر الفعلى والمراد من الامر الفعلى ما كانت المصلحة فيه في نفس مأمور به فيصير.

قوله : لا يجوز امر الامر مع علمه بانتفاء شرطه.

بمنزلة ان يقال هل يجوز للامر الامر الانشائي مع علمه بانتفاء شرط الامر الفعلى ام لا؟

ولا يخفى ان تحرير محل النزاع على هذا النحو لا بأس به أي اذا اريد بالامر مجرد الانشاء فلا محذور فيه اصلا لكثرة الاغراض الداعية الى الانشاء وعدم انحصار الغرض من الامر في كونه بالداعي الجدي بل قد يكون الامر امتحانا في امر العبيد الا ترى انّ السيّد قد يستصلح بعض عبيده باوامر ينجّزها مع عزمه على

١٥٢

نسخها امتحانا له.

اذا عرفت ان الامر قد يكون انشائيا وقد يكون فعليا وقع به التصالح بين الجانبين وجه التصالح ان مراد القائل بالجواز هو الامر الانشائي اذ لا مانع من محض الانشاء مع فقدان شرط الفعلية ومراد القائل بعدم الجواز هو انشاء الامر الفعلى فانّه لا يجوز مع فقدان الشرط بهذا البيان يرتفع النزاع من البين.

قد يقال انه فرق بين القضاياء الخارجية والحقيقية توضيحه انا سلمنا في القضاياء الخارجية على ان وجود الموضوع شرط فيها.

واما في القضاياء الحقيقية فلم يشترط وجود الموضوع فيها لان الحكم في القضاياء الحقيقية ثابت على نفس حقيقة هذا الكلي أي وان لم يكن الموضوع موجودا فعلا فالحكم ثابت في القضية الحقيقية.

فظهر من هذا البيان انّه اذا علم الامر بانتفاء الشرط في القضاياء الحقيقية جاز الامر مع علمه بانتفائه لكن في القضاياء الخارجية لا يجوز الامر مع العلم بانتفاء الشرط ولا يخفى انه يصح اطلاق الموضوع على الشرط واطلاقه على الموضوع ولذا يقال الشرط موضوع والموضوع شرط فلا اشكال في التعبير بالموضوع عن الشرط او بالعكس.

قد اشكل على هذا الفرق أي لم يفرق بين القضاياء الحقيقية والخارجية في انتفاء الحكم عند عدم الموضوع وجه عدم الفرق انه اذا لم يوجد الموضوع الى الابد لزم كون الحكم لغوا لان اثبات

١٥٣

الحكم من دون الموضوع لغو واما اذ كان الحكم لرفع الموضوع فلم يلزم اللغو في اثبات الحكم من دون الموضوع كما في مسئلة القصاص كما يقال ولكم في القصاص حيوة فالحكم في هذه المسئلة ثابت لرفع الموضوع صحّ هذا الحكم مع عدم الشرط والموضوع.

البحث في تعلق الاوامر والنواهى بالطبائع

قوله : فصل الحق ان الاوامر والنواهى تكون متعلقة بالطبائع الخ.

قد اختلف في متعلق الاوامر والنواهى أي هل تكون متعلقة بالطبائع أو الافراد قال صاحب الكفاية الحق ان الاوامر والنواهى تكون متعلقة بالطبائع دون الافراد أى يكون الامر والنهى متعلقين بالطبيعة دون الفرد والمراد منها ما يصدق على الكثيرين لكن وجودها موقوف على وجود الفرد ولا يمكن امتثال الطبيعة من ذون وجود الفرد واما ان امكن ايجاد الطبيعة من دون الفرد صح الامتثال ولكن هذا محال واعلم ان الامر محتاج الى متعلق وموضوع والمراد من موضوعه هو فعل المكلف أو نفسه على قول واما المراد من متعلق الامر فهو وجود الشيء والمراد من متعلق النهى هو ترك الشيء بعبارة شيخنا الاستاد المراد من المتعلق الامر والنهى همان كردنى ونكردنى است اما الموضوع فوجوده ضرورى عند الامر والنهى لعدم امكان هما من دون الموضوع الحاصل ان متعلق الاوامر والنواهى هو شخص الوجود والترك ولكن متعلق الوجود والترك هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود والمقيدة بقيود.

١٥٤

قوله كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الاحكام بل فى المحصورة الخ.

هذا بيان لما ذكر في المنطق من القضاياء الطبيعية والمراد منها ما تعلق الحكم فيها على الطبيعة مع قطع النظر عن الافراد كما يقال في مقام التعريف انّ القضية فيه حقيقية كتعريف الماهية بالماهية نحو الانسان نوع أى طبيعة الانسان نوع لا افراده فكانت النوعية للانسان ذهنا لا خارجا.

قوله بل في المحصورة على ما حقق في غير المقام الخ.

هذا اشارة الى ترقى الحكم في القضية المحصورة أيضا أى فأذهب صاعدا اعنى صحة تعلق الحكم في القضاياء المحصورة على الطبيعة أيضا.

توضيحه ان الحكم في القضية المحصورة تعلق على الطبيعة ويسرى بعده الى الافراد ولكن الطبيعة تلاحظ على الوجهين اما تكون فانية في الافراد فهذه القضية محصورة واما تكون من دون لحاظ الافراد فهى طبيعية.

بعبارة اخرى ان لوحظت الطبيعة باللحاظ الاستقلالى فهذه القضية طبيعية وان لوحظت باللحاظ الالى فهى محصورة فثبت تعلق الامر على الطبيعة سواء كان باللحاظ الاستقلالى أو الالى واعلم ان المراد من الامر هو طلب الفعل ومتعلقه صرف الوجود والمراد من النهى هو طلب الترك الفعل ومتعلقه محض الترك فيثبت الوجود في الاوامر من جانب هيئة وكذا الترك في النواهى اذا كان المقصود وجود الطبيعة فلم يمكن من دون الفرد.

١٥٥

قوله فانقدح بذلك ان المراد بتعلق بالطبايع دون الافراد انها بوجود السعى الخ.

فظهر بمراجعة الوجدان ـ ان المطلوب نفس وجود الطبيعة بوجودها السعى وهو وجود السارى في جميع افراد الطبيعة المعبر عنه بالجامع الوجودى ولم يكن المطلوب الخصوصية المتقدمة للفرد وأيضا ليس المطلوب الطبايع باعتبار انفسها ومن حيث هى هى فان الطبايع من حيث هى ليست الا هى أى لم تكن موجودة ولا معدومة ولم تكن منشأ للاثار.

ولا يخفى ان قولهم ان الطبايع من حيث هى هى الخ كان مقصودهم ان الوجود والعدم لم يكونا جزء للطبيعة مثلا الانسانية لم يكن الوجود والعدم جزء لها والا ان قلنا ان الطبيعة لم تكن في الواقع والنفس لا موجودة ولا معدومة فيلزم ارتفاع النقيضين هو محال ولا شك ان الطبيعة في الواقع ونفس الامر اما موجودة واما معدومة لكن هذا الوجود أو العدم للطبيعة لم يكونا باعتبار نفس الطبيعة بل كانا باعتبار المقتضى وعدمه بعبارة اخرى ان الوجود والعدم للطبيعة ثبتا باعتبار وجود العلة التامة وعدمه ان قلت من اين ثبت الخارجية للطبيعة قلت ثبت الخارجية لها من حيث انتسابها الى الفاعل مثلا التمار وريّان قد نسبتا الى الافراد الخارجية ولم تكن مهية التمر فيه موجودة أى لم تكن المهية قبل الطلب موجودة والا لزم بطلبها تحصيل الحاصل.

قوله دفع وهم لا يخفى ان كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلقا للطلب الخ.

الحاصل انّ متعلق الاوامر والنواهى الطبيعة اما في الاوامر

١٥٦

فالمتعلق الطبيعة من حيث الوجود وفي النواهى فالمتعلق الطبيعة من حيث الترك والمراد من الوهم في المقام انه اذا كان المراد من متعلق الامر الطبيعة فالمقصود هو وجود الطبيعة اذا كان المقصود كذلك صار المعنى ان المولى طلب وجود الطبيعة بعبارة اخرى ان المولى طلب تحصيل الوجود للشيء الموجود هذا مستلزم لطلب الحاصل.

واما المراد من الدفع فيقال ان هذا التوهم كان لعدم الفرق بين جعل البسيط والمركب والمراد من جعل البسيط ما كان ذا مفعول واحد والمراد من جعل المركب ما كان ذا مفعولين بعبارة اخرى ان هذا التوهم كان لعدم الفرق بين كان التامة والناقصة ففى مقام البحث طلب المولى عن عبده بنحو جعل البسيط وكان التامة لا بنحو جعل المركب يعنى ان المولى جعلك جاعلا للوجود ولم يكن قبل الطلب الوجود ولا جعله وكان جعل الوجود بيدك بعد طلب المولى هذا مفاد كان التامة وجعل البسيط.

قوله هذا بناء على اصالة الوجود الخ.

هذا دفع لما يتوهم من ان متعلق الامر هو الوجود يصح بناء على اصالة الوجود اى قولكم ان الامر متعلق بالوجود هذا صحيح بناء على اصالة الوجود واما بناء على اصالة الماهية فلا يصح قولكم ان متعلق الامر هو الوجود بل متعلق الامر في هذه الصورة نفس الطبيعة.

والجواب انه لا مدخل لهذا البحث في اصالة الوجود والماهية بل نقول متعلق الامر هو الوجود وانّ كلا الفريقين متفقان على هذا لان الماهية من حيث هى ليست الا هى قد ذكر تفصيلها فليس

١٥٧

متعلق الطبيعة بما هى بل يكون متعلق الامر الطبيعة والخارج ظرف لها أى الماهية الخارجية متعلق للطلب وجعلت الماهية باعتبار الوجود من الخارجيات والاعيان الثابتات.

ولا يخفى ان متعلق الامر بناء على اصالة الماهية ليس الوجود اولا وبالذات كما كان الامر بالعكس على اصالة الوجود أى متعلق الامر هو الوجود اولا بالذات فظهر ان متعلق الطلب هو الوجود عند الفريقين اما بناء على اصالة الوجود فمتعلق الامر هو الوجود اولا وبالذات وبناء على اصالة الماهية الوجود ظرف للماهية ولم تكن متعلقا للطلب من دون هذا الظرف وكيف كان فالمقصود الامر الطبيعة الخارجية لا لماهية من حيث هى هى.

الكلام في نسخ الوجوب

قوله فصل اذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الاعم الخ.

واعلم انه اذا وجب الشيء في زمان بدلالة الامر ثم نسخ ذلك الوجوب قطعا. فقد اختلفوا في بقاء الجواز الذى كان مدلولا للامر لان الامر كان يدل على جواز الفعل مع المنع من تركه فمنهم من قال ببقاء الجواز ومنهم من قال بعدمه قال صاحب الكفاية لا يدل دليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الاعم ولا بالمعنى الاخص.

توضيحه ان الدليل الذى يدل على نسخ الوجوب لا يدل على بقاء الجوز وكذا دليل المنسوخ اى الدليل الذى دل على وجوب

١٥٨

الشيء كالامر لا يدل على بقاء الجواز الحاصل انّ دليل الناسخ يدل على رفع الوجوب من اصله فلا يبقى لدليل الوجوب شيء يدل عليه ومنشأ هذا هو انّ الوجوب معنى بسيط لا ينحل الى الجزئين فلا يتصور في النسخ انه رفع المنع من الترك فقط فالحق ان الوجوب امر بسيط وهو الالزام بالفعل ولازمه المنع من الترك كما ان الحرمة هى المنع من الفعل ولازمها الالزام بالترك.

فثبوت الجواز بعد النسخ للوجوب يحتاج الى دليل خاص يدل عليه ولا يكفى دليل الوجوب أى الامر فلا دلالة لدليل الناسخ ولا الدليل المنسوخ على الجواز ويمكن ان يكون الفعل بعد نسخ وجوبه محكوما بكل واحد من الاحكام الاربعة.

فظهر مما ذكر انه لا يدل دليل الناسخ ولا دليل المنسوخ على الجواز بالمعنى الاعم ولا بالمعنى الاخص والمراد من الجواز بالمعنى الاعم هو جنس للاحكام الاربعة أى الوجوب والاستحباب والكراهة والاباحة واما الجواز بالمعنى الاخص فهو واحد من الاحكام الخمسة.

قوله ولا مجال الاستصحاب الجواز الا بناء على جريانه في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى الخ.

قد ذكر انه لا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز لكن استدل البعض على بقاء الجواز بالاستصحاب قال المصنف ولا مجال لاستصحاب الجواز الا بناء على جريان القسم الثالث من اقسام الكلى.

واعلم ان الاستصحاب الكلى يتصور على انحاء ثلاثة.

١٥٩

الاول : ان يكون الشك في بقاء الكلى من جهة الشك في بقاء الفرد الذى كان وجود الكلى في ضمنه متيقنا مثلا نعلم ان زيدا موجود يوم الخميس في الدار ولكن نشك يوم الجمعة بكون زيد موجودا فيها ام لا فان كان زيد موجودا في اليوم الجمعة يحكم بوجود الكلى أى انسانية فيها.

الثانى ان يكون الشك في بقاء الكلى من جهة الشك في تعيين الفرد المتيقن سابقا بان يتردد الفرد بين ما هو باق جزما وبين ما هو مرتفع جزما أى انه كان قد يتقن على الاجمال بوجود فرد ما من افراد الكلى فيتيقن بوجود الكلى في ضمنه ولكن هذا الفرد الواقعى مردد عنده بين ان يكون له عمر طويل كافراد الانسان فهو باق جزما في الزمان الثانى وبين ان يكون له عمر قصير كالبق فهو مرتفع جزما في الزمان الثانى ومن اجل هذا الترديد يحصل له الشك في بقاء الكلى أى الحيوانية.

القسم الثالث ان يكون الشك في بقاء الكلى من جهة الشك في وجود فرد آخر مقام الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه أى ان الشك فى بقاء الكلى مستند الى احتمال وجود فرد ثان غير الفرد المعلوم حدوثه وارتفاعه لانه ان كان الفرد الثانى قد وجد واقعا فان الكلى باق بوجوده وان لم يكن قد وجد فقد انقطع وجود الكلى بارتفاع الفرد الاول مثلا نقطع بحدوث البياض الشديد في الجسم ونقطع بعد ايام بارتفاعه ولكن نشك في قيام البياض الضعيف مقامه والظاهر ان هذا القسم الثالث كان الفرق بين الفردين من حيث المرتبة واعلم انّ استصحاب بقاء الجواز في مقام البحث كان من القسم الثالث من اقسام الاستصحاب الكلى.

١٦٠