هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

حيدر علي المدرّسي البهسودي

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ج ٢

المؤلف:

حيدر علي المدرّسي البهسودي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

علة قوام اى الجنس والفصل على الماهية مثل يقدم الحيوان الناطق على ذات الانسان.

فظهر من بيان اقسام التقدم انّ التقدم الطبيعي اصطلاحا هو تقدم العلة الناقصة على المعلول في قبال التقدم بالعلية الذي هو تقدم العلة التامة على المعلول فتحقق ان عدم المانع الذي يمنع عن تأثير المقتضي هو مقدمة وتقدمه يكون بالطبع لكن يفهم من قوله قلت ان عدم الضد مع وجود ضده كانا في مرتبة واحدة فلم يصحّ كلية الكبري اى لم يكن كل عدم المانع مقدمة لوجود ضده قد ذكر هنا الدليل الاخر لعدم المقدمية حاصله انّ الضدين قد يكونان معلولين لعلة واحدة فلا يمنع احدهما عن تأثير الاخر لانّ تأثير العلة بالنسبة اليهما مساو مثلا علة نجاة الغريقين المسلمين هى محبة افراد الانسان الى نوعه فهذه العلة مساوية الى فردين غريقين فلا تكون هذه العلة مانعة عن تأثير احد الفردين بعبارة اخرى لم يكن احد الفردين مانعا عن الاخر لانهما مساو بالنسبة الى العلة الواحدة اما اذا كانت علة احد فردين قويّة بالنسبة الى علة الاخر فكانت هذه العلة مانعة عن الفرد الاخر لانّ هذه العلة القوية مانعة عن تأثير العلة التي كانت ضعيفة بالنسبة اليها مثلا المحبة كانت علة لانقاذ الابن وكذا كانت علة لانقاذ الاخ لكن هذه المحبة بالنسبة الى الابن قويّة فتمنع عن تأثير محبة الاخ.

كما ذكر صاحب الكفاية بقوله : نعم العلة التامة لاحد الضدين ربما تكون مانعا عن الاخر ومزاحما لمقتضيه في تأثير.

قال شيخنا الاستاد يمكن ان تكون العلة في هذا المورد ايضا

١٢١

شيئا واحدا ذاتا أي كانت المحبة علة لانقاذ الابن والاخ معا لكن صارت اثنتين لاجل شدة المحبة بالنسبة الى الابن وضعفها بالنسبة الى الاخ.

الحاصل انما يكون التضاد بين الضدين واما علّتها فهي شىء واحد في المقام أي المحبة علة لكليهما.

قوله : فانقدح بذلك ما في تفصيل بعض الاعلام الخ.

قد ذكر سابقا قول المشهور من ان عدم الضد مقدمة لوجود الضد الاخر رفعا ودفعا أي ان وجد احد الضدين فوجود الضدّ الاخر موقوف على رفع هذا الضدّ فرفع هذا الضد الموجود مقدمة لوجود الضد الاخر هذا مراد من قوله رفعا.

واما اذا كان الضد معدوما فدفع عن وجوده مقدمة لوجود الضد الاخر أي بقاء هذا المعدوم على عدمه مقدمة لهذا الضد الموجود هذا مراد من قوله دفعا بعبارة اخرى اذا كان الضد موجودا فرفعه مقدمة لحدوث الضد الاخر مثلا رفع السواد مقدمة لحدوث البياض وكذا يكون دفع الضد مقدمة لبقاء الضد الموجود مثلا دفع السواد ومنع وجوده يكون مقدمة للبياض الموجود فظهر ان عدم الضد مقدمة لوجود ضده رفعا ودفعا وبعبارة اخرى ان عدم الضد مقدمة لوجود ضده حدوثا وبقاء على القول المشهور.

واما على قول المحقق الخونساري فعدم الضد مقدمة لوجود ضده رفعا لا دفعا مثلا اذا وجد السواد فوجود البياض موقوف على رفع السواد الموجود أي رفع السواد الموجود مقدمة لوجود البياض اعنى ان عدم الضد مقدمة لوجود ضده حدوثا لا بقاء واما اذا

١٢٢

لم يكن الضد موجودا فلم يكن عدمه مقدمة لوجود ضده مثلا اذا لم يكن السواد موجودا فلم يكن عدمه مقدمة للبياض.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر ضد موجود نباشد مثلا سواد موجود نباشد پس وجود بياض موقوف بر عدم آن نيست چون كه اين نيست تا اينكه مانع باشد از ضد خود اى سواد نيست تا اينكه مانع از بياض شود به عبارت ديگر بقاء البياض موقوف بر دفع سواد نيست.

ولا يخفى ان كون عدم الضد مقدمة لوجود ضده رفعا ودفعا أو رفعا فقط قد ذكر سابقا لكن تكرار هذا البحث كان لاجل التوضيح.

قد علم الاشكال على مقدمية عدم الضد وظهر بطلان قول المشهور من كون الضد مقدمة رفعا ودفعا وكذا ظهر بطلان قول المحقق الخونساري من كون عدم الضد مقدمة رفعا لا دفعا وكذا ظهر الاشكال على القول الكعبي قد علم ان الكعبي جعل الاحكام اربعة اي انكر الفعل المباح لان كلّ المباح مقدمة لترك الحرام ولا يخفى ان مقدمة الواجب واجبة.

واما الاشكال على هذا القول فيقال ان فعل الضد أي الفعل المباح لم يكن مقدمة وعلة لترك الحرام لانّ العلة والمقدمة لترك الحرام هى الصارف وعدم الميل الى الحرام.

الحاصل انّه بعد منع المقدمية أتضح عدم حرمة الضد لانها مبنية على المقدمية لترك الضد مثل ترك الصلاة واجب لكونه مقدمة للواجب وهو الازالة فوجود الصلاة حرام لكونه ضدا للواجب

١٢٣

للواجب أي الازالة.

والدليل لبطلان المقدمية هو اتحاد عدم الضد مع وجود ضده في المرتبة وشرط المقدمة ان تكون مقدمة في المرتبة على ذي المقدمة وأيضا ان قلنا بمقدمية لترك الضد لزم الدور لان وجود الضد كالازالة موقوف على عدم ضده وكذا عدم الضد مثلا عدم الصلاة موقوف على وجود ضده أي الازالة فثبت الى هنا انهدام اقتضناء الامر بالشيء للنهي عن ضده لاجل المقدمية فيبحث ان الامر بالشيء هل يقتضى النهى عن الضد من باب التلازم؟

قال صاحب الكفاية : واما من جهة لزوم عدم الاختلاف المتلازمين فى الوجود في الحكم الخ.

الغرض من قول المصنف اثبات اقتضاء الامر بالشىء للنهى عن الضد لاجل التلازم بين فعل المأمور به وترك ضده مثلا عدم الصلاة الذي هو ملازم لوجود الواجب اعنى الازالة أي عدم الصلاة ووجود الازالة كانا متلازمين في الوجود والظاهر انّ متلازمين في الوجود مثل زمان في الحكم بعبارة اخرى لا بد ان يكون المتلازمان في حكم واحد مثلا الازالة واجبة فترك الصلاة واجب أيضا لان فعلها حرام قد ثبت وجوب ترك الصلاة من باب التلازم فالامر بالشيء يقتضى النهى عن الضد من باب التلازم.

والجواب عن هذا الاستدلال انا سلمنا الصغرى أي سلمنا كون وجود الضد مع ترك ضده متلازمين لكن لا نسلّم الكبرى أي لا نسلّم ان يكون المتلازمان في حكم واحد مثلا فعل الازالة واجب لم يلزم ان يكون ترك الصلاة واجبا بل اللازم انه لا يثبت لترك الصلاة الحكم الذي يخالف لحكم الازالة بعبارة اخرى اللازم ان لا يكون

١٢٤

احد المتلازمين محكوما بالحكم الذي يخالف الملازم الاخر فلم يكن ترك الصلاة فيما نحن فيه محكوما بالحكم الفعلى الذي خالف لحكم الازالة.

ان قلت : ان افعال المكلف لا يخلو عن الحكم مثلا ذهاب الى المسجد لا يخلو عن الحكم وكذا السفر للسياحة او التجارة وأما على قولكم فيلزم خلوّ ترك الضد عن الحكم لانه ظهر من قولكم عدم الوجوب لترك الصلاة أي لا يلزم وجوب الازالة وجوب ترك الصلاة مثلا.

وايضا ظهر عدم الحكم الذي يخالف لحكم فعل الازالة فيلزم على هذا خلّو الواقعة عن الحكم ولم يصح هذا على مذهب الخاصة قد ذكر في محله نه اذا لم يكن الحكم ثابتا في الواقع فصارت الاحكام تابعة لاراء المجتهدين والفقهاء هذا تصويب باطل.

قلت : ان مذهب الخاصة يحكم بثبوت الحكم الواقعي لا الفعلى بعبارة اخرى ان المقصود من مذهب الخاصة هو عدم خلوّ الواقعة عن الحكم الواقعي فترك الصلاة في مقام البحث لم يكن خاليا عن الحكم الواقعي وان كان خاليا عن الحكم العفلى الظاهري اى لم يصير الحكم الواقعي فعليا لاجل الملازمة فظهر من هذا البيان ثبوت الحكم الواقعي لترك الصلاة فلم يلزم خلوّ الواقعة عن الحكم

قوله : فلا حرمة للضد من هذه الجهة أيضا الخ.

الحاصل : ان الامر بالشيء لا يقتضى النهى عن الضد من ناحية التلازم أيضا فالامر بالازالة لا يقتضى حرمة الصلاة من هذه الجهة أي من جهة التلازم بل الوجوب الواقعي كان للصلاة باقيا لكن لم

١٢٥

يصر هذا الحكم فعليا للابتلاء بالمضادة الحاصل ان وجوب الازالة صار فعليا وأما الصلاة فبقيت على ما هي عليه من الحكم الواقعى كما قال صاحب الكفاية بل على ما هو عليه من الحكم الواقعي.

فظهر الى هنا الامر بالشيء لا يقتضى النهي عن الضد من باب المقدمية وكذا لا يقتضى الامر بالشيء النهى عن ضده من باب الملازمة.

قوله : الامر الثالث انه بدلالة الامر بالشىء بالتضمن على النهى عن الضد العام الخ.

قد ذكر سابقا فصل ان الامر بالشىء هل يقتضى النهي عن ضده اولا وفيه اقوال وتحقيق الحال يستدعى رسم امور الامر الاول في بيان المفردات ومعنى الاقتضاء أي سواء كان بنحو العينيّة او الجزئية او اللزوم والامر الثاني انّ العمدة عند القائلين بالاقتضاء هو الضد الخاص.

الان نبحث في الامر الثالث حاصله انّ الامر بالشيء يقتضى النهى عن الضد العام بالتضمّن توضيحه انّ الامر يدل على الوجوب وهو مركّب من رجحان الفعل مع المنع عن تركه والظاهر ان الترك ضد عام جزء للمأمور به والامر بالشيء دال على المنع منه فثبت اقتضاء الامر النهى عن الضد العام قد ذكر في محله ان الدلالة على جزء المعنى تسمى التضمن وكذا المستحب مركب من رجحان الفعل مع جواز الترك.

والجواب عن هذا الاستدلال ان الوجوب بسيط ليس له جزء اذا قلنا ان الوجوب مركب من الجزءين فهو بتحليل عقلي ولم يكن

١٢٦

الجزء الخارجي له أي الجنس والفصل لانّ المراد من الوجوب هو الطلب الشديد.

توضيحه ان الطلب يتصور على قسمين احدهما الشديد فيعبر عنه بالوجوب والثاني الطلب الضعيف فيعبّر عنه بالمستحب فليس المنع من الترك جزءا من مدلول الوجوب حتى يقتضى الامر بالشىء النّهي عن الضد العام بمعنى الترك تضمنا فدعوى الاقتضاء التضمّن ساقطة من اصلها لابتنائها على تركّب الوجوب الذي انكره المصنف وقال لم يكن الوجوب مركبا من الطلبين يعنى ليس الوجوب مركبّا من طلب الفعل والمنع من تركه.

قوله : نعم في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ربما يقال الخ.

أي بالتحليل العقلى تعرف هذه المرتبة الشديد بانّ الوجوب يكون عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك ويتخيّلون من هذا التحليل العقلي ان الوجوب مركب من طلب الفعل مع المنع من الترك ولا يخفى ان المنع من الترك لازم لمفهوم الوجوب أي الطلب الشديد.

عبّر شيخنا الاستاد بعبارة اخرى ما تخيلوه انّ الاشتباهات واقعة فى الموارد الكثيرة كما وقع الاشتباه في مقام البحث اي اشتبه ما بالعرض فيما بالذات توضيحه ان النهى عن الشيء على قسمين احدهما ما بالذات وثانيهما ما بالعرض مثلا اذا طلب الشيء اولا واصالة عبر من هذا الطلب بما بالذات واما اذا كان الشيء من لوازم المطلوب فعبر عن هذا اللازم بما بالعرض الحاصل في مقام البحث ان طلب الصلاة يكون اولا وبالذات واما طلب المنع من الترك فيكون

١٢٧

ثانيا وبالعرض بعبارة اخرى طلب المنع من الترك كان من لوازم طلب الشديد فلم يكن جزءا من الوجوب فظهر من هذا البيان انه من جعل المنع من الترك جزءا من الوجوب فاشتبه عنده ما بالعرض بما بالذات.

قد ذكر شيخنا الاستاد الامثلة الاخرى لتوضيح الفرق بين ما بالعرض وما بالذات وان لم تكن داخلة فيما نحن فيه واذكر هذه الامثلة تبعا لشيخنا مثلا الذهاب الى كربلا كان ما بالعرض اما زيارة الحسين كانت ما بالذات مثلا يبحث في خلق الشر أى من خلق الشر فيقال في الجواب ان الله تعالى خلق الخير واما الشر فكان لازما لخلق الخير مثلا النار خلقت للخير واما شر فكان من لازمها.

قوله من هنا انقدح انه لا وجه لدعوى العينيه الخ.

أى ظهر مما ذكر عدم صحة دعوى العينية لانه بناء على بساطة الوجوب وكون المنع من الترك من لوازمه تمتنع العينية اذ من المعلوم ان المنع من الترك لم يكن مدلولا للطلب.

قوله نعم لا بأس بها بان يكون المراد بها انه يكون هنا طلب واحد الخ.

أى هذا استدراك لتوجيه العينية على نحو المجاز مثلا قوله ازل النجاسة كان معناه الحقيقى ايجاد الازالة أى طلب بهذا الطلب الواحد ايجاد الازالة حقيقة اما على مسامحه فيصح التعبير عن طلب فعل الازالة بقوله لا تترك الازالة فظهر ان الطلب تعلق حقيقة بالفعل فتعلق بالمنع من الترك مجازا هذا لا نزاع فيه.

١٢٨

قوله فافهم اشارة الى انه اذا كان المنع من الترك لازما للطلب فهل هو اللازم الاعم أو الاخص فيقال هو اللازم الاعم والمراد منه ما يتصور اللازم والملزوم والنسبة بينهما فيحصل بعد ذلك الجزم باللزوم مثلا اذا طلب الشيء وتصور وكذا تصور ضده والنهى عنه وأيضا تصور النسبة بين الشيء الذى طلب وبين النهى عن الضد فيحصل بعد ذلك ان ترك الضد لازم للشيء المطلوب.

فى بيان الثمرة المترتبة على هذه المسئلة

قوله الامر الرابع تظهر الثمرة في ان نتيجة المسئلة وهى النهى عن الضد الخ.

أى شرع بعد ذكر الامور الثلاثة في بيان الثمرة التي رتبت على اقتضاء الامر بالشيء النهى عن ضده وحاصل هذه الثمرة انه اذا ثبت اقتضاء الامر النهى عن الضد وقع هذا في طريق استنباط الاحكام أى وقع في جواب السائل مثلا اذا سئل لم فعل الضد حرام قيل في الجواب ان الامر بالشيء دال على النهى عن ضده واما اذا لم يكن الامر بالشيء مقتضيا للنهى عن ضده فلم يكن فعل الضد حراما ولا يخفى انه تصح هذه الثمرة اذا كان الضد عبادة لان النهى في العبادات يقتضى الفساد والظاهر ان الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده اذا كان الواجب مضيقا كازالة النجاسة عن المسجد واما اذا كان موسعا فلم يقتضى النهى عن الضد فاعلم انّ هذه الثمرة أى فساد الضد العبادى موقوفة على الامرين : الاول اذا كان الامر بالشيء مقتضيا للنهى عن الضد. والثانى اذا كان

١٢٩

النهى في العبادات مقتضيا للفساد.

قوله وعن البهائى انه انكر الثمرة الخ.

حاصل كلامه انكار الثمرة المذكورة وقال ان فعل الضد حرام سواء كان الامر مقتضيا للنهى عن ضده اولا مثلا فعل الصلاة حرام مطلقا وان قلنا بعدم اقتضاء الامر بالشي النهى عن ضده والدليل على هذا ان صحة العبادة منوطة بالامر فلا تصح بدونه فعلى هذا ان الامر بالشيء وان لم يقتضى النهى عن ضده فلا اقل من كونه رافعا للامر بالضد مثلا الامر بالازالة وان لم يكن مقتضيا للنهى عن الصلاة لكن هذا الامر رافع الامر بالصلاة لامتناع الامر بالضدين في آن واحد فاذا لم يكن الضد مأمورا به يقع فاسدا فظهر من هذا البيان ان فساد الضد العبادى ليس الثمرة لهذه المسئلة هذا حاصل ما ذهب اليه الشيخ البهائى.

قوله وفيه انه يكفى مجرد الرجحان والمحبوبية المولى الخ.

هذا رد كلام الشيخ البهائى (قده) اى هذا بيان لرد قول الشيخ وصحة الثمرة المذكورة ومحصله ان الثمرة المذكورة صحيحة لان وجه فساد فعل الضد منحصر في اقتضاء الامر بالشيء النهى عن الضد دون عدم الامر به.

الحاصل انه يكفى مجرد الرجحان في التقرب بناء على عدم انحصار القربة في قصد الامر فلا ينحصر ان يكون كل المأمور به بداعى الامر بل يكون بعض المأمور به بالداعى المحبوبية للمولى قد ذكر في المبحث التعبدى والتوصلى ان القيود التي تجيىء من ناحية الامر لا يصح اخذها في متعلق الامر مثلا قصد الامر

١٣٠

والامتثال لا يصح اخذه في الصلاة شرعا لكن يصح قصد الامر والامتثال عقلا لان العقل حاكم بمحبوبية هذا القصد للمولى فظهر صحة قصد الامتثال والتقرب الى المولى بمجرد الرجحان والمحبوبية وكذا في المقام.

فى بقاء المصلحة للضد

قال صاحب الكفاية والضد بناء على عدم حرمته كذلك أى اذا لم يكن الامر بالشيء مقتضيا النهى عن ضده فالضد لم يكن حراما وصح التقرب به لكونه راجحا ومحبوبا ولا يخفى ان مزاحمة الاهم للضد المهم لا توجب الا ارتفاع امر المهم مثلا مزاحمة ازالة النجاسة توجب ارتفاع امر الصلاة لكن الملاك باق مثلا المصلحة للصلاة باقية في المقام.

الحاصل انّ العدلية قائلون بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد فى متعلقاتها فيصح فعل الضد عندهم بدون الامر لان المصلحة كافية في صحة الاحكام واما الاشاعرة فمنكرون للمصالح والمفاسد فى متعلق الاحكام بل هم قائلون بوجود الغرض في متعلق الاحكام.

واشكل شيخنا الاستاد على الاشاعرة بانهم قائلون هنا بوجود الغرض وقد انكروا وجود الغرض في افعال الله حيث قالوا ان فعل الله لا يعلل بالاغراض فحصل التنافى بين قوليهم الظاهر انّ الغرض متمم للفاعلية اذا لم يتصور الغرض لم توجد الفاعلية سواء كان الغرض دنويا أو اخرويا.

فظهر انه يصح التقرب بفعل الضد بمجرد الرجحان والمحبوبية

١٣١

واذا لم يكن الامر بالشيء مقتضيا النهى عن ضده كان الملاك باقيا فى هذا الضد.

البحث في الترتب

قوله ثم انه تصدى جماعة من الافاضل بتصحيح الامر بالضد بنحو الترتب الخ.

قلنا ان العبادة تصح بمجرد الرجحان والمحبوبية اما جماعة من الافاضل فقالوا ان فعل الضد يصح بالامر الطولى ولم يلزم الامر بالضدين في آن واحد وانما لا يصح الامر بالضدين اذا كان الامر فيهما عرضيا.

توضيح الامر الطولى بالمثال الذى ذكر شيخنا الاستاد مثلا امر شخص ولده في تحصيل العلم وقال بعد ذلك ان عصيت في تحصيل العلم فاطلب منك الاكتساب وان كنت متأثرا في ترك التحصيل.

بعبارة شيخنا الاستاد شخص مى گويد براى پسر خود واجب كردم بر تو تحصيل علم را اگر تحصيل علم نكردى اگرچه دل من خون است واجب كردم بر تو كسب كردن را.

فظهر ان الامر بالضدين جائز اذا كان بنحو الترتب بعبارة اخرى اذا كان الامر بالاهم مطلقا والامر بالمهم مقيدا صح الامر بالضدين بنحو الترتب لان الامر بالمهم مشروط ومقيد على عصيان الاهم بنحو الشرط المتأخر مثلا الامر بالازالة مطلق واما الامر على الصلاة مقيد ومشروط على عصيان الامر بالازالة أى

١٣٢

الامر بالاهم بنحو الشرط المتأخر.

واعلم ان الترتب اما ان يكون بنحو الشرط المتقدم واما ان يكون بنحو الشرط المقارن واما ان يكون بنحو شرط المتأخر.

توضيح الترتب اذا كان بنحو الشرط المتأخر هو ان عصيان الامر بالاهم يتوقف على الاتيان بالمهم فيكون عصيان امر الاهم متأخرا رتبة عن فعل المهم ويكون هذا العصيان شرطا متأخرا لامر المهم لان عصيان الامر بالاهم متوقف على الاتيان بالمهم وهو متوقف على الامر به فيكون عصيان الامر بالاهم متأخرا عن الامر بالمهم.

وتوضيح الترتب اذا كان بنحو الشرط متقدم هو العزم والبناء على المعصية كان يقول المولى اذا بنيت على عصيان امر الازالة فصل والعزم على المعصية المذكورة شرط لامر المهم مثلا العزم على عصيان امر الازالة شرط ومقدم للامر الصلاة اذا كان الشرط وجود العزم على العصيان انا ما فان العزم بهذا النحو يكون شرطا مقدما على الامر بالمهم واما وجه تقدمه عليه فلعدم توقف العزم على عصيان الاهم على الاتيان بالمهم.

قد ظهر مما ذكر وجه كون وجود العزم على عصيان الاهم شرطا مقارنا للامر بالمهم أى وجود العزم على العصيان بقاء مقارن لوجود المهم يكون شرطا مقارنا له.

قوله قلت ما هو ملاك استحالة طلب الضدين في عرض واحد آت في طلبهما كذلك الخ.

هذا اشكال على الترتب وحاصله لزوم المحال وهو طلب

١٣٣

الضدين في عرض واحد وذلك لان طلب المهم بعد حصول شرطه وهو عصيان الامر الاهم أو العزم عليه يصير فعليا والمفروض فعلية الاهم أيضا فيجتمع الطلبان الفعليان مع تضاد متعلقهما واعلم ان طلب الضدين في عرض واحد محال وقال جماعة من الافاضل انه اذا كان طلب الضدين بنحو الترتب فلا مانع عقلا عن تعلق الامر بالضدين.

قال شيخنا الاستاد اذا كان الملاك لامتناع طلب الضدين استحالة أى عدم قدرة المكلف في الجمع بينهما فلا فرق في هذا الصورة بين كون الضدين في عرض واحد وكونهما بنحو ترتب لان العزم على عصيان الاهم لا أثر له في رفع الاستحالة التي تلزم لاجل طلب الضدين أى استحالة باقية وان قلنا بالترتب لانه يجتمع فى المقام كل من الخطاب الاهم والمهم ولا يخفى ان الامر علة للمأمور به مثلا الامر بالاهم علة لوجود الاهم وكذا الامر بالمهم وايضا الاطاعة كانت بمنزلة المعلول للامر والعصيان كان في مرتبة الاطاعة فالعصيان والاطاعة كلاهما مؤخران عن مرتبة الامر.

والمراد من كون الامر علة هى العلة الشرعية لا التكوينية.

والمراد من كون عصيان الاهم شرطا للامر بالمهم هو شرط الوجود لا الوجوب وقد ذكر الى هنا صحة تعلق الامر بالمهم لاجل الترتب وأيضا ذكر الاشكال على الترتب.

واذكر هذا البحث تكرارا من تقرير شيخنا الاستاد حاصله انه لا يلزم اجتماع الضدين لاجل امر المهم لان امر المهم مؤخر عن امر الاهم رتبة.

توضيحه انّ الموضوع مقدم على الحكم لان مرتبته العلة قبل المعلول

١٣٤

وأيضا الموضوع شرط للحكم مثلا قوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الخ فالناس موضوع مقدم وكذا الاستطاعة شرط فانه كالموضوع مقدم على الحكم أى شرط التكليف مقدم رتبة كالموضوع.

ذكر هنا مثال لتوضيح ما نحن فيه اذا امر المكلف على انقاذ الغريق في وقت الصلاة فلم يلزم اجتماع الضدين على الترتب لان لانقاذ واجب اهم مقدم رتبة على الصلاة قد ذكر ان الامر مقدم رتبة على الاطاعة والعصيان مثلا كان الامر بالاهم مقدما رتبة على الاطاعة والعصيان وهما مقدمان على الامر بالمهم فوقع في المرتبة الاولى الامر بالاهم وفي المرتبة الثانية الاطاعة أو العصيان وفي المرتبة الثالثة الامر بالمهم الحاصل ان عصيان الامر الاهم موضوع أو شرط للامر بالمهم وهو مقدم عليه فثبت ان الامر بالمهم مؤخر عن الاهم بمرتبتين واعلم ان القائلين بالترتب مذهب هم وجود الامر في وقت واحد ولكن كان هذا الوجود بنحو الترتب مثلا قال المولى اطلب الان الاهم والمهم بنحو الترتب بعبارة شيخنا الاستاد مولى مى گويد الان مى خواهم اهم ومهم را اما بنحو ترتب.

قد علم ان الامر بالمهم مؤخر عن الاهم بمرتبتين فلم يلزم في طلبهما اجتماع الضدين.

قد شبه ما نحن فيه بحركة اليد والمفتاح فان هما يوجدان في زمان واحد لكن يصدق عليهما حركتان لاجل تعدد المرتبة ان حركة اليد مقدم على حركة المفتاح رتبة فظهر الى هنا توضيح

١٣٥

الترتب وعدم لزوم المحال على مذهب القائلين بالترتب وذكر الان الاشكال عليه.

قوله : قلت ما هو ملاك استحالة طلب الضد في عرض واحد الخ.

حاصل الاشكال ان الترتب لا ينفع لدفع الاستحالة لان الامر بالاهم وان كان مقدما رتبة لكن نزل عن مرتبته الى الامر بالمهم.

بعبارة شيخنا الاستاد اگرچه امر باهم مقدم است رتبة فايده ندارد چون امر باهم پائين مى آيد در مرتبه امر به مهم مى گويد تو نباش من باشم. ان قلت ما وجه صير الامر بالاهم الى مرتبة الامر بالمهم قلت ان الوجه فعليته اى الامر بالاهم باق على فعليته وان قلنا بالترتب وكذا وجد الفعلية للامر بالمهم بعد العزم على عصيان الاهم فيتحقق فعليتهما في زمان واحد.

الظاهر ان الاستحالة باقية في صورة اجتماع الامر بالاهم والمهم وان قلنا بالترتب لان المراد من الاستحالة هو عدم قدرة المكلف في الاجتماع بين الضدين في زمان واحد فهو موجود في الصورة الترتب أيضا قد علم ان الامر بالاهم يمنع عن وجود المهم أى يقول مع وجودى لا محل بوجودك واما الامر بالمهم فيقول لما لم تكن انت فأنا موجود.

بعبارة شيخنا الاستاد امر به مهم مى گويد تو نيستى من هستم پس لازم مى آيد اجتماع ضدين اما اگر امر به مهم بگويد اگر تو نبودى من هستم در اين صورت اجتماع ضدين لازم نمى آيد لكن امر به مهم اين را نمى گويد بلكه مى گويد تو نيستى من هستم.

١٣٦

قوله لا يقال نعم ولكنه بسوء اختيار المكلف الخ.

هذا تسليم للاستحالة لكن طلب الضدين فيما نحن فيه غير مستحيل لان اجتماع الطلبين ثبت بسوء اختيار المكلف بعبارة اخرى ان عدم القدرة في المقام كان باختيار المكلف فانه لما خالف امر الاهم وعصى اختيارا جاز اجتماع الطلبين الفعلين عليه في ان واحد كما يقولون الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار مثلا اذا اطرح شخص نفسه من السطح صح الخطاب له بقولك لا تطرح لان هذا الشخص اوجد الامتناع بنفسه الحاصل ان طلب الضدين في المقام اختيارى.

قوله فانه يقال استحالة طلب الضدين ليس الا لاجل استحالة طلب المحال الخ.

هذا جواب لا يقال قد ثبت في قوله لا يقال انّه اذا كان عدم القدرة بسوء الاختيار فلا مانع حينئذ في طلب الضدين واما الجواب عن هذا ان امتناع طلب الضدين ثابت مطلقا وان كان بسوء الاختيار حاصل هذا الجواب ان منشأ الاستحالة موجود في كلتا صورتي الاختيار وعدمه اي سواء كان عدم القدرة بسوء الاختيار ام لا والمراد من منشأ الاستحالة هو كون المطلوب محالا لا يصلح سوء الاختيار لرفع هذا المحال.

فاعلم انّ طلب الجمع بين الضدين قبيح على الحكيم لكونه طلبا المحال والظاهر ان الجمع بين الضدين كالجمع بين المتناقضين محال لانّ مرجع طلب الضدين الى طلب الجمع بين النقيضين وجه الرجوع انّ طلب كل واحد من الضدين يلازم عدم طلب ضد الاخر

١٣٧

فطلب الازالة مثلا يلازم عدم طلب الصلاة لانّ المزاحمة لو لم توجب النهى عن الضد فلا اقل من اقتضائه عدم الامر به وكذا طلب الصلاة يلازم عدم طلب الازالة ولازم ذلك مطلوبية وجود الازالة وعدمها ووجود الصلاة وعدمها وليس هذا الا طلب الجمع بين النقيضين وهذه الاستحالة لا تختص بسوء الاختيار وعدمه.

لا يخفى انّه ان اختصت الاستحالة بغير حال الاختيار وكان التعليق على سوء الاختيار مصحّحا لطلب الضدين لزم ايضا صحة تعليق طلب الضدين على فعل اختياري كان يقول اذا شتمت مؤمنا فصل وأزل النجاسة أي علق فيما سبق امر المهم على عصيان الاهم اما هنا فعلق الامر بالمهم على الشتم فان كان التعليق بالامر الاختيارى موجبا لرفع استحالة طلب الضدين صح طلب الضدين في المثال المذكور والظاهر انّ هذا التعليق لا ينفع في رفع الاستحالة لوضوح قبح هذا التكليف وانّ التعليق على فعل الاختيارى لا يرفع قبحه.

وايضا ان كان تعليق بالامر الاختياري موجبا لرفع الاستحالة فلا نحتاج لرفعها الى الترتب فظهر فيما نحن فيه انّ عصيان الامر بالاهم بسوء الاختيار لا يكون رافعا لقبح طلب الضدين وايضا لا يرفع هذا القبح بالترتب.

قوله : ان قلت فرق بين الاجتماع في عرض واحد والاجتماع كذلك الخ.

هذا جواب عن استحالة طلب الضدين توضيحه انه فرق بين اجتماع الطلبين في عرض واحد وبين اجتماعهما بنحو الترتب

١٣٨

لان الاستحالة في الاول دون الثاني.

بعبارة الاخرى الفرق بينهما ان الطلب في كل من الضدين طارد للاخر اذا كان عرضيين بخلاف ما اذا كانا طوليين والظاهر ان طلب الضدين فيما نحن فيه طوليان فكل من الضدين حينئذ لا يطارد الاخر لان مطلوبيّة المهم مشروط بعصيان الامر بالاهم فمقتضى الترتب وقوع مطلوبية كل من الضدين في طول مطلوبية الاخر وانما امتنع وقوع طلب الضدين معا على صفة المطلوبية عرضا واما اذا كان اجتماع طلب الضدين بنحو ترتّب اي الامر بالمهم مشروط بعصيان الامر بالاهم بنحو الشرط المتأخر لان الامر بالمهم كان فعلا واما وجود عصيان الاهم فيحصل بعدا.

قوله قلت ليت شعرى كيف لا يطارده الامر بغير الاهم الخ.

والغرض من هذا القول اثبات الاسحالة في صورة الترتب أيضا وعدم الفرق في امتناع الناشى عن مطاردة طلب الضدين بين اجتماع العرضي والترتبى الحاصل ان المطاردة الناشئة من فعلية الطلب موجودة في صورة الترتب وعدمه.

توضيح الجواب ان الموجب للمطاردة هو فعلية الخطابين حيث ان الامر بالاهم فعلى وامر المهم بعصيان امر الاهم أيضا صار فعليا فيجتمع الطلبان الفعليان في الضدين في آن واحد مثلا امر المولى في وقت واحد بالاهم والمهم معا فالامر بالاهم فعليته ظاهرة واما الامر بالمهم فهو فعلي ايضا بنحو الشرط المتأخر لان عصيان الاهم حصل بعد فعل المهم بعبارة اخرى ان الشرط لفعليّة المهم هو الوجود العلمي بالعصيان الاهم.

١٣٩

قوله : وعدم ارادة غير الاهم على تقدير الاتيان به لا يوجب عدم طرده.

هذا جواب للسؤال المقدر حاصله انّ المطاردة لم تكن من الطرفين لانّ المكلف في حال ارادة الاهم لم ترد المهم توضيحه ان المكلف اذا اراد اتيان الاهم فلم تعلق ارادته بالمهم ولم تتحقق المطاردة من الطرفين حتى يستحيل هذا حاصل السؤال المقدر.

واما الجواب فانّا سلمنا عدم تحقق المطاردة في صورة اتيان الاهم لكن في صورة عدم اتيانه بقيت ارادة الاهم والمهم معا لان المولى يقول انا محزون لاجل لترك الاهم مع هذا اطلب منك المهم فعلم انّ المولى لم يرفع اليد عن الاهم وطلب المهم ايضا.

بعبارة شيخنا الاستاد يقول الاب لابنه از اينكه درس نمى خوانى دل من خون است اما تو را امر مى كنم به كسب كردن تا آنكه از آنجا مانده واز اينجا رانده نشوى.

قوله : مع انه يكفى الطرد من طرف الامر بالاهم الخ.

قد ذكر الى هنا ثبوت المطاردة من الطرفين قال صاحب الكفاية ان تنزلنا عن ثبوت المطاردة من الطرفين وقلنا ان المطاردة كانت من جانب الاهم فقط لزم أيضا طلب الضدين في آن واحد.

تفصيله اذا قلنا ان الامر بالاهم طارد بالمهم لاهمية وان الامر بالمهم لم يكن طاردا للاهم فهو ايضا مستلزم للاستحالة.

بعبارة اخرى فنقول ان ملاك الاستحالة موجود في هذه الصورة أيضا لان الملاك في الاستحالة هو فعلية الاهم والمهم أي سلمنا انّ المهم لم يكن طاردا للاهم لكن الفعلية موجودة لكل الاهم

١٤٠