المطالب العالية من العلم الإلهي - ج ٨

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

المطالب العالية من العلم الإلهي - ج ٨

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


المحقق: الدكتور أحمد حجازي السقا
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٠١

هاهنا تسري قوتهما في تلك الصورة المنقوشة والتمثال المفروغ».

واعلم أن عند فراغ ذلك الصنم في القالب ، وعند النقش في ذلك الحجر ، يجب أن يكون العامل له لابسا ثوبا يناسب ذلك الكوكب ، ويكون مستجمعا لجميع الأحوال المناسبة لذلك الكوكب ، ويكون قائلا باللسان : الثناء اللائق بذلك الكوكب ، ويكون قلبه مستحضرا (١) للأحوال اللائقة بذلك الكوكب. فإن [هذه الأحوال (٢)] إذا اجتمعت ، كان التأثير أقوى.

النوع الثاني من الأمور المعتبرة في هذا الباب : تلطيخ تلك التماثيل بالأدوية المناسبة لتلك الأغراض والمقاصد.

قال «جابر بن حيان» : «المقصود من الطلسم : إما الجلب ، وإما الدفع. أما الجلب فلا يتم إلا بجميع الأشياء [المشاكلة. والدفع لا يتم إلا بجميع الأشياء (٣)] المضادة. والدليل عليه : إجماع الأطباء على أن الصحة تحفظ بالمماثل. والمرض يزال بالضد ، ثم يقول : «وهذان الوجهان إما أن يعتبرا في الأسباب الفلكية ، وهي طبائع النجوم والبروج ، أو في الأسباب السفلية ، وهي طباع الأودية والعقاقير».

واعلم : أن الأشياء المشاكلة [على ثلاث مراتب : فالمرتبة الأولى : حصول المشاكلة (٤)] في الكيفيتين ، أعني الفاعلة والمنفعلة ، كالحار واليابس [مع الحار واليابس (٥)] وهذا النوع أقوى أنواع المشابهة. والمرتبة الثانية : أن تكون المشاكلة حاصلة في إحدى الكيفيتين فقط. لكنها هي الفاعلة ، فإنها أقوى من المنفعلة ، مثل الحار الرطب مع الحار اليابس. والمرتبة الثالثة : أن تكون المشاكلة حاصلة في إحدى الكيفيتين فقط ، وهي المنفعلة [مثل : اليابس

__________________

(١) مستجما (ت).

(٢) من (ل).

(٣) من (ل).

(٤) من (ل).

(٥) من (ت).

١٨١

الحار ، واليابس البارد. وهذه المرتبة دون ما قبلها. لأن الكيفية المنفعلة (١)] أضعف من الفاعلة.

وأما الأشياء المضادة. فهي أيضا على ثلاث مراتب. فالمرتبة الأولى : أن يكون التنافي حاصلا [في الكيفيتين (٢)] معا. مثل : الحار اليابس مع البارد الرطب. والمرتبة الثانية ـ وهي المتوسطة ـ أن يكون التنافي حاصلا في الكيفيتين المنفعلتين فقط. والمرتبة الثالثة ـ وهي الأخيرة ـ أن يكون التنافي حاصلا في الكيفيتين المنفعلتين فقط.

وإذا عرفت هذا ، فيجب أن تعتبر هذه الأحوال في الكواكب وفي الأدوية.

وأما اعتبار المشاكلة في الفلكيات. فنقول : المشاكلة التامة حاصلة بالتثليث ، وهو الأول والخامس والتاسع. لأن البروج المتناظرة بحسب التثليث تكون متشاكلة في الكيفيتين معا. مثل الحمل والأسد والقوس ، إلا أن أقواها هو الأوسط ، وهو الأسد ، ثم الأخير وهو القوس ، ثم الأول وهو الحمل. وإذا عرفت الحال في هذا المثال ، فقس البواقي عليه.

النوع الثالث من الأمور المعتبرة في هذا الباب : وهو قريب مما تقدم : أنك إذا فرغت التمثال ، فإذا أردت تسليط المرض على دماغه ، طليت داخل رأسه بالأفيون واليبروج. وإن أردت تسليط الحرارة عليه ، طليت موضع قلبه بالأطلية (٣) الحارة المحرقة ، أو كتبت العزيمة على حديدة ، وألقيتها في النار ، أو كتبت العزيمة على كاغد ، وألقيته في القارورة (٤) وإذا فعلت هذه الأمور تكلفت تفريغ القلب عن كل عمل سوى هذا العمل ، وقويت ذلك الخيال في نفسك وتصورت حصول تلك الحالة في ذلك العضو من ذلك الإنسان. والفائدة في عمل تلك الصورة : جمع الأفكار ، وتقوية الخيال. فإنه متى انضمت المؤثرات

__________________

(١) من (ل).

(٢) من (ل).

(٣) بالأدوية (ت).

(٤) الكارورة (ل).

١٨٢

الفلكية القوية إلى جملة الأجسام القابلة السفلية ، وانضم إليها القوة النفسانية القوية التامة : حصل ذلك الأمر لا محال ، فإن انضم إلى تلك الثلاثة كون تلك النفس العاملة مخصوصة بمزيد قوة في هذا الباب ، ومزيد مناسبة لتلك الأعمال ، بلغت الغاية فيه.

النوع الرابع من الأمور المعتبرة في هذا الباب : الدخن ولما ثبت في علم الأحكام : أن لكل واحد من الكواكب السيارة أنواعا من العقاقير مختصة به ، فمن أراد إحداث الدخنة لأجله ، وجب التدخين بتلك الأشياء المناسبة له.

النوع الخامس من الأمور المعتبرة في هذا الباب : قراءة الرقى. واعلم أنها على قسمين : منها : كلمات معلومة. ومنها : كلمات غير معلومة. أما الكلمات المعلومة. فالحق عندي : أن الإنسان كلما كان وقوفه على صفات الكوكب المعين أكثر ، وعلمه بأفعاله المخصوصة أتم ، كانت قدرته على إحصاء صفات كماله أتم ، وانفعال نفسه عند ذكر تلك الصفات أتم وكلّما كان ذلك الانفعال أكمل ، كان انجذاب نفسه إلى روح ذلك الكوكب أكمل ، فكانت قدرته على التأثير أقوى.

وأما الرقى التي لا يفهم منها شيء ، ولا يحصل الوقوف على معانيها ففيها بحثان :

الأول : إن الذي نظم تلك الكلمات ، ورتبها في أول الأمر. من كان؟

والثاني : إنه أي فائدة لنا في قراءتها وذكرها؟

فنقول : أما المقام الأول. فللناس فيه قولان :

الأول : وهم الذين يبالغون في تعظيم تلك الكلمات المجهولة ، الذين يقولون : إن المتقدمين لما بالغوا في الرياضات انكشفت لهم الأرواح الطاهرة القوية ، القاهرة. فألقت عليهم العزائم والرقى.

والقول الثاني : إن حسن الظن يقتضي أن تلك الكلمات المجهولة ،

١٨٣

تدل على صفات ذلك الكوكب ، أو على صفات ذلك الروح بلغة غريبة أجنبية. والمقصود من قراءتها غير معلوم ، لأن من قرأ شيئا ، ولا يعرف معناه ، وكان عظيم الاعتقاد فيه ، فإنه يحصل في قلبه خوف وفزع ، فيكون انفعال نفسه أتم وأقوى ، وذلك هو المقصود.

فهذا ما عندنا في هذا الباب.

النوع السادس من الأعمال المعتبرة في هذا الباب : اتخاذ القرابين ، وإراقة الدماء.

واعلم : أن مذهب أصحاب الطلسمات : أن تلك الحيوانات إذا ذبحت ، فإنه يجب إحراقها بالنار ، حتى يحصل كمال النفع بها. وهذه هي الشريعة (١) الباقية إلى زمان مجيء (٢) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهو أمر عجيب. فإنه لا يعرف وجه المنفعة في الذبح (٣) ، ولا يدري أيضا وجه المنفعة في ذلك الإحراق.

وبالجملة : فهذه الأشياء يصعب وجه النفع بها ، إلا أنه لما دلت التجارب (٤) عليها وجب المصير إليها.

النوع السابع (٥) من الأعمال المعتبرة في هذا الباب : ذكر أسماء الأرواح :

واعلم : أن المنجمين ذكروا : أن الساعة الأولى من يوم الأحد للشمس. والثانية للزهرة. والثالثة لعطارد. والرابعة للقمر. والخامسة لزحل. والسادسة للمشتري. والسابعة للمريخ. ثم تعود الثامنة إلى الشمس [والتاسعة للزهرة. والعاشرة لعطارد. والحادية عشر للقمر. والثانية عشر لزحل. والثالثة عشر

__________________

(١) من أعلمه بأن الخرافات من الشرائع؟

(٢) إلى زمان مجيء محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ل).

(٣) التذبيح (ط).

(٤) أي تجارب؟ إلا أن تكون من حركات الشياطين في الخفاء ...

(٥) التاسع (ت).

١٨٤

للمشتري. والرابعة عشر للمريخ (١)] ثم تعود الساعة الخامسة عشر إلى الشمس [ثم تعود الساعة السادسة عشر للزهرة. والسابعة عشر لعطارد. والثامنة عشر للقمر. والتاسعة عشر لزحل. والعشرون للمشتري. والحادي والعشرون للمريخ (٢)] والثانية والعشرون للشمس. والثالثة والعشرون للزهرة. والرابعة والعشرون لعطارد.

وقد تمت الساعات الأربعة والعشرون.

فلا جرم وقعت الساعة الأولى من يوم الاثنين للقمر. وعلى هذا الترتيب تحصل معرفة أصحاب الساعات. في تمام الأسبوع.

وإذا عرفت هذا ، ظهر أن لكل ساعة صاحبا معينا. فلا يبعد أن يتولد من الروح الكلية للكوكب المعين : أرواح فلكية هي شعبة ونتائجه. ولكل واحد منها مزيد اختصاص بساعة معينة من تلك الساعات.

ثم إن أصحاب السحر والطلسمات ، ربما ادعوا معرفة أصحاب الساعات [ومعرفة أسمائها ، فيعتبرون في السحر رعاية أصحاب الساعات (٣)] التي يراد إحداث تلك الأعمال فيها.

والنوع الثامن : أن المنجمين ينسبون كل بلدة إلى برج معين ، وإلى كوكب معين :

ولا بد في الأعمال السحرية من رعاية تلك الأحوال.

فهذه أمور يجب على من يتولى هذه الصناعة (٤) أن لا يكون غافلا عنها ، حتى تكون أعماله أقرب إلى الصواب [وأبعد عن الزلل. والله الموفق (٥)].

__________________

(١) من (ل).

(٢) من (ل).

(٣) من (ل).

(٤) الأعمال (ت ، ط).

(٥) من (ل).

١٨٥
١٨٦

الفصل السادس

في

التنبيه على أصول أخرى

يجب مراعاتها في هذه الأعمال

اعلم : أن تلك الأصول (١). إما أن تكون معتبرة في الكواكب ، أو في البروج.

(أ) أما في الكواكب :

فقيه شرائط :

الأول : اعلم : أن كل واحد من هذه الأعمال المطلوبة في السحر النجومي ، لا بد وأن يكون مضافا إلى كوكب معين (٢).

فجميع أحوال (٣) الفرقة والبغض مضافة إلى زحل. فإذا أردت [هذا العمل (٤)] فاعمل وزحل في أحد بيتيه : الجدي [أو الدلو (٥)] والدلو أقوى ، أو في تثليثهما ، أو تسديسهما. ويكون القمر متصلا به من أحد هذه المواضع ، أيها كان. أو مقارنا له ، وهو الجيد الذي لا شيء بعده. وليكن الطالع أحد

__________________

(١) الأحوال (ت).

(٢) انظر التكرير المشار إليه في الفصل الخامس.

(٣) أبواب (ت).

(٤) من (ل).

(٥) من (ل).

١٨٧

بيتي زحل ، وهو فيه. فإن لم يكن بالطالع : البرج الذي فيه زحل ، فأي برج كان. واعلم أن الشرف مثل البيت فيما ذكرناه.

وأما إذا أردت عمل شيء من المعاش ، والتزين في أعين الناس ، فليكن عملك والمشتري على الأحوال التي ذكرناها لزحل ، وهو أن يكون في أحد بيتيه أو شرفه أو متصلا بها بالاتصالات المقبولة ، وليكن القمر متصلا أو مقارنا له ، وليكن الطالع أحد بيتيه أو شرفه ، أو البرج الذي هو فيه.

وأما إن أردت التسليط فليكن المريخ على ما قلناه ، وإن أردت العطف ، والتهييج ، فلتكن الزهرة على ما ذكرناه.

واعلم أن أبواب التهييجات مشتركة بين المريخ والزهرة ، فإن كانا مقترنين ، والقمر يقارنهما ، أو ينظر إليهما نظرا قويا ، كان ذلك الباب أقوى في كل عمل. وإن أردت عملا لاستخراج دفين ، أو عطف رجل عالم عليك أو إيقاع مرض نفساني لا جسماني ، فليكن عطارد كما ذكرناه.

وإن أردت عطف قلب [ملك ، أو وزير ، أو استخراج دفين من دفائن الملوك خاصة ، أو استعطاف قلب (١)] امرأة نبيلة موسرة ، أو إصلاح ضيعة أو مزرعة ، فليكن القمر على الحالة التي ذكرناها.

واعلم أن المعتمد للأعمال السحرية : هو المريخ (٢) ، فإذا كان المريخ وصاحب الطالع متقاربين قوي العمل.

واعلم أنه يجب في كل واحد من هذه الكواكب ، إذا أردنا إدخاله في عمل ، أن يكون سليما من مقارنة المذنب.

الشرط الثاني : قد ذكرنا أنه إذا اتصل كوكب من الكواكب الثابتة [بكوكب العمل ، وكان موافقا لطبيعته جاء العمل في غاية القوة ، فإن اتصل القمر (٣)] بذلك الثابت : كان أقوى.

__________________

(١) من (ل).

(٢) عبارة عن (ت) هو المريخ ، وصاحب المريخ وصاحب الطالع مقارب قوي العمل.

(٣) من (ل).

١٨٨

واعلم أن اتصال السيارات بالثوابت على قسمين : تارة في الحقيقة ، وأخرى في المسامتة.

أما الحقيقة : [فهي في الكواكب التي تكون على ممر هذه السيارات. وأما الذي تكون بحسب المسامتات (١)] فهو ما إذا كان الكوكب الثابت : بعيدا عن ممر هذه السيارات. وأنت تعلم أن الأول أقوى.

الشرط الثالث : اتفقوا على أنه لا يتم الطلسم بكوكب ثابت وحده ، بل قالوا : الطلسم إنما يكمل بثابت واحد ، وثلاثة من السيارات ، حتى تحصل فيه الطبائع الأربع ، ويجب أن يكون أحدها : عطارد ، لأن طبيعته ممتزجة. فتفيد امتزاج تلك الطبائع وتفيد قوة ذلك الامتزاج. قالوا : والأولى أن يكون الثابت وسط السماء ، وعطارد في الرابع.

الشرط الرابع : إذا أردت عمل طلسم ، فاجعل كوكب الحاجة في وتد الطالع ، ساعة الابتداء ، واجعل سائر الكواكب المعاونة له على ذلك العمل في الأوتاد الثلاثة الباقية. فإن اتفق أن حصل كوكب الحاجة في حده ووجهه ومثلثه ، وسائر حظوظه ، كان الأمر أكمل.

الشرط الخامس : اعلم أن الكوكب يختلف حال تأثيره من وجوه :

فالأول : كل كوكب كان أعلى فإنه أقوى ، وقد علمت السبب فيه.

والثاني : كل كوكب كان أعظم جثة ، كان أقوى عملا.

الثالث : كل كوكب كان أبطأ حركة ، كان أقوى من وجه ، وأضعف من وجه آخر.

الشرط السادس : إن الكواكب بعضها متحابة ، وبعضها متباغضة ، والحبّ والبغض على أقسام ثلاثة : فأعلاها : أن يكون بحسب الطبيعة الذاتية. مثل : البغض الذي بين الشمس وزحل ، ومثل : المحبة التي بين الشمس وبين المشتري ، وأوسطها : الواقعة بحسب [مناظرات البيوت.

__________________

(١) من (ل).

١٨٩

وأدناها : الحاصلة (١)] بسبب الممازجات فإذا استعنت بكوكب ، وبالغت في تقويته ، فأسقط عنه أعداءه. لأن نظر الضد : يوجب الضعف والفتور.

الشرط السابع : قالوا : إذا أردت التهييج ، فعليك البدء بالزهرة وعطارد ، والمشتري والشمس ، واحذر المريخ وزحل والقمر ، وقالوا أيضا : الساعات الصالحة [للحب : هي ساعات تلك الأربعة. وأما ساعات المريخ والقمر ، فلعقد النوم (٢)] وساعات زحل فللعداوة والبغض وقالوا أيضا : إن كانت المحبة على وفق العفة ، والصلاح ، فابتدئ بها في ساعة المشتري ، وإن كانت على وفق الفساد فابتدئ بها في ساعة الزهرة ، وأما عقد اللسان وعقد النوم ففي ساعة عطارد.

الشرط الثامن : ليكن الطالع في وقت العمل : بيتا للكواكب اللائق بذلك العمل ، أو برجا ، له فيه حظ وقوة. وكلما كان الحظ أقوى ، كان العمل أكمل.

ومثاله : إذا أردنا عمل الحب ، وجب أن يكون الطالع : للزهرة ، وليكن ذلك أيضا في يوم الزهرة ، وهو يوم الجمعة ، وفي ساعة الزهرة ، وهي الساعة الأولى من يوم الجمعة أو الساعة الثامنة منه.

الشرط التاسع : (٣) منها : ما يتصل برجوعات الكواكب : إذا كان زحل راجعا ، عمل فيه طلسم الفرقة. وإن كان مستقيما (٤) ، فللبغض. والمشتري إذا كان راجعا عمل فيه لخراب الضياع ، وإذا كان مستقيما فلصلاح العسكر. وإذا كانت الشمس بريئة من النحوس ، عمل فيه للقاء السلاطين وإذا كانت منحوسة ، عمل فيه لسائر الأعمال الرديئة. وإذا كانت الزهرة راجعة ، عمل

__________________

(١) من (ل).

(٢) من (ل).

(٣) من الشرط التاسع : أول نسخة (ط) بعد السقط.

(٤) وإن كان مستقيما عمل فيه العمارات ، وإذا كان المريخ راجعا [عمل فيه] لفساد الجد [ت ، وفي (ط) الجند ولاحظ : أن التصحيف كثير في هذا الموضع. و [عمل فيه] سقط من (ط).

١٩٠

فيه لأحوال النساء من إسقاط الأجنة. وإذا كانت مستقيمة عمل فيه للصلح بين المتباغضين [وإذا كان عطارد راجعا ، عمل فيه للعطوف ، وإذا كان عطارد مستقيما (١)] فلسائر الأعمال الجيدة. وإذا كان القمر بريئا من النحوس عمل فيه لسائر الأعمال الجيدة. وإذا كان منحوسا لم يصلح لشيء من الأعمال (٢).

الشرط العاشر : قال تنكلوشا :

إنك بعد أن عرفت كواكب هذه الأعمال وطوالعها ، فإنه يجب اعتبار حال القمر من وجوه.

النوع الأول [من اعتبار حال القمر : أن يكون سليما عن المناحس. وهي أمور :

فالأول : (٣)] أن لا يكون منخسفا ، ولا قبله ولا بعده باثنتي عشرة درجة (٤) فإن القدماء كانوا يسمون خسوف القمر : موت القمر. وأما قبله : فلأنه كالذاهب إلى الموت. وأما بعده فلأنه كالمتخلص من الموت.

والثاني : أن لا يكون في استقبال الشمس. فإن القمر حينئذ يكون في نهاية البعد عن الشمس. وبعد العبد عن مولاه. مكروه.

والثالث : أن لا يكون في المحاق. وهو ظاهر.

والرابع : أن لا يكون على تربيع الشمس ، ولا على أنصاف التربيعات ، لأن التربيع. نصف المقابلة ، وإن شئت فاعتبر هذه الأحوال بأيام البحرانات.

والخامس : أن لا يكون عرضه جنوبيا ، لأن القمر إذا كان هناك كان بعيدا عن الربع المسكون.

__________________

(١) من (ل ، ط).

(٢) لم يصلح لشيء من الأعمال (ل).

(٣) من (ل).

(٤) ساعة (ت ، ط).

١٩١

والسادس : أن لا يكون صاعدا ولا هابطا.

والسابع : أن لا يكون في أوائل البروج ، ولا في أواخرها. أما الأوائل فلأنه [يشبه الرجل الذي وضع رجله في الدار ، ولم يستقر فيها بعد ، وأما الأواخر (١)] فلأنه يشبه من قام ، ووصل إلى باب الدار ، ليخرج منها. وأيضا : أواخر البروج : حدود النحوس.

والثامن : أن لا يكون في مقابلة زحل ومقارنته وتربيعه [وأنصاف تربيعه (٢)] لأنه كوكب نحس ، فيهون العمل.

والتاسع : أن لا يكون مع الرأس والذنب ، لأنهما عقدتان. فكرهوا القمر في العقدة. ثم إن الذنب أردأ.

والعاشر : أن لا يكون بطيء السير. لأن هذه الحالة تبطئ المقصود.

والحادي عشر : أن لا يكون في مقابلة عطارد ، ولا في مقارنته ، وذلك لأن القمر إذا اتصل بعطارد ، اتصالا محمودا ، صارت حالة كل واحد منهما محمودة ، وأما إذا تقابلا ، أو تقارنا : تضادا ، فتضادت أحوالهما. والأحوال الإنسانية أكثرها متعلقة بعطارد ، ولا سيما هذه الأعمال السحرية ، فلا جرم وجب الاعتناء فيها بصلاح حال عطارد ، وأن لا يكون بينه وبين القمر اتصال رديء.

والثاني عشر : يكره كون القمر في الميزان ، أو في العقرب. لأنهما [برجا هبوط النيرين (٣)] وهذا شرط واجب الرعاية.

والثالث عشر : أن لا يكون القمر في سادس برج الأسد ، ولا في سادس برج الجوزاء ، وذلك لأن أحدهما بهبوط القمر ، والآخر ببيت زحل.

__________________

(١) سقط (ط).

(٢) من (ل).

(٣) سقط (ت).

١٩٢

النوع الثاني (١) من اعتبار حال القمر :

الأحوال المتعلقة بقران الكوكب مع القمر :

فنقول : إذا كان القمر على قران زحل : يعمل فيه لهلاك الأعداء. وعلى قران [المشتري يعمل فيه للسلاطين والجاه والتجارة. وعلى قران (٢)] المريخ لفتح الحصون والقلاع ، ولقاء الجند والأمراء (٣) والكتب لهم. وعلى قران الشمس للجاه والسلطان.

وأقول : هذا فيه نظر. لأنه في هذه الحالة يكون في المحاق ، وهو لا يصلح لعمل.

قال : وعلى قران الزهرة لعمل النيرنجات [والعطوف والخواتيم والطلسمات. وعلى قران عطارد للعطف ، ولقاء الكتاب (٤)] وعلى قران الرأس لهلاك الأعداء ، والفرقة والبغض ، وما أشبه ذلك.

النوع الثالث (٥) من اعتبار حال القمر :

الأحوال المتعلقة بكونه في البروج :

إذا كان القمر في الحمل ، متصلا بالمريخ ؛ صلح لنيرنجات الحب والبغض ، بحسب اختلاف أحوال الكواكب المنضمة إليه. وإن كان في الثور ، متصلا بالزهرة : صلح للقاء السلاطين والجند. وإن كان في الجوزاء متصلا بعطارد : صلح لعقد اللسان ، وللمنع من الإباق.

وإن كان في السرطان : صلح [للعطف. وإن كان في الأسد متصلا بالشمس : صلح (٦) للتهيج والعطف. وإن كان في السنبلة متصلا بعطارد :

__________________

(١) الثاني عشر من الأحوال المتعلقة ... الخ (ت).

(٢) من (ل).

(٣) الفقراء (ط).

(٤) الثالث عشر من الأحوال المتعلقة بالقمر ، وما يتعلق بكونه في البروج (ت).

(٥) من (ل).

(٦) من (ل).

١٩٣

صلح لعمل الربح في المكاسب ، والزيادة في المال ، وإن كان في الميزان [متصلا بالزهرة (١)] صلح للعطف المبني على عمل النار (٢) والهواء. وإن كان في العقرب متصلا بالمريخ : صلح للعطوف النارية والمائية. وإن كان في القوس متصلا بالمشتري : صلح لإزالة الوحشة ، وتحصيل الصلح. وإن كان في الجدي متصلا بزحل : صلح لأن تكتب فيه الكتب المدفونة في مقابر اليهود ، للفرقة والبغض. وإن كان في الدلو ، متصلا بزحل : صلح لما ذكرناه في الجدي. وإن كان في الحوت متصلا بالمشتري : صلح للعطف.

النوع الرابع من أحوال القمر : يقوى العمل يوم الأحد ، إذا كان القمر متصلا [بالشمس. وفي الاثنين إذا كان متصلا بالزهرة ، وفي الثلاثاء إذا كان متصلا (٣)] بالمريخ. وفي الأربعاء إذا كان متصلا بعطارد. وفي الخميس إذا كان متصلا بالمشتري. وفي الجمعة إذا كان متصلا [بالزهرة. وفي السبت إذا كان متصلا بزحل] (٤).

(ب) وأما في الأحوال (٥) المعتبرة في البروج والبيوت :

ففيه وجوه من الشرائط :

الأول : أن تجعل الطالع برجا موافقا للعمل ، وبيتا مناسبا له. ومثاله : أنه إذا كان المطلوب أمر النكاح كان برجه هو السابع. فإن كان السابع هو الجدي فهو غير صالح له. لأن الجدي برج أرضي بارد يابس ، فإنه وقع عليه شعاع زحل ، بطل هذا المقصود بالكلية ، وإن وقع عليه شعاع الزهرة ، حصل المقصود على نوع من الضعف وإن اجتمع فيه شعاعهما قوي الضعف بسبب البرج ، وشعاع زحل فحصل المقصود مع الضعف بسبب شعاع الزهرة ، وأما إن كان السابع هو الدلو ، فإن وقع عليه شعاع الزهرة ، حصلت قوة قوية ،

__________________

(١) من (ل).

(٢) النارية والهوائية (ت).

(٣) من (ل).

(٤) من (ل).

(٥) الشرط الحادي عشر في الأحوال (ت).

١٩٤

لكن لا في غاية الكمال. أما في القوة القوية فلأن الزهرة مناسبة لهذا المقصود. والدلو برج هوائي رطب ، فهو مناسب له. وأما عدم الكمال ، فلأن صاحب الدلو زحل ، وهو معوق عن هذا الغرض وإن وقع عليه شعاع زحل ، أفاد تعويقا لكن لا في الكمال فإن اجتمع الشعاعان ، كان التعويق أقل ، وأما إن كان السابع هو الميزان ، كان الأمر في تلك الأحكام بالعكس.

الشرط الثاني : قالوا : إذا أردت رقية للحب ، أو عملا يتعلق باثنين ، فاعمله والطالع برج ذو جسدين ، ورب الساعة الزهرة ، وهي ناظرة إلى الطالع وإلى القمر ، ولا تكون راجعة ولا منحوسة بشيء من وجوه المناحس ، ولينظر القمر إلى الشمس من التثليث أو التسديس. وإذا أردت الإفساد بين اثنين ، فليكن الطالع برجا منقلبا ، والقمر كذلك في برج منقلب ، والمريخ وزحل ناظران إلى القمر ، وخاصته زحل ، ولتكن الساعة لزحل ، وهو في وسط السماء ، ويكون قويا ، وينظر إليه النيران. وأسقط النيرين بعضهما عن البعض.

الشرط الثالث : إن كان عملك للإناث ، فليكن الطالع برج أنثى ، وإن كان للذكور ، فبرج ذكر.

وأما المسلط عليه ، فبالضد. فإن كان ذكرا ، اجعل طالع العمل الموجب للتسليط عليه : أنثى وإن أنثى ، اجعل الطالع : ذكرا. وأيضا : إن كان صاحب الطالع المسلط عليه: ذكرا ، اجعل طالع عمل التسليط عليه : أنثى. وبالضد. وذلك لأن الشيء يقوى بالموافق ، ويضعف بالضد.

الشرط الرابع : اجعل أعمال الحب في أول الشهر ، وأعمال البغض في آخر الشهر. وأعمال عقد اللسان في وسط الشهر. لأن أول الشهر زائد. فيناسب حصول زيادة الحب. وآخر الشهر في النقصان ، وذلك يورث النقصان في الحب.

وأما «أبو ذاطيس» (١) البابلي ، فإنه قلب الأمر ، واتخذ صورتين على

__________________

(١) طلس (ت ، ط).

١٩٥

شكل المحب والمحبوب ، ووضعهما في زاويتي البيت على القطر ، وجعل ابتداء هذا العمل من منتصف الشهر ، ثم في كل يوم يقرب كل واحد منهما من الآخر ، لأجل أن النيرين ، يقرب كل واحد منهما من الآخر في هذه المدة ، حتى إذا تم الشهر ، اتصلت إحدى الصورتين بالأخرى ، على قياس وصول أحد النيرين إلى الآخر.

الشرط الخامس : يعرف طالع الشخص الذي يراد تهييجه. فإن كان ناريا ، فاعمل له عملا يتعلق بالنار. وإن كان هوائيا [فاعمل له (١)] عملا يتعلق بالهواء وعلى هذا القياس.

واعلم : أن هذه الأعمال السحرية. منها : نارية. مثل أن تكتب العزيمة على الحديد ، ثم توضع في النار. ومثل : أن تصب الخمر العتيق ، والنفط الأبيض ، والأدوية الحارة في كوز الفقاع. ويوضع في النار. وتقرأ عليه العزيمة. ومنها : هوائية. مثل : تطيير العصفور. ومثل : النفث في العقد. ومنها : مائية. مثل : غسل الرجلين [بمياه مخصوصة (٢)] وصبها على باب من تريد تهييجه. والله أعلم [بحقيقة هذه الأمور (٣)].

[هذا آخر ما وجه بخط المصنف ـ رحمه‌الله تعالى ـ وقد نقل هذا الكتاب من نسخة منسوخة من خط المصنف ، رحمه‌الله تعالى. آمين (٤)].

__________________

(١) سقط (ل).

(٢) سقط (ل).

(٣) سقط (ل).

(٤) من (ل). وفي آخر (طا) : «اتفق الفراغ على يدي العبد المذنب الضعيف ، الراجي رحمة ربه اللطيف : أبي الفتح محمد بن محمد بن أبي بكر الدابيوردي. يوم الأحد الثامن عشر من صفر ختمه الله بالخير لسنة أربعين وستمائة».

وفي آخر (س) : «وقع الفراغ من نقل هذا الكتاب من نسخة نقلت من خط المصنف ، في الخامس من شوال سنة أربعين وستمائة ه» و (س) من مجموعة (طا ، ل ، ط).

وكان اعتقاد الناسخ أن النبوات هو آخر أجزاء المطالب العالية. والحق : أن الجبر والقدر هو آخر الأجزاء. وانتقل المؤلف إلى جوار ربه من قبل أن يتم الجبر والقدر ، ومن قبل أن يكتب في المعاد وفي الأخلاق.

١٩٦

فهرس الجزء الثامن

القسم الأول من كتاب النبوات.................................................. ٥

في تقرير القول بالنبوة عن طريق المعجزات......................................... ٥

الفصل الأول

في شرح مذاهب الناس في هذا الباب............................................. ٧

الفصل الثاني

في حكاية شبهات من أنكر النبوات بناء على نفي التكليف....................... ١١

الفصل الثالث

في تقرير شبهات من ينكر التكليف ، لا بالبناء على مسألة الجبر................... ٢١

الفصل الرابع

في تقرير شبهات المنكرين للنبوات ، بالبناء على أن العقل كاف في معرفة التكليف. وذلك يوجب سقوط القول بالبعثة والرسالة........................................................................... ٢٩

الفصل الخامس

في حكاية شبهات من يقول : القول بخرق العادات محال.......................... ٣٥

١٩٧

الفصل السادس

في شبهات القائلين بأن المعجزات لا يمكن أن يعلم أنها حدثت بفعل الله ويتخلفيه. وبيان أنه متى تعذر العلم بذلك ، امتنع الاستدلال بها على صدق المدعي.............................................. ٤١

الفصل السابع

في حكاية شبهات القائلين بأن على تقدير أن يثبت أن خالف المعجزات هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ إلا أن ذلك لا يدل على أنه ـ تعالى ـ إنما خلقها لأجل تصديق المدعي للرسالة.................................. ٥٥

الفصل الثامن

في حكاية دلائل من استدل بظهور المعجز على صدق المدعي...................... ٦١

الفصل التاسع

في تقرير نوع آخر من الشبهات في بيان أن ظهور الفعل الخارق اللعادة ، الموافي للدعوى ، مع عدم المعارضة : لا يدل على صدق المدعي..................................................................... ٦٥

الفصل العاشر

في أن بتقدير أن يكون المعجز قائماً مقام ما إذا صدقة الله تعالى ، على سبيل التصريح ، فهل يلزم من هذا : كون المدعي صادقاً........................................................................... ٦٩

الفصل الحادي عشر

في الطعن في التواتر........................................................... ٧٣

الفصل الثاني عشر

في تقرير شبهة من يقول : إن الله تعالى لو أرسل رسولاً إلى الخلق ، لوجب أن يكون ذلك الرسول من الملائكة       ٨١

١٩٨

الفصل الثالث عشر

في البحث عن الطريق الذي يعرف الرسول ، كونه رسولاً من عند الله ـ عزوجل........ ٨٥

الفصل الرابع عشر

في الشبهات المبينة على أنه ظهر على الأنبياء أعمال تقدح في صحة نبوتهم.......... ٨٧

الفصل الخامس عشر

في الإشارة إلى أجوبة هذه الشبهات............................................ ٩٣

القسم الثاني من كتاب النبوات

في تقرير القول بالنبوة عن طريق آخر وهو قدرة النبي على تكميل الناقصين......... ١٠١

الفصل الأول

في تمييز هذا الطريق عن الطريق المتقدم......................................... ١٠٣

الفصل الثاني

في أن القرآن العظيم يدل على أن هذه الطريق هو الطريق الأكمل الأفضل في إثبات النبوة ١٠٩

الفصل الثالث

في صفة هذه الدعوة إلى الله تعالى............................................. ١١٥

الفصل الرابع

في بيان أن محمداً ـ عليه الصلاة والسلام ـ أفضل من جميع الأنبياء والرسل.......... ١٢١

الفصل الخامس

في بيان أن إثبات النبوة بهذا الطريق ، أقوى وأكمل م إثباتها بالمعجزات............. ١٢٣

الفصل السادس

في تقرير طريقة الفلاسفة في كيفية ظهور المعجزات على الأنبياء ـ عليهم السلام...... ١٢٧

١٩٩

الفصل السابع

في حكاية قول الفلاسفة في السبب الذي لأجله يقدر الأنبياء والأولياء على الإتيان بالمعجزات والكرامات  ١٣٧

القسم الثالث من كتاب النبوات

في الكلام في السحر وأقسامه................................................ ١٣٩

مقدمة في بيان أنواع السحر................................................. ١٤٣

مقالة في تقرير الأصول الكلية المعتبرة في السحر ، المبني على طريقة النجوم......... ١٤٧

الفصل الأول

في الطلاسم............................................................... ١٤٩

الفصل الثاني

في بيان أن الوقوف على أصول هذا العلم عسر جداً............................ ١٥٣

الفصل الثالث

في الطريق الذي حصل به الوقوف على طبائع الأجرام الفكلية.................... ١٥٩

الفصل الرابع

في الشرائط الكلية المعتبرة في رعاية هذا النوع................................... ١٦١

الفصل الخامس

في تلخيص الأصول المعتبرة في هذا الباب...................................... ١٦٧

القسم الأول من الفصل الخامس

في تفصيل أحوال المؤثرات العلوية............................................. ١٦٨

النوع الأول

البحث عن أنواع الكواكب.................................................. ١٦٨

النوع الثاني

البحث عن أحوال النقط الفلكية المؤثرة........................................ ١٧٣

٢٠٠