المحصّل

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]

المحصّل

المؤلف:

محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري [ فخر الدين الرازي ]


المحقق: دكتور حسين أتاي
الموضوع : الفلسفة والمنطق
الناشر: مكتبة دار التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٠٨

أيضا فى شرحه للمفصل بقوله «أقول قال الامام قطب الدين المصرى رحمه‌الله فى هذا الجواب نظر» (٣٣).

فان لعز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن أبى الحديد تعليقة على المحصل على ما ذكره صاحب كشف الظنون (٣٤) وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبى (٣٥).

يوجد بأيدينا مخطوطة فى جامعة استانبول تحت الرقم ٣٢٩٧ من ورقة ٣٧٤ ـ ب الى ٤٦٤ ـ ب ، المنسوبة الى عبد الحميد بن أبى الحديد الا انه بين هذه الأوراق نسختان الأولى تبدأ بقوله : «أحمد الله على نعمه التى التوفيق بحمده عليها محسوب منها واشهد بتوحيده وعدله شهادة أرجو أن أنطق بها يوم اسئل عنها واصلى على رسوله وأمينه وأصحابه القائمين بنصره ودينه ثم أى (انى) متتبع فى هذا الكتاب الرازى الأشعرى المعروف بالمحصل وجار فى ذلك على منهاجى فى تتبع كتبه الكلامية وتصفحها مع تجنب التكرير وبذل الجهد فى الاتيان فى كل تعليق بما لم آت به فى التعليق الّذي قبله والاضراب على كثير من الستة (كذا) التى قد اشتهرت واشتهر الكلام عليها تعويلا على بسط القول فيها ... مسئلة فى اكتساب التصورات قوله عندى ... أقول» (٣٦). وتنتهى بقوله : «وهذا آخر كلامنا فى هذا الكتاب ونحن نسأل ان يجعل ما ذكرناه حجة لنا لا علينا ... وافق الفراغ من نسخه ثامن شهر شعبان المبارك سنة ثمان وسبعين وستمائة. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين لله الحمد (٣٧).

ومن ميزة هذا الشرح أنه يذكر مسئلة ويعطى من نفسه عنه انارة للبحث ثم ينقل قول الامام ب «قال» ثم يجيب بأقول. ولكن فى غير هذا يخلط أحيانا

__________________

(٣٣) شرح المحصل لعلى بن عمر الكاتب القزويني (ورق ٨٣ ـ ب) راغب باشا ٧٩٢.

(٣٤) كشف الظنون ٢/١٦١٤ فان الدكتور صالح الزركان قد وقع في خطا السفل او الطبع عندما ذكر لقب عز الدين لعبد الحميد كانه ابنه مثل قوله عز الدين ابن عبد الحميد انظر في كتابه فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية والفلسفية ص ٩٣.

(٣٥) فوات الوفيات ١/٥١٩.

(٣٦) المخطوطة ٣٢٩٧ (٣٧٤ ـ ب) جامعة استانبول.

(٣٧) تفس المخطوطة (٤٤١ ـ ١).

٤١

كلام الامام بكلامه نفسه. وهناك ميزة أخرى وهى قوله : «من كلام ابن أبى الحديد على المحصل» (٣٨).

ان القسم الثانى من نفس المخطوطة يبدأ مباشرة من نفس الصحيفة بقوله : قال فى المحصل فى باب نفى اثبات التصورات تعريف الماهية .. أقول لمطالب ان يطالبه ...» (٣٩).

فانى أرى أن القسم الأول والثانى هما لنفس المؤلف وهو ينبغى أن يكون معتزليا لما فيهما من أمثال هذه العبارات «على طريقة شيخنا أبى الهاشم» (٤٠).

«فى اثبات النبوة أعلم أن أصحابنا قد أجمعوا على ان من لا يقول بالعدل لا يمكنه اثبات النبوات» (٤١). ذهب شيخنا أبو الحسين الى استحالة ذلك وذهب جمهور المتكلمين الى جوازه (اعادة المعدوم) (٤٢). واعلم انه لو لا ان تكون هاتان المسألتان من الأصول الخمس عند صاحبنا لم نذكرها (٤٣) وفى القسم الثالث أقول أنهم لا يحدونها بذلك لأن صفات الأجناس عند أصحابنا كالجوهرية (٤٤). هذا شيخنا أبو إسحاق بن عباس وهو جليل القدر بين المتكلمين وقد حكى هذا القول عنه شيخنا أبو الحسين (٤٥).

وفى القسم الثانى من المخطوطة نفسها نجد قوله : «فقد تكلمنا فى الأعراض على المحصل فى هذا الموضع بما فيه كفاية» (٤٦) «وقد ذكرنا فى التعليق على المحصل» (٤٧).

__________________

(٣٨) نفس المخطوطة (٤٠٢ ـ ١) ، (٤٠٥ ـ ١).

(٣٩) نفس المخطوطة (٤٤١ ـ ١).

(٤٠) (٤٢٥ ـ ١).

(٤١) ٤٢١ ـ ١.

(٤٢) ٤٢٨ ـ ١.

(٤٣) ٤٣٩ ـ ب.

(٤٤) ٤٥٤ ـ ١.

(٤٥) ٤٥٩ ـ ١.

(٤٦) ٤٤٥ ـ ١.

(٤٧) ٤٤٨ ـ ب.

٤٢

ونستنتج من هذا كله بأن مؤلف هذه المخطوطة من أولها الى آخرها هو مؤلف واحد وانما استدرك بالقسم الثالث ما تركه فى القسم الأول. وبما انه على أغلب الظن والأستاذ محمد بن تاويت الطنجى رحمه‌الله أيضا كان يعتقد ان المخطوطة من تعليقات ابن أبى الحديد وبما انى لم استطع الحصول على نسخة أخرى من هذا المخطوطة وهى كادت أن تكون غير معروفة أحب أن أنقل هنا نبذة من كلامه فى نقد المحصل وصاحبه وإيضاحاته فى بعض المسائل المهمة كذلك فان ابن أبى الحديد علق على قول الرازى فى مسئلة صفة العلم والقدرة لله تعالى بقوله : «مسئلة فى كونه تعالى عالما هل هو لذاته أم بعلم قديم قال صاحب الكتاب أهم المهمات فى هذه المسألة الكشف عن محل النزاع» (٤٨). «أقول ان هذا الموضع عن (الّذي) ذكرته فى الرسالة النظامية واعترضته واشعب القول فيه ولما لم يكن لائقا أن يتكلم على هذا الموضع فى كتاب (كذا) عن المحصل ويضرب عن ذكره فى الكتاب الموضوع الاعتراض (كذا) على المحصل خاصة ؛ تعين ان يتكلم فيه هاهنا. ولا بد من تقديم مقدمات «منها الفرق بين الذات والصفات وأنا أذكر فى هذا الموضع تفصيلا نافعا فاقول : (٤٩) واطال ابن أبى الحديد هنا وكتب تسع صفحات ونصف صحيفة. فانى انتخبت منها المقدمات السادسة والسابعة والثامنة والتاسعة وهى عشر مقدمات على حسب ترقيمه. وفى المخطوطة يأخذ الصفحات التالية ٤١٢ ـ ب ـ ٤١٧ ـ ا.

«المقدمة السادسة فى تحقيق مذهب مثبتى الأحوال عن أصحابنا فى هذه المسألة فهم الشيخ أبو هاشم رحمه‌الله وأصحابه ، مذهبهم ان البارى تعالى عالم وكونه عالما صفة له ومرادهم بالصفة هاهنا الحال. وهذه الصفة تقتضيها ذاته تعالى لا مجرد كونها ذاتا لأن الذوات عندهم متساوية ومماثلة فى الذاتية ؛ لكن لاختصاصها بالصفة الخاصة وهى الصفة الخامسة وليست صفته تعالى بكونه عالما معللة معنى متفصل كما يذهب إليه الأشعرى ويقولون ان هذه الصفة باعتبارها تتعلق ذات البارى بالمعلومات المختلفة.

المقدمة السابعة : فى تحقيق مثبتى الأحوال من الأشعرية فى هذه المسألة :

__________________

(٤٨) المحصل ص ١٣١ سفلر ١ ـ ١٨ تعليق ابن ابي الحديد ٤١٢ ـ ١.

(٤٩) تعليق ابن ابي الحديد ٤١٢ ـ ب (نقل من قوله هذا واهم المهمات ... الى يكون الله تعالى عالما ، ورق ٤١٢ ـ ١.

٤٣

هو ، لا يقولون مثل قول شيخنا أبى هاشم وأصحابه الا أنهم لا يجعلون المقتضى لتلك الصفة ذاته تعالى لا مجرد كونها ذاتا مخصوصة بنفسها ولا باعتبار الصفة الأخرى الخاصة التى يسميها أصحابنا الخامسة بل يجعلون المقتضى لتلك الصفة معنى قديم غير معلل بعلة لا ذات البارى ولا غيرها بل هو موجود لذاته كما ان ذات البارى تعالى موجود لذاتها. الا أنها تقتضى حصول صفة العالمية لذات البارى سبحانه ولو لا هذا المعنى لم تكن ذات البارى سبحانه عالمة. وكذا القول فى القدرة والحياة وغيرها من المعانى وهذا قول ابن الباقلانى والجوينى وغيرهما فمن يستحق أن يخاطب من هذه الطائفة. وكل قول يقوله من ينتمى الى الأشعرية غير هذا القول فى هذه المسألة. اما أن لا يصح واما (٤١١ ـ ا) ان ترجع الى مذهب الشيخ أبى الحسين رحمه‌الله.

المقدمة الثامنة فى تحقيق قوم نفاة الأحوال من أصحابنا فى هذه المسألة : مذهبهم فى هذا الموضع مضطرب جدا لأنهم لا يثبتون للبارى تعالى بكونه عالما صفة ولا معنى هو ذات فيصعب عليهم تفسير مفهوم قولنا انه عالم. فقال الشيخ أبو على وأبو بكر بن إخشيد وأصحابهما مفهوم كونه عالما ، ان له معلوما ومفهوم كونه قادرا ان له مقدورا وليس للذات من هذا المفهوم صفة ولا معنى. وقد تكلم الشيخ أبو الحسين رحمة الله عليهم (كذا) فى التصفح بما ليس هذا موضع ذكره.

المقدمة التاسعة فى تحقيق قول الشيخ أبى الحسين رحمه‌الله فى هذه المسألة مذهبه : ان البارى تعالى عالم ومعنى ذلك كونه متبينا للأشياء وهذا ليس أمر (ا) زائد (ا) على ذاته مضافا (ا) إليها وذاته يقتضيها بحقيقتها المخصوصة المخالفة لسائر الحقائق بنفسها فتارة يسميه تعلقا والمقصود انه أمر ثبوتى ذاته تعالى موصوفة به يتجدد بتجدد المعلومات وهو متعدد ليس بمتحد وهل هو أمر له اضافة أو هو نفس الاضافة. هذا مما يختلف قوله فيه.

وليس للبارى تعالى من كونه قادرا صفة راجعة الى ذاته عنده كما له من كونه عالما لأنه لا معنى لكونه قادرا الا صحة الفعل ووقوعه على دواعيه تعالى وصحة العقل أمر راجع الى الفعل. فذاته تعالى يقتضي كون الفعل صحيحا منه وموقوفا

٤٤

على دواعيه ، فليس له بذلك صفة كماله بكونه عالما صفة وقد تكلمت على هذا الموضوع فى غير هذا الكتاب.

وثبت أن ما فرق به الشيخ أبو الحسين رحمه‌الله من الموضعين ليس بجيد. وقلت أن ذاته تعالى لا تقتضى صحة الفعل ، الصحة الراجعة الى ذات الفعل لأن تلك الصحة ذاتية للفعل ومن لوازمه. ولو قدرنا انتفاء كل قادر فى الوجود لكان الممكن ممكنا والممتنع ممتنعا. فاذا ذاته تعالى يقتضي صحة صدور الفعل الممكن عنه فهما صحتان أحدهما صحة الممكن فى نفسه والآخر صحة وجوده بالفاعل. فالصحة الثانية لا بد من اثباتها لذاته تعالى ، فلا بد من اثبات صفة له بكونه قادرا راجعة الى ذاته كما قال فى كونه عالما لا فرق بين الموضعين» (٥٠).

«مسئلة» فى «التحسين والتقبيح»

«ونقول لا نسلم انه تعالى أخبر فى حياة أبى لهب أنه لا يؤمن. ولم لا يكون سورة تبت انزلت بعد موت أبى لهب. المحال انما يلزم لو كان تعالى قد اخبر وأبو لهب حي بأنه لا يؤمن (*) وهو مع هذا مكلف ان يؤمن واذا كانت قد أنزلت بعد موت أبى لهب فقد اندفع الاشكال.

ان قيل فيجب على هذا ان يقولوا أنه تعالى ما أخبر عن أقوام بأعيانهم انهم لا يؤمنون وهم أحياء.

قيل كذلك يقول. انه لم يخبر عن أحد أنه لا يؤمن وهو فى حال الاخبار عنه مكلف بأنه يؤمن. ان قيل : فما قولكم فى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) قيل : ان هذه الآية وردت فى حق أقوام مخصوصين. وقوله تعالى (لا يُؤْمِنُونَ) اعم من قوله : لا يؤمنون مدة حياتهم. ومن قوله : لا يؤمنون الآن. لأنه يمكن تقسيمه الى كل واحد من القسمين ومورد التقسيم مشترك بين القسمين. فلم لا يجوز أن يكون المراد :

__________________

(٥٠) ابن ابي الحديد ، ٤١٥ ـ ب ـ ٤١٦ ـ ١.

(*) في الاصل : يؤمن لا : والمعنى : لا يؤمن.

٤٥

لا يؤمنون الآن فقط ، ولا يكون اخبارا عن انتفاء الايمان منهم طول حياتهم فلا يلزم المحال» (٥١).

من جملة نقد ابن أبى الحديد لفخر الدين الرازى.

«ثم ان صاحب الكتاب تكلم فى اثبات النبوة المحمدية واستدل عليها بوجوه ثم اعترضها باعتراضات كثيرة ولم يجب عنها ... وقد وقفت على رسالة لبعض قدماء الاسماعيلية يذكر فيها فوائد التعليم. واظن صاحب الكتاب وقف عليها وحسنت عنده فنقلها الى هذا الموضع لأنى رأيت كثيرا من ألفاظ الرسالة بعينها منقولة فى المحصل : فمن جملتها قوله :

«ان كل جنس تحته أنواع فانه يوجد فيما بين تلك الأنواع نوع واحد هو اكملها. وكذا الأنواع بالنسبة الى الأصناف بالنسبة الى الأشخاص بالنسبة الى الأعضاء وأشرف الأعضاء ورئيسها هو القلب وخليفته الدماغ ومنه يثبت القوى (*) (٤٣٤ ـ ا) على جميع جوانب البدن. فكذا أنواع الانسان لا بد فيه من رئيس والرئيس اما ان يكون حكمه على الظاهر فقط وهو السلطان أو على الباطن فقط وهو العالم أو عليهما معا وهو النبي أو الامام. فالنبى يكون كالقلب فى العالم والامام كالدماغ وكما أن القوى المذكورة انما تفيض من الدماغ على الأعضاء وكذا قوة البيان والتعليم انما تفيض بواسطة الامام المعلم الّذي هو خليفة النبي على جميع أهل العالم وهذا الكلام محض مذهب التعليمية وهم الاسماعيلية من الشيعة. وكثيرا ما اعجب من هذا الرجل فى كتبه ومصنفاته وخصوصا فى هذا الكتاب فانه وضعه على قاعدة الايجاز والاختصار ثم توخى المواضع المهمة فى صناعة الكلام فاختصرها حتى أحل (*٢) بفهمها بالكلية بل حذف الكثير منها وأهمله وأعرض فى مواضع شريفة عظيمة الخطر. ولم يجب عن الاعتراض قصدا للايجاز بزعمه ثم اطال فى مواضع كثيرة لا يناسب اطالته فيها الايجاز فى غيرها ولا يقتضي قاعدة الكتاب وأمثاله من المختصرات الاسهاب فيها ...

__________________

(٥١) نفس المخطوط ، ٤٢٧ ـ ب.

(*) نفس المخطوط ٤٢٢ ـ ب كذا في الاصل ، والاصح : تنبت.

(*٢) والاصح : اخل

٤٦

«والكلام فى تعديد الآيات الدالة على انا فاعلون على رأى المعتزلة وهو منقول من رسالة مفردة للصاحب أبى القاسم ابن عباد أحد جوامعها فنقلها الى هذا الكتاب ... وعلى انه قد وهم فى عدد الأئمة الاثنا عشرية وفى انسابهم فى موضعين فانه اسقط الامام العاشر عندهم وهو على الهادى بن محمد على بن موسى ... وقال ان من الناس من جعل الامام بعد محمد بن على بن موسى فى أبيه (ابنه) جعفر وليس جعفر هو ابن محمد كما توهمه بل هو ابن على الهادى بن محمد ... (٤٣٤ ـ ب) فحسب أحد عشر باثنى عشر هكذا رأيته فى جميع النسخ التى وصلت إلينا الى بغداد بهذا الكتاب ووقفنا عليها ولعله غلط الناسخ والا فالرجل ان لا يكون يعرف ذلك ...» (٥٢).

ولكن اذا رجعنا الى نسخ المحصل الموجودة لدينا من مخطوطة ومطبوعة لا نرى العبارة التى ذكرها ابن أبى الحديد آنفا وانما نرى فى المحصل عندنا هذه العبارة الآتية :

«فالذين استقر عليه رأيهم ان الامام بعد الرسول عليه‌السلام على بن أبى طالب ثم ولده الحسن ثم أخوه الحسين ثم ابنه على ثم ابنه محمد الباقر ثم ابنه جعفر الصادق ثم ابنه موسى الكاظم ثم ابنه على الرضا ثم ابنه محمد التقى ثم ابنه على النقى (الهادى) (٥٣) ثم ابنه الحسن الزكى ثم ابنه محمد وهو القائم المنتظر» (٥٤).

وعدا ذلك نستطيع أن نقول ان نقد ابن أبى الحديد مصيب وغير مصيب.

واحب أن اقرأ شيئا من النقد لابن أبى الحديد لأنى وجدت افادته شيقة ومفيدة على الأقل من ناحية تسبق العلوم ودرجة فهمهم العلم والدرجة العلمية وكيف كانوا يقيمون علوم العلماء وتآليفهم العلمية.

«وما زال أهل العلم يستهجنون ان يمزج علم بعلم آخر ويجمع بين الكتب بين العلمين ويعدون ذلك قصورا فى صناعة التصنيف وقال الشيخ أبو الحسين

__________________

(٥٢) نفس المخطوط (٤٣٤ ـ ١ ـ ٤٣٤ ـ ب).

(٥٣) شرح تجريد العقائد للعلامة الحلي (المتوفى ٧٢٦) ص ٢٥٠ مطبعة العرفان صيدا / ١٣٥٢.

(٥٤) المحصل ص ١٧٧ مصر ١٣٢٣.

٤٧

رحمه‌الله فى خطبة المعتمد انى انما صنعته بعد استقصاء فى شرح العمد لأنى تكلمت فى شرح العمد فى كثير من المباحث الكلامية اتباعا لمصنف العمد وهو قاضى القضاة فاستهجنت ذلك ورأيت الى (ان) العلوم المختلفة لا يجوز أن يجمع بينها فى الكتاب الواحد ، فدعانى ذلك الى تصنيف المعتمد ... (٤٣٥ ـ ا) وانما حذا (يعنى الرازى) فى ذلك حذو الغزالى فى المستصفى فانه صنف كتابا فى أصول الفقه مزجه بعلم المنطق ... قوم غلب حب العلوم الحكمية عليهم ... ولا أقول هذا مبالغة فان هذا المصنف قد فسر القرآن العزيز ، كتاب كبير نحو عشر مجلدات أكثرها على القواعد الحكمية وهو من عجائب الدنيا وما رأينا قبله مثله. فانا عهدنا كتب التفسير يقال فيها عند ذكر الآية قال على وابن عباس وهذا عند ذكر الآية يقول قال الفارابى وابن سينا ولا قوة الا بالله (٥٥).

انه من المفيد والنافع ان يعرف المسائل التى خالف فيها فخر الدين الرازى مذهبه الأشعرى على قلم لابن أبى الحديد بقوله : «وقبل ان نختم الكتاب نعقد فصلا نذكر فيه المسائل التى فارق فيها مذهب الأشعرية وأخذ فيها بقول الشيخ أبى الحسين رحمه‌الله وهى «كو» مسئلة ف (١) ـ ليس النظر معنى زائدا على ترتيب العلوم والظنون بل هو مجرد ترتيب علوم أو ظنون فى الذهن ليتوصل بها الى علم أو ظن.

(ب) النظر الفاسد يستلزم الجهل.

(ج) ليس الوجود صفة زائدة على الذات وهذا وان قال به الأشعرى نفسه لكن جمهور أصحابه انكروه.

(د) ليس حدوث الحادث علة الحاجة الى المحدث بل جواز الحدوث هو العلة.

(ه) ليس حصول الجوهر فى الحيز معللا بمعنى هو الكون.

(و) ليس الحياة معنى زائدة على اعتدال المزاج وقوة الحس والحركة.

(ز) ليس الموت معنى وجوديا يضاد الحياة.

__________________

(٥٥) تعليق ابن ابي الحديد (٤٣٤ ـ ب ـ ٤٣٥ ـ ١).

٤٨

(ح) ليس العلم معنى يوجب كون العالم عالما ولا العلم عبارة عن حالة يتعلق المعلوم بل العلم هو التعلق نفسه.

(ط) ليس العقل عبارة عن نفس العلم بوجوب الواجبات واستحالة المستحيلات بل غريزة يلازمها العلوم البديهية عند ارتفاع المانع.

(ى) ليست القدرة (٤٤١ ـ ا) عبارة عن معنى زائد على صحة البنية [الصحيح البنية] أو اعتدال مزاج الأعصاب.

يا ـ ليس العجز معنى وجوديا يضاد القدرة.

يب ـ ليس الادراك معنى زائدا على العلم.

يج ـ الاعراض ليست نستحيله (مستحيلة) البقاء بل يجوز بقاؤها.

يد ـ الأجسام لا يستحيل خلوها من الألوان والطعوم والأراييح.

يه ـ المعلول بالنوع يجوز تعليله بأكثر من علة واحدة بالشخص.

يو ـ الموجب العقلى يجوز أن يتوقف ايجابه الأثر على شرط منفصل عن ذاته.

ير ـ الموجب العقلى يجوز أن يكون مركبا.

يح ـ لم يثبت بحجة قاطعة أن كون الله تعالى سميعا بصيرا أمر زائد على كونه عالما.

يط ـ لم يثبت بحجة قاطعة انه تعالى موصوف بما تزعم الأشعرية انه معنى مفرد يسمونه كلام النفس.

كا (*) (ك) ـ ليس البارى تعالى عالما بمعنى يقتضي له كونه عالما بل ليس الا ذاته والاضافة المسماة العلم لا غير.

__________________

(*) الناسخ اخطا هنا وتجاوز «ك» ولكن اضع ما هو في المخطوط واصححه بين المعفوفين.

٤٩

كب (كا) ـ لم يثبت بحجة قاطعة ان للبارى تعالى صفات غير هذه الصفات المتفق عليها وما أثبته الأشعرى وأصحابه من اليد والوجه والاستواء وغيرها لا يصح.

كج (كب) ـ لم يثبت بحجة قاطعة ان البارى تعالى تصح رؤيته.

كد (كج) ـ لم يثبت بالدليل ان قدرة العبد لا تؤثر فى مقدوره اصلا كما قال الأشعرى ولا أنها لا تؤثر فى ذاته بل فى صفة زائدة على ذاته كما قاله ابن الطيب.

كه (كد) ـ لم يثبت بالدليل ان أجزاء الأجسام البشرية تعدم ثم تعاد فى القيامة عن العدم.

كو (كه) ـ لا يكفر أحد من أهل القبلة وان اختلفوا فى المسائل الكلامية.

كر (كو) ـ الامامة واجبة لأنها تتضمن (أن) دفع الضرر عن النفس واجب بهذه.

فهذه المسائل هى علم الكتاب كله. وقد بان انه رفض مذهب شيوخه فيها واعترف بفساد أقوالهم وهذا آخر كلامنا فى هذا الكتاب» (٥٦). فان ابن أبى الحديد قد شدد نقده وزاد فى التهجين بقوله فى العبارات كما يأتى فمثلا فى نقده كلام الامام فى المحصل على التعليمية فى القسم الثانى من المخطوط. فاذا كنت قد طعنت فى الاستدلال بالتسلسل فكيف عدت إليه وتمسكت به وقد رام بعض المكلفين من اتباعه لما سمع من هذا الاعتراض ان ينتصر له فقال ان لجوابه تفسيرا سلم به من مناقضة ما قاله أولا حيث زيف كلام المتكلمين فاستدلالهم بالتسلسل» (٥٧).

وقال بعض من يتعصب له ويقلده فى الصحيح والفاسد لعل مراده بالعلة المتممة وهى احدى علتين لا بعينها ..» (٥٨).

__________________

(٥٦) نفس المخطوط (٤٤٠ ـ ب ـ ٤٤ ـ ١).

(٥٧) ٤٤٧ ـ ١.

(٥٨) ٤٥٢ ـ ب.

٥٠

«والرجل (يقصد الرازى) حاطب ليل وكان غرضه التصنيف لا التحقيق. ومن نظر فى مصنفاته بعين الانصاف لا بعين الهوى والعصبية علم بعدها على التحقيق وانه كان يجمع اضغاثا من كل نوع ويقولها ولا يبالى لعلمه بالسعادة الشاملة والصيت المنتشر عنه أصاب أم أخطأ» (وتكلمنا نحن عليه فى نقض الأربعين) (٥٩).

«أقول : ان هذا الرجل له عادة أن يورد الأدلة غير موضعها وأنا أوضح ذلك فى هذا الموضع» (٦٠).

«ثم حكى شبهة لمن نفى كون البارى مريدا وهى انه اما أن يريد الشيء لغرض والأول يقضى الى كونه تعالى مستكملا بذلك الغرض. والثانى عبث وأجاب ، فقال أراد (ة) الله تعالى منزهة عن الأغراض بل هى واجبة التعلق بايجاد ذلك الشيء فى ذلك الوقت بذاتها» (٦١).

«أقول : هذا تصريح بأنه تعالى موجب بالذات لا فاعل بالاختيار لأنه لا يتمكن من فعل ما يخالف مقتضى الإرادة القديمة الواجبة التعلق بايجاد الأشياء فى أوقاتها فيكون تعالى كالملجإ الى تلك الأفعال المسلوب التخير والتمكن منها وقد شرحت هذا الموضع فى الرسالة الشرقية فى كشف الفلسفة الحقية شرحا لا مزيد عليه» (٦٢).

فابن أبى الحديد فى نقده اللاذع كأنه مملوء بالحقد وأنه ينتقم من الرازى ويظهر تحامله على الخصم. وتعصبه للاعتزال بصورة ما كان له حاجة الى نقده ذلك النقد غير العلمى. وهناك نقد علمى لا شك فيه وكذلك نقد موجه الى المنهج

__________________

(٥٩) ٤٥٢ ـ ١.

(٦٠) ٤٥٨ ـ ب.

(٦١) المحصل ، قوله المريد اما ان يرجع لفرض او لا لفرض قلنا ارادة الله تعالى صفة منزهة عن الاغراض. بل هي واجبة التعلق بذلك الشيء في ذلك الوقت بذاته. ص ١٢٣ مصر ١٣٢٣.

(٦٢) المخطوطة ٤٦٢ ـ ١ في الاصل «الرسالة الشرفية» بالفاء.

٥١

وهو طريق فخر الدين الرازى فى البحث عن المسألة ونقاشها دون أن يتميز ما هو صحيح منها وما هو غير صحيح ويترك القارئ حائرا بين الآراء والأقوال. وأحيانا فى المسائل الكلامية يميل فى آخر البحث صراحة أو اشارة الى رأى الخصم واما نقده فى ادخاله أو مزجه المنطق والفلسفة بالكلام فى كتاب واحد فهو نقد غير لازم لأن الانسان يقسم كتابه الى أقسام والقسم الأول فى علم والثانى فى علم آخر والثالث فى علم ثالث مثل الشفاء والنجاة لابن سينا.

وان شرح وتعليل المسائل الكلامية بمنهج فلسفى مستعينا بالفلسفة لا اعتقاد انه يضر الكلام وانما يفيده جدا واذا استقصينا آيات القرآن الكريم وأعملنا عقولنا فى فهمها فانها لا تخرج الا بنقاش فلسفى وعلمى خالص.

٣ ـ ان نصير الدين الطوسى اتبع طريقا خاصا له فى كتابه «تلخيص المحصل» وإن كان بعضهم يسميه نقد المحصل وهو غير صحيح لأنه نفسه سماه تلخيص المحصل فى مقدمته عليه. ان نصير الدين الطوسى يبين فى مقدمته بعض الأشياء المهمة وأهمية علم أصول الدين بين العلوم الاسلامية وانه يشرح لنا إيضاحات وجو تدريس العلوم واهتمام الناس بها أو عدمه وانكباب الناس على المحصل وكيفية تداوله بينهم. ولهذا السبب تناوله الناس بالشرح والتعليق ولكن هذا لم يرض الطوسى ورأى انه من الضرورى ان يكتب أيضا بدوره شرحا له ويكشف بما أورده الرازى فيه من أفكاره ويوضح الخلل فى نقاشه واعتراضاته أو ايراد الشبهات والاجابة على الاعتراضات. ولهذا كله نجد أنه من النافع أن يرى القارئ الكريم مقدمة الطوسى كاملة ليصل الى نتائج من فهمه واستدلاله يقول :

«فان أساس العلوم الدينية علم أصول الدين الّذي يحوم سائله حول اليقين ولا يتم بدونه الخوض فى سائرها كأصول الفقه وفروعه فان الشروع فى جميعه يحتاج الى تقديم شروعه حتى لا يكون الخائض فيها وان كان مقلدا لأصولهم كان على غير أساس» ...

«وفى هذا الزمان لما انصرفت الهمم عن تحصيل الحق بالتحقيق وزلت

٥٢

الأقدام عن سواء الطريق بحيث لا يوجد راغب فى العلوم ولا خاطب للفضيلة وصارت الطباع كأنها مجبولة على الجهل والرذيلة. اللهم الا بقية يرمون فيما يرمون رمية رام فى ليلة ظلماء ويخبطون فيما ينحون نحوه خبط عشواء ولم تبق فى الكتب التى يتداولونها فى علم الأصول عيان ولا خبر ولا فى تمهيد القواعد الحقيقية عين ولا أثر ، سوى كتاب المحصل الّذي اسمه غير مطابق لمعناه وبيانه غير موصول الى دعواه وهم يحسبون انه فى ذلك العلم كاف وعن أمراض الجهل والتقليد شاف.

الحق أن فيه من الغث والسمين ما لا يحصر. والمعتمد عليه فى اصابة اليقين بطال لا يحظى بل يجعل طالب الحق بنظره فيه كعطشان يصل الى السراب رأيت أن أكشف القناع عن وجوه أبكار مخدرات وأبين الخلل فى مكان شبهاته وادل على غثه وسمينه وان كان ..

وقوم فى نقض قواعده وجرحه ولم يجر أكثرهم على قاعدة الانصاف ولم تخل بياناتهم عن الميل والاعتساف واسمى الكتاب «تلخيص المحصل» (٦٣).

عند ما يقرأ الانسان تلخيص المحصل يرى أن ما قاله صاحبه يوافق أقواله فى المتن أثناء الشرح وان كان مخالفا فى مذهب المصنف فسيلاحظ القارئ تقديره للمصنف حتى فى نقده وفى هذا يخالف ابن أبى الحديد فى تحامله على المصنف وهو ممن سبق الطوسى فى الكتابة على المحصل وصدق الطوسى فى قوله فى المقدمة بالاعتساف والانصراف عن قاعدة الانصاف. لقد أشار الى من خادعه سواء السبيل والمنهج العلمى ولنكتف بهذا عن تلخيص المحصل لأنه لا يمكن أن يأتى الانسان على كل صغيرة وكبيرة فى الشرح من اصابة فى النقد واصابة فى التأكيد.

ان نصير الدين الطوسى فرغ من تحرير شرحه سنة ٦٦٩ وهى موجودة فى

__________________

(٦٣) المحصل (الهامش) ص ٢ ، مصر ١٣٢٣ وهو مطبوع في مصر موتين مع المحصل مرة ١٢٤٢ ه ومرة دون تاريخ وطبع مع المحصل ايضا في طهران ١٩٨٠ ، ومع ذلك يحتاج الطبع الى التحقيق.

٥٣

طوبقابى سراى بخطه تحت رقم ١٧٦٨ وله عدة نسخ مخطوطة فى مكتبات استانبول.

٤ ـ الشرح لعلى بن عمر بن على الكاتب القزوينى الّذي سماه المفصل فى شرح المحصل. ان القزوينى معاصر لنصير الدين الطوسى وان كان الطوسى أقدم منه بثلاث سنوات مولدا وبثلاث سنوات وفاة ويذكر أن الطوسى أصبح مرة استاذا للقزوينى ولا شك أن الأستاذية لا تتوقف على قدم السن وان كان هنا هذا التقدم موجودا ولو بثلاث سنوات. رغم ذلك كله نرى ان القزوينى قد كتب شرحا للمحصل بالحاح أبى الفضائل بن عبد الحميد القزوينى وهذا يعطينا الفكرة القائمة على عدم ارتضاء بعض الجهات المختصة العلمية أو السياسية بما كتب عن المحصل من شروح وتعليقات ولهذا نرى كعادتنا انه من المفيد أن ننقل هنا بعض ما يمكن أن يحتاج إليه القارئ من مقدمة القزوينى وهو صاحب المفصل والمنصص شرح الملخص للرازى أيضا وصاحب النص فى المنطق المسمى بالشمسية وأخرى من التآليف.

«فان كتاب المحصل الّذي صنفه ... أبو عبد الله محمد بن عمر الرازى تغمده الله بغفرانه كتاب يحتوى على كل كلام المتكلمين وأدلتهم مع دقائق لطيفة ونكت شريفة من مباحث الحكماء المتقدمين والمتأخرين. الا أن فيه مغالطات يصعب على الناظرين حلها ومواضع منغلقة غير واردة على النظم الطبيعى براهينها فأشار الى من خصنى بالانعامات الوافرة والأيادى المتواترة وهو المولى المعظم الصدر الأعظم ملك ... سلطان القضاة والحكام مفتى الفرق علامة العالم منشئ الدقائق مخترع الحقائق أبو الحسن بن المولى المعظم السعيد الشهيد عز الملة والدين حجة الاسلام أبى الفضائل بن عبد الحميد القزوينى أدام الله معاليه بحل تلك المغالطات وشرح المواضع المنغلقة واخراج براهينها من القوة الى الفعل فبادرت الى مقتضى اشاراته وشرعت فى نيته وكتابته على الوجه المشار إليه مع التنبيه على تقريرات وتدقيقات سنحت حال التحرير وسميته بالمفصل فى شرح المحصل واستعنت بالله واهب العقل ومفيض الله» (٦٤) وهذا الشرح ينتهى فى مسئلة وجوب الامامة

__________________

(٦٤) المفصل في شرح المحصل لعلى بن عمر الكاتب القزويني (١ ـ ب) راغب باشا ٧٩١ ، وهذا الشرح قد نسخ بمراغة سنة ٦٨٨.

٥٤

ولا يستمر الى آخر الكتاب مثل شرح الطوسى كما أنه يظهر عند القارئ ان آخر المحصل هو فى تفصيل بعض الفرق الاسلامية ولم يكن هناك حاجة الى اعطاء الايضاحات أكثر وانما علق الطوسى على بعض نقاط وأمكنة منها. وكاتب جلبى يقول فى كشف الظنون فانه ألفه لمحيى الدين الصدر الشهيد الحميد القزوينى (٦٥) فان نسخة المؤلف على ما أعتقد موجودة فى مكتبة داماد ابراهيم باشا برقم ٨٦١ وهى ٢٧٤ ورقة فرغ من تحريره مؤلفه على بن عمر القزوينى فى سلخ رمضان المبارك لسنة اثنتين وستين وستمائة وفى (١٣٩ ـ ب) عند ما يقول : «وهذه صورته» يرسم الصورة ولكن النسخ الأخرى المتأخرة عنها التى رأيتها لا توجد فيها تلك الصورة. ولهذا فان هذه النسخة أى نسخة داماد ابراهيم باشا (رقم ٨٢١) أصبحت مهمة لأنها نسخة المؤلف لأن خط هذه النسخة هو نفس خط نسخة شرح قطب الدين الموجودة فى راغب باشا برقم ٧٩٢ كما أشرنا إليها سابقا.

وانه من الأحرى أن نذكر هنا مسألة مهمة تتعلق بعناية الله للكون وتخصيص كل شيء بهيئته الخاصة أو شكل أو حركة خاصة أو زمان معين الى غير ذلك وهى نظرية قديمة لايضاح تكون الفصول السنوية والأيام والشهور حسب أوضاع الأفلاك يستدل بها على إرادة الله وتخصيص الأشياء بميزاتها الخاصة وفى ذلك يقول فخر الدين الرازى :

«لأنه منقوض باختصاص الكوكب بالموضع المعين من الفلك مع كونه بسيطا واختصاص أحد جانبى المتمم بالثخن والجانب الآخر بالدقة» (٦٦).

«أقول : اعلم ان الفلك الّذي مركزه مركز العالم اذا انفصل عنه فلك آخر مركزه خارج عن مركز العالم بحيث يماس محيطه الفلك الأول على نقطة مركبة بينها ويقال له الأوج والنقطة المقابلة له الحضيض حصل بسبب ذلك جسمان مختلفا الثخن والدقة أحدهما حاو للفلك الخارج المركز والآخر محوى فيه دقة الحاوى

__________________

(٦٥) كشف الظنون ٢ / ١٦١٤.

(٦٦) المحصل ٩١ مصر ١٢٢٣.

٥٥

مما يلى الخارج ، والغلظ مما يلى الحضيض ودقة المحوى وغلظه بالعكس ويقال لهذين الجسمين المتممان وهذه صورته» (٦٧).

والى جانب ذلك فان هناك شروحا أخرى للمحصل كما افاد ذلك الطوسى فى مقدمة تلخيص المحصل وذكر الحاج خليفة بعضها فى كتابه المشهور «كشف الظنون» (٢ / ١٦١٤).

ولابن تيمية (٨٢٧ ه‍ / ١٣٢٦ م) كتاب ينقد المحصل كما ذكره هو فى أثره درء تعارض العقل ، والنقل يقول : وقد كنا صنفنا فى فساد هذا الكلام مصنفا قديما من نحو ثلاثين سنة وذكرنا طرفا من بيان فساده فى الكلام على «المحصل» وفى غير ذلك (٦٨) وتأليف ابن تيمية على المحصل مفقود على ما أظن وان ابن تيمية قد درس هذا الكتاب وكتب عليه عند ما كان فى حوالى الثلاثين من عمره وانه قد

__________________

(٦٧) المفصل في شرح المحصل الكتاب القزويني ١٣٩ ـ ب ، داماد ابراهيم باشا ٨٦١.

(٦٨) درء تعارنس العقل والنقل ص ٢٢. تحقيق د. محبها رشاد سالم ، مصر ١٩٧١.

٥٦

ذكر المحصل فى كتابه المذكور أحيانا للنقد وأحيانا للاستفادة منه واما الدكتور محمد رشاد سالم فقد ذكر فى التعليق على ما نقل ابن تيمية (٦٩) من نهاية العقول للرازى بأنه لم يجد النص الّذي نقده ابن تيمية وقد أدمج هذا الكتاب من قبل أحد تلامذة ابن تيمية فى شرحه للبخارى. وانما عمل ذلك لحفظ الكتاب من خصومه ، اخبرنى بذلك المرحوم الأستاذ محمد التنجى واخبرنى أيضا ان الكتاب موجود فى الشام. من المحتمل ان يكون ذلك الكتاب «الكواكب الدرارى» لابن زكنون الحنبلى شرح البخارى فى المكتبة الظاهرية. الا انى لم أستطع تحقيق ذلك.

وابن خلدون (٧٣٢ ه‍ / ١٣٣١ م) قد درس المحصل على يد شيخه أبى عبد الله محمد بن ابراهيم ثم اختصره وسماه لباب المحصل فى أصول الدين وهو فى التاسعة عشرة من عمره ، وقد نشره الراهب الأسبانى Pluciano Rubio فى Tetuan

لقد كان كتاب المحصل كتاب التدريس عند الشبان المسلمين حيث أن ابن تيمية قد قرأه وكتب عليه وهو ابن ثلاثين سنة وابن خلدون درسه ولخصه وهو فى التاسعة عشرة.

وفى احدى المخطوطات التى تسند الى نصير الدين الطوسى والتى توجد فى مكتبة طوبقابى فى استانبول برقم ١٤٦١ (١٣٧ ـ ١ ـ ١٣٧ ـ ب) تحت عنوان المخطوطات العربية وفيه توجد قائمة بمؤلفات فخر الدين الرازى فنذكر هنا هذه القائمة للفائدة فيما يلى كما ذكر فى المخطوطة :

١ ـ نهاية العقول فى دراية الأصول.

٢ ـ شرح الاشارات.

٣ ـ المباحث المشرقية.

٤ ـ الملخص.

٥ ـ البراهين البهائية.

__________________

(٦٩) دره تعارض المفل ٢١.

٥٧

٦ ـ الأربعين فى أصول الدين.

٧ ـ المحصول فى علم الأصول.

٨ ـ أحكام القياس الشرعى.

٩ ـ الرسالة الكمالية.

١٠ ـ تعجيز الفلاسفة.

١١ ـ السر المكتوم.

١٢ ـ الخلق والبعث.

١٣ ـ المعالم.

١٤ ـ الفصول الخمسين.

١٥ ـ تأسيس التقديس.

١٦ ـ الجوهر الفرد.

١٧ ـ الطب الكبير.

١٨ ـ شرح كليات القانون.

١٩ ـ التفسير الكبير المسمى بمفاتيح الغيب.

٢٠ ـ أسرار التنزيل وأنوار التأويل.

٢١ ـ الخلافيات الصغيرة.

٢٢ ـ الخلافيات الكبيرة.

٢٣ ـ شرح الوجيز.

٢٤ ـ لباب الاشارات.

٢٥ ـ المحصل فى علم الأصول (علم الكلام).

٢٦ ـ الرياض المؤنقة.

٥٨

٢٧ ـ المحرر فى حقائق النحو.

٢٨ ـ الاختيارات العلائية.

٢٩ ـ اشارات النظام.

٣٠ ـ مختصر الأخلاق.

٣١ ـ اقليدس.

٣٢ ـ الهيئة.

٣٣ ـ عصمة الأنبياء.

٣٤ ـ نهاية الايجاز.

٣٥ ـ رسالة فى نفى الجهة.

٣٦ ـ مناقب الشافعى.

٣٧ ـ تعزيز التقدير.

٣٨ ـ لوامع البينات.

٣٩ ـ رسالة فى الهيولى.

٤٠ ـ اللطائف الغياثية فى المباحث الالهية.

٤١ ـ كتاب فى الحيز والأزل.

٤٢ ـ شرح سقط الزند.

٤٣ ـ الآيات والبينات.

٤٤ ـ شرح المصدرات لاقليدس ، (١٣٧ ـ ١).

٤٥ ـ المنطق الكبير.

٤٦ ـ تتمة الأربعين.

٤٧ ـ الجامع الكبير.

٥٩

٤٨ ـ الجامع الصغير.

٤٩ ـ شرح النجاة.

٥٠ ـ شرح الارشاد.

٥١ ـ شرح عيون الحكمة.

٥٢ ـ المطالب الالهية.

٥٣ ـ كتاب فى الرمل.

٥٤ ـ كتاب الفراسة.

٥٥ ـ جامع العلوم.

٥٦ ـ البراهين المحدثة.

٥٧ ـ رسالة فى اثبات المعراج الجسمانى (١٣٧ ـ ب).

وهنا ارى من المفيد ان اذكر مجموعة المراجع المخطوطة التى راجعتها أثناء تحقيق المحصل ؛ ولا داعى هنا لذكر بعض الأوصاف التفصيلية الخاصة بوصف كتابة المخطوطات مثل ألوان الحبر والورق والجلد ؛ وما الى ذلك ؛ وخاصة فى مثل هذا المخطوط الّذي له عديد من النسخ ؛ ولو كانت نسخة واحدة ربما كان ذلك لازما. ونورد هذه النسخ فيما يلى :

١ ـ نسخة مكتبة أيا صوفيا فى استانبول المرقمة ب ٢٣٥١ والمستنسخة عام ٦١٦ / ١٢١٩ م ، وهى عبارة عن ١٠٤ ورقة أى ٢٠٨ صفحة والصفحة ١٨ سطرا وأشرنا الى هذه النسخة بحرف (ا).

٢ ـ نسخة دار الكتب المصرية فى مصر فرع مكتبة التيمورية برقم ٢٦٨ كتبت فى ٦١٦ ه‍ / ١٢١٩ م ؛ وأشرنا الى ذلك ب (ت) وهى عبارة عن ٣٢٨ صفحة.

٣ ـ نسخة مكتبة جار الله فى استانبول المرقمة ب ١٢٦١ والمستنسخة فى ٦٢١ ه‍ ـ ١٢٢٤ م ؛ ٧٥ ورقة ١٥٠ صفحة وفى كل صفحة ٢٣ سطرا. وأشرنا الى ذلك ب (ج) وفى الصفحات الأولى توجد نقط هامشية.

٦٠