تذكرة الفقهاء - ج ٥

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٥

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: ٤٦٨

الفصل الثالث

في قدرها وجنسها‌

مسألة ٢٨٨ : الجنس في الفطرة ما كان قوتا غالبا‌ ، كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللّبن ، لرواية أبي سعيد ، قال : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط (١).

ومن طريق الخاصة : قول العسكري عليه‌السلام : « ومن سكن البوادي من الأعراب فعليهم الأقط » (٢).

ولأنّه مقتات ، فجاز إخراجه كالبرّ ، وهذا عام فيمن قوته الأقط ومن لم يكن ، وفيمن وجد الأصناف المنصوص عليها ومن لم يجد.

وقال أبو حنيفة : لا يخرج من الأقط إلاّ على وجه القيمة (٣).

وعن أحمد روايتان في الواجد : إحداهما : الإجزاء كقولنا ، والأخرى : المنع ، لأنّ الأقط جنس لا تجب الزكاة فيه ، فلا يجزئ إخراجه للواجد غيره من باقي الأصناف (٤).

__________________

(١) سنن النسائي ٥ : ٥١.

(٢) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ـ ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، الميزان ـ للشعراني ـ ٢ : ١٢‌

(٤) المغني ٢ : ٦٦٠ ـ ٦٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

٣٨١

وقول أبي سعيد : كنّا نخرج صاعا من أقط (١) ، وهم من أهل الأمصار ، يبطله.

وأمّا اللبن فإنّه يجوز إخراجه ـ عند علمائنا أجمع ـ لكلّ أحد سواء قدر على غيره من الأجناس أو لا ـ وهو قول أحمد في رواية ، وحكاه أبو ثور عن الشافعي (٢) ـ لأنّه يقتات به. ولأنّه أكمل من الأقط ، لإمكان حصول الأقط منه.

ولقول الصادق عليه‌السلام : « الفطرة على كلّ قوم ما يغذّون عيالاتهم : لبن أو زبيب أو غيره » (٣).

وعن أحمد رواية : أنّه لا يجزئ اللبن بحال ، لعدم ذكره في خبر أبي سعيد (٤).

وعدم ذكره فيه لا يدلّ على العدم.

وعنه اخرى : أنّه يجزئ عند عدم الأصناف (٥).

وأمّا الأرز ، فإنّه أصل عند علمائنا ، لأنّه يقتات به.

ولقول أبي الحسن العسكري عليه‌السلام : « وعلى أهل طبرستان الأرز » (٦).

ومنع منه أحمد ، لعدم الذكر في خبر أبي سعيد (٧). وقد سبق.

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٦١ ، سنن النسائي ٥ : ٥١ و ٥٣ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ ـ ٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٣ ، والموطّأ ١ : ٢٨٤ ـ ٥٣.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢١ ، الإستبصار ٢ : ٤٣ ـ ١٣٧.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٥) المغني ٢ : ٦٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠.

(٧) انظر : المغني ٢ : ٦٦٥ و ٦٦٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

٣٨٢

مسألة ٢٨٩ : يجوز إخراج ما كان قوتا‌ وإن غاير الحنطة والشعير والتمر والزبيب واللبن والأقط ، مع وجودها وعدمها بالقيمة ، عند علمائنا ـ وهو رواية عن أحمد (١) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب ) (٢) وهو يحصل بالقوت.

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « الفطرة على كلّ من أصاب قوتا فعليه أن يؤدّي من ذلك القوت » (٣).

وعن أحمد رواية : أنّه لا يجزئ إلاّ الخمسة المنصوصة ، إلاّ مع عدمها (٤).

وقال مالك : يخرج من غالب قوت البلد (٥).

وقال الشافعي : أيّ قوت كان الأغلب على الرجل ، أدّى زكاة الفطرة منه (٦).

واختلف أصحابه ، فقال بعضهم بقول مالك. وقال بعضهم : الاعتبار بغالب قوت المخرج ، فإن عدل عن الواجب إلى أعلى منه جاز ، والى أدون قولان (٧).

فروع :

أ ـ السّلت نوع من الشعير ، أو شبهه ، مقتات ، فيجزئ بالأصالة إن‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٦٦ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٣ ـ ١٤ ، التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٠ ، الإستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٦.

(٤) المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٥) المغني ٢ : ٦٦٥ و ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١.

(٦) الام ٢ : ٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٢ ، المغني ٢ : ٦٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٠ ، المغني ٢ : ٦٦٥ ـ ٦٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

٣٨٣

كان شعيرا ، وإن شابهه فبالقيمة. وكذا العلس بالنسبة إلى الحنطة.

ب ـ يجوز إخراج الدقيق من الحنطة والشعير ، والسويق ، على أنّهما أصلان ـ وبه قال أحمد وأبو حنيفة (١) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أو صاعا من دقيق ) (٢).

ومن طريق الخاصة : قول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كلّه حنطة أو دقيق أو سويق أو سلت » (٣).

ولأنّهما أجزاء الحبّ تفرّقت ، ويمكن كيلها وادّخارها ، فجاز إخراجها كما قبل الطحن.

ج ـ يجوز إخراج الخبز أصلا ، لأنّه يقتات به. ولأنّه أنفع. ولأنّ الانتفاع الذاتي ـ وهو الاغتذاء ـ إنّما يتمّ بصيرورتها خبزا ، فكفاية الفقير مئونة ذلك أولى.

ومنع أحمد من ذلك ، لخروجه عن الكيل والادّخار (٤).

وهو غلط ، لأنّ الغاية الذاتية حاصلة ، فلا اعتبار بالأمر العرضي.

د ـ لا يجزئ إخراج الهريسة والكبولا وشبههما ، ولا الخلّ والدّبس إلاّ بالقيمة ، لانتفاء الاقتيات.

هـ ـ لا يجوز إخراج المعيب كالمسوّس والمبلول ومتغيّر الطعم ، لقوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٥).

و ـ تستحب تنقية الطعام لسلامته عن مخالطة غيره ، ولو كان المخالط‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١١٦.

(٢) سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ ـ ٣٤.

(٣) التهذيب ٤ : ٨٢ ـ ٢٣٦ ، الإستبصار ٢ : ٤٣ ـ ١٣٩.

(٤) المغني ٢ : ٦٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٣.

(٥) البقرة : ٢٦٧.

٣٨٤

كثيرا بحيث يعدّ عيبا ، وجبت تنقيته ، ولو لم يكثر جاز ، ولا تجب الزيادة على الصاع إذا كان يخرج بالصاع عادة.

ز ـ من أيّ الأصناف المنصوص عليها أخرج جاز وإن لم يكن قوتا له ولا لبلده ـ وبه قال أحمد (١) ـ للامتثال ، لورود الأمر بحرف التخيير.

وقال مالك : يخرج من غالب قوت البلد (٢).

مسألة ٢٩٠ : قد بيّنّا أنّه يجوز إخراج أحد هذه الأجناس المنصوص عليها وإن كان غالب قوت البلد غيرها‌ ، عند علمائنا.

وللشافعي قولان : هذا أحدهما ، للتخيير في الخبر. وفي الآخر : لا يجوز ، لقوله عليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ) وإنّما يحصل بقوت أهل البلد (٣).

وهو ممنوع.

مسألة ٢٩١ : أفضل هذه الأجناس : إخراج التمر ، ثم الزبيب ، ثم غالب قوته‌.

وبأولوية التمر على الباقي قال مالك وأحمد ، اقتداء بأفعال الصحابة (٤).

ولقول الصادق عليه‌السلام : « التمر في الفطرة أفضل من غيره لأنّه‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١.

(٢) المغني ٢ : ٦٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، الوجيز ١ : ١٠٠ ، فتح العزيز ٦ : ٢١٠ ـ ٢١٣ ، وأورد لفظ الحديث ، الرافعي في فتح العزيز ٦ : ١١٧ و ٢١٣ وأبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٧٢. وفي سنن البيهقي ٤ : ١٧٥ : ( أغنوهم عن طواف هذا اليوم ).

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٥٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣١.

٣٨٥

أسرع منفعة » (١) وأقلّ كلفة.

ولاشتماله على القوت والحلاوة ، فكان أولى.

وقال الشافعي وأبو عبيد : البرّ أولى ، لأنّه أغلى ثمنا وأنفسها ، وقد سئل عليه‌السلام عن أفضل الرقاب ، فقال : ( أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ) (٢).

والأولى ممنوعة.

وأمّا أولوية الزبيب بعده : فلما تقدّم في التمر من اشتماله على الحلاوة والقوت ، وقلّة كلفة التناول وسرعته ، وبه قال بعض الحنابلة (٣).

وقال الباقون : الأفضل بعد التمر البرّ (٤).

مسألة ٢٩٢ : ويجوز إخراج القيمة‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري والثوري وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة (٥) ـ لأنّ معاذا طلب من أهل اليمن ، العرض (٦). وكان عمر بن الخطّاب يأخذ العروض في الصدقة (٧).

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالقيمة في الفطرة » (٨).

ولأنّ القيمة أعمّ نفعا ، وأكثر فائدة. ولأنّ الغاية دفع الحاجة ، وهو‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٣ ، الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٥ ، علل الشرائع : ٣٩٠ ، الباب ١٢٨ ، الحديث ١ ، التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٨.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٣ ، فتح العزيز ٦ : ٢١٧ ، المجموع ٦ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، وانظر أيضا : صحيح البخاري ٣ : ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٤٣ ـ ٢٥٢٣ ، الموطّأ ٢ : ٧٧٩ ـ ١٥ ، مسند أحمد ٢ : ٣٨٨ و ٥ : ١٥٠ ، سنن البيهقي ١٠ : ٢٧٣ ، مصنف ابن أبي شيبة ٩ : ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٣) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٤.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٦٤.

(٥) المغني ٢ : ٦٧١ ـ ٦٧٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧.

(٦) سنن البيهقي ٤ : ١١٣ ، والمغني لابن قدامة ٢ : ٦٧٢ ، نقلا عن سعيد بن منصور.

(٧) المغني ٢ : ٦٧٢ ـ ٦٧٣ ، نقلا عن سعيد بن منصور.

(٨) التهذيب ٤ : ٨٦ ـ ٢٥٢ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٧.

٣٨٦

يحصل مع اختلاف صور الأموال.

ومنع الشافعي ومالك وأحمد من ذلك ، لما فيه من العدول عن النص (١).

وهو ممنوع ، فإنّ إيجاب نوع لا يمنع من غيره.

وعن أحمد رواية اخرى : أنّه لا تجزئ القيمة في الفطرة خاصة (٢).

تذنيب : لا قدر معيّن للقيمة ، بل المرجع فيه الى القيمة السوقية ، لأنّ الواجب : العين ، والقيمة السوقية بدل ، فتعتبر وقت الإخراج.

وما ورد من التقدير بدرهم (٣) أو أربعة دوانيق (٤) ، محمول على أنّ القيمة وقت السؤال كانت ذلك.

مسألة ٢٩٣ : وقدر الفطرة عن كلّ رأس صاع من أحد الأجناس‌ ـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو سعيد الخدري والحسن وأبو العالية (٥) ـ لقول أبي سعيد الخدري : كنّا نخرج صاعا من طعام (٦).

ومن طريق الخاصة : قول الرضا عليه‌السلام : « صاع بصاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٧).

وقال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وعروة بن الزبير وأصحاب‌

__________________

(١) حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، المغني ٢ : ٦٧١.

(٢) المغني ٢ : ٦٧١.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٨.

(٤) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ٢١٠ ، المقنعة : ٤١.

(٥) المغني ٢ : ٦٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨١ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٥.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ١٦١ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٩ ـ ٦٧٣ ، سنن النسائي ٥ : ٥١ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٦ ـ ٣٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٥.

(٧) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٢ ، التهذيب ٤ : ٨٠ ـ ٢٢٧ ، الإستبصار ٢ : ٤٦ ـ ١٤٨.

٣٨٧

الرأي : يجزئ نصف صاع من البرّ (١) ـ وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان ، إحداهما : صاع ، والأخرى : نصف صاع (٢) ـ لما روي عن النبي عليه‌السلام ، قال : ( صاع من قمح بين كلّ اثنين ) (٣).

وأنكر ابن المنذر هذا الحديث (٤).

مسألة ٢٩٤ : والصاع أربعة أمداد. والمدّ رطلان وربع بالعراقي‌ ، قدره : مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف. والدرهم : ستة دوانيق.

والدانق : ثمان حبّات من أوسط حبّات الشعير ، يكون قدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي ، وستة بالمدني عند علمائنا ، لأنّ النبي عليه‌السلام كان يتوضّأ بمدّ ، ويغتسل بصاع (٥). مع كثافة شعره ، وتمام خلقه ، واستظهاره في أفعال الغسل ، وفعله للمندوب منه من المضمضة والاستنشاق وتكرار الغسلات ، ويتعذّر ذلك فيما هو أقلّ.

ومن طريق الخاصة : قول أبي الحسن العسكري عليه‌السلام : « يدفع الصاع وزنا ستة أرطال برطل المدينة ، والرطل مائة وخمسة وتسعون‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٦ ، اللباب ١ : ١٦٠.

(٢) المغني ٢ : ٦٥٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٦ ، اللباب ١ : ١٦٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ٢٢٥.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١٤ ـ ١٦٢٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٠ ـ ٥٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٧ ، وانظر أيضا : المغني ٢ : ٦٥٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٤) المغني ٢ : ٦٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٢٥٨ ـ ٥١ ، سنن الترمذي ١ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٥٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٤ ـ ٧٣.

٣٨٨

درهما » (١).

وفي رواية أخرى عنه عليه‌السلام : « الصاع ستة أرطال بالمدني ، وتسعة أرطال بالعراقي » (٢).

وقال أبو حنيفة : الصاع ثمانية أرطال (٣) ، لقول أنس : إنّه عليه‌السلام كان يتوضّأ بالمدّ ويغتسل بالصاع. والمدّ رطلان (٤).

وليس حجّة ، لأنّه (٥) من كلام الراوي ، مع أنّ أهل الحديث طعنوا فيه (٦).

وقال الشافعي : الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي ـ وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو يوسف (٧) ـ لأنّ الرشيد غيّر الصاع بالمدينة فكان ذلك.

وهو مسلّم ، فإنّ أرطال المدينة تقارب ذلك.

مسألة ٢٩٥ : ويجزئ من اللبن أربعة أرطال بالمدني ، هي ستة بالعراقي‌ ، لخلوصه من الغش ، وعدم احتياجه الى مئونة.

فروع :

أ ـ الأصل في الإخراج الكيل ، وقدّره العلماء بالوزن (٨) ، لأنّه أضبط ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٧٩ ـ ٢٢٦ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٠.

(٢) الكافي ٤ : ١٧٢ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٣ ، التهذيب ٤ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٢٤٣ ، الإستبصار ٢ : ٤٩ ـ ١٦٣.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٤٨ ، المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩.

(٤) شرح معاني الآثار ٢ : ٥٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٥٤ ـ ٧٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧١.

(٥) أي : قوله : والمدّ رطلان.

(٦) كما في المعتبر ـ للمحقق الحلّي ـ : ٢٨٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٧١.

(٧) المجموع ٦ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ١٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٦ ، المغني ٢ : ٦٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١١٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٤٨.

(٨) كما في المغني ٢ : ٦٥٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٦٠ ، وفتح العزيز ٦ : ١٩٥.

٣٨٩

فيجزئه الصاع من جميع الأجناس ، سواء كان أثقل أو أخفّ.

ولو أخرج بالوزن ، فالوجه : الإجزاء وإن نقص عن الكيل.

ومنع محمد بن الحسن الشيباني ، لما فيه من الاختلاف ، فإنّ في البرّ أثقل وأخفّ (١).

ب ـ لو أخرج صاعا من جنسين أجزأ ـ وبه قال أبو حنيفة وأحمد (٢) ـ لأنّه أخرج من المنصوص عليه. ولأنّ أحد النصفين إن ساوى الآخر قيمة أو كان أنقص أو أكثر ، أجزأ.

ومنع الشيخ منه ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّه مخالف للخبر (٤). وهو ممنوع.

ج ـ الأقرب : إجزاء أقلّ من صاع من جنس أعلى إذا ساوى صاعا من أدون ، كنصف صاع من حنطة يساوي صاع شعير ، لأنّ القيمة لا تخصّ عينا.

ولأنّ في بعض الروايات : « صاع أو نصف صاع حنطة » (٥) وإنّما يحمل على ما اخترناه.

__________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١١٣ ، المغني ٢ : ٦٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٠.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٣.

(٣) المجموع ٦ : ١٣٥ ، فتح العزيز ٦ : ٢٢٠.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤١.

(٥) التهذيب ٤ : ٨٥ ـ ٢٤٦.

٣٩٠

الفصل الرابع

في الوقت‌

مسألة ٢٩٦ : تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان‌ ـ وبه قال الشافعي في الجديد ، وأحمد وإسحاق والثوري ومالك في إحدى الروايتين (١) ـ لقوله عليه‌السلام : ( فرض زكاة الفطر طهرة للصائم ) (٢) ولا يصدق عليه يوم العيد اسم الصوم.

ومن طريق الخاصة عن الصادق عليه‌السلام : أنّه سئل عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا ، قد خرج الشهر » وسئل عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا » (٣).

ولأنّها تضاف الى الفطر ، فتجب به ، كزكاة المال ، لاقتضاء الإضافة‌

__________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ و ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، المغني ٢ : ٦٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١١.

(٢) سنن الدارقطني ٢ : ١٣٨ ـ ١ ، سنن أبي داود ٢ : ١١١ ـ ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ ـ ١٨٢٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٣ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ٤٠٩ ، وفي غير الأول : ابن عباس قال : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، زكاة الفطر طهرة للصائم. وفي الأول : ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : زكاة الفطر. الى آخره.

(٣) الكافي ٤ : ١٧٢ ـ ١٢ ، التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٧‌

٣٩١

الاختصاص ، والسبب أخصّ بحكمه من غيره.

وقال بعض علمائنا : إنّها تجب بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر (١) ـ وبه قال الشافعي في القديم ، وأبو حنيفة وأصحابه ، ومالك في الرواية الأخرى ، وأبو ثور (٢) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ) (٣).

ولا دلالة فيه ، لحصول الإغناء بالدفع ليلة الفطر. ولأنّها واجب موسّع ، فالوجوب بالغروب والإخراج قبل الصلاة.

وقال بعض أصحاب مالك : تجب بطلوع الشمس يوم الفطر ، للأمر بالإخراج قبل الخروج الى المصلّى (٤).

ولا حجّة فيه.

وللشافعي ثالث : إنّما تجب بمجموع الغروب وطلوع الفجر ، لتعلّقها بالفطر والعيد (٥). وهو يصدق فيما قلناه أيضا.

مسألة ٢٩٧ : لو ولد له مولود ، أو ملك عبدا ، أو تزوّج ، أو بلغ قبل الغروب بلحظة‌ ، وجبت عليه الفطرة عنهم ، ولو كان بعد الغروب سقطت وجوبا ـ لا استحبابا ـ الى الزوال ، ولو تجدّد ذلك بعد الزوال يوم الفطر ، سقط الاستحباب أيضا.

__________________

(١) كالشيخ المفيد في المقنعة : ٤١ ، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائله ) ٣ : ٨٠ ، وسلاّر في المراسم : ١٣٤ ، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٦٩ ، وابن الجنيد كما في المعتبر : ٢٨٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ ـ ١٢٧ و ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١١١ ، المغني ٢ : ٦٧٨ ـ ٦٧٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٧.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٣٨٥ ، الهامش (٣).

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٢٦ ، المجموع ٦ : ١٢٨.

(٥) فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، المجموع ٦ : ١٢٧.

٣٩٢

وكذا لو بلغ أو أسلم أو زال جنونه أو استغنى قبل الهلال ، وجبت عليه ، واستحب لو كان بعده قبل الزوال ، وبعده يسقط الاستحباب أيضا ، لأنّ معاوية بن عمار سأل الصادق عليه‌السلام عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا ، قد خرج الشهر » وسأله عن يهودي أسلم ليلة ( الفطر ) (١) عليه فطرة؟ قال : « لا » (٢).

فروع :

أ ـ لو اتّهب عبدا فأهلّ شوّال قبل القبض ، فالزكاة على الواهب ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّ القبض شرط ملك المتّهب.

وقال مالك : الزكاة على المتّهب (٤) ، لأنّ القبض ليس شرطا. وسيأتي بطلانه.

ولو مات فقبض الوارث قبل شوّال فلا انتقال أيضا.

ب ـ لو مات ولده أو عبده ، أو أعتقه ، أو باعه ، أو ماتت زوجته ، أو طلّقها قبل الغروب ، فلا زكاة عليه إجماعا ، وتجب بعده.

وعلى اعتبار الوقتين : الغروب والطلوع ـ كما هو مذهب الشافعي (٥) ـ لو طلّق زوجته أو زال ملكه وسط الليل ثم عاد في الليل ، ففي الزكاة عند الشافعية وجهان (٦).

ج ـ لو مات العبد بعد الهلال قبل إمكان أداء الزكاة عنه ، وجب الإخراج‌

__________________

(١) في النسخ الخطية : ( العيد ) بدل ( الفطر ).

(٢) الكافي ٤ : ١٧٢ ـ ١٢ ، التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٧.

(٣) الام ٢ : ٦٣ ، المجموع ٦ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٧.

(٤) انظر : حلية العلماء ٣ : ١٢٧.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٦ ـ ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٦.

(٦) المجموع ٦ : ١٢٧ ، الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٣.

٣٩٣

عنه ، لوجود السبب.

وقال بعض الشافعية : تسقط ، لتلف المال الذي هو سبب الوجوب ، كالنصاب (١).

والفرق : أنّ الزكاة تجب في عين النصاب فسقطت ، وهنا الزكاة في الذمة ، فلا تسقط بتلف السبب.

د ـ لو أوصى ( له ) (٢) بعبد ثم مات بعد الهلال فالزكاة عليه ، لعدم الانتقال. وقبله (٣) إن قبل الموصى له قبله (٤) فعليه ، لتحقّق الملك قبل الهلال. وبعده (٥) قال الشيخ : لا زكاة ، لانتفاء المالك (٦).

والوجه : وجوب الزكاة على الموصي إن جعلنا القبول سببا أو شرطا في الملك ، وإن جعلناه كاشفا فعلى الموصى له.

وللشافعي كالقولين ، وله ثالث : إنّه يدخل في ملك الموصى له بغير اختياره بموت الموصي ، فالزكاة عليه (٧).

هـ ـ لو مات الموصى له قام وارثه مقامه في القبول ، فإن قبل قبل الهلال فعليه في ماله ، وعلى القول بالكشف تجب في مال الموصى له.

و ـ لو مات ـ وعليه دين ـ بعد الهلال ، ففطرة عبده عليه ، لوجود المقتضي ، ولو قصرت التركة ، تحاصّ الدّيّان وأرباب الزكاة.

وإن مات قبله ، قال الشيخ : لا يلزم أحدا فطرته ، لعدم الانتقال الى‌

__________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٢٧ ، فتح العزيز ٦ : ١١٢.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في « ط ».

(٣) أي : مات قبل الهلال.

(٤) أي : قبل الهلال.

(٥) أي : كان القبول بعد الهلال.

(٦) الخلاف ٢ : ١٤٥ ، المسألة ١٨٠.

(٧) المجموع ٦ : ١٣٨ ، فتح العزيز ٦ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨.

٣٩٤

الوارث ، فإنّه لا إرث قبل الدّين. ولا الى الدّيّان ، للآية (١) (٢).

والوجه : ثبوتها على الوارث ، لامتناع ثبوت ملك لا مالك له. وعدم صلاحية الميت للملك. والدّيّان لا يملكون ، وإلاّ لم يزل عنهم بالإبراء.

ولأنّ الحالف مع الشاهد هو الوارث لا الدّيّان. ولأنّه لو مات بعض الورثة ثم أبرئ الميت ، كانت التركة بين الحي وورثة الميت. والآية محمولة على القسمة.

ز ـ لو ملك الولد قبل الهلال قوت يوم العيد ، سقط عن والده نفقة ذلك اليوم ، فإن لم يعله فلا زكاة عليه ، ولا على الولد ، لفقره.

ح ـ لو وقع بين المعتق نصفه وبين المولى مهاياة ، فوقعت نوبة الهلال على أحدهما ، احتمل اختصاصه بالفطرة ، لاختصاصه بالعيلولة. والشركة ، لأنّه كالنائب عن صاحبه.

مسألة ٢٩٨ : يستحب إخراجها يوم العيد قبل الخروج الى المصلّى ، ويتضيّق عند الصلاة‌ ، لأنّ ابن عباس روى : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات (٣).

ومن طريق الخاصة : عن الصادق عليه‌السلام نحوه (٤).

ولأنّ الغرض إغناء الفقير عن السعي فيه ، وإنّما يتحقّق قبل الصلاة.

فروع :

أ ـ لو أخّرها عن صلاة العيد اختيارا أثم عند علمائنا أجمع ـ وبه قال‌

__________________

(١) وهي : قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ ) ، النساء : ١٢.

(٢) الخلاف ٢ : ١٤٤ ، المسألة ١٧٩.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١١١ ـ ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ ـ ١٨٢٧ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ٤٠٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٣.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٤ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ٤٥ ـ ١٤٣.

٣٩٥

الشافعي (١) ـ لأنّ الإغناء في اليوم إنّما يتحقّق بالإخراج قبل الصلاة.

ولأنّ العيص سأل الصادق عليه‌السلام عن الفطرة متى هي؟ قال : « قبل الصلاة يوم الفطر » (٢).

ولأنّه تأخير للواجب عن وقته ، فكان حراما.

وقال عطاء ومالك وأحمد وأصحاب الرأي : يكره وليس بمحرّم (٣).

وعن أحمد رواية بالجواز من غير كراهية (٤).

ولو أخّرها عن يوم العيد ، قال أحمد : يأثم وعليه القضاء (٥).

وحكي عن ابن سيرين والنخعي : أنّهما رخصا في تأخيرها عن يوم العيد (٦).

ب ـ لو تمكّن من إخراجها يوم العيد ولم يخرج أثم على ما تقدّم ، ولا تسقط عنه ، بل يجب عليه قضاؤها ، إذ البراءة من الأمر بالإخراج إنّما يحصل به ، ولو لم يتمكّن فلا إثم.

ثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان ، لتعيّنها للصدقة ، فلا تسقط بفوات الوقت ، كما لو عدم مستحق زكاة المال.

وإن لم يكن عزلها ، فعليه القضاء أيضا ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد (٧).

__________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩٠ ، وفي المجموع ٦ : ١٤٢ هكذا : لو أخّرها عن صلاة الإمام ، وفعلها في يومه ، لم يأثم ، وكانت أداء ، وإن أخّرها عن يوم الفطر أثم. وكذا في فتح العزيز ٦ : ١١٧.

(٢) التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٢ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤١.

(٣) المغني ٢ : ٦٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٤) المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٥) المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٦) المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٩ ، المغني ٢ : ٦٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٩.

(٧) حكاه المحقّق في المعتبر : ٢٩٠.

٣٩٦

وقيل : تسقط (١). وليس بمعتمد.

وقيل : تكون أداء (٢). وليس بجيّد ، لأنّها عبادة فات وقتها قبل فعلها ، فكانت قضاء.

ج ـ يجوز العزل كزكاة المال ، فإذا عزلها ولم يخرجها مع القدرة ضمن ، وإن لم يتمكّن فلا ضمان.

وقال أحمد : يضمنها مطلقا (٣).

ويجوز نقلها الى غير البلد مع عدم المستحق فيه لا مع وجوده فيه.

ويجوز إخراجها من المال الغائب عنه. والأفضل : إخراجها في بلد المالك وتفريقها فيه.

د ـ يجوز تقديم الفطرة من أول رمضان لا عليه ، عند أكثر علمائنا (٤) ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لأنّ سبب الصدقة الصوم والفطر عنه ، فإذا وجد أحدهما ، جاز تعجيلها ، كزكاة المال بعد ملك النصاب.

ولقول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم يدخل في شهر رمضان » (٦).

وقال أبو حنيفة : يجوز تقديمها من أول الحول ، لأنّها زكاة مخرجة عن‌

__________________

(١) القائل هو : الحسن بن زياد وداود ، كما في المجموع ٦ : ١٤٢ ، وبدائع الصنائع ٢ : ٧٤ ، كما حكاه عن الحسن بن زياد وعن بعض فقهائنا ، المحقق في المعتبر : ٢٩٠ واستحسنه.

(٢) القائل هو ابن إدريس في السرائر : ١٠٩.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩٠.

(٤) منهم : الصدوقان كما في الفقيه ٢ : ١١٨ ذيل الحديث ٥١١ ، والمقنع : ٦٧ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤٢ ، والخلاف ٢ : ١٥٥ ، المسألة ١٩٨ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٩٠.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٢ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٣ ، المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٥ ، الاستبصار ٢ : ٤٥ ـ ٤٦ ـ ١٤٧.

٣٩٧

بدنه ، فإذا كان المخرج عنه موجودا جاز إخراجها قبل الوقت ، كزكاة المال بعد وجود النصاب (١).

والفرق : وجود السبب في زكاة المال وهو النصاب ، وزكاة الفطر سببها : الفطر ، لإضافتها اليه. على أنّا نمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجوز تقديمها قبل الهلال بيوم أو يومين خاصة (٢).

وقال بعض الجمهور : يجوز تقديمها من بعد نصف الشهر (٣).

الفصل الخامس

في المستحق‌

مسألة ٢٩٩ : مصرف زكاة الفطر مصرف زكاة المال‌ ، لعموم قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ ) الآية (٤).

ولا يجوز دفعها الى من لا يجوز دفع زكاة المال اليه ، فلا تدفع إلى الذمّي عند علمائنا ـ وبه قال مالك والليث والشافعي وأبو ثور وأحمد (٥) ـ لأنّها زكاة ، فلا تدفع الى غير المسلم ، كزكاة المال ، وقد أجمع العلماء على منع الذمّي من زكاة المال إلاّ لمصلحة التأليف.

وقال أبو حنيفة : يجوز (٦) ، لقوله عليه‌السلام : ( تصدّقوا على أهل‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨ ، المجموع ٦ : ١٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٤.

(٢) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨ ، المجموع ٦ : ١٤٢.

(٣) المغني ٢ : ٦٨١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٨.

(٤) التوبة : ٦٠.

(٥) المغني ٢ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٢.

(٦) المغني ٢ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٤ ، الهداية للمرغيناني.

١ : ١١٣ ، المجموع ٦ : ٢٤٢.

٣٩٨

الأديان ) (١).

ونمنع صحة السند ، ويحمل على المندوبة.

مسألة ٣٠٠ : ويشترط في المدفوع إليه : الأيمان‌ ، سواء وجد المستحقّ أو لا ، وينتظر بها ، ويحمل من بلده مع عدمه الى بلد آخر. ولا يعطى المستضعف ـ خلافا للشيخ (٢) ـ لقول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « الزكاة لأهل الولاية » (٣).

وسئل الرضا عليه‌السلام عن الزكاة هل توضع فيمن لا يعرف؟ قال : « لا ، ولا زكاة الفطرة » (٤).

ولو دفع الى غير المؤمن أعاد ، لأنّه دفع الحقّ الى غير مستحقّه ، فيبقى في العهدة.

ولو كان الدافع غير مؤمن ثم استبصر ، أعاد أيضا ، للرواية (٥).

وكذا يشترط فيه كلّ ما يشترط في مستحقّ زكاة المال من الفقر ، وعدم وجوب الإنفاق عليه.

ويجوز صرفها في الأصناف الثمانية ، لأنّها صدقة ، فأشبهت صدقة المال.

مسألة ٣٠١ : ويجوز دفعها الى الواحد‌ عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، ومالك وأبو ثور وأحمد وابن المنذر (٦) ـ لورود الآية (٧) ببيان المصرف‌.

__________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٧٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٢ ، النهاية : ١٩٢ ، والتهذيب ٤ : ٨٨ ذيل الحديث ٢٥٩.

(٣) التهذيب ٤ : ٥٢ ـ ١٣٥.

(٤) التهذيب ٤ : ٥٢ ـ ١٣٧ ، والكافي ٣ : ٥٤٧ ـ ٦.

(٥) تقدّمت آنفا.

(٦) المغني ٢ : ٧١٢ ـ ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٤ ـ ٦٦٥.

(٧) التوبة : ٦٠.

٣٩٩

وقال الشافعي : يجب تفرقة الصدقة على ستة أصناف ، ودفع حصة كلّ صنف الى ثلاث منهم (١) وقد سبق (٢) البحث فيه.

ويجوز للجماعة دفع صدقتهم الواجبة إلى الواحد دفعة واحدة وعلى التعاقب ما لم يبلغ حدّ الغناء. وكذا يجوز للواحد دفع صدقته الواجبة إلى الجماعة إجماعا.

مسألة ٣٠٢ : ويكره أن يملك ما أخرجه صدقة اختيارا ، بشراء أو غيره‌ ، لأنّها طهرة له فكره له أخذها.

وقال الجمهور : لا يجوز شراؤها (٣) ، لقوله عليه‌السلام : ( العائد في صدقته كالعائد في قيئه ) (٤).

وجوّز الشافعي وأحمد ـ في رواية ـ تملّكها بغير شراء اختيارا ، كما لو دفعها الى مستحقّها فأخرجها آخذها الى دافعها ، أو جمعت الصدقة عند الإمام ففرّقها على [ أهل ] (٥) السّهمان فعادت صدقته اليه (٦).

وفي الرواية الأخرى عن أحمد : تحريم ذلك ، قياسا على الشراء (٧).

والأصل ممنوع.

أمّا لو عادت اليه بغير اختياره ، كميراث ( أو ) (٨) قضاء دين ، فإنّه جائز غير مكروه إجماعا.

مسألة ٣٠٣ : ويستحب اختصاص القرابة بها ، ثم الجيران‌ مع وجود‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٧١٢ ـ ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٤.

(٢) سبق في المسألة ٢٤٨.

(٣) المغني ٢ : ٧١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٥٧.

(٥) زيادة أضفناها من المغني والشرح الكبير ، لاقتضاء السياق.

(٦) حلية العلماء ٣ : ١٣٢ ، المغني ٢ : ٧١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٧) المغني ٢ : ٧١١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٦٥.

(٨) في « ط ، ن » : و.

٤٠٠