تذكرة الفقهاء - ج ٥

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٥

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: ٤٦٨

يضعها في مواضع مسمّاة إلاّ بإذنه » (١).

والثاني : المنع ، لأنّ الأمر بالدفع والتفريق يستلزم المغايرة بين الفاعل والقابل.

والأول أقرب.

إذا ثبت هذا ، فإنّه يأخذ مثل ما يعطي غيره ، ولا يجوز أن يفضّل نفسه ، لقوله عليه‌السلام : « لا بأس أن يأخذ لنفسه كما يعطي لغيره » (٢) ولقول الكاظم عليه‌السلام في رجل اعطي مالا يفرّقه فيمن يحلّ له ، أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه ولم يسمّ له؟ قال : « يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره » (٣).

ويجوز أن يدفع الى من تجب نفقته عليه كولده وزوجته وأبويه مع الاستحقاق إجماعا وإن عاد النفع إليه.

مسألة ٢٧٣ : قد بيّنّا أنّه ينبغي لقابض الصدقة الدعاء لصاحبها‌ ، فيقول : آجرك الله فيما أعطيت ، وجعله لك طهورا ، وبارك لك فيما أبقيت.

وفي وجوبه للشيخ (٤) والشافعي (٥) قولان تقدّما (٦).

وهل يقول : صلّى الله عليك؟ منع منه الشافعية ، لأنّ الصلاة صارت مخصوصة بالأنبياء والملائكة عليهم‌السلام ، فلا تستعمل في حق غيرهم ، فهو كما أنّ قولنا : عزّ وجلّ ، مختص بالله تعالى ، فكما لا يقال : محمد عزّ وجلّ ، وإن كان عزيزا جليلا ، كذا لا يقال : صلّى الله عليك ، لغير الأنبياء (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٥٥٥ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ ـ ٢٩٦.

(٢) الكافي ٣ : ٥٥٥ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ ـ ٢٩٦.

(٣) الكافي ٣ : ٥٥٥ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ ـ ٢٩٥.

(٤) الخلاف ٢ : ١٢٥ ، المسألة ١٥٥ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٤٤.

(٥) المجموع ٦ : ١٧١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٩ ، مختصر المزني ٥٣.

(٦) تقدّما في المسألة ٢٣٥.

(٧) المجموع ٦ : ١٧١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٢٩.

٣٦١

وقيل بالجواز ، لأنّ النبي عليه‌السلام قال لآل أبي أوفى : ( اللهم صلّ على آل أبي أوفى ) (١) (٢).

واتّفقوا على تجويز جعل غير الأنبياء تبعا ، كما يقال : اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد.

والمراد به عند أكثر الشافعية : بنو هاشم وبنو المطلب (٣).

* * *

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٥٩ و ٨ : ٩٠ ، ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٥٦ ـ ٧٥٧ ـ ١٠٧٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٦ ـ ١٥٩٠ ، سنن النسائي ٥ : ٣١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ ـ ١٧٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٣٥٣ ، ٣٥٥ ، ٣٨١ ، ٣٨٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥٢ و ٤ : ١٥٧ و ٧ : ٥.

(٢) ممّن قال بذلك : أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٧٦ ، وابن قدامة في المغني ٢ : ٥٠٨.

(٣) المجموع ٦ : ١٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٠.

٣٦٢

الباب الثاني

في زكاة الفطرة‌

وفيه فصول.

٣٦٣
٣٦٤

الأول

من تجب عليه‌

مقدمة : زكاة الفطر واجبة‌ بإجماع العلماء.

قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أنّ صدقة الفطر فرض (١).

وقال إسحاق : هو كالإجماع من أهل العلم (٢).

وزعم ابن عبد البرّ أنّ بعض المتأخّرين من أصحاب مالك وداود يقولون : هي سنّة مؤكّدة ، وسائر العلماء على وجوبها (٣) ، لقوله تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى ) (٤).

روي عن أهل البيت عليهم‌السلام ، أنّها نزلت في زكاة الفطرة (٥).

ولقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كلّ حرّ وعبد ، ذكر وأنثى من المسلمين ) (٦).

__________________

(١) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٣) المغني والشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٤) الأعلى : ١٤.

(٥) تفسير القمي ٢ : ٤١٧ ، الفقيه ١ : ٣٢٣ ـ ١٤٧٨ ، و ٢ : ١١٩ ـ ٥١٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٨ ـ ١٠٩ ـ ٣١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤٣ ـ ١٢٩٢.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٧ ـ ٩٨٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٣٩ ـ ٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٢ ، وفيها عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض زكاة .. إلى آخره.

٣٦٥

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « كلّ من ضممت الى عيالك من حرّ أو مملوك ، فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه » (١).

إذا عرفت هذا ، فقال أبو حنيفة : إنّها واجبة ، وليست فرضا (٢). وقال الباقون : هي فرض (٣).

والأصل في ذلك : أنّ أبا حنيفة كان يخصّ الفرض بما ثبت بدليل مقطوع به ، والواجب : ما ثبت بدليل مظنون (٤).

وقد بيّنّا الإجماع على الوجوب ، وهو قطعي.

وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطر ، لأنّها تجب بالفطر من رمضان.

وقال ابن قتيبة : وقيل لها : فطرة ، لأنّ الفطرة : الخلقة. قال تعالى : ( فِطْرَتَ اللهِ ) (٥) أي : جبلّته ، وهذه يراد بها الصدقة عن البدن والنفس ، كما كانت الأولى صدقة عن المال (٦).

مسألة ٢٧٤ : البلوغ شرط في الوجوب‌ ، فلا تجب على الصبي قبل بلوغه ، موسرا كان أو معسرا ، سواء كان له أب أو لا وإن وجبت على الأب عنه ، عند علمائنا أجمع ، وبه قال محمد بن الحسن (٧).

وقال الحسن والشعبي : صدقة الفطر على من صام من الأحرار والرقيق (٨).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٧٠ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٧١ ـ ١٩٣.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٦٩ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠١.

(٣) انظر : حلية العلماء ٣ : ١١٩ ، المجموع ٦ : ١٠٤ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٨ ، المغني ٢ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٤) أصول السرخسي ١ : ١١٠ ـ ١١١.

(٥) الروم : ٣٠.

(٦) المغني ٢ : ٦٤٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٧) المغني ٢ : ٦٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٦.

(٨) المغني ٢ : ٦٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٦ ـ ٦٤٧.

٣٦٦

لقوله عليه‌السلام : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن الصبي حتى يبلغ ) (١) وظاهره سقوط الفرض والحكم.

ولأنه غير مكلّف ، وليس محلا للخطاب ، فلا يتوجه إطلاق الأمر اليه.

ومن طريق الخاصة : قول الرضا عليه‌السلام وقد سئل عن الوصي يزكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا لم يكن لهم مال؟ فقال : « لا زكاة على مال اليتيم » (٢).

وقول الصادق عليه‌السلام : « ليس في مال اليتيم زكاة ، وليس عليه صلاة .. حتى يدرك ، فإذا أدرك كان عليه مثل ما على غيره من الناس » (٣).

وأطبق باقي الجمهور على وجوب الزكاة في ماله ، ويخرج عنه الولي ، لعموم قوله (٤) : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كلّ حرّ وعبد ، ذكر وأنثى (٥).

ولا دلالة فيه ، لانصراف الوجوب إلى أهله ، لقوله تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٦).

مسألة ٢٧٥ : وليس الحضر ( فيها ) (٧) شرطا‌ ، بل تجب على أهل‌

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ١٤١ ـ ٤٤٠٢.

(٢) الكافي ٣ : ٥٤١ ـ ٨ ، الفقيه ٢ : ١١٥ ـ ٤٩٥ ، التهذيب ٤ : ٣٠ ـ ٧٤.

(٣) الكافي ٣ : ٥٤١ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٢٩ ـ ٣٠ ـ ٧٣ ، الاستبصار ٢ : ٣١ ـ ٩١.

(٤) الضمير راجع الى راوي الخبر ، وهو : ابن عمر. لاحظ : المصادر في الهامش (٦) من صفحة ٣٦٥.

(٥) المغني ٢ : ٦٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٦ ، وانظر أيضا : المصادر في الهامش (٦) من صفحة ٣٦٥.

(٦) آل عمران : ٩٧.

(٧) كلمة ( فيها ) لم ترد في « ن » و « ط ».

٣٦٧

البادية عند أكثر العلماء (١) ـ وبه قال ابن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي (٢) ـ للعموم. ولأنّها زكاة ، فوجبت عليهم ، كزكاة المال.

وقال عطاء والزهري وربيعة : لا صدقة عليهم (٣). وهو غلط.

مسألة ٢٧٦ : والعقل شرط في الوجوب‌ عند علمائنا أجمع والبحث فيه كما تقدّم (٤) في الصبي. وكذا لا تجب على من أهلّ شوّال وهو مغمى عليه.

مسألة ٢٧٧ : يشترط فيه : الحرّية‌ ، فلا تجب الزكاة على العبد عند علمائنا أجمع ، بل يجب على مولاه إخراجها عنه ، وبه قال جميع الفقهاء (٥) ، لأنّه لا مال له.

ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة إلاّ صدقة الفطرة في الرقيق ) (٦).

وقال داود : تجب على العبد ، ويلزم المولى إطلاقه ليكتسب ، ويخرجها عن نفسه (٧) ، لعموم قوله عليه‌السلام : ( على كلّ حر وعبد ) (٨).

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٥.

(٢) المغني ٢ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٥.

(٣) المغني ٢ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

(٤) تقدّم في المسألة ٢٧٤.

(٥) الام ٢ : ٦٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧١ ، المجموع ٦ : ١٢٠ و ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٠ ، المغني ٢ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٠ ، وحكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٠ ، المسألة ١٥٨.

(٦) أورده كما في المتن ـ الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣١ ذيل المسألة ١٥٨ ، وفي صحيح البخاري ٢ : ١٤٩ ، وصحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ ـ ٦٧٦ ـ ٩٨٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٠٨ ـ ١٥٩٥ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢٣ ـ ٢٤ ـ ٦٢٨ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٧٩ ـ ١٨١٢ ، وسنن النسائي ٥ : ٣٥ و ٣٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٧ ، بتفاوت ونقيصة.

(٧) المجموع ٦ : ١٢٠ و ١٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٢١.

(٨) راجع : الهامش (٦) من صفحة ٣٦٥.

٣٦٨

ونحن نقول بموجبه ، إذ الزكاة تجب على المالك.

فروع :

أ ـ العبد لا يجب عليه أن يؤدّي عن نفسه ولا عن زوجته ، سواء قلنا : إنّه يملك أو أحللناه.

ب ـ المدبّر وأمّ الولد كالقنّ.

ج ـ لا فرق بين أن يكون العبد في نفقة مولاه أو لا ، في عدم الوجوب عليه.

مسألة ٢٧٨ : يشترط فيه الغنى‌ ، فلا يجب على الفقير ، ولا يكفي في وجوبها القدرة عليها عند أكثر علمائنا (١) ، وبه قال أصحاب الرأي (٢) ، لقوله عليه‌السلام : ( لا صدقة إلاّ عن ظهر غنى ) (٣) والفقير لا غنى له ، فلا تجب عليه.

ومن طريق الخاصة : قول الكاظم عليه‌السلام وقد سئل : على الرجل المحتاج صدقة الفطرة؟ : « ليس عليه فطرة » (٤).

وسئل الصادق عليه‌السلام : « رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة؟

قال : « لا » (٥).

وقال عليه‌السلام : « لا فطرة على من أخذ الزكاة » (٦).

ولأنّه تحلّ له الصدقة ، فلا تجب عليه ، كمن لا يقدر عليها.

ولأنّها تجب جبرا للفقير ومواساة له ، فلو وجبت عليه ، كان اضطرارا به‌

__________________

(١) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٤٠ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٤٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٣٠ ، والمحقق في المعتبر : ٢٨٥.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٦٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٥.

(٣) مسند أحمد ٢ : ٢٣٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٥ ، الاستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٢٩.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠١ ، الاستبصار ٢ : ٤٠ ـ ١٢٥.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٤٠ ـ ٤١ ذيل الحديث ١٢٦.

٣٦٩

وتضييقا.

وقال بعض علمائنا (١) ـ ونقله الشيخ رحمه‌الله في الخلاف عن كثير من أصحابنا (٢) ـ : وجوبها على من قدر عليها ، فاضلا عن قوته وقوت عياله ليوم وليلة ـ وبه قال أبو هريرة وأبو العالية والشعبي وعطاء وابن سيرين والزهري ومالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وأبو ثور (٣) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أدّوا صدقة الفطر صاعا من قمح (٤) عن كلّ إنسان ، صغير أو كبير ، حرّ أو مملوك ، غني أو فقير ، ذكر أو أنثى ، أمّا غنيكم فيزكّيه الله ، وأمّا فقيركم فيردّ الله عليه أكثر ممّا أعطى ) (٥).

ولأنّه حقّ مال لا يزيد بزيادة المال ، فلا يعتبر وجود النصاب فيه كالكفّارة.

والحديث نقول بموجبه ، فإنّها تجب على الغني عن الفقير الذي يعوله.

والفرق : أنّها زكاة تطهّر ، فاعتبر فيها المال كزكاة المال ، أمّا الكفّارة فإنّها وجبت لإسقاط الذنب.

مسألة ٢٧٩ : وحدّ الغنى‌ هنا : ما تقدّم في صدقة المال ، وهو : أن يملك قوته وقوت عياله على الاقتصاد حولا ، فمن ملك ذلك ، أو كان له كسب أو صنعة تقوم بأوده وأود عياله مستمرا وزيادة صاع ، وجب عليه دفعها ، لأنّ وجود الكفاية يمنع من أخذ الزكاة ، فتجب عليه ، لقول الصادق عليه‌السلام : « من حلّت له لا تحلّ عليه ، ومن حلّت عليه لا تحلّ له » (٦).

__________________

(١) كما في المعتبر : ٢٨٨.

(٢) الخلاف ٢ : ١٤٧ ، المسألة ١٨٣.

(٣) المغني ٢ : ٦٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٥ ، المجموع ٦ : ١١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٩.

(٤) القمح : البرّ. لسان العرب ٢ : ٥٦٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١١٤ ـ ١٦١٩ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٤٨ ـ ٤١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٢٧.

٣٧٠

وقال الشيخ في المبسوط : أن يملك نصابا زكويا (١).

وفي الخلاف : أن يملك نصابا أو ما قيمته نصاب (٢). وبه قال أبو حنيفة (٣) ، لوجوب زكاة المال عليه ، وإنّما تجب على الغني فتلزمه الفطرة.

والثانية (٤) ممنوعة.

تذنيب : يستحب للفقير إخراجها عن نفسه وعياله ولو استحقّ أخذها أخذها ودفعها مستحبا ، ولو ضاق عليه أدار صاعا على عياله ، ثم تصدّق به على الغير ، للرواية (٥).

مسألة ٢٨٠ : الإسلام ليس شرطا في الوجوب‌ ، بل تجب على الكافر الفطرة وإن كان أصليا ، عند علمائنا أجمع ، لكن لا يصحّ منه أداؤها ، لأنّه مكلّف بفروع العبادات ، فصحّ تناول الخطاب له ، فتجب عليه كما تجب على المسلم ، عملا بعموم اللفظ السالم عن معارضة مانعية الكفر ، كغيرها من العبادات ، وإنّما قلنا بعدم الصحة لو أدّاها ، لأنّها عبادة تفتقر إلى النية.

وقال الجمهور : لا تجب عليه ، لأنّ الزكاة طهرة والكافر ليس من أهلها (٦).

وهو ممنوع ، لإمكان الطّهرة بتقدّم إسلامه ، ومن شرطها : النيّة ، وقد كان يمكنه تقديمها.

فروع :

أ ـ لو أسلم بعد فوات الوقت ، سقطت عنه إجماعا ، لقوله عليه‌السلام :

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٠.

(٢) الخلاف ٢ : ١٤٦ ، المسألة ١٨٣.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٤٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٥.

(٤) أي : ما قيمته نصاب.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٤ ـ ٢٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٣ ، والكافي ٤ : ١٧٢ ـ ١٠.

(٦) المغني ٢ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، المجموع ٦ : ١٠٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٦٩ ، مقدّمات ابن رشد ١ : ٢٥٤.

٣٧١

( الإسلام يجبّ ما قبله ) (١).

ب ـ لو كان الكافر عبدا لم تجب عليه الفطرة ، وتجب عنه لو كان المالك مسلما على ما يأتي (٢).

ج ـ المرتدّ إن كان عن فطرة ، لم تجب عليه ، لانتقال أمواله إلى ورثته فهو فقير. ولأنّه مستحق للقتل في كل آن ، فيضادّ الوجوب عليه.

وإن كان عن غير فطرة ، وجبت عليه وإن حجر الحاكم على أمواله ، لإمكان رجوعه وتوبته ، فيزول حجره ، ولا تسقط عنه بالإسلام ، بخلاف الكافر الأصلي.

د ـ لو كان للكافر عبد مسلم ، وجبت عليه الفطرة عنه ، لكنه لا يكلّف إخراجها عنه ، وهو قول أكثر العلماء (٣).

قال ابن المنذر : أجمع كلّ من نحفظ عنه [ من أهل ] (٤) العلم : أن لا صدقة على الذمّي في عبده المسلم ، لأنّها عبادة تفتقر إلى النية ولا تصح من الكافر. ولأنّه لا يكلّف الفطرة عن نفسه ، فلا يكلّف عن غيره (٥).

وقال أحمد : يلزم بالإخراج عنه ، لأنّه من أهل الطّهرة ، فوجب أن يؤدّي عنه الزكاة (٦).

وهو ممنوع ، لأنّه فقير ، فلا تجب عليه الفطرة ، وهذا إنّما يتمّ عندنا لو تعذّر بيعه عليه ، أو كان قد أسلم آخر جزء من الشهر ، ثم يهلّ قبل البيع.

مسألة ٢٨١ : والفطرة واجبة على المسلمين من أهل الحضر والبادية‌

__________________

(١) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥.

(٢) يأتي في المسألة ٢٨٢.

(٣) المغني ٢ : ٦٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

(٤) زيادة من المصدر.

(٥) المغني ٢ : ٦٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

(٦) المغني ٢ : ٦٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

٣٧٢

عند علمائنا أجمع ـ وبه قال أكثر العلماء وجميع الفقهاء (١) ـ للعموم.

وقال عطاء وعمر بن عبد العزيز وربيعة بن أبي عبد الرحمن والزهري : لا فطرة على أهل البادية (٢).

وهو مدفوع بالإجماع.

* * *

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، والمجموع ٦ : ١٤٢ ، والخلاف ـ للشيخ ٢ لطوسي ـ ٢ : ١٥٢ ، المسألة ١٩٢.

(٢) المغني ٢ : ٦٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، والمجموع ٦ : ١٤٢ ، والخلاف ـ للشيخ ٢ لطوسي ـ ٢ : ١٥٢ ، المسألة ١٩٢.

٣٧٣
٣٧٤

الفصل الثاني

فيمن تخرج عنه‌

مسألة ٢٨٢ : يجب على المكلّف بها أن يخرجها عن نفسه‌ ، بلا خلاف بين العلماء في ذلك ، وعن جميع من يعوله من صغير وكبير ، حرّ أو عبد ، ذكر أو أنثى ، مسلم أو كافر ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير والنخعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي (١) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أدّوا عن كلّ حرّ وعبد ، صغير أو كبير ، يهودي أو نصراني أو مجوسي ، نصف صاع من برّ ) (٢).

ومن طريق الخاصة : قول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « على الرجل أن يعطي عن كلّ من يعول من حرّ وعبد وصغير وكبير » (٣) وهو على إطلاقه يتناول الكافر والمسلم.

وقول الصادق عليه‌السلام : « يؤدّي الرجل زكاته عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه » (٤) وهو وإن كان مرسلا ، إلاّ أنّ علماءنا أفتوا بموجبه.

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٠.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٥٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٥ ، الإستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٧.

(٤) الكافي ٤ : ١٧٤ ـ ٢٠ ، التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٥.

٣٧٥

ولأنّ كلّ زكاة وجبت بسبب عبده المسلم وجبت بسبب عبده الكافر ، كزكاة التجارة.

وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور : لا يخرج عن العبد الكافر ولا عن الصغير المرتد ، لقول ابن عباس : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، زكاة الفطرة طهرة للصائم من الرفث واللغو (١). والكافر ليس من أهل الطهرة (٢).

ولا دلالة في قول الصحابي ، إذ لا حجّة فيه. ولأنّ الأصل ذلك ، وغيره يجب بالتبع. ولأنّها تجب عن الطفل وليس أهلا للصوم.

مسألة ٢٨٣ : ولا فرق بين أن تكون العيلولة واجبة أو تبرّعا‌ ، مثل أن يضمّ أجنبيا أو يتيما أو ضيفا ويهلّ الهلال وهو في عياله ، عند علمائنا أجمع ـ وهو رواية عن أحمد (٣) ـ لقوله عليه‌السلام : ( أدّوا صدقة الفطر عمّن تمونون ) (٤) والمتبرّع بنفقته ممّن يمون.

ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه‌السلام : « من ضممت الى عيالك من حرّ ( وعبد ) (٥) فعليك أن تؤدّي الفطرة عنه » (٦).

وسأل عمر بن يزيد ، الصادق عليه‌السلام ، عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه ، فيحضر يوم الفطر ، يؤدّي عنه الفطرة؟ قال : « نعم » (٧).

__________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١١١ ـ ١٦٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ ـ ١٨٢٧.

(٢) بداية المجتهد ١ : ٢٨٠ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧١ ، المجموع ٦ : ١١٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٢١ ، المغني ٢ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٧.

(٣) المغني ٢ : ٦٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٢.

(٤) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٩٢ ـ ٦٩٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٥٢.

(٥) في الكافي والتهذيب : أو مملوك.

(٦) المعتبر : ٢٨٧ ، الكافي ٤ : ١٧٠ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٧١ ـ ١٩٣.

(٧) الكافي ٤ : ١٧٣ ـ ١٦ ، الفقيه ٢ : ١١٦ ـ ٤٩٧ ، التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٦.

٣٧٦

ولأنّه شخص ينفق عليه ، فتلزمه فطرته كعبده.

وقال باقي الجمهور : لا تجب ، بل تستحب ، لأنّ مئونته ليست واجبة ، فلا تلزمه الفطرة عنه ، كما لو لم يعله (١).

والفرق : وجود المناط ، وهو العيلولة في المعال دون غيره.

مسألة ٢٨٤ : سبب وجوب العيلولة ثلاثة : الزوجية والقرابة والملك ، بلا خلاف على ما يأتي ، وهي سبب في وجوب الفطرة ، فيجب على الرجل الموسر ، الفطرة عن زوجته الحرّة ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق (٢) ـ لقول ابن عمر : فرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صدقة الفطر عن كلّ صغير وكبير ، حرّ وعبد ممّن تمونون (٣).

ومن طريق الخاصة : قول الباقر عليه‌السلام : « إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرض صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحرّ والعبد والذكر والأنثى ممّن تمونون » (٤).

ولأنّ النكاح سبب تجب به النفقة فوجبت به الفطرة كالملك والقرابة.

وقال أبو حنيفة والثوري وابن المنذر من الشافعية : لا تجب عليه فطرة زوجته ، وعليها فطرة نفسها ، لقوله عليه‌السلام : ( صدقة الفطر على كلّ ذكر وأنثى ) (٥).

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٢.

(٢) المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٨٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧١ ، المجموع ٦ : ١١٤ و ١١٦ ، فتح العزيز ٦ : ١١٨ ـ ١١٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٢١ ، المغني ٢ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٩.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٤١ ـ ١٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦١ ، والمغني ٢ : ٦٨٣ ـ ٦٨٤ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٤٩.

(٤) المعتبر : ٢٨٧.

(٥) سنن الدارقطني ٢ : ١٤٠ ـ ١٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٦١ ـ ٦٧٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦٠.

٣٧٧

ولأنّها زكاة فوجبت عليها ، كزكاة مالها (١).

ونحن نقول بموجب الحديث ، لكنّ الزوج يتحمّل عنها الوجوب ، جمعا بين الأدلّة ، وزكاة المال لا تتحمّل بالملك والقرابة ، فافترقا.

مسألة ٢٨٥ : الولد الموسر تجب عليه فطرة أبيه المعسر‌ ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنّه تجب عليه نفقته ، فتجب عليه فطرته ، للحديث (٣).

وقال أبو حنيفة : لا تجب عليه فطرة الأب وإن وجبت نفقته (٤).

وكذا يجب على الجدّ فطرة ولد الولد مع العيلولة ، وبه قال الشافعي (٥).

وقال أبو حنيفة : لا تجب (٦).

مسألة ٢٨٦ : الولد إن كان صغيرا معسرا ، وجبت نفقته على والده‌ ، وعليه فطرته عنه ، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ( لكن ) (٧) أبو حنيفة أوجبها عليه باعتبار الولاية ، وعندنا باعتبار العيلولة ، وعند الشافعي باعتبار وجوب النفقة عليه (٨).

وإن كان موسرا ، قال الشيخ : لزم أباه نفقته وفطرته وبه قال محمد بن الحسن (٩) ـ لأنّ كلّ خبر روي في أنّه تجب الفطرة على الرجل يخرجها عن‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤٩ ، المجموع ٦ : ١١٨ ، فتح العزيز ٦ : ١١٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٢١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧٩.

(٢) الام ٢ : ٦٣ ، المجموع ٦ : ١٢٠ ، وبدائع الصنائع ٢ : ٧٢.

(٣) المروي عن طريق الخاصة والعامة ، الذي سبق في المسألة السابقة (٢٨٤).

(٤) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ٧٢ ، فتح العزيز ٦ : ١١٩.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ ، المجموع ٦ : ١٤١.

(٦) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ١١٩ ـ ١٢٠ ، المجموع ٦ : ١٤١.

(٧) والأحسن : ولكن.

(٨) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٠ و ١٧١ ، المجموع ٦ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٢١ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٦ ، والخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، المسألة ١٦٣.

(٩) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٥ ، المجموع ٦ : ١٤١ ، حلية العلماء ٣ : ١٢٢ ، والخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ١٣٤ ، المسألة ١٦٤.

٣٧٨

نفسه وعن ولده ، يتناول هذا الموضع ، فعلى مدّعي التخصيص الدلالة (١).

وقال مالك وأبو يوسف والشافعي : نفقته وفطرته من مال نفسه (٢).

والوجه عندي : أنّ نفقته في ماله ، ولا فطرة على أبيه ، إلاّ أن يعوله متبرّعا ، لأنّه لم يعله ، ولا على الصغير ، لصغره ، فقد عدم شرط البلوغ في حقّه.

أمّا الولد الكبير ، فإن كان موسرا ، فله حكم نفسه بالإجماع ، وإن كان فقيرا ، كانت نفقته وفطرته على أبيه. وكذا البحث في الوالد والجدّ والجدّة والام. وولد الولد حكمه حكم الولد للصّلب.

فروع :

أ ـ لا تجب الزكاة عن الجنين بإجماع العلماء. قال ابن المنذر : كلّ من نحفظ عنه من علماء الأمصار ، لا يوجب على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن امّه (٣).

وعن أحمد رواية : أنّها تجب ، لأنّه آدمي تصحّ الوصية له وبه ، ويرث ، فيدخل في عموم الأخبار ، ويقاس على المولود (٤).

وليس بجيّد ، لمخالفة الإجماع. ولأنّه جنين ، فأشبه أجنّة البهائم.

ولأنّ أحكام الدنيا لم تثبت له ، إلاّ الوصية والإرث بشرط خروجه حيّا.

ب ـ المولود تجب الزكاة عنه وإن ولد ليلة الهلال قبله بلا فصل.

ج ـ الكبير المعسر لو وجد ليلة الهلال قدر قوته ليلة العيد ويومه ، سقطت‌

__________________

(١) الخلاف ٢ : ١٣٤ ، المسألة ١٦٤.

(٢) المبسوط للسرخسي ٣ : ١٠٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١١٥ ، المجموع ٦ : ١٢٠ ، والخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ١٣٤ ، المسألة ١٦٤.

(٣) المغني ٢ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٢ ، المجموع ٦ : ١٣٩.

(٤) المغني ٢ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٥٢.

٣٧٩

الزكاة عن أبيه إذا لم يعله ، لسقوط النفقة عنه ، وعن الولد ، لفقره ، وبه قال الشافعي (١).

ولو كان المعسر صغيرا ، ووجد قدر هذا القوت ، فكذلك ، وهو أحد وجهي الشافعية. والثاني : أنّ فطرته لا تسقط ، لأنّ نفقته آكد ، فإنّها قد ثبتت في الذمة ، لأنّ للأمّ أن تستقرض على الأب الغائب لنفقة الصغير ، ونفقة الكبير لا تثبت في الذمة بحال (٢).

والفرق ممنوع ، لأنّ نفقة الكبير قد تثبت لو استدان له الحاكم عن الأب.

مسألة ٢٨٧ : يجب الإخراج عن الضيف وإن تبرّع بإطعامه‌ ، مسلما كان أو كافرا ، حرّا أو عبدا ، عند علمائنا أجمع وقد تقدّم الخلاف في التبرّعات.

لكن اختلف علماؤنا ، فقال بعضهم : يشترط الضيافة جميع شهر رمضان (٣).

وشرط آخرون : ضيافة العشر الأواخر (٤).

واقتصر آخرون على آخر ليلة في الشهر ، بحيث يهلّ هلال شوّال وهو في ضيافته (٥). وهو الأقوى ، لقوله عليه‌السلام : ( عمّن تمونون ) (٦) وهو صالح للحال والاستقبال. وحمله على الحال أولى ، لأنّه وقت الوجوب ، وإذا علّق الحكم على وصف ، ثبت مع ثبوته ، لا قبله ولا بعده.

ولإطلاق اسم الضيف عليه عند الهلال.

__________________

(١) الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٢٥ ـ ١٢٦.

(٢) الوجيز ١ : ٩٨ ، فتح العزيز ٦ : ١٢٦.

(٣) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٤) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٥) حكى الأقوال كلّها ، المحقّق في المعتبر : ٢٨٨ ، وبعد أن ذكر القول الأخير ، قال : وهو الأولى. وممّن اختار القول الأول : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٨ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٣٣ ، المسألة ١٦٢.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صفحة ٣٧٦ ، الهامش (٤).

٣٨٠