تذكرة الفقهاء - ج ٥

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٥

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: ٤٦٨

وقال الشافعي : تكون زكاة المشتري زكاة الخلطة (١).

ب ـ إذا ملك أربعين في المحرّم ، وأربعين في صفر ، وأربعين في شهر ربيع ، وحال الحول على الجميع ، فعليه في الأول شاة عندنا ، ولا شي‌ء عليه في الزائد ، لقصوره عن النصاب ، والجميع لمالك واحد ، وبه قال أحمد في رواية (٢).

وقال الشافعي ـ في القديم ـ : عليه في كلّ أربعين ثلث شاة ، و ـ على الجديد ـ في الأولى شاة ، وفي الثانية نصف شاة ، لأنّها مختلطة بالأربعين الاولى في جميع الحول ، وفي الثالثة ثلث شاة ، لاختلاطها بالثمانين في جميع الحول (٣).

وله وجه آخر : وجوب شاة في كلّ واحدة (٤).

ج ـ لو ملك ثلاثين من البقر واشترى بعد ستّة أشهر عشرا ، فعليه عند تمام حول الثلاثين تبيع ، وعند تمام حول العشر ربع مسنّة ، فإذا تمّ حول آخر على الثلاثين فعليه ثلاثة أرباع مسنّة ، وإذا حال حول آخر على العشر فعليه ربع مسنّة ، وهكذا ، وبه قال بعض الشافعيّة (٥).

وقال ابن سريج : لا ينعقد حول العشر حتّى يتمّ حول الثلاثين ثم يستأنف حول الكلّ (٦). ولا بأس به.

ويحتمل وجوب التبيع عند تمام كلّ حول الثلاثين ، وربع المسنّة عند تمام كلّ حول العشرة.

وكذا لو ملك أربعين من الغنم ستّة أشهر ، ثم ملك إحدى وثمانين‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٦٦ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٥ ـ ٤٥٧.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٥٧.

(٥) المجموع ٥ : ٣٦٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

(٦) المجموع ٥ : ٣٦٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

١٠١

فالأقرب أنّ عليه عند كمال حول الأولى شاة ، وعند كمال حول الثانية شاة أخرى ، وهكذا.

ولو ملك أربعين شاة في المحرّم ، ومائة في صفر ، ومائة في ربيع فعليه عند تمام حول الأولى شاة ، وكذا عند تمام حول الثانية والثالثة ، لأنّا نجعل ملكه في الإيجاب كملكه لذلك في حال واحدة فصار كأنّه ملك مائتين وأربعين فتجب ثلاث شياه عند تمام حول كلّ مال شاة.

وقال بعض الجمهور : يجب عليه في الشهر الثاني حصّة من فرض الثالث معا وهي شاة وثلاثة أسباع شاة ، لأنّه لو ملك المالين دفعة كان عليه فيهما شاتان حصّة المائة منهما خمسة أسباعهما وهو شاة وثلاثة أسباع شاة ، وعليه في الثالث شاة وربع ، لأنّه لو ملك الجميع دفعة ـ وهو مائتان وأربعون ـ كان عليه ثلاث شياه حصّة الثالث ربعهنّ وسدسهنّ وهو شاة وربع (١).

د ـ لو ملك عشرين من الإبل في المحرّم وستّا في صفر فعليه في العشرين عند تمام حولها أربع شياه ، وفي الستّ عند تمام حولها ستّة أجزاء من ستّة وعشرين جزءا من بنت مخاض.

ولو ملك في المحرّم ستّا وعشرين ، وفي صفر خمسا فعليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ، ولا شي‌ء عليه في الخمس الزائدة.

وقال بعض الجمهور : عليه فيها شاة ، لأنّه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه (٢). وهو ممنوع.

وقال آخرون : عليه سدس بنت مخاض (٣). بناء على أنّ بنت المخاض تجب في خمس وعشرين.

وعلى الخلطة ، فإن ملك مع ذلك في ربيع ستّا اخرى فعليه في الأول‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٠.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤١.

(٣) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤١.

١٠٢

عند تمام حوله بنت مخاض ، ولا شي‌ء في الخمس حتّى يتمّ حول الستّ فيجب فيها ربع بنت لبون وربع تسعها.

وقال بعض الجمهور : عليه في الخمس سدس ( بنت مخاض ) (١) إذا تمّ حولها ، وفي الستّ سدس بنت لبون عند تمام حولها (٢).

وقيل : عليه في الخمس الثانية شاة عند تمام حولها ، وفي الستّ شاة عند تمام حولها (٣).

* * *

__________________

(١) ورد في النسخ الخطية والطبعة الحجرية بدل ما بين القوسين : ( شاة ) وما أثبتناه موافق للمصادر.

(٢ و ٣) المغني ٢ : ٤٨٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤١.

١٠٣
١٠٤

الفصل الخامس

في صفة الفريضة‌

مسألة ٥٧ : أسنان الإبل المأخوذة في الزكاة أربع :

بنت مخاض وهي التي كملت سنة ، ودخلت في الثانية ، وسمّيت بذلك ، لأنّ أمّها ماخض أي حامل ، والمخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه ، والواحدة : خلفة.

وبنت لبون : وهي التي كمل لها سنتان ، ودخلت في الثالثة ، سمّيت بذلك ، لأنّ أمّها قد ولدت وصار بها لبن.

وحقّة وهي التي لها ثلاث سنين ، ودخلت في الرابعة ، سمّيت بذلك ، لاستحقاقها أن يطرقها الفحل ، أو لأن يحمل عليها.

وجذعة ـ بفتح الذال ـ وهي التي لها أربع سنين ، ودخلت في الخامسة ، وهي أكبر سنّ تؤخذ في الزكاة.

ولا توجب حقيقة بنت المخاض أو بنت اللبون ، بل ما كمل لها ما قدّر لها وإن لم تكن لها أمّ ، ولا يجب ما زاد على الجذعة في الزكاة.

ويسمّى ما دخل في السادسة ثنيّ ، وما دخل في السابعة رباع ورباعية ، وما دخل في الثامنة سديس وسدس ، وما دخل في التاسعة بازل ، لأنّه طلع‌

١٠٥

نابه ، ثم يقال : بازل عام ، وبازل عامين ، وهكذا ، والبازل والمخلف واحد ، وما دون بنت المخاض يقال له : فصيل ، وحوار : أوّل ما ينفصل الولد ، ثم بنت مخاض.

وأسنان البقر : أوّلها : الجذع والجذعة وهي التي لها حول ، ويسمّى شرعا : تبيعا وتبيعة ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة ) (١).

وكذا قال الباقر والصادق عليهما‌السلام حيث فسّراهما بالحولي (٢).

فإذا كمل سنتين ودخل في الثالثة فهو ثنيّ وثنيّة وهي المسنّة شرعا ، فإذا دخل في الرابعة فهو رباع ورباعية ، فإذا دخل في الخامسة فهو سديس وسدس ، فإذا دخل في السادسة فهو صالغ ـ بالصاد غير المعجمة والغين المعجمة ـ ثم لا اسم له ، بل يقال : صالغ عام وعامين وثلاثة. وهكذا.

وأمّا الغنم ، فأوّل ما تلد الشاة يقال لولدها : سخلة ، ذكرا كان أو أنثى في الضأن والمعز ، ثم يقال بعد ذلك : بهمة ، ذكرا كان أو أنثى فيهما ، فإذا بلغت أربعة أشهر ، ففي الغنم : جفر ، للذكر ، وجفرة ، للأنثى ، وجمعهما : جفار ، فإذا جازت أربعة أشهر فهي العتود ، وجمعها : عتدان ، وعريض ، وجمعها : عراض ، ويقال لها من حين الولادة إلى هذه الغاية : عناق ، للأنثى ، وللذكر : جدي ، فإذا كملت سنة فالأنثى : عنز ، والذكر : تيس ، فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة ، والذكر : جذع ، فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنيّة ، والذكر : ثنيّ ، فإذا دخلت في الرابعة فرباع ورباعية ، فإذا دخلت في الخامسة فهي سديس وسدس ، فإذا دخلت في السادسة فهي صالغ ، ثم صالغ عام وعامين دائما (٣).

__________________

(١) سنن البيهقي ٤ : ٩٩.

(٢) راجع : الكافي ٣ : ٥٣٤ ـ ١ ، والتهذيب ٤ : ٢٤ ـ ٥٧.

(٣) فقه اللغة ـ للثعالبي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ، حياة الحيوان ـ للدميري ـ ٢ : ١٢٣.

١٠٦

وأما الضأن فالسخلة والبهمة مثل ما في المعز سواء ، ثم هو حمل للذكر ورخل للأنثى إلى سبعة أشهر ، فإذا بلغتها ، قال ابن الأعرابي : إن كان من شابين فهو جذع ، وإن كان من هرمين فلا يقال : جذع حتى يستكمل ثمانية أشهر وهو جذع أبدا حتى يستكمل سنة ، فإذا دخل في الثانية فهو ثنيّ وثنيّة (١) على ما ذكرناه في المعز سواء إلى آخرها.

وإنّما قيل في الضأن : جذع إذا بلغ سبعة أشهر ، وأجزأ في الأضحية ، لأنّه ينزو حينئذ ويضرب ، والمعز لا ينزو حتى يدخل في الثانية.

مسألة ٥٨ : الشاة المأخوذة في نصب الإبل والجبران والغنم : الجذعة من الضأن ، والثنيّة من المعز‌ ، لقول سويد بن غفلة : أتانا مصدّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال : نهانا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نأخذ من المراضع (٢) ، وأمرنا بالجذعة والثنيّة (٣) ، وبه قال الشافعي وأحمد (٤).

وقال أبو حنيفة : لا يؤخذ إلاّ الثنيّة منهما (٥).

وقال مالك : الجذعة فيهما (٦).

__________________

(١) راجع : لسان العرب ٨ : ٤٤.

(٢) سنن النسائي ٥ : ٣٠ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٢ ـ ١٥٧٩ نقلا بالمعنى.

(٣) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٤ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

(٤) الام ٢ : ٨ ، مختصر المزني : ٤١ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٠ ، المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٦.

(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ ـ ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٦ ـ ٥١٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣.

(٦) المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٤٣ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٥٣ ، المغني ٢ : ٤٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

١٠٧

فروع :

أ ـ يجزئ الذكر والأنثى ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطلق لفظ الشاة (١) ، وهو يتناول الذكر والأنثى ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الثاني : تجب الأنثى ، لأنّ الغنم الواجبة في نصبها إناث (٢).

ب ـ يجوز أن يخرج من غنم البلد وغيره ، ومن غنمه وغيرها ، عملا بالإطلاق.

وقال الشافعي : يؤخذ من غالب غنم البلد سواء كانت شامية ، أو مكيّة ، أو عربيّة ، أو نبطيّة (٣) ، واختاره الشيخ (٤) ، فإن قصد بذلك الوجوب ، منعناه عملا بالإطلاق.

ولا فرق بين أن يكون ما يخرجه من الغنم من جنس غالب غنم البلد أو لا ، خلافا للشافعي (٥).

ولو عدل من جنس بلده إلى جنس بلد آخر أجزأ وإن كان أدون من غنم بلده ، خلافا للشافعي (٦).

ج ـ يجوز أن يخرج من الضأن أو المعز سواء كان الغالب أحدهما أو لا ، وسواء كان عنده أحدهما أو لا ، لقول سويد بن غفلة : أتانا مصدّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : أمرنا أن نأخذ الجذع من الضأن والثنيّ من‌

__________________

(١) انظر على سبيل المثال : سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ ـ ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ ـ ١٥٦٨ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٦ ، المجموع ٥ : ٤٢٢ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٤ ـ ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٥٥.

(٣) المجموع ٥ : ٣٩٨ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٦.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٨ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

(٦) المجموع ٥ : ٣٩٨ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

١٠٨

المعز (١) ، ولأنّ اسم الشاة يتناولهما ، وبه قال الشافعي (٢).

وقال مالك : ينظر إلى الغالب فيؤخذ منه ، فإن تساويا أخرج من أيّهما شاء ، وبه قال عكرمة وإسحاق (٣).

وما قلناه أولى ، فيخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين ، فإذا تساويا عددا وكانت قيمة المخرج من أحدهما اثني عشر ومن الآخر خمسة عشر أخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف ، ولو كان الثلث ضأنا وثلثان ماعزا (٤) أخرج ما قيمته ثلاثة عشر ، ولو انعكس أخرج ما قيمته أربعة عشر.

د ـ يجزئ إخراج البعير عن الشاة وإن كانت قيمته أقلّ من قيمة الشاة ، على إشكال ـ وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي (٥) ـ لأنّه يجزئ عن ستّ وعشرين فعن الأقلّ أولى.

وقال مالك وداود وأحمد : لا يجزئه ، لأنّه أخرج غير الواجب فلا يجزئه إلاّ بالقيمة (٦) ، ولا بأس به.

وكذا يجزئ إخراج المسنّة عن التبيع.

هـ ـ لو كانت الإبل كراما سمانا ففي وجوب كون الشاة كذلك إشكال ينشأ من الإطلاق ، ومن وجوب ذلك في المأخوذ من الإبل ، وأوجب الشافعي‌

__________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٤ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٧.

(٢) الام ٢ : ١١ ، مختصر المزني : ٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٧ ، الوجيز ١ : ٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٥.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣١٦ و ٣١٧ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٢٧ و ١٣٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المغني ٢ : ٤٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٦.

(٤) الماعز اسم جنس وهي العنز ، والجمع : معز. لسان العرب ٥ : ٤١٠.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ و ٣٩٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤٠ ، المغني ٢ : ٤٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨١.

(٦) المجموع ٥ : ٣٩٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٤١ ، المغني ٢ : ٤٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨١.

١٠٩

المساواة (١).

أمّا لو كانت الإبل مراضا ، فللشافعيّة في الشاة قولان (٢) : صحيحة تجزئ في الأضحية ، وشاة بقيمة المراض ، فيقال : كم قيمة الإبل صحاحا؟

فإذا قيل : مائة ، قيل : وكم قيمتها مراضا؟ فإذا قيل : خمسون ، قيل : كم قيمة الشاة الصحيحة المجزئة؟ فإذا قيل : عشرة ، أخذ شاة صحيحة قيمتها خمسة ، فإن أمكن أن تشترى بحيث تجزئ في الأضحية بهذه الصفة وإلاّ فرّق الدراهم.

و ـ يخرج عن الماشية من جنسها على صفتها ، فيخرج عن البخاتي بختية ، وعن العراب عربيّة ، وعن الكرام كريمة ، وعن السمان سمينة ، فإن أخرج عن البخاتي عربيّة بقيمة البختية ، أو عن السمان هزيلة بقيمة السمينة جاز ، لأنّ القصد التساوي في القيمة مع اتّحاد الجنس.

ومنع بعض الجمهور منه ، لما فيه من تفويت صفة مقصودة فلم يجز ، كما لو أخرج من غير الجنس (٣).

والحكم في الأصل ممنوع ، ولو قصرت القيمة فالوجه : عدم الإجزاء.

ولو أخرج عن اللئيمة كريمة ، وعن الهزيلة سمينة أجزأ بلا خلاف.

قال أبيّ بن كعب : بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصدّقا ، فمررت برجل فلمّا جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلاّ بنت مخاض ، فقلت له : أدّ بنت مخاض فإنّها صدقتك ، فقال : ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها ، فقلت : ما أنا بآخذ ما لم اؤمر به ، وهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت‌

__________________

(١) حلية العلماء ٣ : ٤٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٥ و ٣٩٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٤١ ـ ٤٢.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٤٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥١٣.

١١٠

عليّ فافعل ، فإن قبله منك قبلته ، وإن ردّه عليك رددته ، قال : فإنّي فاعل ، فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض عليّ حتى قدمنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال له : يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ منّي صدقة مالي ، وايم الله ما قام في مالي رسول الله ولا رسوله قط قبله ، فجمعت له مالي ، فزعم أنّ ما عليّ فيه بنت مخاض ، وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر ، وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة عظيمة ليأخذها فأبى ، وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله خذها ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ذاك الذي وجب عليك فإن تطوّعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك ) قال : فها هي ذه يا رسول الله قد جئتك بها ، قال : فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقبضها ، ودعا له في ماله بالبركة (١).

ويحتمل إجزاء أيّ الصنفين شاء في جميع ذلك إذا كان بالصفة الواجبة.

مسألة ٥٩ : ولا تؤخذ مريضة من الصحاح ، ولا هرمة ، ولا ذات عوار‌ أي : ذات عيب ، لقوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (٢).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلاّ ما شاء المصدّق ) (٣) أي : العامل.

فقيل : التيس لا يؤخذ ، لنقصه ، وفساد لحمه ، وكونه ذكرا (٤).

وقيل : لفضيلته ، لأنّه فحلها (٥).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « ولا تؤخذ هرمة ، ولا ذات عوار ، إلاّ أن يشاء المصدّق ، يعدّ صغيرها وكبيرها » (٦).

__________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ ـ ١٥٨٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٢ ، سنن البيهقي ٤ : ٩٦ ـ ٩٧.

(٢) البقرة : ٢٦٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، الموطّأ ١ : ٢٥٩ ـ ٢٣ ، وسنن الدارقطني ٢ : ١١٤ ـ ٢.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٨.

(٥) المغني ٢ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٨.

(٦) التهذيب ٤ : ٢٠ ـ ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ ـ ٥٦ و ٢٣ ـ ٦٢.

١١١

فروع :

أ ـ لو كانت الإبل كلّها مراضا جاز أن يأخذ مريضة ، ولا تجب صحيحة ، وبه قال الشافعي وأحمد (١) ، لأنّ المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب الخيار من الردي‌ء كالحبوب.

وقال مالك : تجب عليه صحيحة من غير المال (٢) ، لقوله عليه‌السلام : ( ولا ذات عوار ) (٣).

وهو محمول على ما إذا كان النصاب صحاحا.

ولو كانت كلّها مراضا إلاّ مقدار الفرض تخيّر بين إخراجه وشراء مريضة.

ولو كان النصف صحيحا ، والنصف مريضا أخرج صحيحة بقيمة المريضة.

ب ـ لو كانت كلّها مراضا ، والفرض صحيح لم يجز أن يعطي مريضا ، لأنّ في الفرض صحيحا ، بل يكلّف شراء صحيح بقيمة الصحيح والمريض ، فإذا كانت بنت لبون صحيحة في ستّ وثلاثين مراض كلّف بنت لبون صحيحة بقيمة جزء من ستّة وثلاثين جزءا من صحيحة ، وخمسة وثلاثين جزءا من مريضة.

ج ـ لو كان المال كلّه صحاحا ، والفرض مريض لم يجز أخذه ، وكان له الصعود والنزول مع الجبران ، أو يشتري فرضا بقيمة الصحيح والمريض.

د ـ لو كانت كلّها مراضا وليس فيها الفرض فأراد أن يصعد ويطلب‌

__________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، المغني ٢ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٨.

(٢) المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٣١ ، المغني ٢ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٦٩.

(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الهامش (٣) من الصفحة ١١١.

١١٢

الجبران لم يكن له ذلك ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل الجبران بين الفرضين الصحيحين (١) ، فلا يدفعه بين المريضين ، لأنّ قيمتهما أقلّ من قيمة الصحيحين ، وكذلك قيمة ما بينهما.

ولو أراد النزول ودفع الجبران جاز ، والمعيب كالمريض في ذلك كلّه.

هـ ـ لو كان عليه حقّتان ، ونصف ماله مريض ، ونصفه صحيح كان له إخراج حقّة صحيحة وحقّة مريضة ، لأنّ النصف الذي يجب فيه إحدى الحقّتين مريض كلّه.

وقال أحمد : لا تجزئ ، لأنّ في ماله صحيحا ومريضا فلا يملك إخراج مريضة ، كما لو كان نصابا واحدا (٢).

و ـ لو كانت كلّها صغارا أخرج منها ، وبه قال الشافعي (٣).

وقال مالك : تجب كبيرة (٤).

ز ـ لو كان الصحيح دون قدر الواجب كمائتي شاة ليس فيها إلاّ صحيحة أجزأ إخراج صحيحة ومريضة ، وهو أصح وجهي الشافعيّة.

والثاني لهم : إلزامه بصحيحتين ، لأنّ المخرجتين كما تزكّيان الباقي تزكّي كلّ واحدة منهما الأخرى فيلزم أن تزكّي المريضة الصحيحة وهو ممتنع (٥).

ونمنع كون كلّ منهما تزكّي الأخرى.

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري ٢ : ١٤٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٣ ـ ١١٤ ـ ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٢) المغني ٢ : ٤٦٦ ـ ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١١.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٥ ، المجموع ٥ : ٤٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٥٤.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٣.

(٥) المجموع ٥ : ٤١٩ ـ ٤٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧١.

١١٣

ح ـ لو كان له أربعون بعضها صحيح ، وبعضها مريض أخرج صحيحة قيمتها ربع عشر الأربعين التي يملكها ، لأنّ الواحد ربع عشر الأربعين.

ولو كان عنده مائة وإحدى وعشرون منقسمة أخرج صحيحتين قيمتهما قدر جزءين من مائة وإحدى وعشرين جزءا من قيمة الجملة وهو يغني عن النظر في قيمة آحاد الماشية.

ويحتمل التقسيط بالنسبة ، فلو كان نصف الأربعين صحاحا ، ونصفها مراضا ، وقيمة كلّ مريضة دينار ، وقيمة كلّ صحيحة ديناران أخرج صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة وهي دينار ونصف.

ط ـ لو كان المال كلّه معيبا أخذت معيبة ، ولو كان فيها سليم طولب بسليمة تقرب قيمتها من ربع عشر ماله ، وإن كان الكلّ معيبا ، وبعضها أردأ أخرج الوسط ممّا عنده.

ولو ملك ستّا وعشرين معيبة وفيها بنتا مخاض إحداهما أجود ما عنده لم يلزمه إخراجها ، وفي وجه للشافعي : وجوبه (١).

والعيب المعتبر في هذا الباب ما يثبت الردّ في البيع أو ما يمنع التضحية ، والوجهان للشافعية (٢) ، والأقرب : الأول.

ي ـ لو كانت ماشيته ذكرانا كلّها أجزأ أن يخرج منها ذكرا ـ وهو أحد وجهي الشافعي ـ كالمريضة ، وفي الآخر : لا يجوز ـ وبه قال مالك ـ لورود النصّ بالإناث (٣).

وقال بعضهم : إن أدّى أخذ الذكر في الإبل إلى التسوية بين نصابين لم يؤخذ وإلاّ أخذ ، فلا يؤخذ ابن لبون من ستّ وثلاثين ، لأنّه مأخوذ من ستّ‌

__________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ ، المجموع ٥ : ٤٢١.

(٢) المجموع ٥ : ٤٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٣.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢١ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٤ ـ ٣٧٦ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٣٠.

١١٤

وعشرين فيؤدّي إلى التسوية ، ويؤخذ حقّ من ستّ وأربعين ، وجذع من إحدى وستّين ، وابن مخاض من ستّ وعشرين (١).

والوجه عندي في ذلك اتّباع النصّ ، فلا يجزئ في ستّ وعشرين ابن مخاض ، ولا في ستّ وأربعين حقّ ، ولا جذع في إحدى وستّين ، لورود النصّ بالأنثى ، ويجزئ في غير ذلك كالغنم.

يا ـ لا يجزئ الصغار عن الكبار ، لورود النصّ بالسنّ ، نعم لو كانت كلّها صغارا أجزأ الواحد منها ـ وهو متعذّر في أكثر المواشي عند أكثر الجمهور ، لاشتراط حولان الحول فيخرج إلى حدّ الإجزاء (٢) ، ويتأتّى (٣) على مذهبنا ، ومذهب أبي حنيفة (٤) ، لأنّ الحول إنّما يبتدأ من وقت زوال الصغر ـ وهو أحد وجهي الشافعي (٥).

ويتصوّر على مذهبه (٦) بأن يحدث من الماشية نتاج في الحول ، ثم تموت الأمّهات ، ويبقى من النتاج النصاب فتجب الزكاة في النتاج إذا تمّ حول الأصل ـ وبه قال مالك ـ أو يمضي على صغار المعز حول فتجب فيها الزكاة وإن لم تبلغ سنّ الإجزاء عنده على الأظهر ، لأن سنّ إجزاء المعز سنتان (٧).

وفي الثاني : لا يجوز أخذ الصغيرة عن الصغار.

ومنهم من سوّغ في الغنم ، وفي الإبل والبقر ثلاثة أوجه :

المنع ، لما فيه من التسوية بين ستّ وعشرين من الإبل وإحدى وستّين‌

__________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٧٦.

(٢) راجع : فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ ، والمجموع ٥ : ٤٢٣.

(٣) بهامش نسخة « ن » : أي : ويتأتّى التعذّر على مذهبنا.

(٤) وهو : عدم انعقاد الحول على الصغار. راجع : بدائع الصنائع ٢ : ٣١ ـ ٣٢ ، وفتح العزيز ٥ : ٣٧٩.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، المجموع ٥ : ٤٢٣.

(٦) أي : مذهب الشافعي.

(٧) فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، المجموع ٥ : ٤٢٣.

١١٥

وما بينهما من النصابين في أخذ فصيل ، وبين ثلاثين من البقر وأربعين في أخذ عجل.

الثاني : المنع من أخذ صغيرة من إحدى وستّين فما دونها ، لأنّ الواجب واحد ، وفيما جاوز ذلك يعتبر العدد كالغنم.

والزم على هذا أنّ الواجب في إحدى وتسعين حقّتان ، وفي ستّ وسبعين بنتا لبون ، فالأولى على هذا أن يقال : إن أدّى أخذ الصغيرة إلى التسوية لم تؤخذ وإلاّ أخذت.

الثالث ـ وهو الأظهر ـ جواز (١) أخذها كما يؤخذ من الغنم (٢).

يب ـ الأقرب جواز إخراج ثنيّة من المعز عن أربعين من الضأن ، وجذعة من الضأن عن أربعين من المعز ـ وهو أحد وجهي الشافعي ـ لاتّحاد الجنس.

والثاني : المنع ، فيؤخذ الضأن من المعز دون العكس ، لأنّ الضأن فوق المعز (٣).

ولو اختلف النوع جاز إخراج مهما شاء المالك ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وأظهرهما : التقسيط ، وله آخر : التخيير إذا لم يمكن إخراج الصنفين ، فإن أمكن كمائتين من الإبل نصفها مهرية (٤) ، ونصفها عربية ، تؤخذ حقّتان من هذه ، وحقّتان من هذه ، وله رابع : الأخذ من الأجود ، وخامس : أن يؤخذا [ ل ] وسط (٥).

مسألة ٦٠ : لا تؤخذ الربّى ـ وهي الوالد ـ إلى خمسة عشر يوما‌ ، وقيل :

__________________

(١) ورد في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : عدم جواز .. وما أثبتناه من المصادر.

(٢) المجموع ٥ : ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ـ ٣٨١.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٤.

(٤) إبل مهرية : نسبة إلى قبيلة مهرة بن حيدان. لسان العرب ٥ : ١٨٦.

(٥) المجموع ٥ : ٤٢٤ ـ ٤٢٥ ، الوجيز ١ : ٨٢ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٥ ـ ٣٨٧ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٥.

١١٦

إلى خمسين ، لاشتغالها بتربية ولدها.

ولا الماخض ـ وهي الحامل ـ ولا الأكولة ـ وهي السمينة المعدّة للأكل ـ ولا فحل الضراب ، لقوله عليه‌السلام : ( إيّاك وكرائم أموالهم ) (١).

ونهى عليه‌السلام أن يأخذ شافعا (٢) أي : حاملا ، سمّيت به ، لأنّ ولدها قد شفعها.

فإن تطوّع المالك بذلك أجزأ ، ولو اتّصفت الكلّ بالماخض وجب إخراج ماخض ، وكذا الأكولة مع السوم.

وأما الربّى ففي أخذها إشكال ، للخوف على الولد ، فالأقرب إلزامه بالقيمة.

فروع :

أ ـ إذا وجب عليه جذعة وكانت حاملا لم يكن للساعي أخذها إلاّ أن يتطوّع المالك وكذا إذا وجب عليه سنّ فأعطى المالك أعلى جاز وكان متطوّعا بالفضل ، ولا نعلم فيه خلافا إلاّ من داود ، فإنّه قال : لا يجوز أخذ الحامل والأعلى من السنّ الواجب (٣) ، لأنّه عدل المنصوص فلم يجزئه.

ولقوله عليه‌السلام لمعاذ : ( إيّاك وكرائم أموالهم ) (٤).

والتنصيص على الأخفّ إرفاقا بالمالك فلا يمنع من الأعلى.

ب ـ لو تعدّد الفرض في ماشيته كان الخيار إلى المالك أيّ واحدة مجزئة‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، صحيح مسلم ١ : ٥٠ ـ ١٩ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٥ ـ ١٥٨٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١ ـ ٦٢٥ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦٨ ـ ١٧٨٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٢ ، ومسند أحمد ١ : ٢٣٣.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١٠٣ ـ ١٥٨١ ، سنن النسائي ٥ : ٣٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠.

(٣) المجموع ٥ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨ ، وحكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٥ ، المسألة ١٠.

(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في صدر المسألة.

١١٧

أخرجها جاز.

وقال بعض علمائنا : يقرع حتى تبقى الواجبة (١) ، وهو عندي على الاستحباب.

ج ـ إذا لم يظهر بالبهيمة الحمل ولكن طرقها الفحل لم يكن للساعي أخذها إلاّ برضا المالك ، وكانت كالحامل ينتقل إلى ما فوقها أو دونها.

المطلب الثاني

في زكاة الذهب والفضة‌

مسألة ٦١ : الذهب والفضّة تجب فيهما الزكاة‌ بالنصّ والإجماع.

قال الله تعالى ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) (٢) ولا يتوعّد بهذه العقوبة إلاّ على ترك الواجب.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما من صاحب ذهب ولا فضّة لا يؤدّي منها حقّها إلاّ إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم فيكوى جنبه وجبينه وظهره كلّما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد ) (٣).

وأجمع المسلمون كافّة على الوجوب مع الشرائط.

مسألة ٦٢ : يشترط في وجوب الزكاة في هذين أمور أربعة : الملك إجماعا ، والحول كذلك ، والنصاب أيضا ، وكونهما مضروبين منقوشين‌

__________________

(١) حكاه أيضا المحقق في شرائع الإسلام ١ : ١٤٧ ، وانظر : الخلاف للشيخ الطوسي ٢ : ٢٥ ، المسألة ٢١.

(٢) التوبة : ٣٤‌

(٣) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٠ ـ ٩٨٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ ـ ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ١٣٧.

١١٨

دراهم ودنانير عند علمائنا خاصة ، فلا زكاة في السبائك والنقار والتبر والحليّ ، لقوله عليه‌السلام : ( ليس في الحليّ زكاة ) (١).

ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه‌السلام : « ليس في سبائك الذهب ونقار الفضّة زكاة » (٢).

وقول الصادق والكاظم عليهما‌السلام : « ليس على التبر زكاة » (٣).

وقال الكاظم عليه‌السلام : « كلّ مال لم يكن ركازا فلا زكاة فيه » قلت : وما الركاز؟ قال : « الصامت المنقوش » (٤) ولأنّه يجري مجرى الأمتعة.

وأوجب الجمهور كافّة الزكاة في غير المنقوش كالتبر والنقار (٥) ـ وإن اختلفوا في الحليّ على ما يأتي (٦) ـ للعموم ، والخاصّ مقدّم.

مسألة ٦٣ : ولكلّ منهما نصابان وعفوان‌ عندنا على ما يأتي (٧) ، فأوّل نصاب الذهب عشرون مثقالا ، وعليه إجماع العلماء ـ إلاّ ما حكي عن الحسن البصري (٨) وشيخنا علي بن بابويه (٩) فإنّهما قالا : لا شي‌ء في الذهب حتى يبلغ أربعين مثقالا ـ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ليس في أقلّ من عشرين‌

__________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٧ ذيل الحديث ٤ ، وفيه عن جابر مقطوعا.

(٢) الكافي ٣ : ٥١٨ ـ ٨ ، التهذيب ٤ : ٨ ـ ١٩ ، الاستبصار ٢ : ٦ ـ ١٣.

(٣) التهذيب ٤ : ٧ ـ ١٨ ، الاستبصار ٢ : ٧ ـ ١٦.

(٤) المصادر في الهامش (٢) من هذه الصفحة.

(٥) الشرح الصغير ١ : ٢١٨ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٢٤٣ ، المجموع ٦ : ٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٩١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦ ـ ١٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٠٤ ، اللباب ١ : ١٤٨ ، المغني ٢ : ٥٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٠٠.

(٦) يأتي في المسألة ٧٠.

(٧) يأتي في نفس المسألة والمسألتين ٦٦ و ٦٨.

(٨) المجموع ٦ : ١٧ ، حلية العلماء ٣ : ٩٠ ، المغني ٢ : ٥٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩٧.

(٩) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١٠٣.

١١٩

مثقالا من الذهب ، ولا في أقلّ من مائتي درهم صدقة ) (١) وهو يدلّ بمفهومه على وجوبه في العشرين ، خصوصا مع اقترانه بالمائتين.

وقول علي عليه‌السلام : « على كلّ أربعين دينارا دينار ، وفي كلّ عشرين نصف دينار » (٢).

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شي‌ء ، فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة وعشرين ، فإذا كملت أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية وعشرين ، فعلى هذا الحساب كلّما زاد أربعة » (٣).

احتجّ ابن بابويه بقول الباقر والصادق عليهما‌السلام : « في الذهب في كلّ أربعين مثقالا مثقال ، وفي الورق في كلّ مائتين خمسة دراهم ، وليس في أقلّ من أربعين مثقالا شي‌ء ، ولا في أقلّ من مائتي درهم شي‌ء » (٤).

والجواب : يحتمل أن يكون أراد بالشي‌ء المنفي فيما دون الأربعين هو الدينار الواجب في الأربعين لأنه مجمل فيجوز بيانه بما قلناه جمعا بين الأدلّة.

مسألة ٦٤ : أوّل نصاب الفضة مائتا درهم‌ بإجماع العلماء.

لقوله عليه‌السلام : ( ولا في أقلّ من مائتي درهم صدقة ) (٥).

وقال عليه‌السلام : ( في الرقّة ربع العشر ، فإن لم يكن إلاّ تسعين ومائة‌

__________________

(١) الأموال ـ لأبي عبيد ـ : ٤٤٩ ـ ١٢٩١ ، ونقله عنه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٩٨.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٩٨ نقلا عن سعيد والأثرم ، وفي مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ١١٩ نحوه.

(٣) الكافي ٣ : ٥١٥ ـ ٥١٦ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٦ ـ ١٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢ ـ ٣٥.

(٤) التهذيب ٤ : ١١ ـ ٢٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣ ـ ٣٩.

(٥) المصادر في الهامش (١) من هذه الصفحة.

١٢٠