رسائل الشريف المرتضى - ج ٤

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]

رسائل الشريف المرتضى - ج ٤

المؤلف:

علي بن الحسين الموسوي العلوي [ الشريف المرتضى علم الهدى ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار القرآن الكريم
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٠

المسألة الحادية عشر

[القدرة على خلق الأجسام]

فإن قيل : فمن أين هذا أن تكون الأجسام خلق غيره ، فمن أقدره عليها من جسم آخر.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إنه إذا ثبت أن القدر لا يصلح لها فعل الأجسام وكان وقوع الأجسام بها محالا لم يصح ما ذكر في السؤال ، وقد ذكرت في الذخيرة والشيوخ (١) وغيرهما من كتب الشيوخ.

وبهذا توصلنا إلى إبطال قول المفوضة الذين قالوا : إن الله تعالى فوض إلى محمد (٢) وعلي عليهما السلام الخلق والرزق وغير ذلك.

المسألة الثانية عشر

[القدرة على الاختراع من غير مباشرة]

فإن قيل : ما تنكرون أن يعطيه قدرة على الاختراع من غير مباشرة ولا تولية (٣).

(الجواب) وبالله التوفيق :

إنه إذا كان مستحيلا بالقدرة فعل الجسم ، لأن القدرة لا يصح الفعل بها إلا باستعمال محلها في الفعل إن كان مباشرا أو في سبب الفعل إلى اثنين من حيث كان

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) في الأصل " آل محمد ".

(٣) في الأصل " ولا متولدة ".

٢١

في العالم خير وشر ، ولا يجوز أن يكون الخير والشر من فاعل واحد (١).

المسألة الثالثة عشر

[وقوع الخير والشر من فاعل واحد]

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن الخير والشر لا يستحيل وقوعهما من فاعل واحد ، ولهذا يفعل الواحد منا (٢) الخير والشر.

وإذا كان كذلك فما الملزم (٣) لنا أن يكونا فاعلين ، وإنما كان يجب ذلك لو كان الخير يقع من فاعل واحد مستحيل أن يقع الشر منه ، والشر يقع عن فاعل يستحيل أن يقع عنه [.] (٤) ، فلا وجه لاثبات الاثنين.

المسألة الرابعة عشر

[تعقل الشئ من دون أن يكون جسما]

[...] هو لا ظلمة ولا ضياء ولا زمان ولا مكان ولا شئ [...] (٥).

(الجواب) وبالله التوفيق :

__________________

(١) اختلط هنا بقية جواب المسألة الثانية عشر وصدر السؤال من المسألة الثالثة عشر ،

كما يظهر عند إمعان النظر في العبارة.

(٢) في الأصل " منها ".

(٣) في الأصل " فما الملزوم ".

(٤) بياض في النسخة.

(٥) بياض في النسخة.

٢٢

إذا كانت الظلمة اسما لجسم [فيه سواد والضياء اسما لما] (١) فيه بياض والزمان اسما لحركات الفلك والمكان اسما لما اعتمد عليه جسم آخر ، وكان جميع ذلك معلقا بالأجسام والأعراض التي قد ثبت أنها محدثة ، فالمحدث لا بد أن يكون وجوده لم يكن ولا يتصور ، وقد عقل يعني الظلمة والضوء والزمان والمكان ، لأنه تعلق بوجود الأجسام والأعراض ، وقبل وجودها لا يجب أن يكون شيئا.

المسألة الخامسة عشر

[حدوث شئ ولا من شئ]

فإن قيل : كيف يعقل حدوث شئ ولا من شئ.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن أراد كيف يعقل حدوث شئ ولا من شئ موجود ، فإنه يعقل ذلك ، لأن الشئ إذا كان موجودا أو محدثا فقد صح وجوده وإحداثه واستغنى بوجوده عن وجود ثان. وإن أراد من شئ معدوم فما حدثت الأشياء إلا من أشياء معدومة ، لأن الأجسام والأعراض كانت معدومة قبل وجودها ثم وجدت ، وقد عقل حدوث شئ لا من شئ موجود.

المسألة السادسة عشر

[الإضافة إلى الطبع مضاف إلى العرض]

فإن قيل : لم لا يكون قديم العالم [...] (٢).

__________________

(١) الزيادة منا لاستقامة الكلام.

(٢) بياض في النسخة.

٢٣

(الجواب) وبالله التوفيق :

[...] (١) أولا معقولة حتى يقال أوجبته الطبائع [...] الطبائع إلا بأنها لا تعقل ، لأن كل ما تضيفونه إلى الطبع مضاف عندنا إلى عرض من الأعراض أو إلى غيره مما دل الدليل عليه ، فمن ادعى أنه يرجع إلى طبع فعليه الدلالة.

وإذا ثبت أن الطباع معقولة صح إثبات إضافة ما يريد اضافته إليه ، وإذا لم تكن معقولة فقد بطل ما قاله من أصله واستغنينا عن الكلام معه.

المسألة السابعة عشر

[استغناء الطبائع أو عدمه]

فإن قيل : فما تنكر أن تكون الطبائع حية قادرة عالمة قديمة مستغنية عن محل أو غيره.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن هذه المسألة تجري مجرى التي قبلها ، وإنما يصح الكلام في أن الطبائع حية وقادرة أو عالمة أو قديمة أو غير ذلك إذا ثبتت الطبائع ، فأما إذا لم تثبت فلا معنى للكلام في صفاتها ، لأن الصفات فرع ، فإذا بطل الأصل بطل الفرع.

__________________

(١) بياضات في النسخة.

٢٤

المسألة الثامنة عشر

[تمثل جبرئيل في صورة دحية الكلبي]

نزول جبرئيل عليه السلام بالوحي في صورة الكلبي (١) كيف كان يتصور بغير صورته ، ثم هو القادر عليها أو القديم تعالى يشكل وليست صورة جبرئيل ، فإن كان الذي من القرآن من صورة غير جبرئيل ففيه ما فيه ، وإن كان من جبرئيل فكيف يتصور بصورة البشر. وهذه القدرة قد رويت أن إبليس يتصور وكذلك الجن.

أريد توضيح أمر الفلك وما كان يسمعها جبرئيل من الوحي أمن الباري تعالى أم من [وراء] (٢) حجاب ، وكيف كان يبلغه وهو جبرئيل يعلم من صفات الباري أكثر مما نعلمه أو مثله ، وأين محله من السماء ، وهل القديم إذا خطر ببال جبرئيل يكون متحيرا فيه مثلنا ويكون سبحانه لا تدركه الأوهام ، أو منزه علينا وجميع الملائكة أيضا.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن نزول جبرئيل عليه السلام بصورة دحية كان لمسألة من النبي صلى الله عليه وآله لله تعالى في ذلك ، فأما تصوره فليس بقدرته بل الله تعالى يصوره كذلك حقيقة لا شكلا (٣).

__________________

(١) لقد تمثل جبرئيل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في صورة دحية بن خليفة الكلبي في مواقع عديدة. أنظر : سفينة البحار ١ / ٤٤١ ، الإصابة ٢ / ١٦١ ، أسد الغابة ٢ / ١٣٠.

(٢) في الأصل : إن الباري تعالى أمن حجاب.

(٣) في الأصل " لا شكيك ".

٢٥

والذي كان يسمعه (١) النبي صلى الله عليه وآله من القرآن من جبرئيل في الحقيقة كان، فأما إبليس والجن فليس يقدران (٢) على التصور.

وكل قادر بقدرة فحكمهم (٣) سواء في أنهم لا يصح أن يصوروا (٤) نفوسهم ، بل اقتضت المصلحة أن يتصور بعضهم بصورة يصوره الله تعالى للمصلحة.

فأما جبرئيل عليه السلام وسماعه الوحي فيجوز أن يتكلم الله تعالى بكلام يسمعه فيعلمه ، ويجوز أن يقرأه من اللوح المحفوظ.

فأما ما يعلم جبرئيل من صفات الله تعالى ، وطريقه الدليل ، وهو والعلماء فيه واحد.

فأما محله من السماء ، فقد روي أنه في السماء السابعة (٥).

فأما ما يخطر بباله ، فلا يجوز أن يتجوز فيه ، لأن جبرئيل عليه السلام معصوم لا يصح (٦) أن يفعل قبيحا.

المسألة التاسعة عشر

[معنى الصفة في القديم تعالى]

قول أبي علي الجبائي أن القديم تعالى بكونه سميعا بصيرا صفة زائدة ، أريد

__________________

(١) في الأصل " يسميه ".

(٢) في الأصل " يقدر ".

(٣) في الأصل : فحمك هم.

(٤) في الأصل : أن يصور.

(٥) أنظر حول جبرئيل : بحار الأنوار ٥٩ / ٢٤٨ ـ ٢٦٥. ولم نجد الحديث المزمع

إليه في الكتاب.

(٦) في الأصل " لا يفتح "

٢٦

أن توضح الصفة هل تجعلونها مثل القدرة والعلم أو غير ذلك؟

(الجواب) :

إن الصفة في الأصل هي قول الواصف ، فأما الصفة التي [يوصف] تعالى بكونه [قادرا] (١) وعالما وغير ذلك ، فالمراد بها فاعلة الذات من الحال التي يختص بها ، سواء كانت للنفس أو للمعنى أو لفاعل.

فأما القدرة والعلم فليست عندنا صفة ، إنما يسميها الصفاتية أصحاب الأشعري وأما نحن فنسمي الصفة والحال ما أوجبته القدرة والعلم من كونه قادرا أو عالما أو [ما] يجري (٢) مجرى ذلك.

المسألة العشرون

[كلام الله تعالى كيف يكون]

كلام الله تعالى هل يكلم به أو أحدثه مثل غيره من المحدثات ، وكلامه لموسى عليه السلام من الشجرة كيف كان وقد كان تعالى وما كان أن يكلمه الله إلا وحيا.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إنه إذا أحدثه فقد تكلم به ، لأن المتكلم هو فاعل الكلام ، فإذا فعل الكلام فقد تكلم به وقد أحدثه ، والمعنى فيهما واحد.

وأما كلام موسى عليه السلام من الشجرة ، فالله تعالى كلمه ، ولذلك قال (وكلم

__________________

(١) الزيادتان منا لاستقامة الكلام.

(٢) في الأصل " أو يجرى ".

٢٧

الله موسى تكليما) (١).

وأما قوله (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب) (٢) ، فقد قال أيضا (أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا) فمن بعضها [يفسر] (٣) بعض.

المسألة الحادية والعشرون

[حول الكعبة والميثاق والعقل والروح]

الكعبة كانت قبلة من تقدمنا أولنا لإبراهيم عليه السلام (٤).

وقول الحجاج للحجر (وفيت بعهدي وتعهدت ميثاقي) (٥) ، أيسمع الحجر ذلك أو يحدث فيه يوم القيامة العلم بذلك ، وهل الميثاق له (٦) أصل ، فإن كان هناك ميثاق فيجب أن نذكره إن كنا عقلاء في ذلك الوقت ، وإن كنا غير ذلك فحوشي أن يؤخذ الميثاق على غير عاقل. فأيضا فهذا مما يقوى به أصحاب التناسخ ، لأنهم يحتجون علينا بأن الأرواح مخلوقة قبل الأبدان بألفي عام.

وأريد أيضا أن تشرح صورة الأرواح هل خلقت قبل الأبدان أم لا ، وأكثر تعلقهم بهذا الخبر وكون الأرواح قديمة قبل الأجسام.

وهذه الأرواح إذا فارقت الأبدان هل تحس أم لا ، وهل الحسيات عليها وعلى

__________________

(١) سورة النساء : ١٦٤.

(٢) سورة الشورى : ٥١.

(٣) الزيادة منا.

(٤) كذا في النسخة.

(٥) أنظر وسائل الشيعة ٥ / ٤٠٧ ٤٠٢ ، ففي أحاديث وردت هذه الجملة " أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ".

(٦) في الأصل " وهو الميثاق ".

٢٨

الأبدان أو عليها وحدها.

وإذا نام الإنسان ما يعدم من البدن منها وما الذي يبقى فيه.

والعقل أين مستقره من البدن ، وهل هو في العالم سواء أو يتفاضل الناس فيه وهل الأنبياء والأئمة عليهم السلام لهم علينا مزية فيه أو نحن وهم فيه سواء ، بأن اكتساب علوم فلا بد (من أصل الماء أعني) (١) بذلك الأصل ، وهل يكبر مع الصبي كلما كبر أو الذي يكسبه علوم.

والروح في الإنسان لم روح ، وأين مستقر العقل ، وهل هو داخل فيها أو خارج عنها ، والانسان من هو؟

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن الكعبة معلوم أنها قبلتنا ، وأما كونها قبلة من تقدمنا فغير معلوم ، وهو مجوز.

وأما قول الحجاج للحجر ، فإنا تعبدنا بذلك أن نقول هذا اللفظ عند الحجر وكيف يجوز أن يسمع الحجر والسمع يفتقر إلى كونه حيا ومعلوم أنه جماد.

وأما قوله (هذا الميثاق) الأصل ميثاق الذر ، وهو قوله (ألست بربكم قالوا بلى) (٣).

وليس الأمر كذلك ، لأن الميثاق الذي يعنيه هو الميثاق الذي أخذه الله تعالى علينا بالحج على لسان نبيه صلى الله عليه وآله ، وإذا كان كذلك ولا مالة (كذا) (٤) علينا إلا في خطابه للحجر ، وقد قلنا إنه عبادة من الله تعالى لنا بذلك.

وأما قوله إن هذا [...] (٥) أهل التناسخ.

__________________

(١) كذا والعبارة غير مستقيمة.

(٢) كذا.

(٣) سورة الأعراف : ١٧٢.

(٤) كذا في النسخة.

(٥) بياض في الأصل.

٢٩

فقد بينا في مواضع من كلامنا وكلام شيوخنا بطلان التناسخ بأدلة لا يمكن دخول الشبهة عليها ، فكيف يرجع عليها بمثل ذلك.

فأما قوله : إنهم قالوا إن الأرواح مخلوقة قبل الأبدان بألفي عام.

فمن جملة الدعاوي الباطلة التي يفتقرون في تصحيحها إلى الأدلة الظاهرة ، ولا دليل. ونحن فقد دللنا على حدوث الأجسام جميعها روحا كانت أو غير روح ، ودللنا على حاجتها إلى محدث في مواضع. وعمدة كلامهم على أن الروح نفسها حية ، والحي عندنا هو الجسم الذي الروح له. وهذه المسألة مبنية على معرفة الإنسان الحي الفعال من هو ، فإذا عرف سقط كلامهم وثبت ما نقوله.

ومن الذي يسلم لهم أن الأرواح قديمة ، والأرواح عندنا جملة من الأجسام ، وقد دللنا على حدوثها.

وقوله : وهذه الأرواح إذا فارقت الأبدان هل تحس.

فقد قلنا : إن الذي يحس هو الحي ، والحي هو الذي تحله الحياة ، وهو الجملة التي تدرك المدركات. وإذا كانت الأرواح إذا انفردت لا يكون لها هذا الحكم لم يجز أن تحس (١) ، لأن الحس عبارة عن إدراك.

وقوله : وهل الحساب عليها أو على الأبدان.

والحساب على الحي المكلف المأمور المنهي ، وإذا كانت الأرواح لا تقوم بنفسها ـ أعني عن كونها حية ـ وإنما هي تابعة فالحساب على من هي تابعة له لا عليها.

وأما قوله : إذا نام الإنسان ما الذي يعدم من البدن وما الذي يبقى.

فالروح عندنا عبارة عن الهواء المتردد في مخارق الحي ، وهذا الهواء الحال

__________________

(١) في الأصل " أن يحسن ".

٣٠

في حالتي النوم والانتباه (١).

وقوله : والعقل أين مستقره.

فمستقره القلب ، وقد ذكرنا ذلك في مسألة أخرى ، وقد قلنا : إن الناس فيه سواء لا يتفاضلون. ولا مزية للأنبياء عليهم السلام علينا فيه ، وإنما المزية (٢) في علوم أخرى.

وقوله : وهل يكبر مع الصبي.

فإنه من فعل الله تعالى ، وهو مجموع علوم بين الناس فيه خلاف هل يكون في من ليس بعاقل يعضد أم لا. والظاهر أن الله تعالى يفعله (٣) متى شاء بأن يفعله صغيرا كان من يفعله فيه أو كبيرا ، لأنه يتعلق به باختياره تعالى متى [شاء] (٤) أن يفعله فعله ، وقد فعله لعيسى عليه السلام وهم أطفال.

وقوله : والروح في الإنسان ثم روح.

والروح روح واحدة ، وقد قلنا إنها عبارة عن الهواء المتردد في مخارق الحي ، وإذا لم يكن في مخارق حي فهو هواء وروح.

وقوله : وأين مستقرها.

فقد قلنا : مخارق الحي.

وقوله : أين مستقر العقل منها.

فليس الروح هي العاقلة ، وتكون الروح داخلة في العقل ولا العقل فيها.

__________________

(١) في الأصل " في الانتباه ".

(٢) في الأصل " وإنما المزيلة ".

(٣) في الأصل " لفعله ".

(٤) الزيادة منا.

٣١

وقوله : والانسان من هو.

فهذه المسألة أصل لجميع (١) هذه المسائل ، وهي مسألة طويلة لا يحتملها هذا الموضع ، وقد أشرنا إلى تفصيلها.

المسألة الثانية والعشرون

[أول ما خلق الله تعالى]

إذا كان القديم تعالى قديما فيما لم يزل فكيف يقطع عليه أن [.] (٢) السماوات والأرض وما فيهما أول ابتداء خلقه ، فهل الشريعة تقطع بذلك أو غيره. توضح ذلك وهو قديم فيما لم يقطع بذلك.

(الجواب) وبالله التوفيق :

أنا لا نقطع على أن السماوات والأرض أول ما خلق ، وذلك فجوز (٣) الله تعالى هو العالم بذلك ، وليس في العقل ولا في الشرع ما يقطع به عن ذلك.

المسألة الثالثة والعشرون

[حقيقة الفراغ وهل له نهاية]

الفراغ له نهاية ، والقديم تعالى يعلم منتهى نهايته ، وهذا الفراغ أي شئ هو. وكذلك الطبقة الثانية من الأرض والثامنة من السماء نقطع أن هناك فراغا

__________________

(١) في الأصل " لجميعهم ".

(٢) بياض في النسخة.

(٣) كذا.

٣٢

أم لا ، فإن قلت لا طالبناك بما وراء الملاء ، وهل القديم تعالى يعلم أن هناك نهاية ، فإن قلت نعم طالبناك أي شئ وراء النهاية؟

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن الفراغ لا يوصف بأنه منتهاه ولا أنه غير منتهاه على وجه الحقيقة ، وإنما يوصف بذلك مجازا واتساعا.

وأما قوله : وهذا الفراغ أي شئ هو. فقد قلنا إنه لا جوهر ولا عرض ولا قديم ولا محدث ولا هو ذات ولا معلوم كالمعلومات.

فأما الطبقة الثانية من الأرض فما نعرفها ، والذي نطق به القرآن (سبع سماوات طباقا) (١) (ومن الأرض مثلهن) (٢). فأما غير ذلك فلا طريق يقطع به من عقل ولا شرع.

المسألة الرابعة والعشرون

[تكليف أهل جابرقا وجابرسا]

قول الحسن والحسين عليهما السلام : ما بين جابرقا وجابرسا حجة لله غيرنا. هل هذه جابرقا وجابرسا لهما تحقيق وما تكليفهم.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إن الخبر قد ورد بذلك ، ولا يقطع عليه بصحة ولا بطلان ، لأنه من أخبار

__________________

(١) سورة نوح : ١٥.

(٢) سورة الطلاق : ١٢. والآية " الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ". ولعله قصد هذه الآية فجاءت كلمة " طباقا " عفوا.

٣٣

الآحاد ، فلن نقطع (١) على صحته ، فإن قد اتصل بهم خبر نبينا عليه السلام فهم متعبدون بما في العقل وشريعته ويجرون مجرانا ، وإن لم يكن قد اتصل بهم خبر نبينا عليه السلام فهم متعبدون بما في العقل فقط.

المسألة الخامسة والعشرون

[تكليف الأطفال يوم القيامة]

الأطفال ما حكمهم يوم القيامة ، أطفال المؤمنين والكافرين ، يعني من له أربعون يوما وما زاد عليه.

(الجواب) وبالله التوفيق :

المروي أن [أولاد] (٢) المؤمنين يدخلون الجنة تفضلا عليهم ، أو يرون بذلك سرور آبائهم ، فيكون من جملة ثواب الآباء. فأما أولاد الكفار فحكمهم حكم غيرهم ممن ليس بعاقل في أنه يعاد للعرض ثم يصير ترابا.

المسألة السادسة والعشرون

[عقاب من قاتل إماما]

من قاتل إماما عادلا وهو مؤمن بجميع الشريعة إلا خروجه على الإمام وقتل ولم يصح منه توبة ، هل يجوز أن يقتص منه بقدر ظلمه للإمام ويدخل الجنة.

(الجواب) وبالله التوفيق :

__________________

(١) في الأصل " فإن قطع ".

(٢) زيادة منا لاستقامة الكلام.

٣٤

مقاتلة الإمام العادل كفر [.] (١) عقاب فاعله عقاب الكفار على وجه الدوام ، ولا يصح العفو عنه والشفاعة فيه ، ولا يسقط عقابه إلا بالتوبة.

المسألة السابعة والعشرون

[الملائكة والجن بعد انتهاء التكليف]

إذا حصل أهل الجنة في الجنة ما حكم الملائكة ، هل يكونوا في جنة بني آدم أو غيرها ، وهل يراهم البشر ، وهم يأكلون ويشربون مثل البشر أو تسبيح وتقديس ، وهل يسقط عنهم التكليف. وكذلك الجن.

(الجواب) وبالله التوفيق :

إنه يجوز أن يكونوا في الجنة مع بني آدم ، ويجوز أن يكونوا في جنة ، سواها ، فإن الجنان كثيرة : جنة الخلد ، وجنة عدن ، وجنة المأوى ، وغير ذلك مما لم يذكره الله تعالى.

وأما في رؤية البشر لهم فلا تصلح إلا على أحد الوجهين : إما أن يقوي الله تعالى(٢) ، أو يكيف الملائكة.

وأما الأكل والشرب فمجوز ، والله تعالى ينبئهم بما فيه لذتهم ، فإن جعل لذتهم في الأكل والشرب جاز ، وإن جعلها في غيره جاز.

وأما التكليف فإنه يسقط عنهم ، لأنه لا يصح أن يكونوا مكلفين مثابين في حالة واحدة.

والكلام في الجن يجري هذا المجرى.

__________________

(١) بياض في النسخة.

(٢) كذا ، ولعل الصحيح : أما أن يقوي الله تعالى رؤية البشر.

٣٥
٣٦

(جوابات المسائل المصريات)

٣٧
٣٨

بسم الله الرحمن الرحيم

المسألة الخامسة من المسائل الواسطيات

[إنكاح النواصب والغلات]

هل يجوز للمؤمن أن يزوج ابنته الناصب أو الغالي أو فيها (١) ما يخرج من حد النكاح إلى السفاح ، وما الفرق بينهما في هذه الحالة ، وما حقيقة بعدهما جمعا من حقائق الإسلام على مقتضى الاعتقاد وأصول الدين؟

(الجواب) وبالله التوفيق :

الناصب كالغالي في الكفر والخروج عن الإيمان ، ولا يجوز مناكحة كل واحد منهما مع الاختيار. ولا فرق بينهما في أنهما كافران لا يتعلق عليهما أحكام أهل الإسلام.

فأما مقادير عقاب كل واحد منهما وزيادة بعضه على بعض أو نقصانه فمما يعلمه الله تعالى ولا طريق لنا إلى تحقيقه وتفصيله.

__________________

(١) كذا.

٣٩

المسألة السادسة من الواسطيات

[ميراث أهل الذمة]

هل يرث المسلم ممن مات من أهل بيته ممن هو من أهل الذمة على مقتضى الشريعة أو الإسلام يمنعه من ميراث أهل المخالفين لملته ، لقول النبي صلى الله عليه وآله : أهل ملتين لا يتوارثون. بحسب ما ذكره ابن محبوب (ره) في كتاب المشيخة (١).

(الجواب) وبالله التوفيق :

إنه لا يختلف أصحابنا في أن المؤمن يرث الكافر وإن كان الكافر لا يرث المؤمن وما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله ((إن أهل ملتين لا يتوارثون)) إن كان صحيحا فإنه خبر واحد غير مقطوع به ، فمعناه أن كل واحد منهما لا يرث صاحبه وذلك لا يمنع من أن يورث المسلم الكافر ، لأن التوارث تفاعل ولا يكون إلا بين اثنين على كل واحد واحد ، وإذا كان من جهة واحدة لم يكن تفاعلا ولا توارثا.

المسألة السابعة من الواسطيات

[الصلاة في ثوب إبريسم ممزوج]

مع ثبوت الخبر أنه لا يجوز الصلاة في ثوب إبريسم إلا أن يكون ممزوجا بقطن أو كتان، فهل تجب الصلاة في ثوبين أحدهما إبريسم والآخر كتان وجوبهما جميعا مجرى الثوب الممزوج إذا كان المعتمد في ذلك نقض الصلاة في الحرير

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٧ / ٣٧٧.

٤٠