تراثنا ـ العددان [ 83 و 84 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 83 و 84 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٦٢

الأعلام ٩ : ١٧١ ، هدية العارفين ٢ : ٥١٧ ، معجم المؤلّفين ١٣ : ١٩١.

Brockelmann g, I: ١٨٦, s, I: ٣١٥ ـ ٣١٦.

Supplement p.p. ١٣٦, No. ٢١٣.

(٢٢)

نسخة أُخرى

Or. ٣٧٩٨

مجهولة الناسخ ، تمّ الفراغ من المجموع بكامله ، ضحوة يوم الاثنين ، ثامن عشر شهر شعبان ... عام اثنتين وسبعين وماية وألف (١١٧٢) من الهجرة.

ضمن مجموع من الورقة ١٦٩/ ب ـ ١٧٤/ ب ، ٣٠ × ٥ / ٢١ سم. في كلّ صفحة ٢٧ سطراً × ٥ / ١٢ سم.

Supplement p.p. ١٢٧, No. ٢٥٦.

(٢٣)

تحرير الأحكام الشرعية

Or. ٨٣٢٩

تأليف : أبي منصور ، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الحلّي ، المعروف بالعلاّمة ، المولود سنة ٦٤٨ ، والمتوفّى سنة ٧٢٦ هجرية.

اقتصر فيه على مجرّد الفتوى وترك الاستدلال ، لكنّه استوعب الفروع والجزئيات حتّى أنّه أُحصيت مسائله فبلغت أربعين ألف مسألة ، رتّبها على ترتيب كتب الفقه ، في أربع قواعد للعبادات ، والمعاملات ، والإيقاعات ، والأحكام. بادياً بمقدّمة ذات مباحث في معنى الفقه وفضله وآدابه ومعرفته

٣٦١

وعدم كتمانه.

يبدأ هذا المجلّد بكتاب الفراق وتوابعه إلى آخر كتاب الديّات.

أوّله بعد البسملة : القاعدة الثالثة في الإيقاعات ، وفيها كتب ، كتاب الفراق وفيه مقاصد ، المقصد الأوّل في الطلاق ، وفيه فصول ...

نسخة نفيسة ، لعلّها بخطّ مؤلّفها ، جاء في آخر الورقة (٨٤) ما صورته : تمّ الجزء الثالث من كتاب تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الاماميّة والحمد لله ... وذلك في يوم الجمعة ، خامس عشر من شهر الله الأصب رجب المبارك ، من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة الهلاليّة ، ويتلوه في الجزء الرابع كتاب الميراث بحمد الله ...

ينقص من الكتاب الصفحة الأخيرة فقط ، وقد أكملت مؤخّراً بخطّ حديث.

نسخة نفيسة ، في ١٧٨ ورقة ، ٣ / ٢٤ × ١٦ سم. في كلّ صفحة ٢٥ سطراً × ٥ / ١٣ سم.

* الذريعة ٣ : ٣٧٨ ، إيضاح المكنون ١ : ٢٣١ ، البداية والنهاية ١٤ : ١٢٥ ، النجوم الزاهرة ٩ : ٢٦٧ ، معجم المؤلّفين ٣ : ٣٠٣.

Brockelmann: g, I: ١٦٤, s, II: ٢٠٦ ـ ٢٠٩.

(٢٤)

نسخة منه

Add. ٦٥٣٣

تبدأ بكتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديّات.

أوّله بعد البسملة : الحمد لله المتقدّس بكماله عن مشابهة

٣٦٢

المخلوقات ، المتنزّه بعلوّه عن مشاركة الممكنات ، القادر على إيجاد الموجودات ... أمّا بعد ، فإنّ هذا الكتاب الموسوم بتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية ، قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهيّة ، وأوردنا فيه أكثر المطالب التكليفيّة ...

آخرها : فهذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب ... ومن أراد الغاية ، وقصد النهاية ، فعليه بكتابنا الموسوم بمنتهى المطلب في تحقيق المذهب ، والله الموفّق للصواب.

مجهولة الناسخ ، تمّ الفراغ من نسخها سنة ١١٠١ هجرية ، جاء ذلك في الصفحة الأخيرة منه بلفظ : قد وقع الفراغ من نسخه من نسخة صحيحة ومقابلة منها ، في شهر جمادى الآخرة من شهور سنة (١١٠١) إحدى ومائة بعد الألف من الهجرة.

في ٤٥٢ ورقة ، ٢٦ × ٥ / ١٧ سم. في كلّ صفحة ٢٧ سطراً × ١٢ سم.

للموضوع صلة ...

٣٦٣

مـصطلحـات نحـويّـة

(٢٨)

السـيّد علي حسـن مطر

أربعة وخمسون : مصطلح الإلغاء

لغة :

للإلغاء في اللغة معنيان ، هما : الإبطالُ ، والإلقاءُ أو الإسقاط ؛ يقال : «ألغى الشيءَ : أبطلَه ، وألغاهُ من العَدَدِ : ألقاه منه» (١) ..

وقال في اللسان : «ألغيتُ الشيءَ : أبطلتُه ، وكان ابن عبّـاس رضي‌الله‌عنهيُلغي طلاقَ المكرَه ، أي : يُبطلهُ» (٢).

والمعنى الأوّل هو الأوفق بالمعنى الاصطلاحي النحوي ، كما سيتّضـح.

اصطلاحاً :

وقد استعمل النحاة كلمة «الإلغاء» بمعناها الاصطلاحي في وقت

__________________

(١) مختار الصحاح ، محمّـد بن أبي بكر الرازي ، مادّة «لغا».

(٢) لسان العرب ، ابن منظور ، مادّة «لغا».

٣٦٤

مبكّر ، وخصّوها بجواز إبطال عمل الأفعال القلبية المتصرّفة الداخلة على المبتدأ والخبر والناصـبة لكلّ منهما ..

قال سيبويه (ت ١٨٠ هـ) : «هذا باب الأفعال التي تُستعمل وتُلغى ، فهي : ظننتُ ، وحسبتُ ، وخلتُ ، وأُريتُ ، ورأيتُ ، وزَعمتُ ، وما يتصرّف من أفعالهنّ ، فإذا جاءت مستعمَلة فهي بمنزلة : رأيتُ وضربت وأعطيتُ في الإعمال ؛ تقول : أظنُّ زيداً منطلقاً ، وزيداً أظنّ أخاك. فإذا ألغيتَ قلتَ : عبدُ الله أظنُّ ذاهبٌ. وكلّما أردت الإلغاء فالتأخير أقوى ، وكلٌّ عربي جـيّد» (١) ..

ومرادهُ : التأخير في قبال توسّطها بين معموليها ، لا في قبال تقدّمها عليهما ، ذلك أن جمهور النحاة البصريين لا يجيزون إلغاءها متقدّمةً على معموليها.

قال المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) : «فالذي تلغيه لا يكون متقدّماً ، إنّما يكون في أضعاف الكلام ، ألا ترى أنّك لا تقول : ظننتُ زيد منطلقٌ» (٢).

وقال ابن السّراج (ت ٣١٦ هـ) : «ويجوز لك أن تلغي الظنَّ إذا توسّط الكلام أو تأخّر ، وإن شئت أعملته ... ولا يحسن أن تلغيه إذا تقدّم» (٣).

ونجـدُ مثلَ هذا المضـمون لدى كلّ من الزجّاجي (ت ٣٢٧ هـ) (٤) ،

__________________

(١) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ١ / ١١٨ ـ ١١٩.

(٢) المقتضـب ، محمّـد بن يزيد المبرّد ، تحقيق عبـد الخالق عضيمة ٢ / ١١.

(٣) الأُصول في النحو ، ابن السّراج ، تحقيق عبـد الحسين الفتلي ١ / ١٨٠.

(٤) الجُمل ، أبو القاسـم الزجّاجي ، تحقيق ابن أبي شنب : ٤٣.

٣٦٥

وأبي عليّ الفارسي (ت ٣٧٧ هـ) (١).

وأمّا ابن جنّي (٣٩٢ هـ) فقد رجّح إلغاءَ هذه الأفعال متأخّرةً على إعمالها (٢) ، وممّن تابعه على ذلك ابن الخشّاب (ت ٥٦٧ هـ) ؛ فقد ذكر أنّه في حال تأخّر الفعل عن المبتدأ والخبر «تكون أيضاً مخيّراً بين الإلغاء والإعمال ، والإلغاء أجود ؛ لتراخي الفعل عن أقوى أماكنه ، وهو الصدر ، وضـعفه لوقوعه آخـراً» (٣).

وذهب كلّ من : ابن بابشاذ (ت ٤٦٩ هـ) ، وابن معطي (ت ٦٢٨ هـ) إلى ترجيح إعمالها على إلغائها حال توسّطها بين المعمولين ..

قال ابن بابشاذ : «وإن وقعت وسطاً بين الاسمين ، جاز وجهان ... والإعمال أجود ... وإن وقعت أخيراً جاز أيضاً وجهان ، أجودهما الإلغاء» (٤).

وقال ابن معطي : «ولا يخلو [العامل] من أن يتقدّم على المفعولين ، فيعمل ، أو يتوسّـط بينهما ، فيجوز الإعمال والإلغاء ، والإعمالُ أحسن ، أو يتأخّـر ، فيكون الإلغاءُ أحسـن» (٥).

وقال الزمخشـري (ت ٥٣٨ هـ) : «إنّها إذا تقدّمت أُعملت ، ويجوز فيها الإعمال والإلغاء متوسّطة ومتأخّـرة» (٦).

__________________

(١) المقتصد في شرح الإيضاح ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق كاظم بحر المرجان ١ / ٤٩٤ ـ ٤٩٥.

(٢) اللمع في العربية ، ابن جنّي ، تحقيق فائز فارس : ٥٤ ـ ٥٥.

(٣) المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : ١٥٤.

(٤) شرح المقدّمة المحسـبة ، ابن بابشاذ ، تحقيق خالد عبـد الكريم ٢ / ٣٥٥.

(٥) الفصـول الخمسون ، ابن معطي ، تحقيق محمود الطناحي : ١٧٥.

(٦) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشـري : ٢٦١.

٣٦٦

ويلاحظ :

إنّ ما ذكروه من ترجيح الإعمال أو الإلغاء ، تبعاً لتوسّط هذه الأفعال أو تأخّرها ، هو من آراء النحاة واجتهاداتهم الشخصـية ، وتعليلهم له بقوّة العامل وضعفه لا يمكن المساعدة عليه ، ذلك أنّنا نصوغ القواعد من استقراء كلام العرب كما هو ، وهم كانوا يتكلّمون على سجـيّهم ، ولم ينقل عنهم أنّهم كانوا يأخذون بنظر الاعتبار قوّة الفعل وضعفه تبعاً لوقوعه متوسّطاً أو متأخّراً ، بل لعلّ ذلك لم يدُر في خلَدهم أصلاً.

وإلى هنا وجدنا جميع النحاة يوجبون إعمال «ظنَّ وأخواتها» من أفعال القلوب إذا تقدّمت على المبتدأ والخبر ، ولا يجيزون إلغاءَها في هذه الحال.

إلاّ أنَّ ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) ذكر في شرحه لـمفصّل الزمخشري أنّ إعمالها يقوى حال التقدّم ، لا أنّه يلزم ويجب ؛ قال : «إذا تقدّمت فالوجه الإعمال ، وهو الثابت كثيراً ، وقد نقل جواز الإلغاء ، ولا بُعْدَ فيه ؛ لأنّ المعنى في صحّة الإلغاءِ قائم ، تقدّمت أو تأخّـرت ، وهو : أنّ متعلّقها له إعراب مستقلّ قبل دخولها ، فجُعل بعد دخولها على أصله ، وجُعلت هي تفيد معناها خاصّـة (١) ، وهذا حاصل تقدّمت أو تأخّـرت ...

فحصل من ذلك : أنّها إذا تقدّمت قوي الإعمال أو التزم على قول ، وإذا توسّطت كان الإلغاءُ أقوى منه إذا تقدّمت ، وإذا تأخّـرت كان الإلغاءُ

__________________

(١) ومعناها هو : اليقين بثبوت الخبر للمبتدأ في نحو : علمتُ زيدٌ قائمٌ ، والشكّ في ثبوته له في نحو : ظننتُ زيدٌ قائمٌ.

٣٦٧

أقوى منه إذا توسّطت» (١).

وقال الجامي (ت ٨٩٨ هـ) : «وقد نقل الإلغاء عند التقديم أيضاً ، نحو : (ظننتُ زيدٌ قائمٌ) لكنّ الجمهور على أنّه لا يجوز» (٢) ، يريد جمهور نحاة البصـرة.

وقال ابن مالك (ت ٦٢٧ هـ) : «إنّ الأفعال القلبيّة (ظنَّ واخواتها) تختصّ متصرفاتها بقبح الإلغاء في نحو : ظننتُ زيد قائم ، وبجوازه بلا قبح ولا ضعف في نحو : زيدٌ قائمٌ ظننتُ ، وزيد ظننتُ قائم ، وتقدير ضمير الشأن أو اللام المعلِّقة في نحو : ظننتُ زيدٌ قائم ، أوْلى من الإلغاء» (٣).

فعلى تقدير ضمير الشأن بعدها يكون هو المفعول الأوّل والجملة بعده في محلّ نصب مفعولاً ثانياً ، وعلى تقدير اللام (ظننتُ لزيدٌ قائِم) تدخل المسألة في باب تعليق عمل الفعل القلبي في المبتدأ والخبر للفصل بينه وبينهما بلام الابتداء.

ولعلّ أوّل من عرّف الإلغاءَ اصطلاحاً هو : أبو علي الشلوبين (ت ٦٤٥ هـ) ؛ إذ قال : «الإلغاءُ : أن لا يُعمل العاملُ بشـرط أن لا يكون هناك ما يمنعه [من العمل] ، نحو : زيدٌ ظننتُ منطلقٌ ، وزيدٌ منطلقٌ ظننتُ» (٤).

أي : أنّ الإلغاء أمر اختياري تابع لقصـد المتكلّم وإرادته ، وليس هناك ما يوجبه كوجـود مانع من إعمال الفعل ..

__________________

(١) الإيضاح في شرح المفصّل ، ابن الحاجب ، تحقيق إبراهيم محمّـد عبد الله ٢ / ٦٢ ـ ٦٣.

(٢) الفوائد الضيائية ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ٢ / ٢٧٩.

(٣) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصـد ، ابن مالك ، تحقيق محمّـد كامل بركات : ٧١ ـ ٧٢.

(٤) شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ٢ / ٦٩٩.

٣٦٨

وتابعه على هذا التعريف : ابن عصفور الإشبيلي (ت ٦٦٩ هـ) ؛ إذ قال : «الإلغاءُ وهو : ترك العمل لغير مانع من ذلك» (١).

وعرّفه ابن الناظم (ت ٦٨٦ هـ) بأنّه : «تركُ إعمال الفعل ؛ لضعفه بالتأخّر عن المفعولين أو التوسّط بينهما» (٢).

ولا بُدّ من عدم اعتبار قوله : (لضعفه ... إلى آخره) تكملة للحدّ ؛ ذلك أنّه ـ على فرض صحّته ـ ليس ذاتياً للمعرّف ، مع أنّه ليس صحيحاً ـ كما ذكرنا ـ لأنّ الإعمال والإلغاء ليس مربـوطاً به ، وإنّما هو راجع إلى إرادة المكلّف.

وعرّفه ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) بقوله : «الإلغاءُ : إبطال العمل لفظاً ومحلاًّ ، لضعف العامل بتوسّطه أو تأخّره» (٣).

وميزة هذا التعريف ما تضمّنه من أنّ إبطال العمل يشمل اللفظ والمحلّ معاً ، الأمر الذي يبيّن حقيقة الإلغاء بدقّة ، ويوضّح الفارق بينه وبين التعليق ، الذي هو من خصائص «ظنّ وأخواتها» أيضاً ، ولكنّه مبطل لعملها في اللفظ دون المحلّ.

وعرّفه ابن عقيل (ت ٧٦٩ هـ) بأنّه : «ترك العمل لفظاً ومعنىً لا لمانع» (٤) ..

وتابعه عليه السيوطي (ت ٩١١ هـ) ؛ إذ قال : هو «ترك العمل لغير

__________________

(١) شرح جمل الزجّاجي ، ابن عصفور الإشبيلي ، تحقيق أنيس بديوي ١ / ١٤٧.

(٢) شرح ألفيّة ابن مالك ، بدر الدين ابن الناظم : ٧٦.

(٣) أوضـح المسالك إلى ألفيّة ابن مالك ، ابن هشام الأنصاري ، تحقيق محي الدين عبـد الحميد ١ / ٣١٣ ـ ٣١٤.

(٤) شرح ألفيّة ابن مالك ، ابن عقيل ، تحقيق محيي الدين عبـد الحميد ١ / ٤٣٣.

٣٦٩

مانع لفظاً ومحلاًّ» (١).

ويلاحظ أنّ (عدم المانع) وإن كانت له مدخلية في تحقّق الإلغاء ، إلاّ أنّه ليس ذاتيّاً لمفهوم الإلغاء ولا دخيلاً في حقيقته ، فيجب أن لا يدخل في صلب التعريف ، وهذا ما فعله الأُشموني (ت ٩٠٠ هـ) ؛ إذ قال : «الإلغاءُ : هو إبطاله (٢) لفظاً ومحلاًّ» (٣).

__________________

(١) همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبـد العال سالم مكرم ٢ / ٢٢٧.

(٢) أي : إبطال عمل «ظنّ وأخواتها» في نصـب المبتدأ والخبر.

(٣) شرح ألفيّة ابن مالك ، الأُشموني ، تحقيق حسن حمد ١ / ٤٣٣.

٣٧٠

خمسة وخمسون : مصطلح التعليق

لغة :

«التعلـيق» في اللغة : مصـدر الفعل علَّقَ ؛ قال ابن فارس : «عـلـق : العين واللام والقاف : أصل كبير صحيح يرجع إلى معنىً واحد ، وهو : أن يُناط الشيءُ بالشيءِ العالي ، ثم يُتّسعُ فيه ... تقول : علَّقتُ الشيءَ أُعلِّقُهُ تعليقاً» (١).

اصطلاحاً :

و «التعليق» من المصطلحات النحوية المبكّرة ، وقد جعله النحاة عنواناً للزوم إبطال عمل الأفعال القلبيّة (٢) المتصرّفة لفظاً لا محلاًّ ، بسبب الفصل بينها وبين معموليها (المبتدأ والخبر) بـ : لام الابتداء ، أو همزة الاستفهام ، أو النفي.

قال ابن هشام في بيان المناسبة المصحّحة لاستعمال لفظ التعليق بمعناه الاصطلاحي النحوي : «وإنّما سُمّي هذا الإهمال تعليقاً ، لأنّ العامل في نحو قولك : (علمتُ ما زيدٌ قائمٌ) عامل في المحلّ وليس عاملاً في اللفظ ؛ فهو عامل لا عامل ، فشُـبّهَ بالمرأة المعلّقة التي لا هي مزوّجة ولا مطلّقة ... والدليل على أنّ الفعل عامل أنّه يجوز العطف على محلّ

__________________

(١) مقاييس اللغة ، ابن فارس ، مادّة «علق».

(٢) أي : «ظنّ وأخواتها» ، الناصـبة للمبتدأ والخبر.

٣٧١

الجملة بالنصـب» (١).

قد وردت كلمة «التعليق» في كتاب سيبويه (ت ١٨٠ هـ) في قوله : «قولك : (قد علمت إنّه لخيرٌ منك) فـ (إنَّ) هنا مبتدأة ، و (علمتُ) ها هنا بمنزلتها في قولك : (لقد علمتُ أيُّهم أفضلُ) معلّقة في الموضعين جميعاً» (٢).

وعبّر المبرّد (ت ٢٨٥ هـ) عن «التعليق» بـ «الإلغاء» ؛ قال : «ألا ترى أنّه لا يدخلُ على الاستفهام من الأفعال إلاّ ما يجوز أن يُلغى ؛ لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، وهذه الأفعال هي التي يجوز أن لا تعمل خاصّة ، وهي ما كان من العلم والشكّ ، فعلى هذا ... (ولَقَدْ عَلِموا لَمَنِ اشْتَرَاهُ) (٣) ؛ لأنّ هذه الأفعال تفصلُ ما بعدها ممّا قبلها ، تقول : علمتُ لزيدٌ خيرٌ منك» (٤).

وقال ابن السرّاج (ت ٣١٦ هـ) : «وإذا ولي (الظنّ) حروف الاستفهام وجوابات القَسَم ، بطلَ في اللفظِ عملُه ، وعمل في الموضـع» (٥) ..

وقد بيّن بهذه العبارة حقيقة «التعليق» دون أن يستعمل لفظه.

وقال عبـد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ هـ) : «ويُبطل عملَها لامُ الابتداء والاستفهام ، كقولك : علمتُ لزيدٌ منطلقٌ ، و : علمتُ أيُهم أخوكَ ، ويُسمّى

__________________

(١) شرح قطر الندى وبلّ الصدى ، ابن هشام ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد : ١٧٨.

(٢) الكتاب ، سيبويه ، تحقيق عبـد السلام هارون ٣ / ١٤٧.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٠٢.

(٤) المقتضب ، محمّـد بن يزيد المبرّد ، تحقيق عبـد الخالق عضيمة ٣ / ٢٩٧.

(٥) الأُصـول في النحو ، ابن السرّاج ، تحقيق عبـد الحسين الفتلي ١ / ١٨٢.

٣٧٢

هذا تعليقاً» (١).

وقال الزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) : «ومن أصناف الفعل : أفعال القلوب ، وهي سبعة : ظننتُ ، وحسِبتُ ، وخِلتُ ، وزعمتُ ، وعلمتُ) ورأيتُ ، ووَجَدْتُ ... ومن خصائصها : ... أنّها تُعلَّق ، وذلك عند حروف الابتداء والاستفهام والنفي ، كقولك : علمتُ لزيدٌ منطلقِ ... ولا يكون التعليق في غيرها» (٢).

وقال ابن الخشّاب (ت ٥٦٧ هـ) : إنَّ هذه الأفعال «لا تخلو أن تتصدّر على مفعوليها ، فيلزم إعمالها فيهما ، كقولك : علمتُ زيداً قائماً ... اللّهم إلاّ أن يعترض بينها وبين مفعوليها حرف له صدر الكلام ، كـ : (لامِ) الابتداء ، وهمزة الاستفهام ؛ فإنّ الحرفَ حينئذ يُعلِّقُها. وتعليقها : أن يكفَّها عن العمل في اللفظ ، فتعمل في موضـع الجملة» (٣).

ويفهم منه أنّه يعرّف التعليق بأنّه : كفّ العامل «ظنّ وأخواتها» عن العمل في اللفظ دون الموضـع ..

وهذا ما اتّفق عليه جميع النحاة في بيانهم لحقيقة «التعليق» ، إلاّ أنّ بعضـهم قيّد التعريف بوجـود المانع من إعمال الفعل ، كما سيتّضـح من استعراض التعاريف التالية.

وقال ابن يعيش (ت ٦٤٣ هـ) : «إنّ التعليق ضربٌ من الإلغاء ، والفرق بينهما : أنّ الإلغاء إبطال عمل العامل لفظاً وتقديراً ، والتعليق : إبطال

__________________

(١) الجُمل ، عبـد القاهر الجرجاني ، تحقيق علي حيدر : ١٥.

(٢) المفصّل في علم العربية ، جار الله الزمخشـري : ٢٥٩ ـ ٢٦٢.

(٣) المرتجل ، ابن الخشّاب ، تحقيق علي حيدر : ١٥٢.

٣٧٣

عمله لفظاً لا تقديراً ، فكلّ تعليق إلغاءٌ ، وليس كلُّ إلغاء تعليقاً ، ولمّا كان التعليق نوعاً من الإلغاء ، لم يجز أن يُعلَّق من الأفعال إلاّ ما جاز إلغاؤه ، وهي أفعال القلب ... وإنّما تُعلَّق إذا وليها حروف الابتداء ... فيبطل عملها في اللفظ وتعمل في الموضـع» (١).

وقال ابن الحاجب (ت ٦٤٦ هـ) : «الفرق بين التعليق والإلغاء : إنّ الإلغاء عبارة عن : قطعها عن العمل مع جواز الإعمال ببقائها على أصلها ، والتعليق : قطعها عن العمل المانع من إعمالها ، وذلك عند دخول حرف الابتداء والاستفهام والنفي ؛ لأنّك لو أعملتها لجعلت ما بَعدَ لام الابتداء وحرف الاستفهام والنفي معمولاً لما قبله ، فيخرج عن أن يكون له صدور الكلام ، وهو موضوع في صـدر الكلام ، فلا يعمل ما قبله في ما بعده ، فوجـب الإلغاء (٢) لذلك» (٣) ..

ويستفاد منه : إنّ التعليق إبطالٌ لازم لعمل الفعل القلبي عند تحقّق سـببه ، بخلاف إبطال العمل في الإلغاء ؛ فإنّه جائز وليس واجباً ، وهذا فرق آخر غير ما يرجع إلى موضـع إبطال عمل كلّ منهما ، وأنّه اللفظ والمحلِّ معاً في الإلغاء ، واللفظ دون المحلِّ في التعليق.

وقال أبو علي الشلوبين (ت ٦٤٥ هـ) : التعليق : «أن لا يعمل العامل ؛ لوجود مانع في اللفظ أو في التقدير لعمله» (٤) ..

__________________

(١) شرح المفصّل ، ابن يعيش ، تحقيق إميل بديع يعقوب ٢ / ٦٣.

(٢) يريد بالإلغاء : التعليق.

(٣) الإيضاح في شرح المفصّل ، ابن الحاجب ، تحقيق إبراهيم محمّـد عبـد الله ٢ / ٦٣.

(٤) شرح المقدّمة الجزولية ، أبو علي الشلوبين ، تحقيق تركي العتيبي ٢ / ٦٩٩.

٣٧٤

ومثله قول ابن عصفور (ت ٦٦٩ هـ) : التعليق : «ترك العمل لمانع» (١)، أو : «ترك العمل لموجـب يمنع من ذلك» (٢).

ويلاحظ عليهما : إنّهما لم يذكرا أنّ عدم العمل مختصّ باللفظ دون المحلّ.

ولا ترد هذه الملاحظة على التعاريف التالية :

أوّلاً : قول ابن الناظم (ت ٦٨٦ هـ) : «التعليق : ترك إعمال الفعل لفظاً لا معنىً ؛ لفصل ما له صدر الكلام بينه وبين معموله» (٣).

ثانياً : قول ابن هشام (ت ٧٦١ هـ) : التعليق : «إبطال عملها لفظاً لا محلاًّ ؛ لاعتراض ما له صدر الكلام بينها وبين معموليها» (٤).

ثالثاً : قول ابن عقيل (ت ٧٦٥ هـ) : «فالتعليق هو : ترك العمل لفظاً دون معنىً ؛ لمانع» (٥).

وبمضمون هذه التعريفات ، مع اختلاف يسير في الألفاظ ، ما ذكره كلّ من : الجامي (ت ٨٩٨ هـ) (٦) ، والسيوطي (ت ٩١١ هـ) (٧) ، وابن طولون

__________________

(١) المقرِّب ، ابن عصفور ، تحقيق عادل عبـد الموجود وعلي معوَّض : ١٨٣.

(٢) شرح جُمل الزجّاجي ، ابن عصفور ، تحقيق أنيس بديوي ١ / ١٥١.

(٣) شرح ألفيّة ابن مالك ، بدر الدين ابن الناظم : ٧٦.

(٤) شرح قطر الندى وبلّ الصدى ، ابن هشام الأنصاري ، تحقيق محمّـد محيي الدين عبـد الحميد : ١٧٦.

(٥) شرح ألفيّة ابن مالك ، ابن عقيل ، تحقيق محمّـد محيى الدين عبـد الحميد ١ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣.

(٦) الفوائد الضيائية ، عبـد الرحمن الجامي ، تحقيق أُسامة الرفاعي ٢ / ٢٨٠.

(٧) همع الهوامع شرح جمع الجوامع ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق عبـد العال سالم مكرم ٢ / ٢٣٣.

٣٧٥

(ت ٩٥٣ هـ) (١).

ويلاحظ على هذه التعريفات :

إنّ ذكر «عدم المانع» فيها لا بأس به بوصفه بياناً زائداً ، ولكن لا ينبغي أن يتوهّم أنّه جزء من التعريف ؛ لأنّه ليس من ذاتيات المعرَّف الداخلة في حقيقته ؛ ولأجل الاحتراز من هذا التوهّم اقتصر ابن مالك (ت ٦٧٢ هـ) والرضي الاسترآبادي (ت ٦٨٦ هـ) ، والأُشموني (ت ٩٠٠ هـ) على تعريف «التعليق» بأنّه : «إبطال العمل لفظاً لا محلاًّ» (٢).

__________________

(١) شرح ألفيّة ابن مالك ، ابن طولون ، تحقيق عبـد الحميد الكبيسي ١ / ٢٩٠.

(٢) أ : شرح عمدة الحافظ وعدّة اللافظ ، ابن مالك ، تحقيق عدنان عبـد الرحمن الراوي : ١٦١.

ب : شرح الكافية : الرضي الاسترآبادي ، تحقيق يوسف حسن عمر ٤ / ١٥٩.

ج : شرح ألفيّة ابن مالك ، الأُشموني ، تحقيق حسن حمد ٤ / ١٥٩.

٣٧٦

من ذخائر التراث

٣٧٧

٣٧٨

٣٧٩
٣٨٠