نظرة في كتاب البداية والنهاية

المؤلف:

العلامة الأميني


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٣٦

أخرجها على اختلاف ألفاظها أئمّة الصحاح الستّ ، وعدّةٌ اخرى من رجال الحديث في السنن ، والمسانيد ، والمعاجم ، وإليك جملةٌ ممّن رواها.

١ ـ ابن ابي مليكة المتوفى ١١٧ كما في رواية البخاري (١) ، ومسلم (٢) ، وابن ماجة (٣) ، وابن داود (٤) ، وأحمد (٥) ، والحاكم (٦).

٢ ـ ابو عمر بن دينار المكي المتوفى ١٢٥ / ٦ [١٢] كما في صحيحي البخاري ومسلم (٧).

٣ ـ الليث بن سعد المصري المتوفى ١٧٥ كما في اسناد ابن ماجة ، وابن داود ، وأحمد (٨).

__________________

(١) ك فضائل الصحابة ب مناقب فاطمة ، ٥ / ٣٦.

ورواه في ك النكاح ب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة ... ٧ / ٤٧.

وفي ك الطلاق ب الشقاق. وهل يشير بالخلع عند الضرورة ٧ / ٦١.

وفي ك الجمعة ب من قال في الخطبة بعد الثناء ...

وفي ك الجهاد ب ما ذكر من درع النبي (ص) ...

(٢) ك فضائل الصحابة ب فضائل فاطمة ٤ / ١٩٠٢ ح ٢٤٤٩.

(٣) ك النكاح ب الغيرة ١ / ٦٤٣ ح ١٩٩٨.

(٤) ك النكاح ب ما يكره ان يجمع بينهن من النساء ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١.

(٥) ج ٤ / ٣٢٨.

(٦) مستدرك الحاكم ٣ / ١٥٨ ، ١٥٩.

(٧) انظر الهامش (١) ، (٢).

(٨) انظر الهامش (٣) ، (٤) ، (٥).

١٠١

٤ ـ ابو محمّد ابن عيينة الكوفي المتوفى ١٩٨ كما في الصحيحين (١).

٥ ـ ابو النضر هاشم البغدادي المتوفى ٢٠٥ / ٧ [٢٠] كما في مسند أحمد (٢).

٦ ـ احمد بن يونس اليربوعي المتوفى ٢٢٧ كما في صحيح مسلم ، وسنن ابي داود (٣).

٧ ـ الحافظ ابو الوليد الطيالسي المتوفى ٢٢٧ كما في صحيح البخاري (٤).

٨ ـ ابو المعمّر الهذلي المتوفى ٣٣٦ كما في صحيح مسلم (٥).

٩ ـ قتيبة بن سعيد الثقفي المتوفى ٢٤٠ روى عنه مسلم وابو داود (٦).

١٠ ـ عيسى بن حمّاد المصري المتوفى ٢٤٨ / ٩ [٢٤] روى عنه ابن ماجة (٧).

١١ ـ امام الحنابلة أحمد المتوفى ٢٤١ في مسنده ٤ / ٣٢٢.

__________________

(١) انظر الهامش (١) ، (٢).

(٢) انظر الهامش (٥).

(٣) انظر الهامش (٢) ، (٤).

(٤) انظر الهامش (١).

(٥) انظر الهامش (٢).

(٦) انظر الهامش (٢) ، (٤).

(٧) انظر الهامش (٣).

١٠٢

١٢ ـ الحافظ البخاري ابو عبد الله المتوفى ٢٥٦ في صحيحه ، في المناقب (١) ٥ / ٢٧٤.

١٣ ـ الحافظ مسلم القشيري المتوفى ٢٦١ في صحيحه ، في الفضائل (٢) ٢ / ٢٦١.

١٤ ـ الحافظ ابو عبد الله ابن ماجة المتوفى ٢٧٢ في سننه (٣) ١ / ٢١٦.

١٥ ـ الحافظ ابو داود السجستاني المتوفى ٢٧٥ في سننه (٤) ١ / ٣٢٤.

١٦ ـ الحافظ ابو عيسى الترمذي المتوفى ٢٧٥ في جامعه (٥) ٢ / ٣١٩.

١٧ ـ الحكيم ابو عبد الله الترمذي المحدّث المتوفى ٢٨٥ في نوادر الاصول : ٣٠٨.

١٨ ـ الحافظ ابو عبد الرحمن النسائي المتوفى ٣٠٣ في خصائصه (٦) : ٢٥.

__________________

(١) انظر الهامش (٢) من الصفحة السابقة.

(٢) انظر الهامش (٣) من الصفحة السابقة.

(٣) انظر الهامش (٤) من الصفحة السابقة.

(٤) انظر الهامش (٥) من الصفحة السابقة.

(٥) الجامع الصغير ٥ / ٦٩٨ ح ٣٨٦٧ (ب فضل فاطمة بنت محمد (ص)) ، وقال : قال ابو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

(٦) خصائص الامام علي بن ابي طالب : ١٤٦ ح ١٣٣ ، ١٣٤. (بتحقيق البلوشي)

١٠٣

١٩ ـ ابو الفرج الاصبهاني المتوفى ٣٠٣ في الأغاني ٨ / ١٥٦.

٢٠ ـ الحاكم ابو عبد الله النيسابوري المتوفى ٤٠٥ في المستدرك ٣ / ١٥٤ ، ١٥٨ ، ١٥٩.

٢١ ـ الحافظ ابو نعيم الاصبهاني المتوفى ٤٣٠ في حلية الأولياء ٢ / ٤٠.

٢٢ ـ الحافظ ابو بكر البيهقي المتوفى ٤٥٨ في السنن الكبرى ٧ / ٣٠٧.

٢٣ ـ ابو زكريا الخطيب التبريزي المتوفى ٥٠٢ في مشكاة المصابيح : ٥٦٠.

٢٤ ـ الحافظ ابو القاسم البغوي المتوفى ٥١٠ / ١٦ [٥] في مصابيح السنة (١) ٢ / ٢٧٨.

٢٥ ـ القاضي ابو الفضل عياض المتوفى ٥٤٤ في الشفاء (٢) ٢ / ١٩.

__________________

(١) ب مناقب فاطمة الزهراء (رض) ، ٨ / ١٢٠ ح ٣٩٥٦ وقال : هذا حديث صحيح ، و ٣٩٥٧ وقال : هذا حديث متفق على صحته.

(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٦٥٢ ، الفصل العاشر : الحكم في سب آل البيت والازواج والاصحاب.

١٠٤

٢٦ ـ اخطب الخطباء الخوارزمي المتوفى ٥٦٨ في مقتله ١ / ٥٣.

٢٧ ـ الحافظ ابو القاسم ابن عساكر المتوفى ٥٧١ في تاريخه (١) ١ / ٢٩٨.

٢٨ ـ ابو القاسم السهيلي المتوفى ٥٨١ في الروض الانف ٢ / ١٩٦.

وقال : إنّ ابا لبابة رفاعة بن عبد المنذر ربط نفسه في توبة ، وانّ فاطمة أرادت حلّه حين نزلت توبته فقال : قد أقسمت ألا يحلّني إلّا رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) : «إنّ فاطمة مضغة منّي». فصلّى الله عليه وعلى فاطمة :

فهذا حديثٌ يدلّ على أنّ من سبّها فقد كفر ، ومن صلّى عليها فقد صلّى على أبيها (ص) (٢).

٢٩ ـ ابن ابي الحديد المعتزلي المتوفى ٥٨٦ في شرح النهج ٢ / ٤٥٨ (٣).

٣٠ ـ ابو الفرج ابن الجوزي المتوفى ٥٩٧ في صفة الصفوة ٢ / ٥ (٤).

٣١ ـ الحافظ ابو الحسن بن الاثير الجزري المتوفى ٦٣٠ في اسد

__________________

(١) تهذيب تاريخ دمشق الكبير ١ / ٢٩٩.

(٢) الروض الانف ٢ / ٤٣٠.

(٣) ١٦ / ٢٧٨.

(٤) ٢ / ١٣.

١٠٥

الغابة (٢٠) ٥ / ٥٢١.

٣٢ ـ ابو سالم ابن طلحة الشافعي المتوفى ٦٥٢ في مطالب السئول : ٦ ، ٧.

٣٣ ـ سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى ٦٥٤ في التذكرة : ١٧٥ (١).

٣٤ ـ الحافظ الكنجي الشافعي المتوفى ٦٥٨ في الكفاية : ٢٢٠ (٢).

٣٥ ـ الحافظ محبّ الدين الطبري المتوفى ٦٩٤ في ذخائر العقبي : ٣٧.

٣٦ ـ الحافظ ابي محمّد الازدي الاندلسي المتوفى ٦٩٩ في شرح المختصر صحيح البخاري ٣ / ٩١.

٣٧ ـ الحافظ الذهبي الشافعي المتوفى ٧٤٧ في تلخيص المستدرك (٣).

٣٨ ـ القاضي الايجي المتوفى ٧٥٦ في المواقف كما في شرحه ٣ / ٢٦٨.

٣٩ ـ جمال الدين محمّد الزرندي الحنفي المتوفّى في بضع و ٧٥٠ في درر السمطين.

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٧٩.

(٢) كفاية الطالب : ٣٦٥ ، ٣٦٦.

(٣) ذيل مستدرك الحاكم ٣ / ١٥٨ ، ١٥٩.

١٠٦

٤٠ ـ ابو السعادات اليافعي المتوفى ٧٦٨ في مرآة الجنان ١ / ٦١.

٤١ ـ الحافظ زين الدين العراقي المتوفى ٨٠٦ في طرح التثريب ١ / ١٥٠.

٤٢ ـ الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى ٨٠٧ في مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٣.

٤٣ ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى ٨٥٢ في تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٤١.

٤٤ ـ الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى ٩١١ في الجامع الصغير والكبير (١).

٤٥ ـ الحافظ ابو العبّاس القسطلاني المتوفى ٩٢٣ في المواهب اللدنية ١ / ٢٥٧.

٤٦ ـ القاضي الديار بكري المالكي المتوفى ٩٦٦ / ٨٢ في الخميس ١ / ٤٦٤.

٤٧ ـ ابن حجر الهيتمي المتوفى ٩٧٤ في الصواعق (٢) : ١١٢ ، ١١٤.

__________________

(١) الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ح ٥٨٣٣ ، ٥٨٣٤ ، الفتح الكبير في ضم الزيادة الى الجامع الصغير ٢ / ٢٦٢.

(٢) ص ٢٨٩ (الفصل الثالث في الاحاديث الواردة في بعض اهل البيت كفاطمة وولديها)

١٠٧

٤٨ ـ صفيُّ الدين الخزرجي المتوفى ٠٠٠ في الخلاصة : ٤٣٥.

٤٩ ـ زين الدين المناوي المتوفى ١٠٣١ / ٥ [١٠٣] في كنوز الدقائق : ٩٦.

وقال في شرح الجامع الصغير ٤ / ٤٢١ : استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر لأنّه يغضبه ، وأنّها أفضل من الشيخين.

قال الشريف السمهودي : ومعلومٍ أنّ أولادها بضعةٌ منها فيكونون بواسطتها بضعة منه ، ومن ثمّ لمّا رأت امّ الفضل في النوم انّ بضعة منه وضعت في حجرها اوّلها رسول الله (ص) بأن تلد فاطمة غلاماً فيوضع في حجرها ، فولدت الحسن فوضع في حجرها ، فكلّ من يشاهد الآن من ذرّيتها بضعة من تلك البضعة ، وإن تعدّدت الوسائط ، ومن تأمّل ذلك انبعث من قلبه داعي الإجلال لهم وتجنّب بغضهم على أيّ حال كانوا عليه.

قال ابن حجر : وفيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتأذّيه ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به فالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتأذّى به بشهادة هذا الخبر ، ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قِبَل ولدها ، ولهذا عرف بالاستقرار معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشدُّ.

٥٠ ـ الشيخ أحمد المغربي المالكي المتوفى ١٠٤١ في فتح المتعال : ٣٨٥ قال في قصيدة كبيرة يمدح بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

١٠٨

فما كسبطي رسول الله من أحد

ولا يضاهيهما في الفخر مفتخرُ

وهل كفاطمة الزهراء امّهما

بنت النبيّ المصطفى بشرُ

فانَّها بضعةٌ منه وما أحدٌ

كبضعة المصطفى إن حقَّق النظرُ

٥١ ـ الشيخ أحمد باكثير المكي الشافعي المتوفى ١٠٤٧ في وسيلة المال.

٥٢ ـ ابو عبد الله الزرقاني المالكي المتوفى ١١٢٢ في شرح المواهب ٣ / ٢٠٥. فقال : استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر.

وتوجيهه : انَّها تغضب ممّن سبّها وقد سوّى بين غضبها وغضبه ، ومن أغضبه كفر.

٥٣ ـ الزبيدي الحنفي المتوفى ١٢٠٥ في تاج العروس ٥ / ٢٢٧ ، وج ٦ / ١٣٩ (١).

٥٤ ـ القندوزي الحنفي المتوفى ١٢٩٣ في ينابيع المودّة : ١٧١.

٥٥ ـ الحمزاوي المالكي المتوفى ١٣٠٣ في النور السارى هامش البخاري ٥ / ٢٧٤.

٥٦ ـ الشيخ مصطفى الدمشقي ... في مرقاة الوصول : ١٠٩.

٥٧ ـ السيّد حميد الدين الآلوسي المتوفى ١٣٢٤ في نثر اللئالي : ١٨١.

__________________

(١) تاج العروس ٤ / ٢٧٠ ، ٢٣ / ٤٣٨ (بتحقيق عبد الحليم الطحاوي ، ١٩٦٨ م)

١٠٩

٥٨ ـ السيّد محمود القراغولي البغدادي الحنفي في جوهرة الكلام : ١٠٥.

٥٩ ـ عمر رضا كحالة في اعلام النساء ٣ / ١٢١٦ (١).

ثمّ أنّى لنا القول بمقال ابن كثير وملأ الأسماع قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيّ فمن آذاها فقد آذاني (٢).

وقوله : إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.

أو : إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك قاله لفاطمة.

راجع معجم الطبراني ، مستدرك الحاكم ٣ / ١٥٤ وصححه ، مسند ابن النجار ، مقتل الخوارزمي ١ / ٥٢ ، تذكرة السبط : ١٧٥ ، كفاية الطالب للكنجي : ٢١٩ ، ذخائر العقبى للمحب الطبري : ٣٩ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٧٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٤٣ ، كنز العمال ٧ / ١١١ ، اخبار الدول هامش الكامل ١ / ١٨٥ ، كنوز الدقائق للمناوي : ٣٠ ، شرح المواهب للزرقاني ٣ / ٢٠٢ ، الاسعاف :

١٧١ ، ينابيع المودة : ١٧٣ ، ١٧٤ ، الشرف المؤبّد : ٥٩.

هذه مطلقات تشمل جميع موجبات الرضا والغضب من

__________________

(١) اعلام النساء ٤ / ١١٢.

(٢) راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا : ٢٠. (المؤلف رحمه‌الله)

الفصول المهمة : ١٤٦.

١١٠

الصدّيقة سلام الله عليها حتّى المباحات شأن أبيها الأقدس كما فهمه القسطلاني والحمزاوي في شرح البخاري ، وذلك يكشف عن أنّها صلوات الله عليها لا ترضى إلّا لما فيه مرضاة المولى سبحانه ، ولا تغضب إلّا على ما يغضبه ، حتّى أنّها لو رضيت أو غضبت على أمر مباح فانّ هناك جهةٌ شرعيّةٌ تدخله في الراجحات ، أو يجعله من المكروهات ، فلن تجد منها في أيّ من الرضا والغضب وجهةٌ نفسيّةٌ أو صبغةٌ شهويّةٌ ، وذلك معنى العصمة التي نفاها المتحذلق ـ ابن كثير ـ بعد أن تصامم أو تعامى عن دلالة آية التطهير النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها :

(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)

[أبو ذر الصادق ...] (١)

جاء ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية ٧ / ١٥٥ فبنى على أساس ما علّاه مَن قبله في حذف ما كان هنالك من هنات وزاد في الطنبور نغمات قال :

كان أبو ذر ينكر على من يقتني مالاً من الأغنياء ،

__________________

(١) الغدير ٨ / ٣٣١.

١١١

ويمنع أن يدَّخر فوق القوت ، ويوجب أن يتصدَّق بالفضل ، ويتأوَّل قول الله سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ.)

فينهاه معاوية عن إشاعة ذلك فلا يمتنع ، فبعث يشكوه الى عثمان فكتب عثمان إلى ابي ذر أن يقدم عليه المدينة ، فقدمها فلامه عثمان على بعض ما صدر منه ، واسترجعه فلم يرجع ، فأمره بالمقام بالربذة ـ وهي شرقي المدينة ـ.

ويقال : إنّه سأل عثمان أن يقيم بها وقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لي : إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها. وقد بلغ البناء سلعاً ، فأذن له عثمان بالمقام بالربذة ، وأمره أن يتعاهد المدينة في بعض الأحيان حتى لا يرتدَّ أعرابيّاً بعد هجرته ففعل ، فلم يزل مقيماً بها حتى مات. انتهى.

وقال في ص ١٦٥ عند ذكر وفاته : جاء في فضله احاديث كثيرة من اشهرها ما رواه الأعمش ، عن ابي اليقظان عثمان بن عمير ، عن ابي حرب بن ابي الأسود ، عن عبد الله بن عمرو ، انّ رسول الله قال : «ما

١١٢

أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق لهجة من ابي ذر». وفيه ضعفٌ.

ثمّ لمّا مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومات ابو بكر خرج الى الشام فكان فيه حتّى وقع بينه وبين معاوية ، فاستقدمه عثمان إلى المدينة ، ثمّ نزل الربذة فأقام بها حتى مات في ذي الحجّة من هذه السنة ، وليس عنده سوى امرأته وأولاده.

فبينما هم كذلك لا يقدرون على دفنه إذ قدم عبد الله بن مسعود من العراق في جماعة من اصحابه ، فحضروا موته ، وأوصاهم كيف يفعلون به.

وقيل : قدموا بعد وفاته فولّوا غسله ودفنه ، وكان قد أمر أهله أن يطبخوا لهم شاة من غنمه ليأكلوه بعد الموت ، وقد أرسل عثمان بن عفان إلى أهله فضمّهم مع أهله. انتهى.

هذا كلُّ ما في عيبة ابن كثير من المخاريق في المقام. وفيه مواقع للنظر :

١ ـ اتّهامه أبا ذر بأنّه كان ينكر اقتناء المال على الأغنياء ...

هذه النظريّة قديماً ما عزوه الى الصحابي العظيم اختلاقاً عليه وزوراً ، وقد تحوَّلت في الأدوار الأخيرة بصورة مشوَّهة اخرى من

١١٣

نسبة الاشتراكيّة اليه ، وسنفصّل القول عنها تفصيلا ان شاء الله تعالى (١).

٢ ـ إنّه حسب نزوله الشام وهبوطه الربذة بخيرة منه ، بعد ما أوعز إلى أنّ عثمان أمره بالمقام بالربذة.

أمّا حديث الربذة فقد أوقفناك آنفاً على أنّه كان منفيّاً إليها ، واخرج من مدينة الرسول بصورة منكرة ، ووقع هنالك ما وقع بين عليّ عليه‌السلام ومروان ، وبينه وبين عثمان ، وبين عثمان وبين عمّار ، واعتراف عثمان بتسييره ، وتسجيل عليّ امير المؤمنين عليه ذلك ، وسماع غير واحد من ابي ذر الصّادق نفسه حديثه ، وانّ عثمان جعله اعرابيّاً بعد الهجرة ، وهو مقتضى إعلام النبوّة في إخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيّاه بأنّه سوف يُخرج من المدينة ، ويُطرد من مكّة والشّام.

وأمّا خبر الشام فقد مرّ إخراجه إليها ولم يكن ذلك باختياره أيضاً (٢).

__________________

(١) وتفصيل الكلام في ج ٨ من الغدير.

(٢) وقضية خروج ابي ذر من مكة والشام ثمّ الى الربذة فصّله المؤلف رحمه‌الله في ج ٨ / ٢٩٢ ـ ٣٠٧ ، وإليك تهذيب ما جاء هناك :

رواية المسعودي قصة الربذة هكذا :

انهُ حضر مجلس عثمان ذات يوم فقال عثمان : أرأيتم من زكى مما له هل فيه حق لغيره؟ فقال كعب : لا يا امير المؤمنين فدفع أبو ذر في صدر كعب وقال :

١١٤

__________________

كذبت يا ابن اليهودي ثمّ تلا : «ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والنبيين وآتى المال على حبه ...» الآية ، فقال عثمان : أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من امورنا ونعطيكموه؟ فقال كعب : لا بأس بذلك. فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال : يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا؟ فقال له عثمان : ما اكثر أذاك لي غيّب وجهك عني فقد آذيتني.

فخرج أبو ذر الى الشام فكتب معاوية الى عثمان ان أبا ذر تجتمع اليه الجموع ولا آمن ان يفسدهم عليك ، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله اليك. فكتب إليه عثمان يحمله ، فحمله على بعير عليه قتبٌ يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى أتوا به المدينة قد تسلّخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف.

ويُفسر البخاري ما جرى له في الشام في روايته حديث زيد بن وهب عن ابي ذر في صحيحه : قال : كنت بالشام فاختلفت انا ومعاوية في هذه الآية : الذين يكنزون الذهب والفضة ، فقال : نزلت في اهل الكتاب ، فقلت : فينا وفيهم ، فكتب يشكوني الى عثمان فكتب عثمان : اقدم المدينة فقدمت فكثر الناس عليّ كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكر ذلك لعثمان فقال : إن شئت تنحيت فكنت قريباً ، فذلك الذي انزلني هذا المنزل.

وقال ابن حجر في فتح الباري في شرح الحديث : وفي رواية الطبري انهم كثروا عليه يسألونه عن سبب خروجه من الشام فخشي عثمان على اهل المدينة ما خشيه معاوية على اهل الشام ...

ويتابع المسعودي القصة ... وطلب عثمان منه الخروج فقال أبو ذر أسير الى مكة قال : لا والله ، فقال : فتمنعني من بيت ربي اعبده فيه حتى اموت قال : اي والله. فقال : فإلى الشام قال لا والله ، قال : البصرة ، فامتنع عثمان ، فقال أبو ذر : فسيرني حيث شئت من البلاد فقال : فاني مُسيرك الى الربذة.

١١٥

٣ ـ وأمّا حديث بلوغ البناء السلع فإفكٌ مفترى على ابي ذر ، وقد جاء في مستدرك الحاكم ٣ / ٣٤٤ ، وذكره البلاذري كما مرّ في ص ٢٩٣ (١) ورآه سبب خروج ابي ذر إلى الشام باذن عثمان ،

__________________

وقال ابن ابي الحديد في شرح النهج ٨ / ٢٥٢ : واقعة ابي ذر وإخراجه الى الربذة احد الاحداث التي نقمت على عثمان وقد روى هذا الكلام ابو بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن ابيه عن عكرمة عن ابن عباس قال : لما اخرج أبو ذر الى الربذة امر عثمان فنودي في الناس ان لا يُكلم أحدٌ أبا ذر ولا يشيعه ، وامر مروان بن الحكم ان يخرج به وتحاماه الناس الّا علي بن ابي طالب عليه‌السلام وعقيلاً اخاه وحسناً وحسيناً وعماراً ، فجعل الحسن يكلم أبا ذر فقال له مروان ايها حسن ألا تعلم ان امير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل ، فحمل علي عليه‌السلام على مروان فضرب بالسوط بين اذني راحلته وقال : تنحّ نحاك الله الى النار ، فرجع مروان مغضباً الى عثمان فأخبره الخبر. ووقف أبو ذر فودعه القوم فقال علي عليه‌السلام : يا أبا ذر إنك غضبت لله ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى ونفوك الى الفلا ، والله لو كانت السموات والارض على عبد رتقاً ثمّ اتقى لجعل له منها مخرجاً ، يا أبا ذر لا يؤنسنّك الّا الحق ولا يوحشنّك الّا الباطل. (المؤلف رحمه‌الله)

(١) روى البلاذري : لما اعطي عثمان مروان بن الحكم ما اعطاه ، وأعطى الحارث بن الحكم بن ابي العاص ثلاثمائة الف درهم ، واعطي زيد بن ثابت الانصاري مائة الف درهم جعل أبو ذر يقول : بشر الكانزين بعذاب اليم ويتلو قول الله عزوجل : «والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم».

فرفع ذلك مروان بن الحكم الى عثمان فارسل الى ابي ذر ناتلاً مولاه ان انته عما يبلغني عنك ، فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله ، وعَيْبِ مَن ترك

١١٦

لا سبب خروجه إلى الربذة كما في حديث الطبري.

على أنّ ابن كثير أخذه من الطبري في التاريخ ، وجلُّ ما عنده إنَّما هو ملخَّص ما فيه مع التصرُّف فيه على ما يروقه.

وإسناد الرواية في التاريخ رجاله بين كذّاب ، وضّاع ، وبين مجهول لا يُعرف ، إلى ضعيف متَّهم بالزندقة ، كما أسلفناه في ص ٨٤ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ٣٢٧ وهم :

السريّ (١) ،

__________________

امر الله ، فو الله لأن ارضي الله بسخط عثمان احب الي وخيرٌ لي من ان اسخط الله برضاه.

فأغضب عثمان ذلك واحفظه فتصابر وكفّ.

وقال عثمان يوماً : أيجوز للامام ان يأخذ من مال ، فاذا أيسر قضى ، فقال كعب الاحبار : لا باس بذلك ، فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديين أتعلّمنا ديننا ، فقال عثمان : ما اكثر أذاك لي وأولعك بأصحابي ، احق بمكتبك ، وكان مكتبه بالشام الّا انه كان يقدم حاجّاً ويسأل عثمان الاذن له في مجاورة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيأذن له في ذلك ، وانما صار مكتبه بالشام لانه قال لعثمان حين رأى البناء قد بلغ سلعاً اني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : اذا بلغ البناء سلعاً فالهرب ، فأذن لي آتي الشام فأغزو هناك ، فأذن له. (المؤلف رحمه‌الله)

انظر انساب الاشراف : القسم الرابع ، الجزء الاول : ٥٤٢ (بتحقيق إحسان عباس)

(١) السري : مشترك بين السري بن اسماعيل الهمداني الكوفي ، كذّبه يحيى بن سعيد ، وضعَّفه غير واحد من الحفاظ ، وبين السري بن عاصم الهمداني نزيل بغداد ، المتوفى ٢٥٨. وقد ادرك ابن جرير الطبري شطراً من حياته يربو على

١١٧

وشعيب (١) ، وسيف (٢) ، وعطيّة (٣) ،

__________________

ثلاثين سنة ، كذّبه ابن خراش ، ووهاه ابن عدي ، وقال : يسرق الحديث ، وزاد ابن حبان : يرفع الموقوفات لا يحلُّ الاحتجاج به ، وقال النقاش في حديث : وضعهُ السري فهو مشترك بين كذّابين لا يهمنا تعين احدهما.

ونحن نراه السري بن عاصم الهمداني.

ولا يحسب القارئ انه السري بن يحيى الثقة لقدم زمانه ، وقد توفي سنة ١٦٧ قبل ولادة الطبري (الراوي عنه) المولود سنة ٢٢٤ بسبع وخمسين سنة.

انظر تاريخ بغداد ٩ / ١٩٣ ، لسان الميزان ٣ / ١٢ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٣٩٩. (المؤلف رحمه‌الله)

(١) شعيب بن ابراهيم الكوفي : مجهول ، قال ابن عدي : ليس بالمعروف ، وقال الذهبي : راوية كتب سيف عنه فيه جهالة. لسان الميزان ٣ / ١٤٥. (المؤلف رحمه‌الله)

(٢) سيف بن عمر : قال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الاثبات ، وقال : قالوا : إنه كان يضع الحديث واتهم بالزندقة ، وقال الحاكم : اتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط ، وقال ابن عدي : بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها ، وقال ابن عدي : عامه حديثه منكر ، وقال البرقاني عن الدارقطني : متروك ، وقال ابن معين : ضعيف الحديث فليس خير منه ، وقال ابو حاتم : متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي وقال ابو داود : ليس بشيء ، وقال النسائي ضعيف ، وقال السيوطي : وضاع ، وذكر حديثاً من طريق السري بن يحيى عن شعيب بن ابراهيم عن سيف فقال : موضوع ، فيه ضعفاء أشدهم سيف.

انظر ميزان الاعتدال ٢ / ٢٥٥ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٥٩ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٢١. (المؤلف رحمه‌الله)

(٣) عطية بن سعد العوفي الكوفي : للقوم فيه آراء متضاربة بين توثيق وتضعيف وقال الساجي : ليس بحجة وكان يقدّم علياً على الكل ، وقال ابن سعد : كتب الحجاج الى محمد بن القاسم ان يعرضه على سب عليّ فإن لم يفعل فاضربه

١١٨

ويزيد الفقعسي (١).

وحديثٌ يكون في إسناده أحدٌ من هؤلاء لا يعوَّل عليه ، وعلى فرض اعتباره فانّه لا يقاوم الصحاح المعارضة له الدالة على اخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه يُخرج ويُطرد من مكّة والمدينة والشام. راجع ص ٣١٦ ـ ٣١٩ (٢).

__________________

أربعمائة سوط واحلق لحيته ، فاستدعاه فأبى ان يسبّ فأمضى حكم الحجاج فيه. تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٦.

وذكر ابن كثير في تفسيره ١ / ٥٠١ عن صحيح الترمذي من طريق عطية في علي مرفوعاً : لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك. فقال : ضعيف لا يثبت فان سالماً متروك وشيخه عطية ضعيف. انتهى.

وكون الرجل في الاسناد آية كذب الرواية اذ الشيعي الجلد كالعوفي لا يروي حديث الخرافة. (المؤلف رحمه‌الله)

(١) يزيد الفقعسي : لا اعرفه ولا أجد له ذكراً في كتب التراجم. (المؤلف رحمه‌الله)

(٢) أخرج أحمد في المسند ٥ / ١٧٨ من طريق ابي السليل في حديث عن ابي ذر عن رسول الله (ص) قال : يا أبا ذر كيف تصنع إن اخرجت من المدينة قال : قلت : الى السعة والدعة ، انطلق حتى اكون حمامة من حمام مكة ، قال : كيف تصنع إن خرجت من مكة قال : قلت : الى السعة والدعة الى الشام والارض المقدسة. قال : وكيف تصنع إن اخرجت من الشام قال : اذاً والذي بعثك بالحق اضع سيفي على عاتقي ، قال : أو خيرٌ من ذلك ، قال : قلت : أو خيرٌ من ذلك ، قال : تسمع وتطيع وإن كان عبداً حبشياً.

رجال الاسناد كلهم ثقات وهم :

يزيد بن هارون بن وادي : مجمع على ثقته من رجال الصحيحين.

كهمس بن الحسن البصري : ثقة من رجال الصحيحين.

١١٩

__________________

ابو السليل ضريب بن نقير البصري : ثقة من رجال مسلم والصحاح الاربعة غير البخاري.

وفي لفظ : كيف تصنع اذا خُرجت منه ، أي المسجد النبوي؟

قال : آتي الشام.

قال : كيف تصنع اذا خُرجت منها؟

قال : أعود اليه اي المسجد.

قال : كيف تصنع اذا خرجت منه؟

قال : اضرب بسيفي.

قال : ادلك على ما هو خيرٌ لك من ذلك واقرب رشداً ، قال : تسمع وتطيع وتنساق لهم حيث ساقوك.

فتح الباري ٣ / ٢١٣ ، عمدة القاري ٤ / ٢٩١.

وأخرج الواقدي من طريق ابي الاسود الدؤلي بما في معناه كما في شرح ابن ابي الحديد ١ / ٢٤١ وبهذا الاسناد واللفظ أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٥٦ والاسناد صحيحٌ رجاله كلهم ثقات وهم :

علي بن عبد الله المديني : وثقه جماعة. وقال النسائي : ثقة مأمون أحد الائمة في الحديث.

معمر بن سليمان : ابو محمد البصري : متفق على ثقته من رجال الصحاح الستّ.

داود بن ابي الهند : ابو محمد البصري : مجمع على ثقته من رجال الصحاح غير البخاري ، وهو يروي عنه في التاريخ من دون غمز فيه.

ابو الحرب بن الاسود الدؤلي : ثقة من رجال مسلم.

ابو الاسود الدؤلي : تابعي متفق على ثقته من رجال الصحاح الست.

ومرّ في رواية المسعودي في حديث تسيير ابي ذر : قال عثمان : فأني مسيِّرك الى الربذة ، قال أبو ذر : الله اكبر صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد اخبرني بكل ما أنا

١٢٠