أصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه

الشيخ جعفر السبحاني

أصول الفقه المقارن فيما لا نصّ فيه

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-155-6
الصفحات: ٣٩٤

٢

الاستحسان

الاستحسان من مصادر التشريع لدى المالكيّة ، وقد روي عن الإمام مالك أنّه قال : «الاستحسان تسعة أعشار العلم» ، خلافاً للشافعي فرفضه وقال : «من استحسن فقد شرّع» ، وربما يُفصّل بين الاستحسان المبنيّ على الدليل ، والاستحسان المبنيّ على الهوى والرأي ، ومع كونه أصلاً معتبراً لدى المالكيّة وغيرهم ، فلم يُعرَّف بوجه يكون مثلَ القياس ، واضحَ المعالم ، فإنّ الاستحسان ضد الاستقباح ، وتعالى التشريع الإسلامي أن يكون تابعاً لاستحسان إنسان أو استقباحه من دون أن يكون له رصيد من الشرع والعقل ، ولا يصحّ الإفتاء إلّا بما دلّ الدليل القطعي على حجّيته ، والاستحسان بما هو هو ، ليس عِلْماً ولا ظنّاً يدلّ دليل قطعي على حجّيته ، كلّ ذلك يبعثنا إلى تحقيق مراد القائلين من كونه دليلاً فقهياً كسائر الأدلّة ، واللازم هو الإمعان في موارد استعماله.

أقول : مع ما عُرّف الاستحسان بتعاريف كثيرة أكثرها خاضعة للسجع دون بيان الواقع نظير ما يحكى عن الصاحب بن عبّاد الذي كتب إلى عامله بقم بقوله :

أيّها العامل بقم ، قد عزلناك فقم

١٦١

فقال العامل المعزول ما عزلني إلّا السجع (١) ، وإن شئت فأمعن النظر في هذه التعاريف ، فكأنّ الغاية فيها هو حفظ السجع دون تفهيم المراد.

١. الاستحسان : ترك القياس ، والأخذ بما هو أوفق للناس.

٢. الاستحسان : طلب السهولة في الأحكام ، فيما يبتلى به الخاص والعام.

٣. الاستحسان : الأخذ بالسعة ، وابتغاء الدعة.

٤. الاستحسان : الأخذ بالسماحة ، وانتفاء ما فيه الراحة.

٥. الاستحسان : هو الالتفات إلى المصلحة والعدل.

فإنّ هذه التعاريف لا تُوضح حقيقة الاستحسان ، فالذي يمكن أن يكون محطاً للنزاع هو ما سنذكره عن قريب.

وقبل استعراضه يجب أن نركّز على نكتة وهي أنّ ظاهر القائلين بالاستحسان أنّه دليل مستقل وراء الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ؛ ووراء القياس والاستصلاح (المصالح المرسلة) وسدّ الذرائع وفتحها وغيرها ، لكنّه في أغلب الموارد يرجع إلى أحد الأدلّة المذكورة كما سيتّضح عن قريب.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه يُطلق ويراد منه أحد المعاني التالية :

الأوّل : العمل بالرأي والظن

قد يطلق الاستحسان ويراد منه العمل بالرأي فيما جعله الشارع موكولاً إلى آرائنا ، ويظهر هذا من السرخسيّ في أُصول فقهه ، كما في مورد تمتيع المطلقة غير المدخول بها قال سبحانه : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ

__________________

(١) أعيان الشيعة ، في ترجمة الصاحب بن عباد : ٣٥٣.

١٦٢

تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ). (١)

ونظيره قوله سبحانه في مورد رزق الوالدات وكسوتهنّ ، قال سبحانه : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (٢) ، فقد ترك الشارع تعيين كيفية التمتيع وتقدير المعروف بحسب اليسر والعسر إلى آرائنا. (٣) وهو يختلف حسب اختلاف الأزمنة والأمكنة.

والاستحسان بهذا المعنى ، عمل بالظن في موضوع من الموضوعات ، كالعمل به في سائر الموارد الذي جعل الظن فيه حجّة ، فلو قام دليل على حجّية مثل هذا الظن يُتمسك به ويقتصر على مورده ، سواء استحسنه المجتهد أم لا ، وإلّا فلا. وتسمية مثل هذا استحساناً أمر مُورِث للاشتباه.

على أنّ المرجع في هذه الموارد هو عرف البلد لا رأي القاضي ولا المجتهد كما هو واضح ، ولذلك يختلف مقدار تمتيع المطلقة ونفقة الزوجة حسب اختلاف الأزمنة والأمكنة.

الثاني : العدول من قياس إلى قياس أقوى منه

وقد يطلق ويراد منه العدول عن مقتضى قياس ظاهر إلى مقتضى قياس أقوى منه ، وهذا هو الذي نقله أبو الحسين البصري عن بعضهم ، فقال : العدول من موجب قياس إلى قياس أقوى منه. (٤)

__________________

(١) (البقرة : ٢٣٦.)

(٢) (البقرة : ٢٣٣.)

(٣) (أُصول الفقه للسرخسي : ٢٠٠ / ٢.)

(٤) المعتمد : ٢٩٦ / ٢.

١٦٣

وعلى هذا لا يكون الاستحسان دليلاً مستقلاً ويكون مرجّحاً لتقديم القياس الأقوى على غيره ، كما هو الحال في سائر الأدلّة حيث يقدم الأقوى على غيره ، كالخاص على العام ، والمقيّد على المطلق ، وهكذا ، ولو أُريد من الاستحسان هذا فمثله لا يليق أن يقع موضع خلاف بين القائلين بحجّية القياس كمالك والشافعي ، فالجميع على تقديم أقوى الدليلين على الآخر من غير فرق بين القياسين أو الدليلين.

الثالث : العدول من مقتضى قياس جلي إلى قياس خفي

يطلق الاستحسان ويراد منه ، العدول من مقتضى القياس الجلي إلى قياس خفي. (١) وهذا هو الذي يظهر من الأُصولي المعاصر الدكتور «وهبة الزحيلي» وغيره والفرق بين التعريفين الثاني والثالث بعد اشتراكهما في أنّ المعدول عنه والمعدول إليه ، قياس هو انّ المعدول إليه على التعريف الثاني ، هو القياس الأقوى الأعم من أن يكون جلياً أو خفياً ، بخلاف التعريف الثالث فإنّ المعدول إليه قياس خفيّ. ولنذكر مثالين :

١. مقتضى القياس الجلي ، هو إلحاق سؤر الطيور المعلّمة بسؤر الحيوان المفترس في النجاسة على القول بنجاسة سؤره لاشتراكهما في الافتراس ، ولكن مقتضى القياس الخفي إلحاقه بسؤر الإنسان في الطهارة.

٢. إذا وقف أرضاً زراعية فهل يدخل فيه حقوق الري والمرور؟ قولان :

أ. لا يدخل حقوق الريّ والمرور في الوقف قياساً على البيع ، فإنّ البيع ، والوقف يشتركان في خروج المبيع عن ملك الواقف والبائع ، فلا يدخل في بيع

__________________

(١) الوجيز في أُصول الفقه : ٨٦.

١٦٤

الأرض الزراعية حقوقُ ريّها وصرفها والمرور إليها بدون ذكرها ، فكذلك في وقفها ، وهذا هو مقتضى القياس الظاهري.

ب. يدخل حقوق الري والمرور قياساً على الإجارة بجامع انّ المقصود من كلّ منهما الانتفاع بريع العين لا تملُّك رقبتها ، وفي إجارة الأرض الزراعية تدخل حقوق ريّها وصرفها والمرور إليها بدون ذكرها ، فكذلك في وقفها ، وهذا هو العدول عن مقتضى القياس الظاهري إلى مقتضى القياس الخفي وسمّوه بالاستحسان. (١)

أقول : إنّ دخول حقّ الريّ والمرور أو عدمه لا يبتني على قياس الوقف بالبيع أو الإجارة ، بل هما مبنيان على وجود الملازمة العرفية بين وقف الأرض ودخول حقوق ريّها والمرور إليها فيه أو عدمها ، فلو قلنا بالملازمة العرفية بين إخراج الشيء عن ملكه وإخراج ما يتوقف الانتفاع به عليه (كحقوق ريّها وصرفها والمرور إليها على نحو إذا بيعت الأرض الزراعية أو أُوجرت أو أُوقفت يفهم منه نقل توابعها ممّا يتوقف الانتفاع بها عليها) فيدخل إلّا أن ينصَّ على خلافه ، ولو قلنا بعدم الملازمة وانّه لا يفهم من نقل الأصل ، نقل التوابع ، فلا يدخل واحد ، فعلى الأوّل يكونُ الدخول هو مقتضى القاعدة حتى يثبت خلافه بخلاف الثاني ، فإنّه يكون عدم الدخول هو المطابق لمقتضى القاعدة حتى يثبت خلافه.

ونظير المقام توابع المبيع من اللجام والسرج ومفتاح الباب وغيرها ، وبذلك تعرف انّه لا دور للقياس في حلّ المسألتين خروجاً وعدمه ، حتّى يسمّى العدول استحساناً وإنّما يجب على الفقيه أن يركز على الملازمة العرفية بين النقلين وعدمها.

__________________

(١) مصادر التشريع الإسلامي : ٧٢.

١٦٥

الرابع : العدول من مقتضى القياس بدليل

قد يطلق ويراد منه هو العدول عن مقتضى القياس بدليل شرعي ، سواء كان المعدول إليه قياساً أم غيره. نعم يشترط في المعدول عنه كونه قياساً.

وهذا هو الذي يظهر أيضاً من السرخسي في أُصول فقهه قال : هو الدليل يكون معارضاً للقياس الظاهر الذي تسبق إليه الأوهام قبل إنعام التأمل فيه ، وبعد إنعام التأمل في حكم الحادث وأشباهه من الأُصول يظهر أنّ الدليل الذي عارضه ، فوقه في القوة وانّ العمل به هو الواجب. (١)

وظاهر هذا التعريف كما عرفت أنّ العدول عن القياس بدليل شرعي هو الاستحسان ، وعلى ضوء هذا يختص الاستحسان بصورة العدول عن مقتضى القياس فحسب لا مطلق الدليل ، فيشترط في المعدول عنه أن يكون قياساً ، وأمّا المعدول إليه ، فيشترط أن يكون دليلاً غير القياس.

وهذا هو الظاهر من الكرخي أيضاً حيث عرفه بقوله : إثبات الحكم في صورة من الصور على خلاف القياس من نظائرها مع أنّ القياس يقتضي إثباته ، بدليل خاص لا يوجد في غيرها. (٢)

ولنذكر مثالاً :

إذا ضاع شيء تحت يد الصانع ، فمقتضى القياس هو عدم ضمانه إذا ضاع أو تلف لديه من غير تقصير منه قياساً على يد المودع ، ولكن روي عن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه‌السلام) والقاضي أبي أُمية شريح بن الحارث الكندي بأنّهما يضمّنان

__________________

(١) (أُصول الفقه : ٢٠٠ / ٢.)

(٢) الوصول إلى الأُصول : ٣٢١ / ٢ ؛ المنخول : ٣٧٥ ، حيث قال : الصحيح في ضبط الاستحسان ما ذكره الكرخي.

١٦٦

الصنّاع ، وما هذا إلّا لأنّ عدم تضمينهم ربما ينتهي إلى إهمالهم في حفظ أموال الناس. (١)

وروي أنّ الإمام الشافعي يذكر انّه قد ذهب شريح إلى تضمين القصّار فضمّن قصّاراً احتُرق بيته ، فقال : تضمّنني وقد احترق بيتي ، فقال شريح : أرأيت لو احترق بيته كنت تترك له أجرك. (٢)

وعلى ضوء هذا المثال ربما يفسر الاستحسان : بترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس.

أقول : المثال قابل للنقاش.

أوّلاً : ليس المورد من موارد القياس ، لأنّ قياس الأجير ، بالودعي قياس مع الفارق ، فإنّ الأوّل يأخذ المال لصالحه بُغية أخذ الأُجرة لعمله ، وهذا بخلاف الودعي فإنّه يأخذ المال لصالح صاحب المال ، فقياس الأوّل بالثاني مع هذا الفارق ، قياس مع الفارق.

ثانياً : إذا كان المورد غير صالح لإعمال القياس لفقدان بعض شرائطه فيكون المرجع ، هو الأصل الأوّلي في الأموال ، وليس إلّا الاحترام والضمان حتى يثبت خلافه لا الاستحسان «أعني : كون الضمان أوفق للناس ، أو لئلّا ينتهي إلى الإهمال في أموال الناس» وإن كانت النتيجة واحدة. فإذا أتلفه الأجير أو تلف عنده فمقتضى قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» هو الضمان ما لم يدل دليل على خلافه كما دلّ في مورد الودعي حيث ليس لصاحب المال تغريم الودعي ، نعم لصاحب المال إحلافه على أنّ التلف لم يكن عن تعد أو تفريط ، ولذلك قالوا : «ليس على الأمين إلّا اليمين».

__________________

(١) (السنن الكبرى : ١٢٢ / ٣.)

(٢) السنن الكبرى : ١٢٢ / ٣.

١٦٧

الخامس : الاستحسان والعمل بأقوى الدليلين

إذا كان بين الدليلين تعارض بنحو التباين أو بنحو العموم والخصوص من وجه ، يُعمل بأقوى الدليلين ، فالأوّل كما إذا ورد «ثمن العذرة سحت» ، وورد أيضاً «لا بأس ببيع العذرة». والثاني كما إذا قال : أكرم العلماء وقال أيضاً : لا تكرم الفاسق ، فاجتمع الدليلان في العالم الفاسق ، ففي هذه الموارد يرجع إلى مرجّحات باب التعارض التي طرحها الأُصوليون في باب التعادل والترجيح ، وأهمّ المرجّحات هو موافقة الكتاب ، أو موافقة السنّة ، أو كون أحد الدليلين موافقاً لما هو المشهور بين العلماء ، أو غير ذلك.

ونظير ذلك إذا كان بين الدليلين تزاحم ، كما إذا تزاحم الأمر بإنقاذ نفس محترمة بالتصرف في أرض الغير ، أو تزاحم أداء الدين مع الحجّ إلى غير ذلك من موارد المتزاحمين ، فيرجع فيهما إلى أقوى الدليلين ملاكاً وأعظمهما أهمية.

فلو أُريد من الاستحسان هذا فلا أظن أن يكون هذا موضع اختلاف بين مالك والشافعي ، أو بين القائلين به والنافين له.

السادس : الاستحسان والأخذ بالعرف

وربما يفسر الاستحسان بالرجوع إلى العرف كما في عقد «الاستصناع» وهو عقد على معدوم وقد قيل بصحته لأخذ العرف به ، ولعلّ المراد من العرف هو السيرة ولكنّها لا تكون دليلاً على مشروعية العقد إلّا أن تكون متصلة إلى عصر المعصوم حتّى يقع موقع إقراره.

يلاحظ عليه : أنّ صحّة بيع السلم والاستصناع مستفادة من عموم الكتاب والسنّة ، قال سبحانه : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) من دون حاجة

١٦٨

إلى التمسّك بالاستحسان المفسّر بالعرف.

نعم زعم المستدلّ أنّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) نهى عن بيع المعدوم ، وهو بظاهره يشمل السلم ، فجعل تجويز بيع السلم من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ترخيصاً واستثناء مبنياً على الاستحسان.

ومن هذا القبيل ، بيع الاستصناع الرائج في عصر الصنعة ، حيث إنّ أصحاب الصنائع يعقدون اتّفاقية مع الشركات ، لصنع أشياء خاصّة ويسلّمون الثمن مقدّماً ويؤجّلون المثمن ، فزعم القائل أنّ هذا النوع من البيع داخل فيما نهى عنه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، لكن يُرخَّص استحساناً.

لكن المبنى (نهيه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) عن بيع المعدوم) باطل ، والبناء (إخراج المورد بالاستحسان) المبني عليه مثله إنّما الوارد قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا تبع ما ليس عندك» (١) ، وهو ناظر إلى المبيع الشخصي الذي هو تحت يد الغير وملكه ، فليس للإنسان أن يبيع مال الغير ، الذي لا يملكه ، وأين هو من بيع السلم الذي هو بيع شيء في الذمّة؟! فلم يكن السلم والسلف ولا الاستصناع وما ضاهاه داخلاً في المنهي عنه حتى يحتاج إلى الاستثناء فإنّ السلم معاملة عقلائية رائجة في عامة القرون حيث إنّ أصحاب الذمم المعتبرة يتعهّدون بتسليم المبيع الكلّي في الذمّة للمشتري في أجل خاص. وسيوافيك الكلام فيه في آخر الفصل.

السابع : الاستحسان والمصلحة

وربّما يفسّر الاستحسان بإدراك العقل مصلحة توجب جعل حكم من الشارع له على وفقها ، وهذا يرجع إلى الاستصلاح والمصالح المرسلة الذي سيوافيك البحث فيه في الفصل التالي.

__________________

(١) بلوغ المرام ١٦٢ ، الحديث ٨٢.

١٦٩

الثامن : العدول عن مقتضى الدليل إلى ما يستحسنه المجتهد

الظاهر أنّ المراد بالاستحسان هو العدول عن مقتضى الدليل باستحسان المجتهد.

وقريب منه ما يقال : «دليل ينقدح في نفس المجتهد لا يقدر على التعبير عنه» ولذلك يستحسن أن يفتي على وفقه.

وبعبارة أُخرى : يستحسن أن يكون الموضوع داخلاً تحت ذلك الدليل لا الدليل الآخر من دون أن يكون له دليل على هذا سوى استحسانه.

والاستحسان بهذا المعنى قابل للنقض والإبرام ، وقد نقل عن الشافعي أنّه قال : «أفرأيت إذا قال المفتي في النازلة ليس فيها نصّ خبر ولا قياس ، وقال : استحسن فلا بدّ أن يزعم أنّه جائز لغيره أن يستحسن خلافه ، فيقول كلّ حاكم في بلد ومفت بما يستحسن ، فيقال في الشيء الواحد بضروب من الحكم والفتيا ، فإن كان هذا جائزاً عندهم فقد أهملوا أنفسهم فحكموا حيث شاءوا ، وإن كان ضيقاً فلا يجوز أن يدخلوا فيه». (١)

ولعلّ مراد الشافعي من كلامه هذا ما استظهره بعض الأجلة وقال :

والظاهر أنّ مراده هو الردع عن خصوص هذا القسم ، كما تومئ إليه بقية أقواله ، ممّا لا تخضع لضوابط من شأنها أن تقلل من وقوع الاختلاف وتفسح المجال أمام المتطفّلين على منصب الإفتاء ليرسلوا كلماتهم بسهولة استناداً إلى ما يدعونه لأنفسهم من انقداحات نفسية وأدلّة لا يقدرون على التعبير عنها ، ممّا يسبِّب إشاعة الفوضى في عوالم الفقه والتشريع. (٢)

__________________

(١) (فلسفة التشريع الإسلامي : ١٧٤.)

(٢) الأُصول العامة للفقه المقارن : ٣٦٣.

١٧٠

ويمكن توضيح هذا الوجه من الاستحسان بمثالين :

أ. انّ مقتضى إطلاق قوله سبحانه : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (١) ، هو قطع يد السارق دون فرق بين عام الرخاء والمجاعة ، ولكن نقل عن عمر عدم العمل به في عام المجاعة.

ب. يقول سبحانه : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (٢) ، وقد نقل عن الإمام مالك إخراج الأُم الرفيعة المنزلة التي ليست من شأن مثلها أن ترضع ولدها ، وعلى هذا ينطبق تعريف الجرجاني : الاستحسان ترك القياس والأخذ بما هو أوفق للناس. (٣)

أقول : لا وجه للعدول عن إطلاق الآية الشامل لعام المجاعة والأُم الرفيعة المنزلة وغيرهما إلّا بدليل ، ويمكن أن يكون الدليل انصراف الآية عن الصورتين ، والانصراف يحدّد دلالة الدليل ويُتّبع الدليل في غير مورد الانصراف.

ولكن الذي يؤاخذ على هذا الاستعمال هو انّ تسمية الانصراف وأشباهه ممّا يوجب العدول عن الدليل الأوّل بالاستحسان أمر غير صحيح.

وبعبارة أُخرى : إذا كان هنا دليل على العدول ، وكان المورد يتمتع برصيد خاص ، فما هو الوجه لاستعمال كلمة الاستحسان المريب ، إذ من الواضح انّ استحسان شخص واستقباحه ما لم يعتمد على دليل ، لا يعدّان من مصادر التشريع؟

__________________

(١) (المائدة : ٣٨.)

(٢) (البقرة : ٢٣٣.)

(٣) التعريفات : ١٣.

١٧١

نتائج البحث

١. فظهر ممّا ذكرنا أنّ الاستحسان لم يكن يمتلك مفهوماً واضحاً عند القائلين به أو النافين لحجّيته ، ولذلك فسّروه بتعاريف مختلفة ، كلّ يهدف إلى معنى خاص.

والعجب أنّ النفي والإثبات وردا على موضوع غير محدّد المفهوم.

٢. كما ظهر أيضاً أنّ الاستحسان يطلق ويراد به أحد المعاني الثمانية التالية :

الأوّل : العمل بالظن والرأي ؛ فهو فرع وجود دليل على حجّيته وعندئذ لا يختلف فيه عالمان.

الثاني : العدول عن القياس إلى قياس أقوى ، فلو قلنا بحجّية القياس فلا محيص عن العدول.

الثالث : العدول عن مقتضى قياس جليّ إلى قياس خفي ، فلو كان المعدول إليه أقوى فلا محيص عنه ، وإلّا صار القياسان متعارضين.

الرابع : العدول عن مقتضى القياس بالدليل سواء كان المعدول إليه قياساً ، أو غيره فهو أيضاً على وفق القاعدة بشرط أن يكون الدليل أقوى من القياس.

الخامس : العمل بأقوى الدليلين في بابي التعارض والتزاحم ، فهو أيضاً أمر لا سترة فيه.

السادس : العمل بالعرف والسيرة المستمرة ، فهو أمر صحيح بشرط أن تكون

١٧٢

السيرة مورد تقرير للمعصوم.

السابع : العمل بالمصلحة ، فالاستحسان بهذا المعنى لا يكون أصلاً مستقلاً برأسه ، والمفروض أنّه دليل في مقابل الاستصلاح.

الثامن : العدول عن مقتضى الدليل بشيء كالانصراف وغيره.

٣. إنّ من عجائب الدهر وما عشت أراك الدهر عجباً الاستدلال على الاستحسان الّذي لم يمتلك مفهوماً واحداً ، بل تردّد بين معان ثمانية ، ولم يحدد تحديداً دقيقاً ، فإقامة الدليل على صحّته أمر غير ممكن.

قال الأُستاذ خلّاف : والظاهر انّ الفريقين المختلفين في الاستحسان لم يتّفقا في تحديد معناه ، فالمحتجّون به يريدون منه معنى غير الّذي يريده غير المحتجّين به ، ولو اتّفقوا على تحديد معناه ما اختلفوا في الاحتجاج به ، لأنّ الاستحسان هو عند التحقيق عدول عن دليل ظاهر أو عن حكم كلّي لدليل اقتضى هذا العدول ، وليس مجرّد تشريع بالهوى. وكلّ قاض قد تنقدح في عقله في كثير من الوقائع مصلحة حقيقية ، تقتضي العدول في هذه الجزئية ممّا يقضي به ظاهر القانون ، وما هذا إلّا نوع من الاستحسان. (١)

٤. إنّ الاختلاف في حجّية الاستحسان ناتج عن عدم دراسة مصادر التشريع حسب مراتبها ، فإنّ تقديم دليل على دليل آخر سواء كانا قياسين أو غيرهما فرع وجود الملاك للتقديم حتى تقدم إحدى الحجّتين على الأُخرى بملاك وليس الاستحسان منه أبداً ، وعلى القائلين بالاستحسان بالوجوه المذكورة أن يدرسوا ملاك تقدّم الأدلّة بعضها على بعض.

__________________

(١) علم أُصول الفقه : ٩٢.

١٧٣

مثلاً انّ الخاص يقدّم على العام ، والمقيّد على المطلق ، والنص على الظاهر المخالف ، وأحكام العناوين الثانوية كالضرر والحرج على أحكام العناوين الأوّلية وغير ذلك ، فتقديم أيّ دليل على آخر يجب أن يكون داخلاً تحت أحد هذه الملاكات وأمثالها ممّا قرّر في مبحث تعارض الأدلّة وترجيحها ، لا تحت عنوان الاستحسان ، وعلى هذا لو فسروا الاستحسان بمعنى تقدم أحد الدليلين على الدليل الآخر بملاك موجب له ، لاتّفقت الشيعة أيضاً معهم.

ومما يرشد إلى ذلك انّ الأُستاذ «أبو زهرة» يعرف القياس ويقسمه إلى قسمين : أحدهما : استحسان القياس ، والآخر : استحسان سبب معارضة القياس ، ويمثل للقسم الأوّل بقوله : أن يكون في المسألة وصفان يقتضيان قياسين متباينين أحدهما ظاهر متبادر وهو القياس الاصطلاحي ، والثاني خفي يقتضي إلحاقها بأصل آخر فتسمى هنا استحساناً ، مثل انّ المرأة عورة من قمة رأسها إلى قدميها ، ثمّ أُبيح النظر إلى بعض المواضع للحاجة ، كرؤية الطبيب ، فأعملت علّة التيسير هنا في هذا الموضع. (١)

إنّ الأُستاذ وإن أصاب في تقديم الدليل الثاني على الأوّل ولكنّه لم يذكر وجهه ، فانّ المقام داخل تحت العناوين الثانوية فتقدم على أحكام العناوين الأوّلية ، فقوله سبحانه : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) يدلّ على أنّ كلّ حكم حرجي مرفوع في الإسلام وغير مشرّع ، فلو افترضنا انّ بدن المرأة عورة كلّه يجب عليها ستره ، لكن هذا الحكم يختص بغير حالة الضرورة ، وذلك لتقدم

__________________

(١) (أُصول الفقه : ٢٤٧ ٢٤٩.)

(٢) الحج : ٧٨.

١٧٤

أحكام العناوين الثانوية كالضرورة والاضطرار على العناوين الأوّلية ، فقوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «رفع عن أُمّتي ما اضطروا إليه» دليل على إباحة الرؤية ، فأي صلة لهذه المسألة بالاستحسان ، وما هذا إلّا لأنّ القوم لم يقيّموا مصادر التشريع حسب مراتبها فأسموا مثلَ ذلك بالاستحسان.

١٧٥

الاستدلال على حجّية الاستحسان

استدلّوا على حجّيته بوجوه :

الأوّل : قوله سبحانه : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ). (١)

يلاحظ عليه : أنّ الآية ناظرة إلى القول الأحسن الذي يدعمه العقل والفطرة في مجال العقائد والمعارف. والشاهد عليه قوله سبحانه قبل هذه الآية.

يقول سبحانه : (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ* الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ). (٢)

فالآية تندد بمن يعبد الطاغوت وتمدح من يجتنبه ويعبد الله وحده. فأين هذا من الاستحسان في الحكم الشرعي في مقام القضاء والإفتاء؟! وعلى فرض الشمول للأحكام العملية فالآية تمدح من يتبع القول الأحسن الّذي له رصيد عقلي أو نقلي لا مطلق الجنوح إلى شيء بلا دليل عليه.

ونظير هذه الآية قوله سبحانه : (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ). (٣)

__________________

(١) (الزمر : ١٨.)

(٢) (الزمر : ١٨١٧.)

(٣) الزمر : ٥٥.

١٧٦

فإنّ المتّبع في الآية ما علم نزوله من جانبه سبحانه وصيغة «أحسن» مجردة عن التفضيل. وأين هذا من الاتّباع لما لم يعلم أنّ له رصيداً من الكتاب والسنّة أو لا؟!

الثاني : ما نقل عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن.

يلاحظ عليه : بعد ثبوت نسبته إليه وحجّية قوله بعد ثبوت النسبة أنّ المراد ما اتّفق المسلمون على حسن الشيء وقبحه لا الفقيه الواحد.

الثالث : النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) رخّص في مسائل على أساس الاستحسان دون أن ينزل عليه الوحي ، وهي :

أ. نهى رسول الله عن بيع المعدوم ، ورخّص في السلم.

ب. نهى رسول الله عن بيع الرطب باليابس ، ورخّص في العرايا.

ج. نهى رسول الله عن أن يختلى شجر مكة وأن يختلى خلاها ، ورخّص في الإذخر.

أقول : قد تقدّم أنّ المستدلّ زعم أنّ النبي (الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم)) اجتهد في هذه المسائل وأفتى على غرار الاستحسان!! والحقّ أنّه لم يكن يفتي إلّا بما أُوحي إليه (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وأنّه أجلّ من أن يكون جاهلاً بالحكم الشرعي أو شاكّاً ثمّ يجتهد في استنباط الحكم ؛ وأمّا المسائل الثلاث فليست مبنية على الإفتاء بالاستحسان.

١. أمّا الترخيص في السلم فقد مضى أنّه لم يرد على لسان الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) قوله : «لا تبع المعدوم» حتّى يكون بيع السلم استثناء ، وإنّما الوارد قوله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «لا تبع ما ليس عندك» وهو ناظر إلى بيع المبيع الشخصي الذي هو تحت الغير ، فما لم يتملّكه البائع لا يحق له أن يبيعه ، لعدم جواز بيع ما ليس عنده ، الذي هو كناية

١٧٧

عمّا لا يملك ، وأين هو من بيع السلم الذي هو بيع شيء في الذمّة؟ فلم يكن ما صدر عن الرسول بنحو الضابطة شاملاً لبيع السلم حتّى يكون الثاني استثناء من الأوّل ومبنياً على اجتهاده واستحسانه.

وأمّا بيع العرايا : فإنّ المماثلة بين المتجانسين (مثلاً بمثل) واجب فيما إذا كان العوضان مكيلين أو موزونين ، كما هو الحال في مبادلة الرطب المجنى من الشجرة بالتمر ، وأمّا الرطب على الشجرة فهو ليس مكيلاً ولا موزوناً ، بل هو مشاهديّ ، فلذلك يقول الفقهاء : يجب تحديد المبيع عن الزيادة والنقص بالكيل أو الوزن أو العدّ أو الزرع أو بالمشاهدة. فقد تعلّق نهي النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بالمكيل والموزون. وبيع العرايا الذي هو بيع الرطب على الشجر باليابس في الأرض ، خارج عن مصب النهي.

وأمّا الثالث ، أعني : استثناء الإذخر من تحريم اختلاء خلاه ، فلم يكن ذلك من اجتهاده أو تابعاً لعلمه حين قال بعد كلام الرسول إلّا الإذخر ، بل لأجل كثرة وجوده في بيوت مكة رخّص سبحانه اختلاه وعضده ، أو للحاجة إليه في بعض الأُمور.

ويعجبني أن أختم البحث بما ذكره بعض المعاصرين حول الاستحسان الذي أخذ من عامّة الفقهاء ومنّا وقتاً كثيراً.

قال الأُستاذ وهبة الزحيلي : بالمقارنة بين أدلّة المنكرين للاستحسان والمثبتين له ، أقرر أنّه ليس هناك ملتقًى موحدٌ في تأسيس الخلاف ، فإنّ إنكار الشافعي للاستحسان إنّما هو المبني على محض العقل ومجرد القول بالرأي والتشهّي من غير اعتماد على دليل شرعي ، وهذا المعنى لم يقل به الحنفية ومشايعوهم.

قال البزدوي : أبو حنيفة (رحمه‌الله) أجل قدراً وأشدّ ورعاً من أن يقول في الدين

١٧٨

بالتشهّي أو عمل بما استحسنه من دليل قام عليه شرعاً. والواقع أنّ الخلاف لفظي كما قلنا ، وراجع إلى العبارة ولا مشاحّة في الاصطلاح ، قال القفال الشافعي : «إن كان المراد بالاستحسان ما دلت الأُصول بمعانيها عليه فهو حسن لقيام الحجّة به ، قال : فهذا لا ننكره ونقول به ، وإن كان ما يقع في الوهم من استقباح الشيء واستحسانه من غير حجّة دلّت عليه من أصل ونظير ، فهو محظور ، والقول به سائغ» وقد ردّد هذا المعنى من بعده ابن السَّمْعاني فقال : «إن كان الاستحسان هو القول بما يستحسنه الإنسان ويشتهيه من غير دليل فهو باطل ، ولا أحد يقول به» ، ثمّ ذكر أنّ الخلاف لفظي ، ثمّ قال : «فإنّ تفسير الاستحسان بما يشنع به عليهم لا يقولون به ، وإنّ تفسير الاستحسان بالعدول عن دليل إلى دليل أقوى منه ، فهذا ممّا لم ينكره أحد عليه». (١)

__________________

(١) أُصول الفقه الإسلامي : ٧٥٠ / ٢.

١٧٩

٣

المصالح المرسلة أو الاستصلاح

هذا الأصل سمّاه المالكية بالمصالح المرسلة ، والغزّالي بالاستصلاح ، ومتكلّمو الأُصوليين بالمناسب المرسَل الملائم ، وربّما يعبر عنه بألفاظ أُخرى.

واستيفاء البحث في هذا الأصل يقتضي ذكر أُمور :

١. بيان الأقسام للوصف المناسب لجعل الحكم على وفقه.

٢. دراسة الأدلّة الّتي أُقيمت على حجّية المصالح المرسلة.

٣. شروط العمل بها.

٤. الكلام الحاسم في الاستصلاح وموقف الإمامية من هذا الأصل.

وإليك دراسة الكلّ واحداً بعد الآخر.

الأمر الأوّل : تقسيم الوصف المناسب

الوصف المناسب لجعل الحكم الشرعي على وفقه من حيث اعتبار الشارع له ينقسم إلى أقسام ثلاثة :

١٨٠