غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٨

التاسع والعشرون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال : أخبرنا المنذر بن محمّد قال : حدّثنا جعفر بن سليمان عن عبد الله ابن الفضل عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه : أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني فإن الفراق قريب ، أنا إمام البرية ووصي خير الخليقة وزوج سيدة نساء هذه الأمة وأبو العترة الطاهرة الهادية ، أنا أخو رسول الله ووصيّه ووليّه ووزيره وصاحبه وصفيّه وحبيبه وخليله ، أنا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيّين ، حربي حرب الله وسلمي سلم الله ، وطاعتي طاعة الله، وولايتي ولاية الله ، وشيعتي أولياء الله وأنصاري أنصار الله ، والذي خلقني ولم أك شيئا ، لقد علم المستحفظون من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الناكثين والقاسطين والمارقين ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى (١).

الثلاثون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه قال : حدّثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر الخزاز عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي قال : قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام : أيكفي من انتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت؟ فو الله ما شيعتنا إلّا من اتقى الله وأطاعه ، وما كانوا يعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشع والأمانة وكثرة ذكر الله والصوم والصلاة وبرّ الوالدين والتعهّد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الألسن عن الناس إلّا من خير ، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء ، فقال جابر : فقلت : يا ابن رسول الله لست أعرف أحدا بهذه الصفة ، فقال عليه‌السلام : يا جابر لا تذهبن بك المذاهب ، حسب الرجل أن يقول أحبّ عليّا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك فعالا ، فلو قال: إني أحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فرسول الله خير من علي ثم لا يعمل بعلمه ولا ينفع بسنته فما نفعه حبه إياه شيئا ، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله ، ليس بين الله وبين أحد قرابة ، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه اتقاهم وأعملهم بطاعته ، والله ما يتقرب إلى الله جل ثناؤه إلا بالطاعة ، فما معنا براءة من النار ولا على الله لأحد من حجة ، من كان لله مطيعا فهو لنا ولي ، ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو ، ولا تنال ولايتنا إلّا بالورع والعمل (٢).

الحادي والثلاثون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٧٠٣ / ٩٦١.

(٢) أمالي الصدوق : ٧٢٥ / ٩٩١ ، أمالي الطوسي : ٧٣٥ / ١٥٣٥.

٨١

عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق عليه‌السلام قال : خرجت أنا وأبي عليه‌السلام حتى إذا كنا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة فسلم عليهم فردوا عليه‌السلام قال : إني والله لأحب ريحكم وأرواحكم فاعينوني على ذلك بورع واجتهاد ، واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد ، ومن ائتمّ منكم بعبد فليعمل بعمله ، أنتم شيعة الله وأنتم أنصار الله وأنتم السابقون الاولون والسابقون الآخرون ، السابقون في الدنيا إلى ولايتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة ، قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وضمان رسوله ، ما على درجات الجنّة أحد أكثر أزواجا منكم ، فتنافسوا في فضائل الدرجات ، أنتم الطيبون ونساؤكم الطيبات ، كل مؤمنة حوراء عين وكل مؤمن صدّيق ، ولقد قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لقنبر : يا قنبر أبشر واستبشر فلقد مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمّته ساخط إلّا على الشيعة ، ألا وإنّ لكل شيء عروة وعروة الإسلام الشيعة ألا وإن لكل شيء دعامة ودعامة الإسلام الشيعة ، ألا وإن لكلّ شيء شرفا وشرف الإسلام الشيعة ، ألّا وإنّ لكلّ شيء سيّدا وسيّد المجالس مجالس الشيعة ، ألا وإنّ لكل شيء إماما وإمام الأرض أرض تسكنها الشيعة ، والله لو لا ما في الأرض منكم لما أنعم الله على أهل خلافكم ولا أصابوا الطيّبات ، ما لهم في الدنيا وما لهم في الآخرة من نصيب ، كلّ ناصب وان تعبد واجتهد فمنسوب إلى هذه الآية (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) (١) وكلّ ناصب مجتهد فعمله هباء ، شيعتنا ينظرون بنور الله ومن خالفهم ينقلب بسخط الله ، والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله عزوجل بروحه إلى السماء فإن كان قد أتى عليه أجله جعله في كنوز رحمته وفي رياض جنته وفي ظل عرشه ، وإن كان أجله متأخّرا عنه بعث الله أمينه من الملائكة ليؤدّيه إلى الجسد الذي خرج منه ليسكن فيه ، والله إن حجّاجكم وعمّاركم لخاصة الله وإن فقراءكم لأهل الغنى وإن أغنياءكم لأهل القنوع وإنكم كلكم لأهل دعوة الله وأهل إجابته (٢).

الثاني والثلاثون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد عن القاسم بن يحيى عن جدّه الحسن بن راشد عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على منبره : يا علي إن الله عزوجل وهب لك حب المساكين والمستضعفين في الأرض ، فرضيت بهم إخوانا ورضوا بك إماما ، فطوبى لمن أحبك وصدق عليك وويل لمن أبغضك وكذب عليك ، يا علي أنت العالم لهذه الأمة ، من أحبك فاز ومن أبغضك هلك ، يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها وهل

__________________

(١) الغاشية : ٣ ـ ٧.

(٢) أمالي الصدوق : ٧٢٥ ـ ٧٢٦ / ٩٩٢.

٨٢

تؤتى المدينة إلا من بابها؟ يا علي أهل مودتك كل أواب حفيظ وكل ذي طهر لو اقسم على الله لبرّ قسمه.

يا علي إخوانك كل طاهر وزاك مجتهد يحب فيك ويبغض فيك محتقر عند الخلق عظيم المنزلة عند الله عزوجل ، يا علي محبوك جيران الله عزوجل في دار الفردوس لا يأسفون على ما خلّفوا من الدنيا ، يا علي أنا ولي لمن واليت وأنا عدو لمن عاديت ، يا علي من أحبّك فقد أحبني ومن أبغضك فقد أبغضني ، يا علي إخوانك ذبل الشفاه تعرف الرهبانية في وجوههم ، يا علي إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن : عند خروج أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت ، وعند المساءلة في قبورهم ، وعند العرض الأكبر ، وعند الصراط إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا ، يا علي حربك حربي وسلمك سلمي وحربي حرب الله ومن سالمك فقد سالمني ومن سالمني فقد سالم الله عزوجل ، يا علي بشّر إخوانك فإن الله عزوجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائدا ورضوا بك وليّا ، يا علي أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ، يا علي شيعتك المنتجبون ولو لا أنت وشيعتك ما قام لله عزوجل دين ، ولو لا من في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها.

يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها ، شيعتك تعرف بحزب الله عزوجل ، يا علي أنت وشيعتك القائمون بالقسط وخيرة الله من خلقه ، يا علي أنا أول من ينفض التراب عن رأسه وأنت معي ثم سائر الخلق ، يا علي أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش يفزع الناس ولا تفزعون ويحزن الناس ولا تحزنون فيكم نزلت هذه الآية (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١) وفيكم نزلت (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٢).

يا علي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف وأنتم في الجنان تتنعّمون ، يا علي إن الملائكة والخزّان يشتاقون إليكم وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصّونكم بالدعاء ويسألون الله لمحبّيكم ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة ، يا علي شيعتك الذين يخافون الله في السر وينصحونه في العلانية ، يا علي شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لأنهم يلقون الله عزوجل وما عليهم من ذنب ، يا علي أعمال شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة فأفرح بصالح ما يبلغني من أعمالهم واستغفر لسيئاتهم.

يا علي ذكرك الله في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير وكذلك في الإنجيل ، فسل

__________________

(١) الأنبياء : ١٠١.

(٢) الأنبياء : ١٠٣.

٨٣

أهل الإنجيل وأهل الكتاب عن إليا يخبروك مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاك الله عزوجل من علم الكتاب ، وأن أهل الإنجيل ليتعاظمون إليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته وإنّما يعرفونهم بما يجدونه في كتبهم، يا علي إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير ، فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهادا ، يا على إن أرواح شيعتك لتصعد الى السماء في رقادهم ووفاتهم فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم ولما يرون من منزلتهم عند الله عزوجل ، يا علي قل لاصحابك العارفين بك يتنزّهون عن الاعمال التي يقارفها عدوّهم فما من يوم وليلة إلا ورحمة من الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجنبوا الدّنس ، يا علي اشتد غضب الله عزوجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم واستبدل بك وبهم ، ومال إلى عدوك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب الحرب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وأمواله فينا.

يا علي اقرأهم منّي السلام من لم أر منهم ولم يرني وأعلمهم أنّهم إخواني الذين أشتاق إليهم فليلقوا علمي إلى من يبلّغ القرون من بعدي ، وليتمسّكوا بحبل الله وليعتصموا به وليجتهدوا في العمل فإنّا لن نخرجهم من هدى إلى ضلالة ، وأخبرهم أن الله عزوجل عنهم راض وأنّه يباهي بهم ملائكته وينظر إليهم في كل جمعة برحمته ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم ، يا عليّ لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فأحبوك لحبّي إيّاك ، ودانوا لله عزوجل بذلك وأعطوك صفوة المودة في قلوبهم واختاروك على الآباء والأخوة والأولاد وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا فأبوا إلا نصرنا وبذل المهج فينا مع الأذى وسوء القول وما يقاسونه من مضاضة ذلك فكن بهم رحيما واقنع بهم فإنّ الله تبارك وتعالى اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق وخلقهم من طينتنا واستودعهم سرّنا وألزم قلوبهم معرفة حقّنا ، وشرح صدورهم وجعلهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يزول من الدّنيا عنهم وميل الشيطان بالمكاره عليهم ، وأيّدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به والناس في غمرة الضلال متحيرون في الأهواء ، عموا عن الحجّة وما جاء من عند الله عزوجل ، فهم يصبحون ويمسون في سخط الله ، وشيعتك على منهاج الحقّ والاستقامة لا يستأنسون إلى من خالفهم وليست الدّنيا منهم وليسوا منها أولئك مصابيح الدّجى (١).

الثالث والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : أخبرنا محمّد أبو القاسم جعفر

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦٥٥ ـ ٦٥٨ / ٨٩١ ، وبحار الأنوار : ٣٥ / ٣٠٩ ح ١٢٢.

٨٤

ابن محمّد قال : حدّثني أبي عن سعيد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن يعقوب بن شعيب عن صالح بن ميثم التمّار رحمه‌الله قال : وجدت في كتاب ميثم رضى الله عنه يقول : تمسّينا ليلة عند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال لنا : ليس من عبد امتحن الله قلبه بالإيمان إلّا أصبح يجد مودّتنا على قلبه ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلّا أصبح يجد بغضنا على قلبه ، فأصبحنا نفرح بحبّ المحبّ لنا ونعرف ببغض المبغض لنا وأصبح محبّنا مغتبطا بحبّنا برحمة من الله ينتظرها كلّ يوم ، وأصبح مبغضنا يؤسّس بنيانه على شفا جرف هار فكأن ذلك الشّفا قد انهار به في نار جهنّم ، وكأنّ أبواب الرحمة قد فتحت لأهل أصحاب الرحمة ، فهنيئا لأصحاب الرحمة رحمتهم وتعسا لأهل النار مثواهم، إنّ عبدا لم يقصر في حبّنا لخير جعله الله في قلبه ، ولن يحبّنا من يحبّ مبغضنا إنّ ذلك لن يجتمع في قلب واحد (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ) (١) يحبّ بهذا قوما ويحبّ بالآخر عدوّهم ، والذي يحبّنا فهو يخلص حبّنا كما يخلص الذهب الذي لا غشّ فيه ، ونحن النجباء وأفراطنا افراط الأنبياء وأنا وصيّ الأوصياء وأنا حزب الله ورسوله والفئة الباغية حزب الشيطان ، فمن أحبّ أن يعلم حاله في حبّنا فليمتحن قلبه فإن وجد فيه حبّ من ألّب علينا فليعلم أنّ الله عدوّه وجبرئيل وميكائيل فإنّ الله عدوّ للكافرين (٢).

الرابع والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمّد بن محمد قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد قال : حدّثني أبي عن سعيد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن محمد بن خالد عن فضالة عن أبي بصير عن أبي جعفر محمد بن عليّ عليهما‌السلام قال : إنّا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليّين وخلق عدوّنا من طينة خبال من حماء مسنون (٣).

الخامس والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمّد بن محمد قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعاني قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال : حدّثنا محمد بن أبي القاسم الحارثي قال : حدّثنا أحمد بن صبيح قال : حدّثنا محمد بن إسماعيل الهمداني عن الحسين ابن مصعب قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : من أحبّنا لله وأحبّ محبّينا لا لغرض دنيا يصيبها منه وعادى عدوّنا لا لأحنة (٤) كانت بينه وبينه ثمّ جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر غفرها الله تعالى له (٥).

__________________

(١) الأحزاب : ٤.

(٢) أمالي الطوسي : ١٤٨ ـ ١٤٩ ح ٢٤٣ ، وبشارة المصطفى : ١٤٣.

(٣) أمالي الطوسي : ١٤٩ ح ٢٤٤.

(٤) الاحنة : العداوة والحقد.

(٥) أمالي الطوسي : ١٥٧ ح ٢٥٩.

٨٥

السادس والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن الحسين البصري البزّاز قال : حدّثنا أبو علي أحمد بن عليّ بن مهدي عن أبيه عن الرضا عليّ بن موسى عن أبيه عن جدّه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب ويضاعف الحسنات ، وإنّ الله تعالى ليتحمل عن محبّينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلّا ما كان منهم فيها على إضرار أو ظلم للمؤمنين فيقول للسيئات كوني حسنات (١).

السابع والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمد بن محمد قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد قال : حدّثنا أبو عليّ محمد بن همّام قال : حدّثنا عليّ بن محمد بن مسعدة قال : حدّثني جدّي مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : والله لا يهلك هالك على حبّ عليّ عليه‌السلام إلّا رآه في أحبّ المواطن له (٢).

الثامن والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا محمد بن عليّ بن خنيس عن القاضي يزيد بن جناح ابن إسحاق المحاربي قال : حدّثنا عبد الله بن زيد بن أبي يزيد البجلي قال : حدّثنا عبّاد بن يعقوب قال : أخبرنا يوسف بن كليب عن هارون بن الحسن عن أبي سالم مولى قيس قال : خرجت مع مولاي المدائن قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ما من عبد ولا أمة يموت وفي قلبه مثقال حبّة من خردل من حبّ عليّ عليه‌السلام إلّا أدخله الله عزوجل الجنّة (٣).

التاسع والثلاثون : أمالي الشيخ قال : أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفّار قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن عليّ بن علي الدعبلي ، قال : حدّثني أبي الحسن عليّ بن عليّ بن دعبل بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقا أخو دعبل بن عليّ الخزاعي رضى الله عنه ببغداد سنة اثنتين وسبعين ومائتين قال : حدّثنا سيّدي أبو الحسن عليّ بن موسى الرضا بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة قال: حدّثنا أبي موسى بن جعفر قال : حدّثنا أبي جعفر بن محمّد قال : حدّثنا أبي محمد بن علي قال : حدّثنا أبي علي بن الحسين قال ؛ حدّثنا أبي الحسين بن عليّ قال : حدّثنا أبي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يقول الله عزوجل : من آمن بي وبنبيّي وتولّى عليّ بن أبي طالب أدخلته الجنّة على ما كان من عمله (٤).

الأربعون : أمالي الشيخ بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وأربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذرّيتي من بعدي والقاضي لهم حوائجهم والسّاعي لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه

__________________

(١) أمالي الطوسي : ١٤٦ ح ٢٧٤.

(٢) أمالي الطوسي : ١٦٤ ح ٢٧٣.

(٣) أمالي الطوسي : ٣٣٠ ح ٦٦٠.

(٤) أمالي الطوسي : ٣٦٦ ح ٧٧٨.

٨٦

والمحبّ لهم بقلبه ولسانه (١).

الحادي والأربعون : أمالي الشيخ بهذا الاسناد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة وفرغ الله من حساب الخلائق دفع الخالق عزوجل مفاتيح الجنّة والنار إليّ فأدفعها إليك فأقول لك : احكم ، قال علي : والله إنّ للجنّة إحدا وسبعين بابا يدخل من سبعين منها شيعتي وأهل بيتي ومن باب واحد سائر الناس (٢).

الثاني والأربعون : الشيخ في كتاب المجالس قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال : حدّثنا أبو الطيّب محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي ببغداد قال : حدّثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمّدي قال : حدّثنا نوح بن درّاج القاضي عن ثابت بن أبي صفية قال : حدّثني يحيى بن أمّ الطويل أنّه أخبره عن نوف بن عبد الله البكالي قال : قال لي عليّ عليه‌السلام : يا نوف خلقنا من طينة طيّبة وخلق شيعتنا من طينتنا فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.

قال نوف : فقلت له : صف شيعتك يا أمير المؤمنين؟ فبكى لذكري شيعته ثم قال : يا نوف شيعتي والله الحكماء العلماء بالله ودينه العاملون بطاعته وأمره المهتدون بحبّه أنضاء عبادة ، أحلاس زهادة (٣) صفر الوجوه من التهجّد عمش العيون من البكاء ذبل الشفاه من الذّكر خمص البطون من الطّوى ، تعرف الرهبانيّة في وجههم والرهبانيّة في سمتهم مصابيح كلّ ظلمة وريحان كلّ قبيل ، لا يثنون من المسلمين سلفا ولا يقفون لهم خلفا ، شرورهم مكنونة وقلوبهم محزونة وأنفسهم عفيفة وحوائجهم خفيفة ، أنفسهم منهم في عناء والناس منهم في راحة فهم الكاسة الألبّاء والخاصّة النجباء ، وهم الروّاغون فرارا بدينهم إن شهدوا لهم لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا ، أولئك شيعتي الأطيبون واخواني الأكرمون ألا ها شوقا إليهم(٤).

الثالث والأربعون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال : أخبرنا عمر بن أحمد بن حمدان القشيري قال : حدّثنا المغيرة بن محمد بن المهلب قال : حدّثنا عبد الغفار بن محمد بن كثير الكلابي الكوفي عن عمرو بن ثابت عن جابر بن أبي جعفر محمد بن علي عن عليّ ابن الحسين عن أبيه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبّي وحبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة : عند الوفاة وفي القبر وعند النشور وعند الكتاب وعند الحساب وعند الميزان وعند الصراط (٥).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٣٦٦ ح ٧٧٩.

(٢) أمالي الطوسي : ٣٦٩ ح ٧٨٤.

(٣) الانضاء : جمع نضو وهو المهزول ، والزهادة : الملازم للزهد في بيته.

(٤) أمالي الطوسي : ٥٧٦ ح ١١٨٩.

(٥) أمالي الصدوق : ٦٠ ح ١٧.

٨٧

الرابع والأربعون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان قال : حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد الحسيني قال : أخبرنا أبو جعفر عن أحمد بن عيسى عن أبي موسى العجلي قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن عبد الله بن زياد العزرمي قال : حدّثنا عليّ بن حاتم المنقري قال : حدّثنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : يا علي شيعتك هم الفائزون يوم القيامة فمن أهان واحدا منهم فقد أهانك ومن أهانك فقد أهانني ومن أهانني أدخله الله تعالى نار جهنّم خالدا فيها وبئس المصير ، يا عليّ أنت منّي وأنا منك روحك من روحي وطينتك من طينتي وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا فمن أحبّهم فقد أحبّنا ومن أبغضهم فقد أبغضنا ومن عاداهم فقد عادانا ومن ودّهم فقد ودّنا ، يا عليّ إنّ شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب ، يا علي أنا الشفيع لشيعتك غدا إذا قمت للمقام المحمود فبشّرهم بذلك ، يا علي شيعتك شيعة الله وأنصارك أنصار الله وأولياؤك أولياء الله وحزبك حزب الله ، يا علي سعد من تولّاك وشقي من عاداك ، يا علي لك كنز في الجنّة وأنت ذو قرنيها (١).

الخامس والأربعون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم قال : حدّثنا أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري قال : حدّثني أبو محمد الحسن بن عبد الواحد الخزّاز قال : حدّثني إسماعيل بن علي السّدي عن منيع بن الحجّاج عن عيسى بن موسى عن جعفر الأحمر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهم‌السلام قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة عليها‌السلام على ناقة من نوق الجنّة مدبجة الجنبين خطامها من لؤلؤ رطب قوائمها من الزّمرّد الأخضر ذنبها من المسك الأذفر عيناها ياقوتتان حمراوان ، عليها قبّة من نور يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها ، داخلها عفو الله وخارجها رحمة الله ، على رأسها تاج من نور للتاج سبعون ركنا كلّ ركن مرصّع بالدّر والجوهر والياقوت يضيء كما يضيء الكوكب الدرّي في افق السماء ، وعن يمينها سبعون ألف ملك وعن يسارها سبعون ألف ملك وجبريل آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته : غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد ، فلا يبقى يومئذ نبيّ ولا رسول ولا صدّيق ولا شهيد إلّا غضّوا أبصارهم حتّى تجوز فاطمة فتسير حتّى تحاذي عرش ربّها جلّ جلاله فترمي بنفسها عن ناقتها وتقول : إلهي وسيّدي احكم بيني وبين من ظلمني اللهمّ احكم بيني وبين من قتل أولادي فإذا النداء من قبل الله عزوجل : حبيبتي وابنة حبيبي سليني تعطي واشفعي تشفعي فو عزّتي وجلالي لا جازني ظلم ظالم ، فتقول : إلهي

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦٦ ح ٣٢.

٨٨

وسيّدي ذرّيتي وشيعتي وشيعة ذرّيتي ومحبّي ومحبّي ذرّيتي فإذا النداء من قبل الله عزوجل : أين ذرّية فاطمة وشيعتها ومحبّوها ومحبّوا ذريّتها ، فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدّمهم فاطمة عليها‌السلام حتّى تدخلهم الجنّة (١).

السادس والأربعون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد ابن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب قال : أخبرنا عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن عليّ بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليّا بعدي وليعاد عدوّه وليأتمّ بالأئمّة الهداة من ولده ، فإنّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي وسادة أمّتي وقادة الأتقياء إلى الجنّة ، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان (٢).

السابع والأربعون : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن أحمد السناني رضى الله عنه قال : حدّثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي قال : حدّثنا موسى بن عمران النخعي عن عمّة الحسين بن يزيد عن عليّ ابن سالم عن أبيه عن أبان بن عثمان عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله جلّ جلاله : لو اجتمع الناس كلّهم على ولاية عليّ لما خلقت النار (٣).

الثامن والأربعون : كتاب تحفة الاخوان نقل عن كتاب بشارة المصطفى لشيعة عليّ المرتضى بحذف الاسناد قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب فرحا مسروا مستبشرا فسلّم عليه فردّ عليه‌السلام فقال عليّ عليه‌السلام : يا رسول الله ما رأيتك أقبلت عليّ مثل هذا اليوم؟

فقال : حبيبي وقرّة عيني أتيتك أبشّرك : اعلم أنّ هذه الساعة نزل عليّ جبرئيل الأمين وقال : الحقّ جلّ جلاله يقرئك السّلام ويقول لك : بشّر عليّا عليه‌السلام أنّ شيعته الطائع والعاصي «منهم» من أهل الجنّة ، فلمّا سمع مقالته خرّ لله ساجدا فلمّا رفع رأسه رفع يديه إلى السماء ثمّ قال : اشهدوا الله على أنّي قد وهبت لشيعتي نصف حسناتي ، فقالت فاطمة الزهراء : يا ربّ اشهد عليّ بأنّي قد وهبت لشيعة عليّ بن أبي طالب نصف حسناتي ، قال الحسن عليه‌السلام : يا ربّ اشهد عليّ أنّي قد وهبت لشيعة عليّ بن أبي طالب نصف حسناتي ، قال الحسين عليه‌السلام : يا ربّ اشهد انّي قد وهبت لشيعة عليّ بن أبي طالب نصف حسناتي ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنتم بأكرم منّي اشهد عليّ يا ربّ

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦٩ ح ٣٦.

(٢) أمالي الصدوق : ٧٠ ح ٣٧.

(٣) أمالي الصدوق : ٧٥٥ ح ١٠١٦.

٨٩

أنّي قد وهبت لشيعة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نصف حسناتي فهبط الأمين جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا محمّد إنّ الله تعالى يقول : ما أنتم أكرم منّي إنّي قد غفرت لشيعة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ومحبّيه ذنوبهم جميعا ولو كانت مثل زبد البحر ورمل البرّ وورق الشجر (١).

التاسع والأربعون : أيضا في تحفة الاخوان قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : إذا كان يوم القيامة يؤتى بك على نجيب من نور وعلى رأسك تاج قد أضاء نوره يكاد يخطف أبصار أهل الجمع والموقف وإذا النداء من قبل الله تعالى العليّ الأعلى : أين خليفة محمّد المصطفى؟ فتقول أنت : ها أنا ، قال : فينادي مناد من قبل الله تعالى : يا علي ادخل من أحبّك الجنّة وادخل من عاداك النار : يا علي أنت قسيم الجنّة والنار (٢).

الخمسون : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عبد الله الشيباني رحمه‌الله قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن عبد المنعم الصيداوي قال : حدّثنا المفضّل بن صالح عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن الأئمّة عليهم‌السلام قال : والله لعهد عهده إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ الأئمّة بعده اثنى عشر تسعة من صلب الحسين عليه‌السلام ، ومنّا المهدي الذي يقيم الدّين في آخر الزمان ، من أحبّنا حشر من حفرته معنا ومن أبغضنا أو ردّنا أو ردّ واحدا منّا حشر من حفرته إلى النار (٣).

الحادي والخمسون : ابن بابويه قال : أخبرني القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا البغدادي قال : حدّثني أبو الحسن علي بن عقبة القاضي قال : حدّثنا محمد بن إسحاق الأنصاري قال : حدّثنا عبد الله بن مروان بن معاوية قال : حدّثني سدّاد بن عبد الرحمن من أهل بيت المقدس قال : حدّثني إبراهيم بن أبي عيلة عن واثلة بن الأصقع قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حبّي وحبّ أهل بيتي نافع في سبعة مواطن أهوالهنّ عظيمة : عند الوفاة والقبر وعند النشور وعند الكتاب وعند الحساب وعند الميزان وعند الصراط فمن أحبّني وأحبّ أهل بيتي واستمسك بهم من بعدي فنحن شفعاؤه يوم القيامة ، فقيل : يا رسول الله وكيف الاستمساك بهم؟ فقال : إنّ الأئمّة من بعدي اثنا عشر فمن أحبّهم واقتدى بهم فاز ونجا ومن تخلّف عنهم ضلّ وغوى (٤).

الثاني والخمسون : تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام أبي محمد في تفسير قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال : قوله (الرَّحِيمِ) فإن أمير المؤمنين قال : رحيم بعباده المؤمنين ومن رحمته أنّه خلق

__________________

(١) كتاب الأربعين للماحوزي : ١٠٧ ، والمناقب المرتضوية : ٢٠٦ ، ومستدرك سفينة البحار : ٦ / ١١٦.

(٢) البحار : ٣٢ / ٣٥٨ ح ٢٢٧.

(٣) أمالي الصدوق : ٤٤٢ ح ٥٩٠.

(٤) البحار : ٣٢ / ٣٢٢ ح ١٧٧.

٩٠

مائة رحمة وجعل منها رحمة واحدة في الخلق كلّهم فيما يتراحم الناس وترحّم الوالدة ولدها وتحنو الامّهات من الحيوانات على أولادها ، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسعة وتسعين رحمة فيرحم بها أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ يشفعهم فيمن يحبّون له الشفاعة من أهل الملّة ، حتّى أنّ الواحد ليجيء إلى المؤمن من الشيعة فيقول له اشفع لي ، فيقول وأيّ حقّ لك عليّ؟ فيقول : سقيتك يوما ماء ، فيذكر ذلك فيشفع له ، ويجيء آخر فيقول : إن لي عليك حقا فيقول : استظللت بظلّ جداري ساعة في يوم حار فيشفع له فيشفّع فيه ، ولا يزال يشفع حتّى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه ، فإنّ المؤمن أكرم على الله ممّا تظنّون (١).

وما ذكرنا في هذا الباب من طريق الأصحاب فيه كفاية ومن أراد الزيادة في ذلك فعليه بكتابنا كتاب : فضل الشيعة وكتاب : بشارات الشيعة لابن بابويه فإنّ فيهما ما لا مزيد عليه.

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري : ٣٨ / ١٣.

٩١

الباب الثالث والسبعون

في جرأة عمر بن الخطّاب على رسول الله

حين علم عمر انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن ينصّ على عليّ عليه‌السلام

بأنّه صاحب الأمر بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه وقال انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يهجر

من طريق العامّة وفيه سبعة عشر حديثا

الأوّل : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامّة من المعتزلة قال : روى ابن عبّاس رحمه‌الله قال : دخلت على عمر في أوّل خلافته وقد ألقى له صاع من تمر على خصفة فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، ثمّ شرب من جرّة كانت عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرّر ذلك ثمّ قال : من أين جئت يا عبد الله؟ قلت : من المسجد ، قال : كيف خلفت ابن عمّك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلفته يلعب مع أترابه ، قال : لم أعن ذلك إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت ، قلت : خلّفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلان ويقرأ القرآن ، قال : يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت : نعم ، قال : أيزعم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ عليه؟ قلت : نعم وأزيدك سألت أبي عمّا يدّعيه فقال : صدق ، فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أمره زورا من قول لا يثبت حجّة ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يرتع في أمره وقتا ما ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام ، لا وربّ هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبدا ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّي علمت ما في نفسه فأمسك وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم.

ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب تاريخ بغداد في كتابه مسندا. إلى هاهنا كلام ابن أبي الحديد (١).

الثاني : ابن أبي الحديد قال في الشرح قال : روى ابن عبّاس قال : خرجت مع عمر إلى الشام في إحدى خرجاته فانفرد يوما يسير على بعيرة فاتبعته فقال لي : يا ابن عبّاس أشكو إليك ابن عمّك سألته أن يخرج معي فلم يفعل ولم أزال أراه واجدا فما تظنّ موجدته؟ قلت : يا أمير المؤمنين إنّك

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٢٠.

٩٢

لتعلم ، قال : أظنّه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة ، قلت : هو ذلك إنّه يزعم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد الأمر له فقال : يا ابن عبّاس وأراد رسول الله الأمر له فكان ما ذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أمرا وأراد الله غيره فنفذ أمر الله ولم ينفذ مراد رسوله أو كلّما أراده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أراده الله إنه كان أراد إسلام عمّه ولم يرده الله فلم يسلم.

وقد روى معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ وهو قوله : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أراد أن يذكر له الأمر في مرضه فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الإسلام فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما في نفسي فأمسك وأبى الله إلّا إمضاء ما حتم إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (١).

قال مؤلّف هذا الكتاب : الذي رواه ابن أبي الحديد ورواه عن غيره يدلّ على كفر عمر بن الخطّاب حيث جعل مراد الله عزوجل غير مراد رسوله ومراد رسوله غير مراد الله تعالى لأنّ كلّ ما أراده الله أراده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر الله تعالى وأمر رسوله واحد وطاعتهم واحدة ، قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) (٢) وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) (٣).

وقال سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤) وقال جلّ وعلا : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٥) فكيف عمر بن الخطّاب يفرّق بين الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكفر عمر بذلك. قال الله جلّ جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (٦).

الثالث : ابن أبي الحديد في الشرح بعد أن ذكر أحاديث فيها النصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام بالإمامة والخلافة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال ابن أبي الحديد : سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد ابن أبي زيد وقد قرأت عليه هذه الأخبار فقلت له : ما أراها إلّا تكاد تكون دالّة على النصّ ولكنّي أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نصّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على شخص بعينه ، كما استبعدنا من الصحابة على ردّ نصّه على الكعبة وشهر رمضان وغيرهما من معالم الدين ، فقال رحمه‌الله : أبيت إلّا ميلا إلى المعتزلة (٧).

ثمّ نقل ابن أبي الحديد عن أبي جعفر هذا أحاديث ممّا ردّه عمر بن الخطّاب على رسول

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٧٨.

(٢) النساء : ٨٠.

(٣) الفتح : ١٠.

(٤) النجم : ٣.

(٥) الحشر : ٧.

(٦) النساء : ١٥٠ ـ ١٥١.

(٧) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٨٢.

٩٣

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحاديث كثيرة إلى أن قال أبو جعفر في الأحاديث التي أنكرها عمر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وانكاره يعني عمر أمره عليه‌السلام بالنداء من قال لا إله إلّا الله دخل الجنّة إلى غير ذلك من امور كثيرة يشتمل عليها كتب الحديث ، ولو لم يكن إلّا إنكاره قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه : ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلّون بعده ، وقوله ما قال (١) وسكوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ، وأعجب الأشياء أنّه قال ذلك اليوم : حسبنا كتاب الله فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار فبعضهم يقول القول ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعضهم يقول القول ما قال عمر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد كثر اللغط وعلت الأصوات : قوموا عنّي فما ينبغي لنبيّ أن يكون عنده هذا التنازع ، فهل بقي للنبوّة مزيّة أو فضل إذا كان الاختلاف قد وقع بين القول وميل المسلمين بينهما مرجّح قوم هذا وقوم هذا ، أفليس ذلك دالّا على أنّ القوم سوّوا بينه وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ، ذهب كلّ فريق منهم إلى نصرة واحد منهما كما يختلف اثنان من عرض المسلمين في بعض الأحكام فينصر هذا قوم وينصر ذلك آخرون ، فمن بلغت قوّته وهمّته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر لمصلحة يراها ويعدلان عن النفر ومن الذي كان ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجهه غير خائف من الإنكار ولا أنكر عليه أحد لا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا غيره ، وهو أشدّ من مخالفة النصّ في الخلافة وأفضع وأشنع.

قال ابن أبي الحديد عقيب ذلك : وقد ذكرت في هذا الفصل خلاصة ما حفظت عن النقيب أبي جعفر ولم يكن إمامي المذهب ولا كان يبرأ من السلف الصالح ولا يرتضي قول المسرفين من الشيعة ولكنّه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني وبينه ، على أنّ العلوي لو كان كراميّا لا بدّ أن يكون عنده نوع من تعصّب وميل على الصحابة ، وكان النقيب أبو جعفر رحمه‌الله غريز العلم صحيح العقل منصفا في الجدال غير متعصّب للمذهب وإن كان علويّا وكان يعترف بفضل الصحابة ويثني على الشيخين (٢).

قال مؤلّف هذا الكتاب : انظر إلى ما ذكرناه عن أبي الحديد وما نقله عن أبي جعفر يطلعك على فساد ما أصّلوا عليه من مذهب العامّة من إنكارهم النصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع علمهم بالنصّ عليه بالإمامة والخلافة واتّبعوا أهوائهم فبعدا للقوم الظالمين.

الرابع : ابن أبي الحديد في الشرح قال : قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال : حدّثنا الحسن بن الربيع عن عبد الرحمن عن معمر عن الزهري عن عليّ بن عبد الله بن العبّاس عن أبيه

__________________

(١) أي قول عمر الآتي : إنه يهجر.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٩٠.

٩٤

قال : لمّا حضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده ، فقال عمر كلمة معناها أنّ الوجع قد غلب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف من في البيت واختصموا فمن قائل يقول : القول ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن قائل يقول : القول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط واللغو والاختلاف غضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : قوموا إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يختلف عنده هكذا ، فقاموا فمات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك اليوم فكان ابن عبّاس يقول : الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعني الاختلاف واللّغط.

قال ابن أبي الحديد : قلت هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمّد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجّاج القشيري في صحيحهما (١) واتّفق المحدّثون كافة على روايته.

إلى هنا كلام ابن أبي الحديد (٢).

الخامس : ابن أبي الحديد في الشرح قال : في الصحيحين خرجاه معا رحمهما‌الله عن ابن عبّاس انّه كان يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثمّ بكى حتّى بل دمعه الحصى ، فقلنا : يا ابن عبّاس ما يوم الخميس؟ قال : اشتدّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه فقال : ائتوني بكتاب أكتبه لكم لا تضلّوا بعدي أبدا فتنازعوا فقال انّه لا ينبغي عندي تنازع فقال قائل : ما شأنه أهجر استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه فقال : دعوني بالذي أنا فيه خير من الذي أنتم فيه ، ثمّ أمر بثلاثة أشياء فقال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسئل ابن عبّاس عن الثالثة فقال : إمّا أن لا يكون تكلّم بها وإمّا أن يكون قالها فنسيت (٣).

السادس : ابن أبي الحديد في الشرح قال : وفي الصحيحين أيضا خرجاه معا عن ابن عبّاس رحمه‌الله قال : لمّا احتضر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي البيت رجال منهم عمر بن الخطّاب فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا ، فقال عمر : إنّ رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف القوم واختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول : القول ما قاله عمر ، فلمّا أكثروا اللّغو والاختلاف عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم : قوموا ، فقاموا وكان ابن عبّاس يقول : الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (٤).

__________________

(١) صحيح البخاري : ٥ / ١٣٨ و ٧ / ٩ كتاب المرض والطب ط. دار الفكر بيروت المصورة عن استانبول ١٤٠١ ه‍ ، وصحيح مسلم بشرح النووي : ٥ / ٧٦ و ١١ / ٨٩ ط. دار الكتاب العربي ١٤٠٧ ه‍.

(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٥١.

(٣) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٥٤ ـ ٥٥.

(٤) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٥٥.

٩٥

السابع : ابن أبي الحديد في الشرح قال : قال أبو جعفر الطبري وروى سعيد بن جبير قال : كان ابن عبّاس رحمه‌الله يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ثمّ يبكي حتّى تبلّ دموعه الحصباء ، فقلنا له : وما يوم الخميس؟ قال : يوم اشتدّ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه فقال : ائتوني باللّوح والدّواة ـ أو قال ـ بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي أبدا ، فتنازعوا فقال : اخرجوا لا ينبغي عند نبيّ أن يتنازع.

قالوا : ما شأنه أهجر استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه فقال : دعوني فما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه ، ثمّ أوصى بثلاث قال : اخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد ممّا كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة عمدا أو قالها ونسيتها (١).

الثامن : ابن أبي الحديد قال : وكان في ألفاظ عمر وأخلاقه جفاء وعنجهيّة ظاهرة يحسب لها السامع أنّه أراد بها ما لم يكن قد أراد ، ويتوهّم من يحكي له أنّه قصد بها ظاهرا ما لم يقصد ، فمنها الكلمة التي قالها في مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعاذ الله أن يقصد بها ظاهرها ، ولكنّه أرسلها على مقتضى خشونة غريزته ولم يتحفّظ منها ، وكان الأحسن أن يقول مغمور أو مغلوب بالمرض ، وحاشاه أن يعني بها غير ذلك (٢).

قال : وما روي من قول عمر : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها ومن عاد إلى مثلها فاقتلوه قال : اعلم أنّ هذه اللفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان رضى الله عنه يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطّينة وجفاء الطبيعة ولا حيلة له فيها ، لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها ولا ريب عندنا أنّه كان يتعاطى أن يتلطّف وأن يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة فينزع به الطبع الجاسي والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللفظات ولا يقصد بها شرّا ولا يريد به ذمّا ولا تخطئة كما قدّمنا من قبل في اللفظة التي قالها في مرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكاللّفظات التي قالها عام الحديبية وغير ذلك ، والله تعالى لا يجازي المكلّف إلّا بما نواه ، ولقد كانت نيّته من أطهر النيّات وأخلصها لله تعالى (٣).

قال مؤلّف هذا الكتاب : لقد غلا ابن أبي الحديد في عمر بن الخطّاب وتعصّب فيه أتمّ التعصّب وخرج عن مذهب الاعتزال من أنّ فعال العباد منهم لا من الله ودخل في مذهب المجبرة أنّ العبد لا فعل له ولا قدرة له على فعله ، وعندهم أنّ المكلّف لا اختيار له في أفعاله كالحجر إن حرّكته تحرّك ، وإنّما قلنا ذلك في ابن أبي الحديد لأنّه قال في الاعتذار عن عمر في قوله لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٣٠.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ١٨٠.

(٣) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٧.

٩٦

يهجر قالها عمر بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة ولا حيلة له فيها لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها وهذا بعينه قول المجبرة وليت شعري ما الذي أوجب خروجه من مذهبه وهل هذا إلّا محض تعصّب لعمر ، أعوذ بالله تعالى من الحميّة الجاهلية والعجب من ابن أبي الحديد بين تعصّبه هنا لعمر وبين قوله في عمر وذمّه له حيث جعل الخلافة شورى في ستّة.

قال ابن أبي الحديد في الشرح بعد طعن أبي لؤلؤة من أمر الشورى : فإنّ ذلك كان سبب كلّ فتنة وقعت وتقع إلى أن تنقضي الدّنيا وقد شرحنا ما أدّى إليه من أمر الشورى من الفساد بما حصل في نفس كلّ واحد من الستّة من ترشيحه للخلافة. إلى هنا كلام ابن أبي الحديد بلفظه (١).

التاسع : ومن كتاب سير الصحابة لبعض رجال العامّة ما هذا لفظه في مطلع كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم ما جاء في مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ومن أخبار النبيّ صلوات الله عليهما وعلى عترتهما أجمعين قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سيظهر في الإسلام من الفرق ما ظهر في الأديان من قبلها فأمّا اليهود فإنّها افترقت على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمّتي من بعدي ثلاثا وسبعين فرقة جميعها في النار غير واحدة ناجية.

فقيل له : يا رسول الله من الفرقة الناجية؟

فقال : من كان على ما أنا عليه وأهل بيتي ومن قام على عهدي بعد وفاتي ، فقال حذيفة بن اليمان : يا رسول الله هل يتّبعون شيئا غيرك؟ قال : نعم يا حذيفة تظهر من بعدي طوائف ثلاث وهم الناكثون والقاسطون والمارقون فهؤلاء وأتباعهم ـ وأيم الله تعالى ـ أهل النار ، وهم اثنان وسبعون فرقة وستختلف أصحابي من طرق شتّى ، ثمّ أخذ المصنّف في ذكر الاختلاف إلى أن قال : والخلاف الثاني في بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما أخبر به محمّد بن أبي عمر قال ؛ حدّثني سفيان بن عيينة عن عمر بن دينار عن عكرمة قال : سمعت عبد الله بن عبّاس يقول : يوم الاثنين وما يوم الاثنين وهملت عيناه فقيل له : يا ابن عبّاس وما يوم الاثنين؟ قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غمرات الموت فقال : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي أبدا فتنازعوا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يجز عنده التنازع ، وقال رجل من القوم: إنّ الرجل ليهجر ، فغضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر بإخراجه وإخراج صاحبه ثمّ أتوه بالصحيفة والدواة فقال: بعد ما قال قائلكم ما قال!؟ ثمّ قال : ما أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه (٢).

العاشر : صاحب كتاب سير الصحابة أيضا عن أبي إسحاق أخبرنا سعيد بن منصور البلخي قال:

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٧.

(٢) مكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٧ عن المصنف.

٩٧

حدّثنا سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عبّاس يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثمّ بكى حتّى بلّ دموعه الحصى ، فقلت له : يا ابن عبّاس وما يوم الخميس؟ فقال : اشتدّ المرض برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ائتوني بدواة وبياض أكتب لكم كتابا لئلّا تضلّوا بعدي أبدا ، قال : فتنازعوا ولا ينبغي التنازع عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال رجل منهم : ما شأنه يهجر استفهموه ، فسمع فقال : دعوني فالذي أنا فيه خير (١).

الحادي عشر : صاحب سير الصحابة قال : حدّثنا حمّاد بن عبد الله عن هشام بن سعيد عن بريد ابن أسلم قال حمّاد : لا أعلم إلّا عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتابا لن تضلّون بعدي ، فقالت النسوة : ائتوا رسول الله بما طلب فقام إنسان ليأتي به إذ غمي عليه فلمّا أفاق قال (عمر) : تبكون! إذا صحّ ركبتم عنقه عند مرضه وخالفتموه في حياته (٢) ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون والنسوة كنّ فاطمة عليها‌السلام وأمّ سلمة وعائشة وفضّة (٣).

الثاني عشر : صاحب سير الصحابة قال : وحدّثني عبد الرحمن بن أبي هاشم قال : حدّثني عمرو ابن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عبّاس إذا ذكر ليلة الخميس بكى فقيل له : يا ابن عبّاس ما يبكيك؟ قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا بني عبد المطّلب اجلسوني وسندوني أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي أبدا ، فقال بعض أصحابه : إنّه يهجر ، قال : وأبى أن يسمّي الرجل ، فجئناه بعد ذلك فأبى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتبه لنا ثمّ سمعناه يقول : عدى العدوي وسينكث البكري (٤).

الثالث عشر : صاحب سير الصحابة قال : حدّثنا محمّد بن علي قال : حدّثني أبو إسحاق بن يزيد عن فضيل بن يسار عن عبد الله بن محمد قال : سمعت عكرمة يقول عن ابن عبّاس قال : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ائتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي فمنعه رجل فقلت لعكرمة : من الرجل؟ فقال : إنّكم لتعرفونه مثلي هو والله المعذول (٥).

الرابع عشر : صاحب سير الصحابة قال : حدّثني محمّد بن علي قال : حدّثنا عاصم بن عامر عن الحسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عبّاس قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعده أبدا ، فقال المعذول : إنّ النبيّ هجر كما

__________________

(١) الإيضاح لابن شاذان : ٣٥٩ ، وصحيح البخاري : ٤ / ٦٦ ط. دار الفكر بيروت ، ومسند أحمد : ١ / ٢٢٢.

(٢) في المصادر : قال عمر : إذا مرض عصرتن أعينكن وإذا صحّ أخذتن بعنقه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هنّ خير منكم. كنز العمال : ٧ / ٢٤٣ ح ١٨٧٧١.

(٣) راجع مكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٥ عن المصنف.

(٤) لم نجده في المصادر.

(٥) مكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٨.

٩٨

يهجر المريض ، فغضب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنتم لا أحلام لكم ، قال : إنّما قلت من الورم (١) ، قال : إنّكم قوم تجهلون بهذا أخبرني أخي جبرئيل عن ربّي جل جلاله فاخرجوه ، فأخرجنا ، والله لقد مضى في الحال (٢) إلى أبي بكر فأخرجه إلى السقيفة وجمع فيها من جمع وبايع على ما بايع (٣).

الخامس عشر : صاحب سير الصحابة قال : وحدّثني محمّد بن عليّ قال : سمعت أبا إسحاق يزيد الفرّاء عن الصباح المزني عن أبان بن أبي عيّاش قال : سمعت الحسن بن أبي الحسن قال : سمعت عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ثمّ سمعته بعينه من عبد الله بن عبّاس بالبصرة وهو عامل عليها فكأنّما ينطقان بفم واحد وكأنّما يقرءانه من نسخة واحدة والذي عقلته وحفظته قول ابن عبّاس والمعنى واحد غير أنّ حديث ابن عبّاس أحفظه قال : سمعته يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في مرضه الذي قبض فيه : ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي أبدا ، فقام بعضهم ليأتي به فمنعه رجل من قريش وقال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يهجر ، فسمعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فغضب وقال : إنّكم تختلفون وأنا حيّ ، قد أعلمت أهل بيتي بما أخبرني به جبرئيل عن ربّ العالمين انّكم ستعملون بهم من بعدي وأوصيتهم كما أوصاني ربّي فاصبروا صبرا جميلا ، فبكى ابن عبّاس حتّى بلّ لحيته ثمّ قال : لو لا مقالته لكتب لنا كتابا لم تختلف أمّته بعده ولم تفترق (٤).

السادس عشر : صاحب كتاب سير الصحابة قال : وحدّثني محمّد بن مروان قال : حدّثنا زيد بن معدّل عن أبان بن عثمان عن بعض أصحابه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال في المرض الذي قبض فيه : ائتوني بصحيفة ودواة لأكتب لكم كتابا لا تضلّون بعدي ، فدعا العبّاس بصحيفة ودواة ، فقال بعض من حضر: إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يهجر ، ثمّ أفاق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له العبّاس : هذه صحيفة ودواة قد آتينا بها يا رسول الله ، فقال : بعد ما قال قائلكم ما قال ، ثمّ أقبل عليهم وقال : احفظوني في أهل بيتي واستوصوا بأهل الذمّة خيرا واطعموا المساكين واكثروا من الصلاة واستوصوا بما ملكت أيمانكم ، وجعل يردّد ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله : وإنّي لأعلم أنّ منكم ناقض عهدي والباغي على أهل بيتي (٥).

السابع عشر : صاحب سير الصحابة قال : أخبرنا الشيخ أبو الحسن عليّ قال : حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو يوسف يعقوب بن الجرمي قال : حدّثني أبو حبيش الهروي قال : حدّثنا عبد الرزاق عن أبيه عن جدّه عن أبي سعيد الخدري في حديث مكاتبة أبي بكر إلى أسامة بن زيد بعد استخلاف

__________________

(١) لعله من قول عمر فتأمل.

(٢) أي عمر.

(٣) مكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٨ عن المصنف الى قوله : أنتم لا أحلام لكم.

(٤) البحار بتفاوت : ٢٢ / ٤٩٨ ح ٤٤ ، ومكاتيب الرسول : ٣ / ٦٩٩.

(٥) لم نجده في المصادر بهذه الألفاظ.

٩٩

أبي بكر والحديث طويل فكان في جواب اسامة له في جواب طويل لأبي بكر قال اسامة : وأنت في كلّ الامور على خلاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألم يأمرك بالخروج معي؟! ألم يبعثك إلى المسير في حملتي ، ألم تدخل أنت وعمر لعيادته فلمّا رآكما أنكر تخلّفكما عن الخروج إلى معسكري حتّى اعتذرتما بالاستعداد وسألتماني النظرة يومين أو ثلاثة ثمّ أنفذت إليكما من يزعجكما فأجبتما بمثل ذلك وكلّما دخلتما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : نفّذوا جيش اسامة ، يكرّر ذلك في الساعة الواحدة دفعات حتّى خرج أحدكما في بعض ذلك وهو يقول : إنّ محمّدا ليهجر ، فكيف تدّعي أنّك لا تخالف أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنت تخالف أوامره أو ما تستحي على أهل بيته وهو يقدمهم ويؤخّرك بفضلهم وبقصرك ، ويؤمرهم عليك ولا يؤمّرك عليهم ، وساق الحديث بطوله وهو جواب حسن بذكر فضائل عليّ عليه‌السلام وأهل البيت عليهم‌السلام وإظهار نقض أبي بكر (١).

__________________

(١) راجع دعائم الإسلام : ١ / ٤١ ، واعلام الورى : ١ / ٢٦٣.

١٠٠