غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٨

وقائد الغرّ المحجّلين إلى جنّات النعيم فلمّا استتم القوم كلامهم أمرنا بالجلوس على البساط ثمّ نادى : يا ريح الصبا احمليني فإذا نحن في الهواء ما شاء الله ثمّ قال : يا ريح ضعيني فإذا نحن في الأرض فوكز الأرض برجله فإذا نحن بعين ماء فقال : معاشر الناس توضئوا للصلاة فإنّكم تدركون صلاة العصر مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فتوضّأنا ثمّ أمرنا بالجلوس على البساط فجلسنا ثمّ قال : يا ريح الصبا احمليني فإذا نحن في الهواء ، ثمّ قال : يا ريح الصبا ضعيني فإذا نحن في مسجد رسول الله وقد صلّى ركعة واحدة فصلّينا معه ما بقي من الصلاة وما فات بعده وسلّمنا على النبيّ فأقبل بوجهه علينا وقال : يا أنس تحدّثني أم احدّثك؟ فقلت : الحديث منك أحسن ، فحدّثني حتّى كأنّه معنا ثمّ قال عقيب ذكره هذا الحديث : قال عليّ بن موسى بن طاوس : هذا الحديث رويناه من عدّة طرق مذكورات وإنّما ذكرناه هنا لأنّه من رجال الجمهور وهم غير متّهمين فيما ينقلونه لمولانا عليّ عليه‌السلام من الكرامات (١).

__________________

(١) الثاقب في المناقب ١٧٦ / ح ٤.

٢٢١

الباب السادس والتسعون

في تكليم أصحاب الكهف عليّا عليه‌السلام

من طريق الخاصّة وفيه خمسة أحاديث

الأوّل : ابن طاوس عقيب ذكره الحديث السابق (١) قال : فصل فيما نذكره من مجلّد آخر من ترجمة كتاب فيه ذكر الآيات التي نزلت في أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وتفسير معانيها من القرآن العظيم ، وأوّله خطبة أوّلها الحمد لله المستحقّ للحمد بآلائه ولم يذكر اسم مصنّفه فنذكر منه حديث البساط برواية وجدناها في هذا الكتاب فيحتمل أن يكون رواية واحدة فرواها أنس بن مالك مختصرة ورواها جابر بن عبد الله مشروحة ، ويحتمل أن يكون حمل البساط لهم دفعتين روى كلّ واحد ما رآه ، وهو من الوجهة الثانية من القائمة السادسة من الكرّاس السادس منه بلفظة ، حدّثنا أحمد بن محمد(٢) قال : حدّثنا أحمد بن الحسين قال : حدّثنا الحسن بن دينار عن عبد الله بن موسى عن أبيه عن جدّه جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه عليهما‌السلام عن جابر بن عبد الله الأنصاري رحمة الله عليه قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما ونحن في مسجده فقال : من هاهنا؟ فقلت : أنا يا رسول الله وسلمان الفارسي فقال : يا سلمان اذهب فادع مولاك عليّ بن أبي طالب.

قال جابر : فذهب سلمان ينتدب به حتّى استخرج عليّا من منزله ، فلمّا دنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قام إليه فخلا به وأطال مناجاته ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقطر عرقا كهيئة اللؤلؤ ويتهلهل حسنا ثمّ انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مناجاته فجلس فقال له : أسمعت يا علي ووعيت؟ قال : نعم يا رسول الله.

قال جابر : ثمّ التفت إليّ وقال : يا جابر ادع لي أبا بكر وعمر وعبد الرّحمن بن عوف الزهري فذهبت مسرعا فدعوتهم فلمّا حضروا قال : يا سلمان اذهب إلى منزل أمّك أمّ سلمة وايتني ببساط الشعر الخيبري قال جابر : فذهب سلمان فلم يلبث أن جاء بالبساط فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان فبسطه ثمّ قال لأبي بكر وعمر وعبد الرّحمن : اجلسوا ، كلّ واحد منكم على زاوية من البساط فجلسوا كما أمرهم ثمّ خلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسلمان فناجاه فأسرّ إليه شيئا ثمّ قال له : اجلس في الزاوية الرابعة فجلس سلمان ثمّ أمر عليّا أن يجلس في وسطه ثمّ قال له : قل ما أمرتك فو الذي

__________________

(١) وهو الحديث الرابع في الباب السابق.

(٢) في المصدر : محمد بن أحمد.

٢٢٢

بعثني بالحقّ نبيّا لو قلت على الجبل لسار ، فحرّك علي عليه‌السلام شفتيه فاختلج البساط فمرّ بهم ، قال جابر: فسألت سلمان فقلت : أين مرّ بكم البساط؟

قال : والله ما شعرنا بشيء حتّى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق وصرنا إلى باب كهف ، قال سلمان : فقمت وقلت لأبي بكر : يا أبا بكر قد أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن تصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في كتابه ، فقام أبو بكر وصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد ، ثمّ قلت لعمر : قم واصرخ بهم في هذا الكهف كما صرخ أبو بكر فصرخ عمر فلم يجبه أحد ، ثمّ قلت لعبد الرّحمن : قم واصرخ كما صرخ أبو بكر وعمر فصرخ فلم يجبه منهم أحد ، ثمّ قمت أنا فصرخت بأعلى صوتي فلم يجبني أحد ، ثمّ قلت لعليّ بن أبي طالب : قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنّه أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن آمرك كما أمرتهم فقام عليّ عليه‌السلام فصاح بهم بصوت خفيّ فانفتح باب الكهف ونظرنا إلى داخله يتوقّد نورا ويتألق إشراقا وسمعنا ضجّة ووجبة شديدة وملئنا رعبا وولى القوم هاربين فناديتهم : مهلا يا قوم فارجعوا ، فرجعوا فقالوا : ما هذا يا سلمان؟ قلت : هذا الكهف الذي ذكره الله عزوجل في كتابه ، والذين رأيتم هم الفتية الذين ذكرهم الله عزوجل الفتية المؤمنون ، وعليّ عليه‌السلام واقف يكلّمهم فعادوا إلى موضعهم.

قال سلمان : وأعاد عليّ عليه‌السلام عليهم‌السلام فقالوا كلّهم : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، وعلى محمّد رسول الله خاتم النبوّة منّا السلام أبلغه منّا وقل له : قد شهدنا لك بالنبوّة التي أمرنا الله قبل وقت مبعثك بأعوام كثيرة ولك يا علي بالوصية ، فأعاد عليّ عليه‌السلام سلامه عليهم فقالوا كلّهم : وعليك وعلى محمّد منّا السلام ، نشهد بأنّك مولانا ومولى كلّ من آمن بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال سلمان : فلمّا سمع القوم أخذوا بالبكاء والنحيب وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام وقاموا كلّهم إليه يقبّلون رأسه ويقولون : قد علمنا ما أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومدّوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين وشهدوا له بالولاية بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجلس كلّ واحد مكانه من البساط وجلس عليّ عليه‌السلام في وسطه ثمّ حرّك شفتيه فاختلج البساط فلم نشعر كيف مرّ بنا أفي البرّ أم في البحر حتّى انفضّ بنا على باب مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : كيف رأيتم يا أبا بكر؟

قالوا : نشهد يا رسول الله كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الله أكبر لا تقولوا سكّرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون ولا تقولوا يوم القيامة انّا كنّا عن هذا غافلين ، والله لئن فعلتم لتهتدوا وما على الرسول إلّا البلاغ المبين وإن لم تفعلوا تختلفوا ، ومن وفى وفى الله له ، ومن يكتم ما سمعه فعلى عقبه ينقلب فلن يضرّ الله شيئا ، أفبعد الحجّة والبيّنة والمعرفة خلف؟

٢٢٣

والذي بعثني بالحقّ لقد أمرت أن آمركم ببيعته وطاعته فبايعوه وأطيعوه بعدي ثمّ تلا هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) يعني عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قالوا : يا رسول الله قد بايعناه وشهد علينا أهل الكهف ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن صدقتم فقد أسقيتم ماء غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ، أو يلبسكم شيعا وتسلكون طريق بني إسرائيل فمن تمسّك بولاية عليّ بن أبي طالب لقيني يوم القيامة وأنا عنه راض ، قال سلمان : والقوم ينظر بعضهم إلى بعض فأنزل الله في ذلك اليوم (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) قال سلمان : فاصفرّت وجوههم وينظر كلّ واحد إلى صاحبه وأنزل الله هذه الآية (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) فكان ذهابهم إلى الكهف ومجيئهم من زوال الشمس إلى وقت العصر (١).

الثاني : السيّد المرتضى رضى الله عنه في كتاب عيون المعجزات عن أبي عليّ يرفعه إلى الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : جرى بحضرة السيّد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر سليمان بن داود عليه‌السلام والبساط وحديث أصحاب الكهف وإنّهم موتى أو غير موتى فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ منكم أن ينظر باب الكهف ويسلّم عليهم؟ فقال أبو بكر وعمر وعثمان : نحن يا رسول الله فصاح يا درحان بن مالك وإذا بشاب قد دخل بثياب عطرة فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ايتنا ببساط سليمان عليه‌السلام ، فذهب ووافى به بعد لحظة ومعه بساط طوله أربعون في أربعين من الشعر الأبيض فألقاه في صحن المسجد وغاب ، فقال النبيّ لبلال وثوبان مولييه أخرجا هذا البساط إلى باب المسجد وابسطاه ففعلا ذلك وقام صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأبي بكر وعثمان وأمير المؤمنين عليه‌السلام وسلمان : قوموا وليقعد كل واحد منكم على طرف من البساط وليقعد أمير المؤمنين عليه‌السلام في وسطه ففعلوا ونادى : يا منشبة وإذا بريح قد دخلت تحت البساط فرفعته حتّى وضعته بباب الكهف الذي فيه أصحاب الكهف فقال أمير المؤمنين لأبي بكر : تقدّم فسلّم عليهم فإنّك شيخ قريش فقال : يا علي ما أقول؟

فقال عليه‌السلام : قل : السلام عليكم أيّها الفتية الذين آمنوا بربّهم ، السلام عليكم يا نجباء الله في أرضه ، فتقدّم أبو بكر إلى باب الكهف وهو مسدود فنادى بما قال له أمير المؤمنين عليه‌السلام ثلاث مرّات فلم يجبه أحد فجاء وجلس فقال : يا أمير المؤمنين ما أجابوني فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : قم يا عمر ثم قل كما قال صاحبك ، فقام وقال مثل قوله ثلاث مرّات فلم يجب أحد مقالته فجاء وجلس وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام لعثمان : قم أنت وقل مثل قولهما فقام وقال فلم يكلّمه أحد فجاء وجلس فقال أمير

__________________

(١) سعد السعود ١١٤ ـ ١١٦.

٢٢٤

المؤمنين عليه‌السلام لسلمان : تقدّم أنت وسلّم عليهم فقام وتقدّم فقال مثل مقالة الثلاثة وإذا بقائل يقول من داخل الكهف : وأنت عبد امتحن الله قلبك بالايمان ، وأنت من خير وإلى خير ولكنّا أمرنا أن لا نردّ إلّا على الأنبياء والأوصياء فجاء وجلس فقام أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال : السلام عليكم يا نجباء الله في أرضه، الموفين بعهده ، نعم الفتية أنتم ، وإذا بأصوات جماعة : وعليك السلام يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين ، فاز والله من والاك وخاب من عاداك فقال أمير المؤمنين : لم لا تجيبون أصحابي؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين انّا نحن أحياء محجوبون عن الكلام ولا نجيب إلّا نبيّا أو وصيّ نبيّ ، وعليك السلام وعلى الأوصياء من بعدك حتّى يظهر حقّ الله على أيديهم ، ثمّ سكتوا وأمر أمير المؤمنينعليه‌السلام المنشبة فحملت البساط ثمّ ردّته المدينة وهم عليه كما كانوا وأخبروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بما جرى عليهم، قال الله تعالى (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً) (١).

الثالث : محمد بن العبّاس بن ماهيار في تفسيره قال : حدّثنا أحمد بن هودة الباهلي عن إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي عن عبد الله بن حمّاد عن عمرو بن شمر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر وعمر وعليّا عليه‌السلام أن يمضوا إلى الكهف والرقيم فيسبغ أبو بكر الوضوء ويصفّ قدميه ويصلّي ركعتين وينادي ثلاثا فإن أجابوه وإلّا فليقل مثل ذلك عمر فإن أجابوه وإلّا فليقل مثل ذلك عليّعليه‌السلام ، فمضوا وفعلوا ما أمرهم به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يجيبوا أبا بكر ولا عمر ، فقام عليّ عليه‌السلام وفعل ذلك فأجابوه فقال : لبيك لبيك ثلاثا فقال لهم : ما لكم لم تجيبوا الصوت الأوّل والثاني وأجبتم الثالث؟ فقالوا : إنّما امرنا أن لا نجيب إلّا نبيّا أو وصيّ نبيّ ، ثمّ انصرفوا إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فسألهم ما فعلوا فأخبروه فأخرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صحيفة حمراء وقال لهم اكتبوا شهاداتكم بخطوطكم فيها بما رأيتم وسمعتم فأنزل الله عزوجل : (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) يوم القيامة (٢).

الرابع : ابن شهرآشوب في كتاب المناقب عن كتاب ابن بابويه وأبي القاسم البستي والقاضي أبي عمر بن أحمد عن جابر وأنس أنّ جماعة نقصوا عليّا عليه‌السلام عند عمر فقال سلمان : أو ما تذكر يا عمر اليوم الذي كنت وأبو بكر وأنا وأبو ذرّ عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبسط لنا شملة وأجلس كلّ واحد منّا على طرف وأخذ بيد عليّ وأجلسه وسطها ثمّ قال : قم يا أبا بكر وسلّم [على علي] بالإمامة وخلافة المسلمين ، وهكذا كلّ واحدة منّا ثمّ قال : قم يا علي وسلّم على هذا النور يعني الشمس

__________________

(١) عيون المعجزات ٨ ، بحار الأنوار : ٣٩ / ١٤٦ / ح ١١.

(٢) بحار الأنوار : ٣٦ / ١٥٣ / ح ١٣٣.

٢٢٥

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أيّها الآية المشرقة ، السلام عليك فأجابت القرصة وارتعدت وقالت : وعليك السلام يا وليّ الله ووصيّ رسوله ثمّ رفع رسول الله يده إلى السماء فقال : اللهم إنّك أعطيت لأخي سليمان صفيّك ملكا وريحا غدوّها شهر ورواحها شهر ، اللهمّ أرسل تلك لتحملهم إلى أصحاب الكهف، وأمرنا أن نسلّم على أصحاب الكهف فقال عليّ : يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثمّ قال : يا ريح ضعينا فوضعتنا عند الكهف فقام كلّ واحد منّا وسلّم فلم يردّوا الجواب فقام عليّ فقال : السلام عليكم أصحاب الكهف فسمعنا : وعليك السلام يا وصيّ محمّد إنّا قوم محبوسون هاهنا من زمن دقيانوس فقال لهم : لم لا تردّوا على أصحابي سلاما؟ فقالوا : نحن فتية لا نردّ إلّا على نبيّ أو وصيّ نبيّ وأنت وصيّ خاتم النبيّين وخليفة رسول ربّ العالمين ثمّ قال : خذوا مجالسكم فأخذنا مجالسنا ثمّ قال : يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فسرنا ما شاء الله ثمّ قال : يا ريح ضعينا فوضعتنا ثمّ ركض برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضأ وتوضّأنا ثمّ قال : ستدركون الصلاة مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أو بعضها ثمّ قال : يا ريح احملينا ثمّ قال : ضعينا فوضعتنا فإذا نحن في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد صلّى من الغداة ركعة ، والبساط أهداه أهل هربوق ، والكهف في بلاد الروم في موضع يقال له اركدى وكان في ملك باهندق (١) ، وهو اليوم اسم الضيعة ، وفي خبر إنّ الكساء كان أتى به حظي بن الأشرف أخو كعب ، فلمّا رأى معجزات عليّ عليه‌السلام أسلم.

وقال العوني :

ومن حملته الريح فوق بساطه

فأسمع أهل الكهف حين تكلّما (٢)

الخامس : ابن شهرآشوب قال : وفي رواية اخرى بالاسناد يرفعه إلى سالم بن أبي جعدة قال : ضرت مجلس أنس بن مالك بالبصرة وهو يحدّث فقام إليه رجل من القوم ، وقال : يا صاحب رسول الله، ما هذه الشيمة التي أراها بك فإنّه حدّثني أبي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : البرص والجذام لا يبلى الله به مؤمنا قال : فعند ذلك أطرق أنس بن مالك إلى الأرض وعيناه تذرفان بالدموع ثمّ رفع رأسه وقال : دعوة العبد الصالح عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام نفذت فيّ ، قال : فعند ذلك قام الناس من حواليه وقصدوه وقال: يا أنس ، حدّثنا ما كان السبب؟ قال لهم : انتهوا عن هذا ، قالوا له : لا بدّ لك أن تخبرنا بذلك، فقال: اقعدوا على مواضعكم واسمعوا منّي حديثا كان هو السبب عن عليّ عليه‌السلام ، اعلموا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان قد اهدي له بساط شعر من قرية كذا وكذا من قرى المشرق يقال لها هندف ، فأرسلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد

__________________

(١) في المصدر : باهتدت.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ١٦٢.

٢٢٦

الرّحمن بن عوف الزهري فأتيته بهم وعنده ابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال لي : أنس ابسط البساط وأجلسهم عليه ، ثم قال : يا أنس اجلس حتّى تخبرني بما يكون منهم ثمّ قال : يا علي قل : يا ريح احملينا فقال الإمام عليّ عليه‌السلام : يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء فقال : سيروا على بركة الله قال : فسرنا ما شاء الله ثمّ قال : يا ريح ضعينا فوضعتنا فقال : أتدرون أين أنتم؟

قلنا : الله ورسوله وعليّ أعلم قال : هؤلاء أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا ، قوموا بنا يا أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى تسلّموا عليهم ، فعند ذلك قام أبو بكر وعمر فقالا : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم قال : فلم يجبهما أحد ، قال : فقام طلحة والزبير فقالا : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم فلم يجبهما أحد قال أنس : فقمت أنا وعبد الرّحمن بن عوف فقلت : أنا أنس خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم فلم يجاوبني أحد ، قال : فعند ذلك قام الإمام وقال : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا من آيات الله عجبا فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا وصيّ رسول الله فقال : يا أصحاب الكهف ألا رددتم على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقالوا : يا خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّا فتية آمنوا بربّهم وزادهم الله هدى وليس معنا إذن أن نردّ السلام إلّا على نبيّ أو وصيّ نبيّ ، وأنت وصيّ خاتم النبيين وأنت سيّد الوصيّين ثمّ قال : أسمعتم يا أصحاب رسول الله؟

قالوا : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : فخذوا مواضعكم وقوموا في مجالسكم قال : فقعدنا في مجالسنا ، ثمّ قال عليه‌السلام : يا ريح احملينا فحملتنا وسرنا ما شاء الله إلى أن غربت الشمس ثمّ قال : يا ريح ضعينا فإذا نحن في أرض كالزعفران ليس فيها حسيس ولا أنيس ، نباتها الشيع وليس بها ماء فقلنا له : يا أمير المؤمنين وقت الصلاة وليس بها لنا ماء نتوضأ به ثمّ قام وجاء إلى موضع من تلك الأرض فرفس برجله فنبعت عين ماء عذب فقال : دونكم وما طلبتم ولو لا طلبتكم لجاءنا جبرائيل بماء من الجنّة قال : فتوضّينا وصلّينا ووقف يصلّي إلى أن انتصف الليل ثمّ قال عليه‌السلام : خذوا مواضعكم ستدركون الصلاة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو بعضها ثمّ قال : يا ريح احملينا فإذا نحن في الهواء ثمّ سرنا ما شاء الله فإذا بمسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد صلّى من صلاته الغداة ركعة واحدة فقضينا ما كان قد سبقنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ التفت إلينا فقال لي : يا أنس تحدّثني أم احدّثك؟

قلت : بل من فيك أحلى يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فابتدأ بالحديث من أوّله إلى آخره كأنّه كان معنا ، قال : يا أنس تشهد لابن عمّي بها إذا استشهدك؟ فقلت : نعم يا رسول الله ، فلمّا ولي أبو بكر الخلافة أتى عليّ إليّ وكنت حاضرا عند أبي بكر والناس من حوله فقال لي : يا أنس ألست تشهد لي بفضيلة

٢٢٧

البساط ويوم عين الماء ويوم الجبّ؟ فقلت : قد نسيت يا علي لكبري ، فعندها قال لي : يا أنس إن كنت كتمتها مداهنة بعد وصيّة رسول الله لك رماك الله ببياض في وجهك ولظى في جوفك وعمى في عينك ، فما قمت من مقامي حتّى برصت وعميت وأنا الآن لا أقدر على الصيام في شهر رمضان ولا غيره لأنّ الزاد لا يبقى في جوفي ، ولم يزل على ذلك حتّى مات بالبصرة (١). وروى الكشّي أنّه لمّا أصابته دعوة أمير المؤمنين عليه‌السلام فبرص فحلف أن لا يكتم منقبة لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ولا فضلا أبدا (٢).

__________________

(١) لم نعثر عليه في مناقب ابن شهرآشوب ، ونقله المجلسي عن كتابي الروضة والفضائل. انظر البحار : ٤١ / ٢١٧ / ح ٣١.

(٢) رجال الكشي ٤٥ / ح ٩٥.

٢٢٨

الباب السابع والتسعون

في السطل والمنديل والقدس

من طريق العامّة وفيه أربعة أحاديث

الأوّل : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الشافعي بقراءتي عليه فأقرّ به قلت : أخبركم أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان الملقّب بابن السّقاء الحافظ الواسطي ، قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الرازي بالبصرة قال : حدّثنا محمد بن منده الاصفهاني قال : حدّثنا محمد بن حميد الرازي قال : حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي بكر وعمر : امضيا إلى عليّ حتّى يحدّثكما ما كان منه في ليلته ، وأنا على أثركما ، قال أنس : فمضينا ومضيت معهما فاستأذن أبو بكر وعمر على عليّ فخرج إليهما فقال : يا أبا بكر حدث شيء؟ قال : لا وما يحدث إلّا خيرا ، قال لي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ولعمر أيضا : امضيا إلى عليّ يحدّثكما ما كان منه في ليلته وجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا علي حدّثهما ما كان منك في ليلتك فقال : استحي يا رسول الله فقال : حدّثهما إنّ الله لا يستحيي من الحقّ فقال عليّعليه‌السلام : أردت الماء للطهارة وأصبحت وخفت أن تفوتني الصلاة فوجّهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء فأبطآ عليّ ، فأحزنني ذلك فرأيت السقف قد انشقّ ونزل عليّ منه سطل مغطّى بمنديل فلمّا صار في الأرض نحيت المنديل عنه فإذا فيه ماء فتطهرت للصلاة واغتسلت وصلّيت ثمّ ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : أمّا السطل فمن الجنّة وأمّا الماء فمن نهر الكوثر، وأمّا المنديل فمن استبرق الجنّة ، فمن مثلك يا علي في ليلته وجبرئيل يخدمه (١)؟

الثاني : صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي بقراءتي عليه فأقرّ به ، قلت له : أخبركم عبد الله بن محمد بن عثمان الملقّب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن عيسى الرازي البصري عن محمد بن عبيدة الأصفهاني عن محمد بن حميد الرازي عن حريز بن عبد الحميد عن

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي / ٧٩ / ح ١٣٩.

٢٢٩

الأعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي بكر وعمر : امضيا إلى عليّعليه‌السلام حتّى يحدّثكما ما كان منه في ليلته وأنا على إثركما قال : فمضيا فاستأذنّا على عليّ عليه‌السلام فخرج إلينا فقال : أحدث شيء؟ قلنا : لا بل قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، امضيا إلى عليّ يحدّثكما ما كان منه في ليلته ، فجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا عليّ حدّثهما ما كان منك في ليلتك ، فقال : إنّي لأستحيي يا رسول الله فقال : حدّثهما فإنّ الله لا يستحيي من الحقّ ، فقال علي : إنّي البارحة أردت الماء للطهارة وقد أصبحت وخفت أن تفوتني الصلاة فوجّهت الحسن في طريق والحسين في اخرى فأبطيا عليّ فأحزنني ذلك ، فبينما أنا كذلك فإذا السقف قد انشق ونزل منه سطل مغطّى بمنديل فلمّا صار في الأرض نحيت المنديل فإذا فيه ماء فتطهّرت للصلاة واغتسلت بباقيه وصلّيت ثمّ ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ ولهما : أمّا السطل فمن الجنّة والماء من نهر الكوثر والمنديل من استبرق الجنّة ، من مثلك يا عليّ وجبرئيل في ليلتك يخدمك (١)؟.

الثالث : موفّق بن أحمد قال : أنبأني مهذّب الأئمّة ، أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن علي ابن أبي عثمان الدقّاق ، حدّثنا أبو المظفّر هنّاد بن إبراهيم النسفي ، حدّثنا أبو الحسن عليّ بن يوسف بن محمد بن الحجّاج الطبري بسارية طبرستان ، حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن محمد الجرجاني ، حدّثنا أبو عيسى إسماعيل [بن اسحاق] بن سليمان النصيبي ، حدّثنا محمد بن علي الكفرتوثي ، حدّثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال : صلّى بنا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر وأبطأ في ركوعه في الركعة الاولى حتّى ظننا أنّه قدسها وغفل ثمّ رفع رأسه وقال : سمع الله لمن حمده ثمّ أوجز في صلاته وسلّم ثمّ أقبل علينا بوجهه كأنّه القمر ليلة البدر في وسط النجوم ، ثمّ جثا على ركبتيه وبسط قامته حتّى تلألأ المسجد بنور وجهه صلوات الله عليه ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الأوّل يتفقّد أصحابه رجلا رجلا ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصفّ الثاني ، ثمّ رمى بطرفه إلى الصف الثالث يتفقّدهم رجلا رجلا ، ثمّ كثرت الصفوف على رسول الله، ثمّ قال ما لي لا أرى عليّ بن أبي طالب ، يا ابن عمّي ، فأجابه عليّ كرّم الله وجهه من آخر الصفوف وهو يقول : لبّيك لبّيك يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى النبيّ بأعلى صوته : يا علي ادن منّي قال : فما زال يتخطّى الصفوف وأعناق المهاجرين والأنصار ممتدّة إليه حتّى دنا المرتضى من المصطفى فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما الذي خلّفك عن الصفّ الأوّل؟

قال : شككت أنّي على غير طهور فأتيت منزل فاطمة فناديت يا حسن ويا حسين يا فضّة فلم

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي ٩٢ / ح.

٢٣٠

يجبني أحد فإذا بهاتف يهتف بي من ورائي وهو ينادي : يا أبا الحسن يا ابن عمّ النبي التفت ، فالتفتّ فإذا أنا بسطل من ذهب فيه ماء وعليه منديل فأخذت المنديل ووضعته على منكبي الأيمن وأومأت إلى الماء فإذا الماء يفيض على كفيّ ، فتطهّرت وأسبغت الوضوء ولقد وجدته في لين الزبد وطعم الشهد ورائحة المسك ، ثمّ التفتّ فلا أدري من وضع السطل والمنديل ولا أدري من أخذه فتبسّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجهه وضمّه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه ثمّ قال : يا أبا الحسن ألا أسرّك أنّ السطل من الجنّة والماء والمنديل من الفردوس الأعلى والذي حيّاك للصلاة جبرئيل والذي مندلك ميكائيل عليهما‌السلام ، والذي نفس محمّد بيده ما زال إسرافيل قابضا بيده على ركبتي حتّى لحقت معي الصلاة أفيلومني الناس على حبّك والله تعالى وملائكته يحبّونك من فوق السماء (١).

الرابع : الفقيه أبو الحسن بن شاذان في مناقب المائة من طريق العامّة عن ابن عبّاس قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر ثمّ قام على قدميه فقال : من يحبني ويحبّ أهل بيتي فليتّبعني ، فاتّبعناه بأجمعنا حتّى أتى منزل فاطمة عليها‌السلام فقرع الباب قرعا خفيفا فخرج إليه عليّ بن أبي طالب وعليه شملة ويده ملطّخة بالطين فقال له : حدّث الناس بما رأيت أمس ، فقال عليّ عليه‌السلام : نعم فداك أبي وأمّي يا رسول الله ، بينا أنا في وقت الظهر أردت الطهور فلم يكن عندي الماء فوجّهت الحسن والحسين في طلب الماء فأبطيا عليّ فإذا بهاتف يهتف : يا أبا الحسن أقبل على يمينك ، فالتفتّ فإذا أنا بقدس من ذهب معلّق فيه ماء أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسل ، فوجدت فيه رائحة الورد فتوضّأت منه وشربت جرعات ثمّ قطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هل تدري من أين ذلك القدس؟ قال : الله ورسوله أعلم قال : القدس من أقداس الجنّة والماء من شجرة طوبى ـ أو قال: من نهر الكوثر ـ وأمّا القطرة من تحت العرش ، ثمّ ضمّه إلى صدره وقبّل بين عينيه ثمّ قال : حبيبي من كان خادمه جبرئيل بالأمس (٢).

__________________

(١) المناقب ٣٠٤ / ح ٣٠٠.

(٢) مائة منقبة ٧٤ / المنقبة ٤٢.

٢٣١

الباب الثامن والتسعون

في حديث السطل والإبريق

من طريق الخاصّة وفيه أربعة أحاديث

الأوّل : ابن بابويه قال : حدّثنا صالح بن عيسى العجلي قال : حدّثنا محمد بن علي قال : حدّثنا محمد بن منده الاصفهاني قال : حدّثنا محمّد بن حميد قال : حدّثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورجلان من أصحابه في ليلة مظلمة مكفهرّة إذ قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ائتوا باب عليّ ، فأتينا باب عليّ عليه‌السلام فنقر أحدنا الباب نقرا خفيفا إذ خرج إلينا عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام متّزرا بإزار من صوف مرتديا بمثله ، في كفّه سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لنا : أحدث حدث؟ قلنا : خير ، أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن نأتي بابك وهو بالأثر إذ أقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا علي ، قال : لبّيك ، قال : أخبر أصحابي بما أصابك البارحة؟ قال علي عليه‌السلام : يا رسول الله إنّي لأستحيي فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله لا يستحيي من الحقّ ، قال علي : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول الله فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء ، فبعثت الحسن كذا والحسين كذا فأبطآ عليّ فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواد البيت : قم يا علي خذ السطل واغتسل فإذا أنا بسطل من ماء مملوء ، عليه منديل من سندس فأخذت السطل واغتسلت ومسحت بدني بالمنديل ورددت المنديل على رأس السطل فقام السطل في الهواء فسقط من السطل جرعة فأصابت هامتي فوجدت بردها على فؤادي ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت وخادمك جبرائيل ، أمّا الماء فمن الكوثر وأمّا السطل والمنديل فمن الجنّة ، كذا أخبرني جبرائيل ، كذا أخبرني جبرائيل ، كذا أخبرني جبرائيل (١).

الثاني : الشيخ البرسي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام [كان] في بعض غزواته وقد دنت الفريضة ولم يجد ماء يسبغ به الوضوء فرمق بطرفه إلى السماء والناس قيام ينظرون فنزل جبرائيل وميكائيل عليهما‌السلام ومع جبرائيل سطل فيه ماء ومع ميكائيل منديل ، فوضع السطل والمنديل بين يدي أمير المؤمنين عليه‌السلام فأسبغ وضوءه من ذلك الماء ومسح وجهه الكريم بالمنديل ، فعند ذلك عرجا إلى السماء والخلق

__________________

(١) أمالي الصدوق ٢٩٦ / مجلس ٤٠ / ح ٤.

٢٣٢

ينظرون إليهما (١).

الثالث : ثاقب المناقب عن عاصم بن شريك عن أبي البختري عن أبي عبد الله الصادق عن آبائهعليهم‌السلام قال : أتى أمير المؤمنين منزل عائشة فنادى : يا فضّة ايتنا بشيء من ماء نتوضّأ ، فلم يجبه أحد فولّى عن الباب يريد منزل الموفقة السعيدة الحوراء الإنسية فاطمة عليها‌السلام فإذا هو بهاتف يهتف ويقول: يا أبا الحسن دونك الماء فتوضّأ به فإذا هو بإبريق من ذهب مملوّ ماء عن يمينه فتوضّأ ثمّ عاد الإبريق إلى مكانه فلمّا نظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا علي ما هذا الماء الذي أراه يقطر كأنّه الجمان؟ قلت : بأبي وأمّي أتيت منزل عائشة فدعوت فضّة تأتينا بماء للوضوء ثلاثا فلم يجبني أحد فولّيت فإذا بهاتف يهتف وهو يقول : يا علي دونك الماء فالتفتّ فإذا أنا بإبريق من ذهب مملوّ ماء فقال : يا علي تدري من الهاتف؟ ومن أين كان الإبريق؟ فقلت : الله ورسوله أعلم ، فقال : أمّا الهاتف فحبيبي جبرئيل ، وأمّا الابريق فمن الجنّة ، وأمّا الماء فثلث من المشرق وثلث من المغرب وثلث من الجنّة ، وهبط جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الله يقرئك السلام ويقول لك : اقرأ عليّا السلام وقل : إنّ فضّة كانت حائضا فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : منه السلام وإليه يعود مرد السلام وإليه طيب الكلام ، ثمّ التفت إلى عليّ فقال : حبيبي عليّ هذا جبرئيل أتانا من عند ربّ العالمين وهو يقرئك السلام ويقول : إنّ فضّة كانت حائضا فقال عليّ : اللهمّ بارك لنا في فضّتنا (٢).

الرابع : ابن شهرآشوب في المناقب عن ابن عبّاس وحميد الطويل عن أنس بن مالك قال : صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا ركع أبطأ في ركوعه حتّى ظننا أنّه نزل عليه وحي فلمّا سلّم واستند بالمحراب نادى : أين عليّ بن أبي طالب ، وكان في آخر الصفّ يصلّي فأتاه فقال : يا علي ألحقت الجماعة فقال : يا نبيّ الله عجّل بلال الإقامة فناديت الحسن بوضوء فلم أر أحدا فإذا بهاتف يهتف : يا أبا الحسن أقبل عن يمينك فالتفتّ فإذا أنا بقدس من الذهب مغطّى بمنديل أخضر معلّقا فرأيت ماء أشدّ بياضا من الثلج وأحلى من العسل وألين من الزبد وأطيب ريحا من المسك ، فتوضّأت وشربت وقطرت على رأسي قطرة وجدت بردها على فؤادي فمسحت وجهي بالمنديل بعد ما كان الماء يصبّ على يدي ولم أر شخصا ثمّ جئت نبيّ الله ولحقت الجماعة فقال النبي : القدس من أقداس الجنّة والماء من الكوثر والقطرة من تحت العرش والمنديل لمن الوسيلة ، والذي جاء به جبرائيل ، والذي ناولك المنديل ميكائيل ، وما زال جبرائيل واضعا يده على ركبتي يقول : يا محمّد قف قليلا

__________________

(١) انظر الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمي ١١١.

(٢) الثاقب في المناقب ٢٨٠ / ح ١٢.

٢٣٣

حتّى يجيء علي فيدرك معك الجماعة (١).

والأحاديث في معاجز أمير المؤمنين عليه‌السلام في أنواع المعاجز لا تحصى من طريق العامّة والخاصّة ، وكذا معاجز بنيه الأئمّة الأحد عشر عليهم‌السلام من أراد الوقوف على كثير منها فعليه بكتابنا الموسوم بمدينة المعاجز فإنّ فيه كفاية للطالب ممّا لا مزيد عليه ، ولكثرتها تركنا ذكرها في هذا الكتاب لأنه يطول بذكرها الكتاب.

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٨١.

٢٣٤

الباب التاسع والتسعون

في سدّ الأبواب من المسجد إلّا باب عليّ عليه‌السلام

من طريق العامّة وفيه تسعة وعشرون حديثا

الأوّل : مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا محمد بن جعفر قال : حدّثنا عوف عن ميمون بن عبد الله عن زيد بن أرقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبواب شارعة في المسجد فقال يوما : سدّوا هذه الأبواب إلّا باب عليّ قال : فتكلّم في ذلك اناس ، قال : فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ عليه‌السلام فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكنّي أمرت بشيء فاتبعته (١).

الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا علي بن طيفور قال : حدّثنا قتيبة قال : حدّثنا يعقوب بن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنّ عمر بن الخطّاب قال : لقد اوتي عليّ بن أبي طالب ثلاثا لئن أكون اوتيتها أحبّ إليّ من أن أعطى حمر النعم : جوار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد والراية يوم خيبر والثالثة نسيها سهيل (٢).

الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر قال : كنّا نقول : خير الناس أبو بكر ولقد اوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم : زوّجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته وولدت له وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد وإعطاء الراية يوم خيبر (٣).

الرابع : ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتابه المناقب قال : أخبرنا أحمد بن محمد إجازة قال : أخبرنا عمر بن شوذب قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون قال : حدّثنا علي بن عياش عن الحارث بن حصيرة عن عدي بن ثابت قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المسجد فقال : إنّ الله أوحى إلى نبيّه موسى أن ابن لي مسجدا طاهرا لا يسكنه إلّا موسى وهارون وابنا هارون ، وإنّ الله أوحى

__________________

(١) مسند أحمد : ٤ / ٣٦٩.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل : ٢ / ٦٥٩ / ح ١١٢٣.

(٣) مسند أحمد ٢ / ١٢.

٢٣٥

إليّ أن ابن مسجدا طاهرا لا يسكنه إلّا أنا وعليّ وابنا عليّ (١).

الخامس : ابن المغازلي أيضا قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال : حدّثنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع قال : حدّثنا جعفر بن عبد الله بن محمد أبو عبد الله قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا سلام ابن أبي عمرة عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : لمّا قدم أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها فكانوا يبيتون في المسجد فقال لهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا ، ثمّ إنّ القوم بنوا بيوتا حول المسجد وجعلوا أبوابها إلى المسجد وإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث إليهم معاذ بن جبل فنادى أبا بكر فقال : إنّ الله تعالى أمرك أن تخرج من المسجد فقال : سمعا وطاعة فسدّ بابه طاعة وخرج من المسجد ، ثمّ أرسل إلى عمر فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأمرك أن تسدّ بابك في المسجد وتخرج منه فقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله غير أنّي أرغب إلى الله في خوخة إلى المسجد فأبلغه معاذ ما قال عمر ، ثمّ أرسل إلى عثمان وعنده رقيّة فقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسدّ بابه وخرج من المسجد ، ثمّ أرسل إلى حمزة فسدّ بابه وقال : سمعا وطاعة ، وعليّ على ذلك يتردّد لا يدري ما هو فيمن يقيم أو فيمن يخرج ، وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قد بنى له بيتا في المسجد بين أبياته فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : سكن طاهرا مطهرا ، فبلغ حمزة قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ فقال : يا محمّد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب ، فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان الأمر إليّ ما جعلت من دونكم من أحد ، والله ما أعطاه إيّاه إلّا الله وإنّك لعلى خير من الله ورسوله أبشر ، فبشّره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقتل يوم أحد شهيدا ، ومعه من ذلك رجال على عليّ فوجدوا في أنفسهم وتبيين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فبلغ ذلك النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقام خطيبا فقال : إنّ رجالا لا يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليّا في المسجد ، والله ما أخرجتهم ولا أسكنته ، إنّ الله عزوجل أوحى إلى موسى وأخيه أن تبوّءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة ، وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلّا هارون وذريّته ، وإنّ عليّا بمنزلة هارون من موسى ، وهو أخي دون أهلي ولا يحلّ مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلّا عليّ وذريّته ، فمن شاء فهاهنا ، وأومأ بيده نحو الشام (٢).

السادس : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج الأزهري قال : حدّثنا أبو الحسن محمد بن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ قال : أخبرنا أبو القاسم عمرو بن

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي / ١٦٤ / ح ٣٠١.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ١٦٧ / ح ٣٠٣.

٢٣٦

عثمان بن حيّان بن أبي حيّان قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني قال : حدّثنا النظر بن محمد ، حدّثنا أبو أويس ، حدّثنا الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال : حدّثني خارجة بن سعد قال : حدّثني سعد بن أبي وقاص قال : كانت لعليّ عليه‌السلام مناقب لم تكن لأحد كان يبيت في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر ، وسدّ الأبواب إلّا باب عليّ (١).

السابع : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين العلوي العدل قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن مبشّر قال : حدّثنا إبراهيم بن عبد الرحيم بن دنوقا قال : حدّثنا هوذة بن خليفة عن ميمون أبي عبد الله عن البراء ابن عازب قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبواب شارعة في المسجد وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : سدّوا هذه الأبواب غير باب عليّ ، قال : فتكلّم في ذلك اناس قال : فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد فانّي امرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ ، فقال فيه قائلكم ، وإنّي والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكنّي أمرت بشيء فاتبعته (٢).

الثامن : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أحمد بن محمد قال : أخبرنا الحسين بن محمد العدل قال : حدّثنا محمد بن محمود قال : أخبرنا الحسين بن سلام السّواق قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى قال: حدّثنا فطر بن خليفة عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن الرقيم عن سعد أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بسدّ الأبواب فسدّت وترك باب علي فأتاه العبّاس فقال : يا رسول الله سددت أبوابنا وتركت باب عليّ ، قال : ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها (٣).

التاسع : ابن المغازلي قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال : أخبرنا الحسين بن محمد العدل قال : حدّثنا أحمد بن عيسى بن السّكين البلدي قال : حدّثنا الرمادي قال : حدّثنا يحيى بن حمّاد قال : حدّثنا أبو عوانة قال : أخبرنا أبو بلج قال : حدّثنا عمر بن ميمون عن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سدّ أبواب المسجد غير باب عليّ (٤).

العاشر : ابن المغازلي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب يرفعه إلى ابن عبّاس رضى الله عنه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بسدّ الأبواب كلّها إلّا باب عليّ (٥).

الحادي عشر : ابن المغازلي الشافعي هذا قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الملقّب بابن

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي / ١٦٨ / ح ٣٠٤.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ١٦٩ / ح ٣٠٥.

(٣) مناقب ابن المغازلي / ١٦٩ / ح ٣٠٦.

(٤) مناقب ابن المغازلي / ١٦٩ / ح ٣٠٧.

(٥) مناقب ابن المغازلي / ١٧٠ / ح ٣٠٨.

٢٣٧

السقّاء الحافظ قال : حدّثنا عليّ بن العبّاس البجلي الكوفي قال : حدّثني حسين بن نصر بن مزاحم قال: حدّثني خالد بن عيسى العكلي قال : حدّثنا مخارق قال : حدّثنا جعفر بن محمد عن أبيه نافع مولى ابن عمر قال قلت لابن عمر : من خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : ما أنت لا أمّ لك قال : استغفر الله خيرهم بعده من كان يحلّ له ما كان يحلّ له صلى‌الله‌عليه‌وآله ويحرم عليه ما يحرم عليه قلت : من هو؟ قال : علي بن أبي طالب ، سدّ أبواب المسجد وترك باب عليّ وقال له : لك في هذا المسجد ما لي وعليك فيه ما عليّ وأنت وارثي ووصيّي تقضي ديني وتنجز عداتي وتقتل على سنّتي ، كذب من زعم أنّه يبغضك ويحبّني (١).

الثاني عشر : من [كتاب] مناقب العباس رضى الله عنه تأليف الحافظ أبي زكريا بن منده الأصفهاني ما رواه إبراهيم بن سعيد الجوهري قال : حدّثني أمير المؤمنين المأمون ، حدثني أمير المؤمنين الرشيد قال : حدّثني المهدي قال : حدّثني أمير المؤمنين المنصور ، حدّثني أبي قال : حدّثني أبي : عبد الله بن العبّاس قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ أنت وارثي وقال : إنّ موسى سأل الله تعالى أن يطهّر مسجده ، وإني سألت الله أن يطهّر مسجدي لك ولذريّتي من بعدي ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك فاسترجع وقال : فعل هذا بغيري؟ فقيل : لا فقال : سمعا وطاعة فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر فقال : سدّ بابك فاسترجع وقال : فعل هذا بغيري؟ فقيل : بأبي بكر فقال : إنّ في أبي بكر أسوة حسنة فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى العبّاس : سدّ بابك ، فلمّا سمعت فاطمة خرجت فجلست على بابها ومعها الحسن والحسين كأنّهما شبلان فخاض الناس في ذلك فصعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فقال : ما أنا سددت أبوابكم ولا أنا فتحت باب عليّ ولكن الله سدّ أبوابكم وفتح باب عليّ (٢).

الثالث عشر : محمد بن إسحاق في الخبر الثاني من كتاب المغازلي بإسناده قال : حدّثنا مونس عن قطر بن خليفة عن عبد الله بن شريك عن عبد الله بن رقيم قال : سمعت سعد بن أبي وقّاص يقول : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالأبواب أن تسدّ من قبل المسجد إلّا باب علي تركه وكانت أبواب النّاس شارعة في المسجد.

الرابع عشر : محمد بن إسحاق أيضا بإسناده عن عامر الشعبي قال : جاء العبّاس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ما بال أبواب رجل في المسجد فتحت وسدّت أبواب رجل ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : والله يا عمّاه ما سدّت عن أمري ولا فتحت عن أمري قال : فسمعت عامرا يقول سدّت الأبواب كلّها

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي / ١٧٠ / ح ٣٠٩.

(٢) لم يحضر في كتاب مناقب العباس ولكن نقله عنه ابن بطريق في العمدة ١٧٦ / ح ٢٧٣ ، ورواه مختصرا في كنز العمال : ١٣ / ١٧٥ / ح ٣٦٥٢.

٢٣٨

إلّا باب علي عليه‌السلام.

الخامس عشر : ابن شيرويه في الخبر الأوّل من كتاب الفرد ومن في باب الستين قال عن ابن عبّاس رضى الله عنه سدّت كلّها إلّا باب عليّ عليه‌السلام.

السادس عشر : أبو المظفّر السمعاني في كتاب مناقب الصحابة بالاسناد عن أبي صالح عمر بن ميمون عن ابن عبّاس رضى الله عنه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالأبواب كلّها أن تسدّ إلّا باب عليّ صلوات الله عليه وسلامه.

السابع عشر : أبو المؤيّد موفّق بن أحمد من أكابر علماء العامّة في كتاب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : أخبرنا الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفّاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان ، أخبرنا الحافظ أبو عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد باصبهان فيما اذن لي فالرواية عنه ، أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزّاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ، أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدّثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني ، وحدّثنا الإمام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبيد الله الهمداني وأخبرني بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إليّ من اصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدّثني سليمان بن أحمد ، حدثني على بن سعيد الرازي ، حدّثني محمد بن حميد ، حدّثني زافر ابن سليمان بن الحارث بن محمّد عن أبي الطفيل عامر بن واثلة في حديث الشورى واحتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام عليهم بما له من الفضائل والسوابق وفي كلّ ذلك يصدّقونه فيما قاله ، وقال عليه‌السلام في ذلك أفيكم أحد يطهّره كتاب الله غيري؟ وحتّى سدّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أبواب المهاجرين جميعا وفتح بابي إليه حتّى قاما إليه عمّاه حمزة والعبّاس وقالا : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سددت أبوابنا وفتحت باب عليّ؟ فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما فتحت بابه ولا سددت أبوابكم ، بل الله فتح بابه وسدّ أبوابكم قالوا لا (١).

الثامن عشر : موفّق بن أحمد قال : أنبأني أبو العلاء الحسن بن أحمد بن المقري قال : حدّثنا محمد (٢) بن إسماعيل ، حدّثنا أحمد بن محمد بن الحسين ، أخبرنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا علي ابن عبد العزيز ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا ابن أبي غنيمة عن أبي الخطّاب الهجري عن محدوج الذهلي عن صبرة عن جسرة قالت : أخبرتني أمّ سلمة قالت : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المسجد فقال بأعلى صوته : إن هذا المسجد لا يحل لجنب ولا حائض إلّا للنبي وأزواجه وفاطمة بنت محمد

__________________

(١) المناقب ٣١٣ / ح ٣١٤.

(٢) في المصدر : محمود.

٢٣٩

وعلي ألا بينت لكم الأسماء أن تضلوا (١).

التاسع عشر : الذهلي عن صبرة عن جسرة قالت : أخبرتني أمّ سلمة قالت : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى هذا المسجد وقال بأعلى صوته : ألا إنّ هذا المسجد لا يحلّ لجنب ولا لحائض إلّا للنبيّ وأزواجه وفاطمة بنت محمّد وعلي ، ألا بينت لكم أن تضلّوا (٢).

العشرون : موفّق بن أحمد أيضا قال : أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن عليّ بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام الشيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ببغداد ، حدّثنا عبد الله عن زيد بن أرقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبواب شارعة في المسجد فقال يوما : سدّوا هذه الأبواب إلّا باب عليّ عليه‌السلام ، قال : فتكلّم الناس في ذلك فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد فإنّي امرت بسدّ هذه الأبواب إلّا باب عليّ فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكنّي أمرت بشيء فاتبعته (٣).

الحادي والعشرون : إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين وهو من أعيان علماء العامّة قال : أخبرني الشيخ الإمام العلّامة تاج الدين أبو المفاخر محمد بن أبي القاسم محمود السدّي الزوزني ، من كتابه من واشر كرمان وقاضي القضاة خطيب المسلمين شمس الدين أبو محمد عبد الرّحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي كتابة إليّ من دمشق في سنة أربع وسبعين وستّمائة وتاج الدين علي بن أنجب بن عبد الله الخازن مشافهة ببغداد بروايتهم عن الإمام مجد الدين أبي سعد عبد الله بن عمر بن أحمد ابن منصور الصّفاري النيسابوري إجازة قال : أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد الحدّاد إجازة قال : أنبأنا الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد أبو نعيم قال : أنبأنا سليمان بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، أنبأنا زكريا بن يحيى ، أنبأنا خالد بن مخلد ، أنبأنا راشد أبو سلمة عن أبي داود عن بريد الأسلمي قال : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بسدّ الأبواب فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله ، فلمّا بلغ ذلك رسول الله دعا : الصلاة جامعة حتّى إذا اجتمعوا صعد المنبر فلم يسمع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحميدا وتعظيما في خطبة مثل يومئذ فقال : يا أيّها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ، بل الله عزوجل

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٣٢٠ ح ٣٢٥ ، والسنن الكبرى للبيهقي : ٧ / ٦٥.

(٢) المناقب للموفق الخوارزمي ٣٢٠ / ٣٢٥ ، والحديث فيه مسند اختصره المصنّف.

(٣) المناقب ٣٢٧ / ح ٣٣٨.

٢٤٠