غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٨

ثمّ عرج بي إلى السماء الرابعة فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت : ملائكة ربّي تعرفوننا حق معرفتنا؟

قالوا : ولم لا نعرفكم وأنتم شجرة النبوّة وبيت الرحمة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وعليكم ينزل جبرائيل بالوحي من السماء فاقرأ عليّا منّا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء الخامسة فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت : ملائكة ربّي تعرفوننا حق معرفتنا؟

قالوا : ولم لا نعرفكم ونحن نمرّ عليكم بالغداة والعشيّ بالعرش وعليه مكتوب : لا إله إلّا الله محمد رسول الله أيّده الله بعلي بن أبي طالب [ولي] فعلمنا [عند] ذلك أن عليّا وليّ من أولياء الله عزوجل فاقرأه منّا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء السادسة فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت : ملائكة ربّي تعرفوننا حق معرفتنا؟

قالوا : ولم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ليس فيها ورقة إلّا وعليها مكتوب بالنور : لا إله إلّا الله محمد رسول الله عليّ بن أبي طالب عروة الله الوثقى وحبل الله المتين ، وعينه على الخلائق أجمعين ، فاقرأه منّا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء السابعة فسمعت الملائكة يقولون : الحمد لله الذي صدقنا وعده ، فقلت :

وبما ذا وعدكم؟ قالوا : يا رسول الله لما خلقتم أشباح نور [في نور] من نور الله عرضت علينا ولايتكم فقبلناها وشكونا محبتكم إلى الله عزوجل ، وأما أنت فوعدنا بأن يريناك معنا في السماء وقد فعل وأمّا عليّ فشكونا محبته إلى الله عزوجل فخلق لنا صورته [في] ملكا وأقعده عن يمين العرش على سرير من ذهب مرصع بالدرّ والجواهر عليه قبة من لؤلؤة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها بلا دعامة من تحتها ولا علاقة من فوقها قال لها صاحب العرش : قومي بقدرتي ، فقامت فكلما اشتقنا إلى رؤية عليّ نظرنا إلى ذلك الذي في السماء فاقرأ عليّا منّا السلام (١).

__________________

(١) مدينة المعاجز : ٢ / ٣٩٥ ـ ٤٠١ ح ٤٢٨ ، وتأويل الآيات : ٢ / ٨٧١ ـ ٨٧٥.

١٤١

الباب التاسع والسبعون

في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «مثل عليّ عليه‌السلام في هذه الامّة مثل قل هو الله أحد»

من طريق العامّة وفيه حديثان

الأوّل : أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي في كتاب «المناقب» قال : أخبرنا أبو طالب محمد ابن أحمد بن عثمان البغدادي ـ قدم علينا واسط ـ قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن لؤلؤ إذنا قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد بن المغيرة قال : حدّثنا محمد بن يحيى قال : حدّثنا محمد بن جعفر الكوفي عن محمد بن الطفيل عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا دار الحكمة وعليّ بابها ، فمن أراد الحكمة فليات الباب. ابن المغازلي هذا قال: أخبرنا أبو القاسم واصل بن حمزة البخاري ـ قدم علينا واسط ـ قال : حدّثنا عبد الحميد بن محمد بن داود قال : حدّثنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إسماعيل بن أبي عامد القاضي قال : حدّثنا أبو الحسين زيد بن محمد بن جعفر بن المبارك قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن نصر قال : حدّثنا أحمد ابن عبيد قال : حدّثنا إسحاق بن بشر عن عمرو بن أبي المقدام عن سماك عن النعمان بن بشير قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما مثل عليّ في هذه الامّة مثل قل هو الله أحد (١).

الثاني : الموفق بن أحمد ـ من أعيان علماء العامّة ـ بإسناده يرفعه إلى عبد الله بن العباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ ما مثلك في الناس إلّا كمثل قل هو الله أحد في القرآن من قراها مرّة فكأنّما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرّتين فكانّما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاث مرّات كمن قرأ القرآن ، وكذا أنت يا عليّ من أحبّك بقلبه فقد أحبّ ثلث الإيمان ومن أحبك بقلبه ولسانه فقد أحبّ ثلثي الإيمان ومن أحبّك بقلبه ولسانه ويده فقد أحبّ الإيمان كله والذي بعثني بالحق نبيّا لو أحبّك أهل الأرض كما يحبّك أهل السماء لما عذّب الله أحدا منهم بالنار (٢).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ٧٤ ح ١٢٨ وكذلك جاء الحديث الثاني في / ٦٢ / ح ١٠٠.

(٢) لم نجده في مناقب الموفق الخوارزمي ، والظاهر أن في نقله عنه سهوا والحديث موجود في : مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب : ٣ / ٤. وفي الفضائل لابن شاذان القمي : ١١٢. وممن رواها من العامّة القندوزي في ينابيع المودة : ١ / ٣٧٦.

١٤٢

الباب الثمانون

في قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «مثل عليّ عليه‌السلام مثل قل هو الله أحد» ومراتب المحبة

من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث

الأوّل : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة ـ في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم‌السلام في القرآن ـ عن سعيد بن عجب الأنباري عن عليّ بن سهر عن حكيم بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : «إنّما مثلك مثل قل هو الله أحد» فإنّه من قرأها مرة فكانما قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرّات فكمن قرأ القرآن كلّه ، وكذلك أنت من أحبّك بقلبه كان له ثلث ثواب العباد ، ومن أحبّك بقلبه ولسانه كان له ثلثا ثواب العباد ، ومن أحبّك بقلبه ولسانه ويده كان له ثواب العباد أجمع (١).

الثاني : محمد بن العباس ـ أيضا ـ عن عليّ بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسحاق بن بشر الكاهلي عن عمرو بن أبي المقدام عن سماك بن حرب عن نعمان بن بشير قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) مرّة فكأنّما قرأ ثلثا القرآن ، ومن قرأها مرّتين كمن قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاثا فكمن قرأ القرآن كله ، كذلك من أحبّ عليّا بقلبه أعطاه الله ثلث ثواب هذه الامّة ، ومن أحبّه بقلبه ولسانه أعطاه الله ثلثي ثواب هذه الامّة ، ومن أحبّه بقلبه ولسانه ويده أعطاه الله ثواب هذه الامّة كلّها (٢).

الثالث : محمد بن العباس عن عليّ بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن الحكم بن سليمان عن محمد بن كثير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ إن فيك مثلا من (قل هو الله أحد)» من قرأها مرّة فقد قرأ ثلث القرآن ، ومن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاثا فقد قرأ القرآن كله. يا عليّ ومن أحبّك بقلبه كان له أجر ثلث الامّة ، ومن أحبّك بقلبه وأعانك بلسانه كان له مثل أجر ثلثي هذه الامّة ، ومن أحبّك بقلبه وأعانك بلسانه ونصرك بسيفه كان له مثل أجر هذه الامّة (٣).

__________________

(١) البحار : ٣٩ / ٢٨٨ ح ٨١ ، وتفسير البرهان : ٤ / ٥٢١.

(٢) البحار : ٣٩ / ٢٨٨ ح ٨٢ ، والبرهان : ٤ / ٥٢٢.

(٣) البحار : ٣٩ / ٢٨٨ ح ٨٣.

١٤٣

الرابع : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا أبي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن نوح بن شعيب النيسابوري عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن عروة بن أبي شعيب العقرقوفي عن شعيب عن أبي بصير قال : سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام يحدّث عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما لأصحابه : أيكم يصوم الدهر؟

فقال سلمان رضى الله عنه : أنا يا رسول الله.

قال : فأيكم يحيي الليل؟

قال سلمان : أنا يا رسول الله.

قال : فأيّكم يختم القرآن في كل يوم؟

قال سلمان : أنا يا رسول الله.

فغضب بعض أصحابه فقال : يا رسول الله إن سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش.

قلت : أيّكم يصوم الدهر؟

قال : أنا وهو أكثر أيامه يأكل وقلت : أيّكم يحيي الليل قال أنا وهو أكثر ليله نائم ، قلت : وأيّكم يختم القرآن في كلّ يوم قال : أنا وهو أكثر يومه صامت ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : مه يا فلان وأين لك بمثل لقمان الحكيم سله فإنّه ينبئك ، فقال الرجل لسلمان : يا أبا عبد الله أليس زعمت أنك تصوم الدهر فقال : نعم ، فقال : رأيتك في أكثر نهارك تأكل ، فقال : ليس حيث تذهب إني أصوم الثلاثة في الشهر وما قال الله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) وأصل شهر شعبان بشهر رمضان فذلك صوم الدهر.

فقال : أليس زعمت أنّك تحيي الليل؟

فقال : نعم.

فقال : أنت أكثر ليلك نائم.

فقال : ليس حيث تذهب ولكنّي سمعت حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من بات على طهر فكأنّما أحيي الليل كلّه وأنا أبيت على طهر.

فقال : أليس زعمت أنّك تختم القرآن في كلّ يوم؟

قال : نعم.

قال : فإنّك أكثر أيامك صامت.

١٤٤

فقال : ليس حيث تذهب ولكنّي سمعت حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ عليه‌السلام : يا أبا الحسن مثلك في أمّتي مثل [سورة التوحيد] قل هو الله أحد فمن قرأها مرّة فقد قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثا فقد ختم القرآن ، فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان ومن أحبّك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان ومن أحبّك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان ، والذي بعثني بالحق يا عليّ لو أحبّك أهل الأرض كمحبة أهل السماء [لك] لما عذّب الله أحدا بالنار ، وأنا أقرأ قلّ هو الله أحد في كلّ يوم ثلاث مرّات. فقام وكأنّه قد ألقم القوم حجرا (١).

الخامس : المفيد في أماليه قال : أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة قال : حدّثنا أحمد ابن عبد الله عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن داود بن النعمان عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن الحسن بن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : من أحبنا بقلبه ونصرنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها ، ومن أحبنا بقلبه ونصرنا بلسانه فهو دون ذلك بدرجة ، ومن أحبنا بقلبه وكفّ يده ولسانه فهو في الجنّة(٢).

السادس : المفيد في أماليه قال : أخبرنا الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة الطبري قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن حاتم القزويني قال : حدّثنا أبو العباس محمد بن جعفر المخزومي قال : حدّثنا محمد بن شمون البصري عن عبد الله بن عبد الرّحمن قال : حدّثني الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيهعليه‌السلام قال : من أعاننا بلسانه على عدوّنا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عزوجل (٣).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٨٧ ح ٥٤ المجلس : ٨ ح ٥.

(٢) أمالي المفيد : ٣٤ ح ٨ المجلس ٤.

(٣) أمالي المفيد : ٣٣ ح ٧.

١٤٥

الباب الحادي والثلاثون

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام «لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق»

من طريق العامّة وفيه ستة عشر حديثا

الأوّل : مسند أحمد بن حنبل : روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا وكيع حدّثنا الأعمش عن عدىّ بن ثابت عن رزين بن حبيش عن عليّ عليه‌السلام قال : عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ أنّه لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق (١).

الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أسود بن عامر قال : حدّثنا إسرائيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : ما كنّا نعرف منافقي الأنصار إلّا ببغضهم عليّا عليه‌السلام (٢).

الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عليّ بن مسلم قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا محمد بن عليّ السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال : ما كنّا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلّا ببغضهم عليّا (٣).

الرابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أحمد بن عبد الجبار وقال : حدّثنا محمد بن عباد قال : حدّثنا محمد بن الفضيل عن أبي نضر عبد الله بن عبد الرّحمن عن مساور الحميري عن أبيه قال : دخلت على أمّ سلمة فسمعتها تقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق (٤).

الخامس : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا الهيثم بن خلف قال : حدّثنا عبد الملك بن عبد ربّه أبو إسحاق الطائي قال : حدّثنا معاوية بن عمار عن أبي الزبير قال : قلت لجابر : كيف كان عليّ عليه‌السلام فيكم؟

قال : ذاك من خير البشر ما كنّا نعرف المنافقين إلّا ببغضهم إيّاه (٥).

السادس : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبه

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٩٥ ـ ١٢٨.

(٢) فضائل الصحابة : ٢ / ٥٧٩ ح ٩٧٩.

(٣) فضائل الصحابة لأحمد : ٢ / ٦٣٩ ح ١٠٨٦.

(٤) فضائل الصحابة : ٢ / ٦١٩ ح ١٠٥٩.

(٥) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٧١ ح ١١٤٦.

١٤٦

وسمعته أنا من عثمان بن محمد قال : حدّثنا محمد بن فضيل عن ابن عبد الرّحمن أبي نصر قال : حدّثنا مساور الحميري عن أبيه قال : سمعت أمّ سلمة (رض) تقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّعليه‌السلام: لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق (١).

السابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا سعيد بن محمد الورّاق عن عليّ بن خيرود قال : سمعت أبا مريم الثقفي يقول : سمعت عمّار بن ياسر يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ عليه‌السلام : يا عليّ طوبى لمن أحبّك وصدّق فيك وويل لمن أبغضك وكذّب فيك (٢).

الثامن : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أحمد بن رنجويه القطان قال : حدّثنا هشام بن عمّار الدمشقي قال : حدّثنا أسد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي قال : حدّثنا أبو سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أبغضنا أهل البيت فهو منافق (٣).

التاسع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا الفضل بن الحبّاب البصري ـ بالبصرة ـ قال : حدّثنا القعنبي عبد الله بن سلمة قال : حدّثنا ابن لهيع عن أبي الأسود عن عروة ـ وهو ابن الزبير : أن رجلا وقع في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام بمحضر عمر فقال عمر : تعرف صاحب هذا القبر؟

هو محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب وعليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ، فلا تذكر عليّا إلّا بخير فإنّك إن أبغضته آذيت هذا في قبره (٤).

العاشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا أبو نمير قال : حدّثنا الأعمش عن عدي بن ثابت الأنصاري عن ذرّ بن حبيش قال : قال عليّ : والله إنّما [لما] عهد إلى النبيّ الامي : أنه لا يبغضني إلّا منافق ولا يحبني إلّا مؤمن (٥).

الحادى عشر : ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث التاسع من مسند أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من أفراد مسلم عن ذرّ بن حبيش قال : قال عليّ عليه‌السلام : والذي فلق الحبّة وبرء النسمة لعهد النبيّ الامّي صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ أنه لا يحبني إلّا مؤمن ولا يبغضني إلّا منافق (٦).

الثاني عشر : ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدي من الجزء الثاني على حدّ ثلثيه في مناقب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام من سنن أبي داود السجستاني قال : عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : كنّا نعرف المنافقين ببغضهم عليّ بن أبي طالب (٧).

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ٢٩٢.

(٢) مسند أبي يعلى : ٣ / ١٧٩ ح ١٦٠٢.

(٣) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٤١ ح ١٠٨٩.

(٤) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٤١ ح ١٠٨٩.

(٥) مسند أحمد : ١ / ٨٤ ، والفضائل : ٢ / ٥٧٠ ح ٩٦١.

(٦) صحيح مسلم : ١ / ٦١ ط. دار الفكر.

(٧) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٨٦ ط. دار الفكر وذكر طرقه.

١٤٧

الثالث عشر : ومن الجمع بن الصحاح الستة من الباب أيضا من صحيح البخاري عن أمّ سلمة (رض) قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحب عليّا منافق ولا يبغضه مؤمن (١).

الرابع عشر : ومن صحاح الستة من الباب من سنن أبي داود عن ذرّ بن حبيش قال : سمعت عليّا عليه‌السلام يقول : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إليّ أنّه لا يحبني إلّا مؤمن ولا يبغضني إلّا منافق (٢).

الخامش عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمد بن يونس قال : حدّثنا محمد بن سليمان بن السموءل المخزومي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن عمر بن أبي عمرو عن المطلب عن عبد الله بن حنطب عن أبيه قال : خطبنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم جمعة فقال : قدموا قريشا ولا تتقدّموها وتعلّموا منها ولا تعلّموها ولقوة رجل من قريش يعدل قوة رجلين من غيرهم ، وأمانة رجل من قريش تعدل أمانة رجلين من غيرهم ، يا أيها الناس أوصيكم بحب ذي أقربيها (٣) أخي وابن عمي عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فإنّه لا يحبه إلّا مؤمن ولا يبغضه إلّا منافق فمن أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني عذّبه الله عزوجل (٤).

السادس عشر : موفق بن أحمد ـ من أعيان علماء العامّة ـ قال : أنبأني مهذب الأئمّة أبو المظفر عبد الملك ابن عليّ بن محمد الهمداني أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر الحافظ أخبرني أبو الحسين عاصم بن الحسين بن محمد بن عليّ أخبرني أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن مهدي حدّثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد عن عبد الرّحمن بن عقدة الحافظ حدّثنا الحسن بن عليّ بن بزيع ، حدّثني عمر بن إبراهيم بن سوار بن مصعب الهمداني عن الحكم بن عيينة عن يحيى بن الجزّار عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من زعم أنه آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليّا فهو كاذب ليس بمؤمن (٥).

والأحاديث بهذا المعنى من طرق العامّة كثيرة وقد تقدّم من ذلك من طرقهم في الأبواب السالفة وفيما ذكرناه كفاية.

__________________

(١) سنن الترمذي : ٥ / ٢٩٩ ح ٣٨٠١ ، وتاريخ دمشق : ١٢ / ٣٩٨.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٦١ و ٢ / ٦٤ ، والسنن الكبرى للنسائي : ٥ / ٤٧.

(٣) في بعض المصادر : قرنيها.

(٤) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٢٧٩ ط. دار الفكر ، وكنز العمال : ١٤ / ٨١ ح ٣٧٩٩٦.

(٥) المناقب : ٧٦ / ح ٥٧.

١٤٨

الباب الثاني والثمانون

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ «المحب له مؤمن والمبغض له منافق»

من طريق الخاصة وفيه ستة أحاديث

الأوّل : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عليّ (ره) عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن عليّ الكوفي عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المخالف على عليّ بن أبي طالب بعدي كافر ، والمشرك به مشرك ، والمحب له مؤمن ، والمبغض له منافق ، والمقتفي لأثره لاحق ، والمحارب له مارق ، والراد عليه زاهق ، عليّ نور الله في بلاده وحجته على عباده ، عليّ سيف الله على أعدائه ووارث علم أنبيائه ، عليّ كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلى ، عليّ سيّد الأوصياء ووصي سيّد الأنبياء ، عليّ أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين وإمام المسلمين لا يقبل الله الإيمان إلّا بولايته وطاعته (١).

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي (ره) قال : حدّثنا سعد بن عبد الله عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي عن الحسين بن علوان عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين ذات يوم على منبر الكوفة : أنا سيّد الوصيين ووصي سيّد النبيين ، أنا إمام المسلمين وقائد المتقين وولي (٢) المؤمنين وزوج سيّدة نساء العالمين ، أنا المتختم باليمين والمعفّر للجبين ، أنا الذي هاجرت الهجرتين وبايعت البيعتين ، أنا صاحب بدر وحنين ، أنا الضارب بالسيفين والحامل على فرسين ، أنا وارث علم الأوّلين وحجّة الله على العالمين بعد الأنبياء ومحمد بن عبد الله خاتم النبيين ، أهل موالاتي مرحومون وأهل عداوتي ملعونون ، ولقد كان حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كثيرا ما يقول لي : يا عليّ حبك تقوى وإيمان وبغضك كفر ونفاق ، وأنا بيت الحكمة وأنت مفتاحه كذب من زعم أنّه يحبني ويبغضك (٣).

الثالث : ابن بابويه قال : حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضى الله عنه قال : حدّثنا أبي عن أحمد بن محمد بن خالد عن العباس بن معروف عن محمد بن يحيى الخزاز عن طلحة بن زيد عن الصادق

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦١ ح ٢٠ المجلس ٣ ح ٦.

(٢) في المصدر : ومولى.

(٣) أمالي الصدوق : ٧٨ ح ٤٤ مجلس ٧ ح ٢.

١٤٩

جعفر بن محمد عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرائيل من قبل ربّي جلّ جلاله فقال : يا محمد إن الله عزوجل يقرؤك السلام ويقول لك : بشّر أخاك عليّا بأني لا أعذّب من تولاه ولا أرحم من عاداه (١).

الرابع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي (رض) قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب قال : حدّثنا أحمد بن عليّ الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدّثني جعفر بن الحسن عن عبيد الله بن موسى العبسي عن محمد بن عليّ السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال : لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن في عليّ خصالا لو كانت واحدة منها في جميع الناس لاكتفوا بها فضلا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ مني كهارون من موسى ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ مني وأنا منه ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ مني كنفسي طاعته طاعتي ومعصيته معصيتي ، وقوله : حرب عليّ حرب الله وسلم عليّ سلم الله ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ولي عليّ ولي الله وعدو عليّ عدو الله ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ حجّة الله وخليفته على عباده ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حب عليّ إيمان وبغضه كفر ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حزب عليّ حزب الله وحزب أعدائه حزب الشيطان ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ مع الحق والحق معه لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ قسيم الجنّة والنار ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من فارق عليّا فقد فارقني ومن فارقني فقد فارق الله عزوجل ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة (٢).

الخامس : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي (ره) قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا سلمة بن الخطاب قال : حدّثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الورّاق عن عبد الرّحمن بن كثير عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لأصحابه : معاشر أصحابي إن الله جلّ جلاله يأمركم بولاية عليّ بن أبي طالب والاقتداء به وهو وليّكم وإمامكم من بعدي ، لا تخالفوه فتكفروا ولا تفارقوه فتضلّوا إن الله جلّ جلاله جعل عليّا علما بين الإيمان والنفاق فمن أحبه كان مؤمنا ومن أبغضه كان منافقا ، إن الله جل جلاله جعل عليّا وصيي ومنار الهدى بعدي ، هو موضع سري وعيبة علمي وخليفتي في أهلي ، إلى الله أشكو ظالميه من أمتي [من بعدي] (٣).

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عليّ ما جيلويه قال : حدّثنا أبي عن أحمد بن محمد

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٩٣ ح ٦٩ مجلس ١٠ ح ٩.

(٢) أمالي الصدوق : ١٥٠ ح ١٤٦ مجلس ٢٠ ح ١.

(٣) أمالي الصدوق : ٣٥٩ ح ٤٤٣ المجلس ٤٧ ح ٢٠.

١٥٠

ابن خالد عن أبيه عن خلف بن حمّاد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل جابر بن عبد الله الأنصاري عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : ذاك خير خلق الله من الأوّلين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين ، إن الله عزوجل لم يخلق خلقا بعد النبيين والمرسلين أكرم عليه من عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام والأئمّة من ولده بعده.

قلت : ما تقول فيمن يبغضه وينتقصه؟ فقال : لا يبغضه إلّا كافر ولا ينتقصه إلّا منافق؟ قلت: فما تقول فيمن يتولّاه ويتولى الأئمّة من ولده بعده؟

فقال : إن شيعة عليّ والأئمّة من ولده هم الفائزون الآمنون يوم القيامة ، ثمّ قال : ما ترون لو أن رجلا خرج يدعو الناس إلى ضلالة من كان أقرب الناس منه؟

قالوا : شيعته وأنصاره.

قال : فكذلك عليّ عليه‌السلام بيده لواء الحمد يوم القيامة أقرب الناس منه شيعته وأنصاره (١).

والروايات في ذلك كثيرة تقدم منها في الأبواب السابقة وما ذكرناه فيه كفاية إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٥٨٦ ح ٨٠٧ المجلس ٧٥ ح ٤.

١٥١

الباب الثالث والثمانون

في أن عليّا عليه‌السلام وزير رسول الله ووارثه صلى‌الله‌عليه‌وآله

من طريق العامّة وفيه أحد عشر حديثا

الأوّل : من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا حسين بن محمد الزارع قال : حدّثنا عبد المؤمن بن عبّاد قال : حدّثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد ابن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده فذكر مؤاخاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه فقال عليّ ـ يعني لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبيّا ما أخّرتك إلّا لنفسي فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي.

قال : قال : ما أرث منك يا رسول الله؟

قال : ما ورث الأنبياء قبلي؟

قال : وما ورث الأنبياء قبلك؟

قال : كتاب الله وسنّة نبيّهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي، ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اخوانا على سرر متقابلين المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض» (١).

الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدّثنا أبو الحسين محمد بن السعدي البصري في جمادى الأوّل سنة احدى وثلاثين ومائتين قال : حدّثنا عبد المؤمن بن عبّاد قال : حدّثنا يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن ابن أبي أوفى قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده فقال : أين فلان ابن فلان ، فجعل ينظر في وجوه أصحابه ويتفقدهم ويبعث إليهم حتّى توافوا عنده ، فحمد الله وأثنى عليه وآخى بينهم وذكر الحديث حديث المؤاخاة بينهم ؛ فقال عليّ عليه‌السلام : لقد ذهبت روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما

__________________

(١) فضائل الصحابة لأحمد : ٢ / ٥٣٨ ح ١٠٨٥ والآية في سورة الحجر : ٤٧.

١٥٢

فعلت غيري ، فإن كان هذا عن سخط عليّ فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والذي بعثني بالحق نبيّا ما أخرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبي بعدي وأنت أخي ووارثي ، قال : ما أرث يا رسول الله؟

قال عليه‌السلام : ما ورّث الأنبياء من قبلي.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ورث الأنبياء من قبلك؟

قال : كتاب الله وسنّة نبيه وأنت معي في قصري في الجنّة مع ابنتي فاطمة وأنت أخي ورفيقي ، ثمّ تلا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «اخوانا على سرر متقابلين المتحابون في الله ينظر بعضهم إلى بعض» (١).

الثالث : ابن المغازلي الشافعيّ قال : أخبرنا أبو نصر ابن الطحّان إجازة عن أبي الفرج الخيوطي حدّثنا عبد الحميد بن موسى حدّثنا محمد بن أحمد بن سعيد حدّثنا محمد بن حميد الرازي حدّثنا سلمة بن الفضل عن ابن اسحاق عن شريك بن عبد الله عن أبي ربيعة الأيادي عن عبد الله بن بريدة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكل نبي وصيّ ووارث وإنّ وصيي ووارثي عليّ بن أبي طالب (٢).

الرابع : ومن مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : وفيما كتب إلينا عبد الله بن عامر الكوفي يذكر أن عبّادة بن يعقوب حدّثهم قال : حدّثنا عليّ بن عابس عن الحرث بن حضيرة عن النسيم قال : سمعت رجلا من خثعم يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : اللهمّ إني أقول كما قال أخي موسى : اللهمّ اجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي أشدد به أزري واشركه في أمري كي نسبّحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا (٣).

الخامس : عليّ بن أحمد المالكي في كتابه «الفصول (٤) المهمّة» قال : نقل أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي في تفسيره يرفعه بسنده قال : بينا عبد الله بن عباس جالسا قريبا من زمزم يقول : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يحدّث الناس ، إذ أقبل رجل متلثّم فوقف ، فجعل ابن عباس لا يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال ابن عباس : بالله من أنت؟

فقال : أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي أنا أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بهاتين وإلّا صمتا يقول في عليّ رضى الله عنه إنّه قائد البررة قاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله وصلّيت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما من الأيام الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهمّ أشهد إنّي سألت في مسجد نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٦٦ ح ١١٣٧.

(٢) مناقب ابن المغازلي : ١٤١ / ح ٢٣٨.

(٣) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٧٨ ح ١١٥٨.

(٤) الفصول المهمة : ١١٧.

١٥٣

فلم يعطني أحد شيئا ، وكان عليّ في الصلاة راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وفيها خاتم ، فأقبل السائل فأخذ الخاتم من خنصره وذلك بمرأى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في المسجد فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طرفه إلى السماء وقال : اللهمّ إن أخي موسى سألك فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) فانزلت عليه قرانا ناطقا : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا) اللهمّ وإني محمد نبيك وصفيّك ، اللهمّ فاشرح لي صدرى ، ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا اشدد به ظهري.

قال أبو ذر : فما أتمّ دعائه حتّى نزل جبرائيل من عند الله عزوجل فقال : يا محمد قل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (١).

السادس : أبو نعيم الحافظ بإسناده عن رجاله عن ابن عباس قال : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وبيدي ونحن بمكّة وصلّى أربع ركعات ، ثمّ مدّ يديه إلى السماء وقال : اللهمّ إن نبيك موسى بن عمران سألك فقال : (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) وأنا محمد نبيّك أسألك : ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي أشدد به أزري واشركه في أمري.

قال ابن عباس : فسمعت مناديا ينادي قد أوتيت ما سألت (٢).

السابع : أبو الحسن الفقيه من طريق العامّة بإسناده عن الباقر عليه‌السلام عن أبيه عن جده الحسين بن عليّ بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليّ بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي وحجّة الله وحجتي وباب الله وبابي وصفي الله وصفيّي وحبيب الله وحبيبي وخليل الله وخليلي وسيف الله وسيفي ، وهو أخي وصاحبي ووزيري ومحبّه محبي ومبغضه مبغضي ووليه وليّي وعدوه عدوي ، وزوجته ابنتي وولده ولدي وحزبه حزبي وقوله قولي وأمره أمري ، وهو سيّد الوصيّين وخير أمتي (٣).

الثامن : ابن شاذان : هذا من طريق العامّة بحذف الإسناد ـ عن عليّ بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله قد فرض عليكم طاعتي ونهاكم عن معصيتي وأوجب

__________________

(١) تفسير الثعلبي المخطوط : ٧٤ ، والعمدة لابن بطريق : ١٢١ ، والآيات في سورة طه : ٣٢ ، والقصص : ٣٥ ، والمائدة : ٥٥.

(٢) شواهد التنزيل : ١ / ٥٦ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٥٦.

(٣) مائة منقبة : ٣٤ المنقبة ١٤.

١٥٤

عليكم اتباع أمري ، وفرض عليكم طاعة عليّ بن أبي طالب بعدي كما فرض عليكم طاعتي ، ونهاكم عن معصيته كما نهاكم عن معصيتي ، وجعله أخي ووزيري ووصيي ووارثي وهو منّي وأنا منه ، حبّه إيمان وبغضه كفر ، محبّه محبّي ومبغضه مبغضي ، وهو مولى من أنا مولاه وأنا مولى كلّ مسلم ومسلمة ، وأنا وهو أبوا هذه الامّة (١).

التاسع : ابن شاذان ـ هذا من طريق العامّة بحذف الإسناد ـ عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهمّ اجعل لي وزيرا من أهل السماء ووزيرا من أهل الأرض ، فأوحى الله تعالى إليه إني قد جعلت وزيرك من أهل السماء جبرائيل ووزيرك من أهل الأرض عليّ بن أبي طالب (٢).

العاشر : إبراهيم ابن محمد الحمويني ـ من أعيان علماء العامّة ـ من كتاب «السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين».

قال : أخبرني الشيخ مجد الدين محمد بن يحيى بن الحسين الكرخي بقراءتي عليه في داره بقزوين ، وأنبأني الشيخ الشريف بهاء الدين أبو محمد الحسن بن الشريف مردود بن الحسن بن يحيى الحسني العلوي التبريزي بروايتهما عن المؤيّد بن محمد الطوسي إجازة ، أنبأنا جدّي لأمّي أبو العباس محمد بن العباس العصاري سماعا ، أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم قال : أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثني موسى بن محمد بن عليّ بن عبد الله ، أنبأنا الحسن بن عليّ بن شبيب المعمري ، حدثني عباد بن يعقوب أنبأنا عليّ بن هاشم عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البرّاء قال : لما نزلت (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنّة ويشرب الفرق فامر عليّا برجل شاة فادمها ، ثمّ قال : ادنوا بسم الله ، فدنى القوم عشرة عشرة فأكلوا حتّى صدروا ، ثمّ دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثمّ قال لهم : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتّى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ، فسكت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يومئذ فلم يتكلّم ، ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثمّ أنذرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بني عبد المطلب إني أنا النذير لكم من الله عزوجل والبشير لما لم يجئ به أحد ، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ومن يؤاخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني ، فسكت القوم ، وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم

__________________

(١) ينابيع المودة : ١ / ٣٧٠ ، والفردوس : ٢ / ١٣٢ ، ومائة منقبة : ٤٧ المنقبة ٢٣.

(٢) مائة منقبة : ١٤٥ ، المنقبة ٧٦.

١٥٥

ويقول عليّ عليه‌السلام : أنا ، فقال : أنت ، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك(١).

الحادي عشر : ابن أبي الحديد ـ من أعيان المعتزلة ـ في شرح نهج البلاغة قال : قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي : قد ورد في الخبر الصحيح أنّه كلّف عليّا في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكّة أن يصنع له طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب ، فصنع له الطعام ودعاهم له ، فخرجوا ذلك اليوم ولم ينذرهم صلى‌الله‌عليه‌وآله لكلمة قالها عمّه أبو لهب وكلّفه اليوم الثاني أن يصنع له مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية ، فصنعه ودعاهم فأكلوا ، ثمّ كلّمهم صلى‌الله‌عليه‌وآله فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم لأنّه من بني عبد المطلب ، ثمّ ضمن لمن يؤازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيّه بعد موته وخليفته من بعده ، فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال : أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك ، فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة : هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي ، فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمّره عليك (٢).

قال ابن أبي الحديد رضى الله عنه : ويدل على أنّه وزير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. فاثبت له جميع مراتب هارون ومنازله من موسى ، فإذا هو وزير رسول الله وشاد أزره ولو لا أنّه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره (٣).

وقد مضى من ذلك في أنّه عليه‌السلام وزير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الباب الرابع عشر من هذا الكتاب في المقصد الأوّل.

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٨٥ / ب ١٦ / ح ٦٥ ، ونهج الإيمان لابن جبر : ٢٣٨.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٣٤٤.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١١.

١٥٦

الباب الرابع والثمانون

في أنّ عليّا عليه‌السلام وزير رسول الله ووارثه صلى‌الله‌عليه‌وآله

من طريق الخاصة وفيه أحد وعشرون حديثا

الأوّل : محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم‌السلام قال : حدّثنا محمد بن الحسن الخثعمي عن عبّاد بن يعقوب عن عليّ بن هاشم بن عمر بن حارث عن عمران ابن سليمان عن حصير الثعلبي عن أسماء بنت عميس قالت : رأيت رسول الله بإزاء بيتي وهو يقول : «اشرق ثبير أشرق ثبير (١) اللهمّ إني أسألك ما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر لي أمري وأن تحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا أخي أشدد به أزري واشركه في أمري كي نسبّحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا (٢)».

الثاني : الشيخ الطوسي في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل قال : حدّثنا الحسن بن عليّ بن زكريا أبو سعيد البصري قال : حدّثنا محمد بن صدقة العنبري قال : حدّثنا موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما صلاة الفجر ثمّ انفتل وأقبل علينا يحدثنا ثمّ قال : أيّها الناس من فقد الشمس فليتمسك بالقمر ومن فقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، قال : فقمت أنا وأبو أيوب الأنصاري ومعنا أنس بن مالك فقلنا يا رسول الله من الشمس؟ قال : أنا ، فإذا هو صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ضرب لنا مثلا فقال : إن الله تعالى خلقنا فجعلنا بمنزلة نجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم ، فأنا الشمس فإذا ذهب بي فتمسكوا بالقمر.

قلنا : فمن القمر؟

قال : أخي ووصي ووزيري وقاضي ديني وأبو ولدي وخليفتي في أهلي ، قلنا : فمن الفرقدان؟ قال : الحسن والحسين ، ثمّ مكث مليا فقال : هؤلاء وفاطمة هي الزهرة عترتي وأهل بيتي هم مع القرآن والقرآن معهم لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض (٣).

__________________

(١) كان أهل الجاهلية يقولون ويعنون الشمس كما تسفر فأفاض رسول الله خلافهم.

(٢) شواهد التنزيل : ١ / ٤٨٠ ، وتفسير الدر المنثور : ٤ / ٢٩٥.

(٣) أمالي الطوسي : ٥١٧ ح ١١٣١ المجلس ١٨ ح ٣٨.

١٥٧

الثالث : الشيخ أيضا في كتاب «المجالس» قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضّل عن محمد بن جعفر الرّزاز أبي العباس القرشي قال : حدّثنا أيوب بن نوح بن دراج قال : حدّثنا محمد بن سعيد بن زائدة عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن محمد بن عليّ وعن يزيد بن عليّ كليهما عن أبيهما عليّ ابن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي قبض فيه ، كان رأسه في حجري والبيت مملوء من أصحابه من المهاجرين والأنصار ، والعباس بين يديه يذبّ عنه بطرف ردائه ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يغمى عليه ساعة ويفيق أخرى ، ثمّ وجد خفة فأقبل على العباس فقال : يا عباس يا عمّ النبيّ أقبل وصيتي في أهلي وفي أزواجي واقض ديني وانجز عداتي وابرأ ذمّتي.

فقال العباس : يا نبي الله أنا شيخ ذو عيال كثير غير ذي مال ممدود وأنت أجود من السحاب الهاطل والريح المرسلة فلو صرفت ذلك عني إلى من هو أطوق له مني ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها ومن لا يقول مثل ما تقول ، يا عليّ هاكها خالصة لا يحاقك فيها أحد ، يا عليّ اقبل وصيتي وانجز مواعيدي وأدّ ديني ، يا عليّ اخلفني في أهلي وبلّغ عني من بعدي.

قال عليّ عليه‌السلام : فلمّا نعى إليّ نفسه رجف فؤادي وألقي على لقوله البكاء ، فلم أقدر أن أجيبه بشيء ، ثمّ عاد لقوله فقال : يا عليّ أو تقبل وصيتي؟

قال : فقلت : وقد خنقتني العبرة ولم أكد أن أبيّن : نعم يا رسول الله.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بلال ائتني بسوادي ائتني بذي الفقار ودرعي ذات الفضول ائتني بمغفري ذي الجبين ، ورايتي العقاب ، ائتني بالعنزة والممشوق (١) فأتى بلال بذلك إلّا درعه كانت يومئذ مرتهنة ، ثمّ قال : ائتني بالمرتجز والغضباء واليعفور والدلول (٢) ، فأتى بهما فوقفهما في الباب ، ثمّ قال : ائتني بالأتحمية والسحاب ، فأتاه بهما فلم يزل يدعو بشيء شيء فافتقد عصابة كان يشد بها بطنه في الحرب فطلبها فأتى بها والبيت غاصّ يومئذ بمن فيه من المهاجرين والأنصار ، ثمّ قال : يا عليّ قم فاقبض هذا ، ومدّ اصبعه وقال : في حياة مني وشهادة من في البيت لكيلا ينازعك أحد من بعدي ، فقمت وما أكاد أمشي على قدم حتّى استودعت ذلك جميعا منزلي ، فقال : يا عليّ أجلسني ، فأجلسته وأسندته إلى صدري ، قال عليّ عليه‌السلام : فلقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن رأسه ليثقل ضعفا وهو يقول : يسمع أقصى أهل البيت وأدناهم : إن أخي ووصيي ووزيري وخليفتي في أهلي

__________________

(١) العنزة : العكازة ، والممشوق من القضبان : الطويل الدقيق ، والمرتجز : الفرس.

(٢) اليعفور : حماره ، والدلول : بغلة شهباء كانت له عليه‌السلام ، والا تحمية : ضرب من البرود.

١٥٨

عليّ بن أبي طالب يقضي ديني وينجز موعدي ، يا بني هاشم يا بني عبد المطلب لا تبغضوا عليّا ولا تخالفوا عن أمره فتضلوا ، ولا تحسدوه وترغبوا عنه فتكفروا ، أضجعني يا عليّ ، فاضجعته فقال : يا بلال ائتني بولدي الحسن والحسين ، فانطلق ، فجاء بهما فاسندهما إلى صدره فجعل صلى‌الله‌عليه‌وآله يشمهما ، قال عليّعليه‌السلام : فظننت أنهما قد غماه ـ قال الجارودي يعني أكرباه ـ فذهبت لآخذهما عنه ، فقال : دعهما يا عليّ يشمّاني وأشمّهما ويتزوّدا منّي وأتزود منهما فسيلقيان من بعدي [زلزلا] (١) وأمرا عضالا فلعن الله من يخيفهما اللهمّ إنّي استودعكهما وصالح المؤمنين (٢).

الرابع : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا الحسين بن إبراهيم المؤدّب قال : حدّثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد بن بشار عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن درست بن أبي منصور الواسطي عن عبد الحميد بن أبي العلاء عن ثابت بن دينار عن مسعد بن طريف الخفّاف عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا خليفة رسول الله ووزيره ووارثه ، أنا أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّه وحبيبه ، أنا صفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصاحبه ، أنا ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وزوج ابنته وأبو ولده ، أنا سيّد الوصيين ، أنا الحجّة العظمى والآية الكبرى والمثل الأعلى وباب النبيّ المصطفى ، أنا العروة الوثقى وكلمة التقوى وأمين الله ـ تعالى ذكره ـ على أهل الدنيا (٣).

الخامس : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضى الله عنه قال : أخبرنا محمد بن أحمد الهمداني قال : حدّثنا أحمد بن صالح عن حكيم بن عبد الرّحمن قال : حدّثني مقاتل بن سليمان عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ عليه‌السلام : [يا عليّ] أنت مني بمنزلة هبة الله من آدم ، وبمنزلة سام بن نوح ، وبمنزلة إسحاق بن إبراهيم ، وبمنزلة هارون من موسى ، وبمنزلة شمعون من عيسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ، يا عليّ أنت وصيي وخليفتي ، فمن جحد وصيّتك وخلافتك فليس مني ولست منه وأنا خصمه يوم القيامة ، يا عليّ أنت أفضل أمتي فضلا وأقدمهم سلما وأكثرهم علما وأوفرهم حلما وأشجعهم قلبا وأسخاهم كفّا ، يا عليّ أنت الإمام بعدي والأمير وأنت الصاحب بعدي والوزير ، ومالك في أمتي من نظير ، يا عليّ أنت قسيم الجنّة والنار بمحبتك تعرف الأبرار من الفجّار ويميّز بين الأخيار والأشرار وبين المؤمنين والكفّار (٤).

السادس : ابن بابويه قال : حدّثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن عليّ ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : أخبرني عليّ بن إبراهيم بن هاشم سنة سبع وثلاثمائة

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) أمالي الطوسي : ٦٠٠ ح ١٢٤٤ المجلس : ٢٧ ح ١.

(٣) أمالي الصدوق : ٩٢ ح ٦٧ المجلس ١٠ ح ٧.

(٤) أمالي الصدوق : ١٠١ ح ٧٧ المجلس ١١ ح ٤.

١٥٩

قال : حدّثني أبي عن عليّ بن معبد عن الحسين بن خالد عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليّ أنت أخي ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة وأنت صاحب حوضي من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني (١).

السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال : حدّثني أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن ثابت ـ من كنانة ـ قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن العباس أبو جعفر الخزاعي قال : حدّثنا حسن بن الحسين العرني قال : حدّثنا عمرو بن ثابت عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس قال : صعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر فخطب واجتمع الناس إليه فقال : يا معاشر المؤمنين إن الله أوحى إليّ أنّي مقبوض وأن ابن عمي عليّا مقتول وإني أيّها الناس أخبركم خبرا إن عملتم به سلمتم وإن تركتموه هلكتم : إن ابن عمي عليّا هو أخي ووزيري وهو خليفتي وهو المبلّغ عني وهو إمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين ، إن استرشدتموه أرشدكم وإن اتبعتموه نجوتم وإن خالفتموه ضللتم وإن أطعتموه فالله أطعتم ، وإن عصيتموه فالله عصيتم ، وإن بايعتموه فالله بايعتم ، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم ، إن الله عزوجل أنزل عليّ القرآن وهو الذي من خالفه ضلّ ومن ابتغى علمه عند غير عليّ فقد هلك.

أيها الناس اسمعوا قولي واعرفوا حق نصيحتي ولا تخلفوني في أهل بيتي إلّا بالذي أمرتم به من حفظهم فإنهم حامتي وقرابتي وإخوتي وأولادي ، وإنكم مجموعون ومسائلون عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما إنهم أهل بيتي ، فمن آذاهم آذاني ومن ظلمهم ظلمني ومن أذلهم أذلني ومن أعزّهم أعزّني ومن أكرمهم أكرمني ومن نصرهم نصرني ومن خذلهم خذلني ، ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذّبني ، أيّها الناس اتقوا الله وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه ، فإنّي خصم لمن آذاهم ومن كنت خصمه خصمته، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (٢).

الثامن : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي (رض) قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب عن أحمد بن عليّ الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال : حدّثنا محمد بن عليّ الكوفي عن سليمان بن عبد الله الهاشمي عن محمد بن سنان عن المفضّل عن جابر قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ أنت أخي ووصيي ووارثي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي ومحبك محبي ومبغضك مبغضي وعدوّك

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١١٦ ح ١٠١ المجلس ١٤ ح ١١.

(٢) أمالي الصدوق : ١٢٢ ح ١١٢ ، المجلس ١٥ ح ١١.

١٦٠