غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٦

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٥٨

__________________

ونبغ خامل الأقلين ، وهدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه صارخا بكم فدعاكم فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللغرّة ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافا وأحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير إبلكم وأوردتم غير شربكم هذا والعهد قريب؟! والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، بما ذا زعمتم : خوف الفتنة؟

ألّا في الفتنة سقطوا ...» (التذكرة الحمدونية : ٦ / ٢٥٧ ح ٦٢٨ ، وبلاغات النساء : ٢٥ كلام فاطمة ، وأهل البيت لتوفيق أبي علم : ١٥٩ ، ومقتل الحسين للخوارزمي : ٧٨ الفصل الخامس).

وقالت عليها رضوان الله تعالى : «... ونحن بقية استخلفنا عليكم ومعنا كتاب الله بيّنة بصائره ، وآي فينا ، منكشفة سرائره وبرهان منجلية ظواهره ..» (بلاغات النساء : ٢٨ كلام فاطمة عليها‌السلام).

وقالت عليها‌السلام في مرض وفاتها للنساء الذين دخلن عليها :

«... وويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوّة ومهبط الروح الأمين الطبن بأمور الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه وشدّة وطأته ، ونكال وقعته وتنمّره في ذات الله ، ويا لله لو تكافئوا على زمام نبذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسار بهم سيرا سجحا (سهلا) ، لا يكلم خشاشه ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا رويّا ... ولفتحت عليهم بركات من السماء .. إلى أي لجأ لجئوا وأسندوا ، وبأيّ عروة تمسّكوا ، ولبئس المولى ولبئس العشير ، استبدلوا والله الذنابي بالقوادم والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) ويحكم: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ...

(أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) (بلاغات النساء : ٣٢ ـ ٣٣ كلام فاطمة ، والسقيفة للجوهري : ١١٧ ـ ١١٨ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ١٦ / ٢٣٣ كتاب ٤٥ ، وأهل البيت لتوفيق أبي علم : ١٧٦ ـ ١٧٧).

ومنه ما قالته عليها‌السلام في مجلس الأنصار :

«ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة منّي بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم ، ولكن قلته فيضة النفس ونفثة الغيظ وبثّة الصدر ومعذرة الحجّة ، فدونكموها فاحتقبوها مدبرة الظهر ناقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة بشنار الأبد ...» (التذكرة الحمدونية : ٦ / ٢٥٩ ح ٦٢٨ ، وبلاغات النساء : ٣١ كلام فاطمة ، والسقيفة للجوهري : ١٠٠ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ١٦ / ٢١١ كتاب ٤٥).

وزاد الجوهري : «... أفتأخّرتم بعد الإقدام ، ونكصتم بعد الشدّة ، وجبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم ، فقاتلوا أئمة الكفر إنّهم لا أيمان لهم لعلّهم ينتهون» (السقيفة : ١٠٠، وشرح

١٢١

__________________

النهج لابن أبي الحديد : ١٦ / ٢١١ كتاب ٤٥).

وزاد الطبري الإمامي من طريق أهل البيت : : «... فما جعل الله لأحد بعد غدير خم من حجّة ولا عذر» (دلائل الإمامة : ٣٨).

وأخرج الجزري بسنده عن فاطمة عليها‌السلام انّها قالت لهم :

«أنسيتم قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم غدير خم : «من كنت مولاه فعلي مولاه» وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى عليهما‌السلام؟! ...».

وقال : وهكذا أخرجه الحافظ الكبير أبو موسى المديني في كتابه المسلسل بالأسماء (أسمى المناقب في تهذيب أسنى المطالب : ٣٣ ح ٥).

* أقول : هذه جملة ما وصل إلينا من تصريحات فاطمة عليها‌السلام ، وقد ذكر أصحابنا الكثير منها ، أغمضنا عن ذكرها لأن الفضل ما شهدت به غيرنا (راجع دلائل الإمامة : ٣٨ ـ ٤٠ ، والاحتجاج : ١ / ٩٧ إلى ١٠٩).

تصريح أبي بكر بن أبي قحافة

أخرجه الجوهري عن المغيرة قال : مرّ المغيرة بأبي بكر وعمر وهما جالسان على باب النبيّ حين قبض ، فقال : وما يقعدكما؟

قالا : ننتظر هذا الرجل يخرج فنبايعه ، يعنيان عليّا.

فقال : أتريدون أن تنظروا حبل الحبلة من أهل هذا البيت وسموها في قريش تتسع.

قال : فقاما إلى سقيفة بني ساعدة ، أو كلاما هذا معناه (السقيفة : ٦٨ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ٦ / ٤٣ الخطبة ٦٦).

تصريح عمر بن الخطاب

قال في أثناء حواره لابن عباس : أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله إلّا إنّا خفناه على اثنتين : حداثة سنّه وحبّه بني عبد المطلب (السقيفة : ٥٢ و ٧٣ و ١٢٩ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٥٧ الخطبة ٢٧ ، و ٦ / ٥٠ الخطبة ٦٦).

وقال له يوما : يا ابن عبّاس ما أظنّ صاحبك إلّا مظلوما.

قال : فقلت : يا أمير المؤمنين عليه‌السلام فاردد عليه ظلامته.

١٢٢

__________________

قال : فانتزع يده من يدي وقال : يا ابن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلّا إنّهم استصغروه.

قال : فقلت : والله ما استصغره الله حين أمره أن يأخذ براءة من أبي بكر (السقيفة : ٧٠ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ٦ / ٤٥ خطبة ٦٦).

وقال له يوما : يا ابن عبّاس ما يمنع قومكم منكم وأنتم أهل البيت خاصة؟

قال : قلت : لا أدري.

قال : لكنّي أدري ، إنّكم فضلتموهم بالنبوّة فقالوا : إن فضّلوا بالخلافة مع النبوّة لم يبقوا لنا شيئا (العقد الفريد : ٤ / ٢٦٥ كتاب الخلفاء ـ أمر الشورى).

تصريح عثمان بن عفّان

ذلك ما قد يستفاد من ضمن حواره مع ابن عبّاس حول الخلافة حيث قال :

إنّي أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب إن كان لكم حق تزعمون انّكم غلبتم عليه ، فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم ، وأنا أقرب إليكم رحما منه (تاريخ المدينة لابن شبة : ٣ / ١٠٤٦ حياة عثمان).

تصريح معاوية

قال معاوية في رد رسالة محمد بن أبي بكر :

«فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه حقّه وخالفه على ذلك اتفقا واتسقا ، ثمّ دعواه إلى أنفسهم فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ، فهمّا به الهموم وأرادا به العظيم فبايع وسلّم لهما ، لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرّهما حتّى قبضا وانقضى أمرهما.

إلى أن قال : أبوك مهّد مهاده وبنى ملكه وشاده ، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوّله ، وإن يك جورا فأبوك أسّسه ، ونحن شركاؤه وبهداه أخذنا وبفعله اقتدينا ، ولو لا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له ، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله رأينا أباك فعل ما فعل فاحتذينا مثاله واقتدينا بفعاله، فعب أباك ما بدا لك أودع والسلام على من أناب ورجع عن غوايته وتاب (وقعة صفين لنصر بن مزاحم: ١٢٠ ـ ١٢١ الجزء الثاني ـ كتاب معاوية إلى محمد بن أبي بكر ، ومروج الذهب : ٣ / ١٢ ـ ١٣ ذكر خلافة معاوية).

وأخرجه نصر بن مزاحم والمسعودي والبلاذري بطوله مع تفاوت في بعض الألفاظ (أنساب الأشراف : ٣ / ١٦٥ ـ ١٦٦ أمر مصر في خلافة عليّ ط. دار الفكر).

١٢٣

__________________

* أقول : اعترف عمر بمضمون كلام معاوية عند ما قال لابن عباس : أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ان أوّل من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر.

(شرح النهج : ٢ / ٥٧ خطبة ٢٦).

تصريح سلمان الفارسي

أنبأنا عليّ بن عبد الله ، أنبأنا أبو زرعة عبد الكريم بن إسحاق بن سهلويه ، أنبأنا أبو بكر الدينوري إجازة : سمعت أبا منصور عبد الله بن عليّ الأصبهاني ببروجرد سمعت أبا القاسم الطبراني ، حدّثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة عن أشياخه قال : لما كان يوم السقيفة اجتمعت الصحابة على سلمان الفارسي فقالوا : يا أبا عبد الله إن لك سنّك ودينك وعلمك وصحبتك من رسول الله ، فقل في هذا الأمر قولا يخلّد عنك فقال : «گويم اگر شنويد».

ثمّ غدا عليهم فقالوا : ما صنعت يا أبا عبد الله فقال : «گفتم اگر بكار بريد» ثمّ أنشأ يقول :

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف

عن هاشم ثمّ منهم عن أبي الحسن

أو ليس أوّل من صلّى لقبلته

وأعلم بالقول بالأحكام والسنن

ما فيهم من صنوف الفضل يجمعها

وليس في القوم ما فيه من الحسن

يقال ليس لسلمان غير هذه الأبيات (التدوين في أخبار قزوين : ١ / ٧٨ ـ ٧٩ القول في بيان من ورد قزوين من الصحابة ـ سلمان).

أقول : سوف أذكر أن هذه الأبيات من تصريح ابن أبي لهب والعباس.

وأخرج البلاذري وابن أبي شيبة اللفظ للأول : «كردان وناكردان» أي عملتم وما عملتم ، لو بايعوا عليّا لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم (أنساب الأشراف : ١ / ٥٨٧ ح ١١٨٨ ط. مصر و ٢ / ٢٧٤ ط. دار الفكر ، أمر السقيفة).

ولفظ الثاني : أخطأتم وأصبتم أمّا لو جعلتموها في أهل بيت نبيّكم لأكلتموها رغدا (المصنف : ٧ / ٤٤٣ ح ٣٧٠٨٣ كتاب المغازي ـ خلافة عليّ ـ).

وذكره سبط ابن الجوزي بلفظ : «كردي نكردى» أي فعلتموها فوجئت عنقه (تذكرة الخواص : ٦٣ الباب الرابع).

وأخرجها الجوهري بلفظ ابن أبي شيبة (السقيفة : ٤٣ ، وشرح النهج : ٢ / ٤٩ خطبة ٢٦ و ٦ / ٤٣ خطبة ٦٦).

وأخرج عنه أيضا قوله : «أصبتم الخير ولكن أخطأتم المعدن» (السقيفة : ٦٧ ، وشرح النهج : ٦ / ٤٣ خطبة ٦٦).

١٢٤

__________________

تصريح العباس

أخرج الحموي عن عليّ قال : قال العبّاس بن عبد المطلب حين بويع لأبي بكر :

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف

عن هاشم ثمّ منها عن أبي الحسن

أليس أوّل من صلّى لقبلتكم

وأعلم الناس بالآثار والسنن

وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن

جبريل عون له في الغسل والكفن

من فيه ما في جميع الناس كلّهم

وليس في الناس ما فيه من الحسن

ما ذا الذي ردّكم عنه فنعرفه

ها إنّ بيعتكم من أوّل الفتن

(فرائد السمطين : ٢ / ٨٢ ح ٤٠١).

وأخرج ابن شبة قوله لعليّ : «واحذر هؤلاء الرهط فانّهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتّى يقوم لنا به غيرنا» (تاريخ المدينة : ٣ / ٩٢٦ تفصيل عمر لصفات الصحابة).

وفي رواية قال : «ما أحد أولى بمقام رسول الله منه (عليّ) (أهل البيت لتوفيق أبي علم : ٢٣٦).

أقول : أخرج الطبري الإمامي كلاما للعبّاس عند ما استسقى عمر به وتوسل :

«يستسقون بنا ويتقدّمونا ، فإذا قحطوا استسقوا بنا ، وإذا ذكروا الخلافة تمنّوا سالما مولى أبي حذيفة والجارود العبدي» (المسترشد للطبري : ٦٩٢ ح ٣٥٩).

تصريح أبو سفيان

أخرج عبد الرزاق وابن المبارك وابن عبد البر والبلاذري وابن أبي شيبة واليعقوبي وغيرهم قول أبي سفيان : غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش ، امّا والله لأملأنّها خيلا ورجالا (المصنف لعبد الرزاق : ٥ / ٤٥١ ح ٩٧٦٧ بيعة أبي بكر ، والاستيعاب : ٢ / ٢٥٤ ترجمة أبو بكر و ٤ / ٨٧ ترجمة أبو سفيان ، وتاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٢٦ خبر السقيفة ، والثقات لابن حبان : ٢ / ٢٨٧ ترجمة ، وشرح النهج : ٢ / ٤٥ خطبة ٢٦ عن الجوهري

١٢٥

__________________

و ٦ / ٤٠ عنه أيضا خطبة ٦٦ ، وأنساب الأشراف : ٢ / ٢٧١ أمر السقيفة ط. دار الفكر.).

وقال يوم السقيفة أيضا : ... فامّا عليّ بن أبي طالب فأهل والله أن يسود على قريش وتطيعه الأنصار (الأخبار الموفقيات : ٥٨٥ ح ٣٨٢).

وزاد البلاذري في لفظ : إني لأرى فتقا لا يرتقه إلّا الدم (أنساب الأشراف : ٢ / ٢٧١ أمر السقيفة ط. دار الفكر).

وأنشد يوم السقيفة :

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم

ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الأمر إلّا فيكم وإليكم

وليس لها إلّا أبو حسن عليّ

(تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٦ خبر السقيفة ، والاخبار الموفقيات : ٥٧٧ ح ٣٧٦ ، وشرح النهج : ٦ / ١٧ خطبة ٦٦).

تصريح عبد الله بن عبّاس

أخرجه ابن قتيبة في العيون قال : قال ابن عبّاس لمعاوية : ندعي هذا الأمر بحق من لو لا حقّه لم تقعد مقعدك هذا ، ونقول كان ترك الناس أن يرضوا بنا ويجتمعوا علينا حقّا ضيّعوه وحظّا حرموه ... أمّا الذي منعنا من طلب هذا الأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعهد منه إلينا قبلنا فيه قوله ودنّا بتأويله ، ولو أمرنا أن نأخذه على الوجه الذي نهانا عنه لأخذناه أو أعذرنا فيه ، ولا يعاب أحد على ترك حقّه ، إنّما المعيب من يطلب ما ليس له ، وكل صواب نافع وليس كل خطأ ضارا (عيون الأخبار لابن قتيبة : ١ / ٦ كتاب السلطان ـ محل السلطان وسيرته وسياسته).

وله تصريحات اخرى وهي المحاورات التي جرت بينه وبين عمر حتّى قال له عمر يوما : إن أوّل من راثكم عن هذا الأمر أبو بكر.

فأجابه ابن عبّاس : امّا قولك يا أمير المؤمنين اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت ، فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزوجل لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود (شرح النهج لابن أبي الحديد :

٢٠ / ١٦٠ عن الجوهري ، والسقيفة : ١٢٩).

وقال له عمر يوما آخر : لعلّك ترى صاحبك لها؟

قال : فقلت : القربى في قرابته وصهره وسابقته أهلها؟

قال : بلى ولكنّه امرؤ فيه دعابة (تاريخ المدينة لابن شبة : ٣ / ٨٨٠ مقتل عمر).

وقال عمر له يوما ثالثا : أترى صاحبكم لها موضعا؟

قال : فقلت : وأين يبتعد من ذلك مع فضله وسابقته وقرابته وعلمه؟

١٢٦

__________________

قال : هو كما ذكرت ، ولو وليهم تحمّلهم على منهج الطريق فأخذ المحجة الواضحة ، إلّا إنّ فيه خصالا : الدعابة في المجلس ، واستبداد الرأي ، والتبكيت للناس مع حداثة السن.

قال : قلت : يا أمير المؤمنين هلّا استحدثتم سنّه يوم الخندق إذ خرج عمرو ابن عبد الود وقد كعم عنه الأبطال وتأخّرت عنه الأشياخ؟! ويوم بدر إذ كان يقط الأقران قطّا ، ولا سبقتموه بالإسلام إذ كان جعلته الشعب وقريش يستوفيكم؟! (تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ذيل أيام عمر).

تصريح المقداد

أخرجه ابن أبي الحديد عن الجوهري بلفظ : واعجبا من قريش واستئثارهم بهذا الأمر على أهل هذا البيت ، معدن الفضل ونجوم الأرض ونور البلاد ، والله إن فيهم لرجلا ما رأيت رجلا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أولى منه بالحق ولا أقضى بالعدل (شرح النهج : ٩ / ٢١ خطبة ١٣٥ ، والسقيفة : ٨١).

وبلفظ آخر له : وإنّي لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله ثمّ انتزاعهم سلطانه من أهله (شرح النهج : ٩ / ٤٩ ـ ٥٨ خطبة ١٣٥ ، والسقيفة للجوهري : ٨٩).

وأخرجه ابن شبّه بألفاظ قريبة (تاريخ المدينة : ٣ / ٩٣١ ذيل أخبار عمر).

تصريح عمّار بن ياسر

قال : يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم تحوّلونه هاهنا مرّة وهاهنا مرّة ، وما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم ، كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله (شرح النهج لابن أبي الحديد : ٩ / ٤٩ ـ ٥٨ خطبة ١٣٥ عن الجوهري ، السقيفة : ٩٠).

وذكر في «العقد الفريد» باختصار ولكن أوّله : فأنّى تصرفون هذا الأمر عن بيت نبيّكم (العقد الفريد : ٤ / ٢٦٤ كتاب الخلفاء ـ أمر الشورى).

هذا تصريح عمّار الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق» (جامع الأحاديث : ١ / ١٤٩ ح ٩٠٤).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «عمّار ما خيّر بين أمرين إلّا اختار أرشدهما» (جامع الأحاديث : ١ / ٤٦ ح ١٧٥).

١٢٧

__________________

تصريح أبا ذر

قال أبو ذر لمّا توفي النبيّ وبويع لأبي بكر : أصبتم قناعه وتركتم قرابه ، لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيّكم لما اختلف عليكم اثنان (شرح النهج : ٦ / ١٣ خطبة ٦٦ عن الجوهري ، والسقيفة : ٦٢).

وأخرج اليعقوبي قوله : أيّتها الامّة المتحيّرة بعد نبيّها أما لو قدّمتم من قدّم الله وأخّرتم من أخّر الله ، وأقررتم للولاية والوراثة في أهل بيت نبيّكم ، لأكلتم من فوق رءوسكم ومن تحت أقدامكم (تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧١ أيّام عثمان ، وأهل البيت للشرقاوي : ١٤٥).

تصريح عبد الله بن جعفر

قال لمعاوية : ... أيم الله لو ولّوه بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه لحقّه وصدقه ، ولاطيع الرحمن وعصي الشيطان وما اختلف في الامة سيفان (الإمامة والسياسة : ١ / ١٩٥ حرب صفين ط. بيروت. و ١٤٩ ط. مصر ١٣٧٨ ، وأهل البيت لتوفيق : ٣٩٩).

تصريح عتبة بن أبي لهب

أخرج ابن سيّد الناس في «المدح» واليعقوبي والزبير بن بكار وغيرهم قوله :

ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا

عن هاشم ثمّ منها عن أبي الحسن

أليس أوّل من صلّى لقبلته (لقبلتكم)

وأعلم الناس بالقرآن والسنن

(اقرب) وآخر الناس عهدا بالنبي ومن

جبريل عون له في الغسل والكفن

من فيه ما فيهم لا يمترون به

وليس في القوم ما فيه من الحسن

ما ذا الذي ردّهم عنه فنعلمه

ها أن ذا غبننا من أعظم الغبن

(منح المدح : ٢٨٧ ذكر ابن أبي لهب ، وتاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٤ خبر السقيفة ، وشرح النهج ٦ / ٢١ شرح خطبة ٦٦ ، واسد الغابة : ٤ / ٤٠ ترجمته ، والمواهب اللدنية : ١ / ٢٤٢ ط. مصر ، وشرح النهج : ٦ / ٢١ خطبة ٦٦ ، والاخبار الموفقيات : ٥٨٠ ح ٣٨٠ ط. بغداد ، وتاريخ أبي الفداء : ١ / ١٥٦ أخبار أبي بكر ، والجوهرة : ١٢٢).

* أقول : تقدّمت هذه الأبيات ونسبت تصريحا لسلمان وأيضا للعباس ، وهنا لعتبة ، والمهم أنّها صدرت منهم جميعا أو رددوا هذه الكلمات فصح كونها تصريحا لهم ، وأيضا يأتي عن ابن عبد البر نسبتها إلى والد عتبة وهو

١٢٨

__________________

الفضل بن عبّاس.

تصريح الفضل بن عباس

قال : يا معشر قريش إنّه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ونحن أهلها دونكم وصاحبنا أولى بها منكم. هذا لفظ اليعقوبي.

وذكره ابن أبي الحديد عن الزبير بن بكار بلفظ : يا معشر قريش وخصوصا يا بني تيم انّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة ونحن أهلها دونكم .. وإنّا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه (الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار : ٥٨٠ ح ٣٨٠ ، وتاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٤ خبر السقيفة ، وشرح النهج : ٦ / ٢١ شرح خطبة ٦٦).

* أقول : وفي «الاستيعاب» و «الجوهرة» نسب الأبيات المتقدمة إليه (الاستيعاب بهامش الإصابة : ٣ / ٦٧ ذيل ترجمة عليّ ، والجوهرة : ١٢٢).

تصريح حسّان بن ثابت

قال يوم السقيفة :

جزى الله خيرا والجزاء بكفّه

أبا حسن عنّا ومن كأبي حسن

سبقت قريشا بالذي أنت أهله

فصدرك مشروح وقلبك ممتحن

تمنّت رجال من قريش أعزّة

مكانك هيهات الهزال من السمن

وكنت المرجّى من لؤي بن غالب

لما كان منهم والذي بعد لم يكن

حفظت رسول الله فينا وعهده

إليك ومن أولى به منك من ومن

ألست أخاه في الإخاء ووصيّه

وأعلم فهر منهم بالكتاب والسنن

(تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٨ أيام أبي بكر ، والاخبار الموفقيات : ٥٩٨ ح ٣٨٨ وما بين المعكوفين منه).

تصريح البراء بن عازب

قال : لم أزل لبني هاشم محبّا ، فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم.

(شرح النهج : ١ / ٢١٩ الخطبة الثالثة عن الجوهري ، والسقيفة : ٤٦).

١٢٩

__________________

تصريح زيد بن أرقم

قال يوم السقيفة : إنّا لا ننكر فضل من ذكرت يا عبد الرحمن .. إنّا لنعلم أن ممّن سميت من قريش من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد : عليّ بن أبي طالب (شرح النهج لابن أبي الحديد : ٦ / ٢٠ شرح خطبة ٦٦ ، والأخبار الموفقيات للزبير بن بكار : ٥٧٩ ح ٣٧٨ ، وتاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٥ خبر السقيفة عن المنذر بن أرقم).

تصريح النعمان بن العجلان الزرقي الأنصاري قال :

وأهل أبو بكر لها خير قائم

وان عليّا كان أخلق للأمر

وكانا هوانا في عليّ وإنّه

لأهل لها من حيث ندري ولا ندري

ورواه الزبير بلفظ :

لأهل لها يا عمرو من حيث لا تدري

(الاستيعاب : ٣ / ٥٥٠ ترجمته ، والاخبار الموفقيات للزبير بن بكار : ٥٩٣ ح ٣٨٤ وما بين المعكوفين منه).

تصريح خالد بن سعيد أخرج الطبري وعبد الرزاق وابن عساكر والبلاذري قوله : لما قدم خالد من اليمن بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تربّص ببيعته شهرين ولقي عليّ بن أبي طالب وعثمان وقال : يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم.

فأمّا أبو بكر فلم يحض بها ، وأمّا عمر فاضطغنها عليه فلمّا بعث أبو بكر خالد بن سعيد أميرا على ربع من أرباع الشام فجعل عمر يقول : أبو مرة وقد قال ما قال.

فلم يزل بأبي بكر حتّى عزله وولى يزيد بن أبي سفيان (الاستيعاب : ٢ / ٢٥٥ ترجمة أبو بكر ، وانساب الأشراف : ٢ / ٢٧٠ أمر السقيفة ط. دار الفكر ، وتاريخ الطبري : ٢ / ٥٨٦ سنة ١٣ ، والمصنف لعبد الرزاق: ٥ / ٤٥٤ ح ٩٧٧٠ ، وتاريخ دمشق : ١٦ / ٧٨ رقم الترجمة : ١٨٨).

وأخرج اليعقوبي عنه قوله لعليّ عليه‌السلام : هلم ابايعك فو الله ما في الناس أحد أولى بمقام محمّد منك (تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٦ خبر سقيفة بني ساعدة ، وتاريخ دمشق : ١٦ / ٧٨ رقم الترجمة ١٨٨٠).

١٣٠

__________________

تصريح هزيل بن شرحبيل

أخرجه البزار والحميدي وابن ماجة وأبو نعيم وأحمد ، قال : كان أبو بكر يتأمّر على وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ودّ أبو بكر لو وجد من رسول الله في ذلك عهدا فخرم أنفه بخرامة (مسند البزار : ٨ / ٢٩٨ ح ٣٣٧٠ وبالهامش أخرجه ابن ماجة : ٢ / ٩٠٠ ح ٢٦٩٦ ، والحميدي : ٢ / ٣١٥).

وأخرجه أبو نعيم صحّحه وأحمد بلفظ : لو وجد مع رسول الله ـ فخزم أنفه بخزامة (مسند أحمد : ٤ / ٣٨٢ ط.

م و ٥ / ٥١٦ ح ١٨٩١٨ ط. ب ، وحلية الأوّل ياء : ٥ / ٢١ ترجمة طلحة بن مصرف رقم ٢٨٥).

تصريح الخليفة المأمون

وذلك ضمن مناظرته المشهورة في فضل عليّ عليه‌السلام وتفضيله على الصحابة بحضور فقهاء عصره جاء فيها : إن أمير المؤمنين يدين الله على أن عليّ بن أبي طالب خير الخلق بعد رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأولى الناس بالخلافة له (العقد الفريد : ٥ / ٧٧ كتاب أخبار زياد والحجاج والطالبيين والبرامكة ـ احتجاج المأمون).

تصريح داود بن عليّ

خطب في أوّل خلافة أبي العباس فقال : والله قسما برّا لا اريد إلّا الله به ، ما قام هذا المقام أحد بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحقّ به من عليّ بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا ، فليظن ظانّكم وليهمس هامسكم (عيون الأخبار لابن قتيبة : ٢ / ٢٥٢ كتاب العلم والبيان ـ الخطب).

تصريح يزيد بن معاوية

أخرج البلاذري في تاريخه قال : لما قتل الحسين بن عليّ كتب عبد الله ابن عمر إلى يزيد بن معاوية : امّا بعد فقد عظمت الرزية وجلّت المصيبة ، وحدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم الحسين.

فكتب إليه يزيد : يا أحمق إنّا جئنا إلى بيوت منجّدة ، وفرش ممهّدة ، ووسائد منضّدة فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحق لنا فعن حقّنا ، وإن يكن لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا وابتزه واستأثر بالحق على أهله (الأنوار النعمانية : ١ / ٥٣ عن البلاذري).

* ـ أقول : هذه جملة من تصريحات الصحابة من أمهات كتب القوم ، وهناك تصريحات اخرى من كتب أصحابنا لم نذكرها خشية الإطالة (الاحتجاج : ١ / ٧٦ إلى ٧٩ و ٨٧ إلى ٨٩ ، ومناقب آل أبي طالب : ٢ / ٢٥٢).

١٣١

الثاني عشر : صاحب كتاب «سير الصحابة» : وأما شرح أحوال محمد بن أبي بكر وعبد الله بن عمر ، فإنّهما يتحابان في الله ، وكان عبد الله بن عمر فقيها عارفا بالشرع من لفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا ساعد أبا بكر وعمر أكثر الناس على ما فعلا ، تأخرا عن أبويهما فبعث أبو بكر وعمر إلى محمد وعبد الله ، فلمّا أتيا قال لهما عمر : لما ذا تأخرتما؟ فقال عبد الله لمحمد : كن أنت على ما أنت عليه قابضا على حسامك فأيهما اعتدى عليّ في الكلام فأنا له وأيهما اعتدى علينا في الفعال فكن أنت له.

فقال محمد : سمعا وطاعة ، ثمّ التفت عبد الله بن عمر وقال : ما تريد منا؟ قال : لم لا تصليان خلف أبي بكر؟ قال عبد الله : قد سألتكما على شرط لا تكتما في خلوتكما حقا ، قالا : لا فاسأل عمّا بدا لك ، فقال عبد الله : يا عمر هل لاسمعتك وأنت تقول لعليّ عليه‌السلام : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت اليوم مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة؟ قال له عمر : يا عبد الله أما تخاف الله في أبيك أنا أقول لك يا بني وأنت تقول يا عمر. فقال عبد الله : السؤال فأجبني واسال بعد ذلك.

فقال عمر : بلى أنا القائل لعليّ : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

فقال : يا عمر هل أنت وأبو بكر مؤمنان أم لا؟

قال : بلى.

قال عبد الله : فما جزاء عبد عق مولاه وخالف أمره وعاق عليه ، أتخوّفني بالعقوبة والعقوبة يا عمر إذا عق العبد مولاه عق الولد أباه والحجة معي ولي في كتاب الله تعالى قوله : (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما).

يا عمر أما سمعت قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على عبد عق مولاه لعنه الله قولوا آمين ، فقال الصحابة : آمين؟ فقال عمر : يا بني أما سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يلعن عاق والديه؟ فقال عبد الله : أينا أسبق إلى العقوق نحن أم أنتما ، دع العقوق حتّى ندع العقوق ، يا عمر إنك ألم تعلم بعينيك أنت إذا أوذت واحدة هاجت الأخرى عليك ، لا تسم ذلك إلينا ثمّ سمّ ذلك إليك لا تعلمني عقوقا ولا تحرمني عليك يا عمر إذا ملت إلى شهوتك طرقت غير دينك ، يا عمر قال الله تعالى : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) الآية يا عمر كما برّأ الله نوحا من ولده برّأني منك ، يا عمر هذا أبو بكر إيمانه أوفى من إيمانك أم لا؟

قال عمر : بلى.

قال عبد الله : افتريد طاعته لعليّ أكثر من طاعتك ، إن زعمت أنه أرادكما فقد اتفقتما على الباطل

١٣٢

وأثمتما على خلق كثير ، فإن عليّا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، وأنت يا أبا بكر أما سمعت قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم‌السلام إذا بويع خليفتان في يوم واحد فاقتلوا الأخير منهما؟

قال : بلى.

يا عبد الله ، فلم بايعتم سعد بن عبد الله ونقضتم بيعته وبايعتم أبا بكر ، فهل تجوز الصلاة خلف إمام وجب قتله شرعا. يا أبا بكر ويا عمر إننا لا نحضر معكما بعدها مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أيّ صلاة كانت فلا يدعنا منكم أحد قبل الصلاة خوفا أن نخرج من المسجد عند وجوب الصلاة.

فقال محمد بن أبي بكر : لقد صدقكما عبد الله ، ثمّ خرجا من عندهما وأقاما على ذلك إلى أن مات أبواهما واستشهد محمد بن أبي بكر في طاعة الله ورضوانه ورضا أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام قتله معاوية بمصر وأمر مكانه عمرو بن العاص.

١٣٣

الباب السادس والسبعون

في تأخر أبي بكر وعمر عن جيش أسامة

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

سليم بن قيس الهلالي في كتابه فى الأمور التي خالفا فيها ـ أبو بكر وعمر ـ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رواه سليم عن أمير المؤمنين عليه‌السلام والحديث فيه طول ، وفي الحديث قال : ثمّ تركه من الأذان حيّ على خير العمل ، فاتخذوه سنة وتابعوه على ذلك ، وقضيته على المفقود أن أجل امرأته أربع سنين ، ثمّ تتزوّج امرأته ، فإن جاء زوجها خيّر بين امرأته وبين الصداق ، فاستحسنه الناس واتخذوه سنة وقبلوه عنه جهلا وقلّة علم بكتاب الله وسنة نبيّه ، واخراجه من المدينة كل أعجمي وارساله إلى عمّاله بالبصرة بحبل طوله خمسة أشبار وقوله : من بلغكم من الأعاجم طوله طول هذا الحبل فاقطعوه ، وأعجب من ذلك أن كذابا رجم بكذبه فقبلها وقبل الجهّال ، وزعم أن الملك ينطق على لسانه بلغته ويعدله (١) ، واعتاقه سبايا أهل اليمن ، وتخلّفه وصاحبه عن جش أسامة بن زيد مع تسليمهما بالإمارة ، ثمّ أعجب ذلك أنه قد علم وعلم الناس أنه هو الذي منع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكتف التي دعا بها ، فلم يضرّه ذلك عندهم ولم ينقضه. وساق الحديث بطوله قبل النقول هنا وبعده (٢).

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٣٢٩ ح ٣٤٧.

(٢) في المصدر : ويلقنه.

١٣٤

الباب السابع والسبعون

في عقاب من شك في أمير المؤمنين عليه‌السلام

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

موفّق بن أحمد يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحشر الشاك في عليّ من قبره وفي عنقه طوق من نار فيه ثلاثمائة شعلة على كل شعلة شيطان يلطخ وجهه حتّى يوقفه للحساب ، وفي رواية : يكلح في وجهه (١).

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ٣٢٩ ح ٣٤٧.

١٣٥

الباب الثامن والسبعون

في عقاب من شك في أمير المؤمنين وأشرك به أو شك في الأئمّة عليهم‌السلام

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

الأوّل : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن محمد الصائغ العدل قال : حدّثنا عيسى بن محمد العلوي قال : حدّثنا أبو عوانة قال : حدّثنا محمد بن سليمان بن بزيع الخزاز قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان عن سلام بن أبي عمرة الخراساني عن معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حذيفة حجة الله عليكم بعدي عليّ بن أبي طالب الكفر به كفر بالله ، والشرك به شرك بالله ، والشك فيه شك في الله ، الإلحاد فيه إلحاد في الله ، والانكار له انكار لله ، والإيمان به ايمان بالله ؛ لأنه أخو رسول الله ووصيه وإمام امته ومولاهم وهو حبل الله المتين وعروته الوثقى التي لا انفصام لها ، وسيهلك فيه اثنان ولا ذنب له : محبّ غال ومقصّر.

يا حذيفة لا تفارقن عليّا فتفارقني ولا تخالفن عليّا فتخالفني ، إن عليّا مني وأنا منه من أسخطه فقد أسخطني ومن أرضاه فقد أرضاني (١).

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عليّ رضى الله عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن عليّ الكوفي عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المخالف على عليّ بن أبي طالب بعدي كافر والمشرك به مشرك ، والمحب له مؤمن والمبغض له منافق والمقتفي لأثره لاحق ، والمحارب له مارق والرادّ عليه زاهق ، علي نور الله في بلاده وحجته على عباده وسيف الله على أعدائه ووارث علم أنبيائه ، علي كلمة الله العليا وكلمة اعدائه السفلى، عليّ سيّد الأوصياء ووصي سيّد الأنبياء ، علي أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلين وإمام المسلمين لا يقبل الله الإيمان إلّا بولايته وطاعته (٢).

الثالث : أمالي الشيخ الطوسي قال : أخبرنا محمد بن محمد ـ يعني المفيد ـ قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن ـ يعني ابن الوليد ـ قال : حدّثني أبي عن سعيد بن عبد الله قال :

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٦٥ ح ٢٨٢ المجلس : ٢٢ ح ٤.

(٢) أمالي الصدوق : ٦١ ح ٢٠ المجلس ٢ ح ٦.

١٣٦

حدّثنا عبد الله بن هارون قال : حدّثنا محمد بن عبد الرّحمن العرزمي قال : حدّثنا المعلّى بن هلال عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : أعطاني الله خمسا وأعطى عليّا خمسا ، أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليّا جوامع العلم ، وجعلني نبيّا وجعل عليّا وصيّا ، وأعطاني الكوثر وأعطى عليّا السلسبيل ، وأعطاني الوحي وأعطا عليّا الإلهام ، وأسرى بي إليه وفتحت له أبواب السماء [والحجب] حتّى رأى ما رأيت ونظر إلى ما نظرت إليه (١).

ثمّ قال : يا ابن عباس خالف من خالف عليّا ولا تكونن له (٢) ظهيرا ولا وليا ، فو الذي بعثني بالحق ما يخالفه أحد إلّا غيّر الله ما به من نعمة وشوّه خلقه قبل إدخاله النار ، يا ابن عباس لا تشكّ في عليّ فإن الشّك فيه كفر يخرج عن الإيمان ويوجب الخلود في النار (٣).

الرابع : شرف الدين النجفي في «تأويل الآيات الباهرة» قال : وروى أبو عمر الزاهد في كتابه بإسناده إلى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهم‌السلام قال : قلت له : إنّا نرى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع فهل ينفعه ذلك؟ فقال : يا محمد إنّما مثلهم كمثل أهل بيت بني اسرائيل كان إذا اجتهد واحد منهم أربعين ليلة ودعا الله اجيب وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثمّ دعا الله فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم يشكو إليه ما هو فيه وسأله الدعاء له ، قال : فتطهّر عيسى عليه‌السلام ثمّ دعا الله فأوحى الله إليه : يا عيسى عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه ، إنه دعاني وفي قلبه شكّ منك فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له ، قال : فالتفت عيسى عليه‌السلام وقال له : تدعو ربك وفي قلبك شك من نبيه؟ فقال : يا روح الله وكلمته قد كان ما قلت فأسال الله أن يذهب به عنّي ، فدعا له عيسى عليه‌السلام فتقبل الله منه وصار الرجل من جملة أهل بيته ، وكذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا (٤).

الخامس : الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في أماليه قال : أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمد بن الزبير الكوفي إجازة قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسن بن فضّال قال : حدّثنا عليّ بن أسباط عن محمد بن يحيى أخي مغلس عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : قلت : أما ترى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع فهل ينفع ذلك شيئا؟ فقال : يا محمد إن مثلنا أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني اسرائيل وكان لا يجتهد أحد منهم

__________________

(١) في المصدر للحديث تكملة كبيرة لعل المصنف اختصره.

(٢) في المصدر : لهم.

(٣) أمالي الطوسي : ٧ ح ١٩ و : ١٨٨ ح ٣١٧ و : ١٠٤ ح ١٦١ المجلس ٤ ح ١٥ بتفاوت.

(٤) تأويل الآيات : ١ / ٨٧ ح ٧٣.

١٣٧

أربعين ليلة إلّا دعا فاجيب ، وإن رجلا اجتهد أربعين ليلة ثمّ دعا فلم يستجب له ، فأتى عيسى ابن مريم يشكو إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء له ، فتطّهر عيسى وصلّى ثمّ دعا فأوحى الله : يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه إنه دعاني وفي قلبه شك منك ، فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له ، فالتفت عيسى عليه‌السلام فقال : أتدعو ربك وفي قلبك شك من نبيه ، قال : يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت فاسأل الله تعالى أن يذهب به عني ، فدعا له عيسى عليه‌السلام فتقبّل الله منه وصار في حدّ أهل بيته ، وكذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا (١).

وهذا لحديث والذي قبله واحد وذكرناهما على التعدد لتغاير السند.

السادس : أمالي المفيد هذا قال : أخبرني محمد بن عمران المرزباني قال : حدّثنا أبو الفضل عبد الله بن محمد الطوسي (ره) قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عليّ بن حكيم الادمي قال : أخبرنا شريك بن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل جابر بن عبد الله الأنصاري وقد سقط حاجباه على عينيه فقيل له : أخبرنا عن عليّ بن أبي طالب؟ فرفع حاجبيه بيديه ثمّ قال : ذاك خير البرية لا يبغضه إلّا منافق ولا يشك فيه إلّا كافر (٢).

السابع : أمالي ابن بابويه قال : حدّثنا أبي (رض) قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن المؤدّب عن أحمد بن عليّ الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن قتيبة بن سعيد عن عمرو بن غزوان عن أبي مسلم قال : خرجت مع الحسن البصري وأنس بن مالك حتّى أتينا باب أمّ سلمة (رض) وقعد أنس على الباب ودخلت مع الحسن البصري سمعت الحسن وهو يقول : السلام عليك يا أمّاه ورحمة الله وبركات ، فقالت له : وعليك السلام من أنت يا بنيّ؟ فقال : أنا الحسن البصري ، فقالت : فيما جئت يا حسن؟

فقال لها : جئت لتحدّثيني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقالت أم سلمة : والله لاحدثنك بحديث سمعته اذناي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلّا فصمتا ورأته عيناي وإلّا فعميتا ووعاه قلبي وإلّا فطبع الله عليه وأخرس لساني إن لم أكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ ابن أبي طالب عليه‌السلام : يا عليّ ما من عبد لقى الله عزوجل يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلّا لقي الله بعبادة صنم أو وثن. قال : فسمعت الحسن البصري وهو يقول : الله أكبر أشهد أن عليّا مولاي ومولى المؤمنين ، فلمّا خرج قال له أنس بن مالك : ما لي أراك تكبّر؟

__________________

(١) أمالي المفيد : ٢ ـ ٣ المجلس الأوّل ح ٢.

(٢) أمالي المفيد : ٦٢ ح ٧.

١٣٨

قال : سألت أمّنا أم سلمة أن تحدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عليّ عليه‌السلام فقالت لي : كذا وكذا ، فقلت : الله أكبر أشهد أن عليّا مولاي ومولى كلّ مؤمن ، فسمعت عند ذلك أنس بن مالك وهو يقول : أشهد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال هذه المقالة ثلاث مرات أو أربع مرات (١).

الثامن : أبو الحسن عليّ بن محمد بن جمهور في كتاب «الواحدة» عن الحسن بن عبد الله الأطروش قال : حدّثني محمد بن إسماعيل الأحمسي السرّاج قال : حدّثنا وكيع بن الجرّاح قال : حدّثنا الأعمش عن مورق العجلي عن أبي ذر الغفاري (رض) قال : كنت جالسا عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم في منزل أمّ سلمة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحدّثني وأنا أسمع إذ دخل عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فأشرق وجهه نورا فرحا بأخيه وابن عمّه ، ثمّ ضمّه إليه وقبّل ما بين عينيه ثمّ التفت إليّ فقال : يا أبا ذرّ تعرف هذا الداخل علينا حق معرفته؟ قال أبو ذر : فقلت : يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك وزوج فاطمة البتول وأبو الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أبا ذر هذا الإمام الأزهر ورمح الله الأطول وباب الله الأكبر ، فمن أراد الله فليدخل الباب ، يا أبا ذر هذا القائم بقسط الله والذاب عن حريم الله [والناصر الله] (٢) والناصر لدين الله وحجّة الله على خلقه إن الله عزوجل لم يزل يحتج على خلقه في الامم كل أمة يبعث فيها نبيّا ، يا أبا ذر إن الله عزوجل جعل على ركن من أركان عرشه سبعين ألف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلّا الدعاء لعليّ وشيعته والدعاء على أعدائه.

يا أبا ذر لو لا عليّ ما بان حق من باطل ولا مؤمن من كافر ولا عبد الله ، لأنه ضرب رءوس المشركين حتّى أسلموا وعبد الله ولو لا ذلك لم يكن ثوابا ولا عقابا ولا يستره من الله ساتر ولا يحجبه من الله حجاب وهو الحجاب والستر ، ثمّ قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (٣).

يا أبا ذر إنّ الله تبارك وتعالى تفرّد بملكه ووحدانيته وفردانيته في وحدانيته فعرف عباده المخلصين لنفسه وأباح لهم جنته فمن أراد أن يهديه عرف ولايته ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفته ، يا أبا ذر هذا راية الهدى وكلمة التقوى والعروة الوثقى وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي ألزمها الله المتقين فمن أحبّه كان مؤمنا [ومن أبغضه كان كافرا] ومن ترك

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٣٩٣ ح ٥٠٦ المجلس ٥١ ح ١٥.

(٢) ليست في مدينة المعاجز.

(٣) الشورى : ١٣.

١٣٩

ولايته كان ضالا مضلا ومن جحد ولايته كان مشركا ، يا أبا ذر يؤتى بجاحد ولاية عليّ يوم القيامة أصمّ أعمى أبكم فيكبكب في ظلمات القيامة وفي عنقه طوق من نار لذلك الطوق ثلاثمائة شعبة ، على كل شعبة منها شيطان يتفل في وجهه ويكلح في جوف قبره الى النار.

فقال أبو ذر : فقلت : زدني بأبي أنت وأمّي يا رسول الله؟

فقال : نعم ، إنّه لما عرج بي إلى السماء فنظرت إلى سماء الدنيا أذّن ملك من الملائكة وأقام الصلاة وأخذ بيدي جبرائيل عليه‌السلام فقدّمني وقال : يا محمد صل [بالملائكة فقد طال شوقهم إليك فصليت] بسبعين صفّا من الملائكة الصف ما بين المشرق والمغرب لا يعلم عددهم إلّا [الله] الذي خلقهم عزوجل ، فلمّا قضيت الصلاة أقبل إليّ شرذمة من الملائكة يسلّمون عليّ ويقولون لنا إليك حاجة فظننت أنهم سألوني الشفاعة ؛ لأنّ الله عزوجل فضّلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء ، فقلت : ما حاجتكم ملائكة ربّي؟

قالوا : إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليّا منّا السلام وأعلمه بأنا قد طال شوقنا إليه ، فقلت : ملائكة ربّي تعرفوننا حق معرفتنا؟ فقالوا : يا رسول الله ولم لا نعرفكم وأنتم أوّل خلق خلقه الله من نور ، خلقكم الله أشباح نور من نور في نور من نور الله ، وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتقديس وتكبير له ، ثمّ خلق الملائكة مما أراه من أنوار شتى ، وكنا نمر بكم وأنتم تسبحون الله وتقدسون وتكبّرون وتحمّدون وتهللون فنسبح ونقدّس ونحمد ونهلل ونكبّر بتسبيحكم وتقديسكم وتحميدكم وتهليلكم وتكبيركم ، فما نزل من الله عزوجل فاليكم وما صعد إلى الله تبارك وتعالى فمن عندكم فلم لا نعرفكم.

ثمّ عرج بي إلى السماء الثانية فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم ، فقلت : ملائكة ربّي هل تعرفوننا حق معرفتنا؟ قالوا : ولم لا نعرفكم وأنتم صفوة الله من خلقه وخزّان علمه والعروة الوثقى والحجة العظمى وأنتم الجنب والجانب وأنتم الكراسي واصول العلم (١) فاقرأ عليّا منّا السلام.

ثمّ عرج بي إلى السماء الثالثة فقالت لي الملائكة مثل مقالة أصحابهم فقلت : ملائكة ربّي تعرفوننا حق معرفتنا؟ قالوا ولم لا نعرفكم وأنتم باب المقام وحجّة الخصام وعليّ دابة الأرض وفصل القضاء وصاحب العصا وقسيم النار غدا وسفينة النجاة من ركبها نجى ومن تخلّف عنها في النار يتردى ، ثمّ يوم القيامة أنتم الدعائم من تخوم الأقطار والأعمدة ، وفساطيط السجاف الأعلى كواهل أنواركم فلم لا نعرفكم فاقرأ عليّا منا السلام.

__________________

(١) في مدينة المعاجز : القلم.

١٤٠