غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٥

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٥

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٠

قبائل العرب خصائص ، فعدّت (١) بنو بكر وقريش على خزاعة فقتلت منها ورفدتهم قريش بالسلاح ، فلمّا تظاهر بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضا عهدهم خرج عمر بن سالم الخزاعي حتّى وقف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال شعرا.

يا ربّ إنّي ناشد محمّدا

حلف ابينا وأبيه إلّا تلدا

قد كنتم ولدا وكنا والدا

ثمت اسلمنا ولم ننزع يدا

فانصر هداك الله نصرا اعتدا

وادع عباد الله يأتوا مددا

فيهم رسول الله قد تجردا

ابيض مثل السّيف ينحو صعدا

ان يمّ خسفا وجهه تربدا

في فيلق كالبحر يجري مزبدا

انّ قريشا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

وزعموا أنّ لست تدعو أحدا

وهم أذلّ واقل عددا

هم بيتونا في الحطيم هجدا

وقتلونا ركعا وسجدا

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا نصرت إن لم أنصركم» فخرج يجهز إلى مكّة ففتح الله مكّة وهي سنة ثمان من الهجرة ولمّا خرج إلى غزوة تبوك وتخلّف من تخلّف من المنافقين وارجفوا الأراجيف جعل المشركون ينقضون عهودهم وأمر الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ليؤذنوا بالحرب وذلك قوله عزوجل : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) فلمّا كانت سنة تسع أراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحجّ ثمّ قال : «إن يحضر المشركون فيطوفون عراة ولا أحبّ أن أحجّ ، لا يكون ذلك» فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر تلك السنة على الموسم ليقيم الناس الحجّ وبعث معه أربعين آية من صدر براءة فيقرأها على المواسم فلمّا سار دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا عليه‌السلام فقال : «اخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذّن في الناس إذا اجتمعوا» فخرج عليّ عليه‌السلام على ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء (٢) حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة وأخذها منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله انزل في شأني شيء قال : «لا ولكن لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي» (٣).

التاسع : قال الثعلبي : قال الشافعي : حدّثني محرز بن أبي هريرة عن أبيه قال : كنت مع عليّ حيث بعثه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ينادي فكان اضمحلّ صوته ناديت ، قلت : بأيّ شيء كنتم تنادون قال : بأربع : لا يطوف بالكعبة عريان ومن كان له عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا فعهده إلى مدّته ولا يدخل الكعبة إلّا

__________________

(١) في نسخة : فغدت.

(٢) في نسخة : الغضباء.

(٣) العمدة : ١٦٣ عن التفسير المخطوط ، والأبيات في مجمع الزوائد : ٦ / ١٦٣ مع تفاوت في الحديث.

٤١

نفس مؤمنة ولا يحجّ بعد عامنا مشرك ، قالوا فقال المشركون : نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمّك إلّا من الطعن والضرب ، وطفقوا يقولون : اللهمّ إنّا قد منعنا أن نتبرّك ، ثمّ لما كانت عشر حجّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حجّة الوداع وقفل إلى المدينة ومكث بقيّة ذي الحجّة والمحرم وصفر وليالي من شهر ربيع الأوّل حتّى لحق بالله عزوجل (١).

العاشر : ومن الجمع بين الصّحاح الستّة لرزين العبدري في الجزء الثاني في تفسير سورة براءة من صحيح أبي داود وهو السنن وصحيح الترمذي قال : عن ابن عباس صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر وأمره أن ينادي في المواسم ببراءة ثمّ أردفه عليّا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء فقام أبو بكر فزعا يظن أنّه حدث أمر فدفع إليه عليّ كتابا من رسول الله أنّ عليّا ينادي بهؤلاء الكلمات فإنّه لا ينبغي أن يبلغ عني إلّا رجل من أهل بيتي ، فانطلق فقام عليّعليه‌السلام أيام التشريق ينادي «ذمّة الله ورسوله بريت من كلّ مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجّن بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت بعد العام عريان ولا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة».

قال : وكان عليّ عليه‌السلام ينادي بها فإذا أعيا أمر غيره فنادى (٢).

الحادي عشر : الموفّق بن أحمد من أعيان العامّة قال : أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن عليّ بن أحمد العاصمي ، أخبرنا الشيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصّفّار حدّثنا الباغندي حدّثنا سعيد بن سليمان الواسطي عن عبّاد بن العوام عن سفير بن حسين عن الحكم عن مقسم عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر رضي الله عنه ببراءة وأمره أن ينادي بهؤلاء الكلمات ثمّ أتبعه عليّا فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله القصوى فخرج أبو بكر رضي الله عنه فزعا فظنّ أنّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا هو عليّ فدفع إليه كتاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمره على الموسم وأمر عليّا أن ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجّا فقام عليّ أيّام التشريق فنادى فقال : «إنّ الله ورسوله بريئان من كلّ مشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ولا يحجنّ بعد العام مشرك ولا يطوفنّ بالبيت عريان ولا يدخل [الجنّة] إلّا مؤمن» قال : وكان ينادي فإذا بحّ قام أبو هريرة فنادى (٣).

الثاني عشر : موفّق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا الحسين بن كسران

__________________

(١) تفسير الطبري : ١٠ / ٨٢ مورد الآية.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٢٢٤ ، وسنن الترمذي : ٤ / ٣٣٩ ، وفتح الباري : ٨ / ٢٤١.

(٣) المصدر السابق.

٤٢

أخبر أبو عمرو بن السّماك حدّثنا حنبل بن إسحاق حدّثني أبو عبد الله وهو أحمد بن حنبل قال : حدّثنا وكيع قال : قال إسرائيل قال أبو إسحاق عن يزيد بن تبيع عن أبي بكر رضي الله عنه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ببراءة إلى أهل مكّة لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ومن كان بينه وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مدّة فأجله إلى مدّته والله بريء من المشركين ورسوله ، قال : فسار بها ثلاثا ثمّ قال لعليّ الحقه فردّ عليّ أبا بكر وبلغها أنت ، ففعل فلمّا قدم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أبو بكر بكى وقال : يا رسول الله أحدث فيّ شيء قال : «لا ، ولكن أمرت أن لا يبلغها إلّا أنا أو رجل منّي» (١).

الثالث عشر : موفّق بن أحمد بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو ظاهر الفقيه محمّد بن الحسين المحمدآبادي أبو قلاية ، حدّثنا عبد الصّمد وموسى بن إسماعيل قالا حدّثنا حمّاد ابن سلمة عن سمّاك بن حرب عن أنس بن مالك أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث سورة براءة مع أبي بكر رضي الله عنه ثمّ أرسل فأخذها فدفعها إلى عليّ وقال : «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل من أهل بيتي» (٢).

الرابع عشر : إبراهيم بن محمّد الحمويني قال : أنبأني الشيخ مجد الدين عبد الصمد بن أحمد ابن عبد القادر قال : أنبأني الحافظ أبو الفرج عبد الله بن عليّ بن الجوزي قال : أنبأنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن الحصين بقراءة الحافظ محمّد بن ناصر السّلامي قال : أنبأنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن المذنب ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي قال : أنبأنا الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني قال : حدّثني أبي قال : أنبأنا وكيع قال : قال إسرائيل : قال أبو إسحاق عن يزيد بن تبيع عن أبي بكر بن أبي قحافة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ببراءة إلى أهل مكّة : لا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة ومن كانت بينه وبين رسول الله مدّة فأجله إلى مدّته والله بريء من المشركين ورسوله ، قال : فسار بها ثلاثا ثمّ قال لعلي عليه‌السلام : «الحقه فردّ عليّ أبا بكر وبلغها أنت» قال : ففعل ، قال : فلمّا قدم أبو بكر على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى وقال : يا رسول الله حدث فيّ شيء قال : «ما حدث فيك إلّا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلّا أنا أو رجل منّي» (٣).

الخامس عشر : الحمويني هذا قال : أنبأني أبو عبد الله بن يعقوب بن أبي الفرج الارجيّ ، أنبأنا أبو طالب عبد الرحمن بن عبد السميع الهاشمي إجازة ، أنبأنا شاذان بن جبرائيل القمّي بقراءتي

__________________

(١) إرواء الغليل : ٤ / ٣٠٢ ومناقب الخوارزمي : ١٦٥.

(٢) تقدّم الحديث من طرق.

(٣) مسند أحمد : ١ / ٣ ، وفضائل الصحابة : ٢ / ٦٤٠ وتفسير الطبري : ١٠ / ٤٦.

٤٣

عليه ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن عليّ التطيري قال : أنبأنا أبو عليّ الحدّاد قال : أنبأنا أبو نعيم قال : أنبأنا أحمد بن القاسم بن الريّان البصري بالبصرة قال : أنبأنا أحمد بن القاسم بن إسحاق بن إبراهيم ابن نبيط بن شريط أبو جعفر الأشجعي بمصر قال : حدّثني أبي إسحاق عن أبيه عن جدّه نبيط بن شريط قال : خرجت مع عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ومعنا عبد الله بن عبّاس فلمّا صرنا إلى بعض حيطان الأنصار وجدنا عمر جالسا ينكث في الأرض فقال له عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ما الذي أجلسك وحدك هاهنا؟

فقال : لأمر همّني قال عليّ عليه‌السلام : افتريد أحدنا ، فقال عمر : إن كان عبد الله ، قال فتخلف معه عبد الله بن العبّاس ومضيت مع عليّ عليه‌السلام فأبطأ علينا ابن عبّاس ثمّ لحق بنا فقال له عليّ عليه‌السلام ما ورائك؟ قال : يا أبا الحسن اعجوبة من عجائب أمير المؤمنين أخبرك بها واكتم عليّ ، قال : فهلمّ ، قال: لمّا أن وليت وعمر ينظر إلى أثرك قال : آه آه آه ، فقلت : ممّن تتأوه يا أمير المؤمنين؟

قال : من أجل صاحبك وابن عمّك وقد اعطي ما لم يعط أحد من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولو لا ثلاث هنّ فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه ، قلت : ما هنّ يا أمير المؤمنين؟

قال : كثرة دعابته وبغض قريش له وصغر سنه ، قال : فما رددت عليه ، قال : داخلني ما يدخل ابن العم لابن عمه فقلت يا أمير المؤمنين : أمّا كثرة دعابته فقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يداعب ولا يقول إلّا حقّا وأين أنت حيث كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ونحن حوله صبيان وكهول وشيوخ وشبّان يقول للصبيّ سنانا ولكلّ ما يعلمه الله يشتمل على قلبه ، وأمّا بغض قريش له فو الله ما يبالي ببغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حين أظهر الله دينه فقصهم أقرانها وكسر آلهتها وأثكل نسائها في الله لأمّه من لأمّه ، وأمّا صغر سنّه فقد علمت أنّ الله تعالى حيث أنزل عليه (براءة من الله ورسوله) ووجّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صاحبه ليبلّغ عنه فامره الله أن لا يبلّغ عنه إلّا رجل من أهله فوجّهه به فهل استصغر الله سنّه؟

قال : فقال عمر : لابن عبّاس أمسك عليّ واكتم فإن سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها (١).

السادس عشر : بالإسناد عن زيد بن تبيع عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين أنزلت براءة بأربع لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد عامهم هذا ومن كانت بينه وبين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد فهو إلى مدّته ولا يدخل الجنّة إلّا نفس مسلمة» (٢)

السابع عشر : وبالإسناد عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٤ (٣) ٣٣٦.

(٢) مسند أحمد : ١ / ٣ والمستدرك : ٢ / ٣٣١.

٤٤

فلمّا قفل دعاه فبعث عليّا عليه‌السلام وقال : «لا يبلّغها إلّا رجل من أهلي» (١).

الثامن عشر : وبالإسناد عن الزّهري عن أنس بن مالك قال : أرسل رسول الله أبا بكر ببراءة يقرأها على أهل مكّة فنزل جبرائيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمّد لا يبلّغ عن الله تعالى إلّا أنت أو رجل منك فلحقه عليّ عليه‌السلام فأخذها منه (٢).

التاسع عشر : أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن محمّد بن جابر عن حبش عن عليّ عليه‌السلام قال لمّا نزلت عشر آيات من براءة دعا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر فبعثها معه ليقرأها على أهل مكّة دعاني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي «ادرك أبا بكر فحيث ما لحقت فخذ الكتاب منه فاذهب إلى مكّة فأقرأها عليهم» فلحقته بالجحفة وأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله نزل فيّ شيء فقال : «لا ولكن جبرائيل عليه‌السلام جاءني وقال لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك» (٣).

العشرون : أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أنس بن مالك قال : أرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببراءة يقرأها على أهل مكّة فنزل جبرائيل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمّد لا يبلّغ عن الله تعالى إلّا أنت أو رجل منك فلحقه عليّ عليه‌السلام فأخذها منه» (٤).

الحادي والعشرون : ومن الجزء الثاني من أجزاء اثنين من المغازي لمحمد بن إسحاق في وسط المجلدة بالإسناد قال : خرج عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام على ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله العضباء حتّى أدرك أبا بكر بالطريق فلمّا رآه أبو بكر سلّم براءة إليه ومضيا حتّى إذا كان يوم النحر قام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عند الجمر فأذن في الناس بالذي أمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «أيّها الناس إنّه لا يدخل الجنّة كافر ولا يحجّ بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو له إلى مدّته وأجّل الناس أربعة أشهر» (٥).

الثاني والعشرون : ومن كتاب فضائل الصّحابة بالإسناد عن أنس قال لمّا بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سورة براءة مع أبي بكر فلمّا بلغ ذا الحليفة أرسل فردّها فأخذها منه فدفعها إلى عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وقال : «لا يقوم إلّا أنا أو رجل من أهل بيتي» (٦).

الثالث والعشرون : ابن شهراشوب ذكره عن جماعة من العامة قال : الاستنابة والولاية من رسول

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ١٦٥ ح ١٩٦ ، وتفسير الطبري : ١٠ / ٤٦.

(٢) مسند أحمد : ١ / ١٥١ ، وفضائل الصحابة : ٢ / ٥٦٢ ح ٩٤٦.

(٣) كنز العمال : ٢ / ٤٢٢ وتقدّم الحديث.

(٤) مصنف ابن أبي شيبة ح ١٢١٨٤.

(٥) سيرة النبيّ لابن هشام : ٤ / ٩٧٣ (١٨٨) ، والسيرة النبوية لابن كثير : ٤ / ٦٩.

(٦) فضائل أحمد : ٢ / ٥٦٢.

٤٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أداء سورة براءة وعزل به أبا بكر بإجماع المفسّرين ونقلة الأخبار رواه الطّبري والبلادري والترمذي والواقدي والشعبي والسدي والثعلبي والواحدي والقرطبي والقشيري والسمعاني وأحمد بن حنبل وابن بطّة ومحمّد بن إسحاق وأبو يعلى الموصلي والأعمش وسمّاك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير وأبي هريرة وأنس وأبي نافع وزيد بن نفيع وابن عمر وابن عباس واللفظ له : أنّه لمّا نزل براءة من الله ورسوله إلى تسع آيات أنفذ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر إلى مكّة لأدائها فنزل جبرائيل قال : إنّه لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك.

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام : «اركب ناقتي العضباء والحق أبا بكر وخذ براءة من يده» قال ولمّا رجع أبو بكر إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله جزع وقال : يا رسول الله أنّك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه فلمّا توجهت له رددتني عنه ، فقال عليه‌السلام : الأمين هبط إليّ عن الله تعالى أنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ، وعليّ منّي ولا يؤدّي عنّي إلّا عليّ (١).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٩١ ط. النجف.

٤٦

الباب الثامن

في تبليغ أمير المؤمنين عليه‌السلام سورة براءة وعزل أبي بكر

من طريق الخاصّة وفيه ستّة عشر حديثا

الأوّل : عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثني أبي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من غزوة تبوك في سنة تسع من الهجرة ، قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين الحجّ في تلك السنة وكان سنّة في العرب في [الحج] انّه من دخل مكّة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحل له امساكها ، وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف ، فكان من وافى مكّة يستعير ثوبا ويطوف فيه ثمّ يردّه ، ومن لم يجد عاريّة اكترى ثوبا ومن لم يجد عاريّة ولا كراء ولم يكن له إلّا ثوب واحد طاف بالبيت عريان ، فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة فطلبت ثوبا عاريّة أو كراء فلم تجده ، فقالوا لها إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدّقي بها ، فقالت وكيف أتصدّق وليس لي غيرها ، فطافت بالبيت عريانة [وأشرف عليها الناس] (١) فوضعت إحدى يديها على قبلها والاخرى على دبرها وقالت شعرا :

اليوم يبدو كلّه أو بعضه

فما بدا منه فلا احلّه

فلمّا فرغت من الطوّاف خطبها جماعة فقالت : إنّ لي زوجا ، وكانت سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله ولا يحارب إلّا من يحاربه وأراده ، وقد كان انزل عليه في ذلك (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقاتل أحدا قد تنحّى عنه واعتزله حتّى نزلت سورة براءة وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الذين قد [كان] عاهدهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكّة إلى مدّة منهم صفوان بن أميّة وسهيل بن عمرو ، فقال الله عزوجل : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) ثمّ يقتلون حيثما وجدوا بعد هذه الاشهر السياحة عشرين من ذي الحجّة الحرام ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشرة من شهر ربيع الآخر ، فلمّا نزلت الآيات من

__________________

(١) من المصدر.

٤٧

سورة براءة دفعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر فلمّا خرج أبو بكر نزل جبرائيل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمّد لا يؤدّي عنك إلّا رجل منك ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين عليه‌السلام في طلب أبي بكر فلحقه بالروحاء فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله أنزل الله فيّ شيئا؟

فقال : «لا إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي» (١).

الثاني : عليّ بن إبراهيم قال : حدّثني أبي عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني عن الله تعالى أن لا يطوف بالبيت عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام وقرأ عليهم (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فأجّل المشركين (٢) الّذين حجوا تلك السنّة أربعة اشهر حتّى يرجعوا إلى مأمنهم ثمّ يقتلون حيث وجدوا» (٣).

الثالث : العيّاش في تفسيره بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على الناس ، فنزل جبرائيل فقال : لا يبلغ عنك إلّا عليّ فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا وأمره أن يركب ناقته العضباء وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأها على الناس بمكّة ، فقال أبو بكر : أسخطة فقال : لا إنّه [انزل عليه] لا يبلغ إلّا رجل منك ، فلمّا قدم على مكّة وكان يوم النّحر بعد الظّهر وهو يوم الحجّ الاكبر قام ثمّ قال : إنّي رسول رسول الله إليكم فقرأها عليهم (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) : عشرين من ذي الحجّة ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشر من شهر ربيع الآخر ، قال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك إلّا من كان له عهد عند رسول الله فمدّته إلى هذه الأربعة الاشهر».

وفي خبر محمّد بن مسلم فقال : يا عليّ هل نزل فيّ شيء منذ فارقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا ولكن أبى الله أن يبلغ عن محمد إلّا رجل منه» فوافى الموسم فبلّغ عن الله وعن رسول الله بعرفة والمزدلفة ويوم النّحر عند الجمار وفي أيّام التشريق كلّها ينادي : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) ولا يطوف بالبيت عريان (٤).

الرابع : العياشي بإسناده عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «لا والله ما بعث رسول

__________________

(١) تفسير القمّي : ١ / ٢٨٢ مورد الآية.

(٢) في المصدر : فأحلّ للمشركين.

(٣) تفسير القمّي : ١ / ٢٨٢.

(٤) تفسير العياشي : ٢ / ٧٤ ح (٤) ٥.

٤٨

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ببراءة لو كان بعث بها معه لم يأخذها منه ولكنه استعمله على الموسم وبعث بها عليّا بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم ، فقال لعليّ حيث بعثه : إنّه لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو أنت» (١)

الخامس : العيّاشيّ بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «خطب عليّ عليه‌السلام بالنّاس واخترط سيفه وقال : لا يطوفن بالبيت عريان ولا يحجن بالبيت مشرك [ولا مشركة] ومن كانت له مدّة فهو إلى مدّته ومن لم يكن له مدّة فمدّته أربعة أشهر ، وكان خطب يوم النحر وكانت عشرين من ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشر من شهر ربيع الآخر» وقال : يوم النحر يوم الحجّ الأكبر.

وفي خبر أبي الصباح عنه فبلغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة وعند الجمار في أيام الموسم كلّها [ينادي] براءة من الله ورسوله ولا يطوفن عريان ولا يقربن المسجد الحرام بعد عامنا هذا مشرك (٢).

السادس : العيّاشي بإسناده عن الحسن (٣) عن عليّ عليه‌السلام أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث بعثه ببراءة قال : «يا نبي الله إنّي لست بلسن ولا بخطيب ، قال : لا بدّ أن أذهب بها أو تذهب أنت ، قال فإن كان لا بدّ فسأذهب أنا» قال : «فانطلق فإنّ الله يثبت لسانك ويهدي قلبك» ثمّ وضع يده على فمه ، وقال: «انطلق فاقرأها على الناس» وقال «الناس سيتقاضون إليك فإذا أتاك الخصمان فلا تقضي لواحد حتّى تسمع الآخر فإنه أجدر أن تعلم الحقّ» (٤).

السابع : العيّاشيّ بإسناده عن حكيم بن جبير عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام قال : «والله إنّ لعليّ أسماء في القرآن ما يعرفه الناس» قال : قلت : وأي شيء تقول جعلت فداك فقال لي : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) قال : «فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنين وكان هو والله المؤذن فاذّن بأذان الله ورسوله يوم الحجّ الأكبر من المواقف كلّها فكان ما نادى به : أن لا يطوف بعد هذا العام عريان ولا يقرب المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك» (٥).

الثامن : والعياشي بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «الأذان هو اسم في كتاب الله لا يعلم ذلك [أحد] غيري» (٦).

التاسع : العياشي بإسناده عن حكيم بن جبير عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام في قوله الله (وَأَذانٌ مِنَ

__________________

(١) تفسير العياشي : ٢ / ٧٤ ح ٦.

(٢) تفسير العياشي : ٢ / ٧٥ ح (٧) ٨.

(٣) في المصدر : عن حبيش.

(٤) تفسير العياشي : ٢ / ٧٦ ح ٩.

(٥) المصدر : ح ١٢.

(٦) المصدر : ح ١٣.

٤٩

اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) قال : «خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه» (١).

العاشر : عليّ بن إبراهيم قال : حدّثني أبي عن فضالة بن أيّوب عن أبان بن عثمان عن حكيم بن جبير عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام في قوله : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) قال : «الاذان أمير المؤمنينعليه‌السلام» قال : وفي حديث آخر قال أمير المؤمنين : «كنت أنا الأذان في الناس» (٢).

الحادي عشر : ابن بابويه عن أبيه قال : حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمّد بن الحسين ابن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن أبان بن عثمان عن أبي الجارود عن حكيم بن جبير عن عليّ بن الحسين عليه‌السلام : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) قال : «الأذان عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام» (٣).

الثاني عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال : حدّثنا أحمد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن عليّ بن اسباط عن سيف بن مغيرة عن الحرث بن المغيرة النّظري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عزوجل (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) فقال : «اسم نحله الله عليّا عليه‌السلام من السماء لأنّه هو الذي أدّى عن رسوله الله صلى‌الله‌عليه‌وآله براءة وقد كان بعث بها مع أبي بكر أولا فنزل جبرائيل عليه‌السلام فقال : يا محمّد إن الله يقول أن لا يبلغ عنك إلّا أنت أو رجل منك فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك عليّا لحق أبا بكر وأخذ الصحيفة من يده ومضى بها إلى مكه فسمّاه الله أذانا من الله ، انّه اسم نحله الله من السماء لعليعليه‌السلام»(٤).

الثالث عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله القاسم بن محمّد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري قال : حدّثنا الفضيل بن عياض عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن الحجّ الاكبر فقال : «أعندك فيه شيء» فقلت : نعم كان ابن عبّاس يقول : الحجّ الأكبر يوم عرفة ، يعني أنّه من أدرك عرفة إلى طلوع الشمس من يوم النّحر فقد أدرك الحجّ ومن فاته ذلك فاته الحج ، فجعل ليلة عرفة لما قبلها ولما بعدها ، والدليل على ذلك أنّه من أدرك ليلة النحر إلى طلوع الفجر فقد أدرك الحج واجزأ واجرى عنه من عرفه فقال أبو عبد الله عليه‌السلام قال : أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الحجّ الأكبر يوم النحر واحتج بقول الله عزوجل (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) فهي عشرون من ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشر من شهر ربيع الآخر ، ولو كان الحجّ الأكبر يوم عرفة لكان السيح أربعة اشهر ويوما واحتجّ بقوله عزوجل : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى

__________________

(١) المصدر : ح ١٥.

(٢) تفسير العياشي : ٢ / ٧٦ ح ١٤ ، وتأويل الآيات : ١ / ١٩٧.

(٣) معاني الأخبار : ٢٩٨ ح ١٢.

(٤) معاني الأخبار : ٢٩٨ ح ٢ معنى الأذان من الله.

٥٠

النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) وكنت أنا الأذان في الناس» قلت فما معنى هذه اللّفظة : الحجّ الأكبر ، فقال : «إنّما سمّي الاكبر لأنها كانت سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون ولم يحجّ المشركون بعد تلك السنّة» (١).

الرابع عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطّالقاني رحمه‌الله قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال : حدّثني المغيرة بن محمّد قال : حدّثنا رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام قال : «خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه بالكوفة منصرفه من النهروان وبلغه أنّ معاوية يسبّه ويعيبه ويقتل أصحابه فقام خطيبا فحمد الله واثنى عليه وصلّى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر الخطبة وذكر بعض اسمائه في القرآن إلى أن قال فيها : «وأنا المؤذّن في الدنيا والآخرة قال الله عزوجل (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) أنا ذلك المؤذّن وقال (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) فأنا ذلك الأذان» (٢).

الخامس عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصّفّار عن عليّ بن محمّد القاساني عن القاسم بن محمّد الأصبهاني عن سليمان بن داود المنقري عن حفص ابن غياث قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) فقال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام كنت أنا الاذان في الناس» قلت : فما معنى هذه اللفظة : الحجّ الاكبر قال : «إنّما سمّي الاكبر لأنها كانت سنة حجّ فيها المسلمون والمشركون ولم يحجّ المشركون بعد تلك السّنة» (٣).

السادس عشر : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال : حدّثنا أبو سعيد النسوي قال : حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن هارون قال : حدّثنا [أحمد بن أبي] الفضيل البلخي قال : حدّثنا خال يحيى بن سعيد البلحي عن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه (٤) عن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام قال : «بينما أنا أمشي مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كثّ اللّحية بعيد ما بين المنكبين فسلم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ورحّب به ثمّ التفت إليّ فقال : السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته ، أليس كذلك هو يا رسول الله ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بلى ، ثمّ مضى ، فقلت يا رسول الله ما هذا الّذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له ، قال : أنت

__________________

(١) معاني الأخبار : ٢٩٦.

(٢) معاني الأخبار : ٥٩ ح ٩ باب معنى أسماء محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ..

(٣) علل الشرائع : ٢ / ٤٤٢ باب ١٨٩ ح ١.

(٤) في المصدر : ذكر الأئمة جميعا.

٥١

كذلك والحمد لله أن الله تعالى قال في كتابه : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) والخليفة المجعول فيها آدم عليه‌السلام وقال عزوجل : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) وهو الثاني ، وقال عزوجل حكاية عن موسى حين قال لهارون : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) فهو هارون إذا استخلفه موسى عليه‌السلام على قومه وهو الثالث وقال الله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) فكنت أنت المبلغ عن الله تعالى وعن رسوله وأنت وصيّي ووزيري وقاضي ديني والمؤدّي عنّي فأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي فأنت رابع الخلفاء كما سلّم عليك الشيخ أو لا تدري من هو؟ قلت : لا ، قال ذاك أخوك الخضر عليه‌السلام فأعلم (١)».

__________________

(١) عيون أخبار الرضا : ١ / ١٣ ح ٢٣ باب ٣٠.

٥٢

الباب التاسع

في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله «لاعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله»

من طريق العامّة وفيه خمسة وثلاثون حديثا.

الأوّل : من مسند أحمد بن حنبل قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حدّثنا أبي قال : حدّثنا وكيع عن سفيان عن إسرائيل بن أبي إسحاق عن عمر بن حبشي قال : خطب بنا الحسن بن عليّ بعد قتل عليّ عليه‌السلام فقال : «لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتّى يفتح له وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم من عطائه كان يريدها لخادم له» (١).

الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا وكيع عن أبي ليلى عن المنهال ابن عمرو عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كان أبي يسمر مع عليّ عليه‌السلام وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشّتاء وثياب الشتاء في الصّيف فقيل لو سألته عن هذا فسألته عن هذا فقال : «صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث إليّ وأنا أرمد يوم خيبر ، فقلت : يا رسول الله إنّي أرمد فتفل في عيني وقال : اللهمّ اذهب عنه الحرّ والقر والبر فما وجدت حرّا ولا بردا» قال : وقال : «لأبعثن رجلا يحبّه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ليس بفرار» قال : فتشرف لها الناس فبعث عليّا عليه‌السلام (٢).

الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا محمّد بن عبد الله بن الزبير قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الراية فهزها وقال : من يأخذها بحقّها؟ فقال فلان : أنا ، قال امض (٣) ، ثمّ جاء رجل آخر فقال : امض ، ثم قال : والّذي كرم وجه محمّد لاعطيها رجلا لا يفر ، هاك يا عليّ ، فانطلق حتّى فتح الله خيبر [وفدك] وجاء بعجوتها وقديدها (٤).

الرابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا عبد الرّزاق قال : أخبرنا معمر عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : «لأدفعنّ الراية إلى رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله» فدعا عليّا وإنّه لأرمد ما يبصر موضع قدميه فتفل في عينه ثمّ دفعها

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ١٩٩.

(٢) مسند أحمد : ١ / ١٣٣.

(٣) في المصدر : امط.

(٤) مسند أحمد : ٣ / ١٦ وما بين المعقودين منه.

٥٣

إليه ففتح الله عليه (١).

الخامس : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا زيد بن حبّاب قال : حدّثنا الحسين بن واقد قال : حدّثني عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر فأنصرف ولم يفتح ثمّ أخذه من الغد عمر فخرج ورجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي دافع الراية غدا إلى رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله لا يرجع حتّى يفتح له» وبتنا طيبة أنفسنا أنّ الفتح غدا ثمّ قام قائما ودعا باللوّى وفتح له ، قال بريدة : وأنا فيمن تطاول لها(٢).

السادس : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا عفّان قال : حدّثنا وهيب قال : حدّثنا سهل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر : «لأدفعنّ الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ويفتح الله عليه» قال عمر : فما أحببت الامارة قبل يومئذ فتطاولت لها واستشرفت رجاء يدفعها إليّ ، فلمّا كان الغد دعا عليّا فدفعها إليه فقال : «قاتل ولا تلتفت حتّى يفتح عليك» فسار قريبا ثمّ نادى : «يا رسول الله صلّى الله عليك على ما اقاتل» قال : «حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقهما وحسابهم على الله»(٣).

السابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا روح ومحمّد بن جعفر قالا : حدّثنا عوف قال : حدّثني أبي عن ميمون بن عبد الله قال : حدّثنا روح الكردي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة الاسلمي أن نبي الله لمّا نزل بحضرة خيبر قال : «لأعطيّن الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فلمّا كان الغد دعا عليّا وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه اللواء ونهض معه الناس فلقوا أهل خيبر فإذا مرحب بين أيديهم يرتجز ويقول :

قد علمت خيبر إنّي مرحب

عند الطعان بطل مجرّب

إذا الحروب أقبلت تلهب

اطعن أحيانا وحينا أضرب

فاختلف هو وعليّ ضربتين فضربه على رأسه حتّى عضّ السّيف بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته ، قال : فما تكامل الناس حتّى فتح لأولهم ، قال ابن جعفر : [فما تتأم] آخر الناس مع عليّ [حتى] ففتح له ولهم (٤).

__________________

(١) مسند أحمد : ٥ / ٣٥٤.

(٢) تاريخ دمشق : ٤٢ / ٩١ ط. دار الفكر ، ومسند أحمد : ٥ / ٥٥٦ ح ١٦٥٣٨.

(٣) مسند أحمد : ٢ / ٣٨٤ ط. الميمنية.

(٤) فضائل الصحابة : ٢ / ٦٠٤.

٥٤

الثامن : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد قال : حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال : أخبرني سهل بن سعد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : «لأعطيّن الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فبات الناس يذكرون ليلتهم أيّهم يعطاها فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّهم يرجوا أن يعطاها فقال : «أين عليّ بن أبي طالب» فقالوا هو يا رسول الله يشتكي عينه قال : «فارسلوا إليه» فأتى به فبصق في عينيه ودعى له فبرأ كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال عليّ : «يا رسول الله اقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا» فقال : «انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النّعم» (١).

التاسع : ومن الجزء الرابع من صحيح البخاري في رابع كراسته بالإسناد المقدّم قال : حدّثنا محمّد قال : حدّثنا قتيبة قال : حدّثنا حاتم بن إسماعيل قال : حدّثنا يزيد بن أبي عبيدة عن سلمة بن الأكوع قال : كان عليّ عليه‌السلام فخلف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر وكان به رمد فقال : أنا أتخلّف عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج عليّ فلحق بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا كان مساء اللّيلة التي فتحها في صباحها قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لأعطينّ الراية أو ليأخذن الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله» أو قال : «يحبّ الله ورسوله يفتح الله عليه» فإذا نحن بعليّ بن أبي طالب وما نرجوه فقال : هذا عليّ بن أبي طالب فأعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ففتح الله عليه (٢).

العاشر : ومن الجزء الرابع أيضا في ثلثه الأخير في باب مناقب عليّ بن أبي طالب بالإسناد المقدّم قال : وقال عمر : توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو عنه راض فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : «أنت منّي وأنا منك» وبالإسناد المقدّم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد قال : حدّثنا عبد العزيز عن أبي حازم عن سهل ابن سعد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لأعطينّ الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه» قال : فبات الناس يداولون ليلتهم أيّهم يعطاها فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّهم يرجوا أن يعطاها ، فقال : «أين عليّ بن أبي طالب» فقالوا : يشتكي عينيه يا رسول الله قال : «فارسلوا إليه» فأتى به فلمّا جاء بصق في عينيه فدعا له فبرأ كان لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال عليّ : «يا رسول الله اقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا» فقال : «انفذ على رسلك حتّى ينزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم

__________________

(١) فضائل الصحابة : ١٥ ط. الاولى ، ومسند أبي يعلى : ١٣ / ٥٢٣ ح ٧٥٢٧ ط. دار المأمون.

(٢) صحيح البخاري : ٤ / ١٢ ط. تركيا ١٤٠١ ه

٥٥

بما يجب عليهم من حقّ الله فيه فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك ممّا أن يكون لك حمر النعم».

وبالإسناد المتقدّم ، حدّثنا قتيبة قال : حدّثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال : كان عليّ عليه‌السلام قد تخلّف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج عليّ عليه‌السلام فلحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لأعطينّ الراية ـ أو ليأخذنّ الراية ـ غدا رجلا يحبّه الله ورسوله ـ أو قال يحبّ الله ورسوله ـ يفتح الله عليه» فإذا نحن بعليّ وما نرجوه ، فقال : هذا عليّ فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ففتح الله عليه (١).

الحادي عشر : من الجزء الخامس من صحيح البخاري أيضا في رابع كراس من أوّله عبد الله بن مسلمة قال : حدّثنا حاتم عن زيد بن أبي عبيد عن مسلمة قال : كان عليّ بن أبي طالب تخلّف عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر وكان أرمد فقال اتخلّف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فلحق به فلمّا بتنا الليلة التي فتحت قال : «لاعطينّ الراية غدا ، أو ليأخذنّ الراية رجل يحبّه الله ورسوله يفتح الله عليه» ونحن [ما] نرجوه ، فقيل هذا عليّ فأعطاه ففتح الله عليه (٢).

الثاني عشر : ومن صحيح البخاري قال : حدّثنا قتيبة قال : حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال : أخبرني سهل بن سعد أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : «لاعطينّ هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» قال : فبات الناس يدركون ليلتهم أيّهم يعطاها فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّهم يرجوا أن يعطاها فقال : «أين عليّ بن أبي طالب» فقالوا هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : «فأرسلوا إليه» فأتى به فبصق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّى لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال : عليّ : «يا رسول الله اقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا» فقال : «انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام فأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم»(٣).

الثالث عشر : من صحيح مسلم من الجزء الرابع في نصف الكرّاس من أوّله منه بإسناده عن عمر ابن الخطاب بعد قتل عامر قال : أرسلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ عليه‌السلام وهو أرمد وقال : «لاعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» قال : فأتيت عليّا فجئت به أقوده وهو أرمد حتّى

__________________

(١) صحيح البخاري : ٤ / ٢٠٧.

(٢) صحيح البخاري : ٥ / ٧٦.

(٣) صحيح البخاري : ٤ / ١٢ ط. استانبول ١٤٠١ ه

٥٦

أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فبصق في عينيه فبرأ وأعطاه الراية وخرج مرحب فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شك السّلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهّب :

فقال عليّ عليه‌السلام :

أنا الّذي سمّتني أمّي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

اوفيهم بالصّاع كيل السندرة

قال : فضرب رأس مرحب فقتله ثمّ كان الفتح على يديه (١).

الرابع عشر : من صحيح مسلم في آخر كرّاس من الجزء الرابع منه قال : حدّثنا قتيبة بن سعد ، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن القارئ عن أبيه عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : «لاعطينّ الراية رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه» قال عمر بن الخطاب : ما أحببت الامارة إلّا يومئذ ، قال : فتشرّفت لها رجاء أن ادّعي لها قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّ بن أبي طالب فأعطاه ايّاها وقال: «امش ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك» قال : فسار على شيئا ثمّ وقف ولا يلتفت فصرخ يا رسول الله: «على ما ذا اقاتل الناس» قال : «قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله وإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّا بحقهما وحسابهم على الله» (٢).

الخامس عشر : من صحيح مسلم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل ، حيلولة حدّثنا قتيبة واللّفظ هذا قال : وحدّثنا يعقوب يعني بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال : أخبرني سهل بن سعد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال يوم خيبر : «لاعطينّ هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» قال فبات الناس يدركون بينهم أيّهم يعطاها قال : فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله كلّهم يرجوا أن يعطاها فقال : «أين عليّ بن أبي طالب» فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينه قال : «فارسلوا إليه» فأتى به فبصق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عينيه ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال عليّ : «يا رسول الله اقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا» قال : «انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فو الله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم»(٣).

__________________

(١) صحيح مسلم : ٥ / ١٩٥.

(٢) صحيح مسلم : ٧ / ١٢١.

(٣) المصدر السابق.

٥٧

السادس عشر : ومن صحيح مسلم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا حاتم يعني ابن إسماعيل عن بريد بن أبي عبد الله عن سلمة بن الأكوع قال : كان عليّ قد تخلّف عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر وكان أرمدا فقال : أنا اتخلّف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. فخرج عليّ فلحق بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا كان مساء اللّيلة التي فتحها الله في صباحها فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لاعطينّ الراية ـ أو ليأخذنّ الراية ـ غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ـ أو قال : يحبّه الله ورسوله ـ يفتح الله عليه» فجىء بعليّ وما نرجوه ، فقال : هذا عليّ فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الراية ففتح الله عليه (١).

السابع عشر : من تفسير الثعلبي في تفسير قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) وذلك في فتح خيبر قال : بالإسناد [المتقدّم :] حاصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أهل خيبر حتّى أصابه مخمصة شديدة وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى اللواء عمر بن الخطاب ونهض من نهض معه من الناس يلقوا أهل خيبرة فانكشف عمر وأصحابه ورجعوا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يجبّنه أصحابه ويجبّنهم وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخذته الشقيقة (٢) ولم يخرج إلى الناس فأخذ أبو بكر راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثمّ نهض يقاتل ثمّ رجع فأخذها عمر فقاتل ثمّ رجع فأخبر بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «أما والله لاعطينّ الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله يأخذها عنوة» وليس ثمّ عليّ ، فلمّا كان الغد تطاول لها أبو بكر وعمر ورجال من قريش كلّ واحد منهما يروم أن يكون صاحب ذلك فأرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ابن الأكوع إلى عليّ عليه‌السلام فدعاه فجاءه على بعير له حتّى أناخ قريبا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو أرمد قد عصّب عينيه بشقة برد قطري (٣) قال سلمة : فجئت به أقوده إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «ما لك» قال : «رمدت» فقال : «ادن منّي» فدنا منه فتفل في عينيه فما شكا وجعهما بعد حتّى مضى لسبيله ثمّ أعطاه الراية فنهض بالرّاية وعليه حلة ارجوان حمراء قد أخرج كمّيها فأتى مدينة خيبر فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مصفر وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يزدجر ويقول :

قد علمت خيبر إنّي مرحب

شاك السلاح بطل مجرّب

إذا الحروب أقبلت تلهب

كان حماي كالحما لا يقرب

فبرز إليه عليّ صلوات الله عليه فقال :

أنا الّذي سمّتني أمّي حيدرة

كليث غابات شديدة قسورة

__________________

(١) صحيح مسلم : ٧ / ١٢٢ ط. دار الفكر بيروت.

(٢) الشقيقة : صداع في الرأس.

(٣) البرود القطرية : حمر لها أعلام فيها بعض الخشونة (اللسان).

٥٨

أكتالكم بالسيف كيل السندرة (١)

فاختلفا ضربتين فبدره عليّ بضربة فقد الحجر والمغفر وفلق رأسه حتّى أخذ السّيف في الاضراس وأخذ المدينة وكان الفتح على يديه (٢).

الثامن عشر : من مناقب الفقيه ابن المغازلي قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العلوي العطّار الفقيه الشافعي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة يرفعه إلى إياس بن سلمة عن أبيه قال : خرجنا إلى خيبر وكان عامر يرتجز وذكر حديث عامر وقال بعد قتل عامر ، ثمّ أرسلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ بن أبي طالب فأتيته وهو أرمد العين فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لاعطينّ الراية اليوم رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فجئت به أقوده وهو أرمد العين حتّى أتيت به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فبصق في عينيه فبرأ ثمّ أعطاه الراية وخرج مرحب فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السّلاح بطل مجرّب

إذا الحروب اقبلت تلهب

فقال عليّ عليه‌السلام :

أنا الّذي سمّتني أمّي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

اوفيكم بالصّاع كيل السّندرة (٣)

التاسع عشر : ابن المغازلي الشافعي في مناقبه قال : أخبرنا القاضي أبو الخطاب عبد الرحمن بن عبد الله الأسلمي الإسكافي الشافعي قال : قدم علينا أواسطا يرفعه إلى أبي موسى قال : سمعت عليّاعليه‌السلام يقول : «ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني يوم خيبر وأعطاني الراية» (٤).

العشرون : ابن المغازلي في مناقبه قال : أخبرنا أبو طالب محمّد بن عثمان يرفعه إلى عمران بن الحصين قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عمر إلى أهل خيبر فرجع فقال : «لاعطين الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ليس بفرار ولا يرجع حتّى يفتح الله عليه» قال : فدعا عليّا فأعطاه الراية فسار بها ففتح الله عليه (٥).

__________________

(١) هي مكيال واسع.

(٢) العمدة : ١٥١ ح ٢٣٠ عن الثعلبي ومناقب ابن المغازلي : ١٧٦ ح ٢١٣ بتفاوت.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ١٧٧ ح ٢١٣.

(٤) مناقب ابن المغازلي : ح ٢١٤ ، وأخرجه الطيالسي في مسنده : ٢٦.

(٥) مناقب ابن المغازلي : ح ٢١٥ ، وأخرجه النسائي في الخصائص : ٧.

٥٩

الحادي والعشرون : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا القاضي أبو الخطّاب عبد الرحمن بن عبد الله يرفعه إلى عمران بن الحصين قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لاعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فأعطاها عليّا ففتح الله عزوجل خيبر (١).

الثاني والعشرون : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو الحسين محمّد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ يرفعه إلى قتادة عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة قال : بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر إلى خيبر فلم يفتح عليه ثمّ بعث عمر فلم يفتح عليه فقال : «لاعطينّ الراية رجلا كرارا غير فرار يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فدعا عليّ بن أبي طالب وهو أرمد العين فتفل في عينيه ففتح عينه كأنّه لم يرمد قط ، ثمّ قال : «خذ هذه الراية فأمض بها حتّى يفتح الله عليك» فخرج يهرول وأنا خلف أثره حتّى ركز رايته في أصلهم (٢) تحت الحصن فأطّلع رجل يهودي من رأس الحصن قال : من أنت؟

قال : عليّ بن أبي طالب فالتفت إلى أصحابه وقال : غلبتم والّذي أنزل التوراة على موسى.

قال : فو الله ما رجع حتّى فتح الله عليه (٣).

الثالث والعشرون : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو غالب محمّد بن أحمد بن سهل النحوي رفعه إلى إياس ابن سلمة قال : أخبرني أبي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أرسلني إلى عليّ وقال : «لاعطينّ الراية اليوم رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» فأتيت بعليّ أقوده أرمد فبصق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في عينيه ثمّ اعطاه الراية فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السّلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال عليّ عليه‌السلام :

أنا الّذي سمّتني أمّي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

اكيلكم بالسّيف كيل السّندرة

ففلق رأس مرحب بالسيف (٤)

الرابع والعشرون : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب بن طاوان السمسار يرفعه إلى مصعب بن سعد عن أبيه قال : سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ح ٢١٦ ، وأخرجه السهيلي في الروض الأنف : ٢ / ٢٢٩.

(٢) في المصدر : في رضم ، وهي صخور عظام.

(٣) مناقب ابن المغازلي : ح ٢١٧.

(٤) مناقب ابن المغازلي : ح ٢١٨ ، وحلية الأولياء : ١ / ٦٢.

٦٠