غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٥

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٥

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٠

العاشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان هذا ، أخبرنا أبو القاسم أحمد بن محمّد بن عثمان العثماني بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بقراءتي عليه ، حدّثنا علي بن محمّد بن الزبير الكوفي ، حدّثنا الحسن بن محمّد ، أنبأنا علي بن عثمان قالا : حدّثنا الحسن بن عطية القرشي عن الحسن بن صالح بن حي ، حدّثنا أبو المغيرة الثقفي عن رجل عن ابن سيرين أن عمر سأل الناس : كم يتزوج المملوك؟ وقال لعليّ : إياك أعني يا صاحب المعافري ، وهو رداء كان عليه (١).

الحادي عشر : موفق بن أحمد بسناده عن أبي سعد السمان هذا ، قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن علي الآبادي ببغداد ، حدّثنا أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز ، حدّثنا عمر بن حفص السدوسي ، وحدّثنا أبو بلال الأشعري ، حدّثنا عيسى بن مسلم القرشي عن عبد الله بن عمر بن نهيك عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : كنّا في جنازة ، قال علي بن أبي طالب لزوج أمّ الغلام «امسك عن امرأتك» فقال له عمر : ولم يمسك عن امرأته؟ اخرج عمّا جئت به قال : نعم يا أمير المؤمنين يريد أن يستبرئ رحمها ، لا يبقى فيه شيء فيستوجب الميراث من أخيه ولا ميراث له فقال عمر : أعوذ بالله من معضلة لا علي لها (٢).

الثاني عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن يحيى بن الحسين النامي القاضي في جامع قزوين بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن عمر بن سالم الجعاني ، حدّثني أبو يزيد خالد بن النصر القرشي بالبصرة ، حدّثنا محمّد بن أبي صفوان الثقفي ، حدّثنا مؤمّل بن إسماعيل عن أبي عيينة عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال : سمعت عمر يقول : اللهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيّا (٣).

الثالث عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمّد محمّد بن عبد الله ابن سليمان التنوخي بمعرّة النعمان بقراءتي عليه وأبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب بحلب بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم ، حدّثنا أحمد بن الحلبي وقال المؤيد المعروف بالمصري بحلب، حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن المعروف بابن أبي فضلة ، حدّثنا الشيخ الصالح قال : حدّثني أبي ، حدّثنا يعلي بن عبيد عن الاعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه قال : استعدى رجل على عليّ بن أبي طالب إلى عمر بن الخطاب وكان علي جالسا في مجلس عمر بن الخطاب، فالتفت عمر إلى علي عليه‌السلام فقال له يا أبا الحسن وقال

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ٩٦ / ٩٦.

(٢) مناقب الخوارزمي ٩٦ / ٩٧.

(٣) مناقب الخوارزمي ٩٧ / ٩٨.

٢٦١

المؤيد : قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك ، فقام علي فجلس مع خصمه ، فتناظروا وانصرف الرجل ورجع عليّ إلى مجلسه ، فجلس فيه فتبيّن عمر التغيّر في وجهه فقال له : يا أبا الحسن ما لي أراك متغيرا؟ أكرهت ما كان؟ قال : «نعم يا أمير المؤمنين» قال ولم ذاك؟ قال : «لأنّك كنّيتني بحضرة خصمي ، أفلا قلت : قم يا عليّ فاجلس مع خصمك» فأخذ عمر برأس علي وقبّل ما بين عينيه وقال : بأبي أنتم، بكم هدانا الله وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور (١).

الرابع عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا أخبرنا أبو الطيب محمّد بن زيد النهشلي العطار بالكوفة بقراءتي عليه ، حدّثنا علي بن محمّد بن محمّد بن عقبة الشيباني ، حدّثني أبو العباس الفضل بن يوسف الجعفي القصباني ، حدّثنا محمّد بن عقبة ، حدّثنا سعيد بن خيثم الهلالي عن محمّد بن خالد الضبي قال : خطبهم عمر بن الخطاب فقال : لو صرفناكم عمّا تعرفون إلى ما تنكرون ما كنتم صانعين؟ قال : فارموا ، قال محمّد : فسكتوا فقال ذلك ثلاثا ، فقام عليّ رضي الله عنه فقال : «يا أمير المؤمنين إذا نستتيبك فإن تبت قبلناك» قال : فإن لم أتب قال : «إذا نضرب الذي فيه عيناك» فقال : الحمد لله الذي جعل في هذه الأمّة من إذا زاغوا حجّتنا أقام أودنا (٢).

الخامس عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد هذا قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن محمّد بن عيسى البزاز بن الحصري بقراءتي عليه ، حدّثنا عبد الباقي بن نافع بن مرزوق القاضي ، حدّثنا ابن أبي شبية ، حدّثنا جندل بن والق ، حدّثنا محمّد بن عمر المازني عن عباد الكلبي عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر قال : قال عمر : كانت لأصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ثماني عشرة سابقة ، فخصّ منها عليّا بثلاث عشرة وشركنا في الخمس (٣).

السادس عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد هذا ، أخبرنا أبو علي أحمد بن الحسن بن أحمد بن البوسنجي الفلجردي قدم حاجا سنة تسعين ، حدّثنا أبو علي حامد بن محمّد بن عبد الله الرقاع ، حدّثنا عبد العزيز ، حدّثنا أبو نعيم ، حدّثنا عبد السلام عن عطا عن أبي عبد الله الرحمن قال : شرب القوم الخمر بالشام وعليهم يزيد بن أبي سفيان في زمن عمر : فأرسل إليهم يزيد لشربهم الخمر قالوا : نعم شربناها وهي لنا حلال قال : أوليس قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) (٤) إلى قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (٥) حتّى فرغ من الآية فقالوا : اقرأ الذي بعدها فقرأ : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) إلى قوله

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ٩٨ / ٩٩.

(٢) مناقب الخوارزمي ٩٨ / ١٠٠.

(٣) مناقب الخوارزمي ٩٩ / ١٠١ و ٣٣١ / ٣٥٢.

(٤) المائدة : ٩٠.

(٥) المائدة : ٩٢.

٢٦٢

تعالى : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) فنحن الذين آمنوا وأحسنوا فكتب بأمرهم إلى عمر ، فكتب إليه عمر إن أتاك كتابي ليلا لا تصبح حتّى تبعث إليّ بهم ، وإن أتاك كتابي نهارا فلا تمس حتّى تبعث إليّ بهم قال : فبعث بهم إليه ، فلمّا قدموا على عمر سألهم عمّا قال يزيد فقالوا له كما قالوا ليزيد ، فاستشار فيهم أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فردوا المشورة إليه قال : وكان عليّ رضي الله عنه في القوم ساكتا فقال : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال : «يا أمير المؤمنين أرى أنهم افتروا على الله وأحلّوا ما حرّم الله فأرى أن تستتيبهم ، فإن هم ثبتوا وزعموا أن الخمر حلال ، ضربت أعناقهم ، وإن هم رجعوا ضربتهم ثمانين جلدة بفريتهم على الله عزوجل» فدعاهم واسمعهم مقالة عليّ ثم قال : ما تقولون؟ قالوا : نستغفر الله ونتوب إليه ونشهد أن الخمر حرام ، وإنّما شربناها ونحن نرى أنّها حلال فضربهم ثمانين (٢).

السابع عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن محمّد المروزي بقراءتي عليه ، أخبرنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن أبي حاتم ، حدّثنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيد القطان ، حدّثنا عمر بن حماد بن طلحة ، حدّثنا اسباط عن سماك عن حبش أن رجلين استودعا امرأة من قريش مائة دينار وأمراها أن لا تدفع إلى أحدهما منهما دون الآخر ، فأتاها أحدهما فقال : إن صاحبي قد هلك فادفعي إليّ المال فأبت فاستشفع عليها ومكث يختلف إليها ثلاث سنين ، فدفعت إليه المال ، ثم جاء بعد ذلك الآخر فقال : اعطيني مالي فقالت له : قد أخذه صاحبك، فارتفعوا إلى عمر فقال عمر : ألك بينة؟ فقال : هي بيّنتي ، قال : ما أدراك إلّا ضامنة؟ قالت : أنشدتك لمّا رفعتنا إلى علي ، قال فرفعهما إليه قال فأتوه وهو في حائط له وهو يسيل الماء وهو متوزر بكساء ، فقصوا عليه القصة فقال للرجل : «ايتني بصاحبك وإلى متاعك» (٣).

الثامن عشر : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن ابن محمّد البغدادي الشراتي ، حدّثنا أبو عمر ومحمّد بن عبد الواحد الزاهد ، حدّثنا محمّد بن عثمان العيسى ، حدّثنا عقبة بن مكرم ، حدّثنا يونس بن بكير عن عنبسة بن الازهر عن يحيى بن عقيل قال : كان عمر بن الخطاب يقول لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما كان يسأله عنه فيفرج عنه فيقول : لا أبقاني الله بعدك يا علي (٤).

__________________

(١) المائدة : ٩٣.

(٢) مناقب الخوارزمي ١٠٠ / ١٠٢.

(٣) مناقب الخوارزمي ١٠١ / ١٠٣.

(٤) مناقب الخوارزمي ١٠١ / ١٠٤.

٢٦٣

التاسع عشر : موفق بن أحمد قال : أخبرني الشيخ الإمام الزاهد أبو طاهر محمّد بن السيحي الخطيب بمرو إجازة والاديب أبو بكر محمّد بن الحسن بن أبي جعفر بن أبي سهل الزورقي فيما كتب إليّ من مرو قالا : أخبرنا القاضي الإمام أبو نصر محمّد بن محمّد الماهاني ، أخبرنا أبو نصر أحمد ابن علي بن منصور السنّي البخاري ، أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن أبي حفص ، حدّثنا أبو حامد أحمد ابن هارون الهروي ، حدّثنا أبو القاسم علي بن إسماعيل الصفار ببغداد ، حدّثنا أبو علي بن عبد الله ابن معاوية أخبرني أبي عبد الله عن أبيه معاوية عن جدهم يسرة عن شريح أنه قال : تقدمت إليه امرأة فقالت : أيّها القاضي ، إنّي جئتك مخاصما قال : فأين خصمك؟ قالت : أنت فأخلى لها المجلس وقال : تكلّمي فقال: إنّه امرأة لها احليل ولها فرج فقال : قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضيته ورّث من حيث جاء البول، وكان شريح قاضي عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت : إنّه يجيء منهما جميعا فقال : من أين سبق البول فقال : ليس يسبق منهما شيء ، يخرجان في وقت وينقطعان في وقت واحد فقال : إنّك لتخبرين بعجب فقالت : أقول أعجب من ذلك : تزوّجني ابن عمّ لي وأخذ منّي خادما فوطئتها فأولدتها ، وإنّي لمّا أولدتها جئتك فقام شريح من مجلس القضاء فدخل على عليّ بن أبي طالب فأخبره بما قالت المرأة، فأمر بها عليّ فأدخلت فسألها عمّا قال القاضي فقالت : يا أمير المؤمنين هو الذي قال : فأحضر زوجها فقال: «هذه زوجتك وابنة عمّك»؟

فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال : «أفعلمت ما كان»؟ قال : نعم أخدمتها خادما فوطأتها فأولدتها ووطيتها بعد ذلك ، فقال له عليّ : «لأنت أجسر من الأسد ائتوني بدينار الخادم» وكان معدلا وامرأتين ، فقال عليّ : «خذوا هذه المرأة فأدخلوها إلى بيت والبسوها ثيابا ، وجرّدوها من ثيابها وعدّوا أضلاع جنبيها» ففعلوا ذلك ثم خرجوا فقالوا : يا أمير المؤمنين عدد أضلاع الجانب الأيمن ثمانية عشر ضلعا ، وعدد الجانب الأيسر سبعة عشر ضلعا ، فدعا الحجّام وأخذ شعرها وأعطاها حذاء ورداء وألحقها بالرجال ، فقال الزوج : يا أمير المؤمنين امرأتي وأبنة عمّي ألحقتها بالرجال ، ممّن أخذت هذه القضيّة؟

فقال له علي : «إنّي ورّثتها عن أبي آدم ، أن أمّنا حواء خلقت من آدم وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء وعدد أضلاعها أضلاع رجل» فخرجوا (١).

العشرون : موفق بن أحمد بإسناده عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : العلماء ثلاثة رجل بالشام يعني نفسه ، ورجل بالكوفة يعني عبد الله بن مسعود ، ورجل بالمدينة يعني عليّا ، فالذي بالشام يسأل

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ١٠٢ / ١٠٥.

٢٦٤

الذي بالكوفة ، والذي بالكوفة يسأل الذي بالمدينة ، والذي بالمدينة لا يسأل أحدا (١). وكثير من هذه الأحاديث ذكرها من العامة إبراهيم بن محمّد الحمويني في كتاب فرائد السمطين.

الحادي والعشرون : إبراهيم بن محمّد الحمويني قال : أخبرني العدل ظهير الدين علي بن محمود الكازروني ثم البغدادي والعدل شمس الدين علي بن عثمان بن محمود ، أنبأنا الشيخ أبو سعد ثابت بن مشرف بن أسعد بن إبراهيم الخباز قال : أنبأنا أبو القاسم مقبل بن أحمد بن تركة بن الصدر سماعا عليه في يوم الثالث السادس عشر في ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة قال : أنبأنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي سماعا عليه بقراءة عبد الوهاب الانماطي في ربيع الأول سنة خمسمائة قال : أنبأنا أبو الحسن محمّد بن محمّد بن إبراهيم بن مخلد البراز قيل له : حدثكم أبو جعفر محمّد بن عمرو بن البختري الرزاز إملاء وأنت تسمع من لفظه قال : أنبأنا علي بن إبراهيم الواسطي قال : أنبأنا يزيد بن هارون قال : أنبأنا عبد الملك قال : أنبأنا محمّد بن الزبير قال دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التقت ترقوتاه من الكبر فقلت له : يا شيخ من أدركت؟

قال : النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قلت : فما غزوت؟ قال : اليرموك ، قلت : حدّثني بشيء سمعته قال : خرجت مع فئة من عك والأشعريين حجاجا فأصبنا ببيض نعام وقد أحرمنا فلمّا قضينا نسكنا وقع في أنفسنا منه شيء ، فذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب فأدبر قال : اتبعوني حتّى انتهى إلى حجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فضرب في حجرة منها فأجابته امرأة فقال : أثمّ أبو الحسن قالت : لا فمرّ في المقناة فأدبر وقال : اتبعوني حتّى انتهي إليه فإذا معه غلامان اسودان وهو يسوّي التراب بيده فقال : مرحبا بأمير المؤمنين فقال : إن هؤلاء فتية من عك والاشعريين أصابوا بيض نعام وهم محرمون قال : ألا أرسلت إليّ قال : أنا أحق بإتيانك قال : يضربون الفحل قلائص أبكارا بعدد البيض فما انتج منها أهدوه قال عمر : فإن الإبل تخدج فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم‌السلام «والبيض يمرق» فلمّا أدبر قال عمر : اللهم لا تنزلني شديدة إلّا وأبو الحسن إلى جنبي (٢).

الثاني والعشرون : ابن أبي الحديد وهو من أعيان علماء العامّة المعتزلة قال روى ابن الانباري في أماليه أن عليّا عليه‌السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده ناس فلما قام عرض واحد يذكره وينسبه إلى التيه والعجب فقال عمر : حق لمثله أن يتيه ، والله لو لا سيفه لما قام عمود الإسلام ، وهو بعد

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ١٠٢ / ١٠٦.

(٢) فرائد السمطين ١ : ٣٤٢ / ٢٦٤ ، تاريخ دمشق ٤٩ : ٨٣ ضمن ترجمة محمد بن الزبير ، الرياض النضرة ٢ : ٥٠ و ١٩٥.

٢٦٥

أقضى الأمّة وذو سابقتها وذو شرفها فقال له ذلك القائل : فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه ، قال : كرهناه على حداثة السن ، وحبّه بني عبد المطلب (١).

الثالث والعشرون : ابن أبي الحديد أيضا في شرح نهج البلاغة قال : روى أبو سعيد الخدري قال : حججنا مع عمر أوّل حجّة حجّها في خلافته ، فلمّا دخل المسجد الحرام دنا من الحجر الأسود فقبّله واستلمه وقال : إنّي لأعلم إنّك حجر لا تضر ولا تنفع ولو لا أنّي رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبّلك واستلمك لما قبّلتك واستلمتك فقال له عليّ عليه‌السلام : «بلى يا أمير المؤمنين إنّه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول ، قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٢) فلمّا أشهدهم وأقرّوا له أنّه الربّ عزوجل وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رقّ ثم ألقمه هذا الحجر وإن له لعينين ولسانين وشفتين يشهد لمن وافاه بالموافاة ، فهو أمين الله عزوجل في هذا المكان» فقال عمر : لا أبقاني الله بأرض لست بها يا أبا الحسن (٣).

الرابع والعشرون : ابن أبي الحديد قال وروى الربيع ابن زياد قال : قدمت على عمر بمال من البحرين وصليت معه العشاء ثم سلمت عليه فقال : ما قدمت به؟ قال خمسمائة ألف قال : ويحك إنّما قدمت بخمسين ألفا قلت : بلى خمسمائة ألف قال : كم يكون ذلك؟ قلت : مائة ألف حتّى عدد خمسا فقال : إنك ناعس ارجع إلى بيتك ثم اغد عليّ فغدوت عليه قال : ما جئت به؟ قلت : هو ما قلت لك قال : كم هو؟ قلت : خمسمائة ألف قال : أطيب هو؟ قلت : نعم ، لا أعلم إلّا ذلك ، فاستشار الصحابة فيه فأشير عليه بنصب الديوان فنصبه وقسم المال بين المسلمين ففضلت عنده فضلة فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار فيهم علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال للناس : ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس : يا أمير المؤمنين إنّا شغلناك بولاية امورنا عن أهلك وتجارتك وصنعتك فهو لك فالتفت إلى علي عليه‌السلام فقال : ما تقول أنت؟ قال : «قد أشاروا عليك» قال : فقل أنت فقال : «لم تجعل بقيدك ظنا» فلم يفهم عمر قوله فقال : «لتخرجن مما قلت» قال : أجل والله لأخرجن منه قال: «تذكر حين بعثك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتيت العباس بن عبد المطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شيء فجئتما إليّ وقلتما : انطلق معنا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فجئنا إليه فوجدناه خاترا فرجعنا ثم غدونا عيه فوجدناه طيّب النفس فاخبرته بالذي صنع العبّاس فقال لك : يا عمر

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٧٩.

(٢) الأعراف : ١٧٢.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٩٧.

٢٦٦

أما علمت أن عمّ الرجل صنو أبيه ، فذكرنا له ما رأينا من ختوره في اليوم الأوّل وطيب نفسه في اليوم الثاني ، فقال : إنّكم أتيتكم في اليوم الأوّل وقد بقي عندي من مال الصدقة ديناران فكان ما رأيتم من ختوري لك ، وأتيتم في اليوم الثاني فقد وجهتهما فذاك الذي رأيتم من طيب نفسي ، أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل شيئا وأن تفضّه على فقراء المسلمين» فقال عمر : صدقت والله لأشكرنّ لك الاولى والأخيرة (١).

الخامس والعشرون : ابن أبي الحديد أيضا في الشرح قال : حدّثني الحسين بن محمّد بن السيبي قال: قرأت على ظهر كتاب أن عمر نزلت به نازلة فقام لها وقعد وتنوح وتفطر فقال لمن عنده : معاشر الحاضرين ما تقولون في هذا الأمر؟

فقالوا : يا أمير المؤمنين أنت المفزع والمترع ، فغضب وقال : يا أيّها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ، ثم قال : أما والله إني وإياكم لنعلم أين نجدها والخبير بها ، قالوا كأنّك أردت ابن أبي طالب قال : وأنّي يعدل به عنه ، وهل طفحت حرّة بمثله قالوا : فلو دعوت به يا أمير المؤمنين قال : هيهات أن هناك شمخا من هاشم وأثرة من علم ولحمة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤتى ولا يأتي فامضوا بنا إليه ، فقصدوا نحوه وأفضوا إليه فألفوه في حائط له عليه تبان وهو متوكّئ على مسحاة ويقرأ : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٢)) إلى آخر السورة ودموعه تهمي على خدّيه فدهش الناس لبكائه فبكوا ثم سكت فسكتوا ، فسأله عمر عن تلك الواقعة فأصدر جوابها فقال عمر : أما والله لقد ارادك الحق ولكن أبى قومك فقال : «يا أبا حفص اخفض عليك من هنا ومن هنا ، إن يوم الفصل كان ميقاتا» فوضع عمر احدى يديه على الاخرى وطرق إلى الأرض كأنما ينظر في رماد (٣).

السادس والعشرون : ابن أبي الحديد في الشرح قال : حدّثنا عمر بن سعد العيسى عن النضر بن صالح قال : كنت مع شريح بن هاني في غزوة سجستان فحدثني أن عليّا عليه‌السلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص وقال له : «قل لعمرو إذا لقيته : إن عليّا يقول لك : إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه ، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده ، والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طعما يسيرا صرت لله ولأوليائه عدوا؟ فكأنّما قد أوتيت ذاك عنك فلا تكن للخائنين خصيما ولا للظالمين ظهيرا ، أمّا إنّي أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم وهو يوم وفاتك ، وسوف تتمنّى أنك لم تظهر لي عداوة ولم

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٩٧.

(٢) القيامة : ٣٦.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٨٠.

٢٦٧

تأخذ عليّ حكم الله رشوة» قال شريح : فأبلغته يوم لقيته فتغمر وقال : متى كنت قابلا مشورة علي أو منيبا إلى رأيه أو معتمدا بأمره؟ فقلت : وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم مشورته؟ لقد كان من هو خير منك أبو بكر وعمر يستشيرانه ويعملان برأيه فقال : إن مثلي لا يكلّم مثلك فقلت : بأيّ أبويك ترغب عن كلامي بأبيك الوشيظ أم بأمك النابغة؟ فقام من مكانه وقمت (١).

السابع والعشرون : ابن أبي الحديد أيضا قال روي أنه رفع إلى عمر صك محله في شعبان فقال : أي شعبان الذي مضى أم نحن فيه؟ ثم جمع أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : اصنعوا للناس تاريخا يرجعون إليه فقال قائل منهم ، اكتبوا على تاريخ الروم فقيل : إنه يطول وإنه مكتوب من عهد ذي القرنين، وقال قائل : اكتبوا على تاريخ الفرس ، كلّما قام ملك طرحوا ما كان قبله فقال علي عليه‌السلام : «اكتبوا تاريخكم منذ خرج رسول الله من دار الشرك إلى دار النصرة وهي الهجرة» فقال عمر : نعم ما أشرت به ، فكتب التاريخ للهجرة بعد مضي سنتين ونصف من خلافة عمر (٢).

الثامن والعشرون : قال ابن أبي الحديد : وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه يعني عليّا عليه‌السلام في كثير من المسائل التي اشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة ، وقوله غير مرّة : لو لا عليّ لهلك عمر ، وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو حسن ، وقوله : لا يفتينّ أحد في المسجد وعلي حاضر (٣).

التاسع والعشرون : وقال ابن أبي الحديد ، ذكر عند عمر بن الخطاب حلي الكعبة وكثرته فقال قوم : لو أخذته وجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للأجر ، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهمّ عمر بذلك وسأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : «إن القرآن نزل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله والأموال أربعة : أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض ، والفيء فقسمه على مستحقيه ، والخمس فوضعه الله حيث وضعه ، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها ، وكان حلي الكعبة عليها يومئذ فتركه الله على حاله ولم يتركه نسيانا ، ولم يخف عليه مكانا فأقرّه حيث أقره الله ورسوله» فقال عمر : لولاك لافتضحنا. وترك الحلي (٤).

الثلاثون : ابن أبي الحديد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو قد استوت قدماي من هذه المداحض لغيرت أشياء» قال في الشرح : لسنا نشك أنه كان يذهب في الأحكام الشرعية والقضايا إلى أشياء يخالف فيها أقوال الصحابة ، نحو قطعه السارق من رءوس الأصابع وبيعه أمهات الاولاد وغير ذلك، وإنّما كان يمنعه من تغيير أحكام من تقدم اشتغاله بحرب البغاة والخوارج وإلى ذلك يشير

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٥٤.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٧٤.

(٣) شرح نهج البلاغة ١ : ١٦.

(٤) شرح نهج البلاغة ١٩ : ١٥٨.

٢٦٨

بالمداحض عن بعض السلف (١).

وقال حجر بن أوس الألمعي :

الذي يظن بك الظن

كان قد رأى وقد سمعا (٢)

وقال أبو الطيّب :

ذكيّ تظنيه طليعة عينه

يرى قلبه في يومه ما يرى غدا (٣).

الحادي والثلاثون : ابن أبي الحديد وروى ابن سعد قال : مكث عمر زمانا لا يأكل من مال المسلمين شيئا حتّى أصابته خصاصة فأرسل الى أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاستشارهم فقال لهم : قد شغلت نفسي بأمركم ، فما الذي يصلح أن أصيبه من مالكم؟ فقال عثمان : كل واطعم ، وكذلك قال سعيد بن زيد بن نفيل فتركهما وأقبل على عليّ عليه‌السلام فقال ما تقول أنت؟ قال : غداء وعشاء فقال : أصبت وأخذ بقوله (٤).

الثاني والثلاثون : ابن أبي الحديد وروى أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب سيرة عمر عن نافع عن ابن عمر قال : جمع عمر الناس لما انتهى إليه فتح القادسية ودمشق فقال : إني كنت امرأ تاجرا يغني الله عيالي بتجارتي ، وقد شغلتموني عن التجارة بأمركم هذا ، فما ترون أنه يحل لي من هذا المال؟ فقال القوم فأكثروا ، وعليّ عليه‌السلام ساكت فقال عمر : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

قال : «ما أصلحك وأصلح عيالك بالمعروف ، ليس لك من هذا المال غيره» : فقال القول ما قاله أبو الحسن ، وأخذ به (٥).

الثالث والثلاثون : موفق بن أحمد قال : أخبرنا العلّامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مرادك الداري ، أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين السمان ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمّد الجوهري ببغداد بقراءتي عليه، حدّثنا محمّد بن عمران بن موسى ، حدّثنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمّد الحصيني ، حدّثنا أبو العيناء، حدّثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي اسرائيل قال : نازع عمر الخطاب رضي الله عنه رجل في مسألة قال له عمر : بيني وبينك هذا الجالس ، وأومأ إلى علي كرم الله وجهه فقال الرجل : هذا الهن ، فنهض عمر رضي الله عنه عن مجلسه وأخذ بأذنيه حتّى شاله من الأرض وقال : ويلك أتدري من صغّرت؟ هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن (٦).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٩ : ١٦١.

(٢) شرح نهج البلاغة ٣ : ٩٩ و ١٨ : ٩٤.

(٣) شرح نهج البلاغة ١٦ : ١١٥.

(٤) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٢١٩.

(٥) شرح نهج البلاغة ١٢ : ٢١٩.

(٦) مناقب الخوارزمي ١٦١ / ١٩٢.

٢٦٩

الباب الثاني والأربعون

في رجوع أبي بكر وعمر وعثمان في العلم والحكم

وغيرهم من الصحابة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام

من طريق الخاصّة وفيه اثنا عشر حديثا

الأوّل : محمّد بن يعقوب في الكافي عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن سيف بن عميرة عن عبد الرّحمن العزرمي قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «وجد رجل مع رجل في إمارة عمر فهرب أحدهما وأخذ الآخر ، فجيء به إلى عمر فقال للناس ما ترون؟ قال : فقال هذا : اصنع كذا ، وقال هذا : اصنع كذا قال : فما تقول يا أبا الحسن؟ قال : اضرب عنقه فضرب عنقه قال : ثم أراد أن يحمله فقال : مه إنّه قد بقي من حدوده شيء ، قال : ادع بحطب ، فدعا عمر بحطب فأمر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فأحرق به» (١).

الثاني : الشيخ في التهذيب قال : أخبرني الشيخ يعني المفيد أيده الله عن أحمد بن محمّد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن حسين بن سعيد عن حماد عن ربعي بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار : الماء من الماء ، وقال المهاجرون : إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فقال عمر لعلي عليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال علي عليه‌السلام. أتوجبون عليه الحدّ والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟ إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل ، فقال عمر : القول ما قال المهاجرون ، ودعوا ما قالت الأنصار» (٢).

الثالث : محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «إن الوليد بن عتبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه‌السلام : اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر ، فأمر به فجلد بسوط شعبتان أربعين جلدة» (٣).

__________________

(١) الكافي ٧ : ٢٠٠ / ٦.

(٢) التهذيب ١ : ١١٩ / ٥.

(٣) الكافي ٧ : ٢١٥ / ٦.

٢٧٠

الرابع : محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الحد في الخمر إن شرب منها قليلا أو كثيرا ، ثم قال أتي عمر بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر وقامت عليه البيّنة فسأله عليّا عليه‌السلام فأمره أن يجلد ثمانين ، فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس عليّ حدّ ، أنا من أهل هذه الآية : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) (١) قال : قال عليّ عليه‌السلام لست من أهلها ، إن طعام أهلها لهم حلال ، ليس يأكلون ولا يشربون إلّا ما أحله الله لهم ثم قال علي : إنّ الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة» (٢).

الخامس : محمّد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له ، أشربت خمرا؟ قال : نعم ، قال له : وهي محرّمة؟ قال : فقال له الرجل : إنّي أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني [قوم] يشربون الخمر ويستحلون ، ولو علمت أنّها حرام اجتنبتها : فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول في أمر هذا الرجل فقال : عمر : معضلة وليس لها إلّا أبو الحسن ، ادع لنا عليّا ، فقال عمر : يؤتى الحكم في بيته فقال : قاما والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتّى أتوا أمير المؤمنين عليه‌السلام فأخبراه بقصة الرجل فقص الرجل قصّته قال : فقال : ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار ، من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم، فخلّى عنه وقال له ، إن شربت بعدها أقمنا عليك الحدّ» (٣).

السادس : ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عمرو بن عثمان عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «لقد قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام بقضية ما قضى بها أحد كان قبله ، وكانت أول قضية قضى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك أنه لمّا قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأفضى الأمر إلى أبي بكر أتي برجل قد شرب الخمر فقال له أبو بكر ، أشربت الخمر؟ فقال الرجل : نعم فقال : ولم شربتها وهي محرّمة؟ فقال : إنّي أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون ويستحلوني لها ، ولو أعلم أنّها حرام اجتنبتها ، قال : فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال : ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل؟ فقال : معضلة وأبو الحسن لها فقال أبو بكر : يا غلام ادع

__________________

(١) المائدة : ٩٣.

(٢) الكافي ٧ : ٢١٦ / ١٠.

(٣) الكافي ٧ : ٢١٧ / ١٦.

٢٧١

لنا عليّا ، فقال عمر : بل يؤتى الحكم في بيته ، فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبروه بقضية الرجل فاقتص عليه قصته ، فقال علي عليه‌السلام لأبي بكر : ابعث به من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار ، فمن تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ، فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه ، ففعل أبو بكر بالرجل ما قال علي عليه‌السلام ، فلم يشهد عليه أحد فخلّى سبيله.

فقال سلمان لعلي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم أرشدتهم؟ فقال عليّ عليه‌السلام : إنّما اردت أن اجدد تأكيد هذه الآية فيهم وفيهم : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١)» (٢).

السابع : الشيخ في التهذيب بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السند عن محمّد بن عمرو بن سعيد عن بعض أصحابنا قال : أتت امرأة إلى عمر فقالت : يا أمير المؤمنين إني فجرت فأقم فيّ حدود الله ، فأمر برجمها وكان عليّ عليه‌السلام حاضرا فقال له : «سلها كيف فجرت»؟ قالت : كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته الماء فأبى على أن يسقيني إلّا أن أمكنه من نفسي فوليت عنه هاربة فاشتدّ بي العطش حتّى غارت عيناي وذهب لساني فلما بلغ منّي ، أتيته فسقاني ووقع عليّ فقال له : «يا عمر هذه التي قال الله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (٣) هذه غير باغية ولا عادية إليه» فخلّى سبيلها فقال عمر : لو لا علي لهلك عمر (٤).

الثامن : الشيخ أيضا بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمّد بن الفرات عن الأصبغ بن نباتة قال : أتي عمر بخمسة نفر أخذوا في الزنا فأمر أن يقام على كلّ واحد منهم الحد ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام حاضرا فقال : «يا عمر ليس هذا حكمهم» قال : فأقم أنت الحد عليهم ، فقدم واحدا فضرب عنقه ، وقدم الآخر فرجمه ، وقدم الثالث فضربه الحد ، وقدّم الرابع فحدّه نصف الحدّ وقدّم الخامس فعزّره ، فتحير عمر وتعجب الناس من فعله ، فقال عمر : يا أبا الحسن خمسة نفر في قضيّة واحدة أقمت عليهم خمسة حدود ليس شيء منها يشبه الآخر؟

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أمّا الأوّل فكان ذميّا فخرج عن ذمّته لم يكن له حد إلّا السيف ، وأمّا الثاني فرجل محصن كان حده الرجم ، وأما الثالث فغير محصن حدّه الجلد ، وأما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد ، وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله» (٥).

التاسع : الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن علي بن إسماعيل عن أحمد بن النضر

__________________

(١) يونس : ٣٥.

(٢) الكافي ٧ : ٢٤٩ / ٤.

(٣) البقرة : ١٧٣.

(٤) التهذيب ١٠ : ٥٠ / ١٨٦.

(٥) التهذيب ١٠ : ٥٠ / ١٨٨.

٢٧٢

عن الحصين بن عمرو عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن معاوية كتب إلى أبي موسى الأشعري أن ابن الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله وقد أشكل على القضاة ، فسل لي عليّا عن هذا الأمر ، قال أبو موسى : فلقيت عليّا عليه‌السلام ، قال : فقال عليّ عليه‌السلام : «والله ما هذا في هذه البلاد» ـ يعني الكوفة ـ ولا بحضرتي ، فمن أين جاءك هذا»؟ قلت : كتب إلي معاوية لعنه الله ان ابن أبي الجسرين وجد مع امرأته رجلا فقتله ، وقد اشكل عليه القضاء فيه ، فرأيك في هذا.

فقال : «إنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد وإلّا دفع برمته» (١).

العاشر : الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن إبراهيم بن محمّد الثقفي عن إبراهيم بن يحيى الدوروي عن هشام بن بشير عن أبي بشير عن أبي روح أن امرأة تشبهت بأمة الرجل وذلك ليلا فواقعها وهو يرى أنها جاريته فرفع إلى عمر ، فأرسل إلى عليّ عليه‌السلام فقال : «اضرب الرجل حدّا في السر ، واضرب المرأة حدّا في العلانيّة» (٢).

الحادي عشر : الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن جعفر البغدادي عن جعفر بن يحيى عن عبد الله بن عبد الرّحمن عن الحسين بن يزيد عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن آبائه : قال : «أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر فشهد عليه رجلان ، فشهد أحدهما أنّه رآه يشرب وشهد الآخر أنه رآه يقيء ، فأرسل عمر إلى ناس من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال لأمير المؤمنين عليه‌السلام : ما تقول يا أبا الحسن ، فإنّك الذي قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت أعلم هذه الامّة وأقضاها بالحق ، وإنّ هذين قد اختلفا في شهادتهما ، فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما قاءها حتّى شربها ، فقال : وهل تجوز شهادة الخصي؟

فقال : ما ذهاب لحيته إلّا كذهاب بعض أعضائه» (٣).

الثاني عشر : الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن قال : حدّثني محمّد الكاتب عن علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح قال : حدّثني عبد الله بن معاوية عن أبيه ميسرة عن أبيه شريح قال ميسرة : تقدّمت إلى شريح : امرأة فقالت : إنّي جئتك مخاصمة ، فقال لها : وأين خصمك؟

فقالت : أنت خصمي فأخلى لها المجلس وقال لها : تكلّمي فقالت : إنّي امرأة لي إحليل ولي فرج فقال : قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضية ورّث من حيث جاء البول قالت : إنّه يجيء منهما جميعا ، فقال لها : من حيث سبق البول قالت : ليس منهما شيء يسبق ، يجيئان في وقت واحد

__________________

(١) التهذيب ١٠ : ٣١٤ / ١١٦٨.

(٢) التهذيب ١٠ : ٤٧ / ١٦٩.

(٣) التهذيب ٦ : ٢٨١ / ٧٧٤.

٢٧٣

وينقطعان في وقت واحد.

فقال لها : إنّك لتخبرين بعجب ، فقالت : أخبرك بما هو أعجب من هذا ، تزوّجني ابن عمّ لي وأخذ منّي خادما فوطئتها فأولدتها ، وإنّما جئتك لمّا ولد لي لتفرّق بيني وبين زوجي فقام من مجلس القضاء فدخل على عليّ عليه‌السلام فأخبره بما قالت المرأة ، فأمر بها فأدخلت وسألها عمّا قال القاضي فقالت : هو الذي أخبرك ، قال : فأحضر زوجها ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : «هذه امرأتك وابنة عمّك»؟

قال : نعم.

قال : «قد علمت ما كان قد أخدمتها خادما فوطئها فأولدتها ثم قال وطئتها بعد ذلك»؟

قال : نعم.

قال له عليّ عليه‌السلام : «لأنت أجرى من خاصي الأسد ، عليّ بدينار الخصي» وكان معدلا وبامرأتين فأتى بهم فقال لهم : «خذوا هذه المرأة إن كانت امرأة فادخلوها بيتا وألبسوها نقابا وجرّدوها من ثيابها وعدّوا اضلاع جنبيها» ففعلوا ثم خرجوا إليه فقالوا له : عدد الأيمن اثنا عشر ضلعا والجنب الأيسر أحد عشر ضلعا ، فقال عليّ عليه‌السلام : «الله أكبر ائتوني بالحجّام» فأخذ من شعرها وأعطاها رداء وحذاء وألحقها بالرجال ، فقال الزوج : يا أمير المؤمنين امرأتي وابنة عمّي ألحقتها بالرجال ، ممّن أخذت هذه القضيّة؟

فقال عليه‌السلام : «إنّي ورثتها من أبي آدم ، وحواء خلقت من ضلع آدم ، وأضلاع الرجال أقلّ من أضلاع النساء بضلع ، وعدّوا أضلاعها أضلاع رجل» فأمر بهم فأخرجوا (١).

__________________

(١) التهذيب ٩ : ٣٥٥ / ١٢٧٢.

٢٧٤

الباب الثالث والأربعون

في أن علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّه عند أمير المؤمنين عليه‌السلام

وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو ثنيت لي الوسادة وجلست عليها

لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم»

من طريق العامّة وفيه أربعة أحاديث

الأوّل : موفق بن أحمد من أعيان علماء العامّة قال : أخبرني سيد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني فيما كتب إليّ من همدان ، أخبرني أبي ، أخبرني أبو إسحاق القفّال بأصفهان ، حدّثني أبو إسحاق بن خرسيد ، حدّثني أبو سعيد أحمد بن زياد الاعرابي ، حدّثني نجيح بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن الزهري القاضي ، حدّثني أبو نعيم ضرار بن مرد ، حدّثني علي بن هاشم ، حدّثني محمّد بن عبد الله الهاشمي عن أبي بكر محمّد بن عمر بن حزم عن عباد بن عبد الله عن سلمان رضي الله عنه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «أعلم أمّتي بعدي علي بن أبي طالب» (١).

الثاني : ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال : أخبرنا أبو محمّد الحسن بن أحمد الفندجاني قال : حدّثنا أبو الفتح هلال بن محمّد الحفار قال : حدّثني إسماعيل بن علي بن رزين قال : حدّثني أبي قال : حدّثني أخي دعبل بن علي الخزاعي قال : حدّثني شعبة بن الحجاج عن أبي الصباح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أتاني جبرئيل عليه‌السلام بدرنوك من درانيك الجنّة فجلست عليه ، فلمّا صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني ، فما علمت شيئا إلّا علّمته عليّا فهو باب مدينة علمي» ثم دعاه إليه فقال : «يا علي سلمك سلمي وحربك حربي ، وأنت العلم فيما بيني وبين أمّتي» (٢).

الثالث : موفق بن أحمد من أكابر علماء العامّة قال : أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي قال : أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن محمّد الواعظ ، حدّثني والدي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحافظ ، حدّثنا أبو

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ٨٢ / ٦٧.

(٢) مناقب الخوارزمي ٥٠ / ٧٣ ، بحار الأنوار ٣٨ : ١٤٩.

٢٧٥

محمّد أحمد بن عبد الله المزني إملاء ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن حرب ، حدّثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، حدّثنا عبد الله بن يحيى العلوي ، حدّثنا جعفر بن محمّد ، حدّثنا نوح بن قيس عن الأعمش عن عمر بن مرّة عن أبي البختري قال : رأيت عليّا كرّم الله وجهه وقد صعد المنبر بالكوفة وعليه مدرعة كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، متقلّدا سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله معتمّا بعمامة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي إصبعه خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقعد على المنبر فكشف عن بطنه وقال : «سلوني قبل أن تفقدوني فإنّ ما بين الجوانح من علم جمّ ، هذا سفط العلم ، هذا لعاب رسول الله ، هذا ما زقّني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زقا من غير وحي أوحي إليّ ، فو الله لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم ولأهل الإنجيل بانجيلهم حتّى ينطق الله التوراة والإنجيل فيقول : صدق عليّ ، قد أفتاكم بما أنزل فيّ ، وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون» (١).

الرابع : إبراهيم بن محمّد الحمويني من العامّة في كتابه فرائد السمطين بإسناده المتصل إلى السبيعي قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن محمّد العلوي عن الحسين بن الحكم ، أنبأنا إسماعيل بن صبيح ، أنبأنا أبو الجارود عن حبيب بن يسار عن زادان قال : سمعت عليّا عليه‌السلام يقول : «والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو كسرت لي وسادة ـ يقول : لو ثنيت ـ فأجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا وأنا أعرف آية تسوقه إلى جنة أو تقوده إلى نار» فقام رجل فقال : أنت أي شيء نزل فيك؟ فقال علي صلوات الله عليه : «أفمن كان على بينة من ربّه ويتلوه شاهد منه» (٢).

والأحاديث في قوله عليه‌السلام : «سلوني» قد تقدّمت في الباب الخامس والثلاثين ، وباب غزارة علم أمير المؤمنين عليه‌السلام وسعته من طريق العامّة تقدّم وهو الباب الخامس والعشرون فليؤخذ من هناك.

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ٩١ / ٨٥.

(٢) فرائد السمطين ١ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ / ٢٦١ ، شواهد التنزيل للحاكم ١ : ٢٨٠ / ٣٨٤.

٢٧٦

الباب الرابع والأربعون

في أن علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّه عند أمير المؤمنين والأئمّة :

وقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو ثنيت لي الوسادة وجلست عليها

لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم»

من طريق الخاصة وفيه تسعة عشر حديثا

الأوّل : محمّد بن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره عن محمّد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول قال : قلت له : جعلت فداك ، أخبرني عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث النبيين كلّهم؟

قال : «نعم» قلت : من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه؟

قال : «نعم ، ما بعث الله نبيّا إلّا ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعلم منه» قال : قلت : إن عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله قال : «صدقت ، وسليمان بن داود قال : كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر على هذه المنازل قال : فقال سليمان بن داود للهدهد حين فقده وشك في أمره (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) حين فقده وغضب عليه فقال : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (١) وإنّما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء ، فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والأنس والجن والشياطين والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه وان الله يقول في كتابه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) (٢) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما يسيّر به الجبال وتقطع به البلدان ويحيى به الموتى ، ونحن نعرف تحت الهواء ، فإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها إلّا يأذن الله به مع ، ما قد اذن الله ممّا كتبه الماضون جعله الله لنا في أمّ الكتاب إن الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣) ثم قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) (٤) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الكتاب فيه تبيان كلّ شيء» (٥).

__________________

(١) النمل : ٢٠ ـ ٢١.

(٢) الرعد : ٣١.

(٣) النمل : ٧٥.

(٤) فاطر : ٣٢.

(٥) الكافي ١ : ٢٢٦ / ٧.

٢٧٧

الثاني : ابن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن محمّد بن عبد الجبار عن محمّد بن إسماعيل عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال لي : يا أبا محمّد ، إنّ اللهعزوجل لم يعط الأنبياء شيئا إلّا وقد أعطاه محمّدا ، قال : وقد أعطى محمّدا جميع ما أعطى الأنبياء ، وعنده الصحف التي قال الله عزوجل : صحف إبراهيم وموسى» (١).

الثالث : ابن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سأله عن قول الله عزوجل (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) ما الزبور؟ وما الذكر؟ قال : «الذكر عند الله ، والزبور الذي أنزل على داود ، وكلّ كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم» (٢).

الرابع : المفيد في الاختصاص عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان الكلبي عن أديم بن الحرّ عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : بلغني أن الله تبارك وتعالى قد ناجى عليّا عليه‌السلام ، فقال الرجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف، نزل بينهما جبرائيل عليه‌السلام وقال : إن الله علم رسوله الحرام والحلال والتأويل ، فعلّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا ذلك كلّه (٣).

الخامس : محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن السندي بن محمّد عن يونس بن يعقوب عن أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «ما دخل رأسي يوما ولا غمضنا غمضا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى علمت من رسول الله ما نزل به جبرائيل في ذلك اليوم من حلال أو حرام أو سنّة أو أمر أو نهي ، فيما نزل فيه وفيمن نزل ، فخرجنا فلقينا المعتزلة قد ذكرنا ذلك لهم فقالوا : إن الأمر عظيم ، كيف يكون هذا وقد كان أحدهما يغيب عن صاحبه؟ فكيف يعلم هذا؟ قال : فرجعنا الى زيد فأخبرناه بردّهم علينا فقال : كان يتحفظ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عدد الأيام التي غاب بها ، فإذا التقيا قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي نزل عليّ في يوم كذا وكذا وكذا ويوم كذا وكذا وكذا حتّى يعدها عليه إلى يومه الذي وافى فيه ، أخبرناهم بذلك» (٤).

السادس : محمّد بن الحسن الصفار عن محمّد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي بن فضال عن حماد بن عثمان عن عبد الأعلى بن أعين قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «قد ولدني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أعلم كتاب الله ، وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وفيه خبر السماء وخبر

__________________

(١) الكافي ١ : ٢٢٥ / ٥.

(٢) الكافي ١ : ٢٢٥ / ٦.

(٣) الاختصاص : ٢٧٨.

(٤) بصائر الدرجات ١٩٧ / ١.

٢٧٨

الأرض وخبر الجنّة وخبر النار وخبر ما كان وخبر ما هو كائن ، أعلم ذلك كأنّما أنظر إلى كفي ، إن الله يقول : فيه تبيان كلّ شيء» (١).

السابع : الصفار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي حمزة الثمالي قال : قال لي عليّ عليه‌السلام : «لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل القرآن حتّى يزهر إلى الله ، ولحكمت بين أهل الإنجيل حتّى تزهر إلى الله ، ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتّى تزهر إلى الله ، ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يزهر إلى الله ، ولو لا آية في كتاب الله لأنبأتكم بما تريدون إلى أن تقوم الساعة» (٢).

الثامن : الصفار عن محمّد بن الحسين عن عبد الله بن حماد عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباتة قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو كسرت لي وسادة فقعدت عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الفرقان بفرقانهم بقضاء يصعد إلى الله يزهر ، والله ما نزلت آية في كتاب الله في ليل أو نهار إلّا وقد علمت فيمن أنزلت ولا أحد مرّ على رأسه المواسي إلّا وقد نزلت فيه آية من كتاب الله تسوقه إلى الجنّة أو إلى النار ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما الآية التي نزلت فيك؟ قال له: أما سمعت الله يقول : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (٣) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على بيّنة من ربّه ، وأنا شاهد له فيه واتلوه معه» (٤).

التاسع : الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي عن خلف بن حماد عن داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لو ثني الناس لي وسادة كما ثنى ابن صوحان لحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتّى تزهر ما بين السماء والأرض ، ولحكمت بين أهل الإنجيل بالإنجيل حتّى يزهر ما بين السماء والأرض ، ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يزهر ما بين السماء والأرض ، ولحكمت بين أهل الفرقان بالفرقان حتّى يزهر ما بين السماء والأرض» (٥).

العاشر : الصفار عن محمّد بن عبد الحميد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال : سمعت المنهال بن عمر وقال : أخبرني زادان قال : سمعت عليّا أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يقول : «ما رجل من قريش جرّ عليه المواسي إلّا وقد نزلت فيه آية أو آيتان تقوده إلى الجنّة أو النار ، وما من آية نزلت في برّ أو بحر أو سهل أو جبل إلّا وقد عرفت حيث نزلت وفي من نزلت ، ولو ثنيت لي وسادة

__________________

(١) بصائر الدرجات ١٩٧ / ٢.

(٢) بصائر الدرجات ١٣٢ / ١ و ١٣٤ / ٧.

(٣) هود : ١٧.

(٤) بصائر الدرجات ١٣٣ / ٢.

(٥) بصائر الدرجات ١٣٣ / ٢.

٢٧٩

لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم حتّى يزهر إلى الله» (١).

الحادي عشر : الصفار عن إبراهيم ابن هاشم عن جعفر بن محمّد عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عن علي عليه‌السلام قال : «لو وضعت لي وسادة ثم اتكيت عليها لقضيت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يزهر إلى ربه ولو وضعت لي وسادة ثم اتكيت عليها لقضيت بين أهل الفرقان بالفرقان حتّى يزهر إلى ربّه» (٢).

الثاني عشر : الصفار عن محمّد بن عيسى عن عبد الرّحمن عن فضيل عن أبي بكر الحضرمي عن سلمة بن كهيل قال : قال علي عليه‌السلام : «لو استقامت لي الأمة وثنيت لي وسادة لحكمت في التوراة بما أنزل الله فيه ، ولحكمت في الزبور بما أنزل الله فيها حتّى يزهر إلى السماء ، إنّي قد حكمت في القرآن بما أنزل الله» (٣).

الثالث عشر : الصفار عن سلمة بن الخطاب عن عبد الله بن محمّد عن عبد الله بن القاسم عن عمرو بن أبي المقدام يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل الفرقان بالفرقان حتّى يزهر إلى الله ، ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتّى تزهر إلى الله ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتّى يزهر إلى الله ، لو لا آية في كتاب الله لأنبأتكم بما يكون حتّى تقوم الساعة» (٤).

الرابع عشر : الصفار عن الحسن بن أحمد عن أبيه أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسن بن العباس بن حريش عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «قال علي عليه‌السلام : والله لا يسألني أهل التوراة ولا أهل الإنجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان إلّا فرقت بين كل أهل الكتاب بحكم ما في كتابهم» (٥).

الخامس عشر : الصفار عن محمّد بن الحسين عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن عليّعليه‌السلام قال : «لأنا أعلم بالتوراة من أهل التوراة ، وأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل» (٦).

السادس عشر : الشيخ في أماليه بإسناده عن علي عليه‌السلام قال : «سلوني عن كتاب الله فو الله ما أنزلت آية من كتاب الله عزوجل في ليل أو نهار ولا مسير ولا مقام إلّا وقد أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلّمني تأويلها ، فقام ابن الكوّاء فقال : يا أمير المؤمنين ، فما كان ينزل عليه وأنت غائب عنه؟ قال : كان يحفظ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان ينزل عليه من القرآن وأنا عنه غائب حتّى أقدم عليه فيقرئنيه

__________________

(١) بصائر الدرجات ١٣٣ / ٤.

(٢) بصائر الدرجات ١٣٤ / ٥.

(٣) بصائر الدرجات ١٣٤ / ٦.

(٤) بصائر الدرجات ١٣٤ / ٧.

(٥) بصائر الدرجات ١٣٤ / ٨.

(٦) بصائر الدرجات ١٣٥ / ٩.

٢٨٠