رأيت ربك؟
فقال : «ويلك يا دعلب لم أكن بالذي أعبد ربا لم أره».
فقال : كيف رأيته؟ صفه لنا.
قال : «ويلك لم تره العيون بمشاهدة الأبصار ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، ويلك يا دعلب إنّ ربي لا يوصف بالبعد ولا بالحركة ولا بالسكون ، ولا بقيام قيام انتصاب ، ولا بجيئة وذهاب لطيف اللطافة ولا يوصف باللطف ، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم كبير الكبر أمّا لا يوصف بالكبر ، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ رءوف الرحمة لا يوصف بالرقة ، مؤمن لا بعبادة ، مدرك لا بمجسة ، قائل لا بلفظ ، هو في الاشياء على غير ممازجة ، خارج عنها على غير مباينة ، فوق كل شيء ولا يقال له شيء فوقه ، أمام كل شيء ولا يقال له أمام ، دخل في الأشياء لا كشيء في شيء داخل ، وخارج منها لا كشيء خارج».
فخر دعلب مغشيا عليه ، ثمّ قال : تالله ما سمعت بمثل هذا الجواب ، والله لا عدت إلى مثلها أبدا.
ثمّ قال عليهالسلام : «سلوني قبل أن تفقدوني» فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا على عكازة فلم يتخطّ الناس حتّى دنا منه فقال : يا أمير المؤمنين دلّني على عمل إذا أنا عملته نجاني الله من النار ، فقال له : «اسمع يا هذا ثمّ افهم ثمّ استيقن ، قامت الدنيا بثلاثة : بعالم ناطق مستعمل بعمله ، وبغنيّ لا يبخل بماله عن أهل دين الله عزوجل ، وبفقير صابر ، فإذا كتم العالم علمه وبخل الغني ولم يصبر الفقير ، فعندها الويل والثبور وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى يديها أي إلى الكفر بعد الإيمان.
أيّها السائل لا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام ، أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى ، أيها الناس إنما الناس ثلاثة : زاهد وراغب وصابر ، فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يحزن على شيء منها فاته ، وأما الصابر فيتمناها بقلبه فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها ، وأما الراغب فلا يبالي من حلّ أصابها أم من حرام» قال : يا أمير المؤمنين فما علامة المؤمن في ذلك الزمان قال : «ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منها وإن كان حبيبا قريبا» قال : صدقت والله يا أمير المؤمنين ، ثمّ غاب الرجل فلم يره فطلبه الناس فلم يجدوه فتبسم عليهالسلام على المنبر ثمّ قال : «ما لكم؟ هذا أخي الخضر عليهالسلام» ثمّ قال عليهالسلام : «سلوني قبل أن تفقدوني» فلم يقم إليه أحد ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلىاللهعليهوآله ثمّ قال
للحسن عليهالسلام : «يا حسن قم فاصعد المنبر فتكلم بكلام لا تجهلك قريش بعدي فيقولون : إن الحسن لا يحسن شيئا ، قال الحسن : يا أبة كيف أصعد وأتكلم وأنت في الناس تسمع وترى؟ قال له : بابي وأمّي أواري نفسي عنك ، أسمع وأرى ولا تراني» فصعد الحسن عليهالسلام المنبر فحمد الله بمحامد بليغة شريفة ، وصلى على النبيّ وآله صلاة موجزة ثمّ قال : «أيها الناس سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها وهل تدخل المدينة إلّا من بابها؟» ثمّ نزل فوثب إليه علي عليهالسلام فتحمله وضمه إلى صدره ، ثمّ قال للحسين عليهالسلام : «يا بني قم فاصعد وتكلم بكلام لا تجهلك قريش من بعدي فيقولون إن الحسين بن علي لا يبصر شيئا ، وليكن كلامك تبعا لكلام أخيك» فصعد الحسين عليهالسلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلاة واحدة موجزة ثمّ قال : «معاشر الناس سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول إن عليّا مدينة هدى فمن دخلها نجا ، ومن تخلف عنها هلك» فوثب إليه علي عليهالسلام وضمه إلى صدره فقبله ثمّ قال : «معاشر الناس أشهدوا أنهما فرخا رسول الله صلىاللهعليهوآله ووديعته التي استودعينها ، وأنا استودعكموها معاشر الناس ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله سائلكم عنهما» (١).
الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا أبي رضي الله عنه قال : حدّثنا علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد الرّحمن بن أبي نجران عن جعفر بن محمّد الكوفي عن عبيد الله السّمين عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال : بينا أمير المؤمنين عليهالسلام يخطب الناس وهو يقول : «سلوني قبل أن تفقدوني فو الله ، لا تسألوني عن شيء مضى ولا شيء يكون إلّا نبّأتكم به» فقام إليه سعد بن أبي وقاص فقال له : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولحيتي من شعرة فقال له : «والله لقد سألتني عن مسألة ، حدّثني خليلي رسول الله صلىاللهعليهوآله أنك تسألني عنها ، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلّا وفي أصلها شيطان جالس ، وإنّ في بيتك لسخلا يقتل ابني الحسين» ، وعمر بن سعد يومئذ يدرج بين يديه (٢).
الثالث : محمّد بن العبّاس بن مروان الثقة في تفسيره وقد ذكر نحوا من ستة وعشرين طريقا في قوله تفسير أولئك خير البرية بذكره منها طريقا واحدا قال : حدّثنا أحمد بن محمّد المحدور قال : حدّثنا الحسين بن عبيد بن عبد الرّحمن الكندي قال : حدّثني محمّد بن سليمان قال : حدّثني خالد بن السري الازدي قال : حدّثني النظر بن السابق قال : حدّثني عامر بن واثلة قال : خطبنا أمير المؤمنين عليهالسلام على منبر الكوفة وهو اجيرات مجصّص فحمد الله وأثنى عليه وذكر الله كما هو أهله
__________________
(١) أمالي الصدوق ٤٢٢ / ٥٦٠ ، التوحيد : ٣٠٤ / ١ ، الاختصاص : ٢٣٥ بحار الأنوار ١٠ / ١١٧ / ١.
(٢) أمالي الصدوق ١٩٦ / ٢٠٧ ، كامل الزيارات : ٧٤ / ١٢ ، بحار الأنوار ٤٢ : ١٤٦ / ٦ و ٤٤ : ٢٥٦ / ٥.
وصلّى على نبيه ثمّ قال : «أيها الناس سلوني ، سلوني فو الله لا تسألوني عن آية من كتاب الله إلّا حدثتكم عنها متى نزلت ، بليل أو نهار أو في مقام أو في مسير أو في سهل أم في جبل ، وفي من نزلت في مؤمن أم في منافق ، وما عنى بها أعام أم خاص ، ولئن فقدتموني لا يحدثكم أحد حديثي» فقام إليه ابن الكوّاء فلما بصر به متعنتا «ألا تسأل تعلما ، هات سل فإذا سألت فاعقل ما تسأل عنه» فقال : يا أمير المؤمنين فأخبرني عن قول الله جل وعزّ : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) (١).
فسكت أمير المؤمنين فأعادها عليه ابن الكوّاء ، فسكت فأعادها الثالثة فقال علي عليهالسلام ورفع صوته : «ويحك يا بن الكوّاء اولئك نحن واتباعنا يوم القيامة غرّا محجلين رواء مرويين يعرفون بسيماهم»(٢).
الرابع : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا محمّد بن محمّد يعني المفيد قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ رحمهالله قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطار قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حمّاد الازدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي قال : كان علي أمير المؤمنين عليهالسلام كثيرا ما يقول : «سلوني قبل أن تفقدوني، فو الله ما من أرض مخصبة ولا مجدبة ، ولا فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلّا وأنا أعلم قائدها وسائقها وناعقها إلى يوم القيامة» (٣).
الخامس : محمّد بن الحسن الصفّار في بصائر الدرجات عن محمّد بن الحسين عن عبد الرّحمن بن أبي هاشم عن عنبسة العابد عن مغيرة مولى عبد المؤمن الأنصاري عن سعد عن الأصبغ قال : سمعت عليّاعليهالسلام يقول على هذا المنبر : «سلوني قبل أن تفقدوني ، والله ما أرض مخصبة ولا مجدبة وكل فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلّا وقد عرفت قائدها وسائقها ، وقد أحبرت بهذا رجلا من أهل بيتي يخبر بها كبيرهم لصغيرهم إلى أن تقوم القيامة» (٤).
السادس : الصفّار هذا عن محمّد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن المعلى عن سلم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّا نروي أحاديثكم لا نجد عند أحد من أهل بيتك فيها شيئا قال : «ما هي؟» قال : يروون أن عليّا عليهالسلام كان يخطب الناس : «يا أيها الناس سلوني فانكم لم تسألوني عن شيء فيما بيني وبين الساعة لا عن أرض مجدبة ولا عن أرض مخصبة ولا عن فرقة تضل مائة وتهدي مائة
__________________
(١) البينة : ٧.
(٢) رواه عنه ابن طاوس في سعد السعود : ١٠٩ ، بحار الأنوار ٣٢ / ١٩٠ / ١٩٢.
(٣) أمالي الطوسي ٥٨ / ٨٥.
(٤) بصائر الدرجات ٢٩٦ / ١.
إلّا أن شئت أخبرتكم بناعقها وسائقها وقائدها إلى يوم القيامة» قال : «إنه حق» (١).
السابع : الشيخ المفيد في أماليه قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد الاصفهاني قال : حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي قال : حدّثنا النقاد قال : حدّثنا علي بن هاشم عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال : سمعت يحيى بن أمّ الطويل يقول : سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يقول : «ما بين لوحي المصحف من آية إلّا وقد علمت فيمن نزلت وأين نزلت، في سهل أو جبل ، وإن بين جوانحي لعلما جمّا ، فسلوني قبل أن تفقدوني فإنكم إن فقدتموني لم تجدوا من يحدثكم مثل حديثي» (٢).
__________________
(١) بصائر الدرجات ٢٩٦ / ٢.
(٢) أمالي المفيد ١٥٢ / ٣.
الباب السابع والثلاثون
في المناجاة يوم الطائف
من طريق العامّة وفيه ثمانية أحاديث
الأوّل : ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار الفقيه الشافعي بقراءتي عليه فأقرّ به سنة أربع وثلاثين وأربعمائة قلت له : أخبركم أبو محمّد بن عمّار والملقب بابن السقاء الحافظ الواسطي قال : حدّثنا أبو عبد الله محمود بن محمّد ويعقوب بن إسحاق بن عباد بن العوام الرياحي الواسطيان قالا : حدّثنا وهب بن بقية قال : أخبرنا خالد بن عبد الله عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر قال انتجى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا يوم الطائف فطالت مناجاته إياه فقيل له : لقد طالت مناجاتك اليوم عليّا فقال : «ما أنا ناجيته ولكن الله ناجاه» (١).
الثاني : ابن المغازلي أيضا قال : أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان بن الازهر المعروف بابن الذبابي الصيرفي قدم علينا واسطا ، قلت له : أخبركم أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البزاز وأذن لكم في روايته عنه قال : حدّثنا عبد الجبار بن العبّاس ، حدّثنا عمّار الدهني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا يوم الطائف فأطال نجواه فقال رجل : لقد أطال نجوى ابن عمه ، فبلغ ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : «ما أنا انتجيته هو ولكن الله انتجاه» (٢).
الثالث : ابن المغازلي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب قال : أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين العلوي العدل قال : حدّثنا أبو الاحوص محمّد بن الهيثم القاضي قال : حدّثنا أبو عفير قال : حدّثنا بكار بن زكريّا الأشجعي عن الأشجعي عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر أن النبيّ صلىاللهعليهوآله دعا عليّا وهو محاصر الطائف فقال أناس من أصحابه : لقد طالت مناجاتك (٣) منذ اليوم فسمع النبيّصلىاللهعليهوآله فقال : «ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه» (٤).
الرابع : ابن المغازلي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهاب قال : أخبرنا أبو عبد الله
__________________
(١) مناقب ابن المغازلي ١٢٤ / ١٦٢ ، صحيح الترمذي ، البداية والنهاية ٧ : ٣٥٦.
(٢) مناقب ابن المغازلي ١٢٥ / ١٦٣.
(٣) في المصدر : مناجاته.
(٤) مناقب ابن المغازلي ١٢٦ / ١٦٥ ، مسند أحمد.
الحسين محمّد العلوي العدل قال : حدّثنا محمّد بن محمود قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا وهب بن تعبة قال : أخبرنا خالد عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر قال : انتجى النبيّ صلىاللهعليهوآله عليّا في غزوة الطائف يوما فقالوا : لقد طالت مناجاتك اليوم عليّا فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : «ما أنا انتجيته ولكنّ الله انتجاه» (١).
الخامس : ابن المغازلي قال : أخبرنا أبو طالب محمّد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن حسين بن شاذان إذنا قال : حدّثنا محمّد بن أحمد اللخمي قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا محمود بن إبراهيم قال : حدّثنا عبد الجبار بن العبّاس قال : حدّثنا عمّار الذهني عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا يوم الطائف فأطال نجواه فقال رجل : لقد طال نجواه لابن عمّه فبلغ ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : «ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه» (٢).
السادس : موفق بن أحمد قال : أخبرنا الشيخ الصالح الأوحد أبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم بن أبي سهل الكرخي والهروي عن مشايخ الثلاثة القاضي أبي عامر محمود بن القاسم الازدي وأبي نصر عبد العزيز محمّد الترياقي وأبي بكر أحمد بن عبد الصمد الفروجي ثلاثتهم عن أبي محمّد عبد الجبار بن محمّد الخراجي عن أبي العبّاس محمّد بن أحمد المجنوني عن الإمام الحافظ عن أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي ، حدّثنا علي بن المنذر ، حدّثنا محمّد بن الفضيل عن الأجلح عن أبي الزبير قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا يوم الطائف وانتجاه فقال الناس : لقد طال نجواه مع ابن عمه فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ما أنا انتجيته ولكن الله انتجاه» (٣).
السابع : كتاب فضائل الصحابة للسمعاني بالاسناد قال عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال : لما كان يوم الطائف دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام فناجاه طويلا ، فقال بعض أصحابه : لقد طال مناجاة ابن عمّه قال : «ما انتجيته ولكن الله انتجاه» (٤).
الثامن : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء العامّة من المعتزلة قال : ذكر أحمد بن حنبل في مسنده قال : دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا في غزاة الطائف فانتجاه وأطال نجواه حتّى كره القوم من الصحابة ذلك فجمع منهم قوما ثمّ قال : «إن قائلا قال : لقد أطال اليوم نجوى ابن عمه ، أما إني ما انتجيته ولكنّ الله انتجاه» (٥).
__________________
(١) مناقب ابن المغازلي ١٢٦ / ١٦٦.
(٢) مناقب ابن المغازلي ١٢٦ / ١٦٣.
(٣) مناقب الخوارزمي ١٣٨ / ١٥٧.
(٤) رواه عنه ابن شهرآشوب في المناقب ٢ : ٢٢٢.
(٥) شرح نهج البلاغة ٩ : ١٧٣.
الباب الثامن والثلاثون
في المناجاة يوم الطائف
من طريق الخاصّة وفيه ثمانية عشر حديثا
الأوّل : محمّد بن الحسن الصفّار في بصائر الدرجات قال : أخبرني أحمد بن محمّد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيّوب عن عمرو بن أبان عن أديم أخي أيّوب عن حمران قال : قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام : جعلت فداك ، بلغني أن الله تبارك وتعالى ناجى عليّا عليهالسلام قال : «أجل قد كان بينهما مناجاة الطائف ، نزل بينهما جبرائيل» (١).
الثاني : الصفّار هذا عن إبراهيم بن هاشم عن يحيى بن عمران عن يونس عن حمّاد بن عثمان عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إن سلمة بن كهيل يروي في عليّ أشياء قال : «ما هي»؟ قلت : حدّثني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان محاصرا أهل الطائف وأنه خلا بعلي يوما فقال رجل من أصحابه : عجبا لما نحن فيه من الشدة وانه يناجي هذا الغلام منذ اليوم فقال صلىاللهعليهوآله : «ما أنا بمناج له إنما يناجي ربه» فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنما هذه أشياء يعرف بعضها من بعض» (٢).
الثالث : الصفّار عن محمّد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن عاصم عن معاوية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : لما كان يوم الطائف ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا فقال أبو بكر : انتجيته دوننا ، فقال : «ما انتجيته بل الله ناجاه» (٣).
الرابع : الصفّار عن علي بن محمّد قال : حدّثني حمران بن سليمان قال : حدّثني عبد الله بن محمّد اليماني عن منيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبي رافع قال : لما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا يوم خيبر فتفل في عيينة فقال له : «افتحهما فقف بين الناس فإن الله أمرني بذلك» قال أبو رافع : فمضى عليّ وأنا معه ، فلما أصبح بخيبر وقف بين الناس فأطال الوقوف فقال الناس إن عليّا يناجي ربه ، فلما مكث أمر بانتهاب المدينة التي افتتحها ، فقال أبو رافع : فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : إن عليّا وقف بين الناس كما أمرته ، فقال قوم : إن الله ناجاه فقال : «نعم يا أبا رافع إن الله ناجاه يوم
__________________
(١) بصائر الدرجات ٤١٠ / ١.
(٢) بصائر الدرجات ٤١٠ / ٢.
(٣) بصائر الدرجات ٤١١ / ٤.
الطائف ويوم عقبة تبوك ويوم خيبر» (١).
الخامس : الصفّار بهذا الإسناد عن منيع عن يونس عن علي بن أعين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأهل الطائف : «لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به الخير سوطه سيفه ، فتشرّف الناس لها».
فلما أصبح دعا عليّا فقال : «اذهب إلى الطائف» ثمّ أمر الله النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يدخل إليها بعد ان دخلها علي فلما صار إليها كان علي عليهالسلام على رأس الجبل فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اثبت» فثبت ، فسمعنا مثل صرير الرحى فقيل : ما هذا يا رسول الله قال : «إن الله يناجيه عليهالسلام» (٢).
السادس : الشيخ الطوسي في أماليه قال : أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مهدي قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرّحمن بن عقدة الحافظ قال : حدّثنا أحمد بن يحيى قال : حدّثنا عبد الرّحمن قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا الاجلح بن عبد الله الكندي عن أبي الزبير عن جابر قال : ناجى رسول الله صلىاللهعليهوآله علي بن أبي طالب عليهالسلام يوم الطائف فأطال مناجاته ، فرأى الكراهة في وجوه رجال فقالوا : قد أطال مناجاته منذ اليوم ، فقال : «ما انتجيته ولكن الله عزوجل انتجاه» (٣).
السابع : الشيخ أيضا في أماليه قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون بن الصلت الأهوازي قال : أخبرنا أحمد بن محمّد قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان قال : حدّثنا عبد الله بن مسلم الملائي عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله دعا عليّاعليهالسلام وهو محاصر الطائف ، فكان القوم اشرفوا لذلك وقالوا : لقد طال نجواك له منذ اليوم فقال : «ما انتجيه ولكن الله انتجاه» (٤).
الثامن : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن بن علي بن زكريّا العاصمي قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله الغدانى قال : حدّثنا الربيع بن سياد قال : حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذرّ رضي الله عنه في حديث مناشدة أمير المؤمنين عليهالسلام لأهل الشورى فقال : أتعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ناجاني يوم الطائف دون الناس ، فأطال ذلك فقال بعضكم : يا رسول الله إنك انتجيت عليّا دوننا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ما أنا انتجيته بل الله عزوجل انتجاه» قالوا : نعم (٥).
التاسع : الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن
__________________
(١) بصائر الدرجات ٤١١ / ٥.
(٢) بصائر الدرجات ٤١٢ / ١٠.
(٣) أمالي الطوسي : ٢٦٠ ح ٤٧٢.
(٤) المصدر السابق.
(٥) أمالي الطوسي ٥٤٨ / ١١٦٨.
سعيد عن فضالة بن أيّوب عن عمرو بن أبان الكلبي عن أديم بن الحرّ عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : بلغني أن الرب تبارك قد ناجى عليّا عليهالسلام فقال : «أجل ، قد كان بينهما مناجاة بالطائف ، نزل بينهما جبرائيل» (١).
العاشر : المفيد عن إبراهيم بن هاشم عن يحيى بن أبي عمران عن يونس عن حمّاد بن عثمان عن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أن سلمة بن كهيل روى في عليّ عليهالسلام أشياء كثيرة قال : «ما هي؟» قال : حدّثني أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان محاصرا أهل الطائف وأنّه خلى بعلي يوما فقال رجل من أصحابه ، عجبا لما نحن فيه من الشدة ، وأنه يناجي هذا الغلام منذ اليوم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «ما أنا بمناجيه إنما يناجي ربّه» فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «نعم ، إنما هذه أشياء يعرض بعضها من بعض» (٢).
الحادي عشر : المفيد عن علي بن محمّد بن علي بن عيسى بن سعيد عن حمدان بن سليمان النيسابوري قال : حدّثني عبد الله بن محمّد اليماني عن سبيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبيه عن جده عن أبي رافع قال : لما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام يوم خيبر فتفل في عينه قال : «لا فإذا أنت فتحتها فقف بين الناس ، فإن الله أمرني بذلك» قال أبو رافع ، فمضى عليّ وأنا معه ، ولما أصبح بخيبر وافتتحها وقف بين الناس فأطال الوقوف فقال الناس : إن عليّا يناجي ربه ، فلما مكث ساعة أمر بانتهاب المدينة التي افتتحها ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : يا رسول الله إن عليّا وقف بين الناس كما أمرته ، فسمعت قوما منهم يقولون : إن الله ناجاه فقال : «نعم ، إن الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة تبوك» (٣).
الثاني عشر : المفيد عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمّار عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزاة الطائف دعا عليّاعليهالسلام فانتجاه فقال الناس وقال أبو بكر وعمر : انتجاه دوننا ، فقام النبيّ صلىاللهعليهوآله في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : «أيها الناس أنتم تقولون : إني انتجيت عليّا وإنّي والله ما انتجيته ولكن الله انتجاه» قال معاوية : فعرضت هذا الحديث على أبي عبد الله عليهالسلام وقال : «إن ذلك ليقال» (٤).
الثالث عشر : المفيد عن علي بن محمّد بن علي بن سعيد عن حمدان بن سليمان النيشابوري
__________________
(١) الاختصاص : ٢٧٨.
(٢) الاختصاص : ٣٢٧.
(٣) الاختصاص : ٣٢٨.
(٤) الاختصاص ٢٠٠.
قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد اليماني عن سبيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبيه عن جده عن أبي رافع قال : لما بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله ببراءة مع أبي بكر أنزل الله تبارك وتعالى عليه : [تترك] من ناجيته غير مرّة وتبعث من لم أناجه؟ فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخذ البراءة منه ودفعها إلى علي عليهالسلام ، فقال له علي عليهالسلام : «أوصني يا رسول الله» فقال : «الله يوصيك ويناجيك ، فناجاه الله يوم براءة من مثل صلاة الأولى إلى صلاة العصر» (١).
الرابع عشر : المفيد بهذا الإسناد أن الله ناجى عليّا يوم غسل رسول الله صلىاللهعليهوآله. (٢)
الخامس عشر : المفيد عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن القاسم بن عروة عن عاصم بن حميد عن معاوية بن عمّار عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : لما كان يوم الطائف انتجى رسول اللهصلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام : فقال أبو بكر وعمر : انتجيته دوننا؟ فقال : «ما أنا انتجيته ، بل الله انتجاه»(٣).
السادس عشر : المفيد عن علي بن محمّد بن علي بن سعيد عن حمدان بن سلمان النيشابوري عن عبد الله بن محمّد اليماني عن سبيع عن يونس عن علي بن أعين عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأهل الطائف : «لأبعثن إليكم رجلا كنفسي يفتح الله به ، فتشرّف الناس لها» فلمّا أصبح دعا عليّا عليهالسلام فقال ، اذهب إلى الطائف ، ثمّ أمر الله النبيّ ان يدخل إليها بعد دخول علي ، فلمّا صار إليها وكان علي عليهالسلام على رأس الجبل فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اثبت اثبت» فسمعنا صوتا مثل صرير الرحى فقال : يا رسول الله ما هذا؟ فقال : «إن الله عزوجل ناجى عليّا» (٤).
السابع عشر : المفيد عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن المثنى بن الوليد الحناط عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إن رسول اللهصلىاللهعليهوآله انتجى عليّا عليهالسلام يوم الطائف فقال أصحابه : يا رسول الله انتجيت عليّا من بيننا وهو أحدثنا سنا فقال : ما أنا انتجيته بل الله انتجاه» (٥).
الثامن عشر : المفيد عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان الكلبي عن اديم بن الحرّ عن حمران بن أعين قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام بلغني أن الله تبارك وتعالى قد ناجى عليّا عليهالسلام فقال : «أجل قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبرائيلعليهالسلام وقال : إن الله علّم رسوله الحرام والحلال والتأويل ، فعلّم رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا ذلك كلّه». (٦)
__________________
(١) الاختصاص : ٢٠٠.
(٢) الاختصاص : ٢٠٠.
(٣) الاختصاص : ٢٠٠.
(٤) الاختصاص : ٢٠٠.
(٥) الاختصاص : ٢٠٠.
(٦) الاختصاص : ٢٧٨.
الباب التاسع والثلاثون
في أن أمير المؤمنين عليهالسلام أقضى الأمّة بنصّ رسول الله صلىاللهعليهوآله
وولّاه القضاء ودعا له صلىاللهعليهوآله
من طريق العامّة وفيه سبعة عشر حديثا
الأوّل : موفّق بن أحمد من أعيان علماء العامّة قال : أنبأني مهذب الأئمّة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني نزيل بغداد ، أنبأنا أبو طالب محمّد بن عبد القادر عن عبد العزيز علي أخبرنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، حدّثنا عبد الله بن الحسن ويحيى بن محمّد المديني قالا : حدّثنا عبيد بن سعد ، حدّثنا عمى يعقوب بن إبراهيم ، حدّثنا سلام أبو عبد الله قال يحيى وهو ابن سالم الطويل المدائنيّ : قال محمّد بن أحمد بن محمّد ، وحدّثنا محمّد بن إسحاق بن البهلول القاضي ، حدّثنا أبي عن سلافة بن سالم قالوا في حديثهم عن زيد العمى عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : «ان أقضى أمّتي علي بن أبي طالب» (١).
الثاني : موفق بن أحمد ، أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني فيما كتب إليّ من همدان ، أخبرنا أبي أخبرنا أبو سعيد الفتال بأصفهان ، حدّثنا أبو إسحاق بن خرسيد قوله أبو سعيد أحمد بن زياد الاعرابي ، حدّثني نجيح بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن الزهري القاضي ، حدّثني أبو نعيم ضرار بن صرد ، حدّثني علي بن هاشم ، حدّثني محمّد بن عبد الله الهاشمي عن أبي بكر محمّد بن عمر بن خرم بن عباد بن عبد الله عن سلمان رضي الله عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «أعلم أمّتي من بعدي عليّ بن أبي طالب» (٢).
الثالث : من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله بن الحسن قال : حدّثنا مالك بن سليمان أبو أنس الأنصاري قال : حدّثنا سليمان بن عبّاس ، حدّثني صفوان بن عمر عن حميد بن عبد الله بن يزيد المدني أنه ذكر عند النبيّ صلىاللهعليهوآله قضاء قضى به عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فأعجب النبي صلىاللهعليهوآله وقال : «الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل
__________________
(١) مناقب الخوارزمي ٨١ / ٦٦.
(٢) مناقب الخوارزمي ٨٢ / ٦٧.
البيت» (١).
الرابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا الفضل بن حباب قال : حدّثنا إبراهيم بن يسار الرمادي قال : حدّثنا سفيان قال : حدّثنا الاجلح عن عبد الله الكندي عن الشعبي عن عبد الله بن الخليل عن زيد بن أرقم قال : أتى على باليمن بثلاثة نفر وقعوا على جارية في طهر واحد فولدت ولدا فادعوه فقال عليّ عليهالسلام لأحدهم : «أتطيب به نفسا لهذا؟» قال : لا فقال : «أراكم شركاء متشاكسين ، إني مقرع بينكم فأيكم أصابته القرعة أغرمته ثلثي القيمة ولزمته الولد» فذكر ذلك للنبيّصلىاللهعليهوآله فقال : «ما أجد فيه إلّا ما قال علي» (٢).
الخامس : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا سعيد مولى بني هاشم قال : حدّثنا إسرائيل قال : حدّثنا سمّاك عن حبيش عن علي عليهالسلام قال : «بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد أتوا زبية الأسد ، فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر ثمّ تعلق الرجل بآخر حتّى صار فيها أربعة فجرحهم الأسد ، فانتدب له رجل فقتله وماتوا من جراحتهم كلّهم ، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فاخرجوا السلاح ليقتتلوا ، فأتاهم علي عليهالسلام يفته ذلك فقال : أتريدون أن تقتتلوا ورسول الله صلىاللهعليهوآله حي. إني أقضي بينكم قضاء إن رضيتم به فهو القضاء وإلّا حجر بعضكم عن بعض حتّى تأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فيكون هو الذي يقضي بينكم ، فمن عدا بعد ذلك فلا حق له ، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البير ربع الدّية وثلث الدّية ونصف الدّية والدّية كاملة فالاول الربع لأنّه اهلك من فوقه، والثاني ثلث الدّية ، والثالث نصف الدّية فأبوا أن يرضوا ، فأتوا النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو عند مقام إبراهيمعليهالسلام ، قصوا عليه القصة فقال : أنا أقضي بينكم فقال رجل من القوم : إن عليّا قضى فينا ، وقصوا القصة عليه فأجازه رسول الله صلىاللهعليهوآله» (٣).
السادس : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا نمير قال : حدّثنا حمّاد قال: أخبرنا سمّاك عن حبشي أن عليّا عليهالسلام قال : «والرابع الدّية كاملة» (٤).
السابع : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدّثنا علي بن حكيم قال : حدّثنا علي بن جعفر الوركاني ، وحدّثنا زكريّا بن يحيى بن حمويه ، وحدّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة الحضرمي ، وحدّثنا داود بن عمر الضبي قالوا : حدّثنا شريك عن سماك بن حبيش عن علي عليهالسلام قال : «بعثني النبيّ صلىاللهعليهوآله قاضيا فقلت : تبعثني إلى قوم ذوي أسنان وأنا حدث السن لا علم
__________________
(١) مسند أحمد ١ : ٧٧ ح ١٠٦٣ ، وفضائل الصحابة : ١٦٨ ح ٢٣٥ ط. الاولى.
(٢) مسند أحمد ٤ : ٣٧٤.
(٣) مسند أحمد ١ : ٧٧.
(٤) مسند أحمد ١ : ٧٧ و ١٥٢.
لي بالقضاء؟ فوضع يده على صدري وقال : ثبّتك الله وسدّدك الله ، إذا جاءك الخصمان فلا تقض للأول حتّى تسمع من الآخر فإنّه أجدر ان يبين لك القضاء ، قال : فما زلت قاضيا» وهذا لفظ داود ابن عمر بعضهم أتم كلاما من بعض (١).
الثامن : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد الخراساني قال : حدّثنا داود بن عمر الضبي وأبو الربيع الزهراني قالا : حدّثنا شريك عن سماك عن حبيش بن المعتمر عن عليّ عليهالسلام قال : «بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن قاضيا فقلت : يا رسول الله إني شاب وتبعثني إلى أقوام ذوي أسنان؟ فدعا بدعوات» هذا لفظ أبي الربيع ، وزاد داود في حديثه : «فوضع يده على صدري فقال ثبتك الله وسددك» وفي حديث أبي الربيع «فما اختلف عليّ بعد ذلك القضاء».
التاسع : وعبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثني أبي قال : حدّثنا يحيى بن آدم قال : حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي عليهالسلام قال : «بعثني رسول اللهصلىاللهعليهوآله إلى اليمن قاضيا فقلت : إنك تبعثني إلى قوم هم أسنّ منّي لأقضي بينهم» قال : فقال : «اذهب فإن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك» (٢).
العاشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا اسود بن عامر قال : حدّثنا شريك عن سماك عن حبش عن علي عليهالسلام قال : «بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن فقلت : يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسنّ منّي وأنا حدث لا أبصر القضاء؟ قال : فوضع يده على صدري وقال : اللهمّ ثبت لسانه واهد قلبه ، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتّى تسمع من الآخر ما سمعت من الأوّل ، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء ، قال : فما اختلف عليّ قضاء بعد ، وما أشكل عليّ قضاء بعد» (٣).
الحادي عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثني أبي قال : حدّثني نمير عن الأعمش عن عمر بن مرّ عن أبي البختري عن علي عليهالسلام قال : «بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن وأنا شاب فقلت : يا رسول الله تبعثني إلى قوم أقضي بينهم ولا علم لي بالقضاء؟ فقال ادن مني ، فدنوت منه فضرب يده على صدري وقال : اللهمّ اهد قلبه وثبت لسانه ، فما شككت في قضاء بين اثنين» (٤).
الثاني عشر : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله بن سليمان قال : حدّثنا أبو سابق عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن عليّا عليهالسلام قضى بالشاهد مع اليمين
__________________
(١) مسند أحمد ١ : ١٤٩.
(٢) مسند أحمد ١ : ١٥٦.
(٣) مسند أحمد ١ : ١١١.
(٤) مسند أحمد ١ : ٨٣.
بالحجاز ، وقضى به عليهالسلام بالكوفة (١).
الثالث عشر : موفّق بن أحمد قال : أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني قال : أخبرنا نصر بن محمّد بن علي بن ديرك المقري عن شوذب الواسطي ، حدّثنا شعيب بن أيوب ، حدّثنا يعلى بن عبد الرّحمن عن الأعمش عن عمر بن مرّة عن أبي البختري عن عليّ رضي الله عنه قال : «بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن وأنا شاب لأقضي بينهم وما أدري ما القضاء ، فضرب في صدري وقال : اللهمّ اهد قلبه وثبت لسانه ، فو الذي فلق الحبة ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين»(٢).
الرابع عشر : موفق بن أحمد بإسناده عن أحمد بن الحسين ، أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن يوسف الاصبهاني ، حدّثنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدّثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ، حدّثنا يحيى بن أبي بكر عن سلام عن يزيد العمّي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أقضى الأمّة علي» (٣).
الخامس عشر : من كتاب فضائل الصحابة لأبي المظفر السمعاني بالاسناد عن عبد الرّحمن بن أبي قبيصة عن أبيه عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «علي أقضى أمّتي فمن أحبني فليحبه ، فإن العبد لا ينال ولايتي إلّا بحب علي» قال ابن البطريق في المستدرك : قد ذكر ذلك أحمد بن حنبل من ثلاثة طرق ، ومن مسلم في صحيحه طريق واحد (٤).
السادس عشر : من كتاب فضائل الصحابة أيضا بالاسناد عن أبي ملائكة عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال عمر : علي أقضانا وأبي أقرانا ، وهذا الخبر من الصحيحين صحيح مسلم والبخاري(٥).
السابع عشر : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة رواه عن أبي نعيم الحافظ وهما عاميان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «اخصمك يا علي بالنبوة فلا نبوة بعدي ، وتخصم بسبع لا يجاحد فيها أحد من قريش : أنت أولهم ايمانا وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأقسمهم بالسوية ، وأعدلهم في الرعيّة ، وأبصرهم بالقضية ، وأعظمهم عند الله مزية» (٦).
__________________
(١) العمدة : ٢٥٧. مسند أحمد : ١ / ١٤٠.
(٢) مناقب الخوارزمي ٨٣ / ٧١.
(٣) مناقب الخوارزمي ٨١ / ٦٦.
(٤) بحار الأنوار ٣٥ / ٢٨٣ / ٦٨ ، عن بشارة المصطفى.
(٥) صحيح البخاري ٦ : ٢٣ ، مسند أحمد ٥ : ١١٣ ، المستدرك ٣ : ٣٠٥ ، حلية الاولياء ١ : ٦٥.
(٦) شرح نهج البلاغة ٩ : ١٧٣.
الباب الأربعون
في أن أمير المؤمنين أقضى الامة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وولّاه القضاء
من طريق الخاصّة وفيه ثمانية أحاديث
الأوّل : الشيخ في التهذيب بإسناده عن أحمد بن محمّد بن خالد عن أبي الخزرج عن مصعب بن سلام التميمي عن أبي عبد الله عليهالسلام «أن ثورا قتل حمارا على عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ورفع ذلك إليه وهو في اناس من أصحابه منهم أبو بكر وعمر فقال : يا أبا بكر ، اقض بينهم ، فقال : يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليها شيء فقال : يا عمر اقض بينهم فقال مثل قول أبي بكر ، فقال : يا علي اقض بينهم فقال : نعم يا رسول الله إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور ، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم ، قال : فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله يده إلى السماء : فقال الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين» (١).
الثاني : الشيخ في التهذيب بإسناده عن عبد الرّحمن بن أبي نجران عن صباح الحذاء عن رجل عن سعيد بن طريف الاسكاف عن أبي جعفر عليهالسلام مثل ذلك في المعنى واختلف بعض الفاظه (٢).
الثالث : ابن بابويه في أماليه قال : حدّثنا أبي رحمهالله قال : حدّثنا سعد بن عبد الله قال : حدّثنا علي بن حماد البغدادي عن بشر بن غياث المريسي قال : حدّثني أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم عن أبي حنيفة عن عبد الرّحمن السلماني عن حبش بن معمر عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : «دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله فوجهني إلى اليمن لأصلح بينهم فقلت : يا رسول الله انهم قوم كثير ولهم سنّ وأنا شاب حدث فقال : يا علي إذا صحوت على عقبة أفيق فناد بأعلى صوتك : يا شجر يا مدرّ يا ثرى ، محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرئكم السلام ، قال : فذهبت ، فلما صرت بأعلى العقبة أشرفت على أهل اليمن ، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي مشرعون رماحهم ، مسوون اسنتهم ، متنكبون قسيّهم ، شاهرون سلاحهم فناديت بأعلى صوتي : يا شجر يا مدر يا ثرى ، محمّد رسول الله يقرئكم السلام ، فلم تبق شجرة ولا مدرة ولا ثرى إلّا ارتج بصوت واحد : وعلى محمّد رسول الله وعليك السلام ، فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم ووقع السلاح من أيديهم وأقبلوا إليّ مسرعين ،
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ٢٢٩ / ٩٠١.
(٢) التهذيب ١٠ : ٢٢٩ / ٩٠١.
فأصلحت بينهم وانصرفت» (١).
الرابع : الشيخ في التهذيب بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى عن محمّد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قضى عليّ عليهالسلام في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد وذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام ، فأقرع بينهم فجعل الولد لمن قرع، وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى بدت نواجذه قال : وما أعلم فيها شيئا إلّا ما قضى علي عليهالسلام» (٢).
الخامس : محمّد بن يعقوب عن علي عن أبيه عن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام إلى اليمن فقال له حين قدم : حدّثني باعجب ما مرّ عليك قال : يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئوها جميعا في طهر واحد ، فولدت غلاما واحتجوا فيه ، كلّهم يدّعيه ، فسهمت بينهم وجعلت للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّه ليس من قوم تنازعوا ثمّ فوضوا أمرهم إلى الله عزوجل إلّا خرج الحق» (٣).
السادس : الشيخ في التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عبد الرّحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام إلى اليمن فقال له حين قدم : حدّثني بأعجب ما ورد عليك فقال : يا رسول الله أتاني قوم تبايعوا جارية فوطأها جميعهم في طهر واحد ، فولدت غلاما فاحتجوا فيه ، كلّهم يدّعيه ، فأسهمت بينهم فجعلت للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس من قوم تنازعوا ثمّ فوضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحق» (٤).
السابع : الشيخ في التهذيب بإسناده عن يونس عن عبيد الحلبي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام إلى اليمن ، فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ، فمرّ يعدو فمرّ برجل فنفحه برجله فقتله ، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه ودفعوه إلى عليّ عليهالسلام ، فأقام صاحب الفرس البينة ان فرسه أفلت من داره ونفح الرجل ، فأبطل عليّ عليهالسلام دم صاحبهم ، قال : فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا رسول الله ان عليّا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : إنّ عليّا ليس بظلّام ، ولم يخلق للظلم لأن الولاية لعلي من بعدي ، والحكم حكمه والقول
__________________
(١) أمالي الصدوق ٢٩٣ / ٣٢٧ ، بحار الأنوار ١٧ : ٣٧١ / ٢٣.
(٢) التهذيب ٨ : ١٦٩ / ٥٩١.
(٣) الكافي ٥ : ٤٩١ / ٢.
(٤) التهذيب ٦ : ٢٣٨ / ٥٨٥ و ٨ : ١٧٠ / ٥٩٢.
قوله ، ولا يردّ ولايته وقوله وحكمه إلّا كافر ، ولا يرضى ولايته وقوله وحكمه إلّا مؤمن ، فلمّا سمع اليمانيون قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في علي عليهالسلام قالوا : يا رسول الله رضينا بحكم علي وقوله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهو توبتكم ممّا قلتم» (١).
الثامن : الشيخ في التهذيب بإسناده عن سهل بن زياد عن محمّد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرّحمن الأصم عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليهالسلام : «أن قوما احتفروا زبية الأسد باليمن ، فوقع فيها الأسد فازدحم الناس عليها ينظرون إلى الأسد ، فوقع رجل فتعلق بآخر وتعلق الآخر بالآخر والآخر بالآخر ، فمنهم من مات من جراحة الأسد ، ومنهم من أخرج فمات ، فتشاجروا في ذلك حتّى أخذوا السيوف فقال أمير المؤمنين : هلموا أقض بينكم ، فقضى أن للأوّل ربع الدّية والثاني ثلث الدّية والثالث نصف الدّية والرابع الدّية كاملة ، وجعل ذلك على قبائل الذين ازدحموا ، فرضي بعض القوم وسخط بعض ، ورفع ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله واخبر بقضاء أمير المؤمنين عليهالسلام فأجازه» (٢).
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ٢٢٩ / ٩٠٠.
(٢) التهذيب ١٠ : ٢٣٩ / ٩٥٢.
الباب الحادي والأربعون
في رجوع أبي بكر وعمر وعثمان في العلم والحكم
وغيرهم من الصحابة إلى أمير المؤمنين
من طريق العامّة وفيه ثلاثة وثلاثون حديثا
الأوّل : من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا عبد الله القواريري قال : حدّثنا مؤمل قال : حدّثنا ابن عيينة عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن عليهالسلام (١).
الثاني : عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال : حدّثنا محمّد بن جعفر قال : حدّثنا سعيد عن قتادة عن الحسن أن عمر بن الخطاب أراد ان يرجم مجنونة فقال علي عليهالسلام : «ما لك؟ مالك؟ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتّى يستيقظ ، وعن المجنون حتّى يبرأ ويعقل ، وعن الطفل حتّى يحتلم فدرأ عنها عمر» (٢).
الثالث : عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدّثنا محمّد بن يونس قال : حدّثنا زيد بن عمر بن عثمان النمري البصري ، حدّثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن أبي حازم قال : جاء رجل إلى معاوية فسأله عن مسألة فقال : سلّ عنها علي بن أبي طالب فهو أعلم بها فقال : يا أمير المؤمنين جوابك فيها أحب من جواب علي ، فقال : بئس ما قلت ولؤم ما جئت به ، لقد كرهت رجلا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يغرّه العلم غرا ولقد قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي» وكان عمر إذا أشكل عليه أمر شيء يأخذ منه ، ولقد شهدت عمر وقد أشكل عليه شيء فقال عمر ، هاهنا علي؟
قم لا أقام الله رجليك ، والفضل ما شهدت به الأعداء ، وهذا الحديث ذكره من العامّة إبراهيم بن محمّد الحمويني في كتاب فرائد السمطين (٣).
__________________
(١) رواه ابن حنبل في فضائل الصحابة ٢ : ١٥٤ / ٢٢١ ، وكذا في تاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٣٥ ، مطالب السئول ١ : ١٣٧.
(٢) مسند أحمد ١ : ١٤٠.
(٣) للحديث طرق عديدة ، منها : مسند أحمد ٣ : ٢٣٨ ، كتاب السنّة للألباني ٥٨٨ : ١٣٤٩ ، الاستيعاب ٣ : ٣٤ ، مطالب السئول ١ : ٨٥ و ٩٥ ، فرائد السمطين ١ : ٣٧١ / ٣٠٢.
الرابع : من صحيح مسلم في الجزء الخامس منه في أوله على حدّ الكراسين في تفسيره سورة الزخرف قال ذكر : إن امرأة دخلت على زوجها فولدت في ستة أشهر ، فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفّان فأمر بها أن ترجم ، فدخل علي عليهالسلام فقال : «إن الله عزوجل يقول : وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وفصاله في عامين» (١) قال : فو الله ما عبد عثمان أن بعث لها فردّت. قال الراوي : عبد : استنكف ، وأنشد ابن قتيبة واعبد ان تهجي تميم بدارم ، أي آنف (٢).
الخامس : ومن الجمع بين الصحيحين حديث الأوّل من أفراد البخاري من مسند أبي كعب الأنصاري قال عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : قال عمر : اقرأنا أبي وأقضانا علي وإنّا لندع كثيرا من قول أبي وإن أبيّا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد قال الله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) (٣) وفي حديث صدقة بن الفضل وأبي يقول : أخذته من في رسول الله صلىاللهعليهوآله فلا أتركه لشيء (٤).
السادس : موفق بن أحمد من العامّة قال : أخبرنا الإمام العلّامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود ابن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسن بن مردك الرازي أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين السمان ، أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن الصباح بقراءتي عليه ، حدّثنا عبد الصمد بن علي بن محمّد بن مكرم البزاز ، حدّثنا السري بن سهل الجندي النيسابوري ، حدّثنا عبد الله بن رشد ، حدّثنا عبد الوارث بن سعيد أنّ عمر بن الخطاب أتي بامرأة مجنونة حبلى قد زنت فأراد أن يرجمها فقال له عليّ : «ما سمعت ما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله» قال : ما الذي قال؟ قال : «رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتّى يبرأ وعن الغلام حتّى يحتلم ، وعن النائم حتّى يستيقظ» قال : فخلّى عنها (٥).
السابع : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعيد السمان هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن هارون القاضي الضبي إملاء لفظا ، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق سنة ثلاثين وثلاثمائة أن عليّ بن محمّد النخعي حدثه قال : حدّثني سليمان بن إبراهيم المحاربي ، حدّثني نصر بن مزاحم بن نصر المقري، حدّثني إبراهيم بن الزبرقان التميمي ، حدّثني أبو خالد ، حدّثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي رضي الله عنه قال : لمّا كان في ولاية عمر أتي بامرأة حامل فسألها عمر
__________________
(١) سورة لقمان : ١٤ ، وانظر سورة الأحقاف : ١٥.
(٢) العمدة : ٢٥٨ ، ح ٤٠٥.
(٣) البقرة : ١٠٦.
(٤) العمدة : ٢٥٩ ، عن صحيح البخاري : ٢ / ١٩ ، ومسند أحمد : ٥ / ١١٣.
(٥) مناقب الخوارزمي ٨٠ / ٦٤.
فاعترفت بالفجور ، فأمر بها عمر أن ترجم فلقيها علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : «ما بال هذه»؟ فقالوا : أمر بها أمير المؤمنين أن ترجم فردّها عليّ عليهالسلام فقال لعمر : «أمرت بها أن ترجم» قال : نعم ، اعترفت عندي بالفجور فقال : «هذا سلطانك عليها ، فما سلطانك على الذي في بطنها ولعلّك انتهرتها وأخفتها» فقال عمر قد كان ذاك قال : «أوما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لا حدّ على معترف بعد بلاء؟ إنّه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له» فخلّى سبيلها ثمّ قال عمر : عجزت النساء أن تلد مثل عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، لو لا علي لهلك عمر (١).
الثامن : موفق بن أحمد قال : أخبرنا العلّامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، وأخبرنا الاستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الداري ، أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان ، حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن زكريّا التستري بقراءتي عليه، وحدّثنا محمّد بن أحمد بن عمرو الدبيقي ، حدّثنا يحيى بن أبي طالب قال : حدّثنا أبو بدر عن سعيد بن أبي عروبة عن داود بن أبي القصات عن أبي حرب بن أبي الأسود أن عمر أتى بامرأة وضعت لستة أشهر فهمّ برجمها فبلغ ذلك عليّا فقال : «ليس عليها رجم» فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله فقال عليّ : «(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (٢) وقال : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٣) فالستة أشهر حمله وحولين تمام الرضاعة ، لا حدّ عليها وان شئت لا رجم عليها» قال فخلّى عنها سبيلها ثمّ ولدت بعد ستة أشهر (٤).
التاسع : موفق بن أحمد بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا قال : أخبرنا أحمد بن الحسين الموسى آبادي بقراءتي عليه ، حدّثنا أبو علي الفلاس وأبو عبد الله القطان وأبو سعيد أحمد بن علي البيع قال : حدّثنا علي بن موسى القمّيّ ، حدّثنا ابن أبي طالب ، حدّثنا معلّى بن أبي زائدة ، حدّثنا أشعث عن عامر عن مسروق شناخ ، وحدّثنا ابن أبي زائدة عن داود بن هند عن عامر عن مسروق قال : أتي عمر بامرأة انكحت في عدّتها ، ففرق بينهما وجعل لها صداقها في بيت المال وقال : لا أجيز مهرا ارد نكاحه وقال : لا يجتمعان أبدا ، زاد شعيب : فبلغ عليّا فقال : وإن كانوا جهلوا السنّة فله المهر بما استحل من فرجها ، ويفرّق بينهما ، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطّاب ، فخطب عمر الناس وقال : ردّوا الجهالات إلى السنّة ورجع عمر إلى قول عليّ (٥).
__________________
(١) مناقب الخوارزمي ٨١ / ٦٥.
(٢) البقرة : ٢٣٣.
(٣) الأحقاف : ١٥.
(٤) مناقب الخوارزمي ٩٥ / ٩٤.
(٥) مناقب الخوارزمي ٩٥ / ٩٥.