غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

الرابع : العيّاشي بإسناده عن عبد الله بن محمّد قال : كتب إليّ أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : ذكرت رحمك الله هؤلاء القوم الذين وصفت أنّهم كانوا بالأمس لكم إخوانا والذي صاروا إليه من الخلاف لكم والعداوة لكم والبراءة منكم والذين تأفكوا به من حياة أبي عبد الله صلوات الله عليه ورحمته ؛ وذكر في آخر الكتاب إنّ هؤلاء سنح لهم شيطان اغترّهم بالشبهة ولبس عليهم أمر دينهم وذلك لمّا ظهرت فريتهم واتّفقت كلمتهم وكذبوا على عالمهم وأرادوا الهدى من تلقاء أنفسهم وقالوا لم ومن وكيف فأتاهم الهلك من مأمن احتياطهم وذلك بما كسبت أيديهم وما ربّك بظلّام للعبيد ولم يكن ذلك لهم ولا عليهم ، بل كان الفرض عليهم والواجب لهم من ذلك الوقوف عند التحيّر وردّ ما جهلوه من ذلك إلى عالمه ومستنبطه ؛ لأنّ الله يقول في محكم كتابه : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) يعني آل محمّد وهم الذين يستنبطون من القرآن ويعرفون الحلال والحرام وهم الحجّة لله على خلقه (١).

الخامس : الشيخ المفيد في كتاب «الاختصاص» عن إسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انّما مثل علي بن أبي طالب عليه‌السلام ومثلنا من بعده في مثل هذه الامّة كمثل موسى النبيّ والعالم عليهما‌السلام حيث لقيه واستنطقه وسأله الصحبة فكان من أمرهما ما اقتصّه الله لنبيّه في كتابه ، وذلك أنّ الله قال لموسى عليه‌السلام (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) ثمّ قال : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) وقد كان عند العالم علم لم يكتبه لموسى في الألواح ، وكان موسى عليه‌السلام يظنّ أنّ جميع الأشياء التي يحتاج إليها في نبوّته وجميع العلم قد كتب له في الألواح كما يظنّ هؤلاء الذين يدّعون أنّهم علماء فقهاء وأنّهم قد أوتوا جميع العلم والفقه في الدين ممّا تحتاج هذه الامّة إليه فصحّ لهم ذلك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلموه وحفظوه وليس كلّ علم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا عرفوه ، وذلك أنّ الشيء من الحلال والحرام والأحكام قد يردّ عليهم فيسألون عنه فلا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيستحون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبون ، فطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله وتركوا الآثار ودانوا الله بالبدع وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّ بدعة ضلالة ، فلو أنّهم إذا سئلوا عن شيء من دين الله فلم يكن عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ردّوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطون منهم من آل محمّد والذي يمنعهم من طلب العلم منّا العداوة والحسد ، والله ما حسد موسى العالم

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ٢٦٠.

٣٢١

وموسى نبيّ يوحى الله إليه حيث لقنه واستنطقه وعرفه بالعلم ، بل أقرّ له بعلمه ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامّة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، علمنا ما ورثنا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم وسأله الصحبة فيتعلّم منه العلم ويرشده ، فلمّا إن سئل العالم ذلك علم العالم أنّ موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه ، فعند ذلك قال له العالم : إنّك لن تستطيع معي صبرا.

فقال له موسى عليه‌السلام : ولم لا أصبر.

فقال له العالم : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ، قال موسى وهو خاضع له بتعظيمه على نفسه كي يقبله : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا ، وقد كان العالم يعلم أنّ موسى لا يصبر على علمه وكذلك والله يا إسحاق حال قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم لا يحتملون والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخذون به ولا يصبرون عليه كما لم يصبر موسىعليه‌السلام على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه ، وكان ذلك عند موسى مكروها وكان عند الله رضى وهو الحقّ ، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروها لا يؤخذ به وهو عند الله الحقّ(١).

__________________

(١) الاختصاص : ٢٥٨.

٣٢٢

الباب السابع ومائتان

في قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

ابن شهرآشوب من طريق العامّة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك في قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) نزلت في عليّ كان أوّل من أخلص وجهه لله وهو محسن ، أي مؤمن مطيع (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قول لا إله إلّا الله وإلى الله عاقبة الامور ، والله ما قتل عليّ بن أبي طالب إلّا عليها (١).

الباب الثامن ومائتان

في قوله تعالى : (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى)

من طريق الخاصّة وفيه ثلاثة أحاديث

الأوّل : عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام قال : قال : الولاية (٢).

الثاني : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن أبيه عن حصين بن مخارق عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم‌السلام (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) قال : مودّتنا أهل البيت (٣).

الثالث : محمّد بن العبّاس ـ أيضا ـ قال : حدّثنا أحمد بن محمّد عن أبيه عن حصين بن مخارق عن هارون بن سعيد عن زيد بن عليّ عليه‌السلام قال : العروة الوثقى المودّة لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٥٦١ و ٥٦٢ ، بحار الأنوار : ٣٢ / ١٦ ح ٥.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٨٤.

(٣) بحار الأنوار : ٢٤ / ٨٥ ح ٧ ، عن كنز الفوائد.

(٤) بحار الأنوار : ٢٤ / ٨٥ ح ٨ ، عن كنز الفوائد.

٣٢٣

الباب التاسع ومائتان

قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)

من طريق العامّة وفيه حديث

واحد أسند الشيرازي ـ من أعيان العامّة ـ إلى قتادة عن الحسن البصري في قوله : (هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) قال : يقول : هذا طريق عليّ بن أبي طالب ودينه طريق مستقيم فاتّبعوه وتمسّكوا به فإنّه واضح لا عوج فيه (١).

الباب العاشر ومائتان

في قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ)

من طريق الخاصّة وفيه عشرة أحاديث

الأوّل : عليّ بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليه‌السلام في معنى الآية (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) قال : الصراط المستقيم الإمام (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) قال: يعني غير الإمام (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) يعني تفترقوا وتختلفوا في الإمام (٢).

الثاني : عليّ بن إبراهيم في التفسير أيضا ، أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن محمّد بن سنان عن أبي خالد القماط عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) قال : نحن السبيل فمن أبى فهذه السبيل فقد كفر (٣).

الثالث : محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب بصائر الدرجات عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن عليّ بن اسباط عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تبارك وتعالى : (أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) قال : هو والله عليّ هو والله الصراط والميزان (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٢٤ / ٢٣ ح ٥٠ ، عن الطرائف عن الشيرازي.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٢٢١.

(٣) تفسير القمي : ١ / ٢٢١.

(٤) بصائر الدرجات : ٧٩ ح ٩.

٣٢٤

الرابع : محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره بإسناده عن يزيد العجلي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : (هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) قال : أتدري ما يعني بصراطي مستقيما؟ قلت : لا ، قال : ولاية عليّ والأوصياء ، قال : وتدري ما يعني فاتّبعوه؟ قال : قلت : لا ، قال : يعني عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه ، قال: وتدري ما يعني ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله؟

قلت : لا.

قال : ولاية فلان وفلان والله ، قال : وتدري ما يعني فتفرّق بكم عن سبيله. قلت : لا ، قال : يعني سبيل عليّ عليه‌السلام (١).

الخامس : العيّاشي أيضا بإسناده عن سعد عن أبي جعفر عليه‌السلام (أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) قال : آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله الصراط الذي دلّ عليه (٢).

السادس : ابن الفارسي في «روضة الواعظين» قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) قال : سألت الله أن يجعلها لعليّ ففعل(٣).

السابع : شرف الدين النجفي في كتاب تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة قال : تأويله ما ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : حدّثني أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ) قال : طريق الإمامة فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل ، أي طرقا غيرها ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (٤).

الثامن : شرف الدين أيضا قال : ذكر علي بن يوسف بن جبير في كتاب نهج الإيمان قال: الصراط المستقيم هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام في هذه الآية لما رواه إبراهيم الثقفي في كتابه بإسناده إلى أبي بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) قال : سألت الله أن يجعلها لعليّ ففعل (٥) ، قلت : وروى ابن شهرآشوب في كتاب المناقب هذا الحديث عن إبراهيم الثقفي عن أبي بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث بعينه (٦).

__________________

(١) تفسير العياشي : ١ / ٣٨٤ ح ١٢٥.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ٣٨٤ ح ١٢٦.

(٣) روضة الواعظين : ١٠٦.

(٤) بحار الأنوار : ٢٤ / ١٧ ح ٢٥.

(٥) بحار الأنوار : ٢٤ / ١٧ ح ٢٦.

(٦) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٥٥٩ ، بحار الأنوار : ٣١ / ٣٦٣ ح ٤.

٣٢٥

التاسع : ابن شهرآشوب عن ابن عبّاس : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحكم وعليّ بين يديه مقابله ، ورجل عن يمينه ورجل عن شماله ، فقال عليه‌السلام : اليمين والشمال مضلّة والطريق السويّ الجادّة ، ثمّ أشار بيده إنّ هذا صراط عليّ مستقيم فاتّبعوه. الآية (١).

العاشر : عن جابر بن عبد الله أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بينما أصحابه عنده إذ قال وأشار بيده إلى عليّ هذا صراط مستقيم فاتّبعوه الآية (٢).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٦٥ ح ٦ ، عن المناقب.

(٢) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٦٥ ح ٦.

٣٢٦

الباب الحادي عشر ومائتان

في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى

أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

عبد الله بن عمر أنّه قال لي : إنّي اتّبع هذا الأصلع فإنّه أوّل الناس إسلاما والحقّ معه فإنّي سمعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) عليّ صراط مستقيم فالناس مكبّون على الوجه غيره (١).

الباب الثاني عشر ومائتان

في قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى

أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)

من طريق الخاصّة وفيه ثلاثة أحاديث

الأوّل : محمّد بن يعقوب عن علي بن محمّد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام قال : قلت : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).

قال : إنّ الله ضرب مثلا من حاد عن ولاية عليّ كمن يمشي مكبّا على وجهه لا يهتدي لأمره ، وجعل من تبعه سويّا على صراط مستقيم ، والصراط المستقيم أمير المؤمنين (٢).

الثاني : ابن يعقوب أيضا عن عليّ بن الحسن عن منصور عن حريز بن عبد الله عن الفضيل قال : دخلت مع أبي جعفر عليه‌السلام المسجد الحرام وهو متّكئ عليّ فنظر إلى الناس ونحن على باب بني شيبة فقال : يا فضيل هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية لا يعرفون حقّا ولا يدينون دينا يا فضيل انظر إليهم منكبّين على وجوههم لعنهم الله من خلق مسخور بهم منكبّين على وجوههم ، ثمّ تلا هذه (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يعني والله عليّا عليه‌السلام

__________________

(١) الصراط المستقيم : ١ / ٢٨٥.

(٢) الكافي : ١ / ٤٣٣ ح ٩١.

٣٢٧

والأوصياء عليهم‌السلام (١).

الثالث : محمّد بن العبّاس عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن صالح بن خالد عن منصور عن حريز عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تلا هذه وهو ينظر إلى الناس (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) والله عليّا والأئمّةعليهم‌السلام وفي نسخة الأوصياء عليهم‌السلام (٢).

__________________

(١) الكافي : ٨ / ٢٨٨ ح ٤٣٤.

(٢) بحار الأنوار : ٢٤ / ٢٢ ح ٤٥ ، عن كنز الفوائد.

٣٢٨

الباب الثالث عشر ومائتان

قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

أبو عليّ الطبرسي في «مجمع البيان» قال : روى الحاكم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن الأعمش قال : لما رأوا لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام عند الله من الزلفى سيئت وجوه الذين كفروا ، وعن أبي جعفر عليه‌السلام فلمّا رأوا مكان علي عليه‌السلام من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سيئت وجوه الذين كفروا ، يعني الّذين كذّبوا بفضله (١).

الباب الرابع عشر ومائتان

في قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)

من طريق الخاصّة وفيه تسعة أحاديث

الأوّل : محمّد بن يعقوب عن عليّ بن حسن عن منصور عن حريز بن عبد الله عن الفضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : تلا هذه الآية (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أمير المؤمنين عليه‌السلام يا فضيل لم يتسمّ بهذا الاسم غير عليّ عليه‌السلام إلّا مفتر كذّاب إلى يوم البأس أمّا والله يا فضيل ما عزّ ذكره حاجّ غيركم ولا يغفر الذنوب إلّا لكم ولا يتقبّل إلّا منكم وإنّكم لأهل هذه الآية (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) يا فضيل ما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفّوا ألسنتكم وتدخلوا الجنّة ثمّ قرأ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) أنتم والله أهل هذه الآية (٢).

الثاني : ابن يعقوب أيضا عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن محمّد بن جمهور عن إسماعيل بن سهل عن القاسم بن عروة عن أبي السفاتج عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قال : هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين عليه‌السلام في أغبط الأماكن لهم فيسيء

__________________

(١) مجمع البيان : ١٠ / ٤٩٤.

(٢) الكافي : ٨ / ٢٨٨ ح ٤٣٤.

٣٢٩

وجوههم ويقال لهم هذا الذي كنتم به تدّعون الذي انتحلتم اسمه ، أي سمّيتم أنفسكم بأمير المؤمنين(١).

الثالث : ابن يعقوب عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد عن القاسم بن محمّد عن جميل بن صالح عن يوسف بن أبي سعيد قال : كنت عند أبي عبد الله ذات يوم فقال لي : إذا كان يوم القيامة وجمع الله تبارك وتعالى الخلائق ، كان نوح صلّى الله عليه أوّل من يدعى به فيقال له : هل بلّغت ، فيقول : نعم ، فيقال له : من يشهد لك؟ فيقول : محمّد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فيخرج عليه‌السلام فيتخطّى الناس حتى يجيء إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو على كثيب المسك ومعه عليّ عليه‌السلام وهو قول الله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فيقول نوح لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى سألني هل بلّغت؟ فقلت : نعم ، فقال : من يشهد لك؟ فقلت محمّد فيقول : يا جعفر ويا حمزة اذهبا فاشهدا له أنّه قد بلّغ ، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء عليهم‌السلام بما بلّغوا ، فقلت : جعلت فداك فعليّ عليه‌السلام أين هو؟ فقال : هو أعظم منزلة من ذلك (٢).

الرابع : أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كتاب كامل الزيارات قال : حدّثني محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن عليّ بن محمّد بن سالم عن محمّد بن خالد عن عبد الله بن حمّاد البصري عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ عن حمّاد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث طويل يذكر فيه حال أبي بكر وعمر يوم القيامة ، قال عليه‌السلام : ويريان عليّا عليه‌السلام فيقال لهما : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) يعني بإمرة المؤمنين(٣).

الخامس : محمّد بن العبّاس بن ماهيار الثقة في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهم‌السلام عن حسن ابن محمّد عن محمّد بن علي الكناني عن حسين بن وهب الأسدي عن عبيس بن هاشم عن داود ابن سرحان قال : سألت جعفر بن محمّد عليه‌السلام عن قوله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قال : ذاك عليّ عليه‌السلام إذا رأوا منزلته ومكانه من الله تعالى أكلوا أكفّهم على فرّطوا في ولايته (٤).

السادس : محمّد بن العبّاس أيضا قال : حدّثنا عبد العزيز عن المغيرة بن أحمد عن محمّد بن يزيد عن إسماعيل بن عامر عن شريك عن الأعمش في قوله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ

__________________

(١) الكافي : ١ / ٤٢٥ ح ٦٨.

(٢) الكافي : ٨ / ٢٦٧ ح ٣٩٢.

(٣) كامل الزيارات : ٥٥١.

(٤) بحار الأنوار : ٣٢ / ١٦٥ ح ١٤٨.

٣٣٠

الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (١).

السابع : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن زكريا بن يحيى السّاجي عن عبد الله بن الحسين الأشقر عن ربيعة الحنّاط عن شريك عن الأعمش في قوله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال : لمّا رأوا ما لعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من القرب والمنزلة سيئت وجوه الذين كفروا (٢).

الثامن : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد عن صالح بن خالد عن منصور بن حرير عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر قال : تلا هذه الآية : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) ثمّ قال : أتدرون ما رأوا ، رأوا والله عليّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أي تسمّون به أمير المؤمنين. يا فضيل لا يسمّى بها أحد غير أمير المؤمنين عليه‌السلام إلّا مفتر كذّاب إلى يوم الناس (٣).

التاسع : ابن شهرآشوب عن الباقر والصادق عليهما‌السلام في قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً) نزلت في عليّ عليه‌السلام وذلك لمّا رأوا عليّا يوم القيامة اسودّت وجوه الذين كفروا لمّا رأوا منزلته ومكانه من الله أكلوا أكفّهم على ما فرّطوا في ولاية عليّ عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٣٢ / ٦٨ ح ١٢.

(٢) بحار الأنوار : ٣٢ / ٦٨ ح ١٣.

(٣) بحار الأنوار : ٣٣ / ٣١٨ ح ١٩.

(٤) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ١٤.

٣٣١

الباب الخامس عشر ومائتان

في قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)

من طريق العامّة وفيه حديثان

الأوّل : ابن المغازلي الشافعي في «المناقب» يرفعه إلى أبي سعيد الخدري في قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) قال : ببغضهم عليّ بن أبي طالب (١).

الثاني : أسند الحافظ إلى الخدري في معنى الآية : لحن القول بغض عليّ (٢).

الباب السادس عشر ومائتان

في قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)

من طريق الخاصّة وفيه أربعة أحاديث

الأوّل : محمّد بن العبّاس المتقدّم قال : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمّد بن زكريا عن جعفر ابن محمّد بن عمارة قال : حدّثني أبي عن جابر عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه‌السلام عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال : لمّا نصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا يوم غدير خمّ قال قوم ما يألوا يرفع ضبع ابن عمّه فأنزل الله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) (٣).

الثاني : محمّد بن العبّاس قال : حدّثنا محمّد بن جرير عن عبد الله بن عمر عن الجماني عن محمّد ابن مالك عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : قوله عزوجل : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) قال : بغضهم لعليّ عليه‌السلام (٤).

الثالث : محمّد بن العبّاس عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن الحسين بن محبوب عن عليّ بن رئاب عن ابن بكير قال : قال أبو جعفر : إنّ الله عزوجل أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية فنحن نعرفهم في لحن القول (٥).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ٣١٥ ح ٣٥٩ ، وتفسير الدرّ المنثور : ٦ / ٧٧ مورد الآية.

(٢) كفاية الطالب : ٢٣٥.

(٣) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٨٦ ح ٩١ ، عن كنز الفوائد.

(٤) بحار الأنوار : ٢٣ / ٣٨٦ ح ٩٢ ، عن كنز الفوائد.

(٥) بحار الأنوار : ٢٦ / ١٣٢ ح ٤٠.

٣٣٢

الرابع : أحمد بن محمّد بن خالد البرقي بإسناده مرفوع قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أكان حذيفة ابن اليمان يعرف المنافقين؟ فقال : أجل كان يعرف اثني عشر رجلا وأنت تعرف اثني عشر ألف رجل إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) فهل تدري ما لحن القول؟

قلت : لا والله.

قال : بغض عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله وربّ الكعبة (١).

__________________

(١) المحاسن : ١ / ١٦٨ ح ١٣٢.

٣٣٣

الباب السابع عشر ومائتان

في قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا

مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ)

من طريق العامّة وفيه حديثان

الأوّل : ابن شهرآشوب من تفسير مقاتل عن عطاء عن ابن عبّاس (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَ) لا يعذّب الله محمّدا (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) لا يعذّب عليّ بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر (نُورُهُمْ يَسْعى) يضيء على الصراط بعليّ وفاطمة مثل الدّنيا سبعين مرّة فيسعى نورهم بين أيديهم ويسعى عن ايمانهم وهم يتّبعونه ، فيمضي أهل بيت محمّد أوّل الزمرة على الصراط مثل البرق الخاطف ، ثمّ يمضي قوم مثل الريح ، ثمّ قوم مثل عدو الفرس ، ثمّ قوم مثل شدّ الرجل ، ثمّ قوم مثل الحبو (١) ، ثمّ قوم مثل الزحف ويجعله الله على المؤمنين عريضا وعلى المذنبين دقيقا ، قال الله تعالى يقولون ربّنا اتمم لنا نورنا حتى نجتاز به على الصراط قال : فيجوز أمير المؤمنين عليه‌السلام في هودج من الزمرّد الأخضر ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الأحمر حولها سبعون ألف حور كالبرق اللّامع (٢).

الثاني : أسند أبو نعيم إلى ابن عبّاس : أوّل ما يكسى من حلل الجنّة إبراهيم ومحمّد ثمّ عليّ يزف بينهما ثمّ قرأ (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) (٣).

__________________

(١) الحبو : المشي على أربع.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٢ / ٧.

(٣) بحار الأنوار : ٣٢ / ٢٢ ح ٥ ، و : ٣٥ / ٢٢١ ح ١.

٣٣٤

الباب الثامن عشر ومائتان

في قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا

مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ)

من طريق الخاصّة وفيه أربعة أحاديث

الأوّل : محمّد بن يعقوب عن عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث طويل يذكر فيه أوصاف المجاهدين ومن يجب الجهاد معه إلى أن قال عليه‌السلام في وصف الجهاد ومن يجب معه : ثمّ ذكر من اذن له في الدّعاء إليه بعده وبعد رسوله في كتابه فقال : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ثمّ أخبر عن هذه الامّة وممّن هي ، وإنّها من ذريّة إبراهيم ومن ذريّة إسماعيل من سكّان الحرم ممّن لم يعبدوا غير الله قط الذين وجبت لهم الدعوة ودعوة إبراهيم وإسماعيل من أهل المسجد الذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، الذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين عناهم الله تبارك وتعالى في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يعني أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتصديق له بما جاء من عند الله عزوجل من الامّة التي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق ممّن لم يشرك بالله قط ولم يلبس إيمانه بظلم وهو الشرك.

ثمّ ذكر أتباع نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأتباع هذه الامّة التي وصفها الله في كتابه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها داعية إليه وأذن لها في الدعاء إليه فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ثمّ وصف أتباع نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين فقال الله عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) فقال : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) يعني أولئك المؤمنين وقال : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ثمّ حلّاهم ووصفهم كيلا يطمع في اللحاق بهم إلّا من كان منهم فقال فيما حلّاهم به ووصفهم : (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) إلى (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ

٣٣٥

الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وقال في صفتهم وحليتهم أيضا : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً) (١).

الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو محمّد عمّار بن الحسين رضى الله عنه قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن عصمة قال : حدّثنا أحمد بن محمّد الطبري بمكّة قال : حدّثنا الحسن بن ليث الرازي عن سنان بن فروخ الآملي عن همّام بن يحيى عن القاسم بن عبد الله بن عقيل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : كنت ذات يوم عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ أقبل بوجهه على عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : ألا أبشّرك يا أبا الحسن؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : هذا جبرئيل يخبرني عن الله جلّ جلاله أنّه قد أعطى شيعتك ومحبّيك سبع خصال : الرّفق عند الموت ، والانس عند الوحشة ، والنور عند الظلمة ، والأمن عند الفزع ، والقسط عند الميزان ، والجواز عند الصراط ، ودخول الجنّة قبل الناس نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم (٢).

الثالث : عليّ بن إبراهيم في تفسيره قال : وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) فمن كان له نور يومئذ نجا ، وكلّ مؤمن له نور (٣).

الرابع : عن أبي عبد الله في قوله : (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) قال : نور أئمّة المؤمنين يوم القيامة يسعى بين أيدي المؤمنين وبأيمانهم حتّى ينزلوا بهم منازلهم في الجنّة (٤).

__________________

(١) الكافي : ٥ / ١٤ ح ١.

(٢) الخصال : ٤٠٣ ح ١١٢.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٣٧٧.

(٤) المصدر السابق.

٣٣٦

الباب التاسع عشر ومائتان

في قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ

لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

ابن مردويه في معنى الآية : من بعد ما تبيّن له الهدى في أمر عليّ (١).

الباب العشرون ومائتان

في قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ

لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى)

من طريق الخاصّة وفيه حديثان

الأوّل : العيّاشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما‌السلام قال: لمّا كان أمير المؤمنين في الكوفة أتاه الناس فقالوا : اجعل لنا إماما يؤمّنا في رمضان ، فقال : لا ونهاهم أن يجتمعوا فيه ، فلمّا أمسوا جعلوا يقولون ابكوا في رمضان وا رمضاناه ، فأتاه الحرث الأعور في اناس فقال : يا أمير المؤمنين ضجّ الناس وكرهوا قولك ، فقال عند ذلك : دعوهم وما يريدون ليصلّي بهم من شاءوا ثمّ قال : (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) (٢).

الثاني : العيّاشي أيضا بإسناده عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجت أنا والأشعث الكندي وجرير البجلي حتّى إذا كنّا بظهر الكوفة بالفرس مرّ بنا ضبّ فقال الأشعث وجرير : السلام عليك يا أمير المؤمنين خلافا على عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فلمّا خرج الأنصاري قال لعليّ عليه‌السلام فقال : دعهما فهو إمامها يوم القيامة أما تسمع إلى الله وهو يقول : (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) (٣).

__________________

(١) تفسير القمي : ١ / ١٥٢ ، والبرهان : ٢ / ٤١٥.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ٢٧٥ ح ٢٧٢.

(٣) تفسير العياشي : ١ / ٢٧٥ ح ٢٧٣.

٣٣٧

الباب الحادي والعشرون ومائتان

في قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

أسند أبو جعفر الطبري إلى ابن عبّاس أنّ النور في الآية : ولاية عليّ بن أبي طالب (١).

الباب الثاني والعشرون ومائتان

في قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)

من طريق الخاصّة وفيه ستّة أحاديث

الأوّل : عليّ بن إبراهيم : والنور الذي أنزلنا ، أمير المؤمنين عليه‌السلام (٢).

الثاني : محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن عليّ بن مرداس قال: حدّثنا صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب عن أبي خالد الكابلي قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) فقال : يا أبا خالد، النور والله الأئمّة من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة ، وهم والله نور الله الذي أنزل ، وهم والله نور الله في السماوات والأرض ، والله يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وهم والله ينوّرون قلوب المؤمنين ويحجب الله عزوجل نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ، والله يا أبا خالد لا يحبّنا عبد ويتولّانا حتّى يطهّر الله قلبه ولا يطهّر الله قلب عبد حتّى يسلم لنا ، ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا ، سلّمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر (٣).

الثالث : ابن يعقوب ـ أيضا ـ عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن عليّ ابن اسباط عن حسن بن محبوب عن أبي أيّوب عن أبي خالد الكابلي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمّة عليهم‌السلام يا أبا خالد النور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينوّرون قلوب

__________________

(١) لم نجده في تفسير الطبري المطبوع ، ويراجع تأويل الآيات : ٢ / ٦٩٦.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٢٤٢.

(٣) الكافي : ١ / ١٩٤ ح ١.

٣٣٨

المؤمنين ويحجب الله نورهم عمّن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها (١).

الرابع : ابن يعقوب ـ أيضا ـ عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن محمّد بن الحسن وموسى بن عمر عن الحسن بن محبوب عن محمّد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) قال يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام بأفواههم قلت : قوله : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : يقول والله متمّ الإمامة والإمامة هي النور وذلك قوله : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) قال : النور هو الإمام (٢).

الخامس : عليّ بن إبراهيم قال : حدّثنا عليّ بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن الحسن بن محبوب عن أبي أيّوب عن أبي خالد الكابلي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام وذكر مثل الحديث الأوّل إلى آخره : وآمنه من فزع يوم القيامة الأكبر (٣).

السادس : سعد بن عبد الله عن بصائر الدرجات عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن الحسن بن محبوب عن أبي أيّوب الخزّاز عن أبي خالد يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) فقال : يا أبا خالد النور والله الأئمّة عليهم‌السلام يا أبا خالد لنور الإمام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار ، وساق الحديث إلى وآمنه من الفزع الأكبر ببعض التغيير اليسير (٤).

__________________

(١) الكافي : ١ / ١٩٥ ح ٤.

(٢) الكافي : ١ / ١٩٦ ح ٦.

(٣) تفسير القمي : ٢ / ٣٧٢.

(٤) بصائر الدرجات : ١ / ٢٩٦.

٣٣٩

الباب الثالث والعشرون ومائتان

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ)

من طريق العامّة وفيه حديث واحد

روى الاصفهاني الاموي في معنى الآية من عدّة طرق إلى عليّ عليه‌السلام ولايتنا أهل البيت (١).

الباب الرابع والعشرون ومائتان

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً)

من طريق الخاصّة وفيه اثنى عشر حديثا

الأوّل : محمّد بن يعقوب عن الحسين بن محمّد عن معلّى بن محمّد عن الحسن بن علي الوشاء عن مثنّى الحنّاط عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) قال: في ولايتنا (٢).

الثاني : الشيخ الطوسي في أماليه عن أبي محمّد الفحّام قال : حدّثني محمّد بن عيسى بن هارون قال : حدّثني أبو عبد الصمد إبراهيم عن أبيه عن جدّه محمّد بن إبراهيم قال سمعت الصادق جعفر ابن محمّد عليه‌السلام يقول في قوله تعالى : (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) قال : في ولاية عليّ بن أبي طالب ولا تتّبعوا خطوات الشياطين قال : لا تتّبعوا غيره (٣).

الثالث : سعد بن عبد الله القمّي عن عليّ بن إسماعيل بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عليّ ابن النعمان عن محمّد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى: (ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) قال : هي ولايتنا (٤).

الرابع : العيّاشي بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) قال : أتدري ما السّلم؟ قال : قلت: أنت أعلم ، قال : ولاية عليّ والأئمّة الأوصياء من بعده قال : وخطوات الشيطان والله ولاية فلان وفلان (٥).

__________________

(١) بصائر الدرجات : ١ / ٢٩٦.

(٢) الكافي : ١ / ٤١٧ ح ٢٩.

(٣) أمالي الطوسي : ٢٩٩ ح ٥٩١.

(٤) مختصر بصائر الدرجات : ٦٤.

(٥) تفسير العياشي : ١ / ١٠٢ ح ٢٩٤ ، إثبات الهداة : ٣ / ٤٥ ، بحار الأنوار : ٧ / ١٢٣.

٣٤٠