غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي

غاية المرام وحجّة الخصام - ج ٤

المؤلف:

السيّد هاشم البحراني الموسوي التوبلي


المحقق: السيد علي عاشور
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤

الباب السادس والأربعون

في قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

الحديث الأول : الشيخ في أماليه قال : حدّثنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن صفوان الإمام بانطاكية قال : حدّثنا محفوظ بن بحر قال : حدّثنا الهيثم بن جميل قال : حدّثنا قيس بن الربيع عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسينعليه‌السلام في قوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (١) قال : نزلت في علي عليه‌السلام حين بات على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

الحديث الثاني : الشيخ في مجالسه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله الفداني (٣) قال : حدّثنا الربيع بن سيار قال : حدّثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر رضى الله عنه أن عليا وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرّحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلق عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم ، وأجلهم ثلاثة أيام ، فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل ، وإن توافقوا أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان ، فلما توافقوا جميعا على رأي واحد ، قال لهم علي بن أبي طالب : «إني أحب أن تسمعوا منّي ما أقول لكم ، فإن يكن حقا فاقبلوه وإن يكن باطلا فانكروه» قالوا : قل ، وذكر فضائله عليه‌السلام ويقولون بالموافقة وذكر عليه‌السلام في ذلك : «فهل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) لمّا وقيت رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الفراش غيري»؟ قالوا : لا (٤).

الحديث الثالث : الشيخ في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال : حدّثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال : حدّثنا محمد بن الصباح الجرجاني قال : حدثني محمد بن كثير الملائي عن عون الاعرابي من أهل البصرة عن الحسن بن أبي الحسن عن أنس بن مالك قال : لما

__________________

(١) البقرة : ٢٠٧.

(٢) أمالي الطوسي : ٤٤٦ ح ٩٩٦ مجلس ١٦ ح ٢.

(٣) في المصدر : العدلي.

(٤) أمالي الطوسي : ٥٤٥ ـ ٥١٥ ح ١١٦٨ مجلس ١٩ ح ٤.

٢١

توجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الغار ومعه أبو بكر أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا أن ينام على فراشه ، ويتغشى ببردته فبات علي عليه‌السلام موطنا نفسه على القتل ، وجاءت رجال من قريش من بطونها يريدون قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما أرادوا أن يضعوا عليه أسيافهم لا يشكون أنه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : أيقظوه ليجد ألم القتل ، ويرى السيوف تأخذه فلما ايقظوه فرأوه عليا تركوه وتفرقوا في طلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (١).

الحديث الرابع : الشيخ بإسناده قال : أخبرنا أبو عمر قال : أخبرنا أحمد قال : حدّثنا الحسن بن عبد الرّحمن بن محمد الأزدي قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عبد النور بن عبد الله بن عبد الله بن المغيرة القرشي عن إبراهيم بن عبد الله بن سعيد عن ابن عباس قال : بات عليعليه‌السلام ليلة خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن المشركين على فراشه ؛ ليعمى على قريش وفيه نزلت هذه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٢).

الحديث الخامس : ابن الفارسي في (روضة الواعظين) قال : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عليا أن ينام على فراشه فانطلق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وقريش يختلفون وينظرون إلى علي عليه‌السلام وهو نائما على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعليه برد أخضر لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال بعضهم : شدوا عليه فقالوا : الرجل نائم ولو كان يريد أن يهرب لفعل ، فلما اصبح قام علي فأخذوه ، وقالوا : أين صاحبك فقال : ما أدري فأنزل الله تعالى في علي حين نام على الفراش (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) (٣).

الحديث السادس : العياشي في تفسيره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : وأما قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) فإنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام حين بذل نفسه لله ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما طلبته كفار قريش (٤).

الحديث السابع : العياشي بإسناده عن ابن عباس قال : شرى علي عليه‌السلام بنفسه لبس ثوب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم نام مكانه فكان المشركون يرمون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فجاء أبو بكر وعليعليه‌السلام نائم وأبو بكر يحسبه نبي الله ، فقال : أين نبي الله؟ فقال علي عليه‌السلام : «إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فادرك» ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار وجعل عليه‌السلام يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يتضور قد لفّ رأسه ، فقالوا : إنك لكنه كان صاحبك لا يتضور وقد استنكرنا ذلك (٥).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٤٤٦ ح ٩٩٨ مجلس ١٦ ح ٤.

(٢) أمالي الطوسي : ٢٥٣ ح ٤٥١ مجلس ٩ ح ٤٣.

(٣) روضة الواعظين : ١٠٦ ـ ١٠٧.

(٤) تفسير العياشي : ١ / ١٠١ ح ٢٩٢.

(٥) تفسير العياشي : ١ / ١٠١ ح ٢٩٣.

٢٢

الحديث الثامن : محمد بن الحسن الشيباني في تفسيره (نهج البيان) نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب حين بات على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك أن قريشا تحالفوا على قتله ليلا واجمعوا أمرهم بينهم أن ينتدب من كل قبيلة شاب فيكبسون عليه ليلا وهو نائم فيضربوه ضربة رجل واحد ولا يأخذ بثأره من حيث أن قاتله لا يعرف بعينه ولا يقوم أحد منهم بذلك من حيث أن له في ذلك مماسة ، فنزل جبرائيل عليه‌السلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبره بذلك ، وأمره أن يبيت ابن عمه عليا ليلا على فراشه ويخرج هو مهاجر إلى المدينة ففعل ذلك وجاءت الفتية لما تعاهدوا عليه وتعاقدوا يطلبونه فكبسوا عليه البيت فوجدوا عليا نائما على فراشه ، فتنحنح فعرفوه فرجعوا خائبين خائفين ونجا نبيه من كيدهم ، روى ذلك عن أبي جعفر عليه‌السلام وأبي عبد الله عليهما‌السلام (١).

الحديث التاسع : علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الآية قال : ذلك أمير المؤمنين ومعنى يشري نفسه ، أي : يبذل (٢).

الحديث العاشر : السيد الرضي في كتاب (الخصائص) بإسناد مرفوع قال : قال ابن الكوّاء لأمير المؤمنين أين كنت حيث ذكر الله نبيه وأبا بكر فقال : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «ويلك يا بن الكوّاء كنت على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد خرج عليّ ريطته ، فأقبلت قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها فلم يبصروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث خرج فاقبلوا عليّ يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط جسدي وصار مثل البيض ، ثم انطلقوا يريدون قتلي ، فقال بعضهم : لا تقتلوه الليلة ولكن أخروه واطلبوا محمدا ، قال : فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت واستوثقوا مني ومن الباب بقفل ، فبينا أنا كذلك إذ سمعت صوتا من جانب البيت ، يقول : يا علي ، فسكن الوجع الذي كنت أجده وذهب الورم الذي كان في جسدي ثم سمعت صوتا آخر ، يقول : يا علي ، فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع ، ثم سمعت صوتا آخر يقول : يا علي ، فإذا الباب قد تساقط ما عليه وفتح فقمت وخرجت ، وقد كانوا جاءوا بعجوز كماء (٣) لا تبصر ولا تنام تحرس الباب فخرجت عليها وهي لا تعقل من النوم» (٤).

الحديث الحادي عشر : الشيخ الطوسي في أماليه قال : أخبرنا جماعة عن أبي المفضل وساق سنده إلى عمار بن ياسر وذكر حديث مهاجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة ومبيت أمير المؤمنينعليه‌السلام على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال في الحديث قال أبو اليقظان : فحدثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن

__________________

(١) لم نجده بهذه الألفاظ نعم روي بنحو في : حلية الأبرار : ٢ / ٣٦٢ ، والبحار : ١٩ / ٣١.

(٢) تفسير القمي : ١ / ٧١.

(٣) أي عمياء ، كمه إذا اعترته ظلمة.

(٤) الخصائص : ٥٩ ، والبحار : ٣٦ / ٤٣.

٢٣

معه بقباء عما أرادت قريش من المكر به ، ومبيت علي عليه‌السلام على فراشه قال : «أوحى الله عزوجل إلى جبرائيل وميكائيل عليهما‌السلام إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه؟ وكلاهما كرها الموت فاوحى الله إليهما عبداي ألا كنتما مثل ولي علي آخيت بينه وبين محمد نبيي فآثره الحياة على نفسه ثم ظل أو قال : رقد على فراشه يقيه بمهجته اهبطا إلى الأرض كلاكما فاحفظاه من عدوه فهبط جبرائيل فجلس عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه ، وجعل جبرائيل عليه‌السلام يقول : بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب والله يباهي بك الملائكة ، قال : فأنزل الله عزوجل في علي عليه‌السلام وما كان من مبيته على فراش رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) (١).

__________________

(١) أمالي الطوسي : ٤٦٩ / ١٠٣١.

٢٤

الباب السابع والأربعون

في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً

فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)

من طريق العامة وفيه اثنا عشر حديثا

الحديث الأول : أبو المؤيد موفق بن أحمد من أكابر العامة أخبرني شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلى من همدان أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا الشيخ أبو بكر بن حمويه ، حدثنا أبو بكر الشيرازي حدّثنا أبو حامد محمد بن أحمد بن عمران حدّثنا أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى البخاري ، أخبرنا أبو سعيد الأشج حدّثنا ابن يمان عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال : كان لعلي عليه‌السلام أربعة دارهم فانفقها واحدا ليلا وواحدا نهارا وواحدا سرا وواحدا علانية ، فنزل قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١).

الحديث الثاني : الثعلبي في تفسير الآية قال : روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما أنزل الله تعالى (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية. بعث عبد الرّحمن بن عوف الزهري بدنانير كثيرة إلى أصحاب الصفة حتى أغناهم ، وبعث علي في جوف الليل بوسق من تمر ستون صاعا ، وكان أحب الصدقتين إلى الله تعالى صدقة علي بن أبي طالب عليه‌السلام (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) الآية. يعني : بالنهار والعلانية وصدقة عبد الرّحمن ، وبالليل سرا صدقة علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٢).

الحديث الثالث : الثعلبي في تفسيره قال : وروى مجاهد عن ابن عباس رضى الله عنه قال : كان عند علي ابن أبي طالب عليه‌السلام أربعة دراهم لا يملك سواها فتصدق بدرهم سرا وبدرهم علانية ودرهم ليلا ودرهم نهارا فنزلت فيه هذه الآية (٣).

الحديث الرابع : إبراهيم بن محمد الحمويني من اعيان علماء العامة قال : انبأني الشهاب محمد ابن يعقوب الحنبلي عن أبي طالب بن عبد السميع الهاشمي إجازة عن شاذان بن جبرئيل القمي

__________________

(١) المناقب : ٢٨١ / ح ٢٧٥.

(٢) العمدة : ٣٥٠ / ٦٧٢ عن الثعلبي.

(٣) العمدة : ٣٤٩ / ٦٦٩ عن الثعلبي.

٢٥

قراءة عليه ، عن محمد بن عبد العزيز عن أبي عبد الله محمد بن عبد الرّحمن بن علي ، قال : أنبأنا الحسن بن الحسن المقري قال : أنبأنا أحمد بن عبد الله بن أحمد قال : حدثنا أبو بكر بن خلاد ، قال : حدثنا أحمد بن علي الخراز قال : أنبأنا محمود بن الحسن المروزي ، وأخبرنا الفضل أحمد بن محمد ابن الحسن بن سليم ، قال : أنبأنا أبو الفتح منصور بن الحسن بن علي بن القاسم ، قال : أنبأنا محمد بن إبراهيم بن علي قال : أنبأنا أبو عروبة قال : أنبأنا سلمة بن حبيب قال : أنبأنا عبد الرزاق قال : أنبأنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام كانت معه أربعة دراهم فانفق بالليل درهما وبالنهار درهما وفي السر درهما وبالعلانية درهما (١).

الحديث الخامس : المالكي في (الفصول المهمة) قال : نقل الواحدي في تفسيره (٢) يرفعه بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنه قال : كان مع علي بن أبي طالب عليه‌السلام أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم سرا وبدرهم علانية فأنزل الله سبحانه وتعالى فيه : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣).

الحديث السادس : أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس رضى الله عنه قال : نزلت يعني هذه الآية (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ) في علي بن أبي طالبعليه‌السلام كانت معه أربعة دراهم أنفق بالليل درهما وبالنهار درهما وفي السر واحدا وفي العلانية درهما.

الحديث السابع : أبو نعيم قال : سلمه سرا درهما وعلانية (٤).

الحديث الثامن : أبو نعيم روى الحديث يحيى بن اليمان ويحيى بن ضريس عن عبد الوهاب عن أبيه ولم يذكر ابن عباس (٥).

الحديث التاسع : قال الحافظ أبو نعيم رضى الله عنه وحدّثنا أحمد بن علي بالاسناد إلى عبد الوهاب عن أبيه قال : كانت لعلي عليه‌السلام أربعة دراهم فانفق درهما ليلا ودرهما نهارا ودرهما سرا ودرهما علانية فنزلت (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) (٦).

الحديث العاشر : ابن المغازلي يرفعه إلى ابن عباس في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) قال : هو علي بن أبي طالب كان له أربعة دراهم فانفق درهما سرا

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٥٦ / ب ٦٦ / ح ٢٨٢.

(٢) أسباب النزول : ٥٨ ط. القاهرة.

(٣) الفصول المهمة.

(٤) تفسير فرات : ٧٣ ح ٤٦ ، مجمع الزوائد : ٦ / ٣٢٤.

(٥) تفسير الدر المنثور : ١ / ٣٦٣ ، وشواهد التنزيل : ١ / ١٤٢ وما بعدها.

(٦) المصدر السابق ، وينابيع المودة : ١ / ٢٧٥.

٢٦

ودرهما علانية ودرهما بالليل ودرهما بالنهار (١).

الحديث الحادي عشر : ابن شهرآشوب أورده من طريق العامة وغيرهم عن ابن عباس والسدي ومجاهد والكلبي وأبي صالح والواحدي والطوسي والثعلبي والطبرسي والماوردي والقشيري والثمالي والنقاش والفتال وعبد الله بن الحسين وعلي بن حرب الطائي في تفاسيرهم ، أنه كان عند علي بن أبي طالب أربعة دراهم الفضة فتصدق بواحد ليلا وبواحد نهارا وبواحد سرا وبواحد علانية فنزل (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) فسمّى كل درهم مالا وبشره بالقبول رواه النطنزي في الخصائص (٢).

الحديث الثاني عشر : ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة قال : قال شيخنا أبو جعفر الإسكافي في الرد على الجاحظ : وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) الآية لم يعمل بها إلّا علي بن أبي طالب وحده مع اقراركم بفقره وذات يده وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من السعة أمسك عن مناجاته فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) فجعل الله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه وهو امساكهم عن تقديم الصدقة ، فكيف سخت نفسه يعني أبا بكر بانفاق أربعين الفا وامسك عن مناجاة الرسول ، وإنما كان يحتاج فيها إلى اخراج درهمين وعليعليه‌السلاموهو الذي اطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ، وأنزلت فيه وفي زوجته وابنيه سورة كاملة من القرآن، وهو الذي ملك أربعة دارهم فاخرج منها درهما سرا ودرهما علانية ثم اخرج منها في النهار ودرهما وبالليل درهما ، فأنزل الله فيه قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) وهو الذي قدّم بين يدي نجواه صدقة دون المسلمين كافة،وهو الذي تصدق بخاتمه وهو راكع فأنزل الله فيه (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٣).

__________________

(١) مناقب ابن المغازلي : ١٧٩ / ح ٣٢٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٤٥.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٧٤.

٢٧

الباب الثامن والأربعون

في قوله تعالى : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً

فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)

من طريق الخاصة وفيه أربعة أحاديث

الحديث الأول : ابن بابويه قال : حدّثنا محمد بن عمر بن محمد بن الجعابي قال : حدّثنا أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال : حدثني أبي قال : حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عليه‌السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» وذكر عدة أحاديث ثم قال : «(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) في علي عليه‌السلام» (١).

الحديث الثاني : العياشي بإسناده عن أبي إسحاق قال : قال كان لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام أربعة دراهم لم يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «يا علي ما حملك على ما صنعت؟» قال : «انجاز موعود الله فأنزل الله» (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) إلى آخر الآيات (٢).

الحديث الثالث : الشيخ المفيد في (الاختصاص) بإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي ما عملت في ليلتك؟» قال : «ولم يا رسول الله» قال : «نزلت فيك أربعة معالي قال: بأبي أنت وأمي كانت معي أربعة دراهم فتصدقت بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية» قال : فإن الله أنزل فيك (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)» (٣).

الحديث الرابع : أبو علي الطبرسي رضى الله عنه في (مجمع البيان) في تفسير هذه الآية قال : سبب النزول عن ابن عباس نزلت هذه الآية في علي عليه‌السلام كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد ليلا وبواحد نهارا وبواحد سرا وبواحد علانية ، قال أبو علي الطبرسي : وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام(٤).

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٤٥.

(٢) تفسير العياشي : ١ / ١٥١ ح ٥٠٢.

(٣) الاختصاص : ١٥٠.

(٤) مجمع البيان : ٢ / ٢٠٤.

٢٨

الباب التاسع والأربعون

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)

من طريق العامة وفيه أربعة عشر حديثا

الحديث الأول : ابن المغازلي الشافعي قال : أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية الخزاز إذنا قال : حدّثنا أبو عبيد بن حربويه قال: حدّثنا الحسين بن محمد الزعفراني قال : حدّثنا علي بن عبيد الله قال : حدّثنا يحيى بن آدم قال : حدّثنا عبيد الله بن عبد الرّحمن الأشجعي عن سفيان بن سعيد عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبي الجعد عن علي بن علقمة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : لما نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «كم ترى دينار؟ قلت : «لا يطيقون» قال : «فكم ترى؟» قال : «شعيرة» قال : «إنك لزهيد» قال فنزلت : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الآية قال : «فبي خفف الله عن الامة» (١).

الحديث الثاني : ابن المغازلي قال : أخبرنا أحمد بن محمد اذنا قال : أخبرنا عمر بن عبد الله بن شوذب حدّثنا ا أحمد بن سحاق الطيبي قال : حدّثنا محمد بن أبي العوام قال : حدّثنا سعيد بن سليمان قال : حدّثنا أبو شهاب عن ليث عن مجاهد قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «الآية ما عمل بها أحد من الناس غيري آية النجوى كان لي دينار بعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تصدقت بدرهم ما عمل بها أحد قبلي ولا بعدي» (٢).

الحديث الثالث : ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدي من الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة في تفسير سورة المجادلة قال : قال أبو عبد الله البخاري قوله تعالى : (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)نسختها (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : «ما عمل بهذه الآية غيري وبي خفّف الله تعالى عن هذه الآية أمر هذه الآية»(٣).

الحديث الرابع : الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال : قال مجاهد نهى عن مناجاة

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي : ٢٠٠ / ح ٣٧٢.

(٢) المناقب لابن المغازلي : ٢٠١ / ح ٣٧٣.

(٣) صحيح الترمذي : ٥ / ٤٠٦ ، والطرائف عن الجمع : ٤١ / ح ٣٤ ولم نجده عند البخاري المطبوع.

٢٩

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يتصدقوا فلم يناجه إلّا علي بن أبي طالب عليه‌السلام قدم دينارا فتصدق به ثم نزلت الرخصة وقال علي صلوات الله عليه : «إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال علي صلوات الله عليه : «بي خفف الله عزوجل عن هذه الامة أمر هذه الآية فلم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي» (١).

الحديث الخامس : الثعلبي قال : وقال ابن عمر لعلي بن أبي طالب : ثلاثة لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إليّ من حمر النعم : تزويجه فاطمة ، واعطاءه الراية يوم خيبر ، وآية النجوى (٢).

الحديث السادس : أبو المؤيد موفق بن أحمد قال : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قيل : سأل الناس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاكثروا فأمروا بتقديم الصدقة على المناجاة فلم يناجه إلّا علي عليه‌السلام قدم دينارا فتصدق به فنزلت الرخصة ، وعن علي كرم الله وجهه أنه قال : «إن في كتاب الله تعالى لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) ثم نسخت»(٣).

الحديث السابع : إبراهيم بن محمد الحمويني في (فرائد السمطين) قال : أخبرنا الشيخ قال: أخبرنا الشيخ الإمام نجم الدين عثمان بن الموفق الأذكاني بقراءتي عليه أو قراءة عليه وأنا أسمع قال : أنبأنا المؤيد محمد بن علي الطوسي سماعا عليه قال : أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري سماعا عليه قال : أنبأنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي سماعا عليه قال : في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال ابن عباس في رواية الوالبي : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى شقوا عليه فاراد الله أن يخفف عن نبيه فأنزل الله هذه الآية ، فلما نزلت على نبي الله كان كثير من الناس كفوا عن المسألة قال المفسرون : إنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا فلم يناجه أحد : إلّا علي بن أبي طالبعليه‌السلام تصدق بدينار (٤).

الحديث الثامن : الحمويني هذا قال : قال الواحدي أخبرنا أبو بكر بن الحرث ، أنبأنا أبو بكر محمد بن حبان أنبأنا أبو يحيى ، أنبأنا سهل بن عثمان ، أنبأنا أبو قبيصة عن ليث عن مجاهد عن علي قال : «آية في كتاب الله لم يعمل بها أحد قبلي ولن يعمل بها أحد بعدي آية النجوى كان لي دينار

__________________

(١) العمدة : ١٨٥ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.

(٢) العمدة : ١٨٥ / ٢٨٤.

(٣) المناقب : ٢٧٦ / ح ٢٦١ ـ ٢٦٢.

(٤) فرائد السمطين : ١ / ٣٥٧ / ب ٦٦ / ح ٢٨٣.

٣٠

فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قدمت درهما فنسخته الآية الأخرى (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الآية (١).

الحديث التاسع : قال الحمويني : هذه الكلمات العشر التي ناجى بها علي عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله التي أوردها الإمام حسام الدين محمد بن عثمان بن محمد العلي آبادي من مصنفه في التفسير وهو الموسوم بكتاب (مطالع المعاني) وقد أخبرني به الإمام برهان الدين علي بن أبي الفتح ابن أبي بكر ابن عبد الجليل المرغيناني إجازة قال : أنبأنا والدي الإمام إجازة قال : أنبأنا الإمام حسام الدين محمد بن عثمان بن محمد بن المصنف قال : روى عن علي صلى‌الله‌عليه‌وآله ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر مرات بعشر كلمات قدمها عشر صدقات فسأل في الأولى : «ما الوفاء؟»

قال : «التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله» ثم قال : وما الفساد؟ قال الكفر والشرك بالله عزوجل قال : وما الحق؟ قال : الإسلام والقرآن والولاية إذا انتهت إليك قال وما الحيلة؟ قال: ترك الحيلة قال : وما عليّ؟ قال : طاعة الله وطاعة رسوله ، قال : وكيف أدعوا الله تعالى؟ قال : بالصدق واليقين ، قال : وما ذا اسأل الله تعالى؟ قال : العافية قال : وما ذا أصنع لنجاة نفسي؟ قال : كل حلالا وقل صدقا ، قال : وما السرور؟ قال الجنة قال : وما الراحة؟ قال لقاء الله تعالى ، فلما فرغ نسخ حكم الصدقة» (٢).

الحديث العاشر : قال شرف الدين النجفي في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة نقلت من مؤلف شيخنا أبي جعفر الطوسي رضى الله عنه ذكر أنه قي جامع الترمذي وتفسير الثعلبي بإسناده عن علقمة الأنباري يرفعه إلى علي عليه‌السلام أنه قال : «بي خفف الله عن هذه الامة لأن الله امتحن الصحابة بهذه الآية فتقاعسوا عن مناجاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان قد احتجب في منزله من مناجاة كل أحد الا من تصدق بصدقة ، وكان معي دينار فتصدقت به فكنت أنا سبب التوبة من الله على المسلمين حين عملت بالآية ، ولو لم يعمل بها أحد لنزل العذاب لامتناع الكل من العمل بها» (٣).

الحديث الحادي عشر : أبو نعيم الاصفهاني بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس رضى الله عنه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) قال : ان الله تعالى حرم كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم ثم كلمه بما يريد ، فكف الناس عن كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبخلوا ان يتصدقوا قبل كلامه قال وتصدق علي ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره(٤).

الحديث الثاني عشر : أبو نعيم هذا بإسناده عن مجاهد قال : قال علي عليه‌السلام نزلت هذه الآية فما

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ٣٥٨ / ب ٦٦ / ح ٢٨٤.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ٣٥٨ / ب ٦٦ / ح ٢٨٥.

(٣) تأويل الآيات : ٢ / ٦٧٥ ح ٧.

(٤) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٧٨ ذيل ح ٢.

٣١

عمل بها أحد غيري ، ثم نسخت (١).

الحديث الثالث عشر : أبو نعيم بإسناده عن علي بن علقمة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال لما نزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما تقول في دينار؟ قلت : لا يطيقونه قال : كم؟ قلت : شعيرة قال : إنك لزهيد فنزلت (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) الآية قال : «فبي خفف الله عزوجل عن هذه الامة فلم تنزل في أحد قبلي ولم تنزل في أحد بعدي» (٢).

الحديث الرابع عشر : ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) قال : قال أبو جعفر الإسكافي في الرد على الجاحظ قال : وأنتم أيضا رويتم أن الله تعالى لما أنزل آية النجوى فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) الآية لم يعمل بها إلّا علي ابن أبي طالب وحده مع اقراركم بفقره وقلة ذات يده ، وأبو بكر في الحال التي ذكرنا من السعة امسك عن مناجاته فعاتب الله المؤمنين في ذلك فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) فجعله الله سبحانه ذنبا يتوب عليهم منه وهو إمساكهم عن تقديم الصدقة فكيف سخت نفسه بانفاق أربعين ألفا وامسك عن مناجاة الرسول ، وإنما كان يحتاج فيها إلى اخراج درهمين.

وفي الحديث تتمة تؤخذ من الباب السابع والأربعين وهو الحديث الثاني عشر ، أقول : أبو جعفر الاسكافي وهو معتزلي ينكر أن أبا بكر انفق على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرين ألفا الذي ادعاه الجاحظ (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٧٨ ذيل ح ٢.

(٢) بحار الأنوار : ٣١ / ذيل ح ٢.

(٣) شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢٧٤.

٣٢

الباب الخمسون

في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

الحديث الأول : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسني قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال : حدّثنا الحسن بن عبد الواحد قال حدثني أحمد بن الثعلبي قال : حدثني محمد بن عبد الحميد قال : حدثني حفص بن منصور العطار قال : حدّثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليه‌السلام في حديث ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأبي بكر : «انشدك بالله أنت الذي قدم بين يدي نجواه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صدقة فناجاه أم أنا إذ عاتب الله عزوجل قوما فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ)؟ الآيات ، قال : بل أنت (١).

الحديث الثاني : ابن بابويه قال : حدّثنا أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن أحمد بن موسى الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي بن عبد الله الوراق (رضي الله عنهم) قالوا : حدّثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال : حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال : حدّثنا تميم بن بهلول قال : حدّثنا سليمان بن حكيم عن عمرو بن يزيد عن مكحول قال : قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : «لقد علم المستحفظون من اصحاب النبي محمد صلّى الله عليه وآله إنه ليس فيهم رجل له منقبة إلّا وقد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم» قلت : يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن؟ فقالعليه‌السلام : «إن أول منقبة ...» وذكر السبعين وقال عليه‌السلام في ذلك : «واما الرابعة والعشرون فإن الله عزوجل أنزل على رسوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) فكان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا ناجيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتصدق قبل ذلك بدرهم فو الله ما فعل هذا أحد غيري من الصحابة قبلي ولا بعدي فأنزل الله عزوجل (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) الآية فهل تكون التوبة إلا من ذنب كان؟» (٢).

__________________

(١) الخصال : ٥٥٢ / ٣٠.

(٢) الخصال : ٥٧٤ / ١.

٣٣

الحديث الثالث : علي ابن مسكان في تفسيره قال : حدّثنا أحمد بن زياد عن الحسن بن محمد ابن سماعة عن صفوان عن ابن مشكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال : «قدم علي بن أبي طالبعليه‌السلام بين يدي نجواه صدقة ثم نسختها (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ)»(١).

الحديث الرابع : علي بن إبراهيم قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن محمد الحسني قال : حدّثنا الحسين بن سعيد قال : حدّثنا محمد بن مروان قال : حدّثنا عبيد بن خنيس قال : حدّثنا صباح عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال : قال علي عليه‌السلام : «إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي وهي آية النجوى كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فجعلت اقدم بين يدي كل نجوى اناجيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله درهما قال فنسخها قوله (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) إلى قوله والله : (خَبِيرٌبِما تَعْمَلُونَ)» (٢).

الحديث الخامس : محمد بن العباس عن علي بن عتبة ومحمد بن القاسم قالا : حدّثنا الحسين الحكم عن حسن بن حسين عن حسان بن علي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) قال : نزلت في علي عليه‌السلام خاصة كان له دينار فباعه بعشرة دراهم ، فكان كلما ناجاه قدم درهما حتى ناجاه عشر مرات ثم نسخت فلم يعمل بها أحد قبله ولا بعده (٣).

الحديث السادس : محمد بن العباس قال : حدّثنا علي بن عباس عن محمد بن مروان عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن السدي عن عبد خيبر عن علي عليه‌السلام قال : «كنت أول من ناجى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم وكلمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عشر مرات كلما أردت أن أناجيه تصدقت بدرهم فشق ذلك على أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال المنافقون : ما يألوا ما ينجش لابن عمه حتى نسخها الله عزوجل فقال : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ) إلى اخر الآية ثم قال عليه‌السلام : فكنت أول من عمل بهذه الآية وآخر من عمل بها فلم يعمل بها أحد قبلي ولا بعدي» (٤).

الحديث السابع : محمد بن العباس قال : حدّثنا عبد العزيز عن محمد بن زكريا عن أيوب بن سليمان عن محمد بن مروان عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا

__________________

(١) تفسير القمي : ٢ / ٣٥٧.

(٢) تفسير القمي : ٢ / ٣٥٧.

(٣) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٨٠ ح ٦.

(٤) بحار الأنوار : ٣١ / ٣٨٠ ح ٧.

٣٤

ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) انه حرم كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم رخص لهم في كلامه بالصدقة فكان إذا أراد الرجل أن يكلمه تصدق بدرهم ثم كلمه بما يريد قال : فكف الناس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبخلوا أن يتصدقوا قبل كلامه فتصدق علي عليه‌السلام بدينار له كان له فباعه بعشرة دراهم في عشر كلمات سألهن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يفعل ذلك أحد من المسلمين غيره ، وبخل أهل الميسرة ان يفعلوا ذلك ، فقال المنافقون : ما صنع علي بن أبي طالب عليه‌السلام الذي من الصدقة إلّا أنه أراد أن يروج لابن عمه فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) عن امساكها (واطهر) يقول وازكى لكم من المعصية (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) الصدقة (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَأَشْفَقْتُمْ) يقول الحكيم (أَأَشْفَقْتُمْ) يا أهل الميسرة (أن تقدموا بين يدي نجواكم) يقول : قدام نجواكم يعني كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صدقة على الفقراء (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) يا أهل الميسرة (وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) يعني تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) يقول : اقيموا الصلاة الخمس (وَآتُوا الزَّكاةَ) يعني أعطوا الزكاة يقول : تصدقوا ، فنسخت ما أمروا به عند المناجاة بإتمام الصلاة وإيتاء الزكاة (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) بالصدقة في الفريضة والتطوع (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي بما تنفقون خبير قال شرف الدين النجفي في كتاب (تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة) بعد ذكره هذه الروايات المنقولة عن محمد بن العباس قال : اعلم أن محمد بن العباس ذكر في تفسيره هذا المنقول منه في آية المناجاة سبعين حديثا من طريق الخاصة والعامة يتضمن أن المناجي لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو أمير المؤمنين عليه‌السلام دون الناس أجمعين : اخترنا منها هذه الثلاثة الأحاديث ففيها كفاية (١).

__________________

(١) تأويل الآيات : ٢ / ٦٧٤ ح ٦.

٣٥

الباب الحادي والخمسون

في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ

وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (١)

من طريق العامة وفيه حديثان

الحديث الأول : قال علي عليه‌السلام : «(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) نحن أولئك» (٢).

الحديث الثاني : اسند ابن مردويه في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية إلى علي عليه‌السلام إنه قال : «هم نحن» (٣).

الباب الثاني والخمسون

في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)

من طريق الخاصة وفيه ثمانية عشرة حديثا

الحديث الأول : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلي بن محمد عن محمد بن جمهور عن حماد بن عيسى عن عبد المؤمن عن سالم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول اللهعزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) قال : «السابق بالخيرات الإمام والمقتصد العارف للإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام» (٤).

الحديث الثاني : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد الوشاء عن عبد الكريم عن سليمان ابن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال : «أي شيء تقولون أنتم؟» قلت : نقول : إنها في الفاطميين؟ قال : «ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف» ـ وفي نسخة «إلى ضلال» ـ فقلت : فأي شيء الظالم لنفسه؟ قال : «الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام والمقتصد العارف بحق الإمام

__________________

(١) فاطر : ٣٢.

(٢) كشف الغمة : ١ / ٣٢٣.

(٣) ينابيع المودة : ١ / ٣٠٨ ، وكشف الغمة : ١ / ٣١٧.

(٤) الكافي : ١ / ٢١٤ ح ١.

٣٦

والسابق بالخيرات : الإمام» (١).

الحديث الثالث : محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلي عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية فقال : «ولد فاطمة عليهما‌السلام والسابق بالخيرات الإمام ، والمقتصد العارف بالإمام ، والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام» (٢).

الحديث الرابع : ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن أبي زاهر أو عن محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم عن أبيه عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ورث النبيين كلهم؟ قال : «نعم» قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه قال : «ما بعث الله نبيا إلّا ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعلم منه» قال : قلت : ان عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى باذن الله قال : «صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقدر على هذه المنازل» قال : فقال : «إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره : (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) حين فقده وغضب عليه فقال (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) وإنما غضب لأنه كان يدله على الماء فهذا ـ وهو طائر ـ قد أعطى ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والانس والجن والشياطين والمردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه ، وإن الله تعالى يقول في كتابه : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما يسير به الجبال وتقطع به البلدان ونحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلّا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون وجعله الله لنا في أم الكتاب إن الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ثم قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل ثم أورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء» (٣).

الحديث الخامس : محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن أحمد بن الحسن بن فضال عن حميد بن المثنى عن أبي سلام المرعش عن سورة بن كليب قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ

__________________

(١) الكافي : ١ / ٢١٥ ح ٢.

(٢) الكافي : ١ / ٢١٥ ح ٣.

(٣) الكافي : ١ / ٢٢٦ ح ٧.

٣٧

مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) قال : «السابق بالخيرات» الإمام» (١)

الحديث السادس : محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن ميسر عن سورة بن كليب عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال لي : هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا ...) إلى آخر الآية قال: السابق بالخيرات الإمام فهي في ولد علي وفاطمة عليهم‌السلام» (٢).

الحديث السابع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن علي بن نصر البخاري المقري قال : حدّثنا أبو عبد الله الكوفي العلوي الفقيه بفرغانة بإسناد متصل إلى الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام إنه سئل عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) فقال : «الظالم يحوم (٣) حوم نفسه والمقتصد يحوم حرم قلبه والسابق يحوم حوم ربه عزوجل» (٤).

الحديث الثامن : ابن بابويه قال : حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال : حدّثنا الحسن بن علي بن الحسين العسكري قال : أخبرنا محمد بن زكريا الجوهري قال : حدّثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن ابيه عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) فقال : «الظالم منا من لا يعرف حق الإمام والمقتصد العارف بحق الإمام والسابق بالخيرات باذن الله هو الإمام (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) يعني ـ المقتصد والسابق ـ»(٥).

الحديث التاسع : ابن بابويه قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى البجلي قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا أبو عوامة موسى بن يوسف الكوفي قال : حدّثنا أبو عبد الله بن يحيى عن يعقوب بن يحيى عن أبي حفص عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت جالسا في المسجد الحرام مع أبي جعفرعليه‌السلام إذا أتاه رجلان من أهل البصرة فقالا له : يا بن رسول الله انا نريد أن نسألك عن مسألة ، فقال لهما : «سلا عما جئتما» قالا : أخبرنا عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ...) إلى آخر الآيتين قال : «نزلت فينا أهل البيت».

__________________

(١) بصائر الدرجات : ٤٤ / ١.

(٢) بصائر الدرجات : ٤٥ / ٣.

(٣) حام الطائر حول الماء حوما فإذا دار به طلبه (المصباح المنير) هامش المخطوط.

(٤) معاني الأخبار : ١٠٤ / ١.

(٥) معاني الأخبار : ١٠٤ / ٢.

٣٨

قال أبو حمزة الثمالي : فقلت : بأبي أنت وأمي فمن الظالم لنفسه منكم؟ قال : «من استوت حسناته وسيئاته من أهل البيت فهو الظالم لنفسه» فقلت : من المقتصد منكم؟ قال : «العابد لله ربه في الحالين حتى يأتيه اليقين» فقلت : فمن السابق منكم بالخيرات؟ قال : «من دعا والله إلى سبيل ربه وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يكن للمضلين عضدا ولا للخائنين خصيما ولم يرض بحكم الفاسقين إلّا من خاف على نفسه ودينه ولم يجد اعوانا» (١).

الحديث العاشر : ابن بابويه قال : حدّثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنهما) قالا : حدّثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان ابن الصلت قال : حضر الرضا عليه‌السلام مجلس المأمون بمرو وقد أجتمع إليه في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون : أخبروني عن معنى هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال العلماء : أراد الله عزوجل بذلك الأمة كلها فقال المأمون : ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه‌السلام : «لا أقول كما قالوا ولكني أقول أراد العترة الطاهرة» فقال المأمون : وكيف عنى العترة من دون الامة؟ فقال له الرضا عليه‌السلام : «انه لو أراد الامة لكانت بأجمعها في الجنّة لقول الله تبارك وتعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم» فقال المأمون : من العترة الطاهرة؟ فقال الرضا عليه‌السلام : «الذين وصفهم الله في كتابه فقال عزوجل : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وهم الذين قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم» قالت العلماء: أخبرنا يا أبا الحسن عن العترة أهم الآل أم غير الآل فقال الرضا عليه‌السلام : «هم الآل» قالت العلماء : فهذا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤثر عنه أنه قال : أمتي آلي ، وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته ، فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل» قالوا : نعم ، قال : «فتحرم على الأمة» قالوا : لا ، قال : «هذا فرق ما بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم اضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون أما علمتم إنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم» قالوا : ومن أين يا أبا الحسن ، قال : «من قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ

__________________

(١) معاني الأخبار : ١٠٥ / ٣.

٣٩

مِنْهُمْ فاسِقُونَ) فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين أما علمتم أن نوحاعليه‌السلام حين سأل ربه (فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) وذلك أن الله عزوجل وعده ان ينجيه واهله فقال له ربه (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)» والحديث طويل أخذنا ذلك منه (١).

الحديث الحادي عشر : محمد بن العباس الثقة في تفسيره قال : حدّثنا علي بن عبد الله بن أسد عن إبراهيم بن محمد عن عثمان بن سعيد عن إسحاق بن يزيد الفراء عن غالب الهمداني عن أبي إسحاق السبيعي قال : خرجت حاجا فلقيت محمد بن علي عليه‌السلام فسألته عن هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال : «ما يقول فيها قومك يا أبا إسحاق؟» يعني أهل الكوفة.

قال : قلت : يقولون : إنها لهم ، قال : «فما يخوفهم إذا كانوا من أهل الجنة» قلت : فما تقول أنت جعلت فداك؟ قال : «هي لنا خاصة يا أبا إسحاق أما السابقون بالخيرات فعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام والإمام عليه‌السلام منّا والمقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ، والظالم لنفسه ففيه ما في الناس وهو مغفور له يا أبا إسحاق بنا يفك الله رقابكم وبنا يحل الله رباق الذل من أعناقكم، وبنا يغفر ذنوبكم ، وبنا يفتح وبنا يختم ونحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف ونحن سفينتكم كسفينة نوح ونحن باب حطتكم كباب حطة بني إسرائيل» (٢).

الحديث الثاني عشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن ابن أبي حمزة عن زكريا المؤمن عن أبي سلام عن سور بن كليب قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ما معنى قوله عزوجل : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) الآية قال : «الظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام» قلت : فمن المقتصد؟ قال : «الذي يعرف الإمام» قلت فمن السابق بالخيرات؟ قال : «الإمام» قلت : فما لشيعتكم؟ قال : «تكفر ذنوبهم وتقضي ديونهم ونحن باب حطتهم وبنا يغفر لهم» (٣).

الحديث الثالث عشر : محمد بن العباس قال : حدّثنا محمد بن الحسن بن حميد عن جعفر بن عبد الله المحمدي عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) قال : «فهم آل محمد صفوة الله فمنهم ظالم لنفسه وهو الهالك ومنهم مقتصد وهم الصالحون ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله وهو علي بن أبي طالبعليه‌السلام يقول

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٦١٦ / ح ٨٤٣.

(٢) تأويل الآيات : ٢ / ٤٨١ ح ٧.

(٣) تأويل الآيات : ٢ / ٤٨٢ ح ٨.

٤٠